00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .

        • القسم الفرعي : العقائد في القرآن .

              • الموضوع : معرفة الامامة وفلسفة وجود الإمام (*) .

معرفة الامامة وفلسفة وجود الإمام (*)

آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

متى بدأ البحث في الإمامة؟

بعد رحلة نبي الاسلام انقسم المسلمون الى فريقين: فريق قال: إنَّ النّبي صلى الله عليه وآله لم يعين خليفة بعده، وأنَّه أوكل ذلك الى الامة كي تختار بنفسها قائداً لها. هذا الفريق هم‌ «أهل السّنة».

الفريق الآخر قال: إنَّ خليفة الرسول صلى الله عليه وآله يجب أنْ يكون مثله معصوماً من الخطأ والاثم، عالماً، قادراً على قيادة الامة قيادة معنوية ومادية، والحفاظ على مبادي الاسلام الأصيلة وادامتها.

يقول هؤلاء إنَّ مثل هذا الخليفة يجب أن يعيّنه الله عن طريق رسوله، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد فعل ذلك، وعين علياً عليه السلام خليفة له. وهؤلاء هم‌ «الامامية» أو «الشّيعة».

إنَّ هدفنا من هذه البحث المختصر هو أنْ نتابع هذه القضية على ضوء الادلة العقلية والتاريخية والآيات القرآنية والسنة النبوية.

ولكن قبل الدخول في الموضوع لا بدّ من الاشارة الى بضع نقاط:

1- هل البحث في هذا الموضوع يثير الخلاف؟

بعض الناس ما أنْ يطرق سمعهم الكلام حول الامامة حتى ينبرون فوراً قائلين إنَّ الظرف اليوم لا يسمح بذلك. فاليوم هو يوم وحدة المسلمين، والكلام عن خليفة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله سيكون سبباً للتفرقة وتشتت الكلمة، أو أنَّ لنا اليوم أعداء مشتركين يجب أنْ نوجه اهتمامنا اليهم: وهم الصهيونية والاستعمار الغربي والشرقي. وعليه يجب أنْ نتجنب المسائل الخلافية التعصبية.

غير أنَّ هذا الطّراز من التفكير يعتبر خطأ محض، للأسباب التالية:

أوّلاً: إنَّ ما يسبب الخلاف والتشتت يدخل ضمن البحوث غير المنطقية المثيرة للأحقاد.

أمّا البحث المنطقي الاستدلالي البعيد عن التعصب والعناد والخصام، والذي يجري في جو من الود والصداقة، فإنَّه فضلاً عن كونه لا يسبب التفرقة فإنَّه يقلل مسافة الانفصال ويقوي نقاط الالتقاء المشتركة.

إنّني في سفراتي المتكررة لزيارة بيت الله الحرام بمكة، ومن خلال مناظراتي مع علماء أهل السنة، كنت أحس، كما كانوا هم أيضاً يحسون، بأنَّ هذه المناظرات فضلاً عن كونها ليس لها أي أثر سيئ على علاقاتنا، فانَّها أرست أسس التفاهم وحسن الظن، والتقارب وأزالت ما قد يكون في بعض الصدور من ضغينة.

المهم أنَّ هذه البحوث توضح الكثير من نقاط الالتقاء فيما بيننا، ممّا يمكن لنا أنْ نستند اليها في مواجهة أعدائنا المشتركين.

ينقسم أهل السّنة أنفسهم الى أربعة مذاهب: الحنفية، والحنابلة، والشافعية، والمالكية، ومع ذلك فان هذا الانقسام لم يتسبب في تفرقتهم، وإذا ما اعتبروا فقه الشّيعة، على الاقل مذهباً فقهياً خامساً، فإنَّ الكثير من العقد والتشتت تزول من الوجود، كما حدث فعلاً بعد أنْ خطا مفتي أهل السنة الكبير شيخ الازهر الشيخ شلتوت، تلك الخطوة المهمّة بإعلانه المذهب الشيعي مذهباً اسلامياً رسمياً، فكان بذلك عوناً كبيراً ومؤثراً في عملية التفاهم الاسلامي، وانعقدت بينه وبين المرحوم آية الله البروجردي، مرجع عالم التشيع الكبير، أواصر الاخوة والصداقة.

ثانياً: إنَّنا نعتقد أنَّ الاسلام قد تبلور في المذهب الشيعي أكثر من أي مذهب آخر. وفي الوقت الذي يحترم مذهب الشيعة المذاهب الاسلامية الأخرى‌، فإنَّنا نعتقد أنَّ المذهب الشيعي أقدر على طرح الاسلام الواقعي بجميع أبعاده، وعلى حلّ القضايا المتعلقة بالحكومة الاسلامية.

فلماذا لا نعلّم أبناءنا هذا المذهب والمنطق؟ بل إنَّنا إنْ لم نفعل فقد ارتكبنا خيانة في حقّهم!

إنَّنا على يقين تام بأنَّ النّبي صلى الله عليه وآله قد عيّن خليفته من بعده، فما الذي يحول دون تتبع هذا الموضوع على هدى الاستدلال والمنطق؟ ونحن ملزمون في امثال هذه البحوث أنْ نحذر كي لا نجرح مشاعر الآخرين المذهبية.

ثالثاً: إنَّ أعداء الاسلام، ومن أجل أن يوقعوا بين المسلمين ويفكوا وحدتهم لم يألوا جهداً في تشويه سمعة مذهب الشيعة في نظر أهل السنة من‌ خلال اتهامهم بشتى التهم والافتراءات، كما أنَّهم لم يألوا جهداً في إتهام أهل السنة وتشويه سمعتهم عند الشيعة كذلك، بحيث أنَّهم استطاعوا في بعض البلدان أنْ يحققوا القطيعة بينهم.

إنَّنا عندما نعرض موضوع‌ «الامامة» بالأسلوب الذي سبق ذكره، نوضح النقاط التي يستند عليها الشيعة لتوثيق رأيهم، مع أدلة من الكتاب والسنة، يتبين تماماً أنَّ كل تلك الدعاوى كانت كاذبة، وأنَّ أعداءنا المشتَركين هم الذين بثوا تلك السموم.

وكمثال على ذلك، لا أنسى إنَّني في إحدى زياراتي لمكة المكرمة التقيت أحد كبار رجال الدين السعوديين وجرت بيننا مناظرات، فكان يقول أنَّه سمع أنَّ للشيعة قرآناً يختلف عن قرآنهم.

فاستولى علي العجب، ولكني قلت له: أخي، إنَّ التحقق من هذا الامر سهل للغاية. إنَّني أدعوك شخصياً أو من يمثلك أنْ تأتي معي، بعد انتهاء العمرة، الى ايران دون اخبار أحد. هناك ستجد في كل شارع وزقاق مسجداً، وفي كل، مسجد ستجد عدداً من المصاحف الشريفة، كما أنَّ القرآن موجود في بيوت جميع المسلمين. وسوف نزور أي مسجد شئت، أو نطرق باب أي منزل أردت ونطلب منهم أنْ نرى القرآن الذي يتلونه، وعندئذ يتبين أنْ كان هناك أي اختلاف، حتى في كلمة واحدة أو في حرف واحد بين ما عندنا وما عندكم من كتاب الله، بل أنَّ الكثير من نسخ المصحف الشريف المتداولة عندنا هي من طبع الحجاز أو مصر أو سائر البلاد الاسلامية.

لا شك إنَّ هذا الكلام الاخوي الصادق المنطقي تماماً قد ازال من ذهن أحد الرجالات المعروفين تلك السموم العجيبة.

وعليه، فإنَّ الحديث فيما يتعلق بالإمامة ـ بالأسلوب الذي ذكرناه ـ يقوي وحدة المسلمين ويساعد على تسليط الضوء على الامور ويضيق من شقة التباعد والخلاف.

2- ما هي الامامة؟

«الامام» كما هو واضح من الكلمة، هو الذي يقتدى به في الاسلام ويتقدم المسلمين ويقودهم. وفي عقائد الشيعة يطلق «الامام المعصوم» على من يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله في كل شيء، سوى أنَّ النّبي هو مؤسس الاسلام، والامام حافظه وحاميه، والنبي ينزل عليه الوحي، والامام لا يأتيه الوحي، بل يأخذ تعليماته من رسول الله صلى الله عليه وآله ويمتاز بعلم غزير خارق للعادة.

الامام المعصوم، عند الشيعة، لا يعني رأس الحكومة الاسلامية فحسب، بل هو القائد «المعنوي» و«المادي» و«الظاهري» و«الباطني» وقائد كل جوانب المجتمع الاسلامي أيضاً. وعليه تقع على عاتقه مسئولية حماية العقائد والاحكام الاسلامية بدون أي خطأ أو انحراف، وهو عبد اختاره الله من بين عبيده.

إلا أنَّ أهل السنة لا يفسرون الامامة هكذا، وإنَّما يرون في رئيس حكومة أي بلد إسلامي هو الامام. وبعبارة اخرى‌ أنَّهم يعتبرون الحكام في كل عصر وزمان خلفاء رسول الله وائمة المسلمين!

ولسوف نثبت في بحوثنا القادمة وجوب أنْ يكون في كل عصر وزمان ممثل‌ إلهي نبيّ أو امام معصوم- على هذه الارض، لكي يحرس هذا الدين الحق، ويهدي السائرين الى الله. وإذا ما غاب عن الانظار لسبب من الاسباب، عهد الى آخرين بتمثيله في تبليغ الاحكام وتشكيل الحكومة.

فلسفة وجود الامام‌

إنَّ البحوث التي أثبتنا بها ضرورة بعثة الانبياء تبين كذلك الى حد كبير ضرورة وجود الامام بعد النبي، لأنَّ الموضوعين يشتركان في جانب مهم من المناهج، إلا أنَّ موضوع الامامة يتطلب مزيداً من البحث:

1- التكامل المعنوي الى جانب وجود القادة الالهيين‌

قبل كل شيء نتوجه الى الهدف من خلق الانسان، فهو أساس عالم الخليقة:

إنَّ الانسان يطوي طريقاً طويلاً كثير المنعطفات والعثرات في سيره نحو الله، ونحو الكمال المطلق، والتكامل المعنوي بجميع أبعاده.

ومن البديهي أنَّه لا يستطيع أنْ يقطع هذا الطريق بنجاح بغير هداية قائد معصوم، ولا أنْ يطويه بغير معلم سماوي، لأنَّه طريق محفوف بالظلمات وبمخاطر الضلال.

صحيح أنَّ الله قد وهب الانسان العقل والحكمة، ومنحه وجداناً قوياً مثمراً، وأرسل إليه كتباً سماوية، ولكن هذا الانسان، مع كل هذه الوسائل التّكوينية والتّشريعية، قد يخطئ في تمييز خط سيره، لذلك فإنَّ وجود دليل معصوم يأخذ بيده يقلل كثيراً من احتمالات الانحراف والضياع. فبناء على ذلك: «إنَّ وجود الامام يكمل الهدف من خلق الانسان».

وهذا هو ما يطلق عليه في كتب العقائد اسم «قاعدة اللطف»، ويقصدون بها أنَّ الله الحكيم يمدّ الانسان بجميع الامور اللازمة لكي يصل الى هدف الخلق، ومن ذلك بعثة الانبياء وتعيين الائمّة المعصومين، وإلا فإنَّ ذلك يؤدي الى (نقض الغرض) فتأمل!

2- الحفاظ على الشرائع السماوية

إنَّ الاديان الالهية عند أوّل نزولها على قلوب الانبياء تكون أشبه بقطرات المطر النقية الشفافة الصافية التي تمنح الحياة وتربي الرّوح. ولكنها عندما تدخل المحيط الملوث والادمغة الضعيفة غير النظيفة تتلوث بالتدريج، وتضاف اليها الخرافات والاوهام، بحيث أنَّها تفقد شفافيتها ولطافتها الاولى، وعندئذ لا يبقى لها شيء من جاذبيتها، وتفقد الكثير من تأثيرها التربوي، فلا هي تروي عطش العطاشى، ولا هي تنبت برعماً لفضيلة.

ومن هنا تتضح ضرورة وجود القائد المعصوم بصفته أنَّه هو الذي يحافظ على أصالة الدين، وخلوص المناهج الدينية، ويحول دون كل اعوجاج‌ وانحراف وفكر وافد ونظرة سقيمة غريبة، وكل الخرافات والاساطير، اذ لو بقي الدين بدون وجود مثل هذا القائد والحامي لفقد في فترة قصيرة أصالته ونقاءه.

ولهذا نجد الامام علياً عليه السلام يقول في احدى خطبه: «اللّهم بلى، لا تخلو الارض من قائم للَّه بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً، وإمّا خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيِّناته». [نهج البلاغة، الكلمات القصار، (147)]

وفي الواقع إنَّ قلب الامام، من هذه الناحية، أشبه بالخزانة الكبيرة التي تحفظ فيها الوثائق والمستندات المهمة، لكي تبقى مصونة من أيدي اللصوص والعابثين والحوادث. وهذا وجه آخر من وجوه الحكمة من وجود الامام.

3- قيادة الامَّة سياسياً واجتماعياً

لا شك أنَّ أي جماعة من الناس إذا لم يكن لها نظام اجتماعي يتزعّمه قائد قادر، لا تكون قادرة على الاستمرار في حياتها. ولهذا نجد الاقوام والأمم منذ أقدم العصور وحتى الآن قد اختاروا لأنفسهم زعيماً وقائداً. وهذا القائد قد يكون صالحاً، ولكنه كثيراً ما لا يكون. ولطالما استطاع كثير من طلاب الجاه والسلطة استغلال حاجة الناس الى المرشد والقائد لفرض أنفسهم بالقوّة والجبروت على الناس، فاستحوذوا على أزمة الامور. هذا من جهة، ومن جهة اخرى‌، ولكي يتمكن الانسان من الوصول الى هدفه المعنوي، يجب عليه أنْ لا ينفرد في مسيرته، بل عليه أنْ ينضم الى المجتمع‌.

في مسيرة عظمى، لأنَّ طاقات الفرد الفكرية والجسمية والمادية والمعنوية ليست شيئاً يذكر بإزاء طاقات المجتمع الجبارة.

ولكن المجتمع المطلوب هو الذي يسوده نظام سليم، وتتضح فيه مواهب الانسان، ويقف بوجه الانحرافات، ويحافظ فيه على حقوق جميع الافراد، ويضع الخطط والمناهج للوصول الى اهدافه الكبرى، ويعبئ الدافع المحرك في المجتمع ضمن اطار من الحرية يشمل المجتمع كله.

ولما كان الانسان العادي المعرض للخطأ غير قادر على حمل مثل هذه الرسالة العظيمة، بدليل ما نراه بأُم أعيننا من انحراف قادة العالم السياسيين عن جادة الصواب، كان لا بدّ أنْ يختار الله قائداً معصوماً يضطلع بمهمة الاشراف على تحقيق هذه الرسالة، بالاعتماد على طاقات البشر الكامنة وأفكار العلماء، في الوقت الذي يقف بوجه الانحرافات بحزم.

وهذا وجه آخر من أوجه الغرض من وجود الامام المعصوم، وفرع آخر من فروع «قاعدة اللطف». ونكرر هنا قولنا أنَّه عند غياب الامام المعصوم بعلة من العلل وفي ظرف استثنائي، فان ما ينبغي أنْ يفعله الناس واضح أيضاً.

4- ضرورة اتمام الحجة

إنَّ وجود الامام لا يقتصر على إنارة القلوب المستعدة للهداية والسير في طريق التكامل، بل يعتبر إتماماً للحجة على الذين ينحرفون متعمدين عن‌ الطريق السوي، وذلك كي لا يكون عقابهم يوم القيامة دون سبب ولكي لا يعترضوا بأنَّه لو أخذ بأيديهم مرشد الهي ليقودهم الى طريق الرشاد، لما ساروا في طريق الانحراف.

أي إنَّ وجود الامام يقطع الطريق على كل عذر وحجَّة بوساطة بيان الادلة الكافية، والتوعية اللازمة لغير الواعين، وتطمين الواعين وتقوية إرادتهم.

5- الامام واسطة الفيض الالهي‌

كثير من العلماء، استناداً الى الاحاديث الاسلامية، يشبهون وجود النبي والامام في المجتمع الانساني، أو في كل عالم الوجود، بالقلب بالنسبة لجسم الانسان.

فالقلب يرسل الدّم الى جميع العروق، ويغذي جميع الخلايا في الجسم.

ولما كان الامام المعصوم، باعتباره انساناً كاملاً وطليعة قافلة الانسانية، وسبب نزول الفيوضات الالهية التي ينهل منها كل فرد على قدر ارتباطه بالنّبي أو الامام، فلا بدّ أن نقول إنَّه مثلما كان القلب ضرورياً لحياة الانسان، كذلك وجود واسطة نزول الفيض الالهي ضرورياً في جسد عالم البشرية، فتأمل!

وينبغي ألّا يغرب عن البال أنَّ النّبي والامام لا يملكان شيئاً من نفسيهما ليمنحاه للآخرين، فكل ما عندهما هو من عند الله، ولكن مثلما كان القلب واسطة ايصال الفيض الالهي لسائر انحاء الجسم، كان النّبي أو الامام واسطة ايصال الفيوضات الالهية لسائر أبناء البشر.

شروط الامام الخاصّة وصفاته‌

قبل كل شيء ينبغي أنْ نلتفت الى نقطة مهمة في هذا البحث:

يستفاد من القرآن المجيد بوضوح أنَّ مقام «الامامة» أرفع مقام يمكن أنْ يصل إليه انسان، أرفع حتى من مقام «النّبوة» و«الرّسالة» فنحن في حكاية النّبي ابراهيم عليه السلام، محطم الأصنام، نقرأ: ﴿وَإِذِ ابْتَلى‌ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ ومِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِين﴾ [ سورة البقرة، الآية 124].

أي أنَّ إبراهيم عليه السلام، بعد أنْ طوى مرحلة النّبوة والرسالة واجتاز بنجاح مختلف ما امتحنه به الله تعالى، ارتقى الى هذه المرحلة الرفيعة، مرحلة مقام الامامة الظاهرية والباطنية والمادية والمعنوية في قيادة الناس.

نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله كان، بالإضافة الى مقام النّبوة والرسالة، في مقام امامة الخلق وقيادتهم. وهناك عدد آخر من الانبياء بلغوا هذه المرحلة الرفيعة أيضاً، هذا من جهة.

ومن جهة اخرى‌ إنَّنا نعلم إنَّ الشروط والصفات اللازمة لتحمل مسئولية منصب من المناصب تتناسب مع الواجبات والمسئوليات التي ينبغي على المرء تنفيذها وتحملها، وكلما كان المنصب أرفع ومسئولياته أصعب، كانت الشروط والصفات اللازم توفرها في المنتخب لذلك المقام أهم وأثقل.

فمثلًا يشترط الاسلام فيمن يتسنم منصب القضاء، وحتى الشاهد وإمام الجماعة، أنْ يكون عادلًا، فإذا كان الشّاهد، أو من يؤم صلاة الجماعة يجب أن تتوفر فيه العدالة، فما بالك بالشّروط اللازمة لبلوغ مقام الامامة الخطير الرفيع!

إنَّ الشروط الضرورية التي ينبغي توفّرها في الامام هي:

1- العصمة من الخطأ والإثم‌

الامام، كالنّبي، يحب أنْ يكون معصوماً، أي أنْ يكون مصوناً من كل‌ «خطأ» و«إثم»، وإلّا لم يسعه أنْ يكون قائداً ونموذجاً وقدوة وأسوة للناس يعتمدونه ويتبعونه.

لا بدّ للإمام من أنْ يستحوذ على قلوب الناس، فيأتمرون بأمره دون اعتراض. فمن كان ملوثاً بالإثم لا يمكن أبداً أنْ يبلغ هذا المبلغ في القلوب ولا يكون موضع ثقة الناس واطمئنانهم.

ومن كان في أعماله اليومية عرضة للأخطاء والهفوات، كيف يمكن أنْ يوثق‌ به في إدارة أعمال المجتمع ويطمأن الى آرائه وتنفيذها بدون أي اعتراض؟ إذن، لا شك في أنَّ النّبي يجب أن يكون معصوماً، وهذا الشرط لازم في الإمام أيضاً، كما ذكرنا.

هذه المقولة يمكن اثباتها من طريق آخر أيضاً، وهي طريق «قاعدة اللطف» نفسها التي يستند اليها لزوم وجود النّبي والإمام، وذلك لأنَّ الهدف من وجود النبي والإمام لا يتحقق بدون هذه العصمة فيهما، وما ذكرناه في الدرس السابق عن الحكمة في وجودهما يظل ناقصاً.

2- العلم الغزير

الامام، كالنّبي، هو الملجأ والملاذ العلمي للناس، فلا بدّ أنْ يكون عارفاً بجميع اصول الدين وفروعه، وبظاهر القرآن وباطنه، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وبكل ماله علاقة بالإسلام معرفة تامة، وذلك لأنَّه حافظ الشريعة وحاميها، كما هو قائد الناس ومرشدهم.

من ذلك نعرف أنَّ من يرتبك عند مواجهة مشكلة معقدة، أو الذين يرجعون الى الآخرين يطلبون منهم الحلول، لأنَّ ما عندهم من علم يقصر عن الاجابة على اسئلة المجتمع المسلم، ليس لهم أنْ يتحملوا مسئولية إمامة الامّة وقيادتها.

الخلاصة هي أنَّ الامام يجب أنْ يكون أعلم الناس وأوعاهم لدين الله، وأنْ يملأ الفراغ الذي يتركه النّبي بأسرع ما يمكن لكي يستمر الاسلام الصحيح الخالي من كل انحراف في مسيرته.

3- الشّجاعة

الامام يجب أنْ يكون أشجع أفراد المجتمع، إذ أنَّ القيادة بغير شجاعة غير ممكنة، الشّجاعة عند مواجهة الحوادث الصعبة المرّة، الشجاعة عند الوقوف بوجه الاقوياء الغلاظ الظالمين، الشجاعة في صد الاعداء الدّاخليين والخارجيين.

4- الزّهد والتّحرر

من المعلوم أنَّ الذين يميلون الى مباهج الدنيا وزخرفها سرعان ما ينخدعون ويسهل اغراؤهم بالانحراف عن طريق الحق والعدالة بواسطة الترغيب أحياناً والترهيب اخرى‌. وشخص هذا شأنه يكون في الواقع «أسيراً» للدنيا، بينما الإمام يجب أنْ يكون متحرراً من أسر أهواء النفس ومنطلقاً من قيود الثروة والجاه، لكيلا يستطيع أحد إغراءه، ويؤثر فيه ويحمله على الاستسلام والمساومة.

5- الجاذبية الاخلاقية

يقول القرآن الكريم في رسول الله صلى الله عليه وآله:

﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. [سورة آل عمران، الآية 159]

إنَّ النّبي الذي هو إمام وقائد معاً يجب أنْ يملك ذلك الخلق الرفيع الذي‌ يجذب إليه الناس كما يجذب المغناطيس الحديد. ولا شك أنَّ كل خشونة وسوء خلق ممّا يثير النفور والتباعد في الناس ويعتبر من العيوب الكبيرة في النبي أو الإمام، لذلك فان الانبياء والائمة منزهون عن هذا العيب، وإلّا كان الوجود عبثاً لا طائل تحته.

هذه هي أهم الشروط التي ذكرها كبار العلماء للإمام.

بديهي أنَّ هناك صفات اخرى‌ غير هذه الصفات الخمس يجب توفرها أيضاً في الإمام، إلا أنَّ هذه أهمها.

من المسئول عن تعيين الإمام؟

يعتقد بعض المسلمين من أهل السنة أنَّ النّبي الاكرم صلى الله عليه وآله قد رحل عن هذه الدنيا دون أن ينصب خليفة من بعده، ويعتقدون أن هذه المهمة تقع على عاتق المسلمين أنفسهم، فهم الذين عليهم اختيار قائدهم بطريق «إجماع المسلمين» باعتباره أحد الأدلة الشرعية.

ويضيفون الى ذلك قولهم إنَّ ذلك قد حصل فعلاً واختير الخليفة الأول بإجماع الأمة.

ثمّ اختار الخليفة الاوّل الخليفة الثّاني.

وعيّن الخليفة الثاني شورى مؤلفة من ستة اشخاص ليختاروا أحدهم.

وكانت هذه الشورى تتألف من علي عليه السلام، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص.

وكان الخليفة الثاني قد اشترط أنَّه إذا انقسمت الشورى كل ثلاثة في‌ طرف، فإنَّ الطرف الذى فيهم عبد الرحمن بن عوف (صهر عثمان) هو الذي يختار الخليفة. وهذا ما حصل، إذ الاكثرية المؤلفة من سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة اختاروا عثمان.

وفي أواخر عهد عثمان ثار الناس لأسباب مختلفة ضده، وكان أنْ قتل قبل أنْ يستطيع تعيين أحد أو شورى.

وعلى أثر ذلك أقبل الناس برمتهم نحو الامام علي عليه السلام، وبايعوه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله، باستثناء معاوية الذي كان عامل عثمان على الشام، لأنَّه كان واثقاً أن علياً عليه السلام لن يبقيه في منصبه. فرفع راية المعارضة، فكان مصدر حوادث مشؤومة ودموية في التاريخ أدتْ الى إراقة دماء الكثير من الابرياء.

وهنا تبرز أسئلة كثيرة لا بدّ منها لإلقاء الضوء على البحوث العلمية والتاريخية، سنورد بعضاً منها:

1- هل بإمكان الأمة أنْ تختار خليفة لرسول الله؟

ليس من الصعب الجواب على هذا السّؤال، فنحن إذا اعتبرنا الإمامة بمعنى الحكم الظاهري على جماعة المسلمين، فإنَّ اختيار الحاكم بالرجوع الى آراء الناس أمر متداول.

ولكن إذا كانت الإمامة بالمعنى الذي شرحناه من قبل والذي استقيناه من القرآن الكريم، فلا شك في أنَّه ليس لأحد الحق في تعيين خليفة النّبي سوى الله ورسوله (و بأمر من الله) إذ أن شرط الإمامة بحسب هذا التفسير هو العلم الوافر بجميع اصول الدين وفروعه، ذلك العلم الذي ينبع من مصدر سماوي‌ ويستند الى علم رسول الله صلى الله عليه وآله، لكي يستطيع الحفاظ على الشريعة الاسلامية.

الشّرط الآخر هو عصمة الإمام، أي أنْ يكون مصوناً صيانة إلهية عن كل خطأ وإثم لكي يستطيع أنْ يتحمل مسئولية مقام الإمامة وقيادة الأمة قيادة معنوية ومادية وظاهرية وباطنية، كما يجب أنْ يكون متمتعاً بالزّهد والحرية والتقوى والشجاعة، ممّا هو لازم لمن يتصدى للاضطلاع بمهمات هذا المنصب المهم.

إنَّ تمييز هذه الصفات في شخص ما ليست مستطاعة إلا بواسطة الله ورسولة، فهو الذي يعلم في من وضع صفة العصمة، وهو الذي يعلم في من يتوفر حدّ النصاب من العلم والزهد والتحرر والشجاعة والجرأة اللازمة لمقام الإمامة.

أنَّ الذين عهدوا باختيار الإمام والخليفة الى الناس قد غيروا في الحقيقة المفهوم القرآني للامامة، وقصروا هذا المفهوم على الحكم العادي وإدارة شئون الناس الدنيوية، وإلّا فان شروط الإمامة بمعناها الجامع الكامل لا تعرف إلا عن طريق الله تعالى لأنَّه هو العالم بهذه الصفات.

إن هذه القضية أشبه بانتخاب النّبي، فالنّبي لا يمكن أنْ ينتخبه الناس بالتصويت، بل إنَّ الله تعالى هو الذي يختاره، ويتعرف عليه الناس عن طريق معجزاته، لأنَّ الصفات اللازم توفرها في النَّبي لا يعرفها إلا الله عزّ وجلّ.

2- ألم يعيّن النّبي أحداً لخلافته؟

لا شك في أنَّ الدين الاسلامي دين «عالمي» و«خالد» ولا يقتصر على زمان ولا مكان معينين، كما صرح القرآن الكريم بذلك.

ولا شك أيضاً في أنَّ الدين الاسلامي لم يكن قد تجاوز شبه الجزيرة العربية عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.

ومن جهة أخرى‌ نجد أنَّ النّبي أمضى ثلاث عشرة سنة من عمره الشريف في مكة يحارب الشرك وعبادة الاصنام، والسنوات العشر التالية التي بدأت بالهجرة واستغرقت فترة ازدهار الاسلام، أمضاها رسول الله صلى الله عليه وآله في الغزوات والحروب التي فرضها على المسلمين أعداؤهم.

وعلى الرغم من أنَّ الرسول لم يترك لحظة من عمره الشريف دون أنْ يستغلها لنشر الدعوة والتعاليم الاسلامية، والسعي لتعريف الاسلام الفتي بجميع ابعاده. ولكن الذي لا شك فيه أن تحليل كثير من المسائل الاسلامية كان يتطلب زماناً أطول، فكان لا بدّ لشخص مثل النّبي صلى الله عليه وآله أنْ يضطلع بهذه المهمة بعده.

وفضلاً عن ذلك، فإنَّ التنبؤ بمستقبل الأمة، واعداد المقدّمات للاستمرار في إدامة مدرسة الاسلام، كان من أهم الأمور التي لا بدَّ أنَّ يفكر فيها كل قائد.

ولا يمكن أبداً أنْ يسمح لهذه المسألة المهمّة أنْ يلفها النسيان.

وإذا تجاوزنا كل ذلك، نلاحظ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله أحياناً يصدر تعليمات خاصة في كثير من الامور البسيطة العادية في الحياة اليومية، فكيف يمكن أنْ يهمل قضية مهمة كقضية الخلافة والزعامة والإمامة ولا يضع لها منهاجاً خاصاً؟

من خلال ما تقدم نستدل على أنَّ النبي الكريم صلى الله عليه وآله لا يمكن أنْ يهمل تعيين الخليفة من بعده. ولسوف نذكر إنْ شاء الله روايات إسلامية مؤكدة تلقي مزيداً

من الضوء على هذا الموضوع، وتثبت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يغفل طوال حياته عن هذه المسألة المصيرية، على الرغم من المساعي السياسية التي جرت بعد الرسول التي حاولت ايهام الناس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعين خليفة من بعده.

هل يصدق أحد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله الذي لم يترك المدينة لبضعة أيّام (عند ذهابه الى غزوة تبوك) إلا بعد أنْ عيّن من يقوم مقامه فيها، لا يعين أحداً ليخلفه بعد مغادرة الدنيا نهائياً، بل يترك الامة نهب الاختلافات والاضطرابات والحيرة، دون أنْ يضمن للإسلام استمراريته على يد هاد ومرشد يعتمد عليه؟

لا يشك أحد أنَّ عدم تعيين خليفة ينطوي على أخطار كبيرة على الاسلام اليافع، حيث أنَّ العقل والمنطق يحكمان بأنَّ أمراً كهذا يستحيل صدوره من نبيّ الاسلام.

إنَّ الذين يقولون أنه عهد بذلك الى الأمة، عليهم أنْ يبينوا أدلتهم ويثبتوا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد صرح بذلك علانية، ولكن ليس ثمّة دليل من هذا القبيل.

3- الاجماع والشورى‌

لنفرض أنَّ رسول الاسلام غض النظر عن هذا الأمر الحيوي، وأنَّ المطلوب من المسلمين أنفسهم أنْ يختاروا خليفة رسول الله عن طريق الاجماع.

ولكننا نعلم أنَّ «الاجماع» يعني اتفاق المسلمين، ونعلم أيضاً أنَّ اجماعاً كهذا لم يحصل عند انتخاب الخليفة الاول، اللّهم إلّا ما حصل عند اجتماع عدد من الصحابة الذين كانوا في المدينة، حيث اتخذوا قرارهم، مع أنَّ سائر المسلمين في‌ سائر بلاد الاسلام لم يشاركوا مطلقاً في هذا الاجتماع ولا في الإدلاء بآرائهم، بل أنَّ في المدينة نفسها لم يحضر كثيرون، كالإمام علي عليه السلام وبني هاشم، ذلك الاجتماع، وعليه فإنَّ إجماعاً كهذا لا يمكن قبوله.

ثمّ إذا كان هذا الاسلوب هو الاسلوب الصحيح الذي يجب اتباعه، فلما ذا لم يتبعه الخليفة الاول في انتخاب خليفته؟ لماذا عين بنفسه خليفته؟ وإذا كان يجوز للفرد أنْ يعيّن خليفة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله. اولى بذلك من أي فرد آخر، واذا كانت البيعة العامة التي تلي الانتخاب تحل المشكلة، فان ذلك وارد أيضاً بالنسبة للنبي، ومن باب أولى.

وفضلاً عن ذلك تبرز المشكلة الثّالثة بالنّسبة للخليفة الثالث، وهي لما ذا خالف الخليفة الثاني الاسلوب الذي اتبعه الخليفة الاول في انتخاب الخليفة الثاني نفسه، وكسر السنّة التي اتت به الى الخلافة، أي أنَّه لم يلتزم الاجماع ولا التعيين الفردي، بل جاء بمجلس الشورى‌ ليقوم بذلك؟

إذا كانت «الشورى» صحيحة، فلما ذا تقتصر على أشخاص ستة يعينهم هو بنفسه، وأنْ يكتفي برأي ثلاثة من هؤلاء الستة؟

هذه أسئلة لا بدّ أنْ تخطر ببال كل باحث ومحقق يتعامل مع التاريخ الاسلامي، وبقاؤها دون جواب يدلّ على أنَّ تلك الاساليب لم تكن هي الطريق الأمثل لنصب الامام.

4- الامام علي عليه السلام أليق الجميع‌

لنفرض أنَّ نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله لم يعين أحداً يخلفه من بعده، ولنفرض أنَ‌ اختيار الخليفة كان على عاتق الأمة، فهل يجوز عند الانتخاب أنْ نتجاوز الأعلم والأتقى والأكثر فضلًا من الآخرين ومن جميع الوجوه، لنبحث عن شخص أقل شأناً منه؟

لقد صرح كثير من علماء المسلمين، بما فيهم علماء أهل السنة، بأنَّ علياً كان أعلم الناس بالدين الاسلامي، كما أنَّ آثاره الباقية منه تؤكد هذا القول.

يقول التاريخ أنَّه كان ملجأ الامَّة في كل مشكلة علمية، وأنَّ الخلفاء كانوا يرجعون اليه إذا ما واجهتهم معضلة دينية معقدة.

وكان في الشجاعة والجرأة والتقوى والزهد والصفات البارزة الاخرى‌ أسمى منزلة من غيره. وعليه، إذا فرضنا أنَّ انتخاب الخليفة كان موكولًا الى الناس أنفسهم، فإنَّ علياً عليه السلام كان اليق الموجودين وأجدرهم بالخلافة (وهناك ـ بالطبع ـ الكثير من الادلة والاسانيد الاخرى‌ بهذا الشأن ممّا لا مجال لذكرها في هذا الموجز).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) سلسلة دروس في العقائد الإسلامية، الشيخ ناصر مكارم شيرازي، ج1، ص:193- 219، عن موقع مكتبة مدرسة الفقاهة www.eShia.ir ، بتصرّف يسير.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/24   ||   القرّاء : 3529





 
 

كلمات من نور :

خيركم من تعلم القرآن وعلمه .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 العلاقة بين الهدى والتقوى

 افتتاح مركز طبي إسلامي في غروزني للعلاج بالقرآن

 الجهة الاخلاقية في شهر رمضان

 الحبّ الإلهي في الكتاب والسنّة

 الدار تختتم فصلها الدراسيّ الأوّل للعام 1439 هـ

 اصحاب السبت

 زيارة قرآنيي العتبة الحسينية لدار السيدة رقية (ع)

 تعظيم شعائر الله

 حديث الدار (37)

 الأخلاق في القرآن الكریم (2)

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15417197

  • التاريخ : 29/03/2024 - 04:55

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 نظم تحفة الفتيان في رسم القرآن

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثاني)

 اشكالات قرآنية - أسالة وردود

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع)

 تفسير نور الثقلين ( الجزء الأول )

 لطائف ومعارف القرآن الكريم بين سؤال وجواب ج3

 المرحلة التمهيدية للقراءة الصحيحة للقرآن الكريم

 الميزان في تفسير القرآن ( الجزء السادس)

 تفسير القرآن الكريم المستخرج من آثار الإمام الخميني (ره) - المجلد 3

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثاني عشر

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 معنى قوله تعالى (لم تحرم ما أحل الله لك)

 حينما يخطئ القارئ في القراءة الواجبة ( في صلاة وغيرها ) .. هل يجوز له إعادة الخطأ فقط ، أم يجب عليه إعادة العبارة بحيث لا يختل المعنى والسياق القرآني ، أم يجب عليه إعادة الاية بكاملها ؟.. وهل الحكم يختلف بالنسبة للقراءة الواجبة في الصلاة أو الواجبة بنذر و

  إذا جهر المصلي في موضع الإخفات ساهياً ، ثم أعاد ما قرأ ، فهل يلزمه سجود السهو ؟

 الشفاعة في البرزخ

 متى رأى برهان ربّه؟ وهل المخلصون معرّضون للامتحان؟

 ما معنى قرب الله من العباد؟

 ورد قوله تعالى : ( إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ) [ النساء : 31 ] ، وورد قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِ

 هل يجوز قول: الله أحد علي

 كيف حرص النبي (ص) على تدوين القرآن الكريم؟ وما هو محل الاختلاف في قضية جمع القرآن؟

 معنى النبأ العظيم في القرآن

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24560)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12749)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9630)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9058)

 الدرس الأول (8106)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7829)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7301)

 الدرس الأوّل (7293)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7293)

 درس رقم 1 (7228)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6592)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4836)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4079)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3832)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3527)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3357)

 الدرس الأول (3198)

 تطبيق على سورة الواقعة (3056)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3023)

 الدرس الأوّل (2968)



. :  ملفات متنوعة  : .
 سورة الضحى

 84- سورة الانشقاق

 الصفحة 603 (ق 3)

 الانسان

 الصفحة 373

 الصفحة 531 (ق 1)

 الغاشية

 الصفحة 358

 سورة الحجرات

 الاخلاص ـ عراقي _ ميثم التمار

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8839)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8246)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7338)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7010)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6816)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6680)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6606)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6581)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6578)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6354)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3045)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2746)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2561)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2369)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2287)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2284)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2240)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2239)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2230)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2226)



. :  ملفات متنوعة  : .
 سورة الذاريات ـ الاستاذ السيد محمد رضا محمد يوم ميلاد الرسول الأكرم(ص)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع

 خير النبيين الهداة محمد ـ فرقة الغدير

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السادس

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم

 تواشيح الاستاذ أبي حيدر الدهدشتي_ مدينة القاسم(ع)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net