00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (72)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (26)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (176)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (44)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (19)
  • الاجتماع وعلم النفس (13)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .

        • القسم الفرعي : مناهج وأساليب القصص القرآني .

              • الموضوع : قصص القرآن حقائقُ وقعتْ في تاريخ الأُمم .

قصص القرآن حقائقُ وقعتْ في تاريخ الأُمم

الشيخ محمد صنقور

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

مسألة:

هل يمكن أن تكون بعضُ القصص القرآنيَّة خياليَّة فقط للإستفادة والعبرة؟ وكيف ينظر المؤمن لبعض القُصص والروايات التي إنْ عرضتْها على العقل يرفضُها مثلاً عمر نوح أو عين الحياة التي شرب منها الخضر (ع)؟ أتمنَّى منكم جواباً يُساعدني على فهم هذه الروايات والقصص.

الجواب:

قصص القرآن وقائع حدثت في التاريخ:

ليس فيما أورده القرآن الكريم من قصص الماضين إلا وهو حقٌ وصدق، فليس فيه ما هو من نسج الخيال بل هي وقائع حدثت في تاريخ الأمم وتصدَّى القرآن للإخبار عن بعضها.

قال تعالى في سورة النساء: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾(1) فإنَّ الواضح مِن مفاد الآية المباركة أنَّ ما قصَّه القرآن على الرسول (ص) من قصص الأنبياء وأُممِهم كانت وقائع قد حدثتْ لهم ولأُممِهم في الزمن الغابر ولم تكن مجرَّد افتراضات.

وكذلك هو مفادُ قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾(2).

فإنَّ مجرَّد الإلتفات إلى مفردات الآية المباركة يُفضي إلى القطع بأنَّ القرآن كان بصدد الإخبار عن وقائع تاريخيَّة ولم يكن بصدد التأليف والنسج لقصصٍ خياليَّة، فقولُه: ﴿تِلْكَ الْقُرَى﴾ إشارة إلى بُلدانٍ وأممٍ محدَّدة كانت موجودة في التاريخ، وقوله: ﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ من قصِّ الأثر أي تتبّعه كما في قوله تعالى حكايةً عن أمِّ موسى وأخته: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾(3) أي قالت أمُّ موسى بعد أنْ ألقت موسى (ع) في اليَم لأخته قصِّيه أي تتبعي أخباره ومايقع عليه ومايكون عليه مصيرُه ثم أخبريني بذلك. فمعنى ﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ هو أنَّنا نُخبرك بما كنَّا قد تقصَّيناه أو أحصيناه من الآثار والأحداث التي وقعتْ لتلك القرى.

ومعنى قوله تعالى: ﴿مِنْ أَنْبَائِهَا﴾ هو أخبارها، والخبر لا يكون إلا عن مُخبَرٍ أي حدثٍ قد وقع، والمُخبِر يتصدَّى لحكايته والإنباء عنه، فحتى الكاذب عندما يتصدَّى للإنباء والإخبار فإنَّه يدَّعي الحكاية عن الواقع الخارجي ولكنَّه كاذب، فيكون خبرُه غير مطابقٍ للواقع، وأمَّا الصادق فإنَّ خبرَّه يكونُ مطابقاً للواقع الخارجي.

هذا والآيات في ذلك عديدة كقوله تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾(4) وقوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾(5) وقوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ﴾(6) أي بالصدق، والصدق لا يكون إلا وصفاً لخبرٍ مطابقٍ للواقع الخارجي، فلا يُوصف الخيال بالصدق والكذب، وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا﴾(7) فقوله تعالى: ﴿مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ﴾ صريحٌ في أنَّ ما قصَّه القرآن على نبيِّه (ص) هي أحداث قد وقعت في الأمم السابقة.

ولأنَّ المسألة من الوضوح بحيث لا تستحقُّ المزيد من البيان لذلك أغفلنا الذكر للكثير من الآيات التي هي واضحة في أنَّ القرآن حين يتحدَّث عن شخصيَّاتٍ وأممٍ ومدنٍ كان بصدد الإخبار والبيان لأحوالِ شخصيَّاتٍ وأممٍ ومدنٍ واقعيَّة وليست وهميَّة.

غرابة القصَّة لا ينفي وقوعها:

وأمَّا انَّ القصص القرآنية تضمَّنت بعض الوقائع الغريبة فهذا صحيح إلا أنَّ غرابتها لا ينفي وقوعها ولا يقتضي البناء على أنَّها قصصٌ خياليَّة، فإنَّ غرابة الواقعة لا يعني ولا يُساوق استحالتها، فالغرابةُ إنَّما تنشأ عن كون الواقعة غير مألوفة ولا يتكرَّر وقوعها كثيراً وإلا فالكون في الكثير من وجوداته وأنظمته وقوانينه وأحداثه وظواهره مليئ بالأسرار التي لم يقف الإنسان إلى يومنا هذا على كنهها وحقيقتها، ولكنَّها رغم عدم العلم بكنهها وحقيقتها ليست مُستغرَبة للإنسان بل هي مأنوسة ومألوفة وذلك لكثرة تردُّدِها ووقوعها.

فما هو السرُّ الذي تتحوَّل بسببه بذرةٌ ساكنة لا تُجاوز الحمصة بل هي أدنى حجماً من ذلك، فما هو السرُّ الذي يترتَّب عنه تحوُّلها إلى شجرةٍ باسقة ذاتِ جذورٍ ضاربة في الأرض وأغصانٍ خضراء فارعة قاسية أو ليِّنة، وثمرٍ من لونٍ آخر وطعمٍ لا يُشبهه طعمُ ثمرٍ آخر لشجرةٍ أُخرى كان أصلها هي أيضا بذرةً أُلقيت في التراب.

فأشجارٌ -مختلفةُ الهيئات والألوان والثمار والطعوم والقيَم الغذائية- نبتت جميعاً في تربةٍ ذات خصائصَ متشابهة، وتغذَّت من ماءٍ واحد، فكيف نمَت وترعرعت؟! ومَن الذي صبغ ألوانها وألوان ثمارها؟! ومَن الذي شكَّل هيئاتها المختلفة؟! وكيف اختلف مذاقُها وقيمُها الغذائية؟! ولو سألتَ علماء النبات والأحياء لتحدَّثوا عن قانون النمو أما كيف صار لها هذا القانون؟ وكيف تعرَّفت التربة على هويَّة البذرة التي أُلقيت فيها بحيثُ أنَّ بذرة التفاح لم تُنتج رماناً؟! وكيف تأهَّلت هذه البذرة لإنتاج شجرةٍ باسقةٍ تحمل الأغصان والأوراق والثمار؟! ومَن الذي علَّمها أن تمتصَّ الماء والغذاء من محيطها؟! وثمة الكثير من الأسئلة التي لا يجدُ الإنسان لها جواباً، ولو وقف على شيءٍ من ذلك فهو لا يعدو الكشف لحقائقَ كانت موجودة قبل أنْ يُدركها الإنسان فهو لم يبتكرها وإنَّما اكتشفها.

وكذلك هو الشأن في تحوُّله من نطفةٍ سائلةٍ مُستحقَرَة إلى إنسانٍ سويٍّ له عقلٌ وإدراكٌ وإرادةٌ وصورةٌ متناسقة، ولكلِّ جارحةٍ منه وظيفةٌ لا تُغني عنها جارجةٌ أخرى، وهكذا هو شأن سائر الوجودات الكونيَّة من الطيور والحيوانات التي تربو أصنافها على الآلاف والشمس والقمر والنجوم والأفلاك والمجرَّات.

فكلُّ مناحي الوجود يكتنفُها الغموض لكنَّها ليست مُستغرَبة لكثرة وقوعها أمام الإنسان، فهو إنَّما يستغرب من الشيء الذي لا يُصادفه إلا في حالاتٍ نادرة، لذلك لو ولد إنسانٌ مثلاً على غير الهيئة المألوفة أو بملكاتٍ غير متعارفة فإنَّه يكون من الغرائب.

فكونُ الشيء غريباً لا يعني استحالته، ومن ذلك يتَّضح أنَّ امتداد عمر نوح (ع) إلى ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً كما أخبر القرآن وإنْ كان مُستغرَباً ولكنَّه ليس مستحيلاً، فإنَّ الله تعالى لمَّا كان قادراً على كلِّ شيء فليس عزيزاً عليه أن يُؤهَّل جسد نوح للبقاء حيَّاً هذه المدَّة وأكثر كما أهَّل الكثير من الوجودات الكونية -كالشمس والنجوم والجبال- للبقاء إلى آلاف بل ملايين السنين، فالعقلُ لو تأمَّلتم لا يُحيل ذلك.

وأمَّا أنَّ الخضر (ع) شرب من ماء الحياة فترتَّب عن ذلك امتداد عمره إلى هذا اليوم فهو وإنْ لم يكن مستحيلاً في أنْ يخلق اللهُ تعالى في ماءٍ خاصيَّةً يترتَّب عنها هذا الأثر التكويني وهو أنَّ مَن يشرب من ذلك الماء يمتدُّ عمره لآلاف السنين، كما خلق في بعض السوائل خاصيةً يترتَّب عن تناولها الشفاء من بعض الأمراض أو يترتَّب عنها الموت السريع، فوجود سائلٍ له خاصيَّة أنْ يُعمِّر مَن يشربه أمداً طويلاً وإن كان ممكناً إلا أنَّ القرآن لم يذكر ذلك.

نعم ورد في بعض الروايات عند تفسير قوله تعالى من سورة الكهف: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إلى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾(8) أنَّ الموقع الذي نسي فيه فتى موسى (ع) الحوت فاتَّخذ سبيله في البحر سرباً كان هو الموقع الذي فيه عين الحياة وأنَّه تقاطر شيءٌ من مائها على تلك الحوت التي كانت ميِّتة بل مملوحة فعادت إليها الحياة فوثبتْ إلى الماء ومضت، وهذا الموضع هو الذي جعله الله تعالى علامةً لموسى (ع) يعرفُ منها موضع وجود العبد الصالح الخضر، ولذلك لمَّا علم موسى (ع) بعد تجاوز الموضع بما شاهده الفتى وما وقع للحوت: ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا﴾(9) وحين عادا إلى ذلك الموضع وجدا الخضر الذي كان يبحث عنه موسى(ع) ليصحبه ويتعلَّم منه.

ففي هذه الآية وهي قوله تعالى: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ كانت الإشارة إلى عين الحياة بحسب ما ورد في بعض الروايات وكتب التفاسير إلا أنَّ الآية ليست صريحةً في ذلك كما أنَّها لم تذكر أنَّ الخضر(ع) شرب من ذلك الماء وإنَّما أفادت أنَّ الحوت اتَّخذ سبيله في البحر في ذلك الموضع بل انَّ الآية لم تُصرِّح انَّ الحوت كان ميتاً فأحياه الله حين غُسل أصابه شيءٌ من ماء ذلك الموضع، ولو تمَّ إستظهار انَّ الحوت كان ميتاً فإنَّ الآية لا ظهور لها في انَّ حياته بعد موته كان بسبب تقاطر شيءٍ من ذلك الماء عليه أو انَّ الحياة قد عادت إليه إبتداءً ليكون ذلك علامةً لموسى من عند الله يتعرَّفُ بها على موضع وجود العبد الصالح الخضر.

فصيرورة الحوت حيَّاً بعد أنْ كان ميتاً وأنَّ حياته عادت إليه بعد تقاطر شيءٍ من ماء عين الحياة عليه لا يمكن إثباته بالآية وإنَّما هو واردٌ في الروايات، ولو تمَّت هذه الروايات فلا محذور عقلاً يمنع من عودة الحياة للحوت بعد الموت ولا محذور في أنْ يكون سببُ ذلك هو تقاطر شيءٍ من ذلك الماء عليه.

وقد تحدَّث القرآن الكريم عن عودة الحياة إلى بعض الأموات في الدنيا كقتيل بني إسرائيل الذي جاؤوا به إلى موسى (ع) يسألونه عن قاتله فأمرهم الله تعالى أنْ يذبحوا بقرةً ويضربوه ببعضها، فحين فعلوا ذلك أحياه اللهُ تعالى فأخبر عمَّن قتله: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾(10).

وكذلك فإنَّ عيسى (ع) كان يُحي الموتى بإذن الله تعالى، وقد أحيا الله تعالى عزيراً بعد أنْ أماته مائة عام، فإحياء الحوت بعد أنْ كان ميتة ليس مستحيلاً عقلاً، وقد كان له نظائر في تاريخ الرسالات.

نعم الروايات الواردة في تفاصيل القصة متعدَّدة ومضطربة وهو ما يمنع من الوثوق بصدورها عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) خصوصاً وأن أكثرها ضعيفة الأسناد لكنَّ ذلك لا يمنع من الوثوق بصدور بعضها في الجملة، فإنَّ أكثرها اتَّفقت على أنَّ الحوت قد عادت إليها الحياة بعد أنْ كانت ميتة وأنَّ الخضر شرب من ماء الحياة، ولهذا فهو حييٌّ كما ورد ذلك في معتبرة الحسن بن علي بن فضال قال: سمعتُ؟ أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) يقول: إنَّ الخضر (عليه السلام) شرب من ماء الحياة فهو حيٌّ لا يموت حتى يُنفخ في الصور".(11)

فبقاء الخضر إلى أنْ يُنفخ في الصور ليس مستحيلاً عقلاً ونظيره في القرآن ما أفادته آياتٌ عديدة من أنَّ الله تعالى قد مدَّ في عمر إبليس، فهو موجود قبل أنْ يخلق اللهُ آدم (ع) وقد وعده الله تعالى في أنْ يُنظره إلى يوم الوقت المعلوم ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾(12)، فلا يصحُّ التنكُّر للروايات الواردة في عمر الخضر لمجرَّد الاستيحاش من بقاء إنسانٍ كلَّ هذا العمر المديد.

والمتحصَّل ممَّا ذكرناه أنِّ كلَّ ما أفاده القرآن من قصص الأنبياء وأخبار الماضين كانت وقائع تاريخيَّة ولم تكن مجرَّد افتراضات سِيقت لغرض الوعظ والإرشاد، نعم هذه الغاية هي الغرض من سَوْق هذه الحقائق التاريخيَّة، فكلُّ ما أخبر عنه القرآن من تاريخ الأنبياء وأحوال الأمم الغابرة حقٌّ وصدق لا يشوبه ريب، وليس فيما أخبر عنه شيءٌ يُحيله عقلٌ أو يأباه.

وأمَّا الروايات المتصدِّية لبيان قصص الأنبياء وأحوال الماضين والواردة في المجاميع الحديثيَّة وكتب التفاسير فالمقبول منها هو ما يثبت صدورُه عن الرسول الكريم (ص) وأهل بيته (ع)، والتثبُّت من الصدور منوطٌ بعددٍ من الضواط السندية والدلاليَّة والعقلائية، فلا يصحُّ التعويل على كلِّ ما يرد من أخبار الماضين وقصص الأنبياء، فإنَّ الكثير منها -خصوصاً الوارد في طرق العامة وإنْ ذُكر في كتبنا- مبتلٍ بضعف الأسناد والاضطراب والتهافت بل المحرَز أنَّ الكثير من هذه الأخبار كانت من الإسرائيليَّات التي تسرَّبت إلى تراثنا من الوضَّاعين الكذَّابين من أهل الكتاب الذين دخلوا الإسلام مكايدةً وكذلك مَن أخذ عنهم وتأثَّر بأساطيرهم، وقد كان للقصَّاصين والوعَّاظ دورٌ بيِّنٌ في هذا الشأن في القرون الأولى من عصر الإسلام خصوصاً في عهد الدولة الأموية بل وكذلك العباسيَّة حيث كان لمثل هذه الأساطير سُوقٌ رائجة بين عوام الناس.

ولهذا لا يصحُّ التعويل على شيءٍ مما هو مسطور في المجاميع الروائيَّة وغيرها إلا بعد عرضه على الضوابط التي بها يتميَّز بها الحديث الواجد لشرائط الاعتبار والحجيَّة من الحديث الساقط عن الاعتبار، وهذه الضوابط يعرفُها المتمرِّس في علم الأصول وعلم الرجال والدراية.

والحمد لله رب العالمين

_______________________

1- سورة النساء / 164.

2- سورة الأعراف / 101.

3- سورة القصص / 11.

4- سورة يوسف / 120.

5- سورة يوسف / 3.

6- سورة الكهف / 13.

7- سورة طه / 99.

8- سورة الكهف / 61-63.

9- سورة الكهف / 64.

10- سورة البقرة / 72-73.

11- كمال الدين وتمام النعمة -الشيخ الصدوق- ص390.

12- سورة الحجر / 36-38

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/02/02   ||   القرّاء : 13





 
 

كلمات من نور :

إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله وهو النور البين والشفاء النافع ، عصمة لمن تمسك به ، ونجاة لمن تبعه .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 قصص القرآن حقائقُ وقعتْ في تاريخ الأُمم

 التزاور في الإسلام آدابه وآثاره وأهدافه

 حقيقة التفسير وتمييزه عن سائر شؤون القرآن الكريم

 أثر الأسباب المادية والغـيـبـيـة في حياة البشر

 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

ملفات متنوعة :



  سيدة عشّ آل محمّد .. إطلالة نور ورحمة

 دورة مختصرة في علوم القرآن الكريم

 نفي تحريف القرآن الكريم (القسم الثانی )

 انطلاق الدورات الصيفية لعام 1432هـ

 خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (1)

 عجائب دعاء النور الرمضاني

 حديث الدار (25)

 لقاء مع الاُستاذ علي الكعبي

 الأمسية القرآنية الرمضانية لعام ١٤٣٧هـ

 النشرة الاسبوعية العدد ( 40 )

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2217

  • التصفحات : 16537257

  • التاريخ :

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 تفسير النور - الجزء الثامن

 مجاز القرآن خصائصه الفنية وبلاغته العربية

 السعادة و النجاح تأملات قرآنية

 توجيهات الداني لظواهر الرسم القرآني

 اشكالات قرآنية - أسالة وردود

 فدك قراءة في صفحات التاريخ

 القرآن الكريم ( حسب السور)

 مخالفات النساخ ولجان المراجعة والتصحيح لمرسوم المصحف الإمام

 رواية حفص بين يديك

 الحقائق القرآنية

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 الأخ الكريم من العربية السعودية يسأل و يقول :إن قرآنكم يختلف عن قرآن المسلمين و هو، كما تدّعون، مصحف فاطمة؟

 هل يجب مد الياء في (ولا الضالين)؟

 لقد ورد في القرآن كثيراً مصطلح «التأويل»، ما هو المراد من هذا المصطلح؟ وماذا يعني تأويل الآية؟

 ما الفرق بين حقِّ الحرف ومستحقِّه؟

 قراءة القرآن والأدعية على الفراش

 الأسماء الحسنى

 ما معنى: {أَكَادُ أُخْفِيهَا}؟ ولماذا أخفى زمنها؟

 إشارة آيات القرآن إلى التاريخ وأهمية تدوينه

 نظرية دارون نظرية اثبت علماؤنا بطلانها

 بيّنوا أقسام تفسير القرآن

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الصفحة 604

 الصفحة 603

 الصفحة 602

 الصفحة 601

 الصفحة 600

 الصفحة 599

 الصفحة 598

 الصفحة 597

 الصفحة 596

 الصفحة 595



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (25099)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (13155)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (10061)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9521)

 الدرس الأول (8537)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (8241)

 الدرس الأوّل (7783)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7769)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7693)

 درس رقم 1 (7598)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6794)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (5040)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4260)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (4033)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3754)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3588)

 الدرس الأول (3403)

 تطبيق على سورة الواقعة (3268)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3248)

 الدرس الأوّل (3199)



. :  ملفات متنوعة  : .
 الصفحة 115

 الدرس الأول اسماء القرآن

 الفلق

 الصفحة 515 (ق 1)

 ما تيسر من الاسراء + الانعام

 نوح

 النمل 15 - 21

 الصفحة 579

 7- سورة الاعراف

 الاسراء 7 - 11

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (9257)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8632)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7709)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7403)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (7243)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (7121)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6944)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6937)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6913)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6720)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3270)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2924)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2742)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2595)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2493)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2466)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2446)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2432)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2427)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2396)



. :  ملفات متنوعة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني

 خير النبيين الهداة محمد ـ فرقة الغدير

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السادس

 سورة الاحزاب ـ السيد حسنين الحلو

 الفلم الوثائقي حول الدار أصدار قناة المعارف 1

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس العاشر

 الفلم الوثائقي حول الدار أصدار قناة المعارف 3

 السيد عادل العلوي - في رحاب القرآن

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net