00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .

        • القسم الفرعي : عاشوراء والأربعين .

              • الموضوع : ثورة الحسين (ع) هزة ضمير و حياة رسالة .

ثورة الحسين (ع) هزة ضمير و حياة رسالة

السيد محمد باقر الحكيم

يمثّل‌ ‌‌‌المـقال‌ جزءا من محاولة لتكوين تصور نظري عامٍ لثورة الامام الحسين عليه‌السلام وبيان الإطـار‌ الفـكري‌ والشـرعي‌ والسياسي والأخلاقي لهذه الملحمة التأريخية وأسبابها ونتائجها اعتمادا على مجموعة من الظواهر التأريخية والحقائق الثـابتة‌ دون الخوض في جانب السرد التأريخي.

نظريات في تفسير ثورة الحسين عليه‌السلام:

اختلف أهل‌ الهدى وأهل الضـلالة في‌ تفسير‌ ثورة الحـسين عـليه‌السلام واهدافها ودوافعها الحقيقية اختلافا بينا وكبيرا، وان كان هناك إجماع من عامة المسلمين على قبولها وتأييدها وإدانة الحكم الاموي بسببها ؛ فالاعداء حاولوا أن يفسّروها بتفسير معين‌، ومن آمن بالحسين وبإمامته عليه‌السلام فسّرها بـتفسير آخر، ومن لم يؤمن به حاول أن يفسّرها بتفسير ثالث قد لا يكون تفسيرا عدائيا، ولكنّه انطلق من وجهة نظره الضيقة‌ وفهمه‌ للحياة الانسانية ولدور الحسين عليه‌السلام في هذه الحياة.

ونريد هنا أن نستعرض بشكل إجمالي بـعض هـذه النظريات في تفسير قضية الحسين وثورته، لنتعرّف التفسير الصحيح لها، ونستكشف النظرية‌ التي‌ قامت الثورة على أساسها، ثم نتعرف الدرس العملي الذي أراده الحسين عليه‌السلام من وراء هذه الثورة.

التفسير الاول: ثورة الحسين عليه‌السلام صراع قـبلي:

هناك تـفسير يقول بأن‌ حركة‌ الحسين كانت حركة قبلية (عشائرية) تعبّر عن الصراع المحتدم بين قبيلتين قرشيتين كانتا تتصارعان على السلطة والهيمنة قبل الاسلام، واستمر هذا الصراع بينهما الى ما بعد‌ الاسـلام‌، ذلك هـو الصراع بين بني‌ هاشم‌ وبني‌ اُمية.

هذا التفسير تبناه أعداء الحسين عليه‌السلام ولعلهم انطلقوا من دوافع يزيد (قاتل الحسين) عندما قال معبّرا عن رأيه‌ في‌ هذا‌ المجال:

ليت أشياخي بـبدرٍ شـهدوا  جـزع‌ الخزرج‌ من وقع الأسل

لأهـلوا واسـتهلّوا فـرحا  ثم قالوا يا يزيد لا تُشل 

لعبت هاشم بالملك فلا خبر‌ جاء ولا وحي نزل [يراجع مقتل الحسين عليه‌السلام للمقرم: 461 ـ 462، طبعة‌ بصيرتي‌. وتـعليقة الآلوسـي فـي روح المعاني 26: 73. ويلاحظ أن بعض الادباء والشعراء‌ تأثروا‌ بهذه الروح القبلية حيث كانوا يـطالبون الهـاشميين بأخذ الثأر.]

وبعد ذلك سار على طريق يزيد‌ في هذا التفسير بـعض المـؤرخين الحـاقدين، حتي انتهي الأمر الى اُولئك المستشرقين الذين حاولوا أن يفسّروا تـأريخنا‌ وأن‌ يرغمونا‌ بشكل أو بآخر على قبول هذا التفسير بأساليبهم وبحيلهم وبأضاليلهم، فقد‌ حاول بعض منهم أن يفسر القضية على أساس صـراع بـين قـبيلتين، وفسّر الصراع بين رسول‌ اللّه‌ صلى الله عليه وآله‌ وبين أبي سفيان على أنه امتداد لذلك الصراع القبلي والعشائري، لأنّ‌ هؤلاء‌ المستشرقين‌ الذين يحاولون أن يظهروا أ نّهم‌ حياديون‌ تجاه‌ هذا الصراع لا يؤمنون بالنبوة والوحي والرسالة الاسلامية، ومن ثمَّ فهم ليـسوا حـياديين‌ تـجاه‌ الاسلام ورسالته.

الحقائق الثابتة ترفض هذا التفسير:

ولا يمكن أن ينسجم هذا التفسير‌ مع‌ الحـقائق‌ التـأريخية، حـيث إ نّه إذا أردنا أن ندرس قضية الحسين عليه‌السلام من خلال مجموعة‌ من‌ الظواهر الثابتة تأريخيا ـ ونـأخذ مـنها على سبيل المثال ظاهرة واحدة وهي‌ ظاهرة‌ أصحاب‌ الحسين عليه‌السلام ـ نجد أنّ قضية الحسين لا يـمكن أن تـكون صراعا بين عشيرتين أو‌ قبيلتين‌، لانّ أصحاب الحسين ـ سواء كانوا من حيث الانتماء القـبلي أو مـن‌ حـيث‌ الانتماء القومي أو من حيث الانتماء لمستوي الثقافة أو مستوي الوضع الاجتماعي، بل وحتي من‌ حـيث‌ الانـتماء المذهبي ـ يمثلون نماذج وعينات متعددة ومختلفة، حيث نلاحظ أنّ‌ هناك‌ اختلافا عظيما بـينهم ولا يـمكن أن تـجمع‌ كل‌ هؤلاء‌ أو توحدهم قضية الصراع القبلي.

فان قضية‌ الصراع‌ القبلي لا يمكن أن توحّد بين (جون) العبد الاسـود وبـين حبيب‌ بن‌ مظاهر سيد العشيرة العربي، كما‌ أ نّه‌ لا‌ يمكن‌ أن توحّد بين اُولئك الذيـن كـانوا‌ بالأمس‌ أعداءً للحسين، كالحر بن يزيد الرياحي وزهير بن القين وغيرهما من‌ الاشخاص‌ الآخرين الذين انـضموا الى الحـسين أثـناء‌ المعركة عندما سمعوا حديثه‌ أو‌ استغاثته [من هؤلاء الاشخاص: الانصاريان سعد بن الحـارث واخـوه‌ ابو‌ الحتوف، والاخوان عبد اللّه وعبد‌ الرحمن‌ ابـنا عـروة‌ الغـفاريان‌، وأبو الشعثاء الكندي يزيد‌ بن زياد.]، وبين من كان‌ مواليا‌ للحسين منذ اليوم الاول.

ثم مـا هو الشـيء الذي جعل زهير بن القين يتحوّل‌ عن‌ (عثمانيته) وعن اعتقاده‌ بخط‌ العثمانية‌؟ الخط الذي‌ أسّسه‌ معاوية لتـعليل مـوقفه المعارض‌ لعلي‌ عليه‌السلام والذي كان يدّعي أنّ عثمان قـُتل مـظلوما وأنّه لابد من الأخذ بثأره، وأنّ وراء قتله‌ كان‌ على بن ابي طالب عـليه‌السلام، هـذا‌ الخط‌ العثماني‌ الذي‌ كان يـتبنّي مـثل‌ هذه‌ الفـكرة، وكـان زهـير بن القين ـ الى حين لقاء الحسين عـليه‌السلام بـه في الطريق الى كربلاء‌ ـ يتبنى هذا الخط.

لا يمكن ان نفترض‌ أنّ‌ زهير‌ بـن‌ القـين‌ (وهو أحد زعماء هذا الخط) تـحوّل من هذا الاعتقاد الذي يـمثل القـطب المعارض تماما لخط أهل البـيت عـليهم‌السلام الى جانب الحسين عليه‌السلام باعتبار أنّ الصراع‌ كان صراعا بين قبيلتين، بين بني هـاشم وبـين بني امية، مع أنّ زهـير بـن القـين كان في جـانب بـني اُمية ومن خط بـني اُمـية.

وكذلك موقف الحر بن‌ يزيد‌ الرياحي الذي كان الى آخر لحظات المواجهة قائدا عسكريا كبيرا يقود ربـع جـيش عمر بن سعد، ثم تحوّل الى جـانب الحـسين عليه‌السلام ليـستشهد مـعه لأنـّه كان يخير‌ نفسه‌ بـين الجنة والنار، فاختار الجنّة في اللحظة الاخيرة.

إنّ ظاهرة أصحاب الحسين عليه‌السلام اذا درسناها بتأمل نجدها تـرفض بـشكل قاطع هذه النظرية‌، خصوصا اذا عرفنا أنـّ اصـحاب‌ الحـسين‌ عـليه‌السلام أنـفسهم كانوا يعيشون الحـقيقة بـعقولهم كما كانوا يعيشونها بوجدانهم وضميرهم، وأنّهم كانوا يعيشون الأوضاع السياسية والاجتماعية بكل ظروفها وبكل مواصفاتها وجـزئياتها‌ لأنـهم‌ قـريبون منها، وبعضهم‌ كان‌ يعيش قريبا من النـظام الأمـوي ومـن الامـام الحـسين عـليه‌السلام. وليس حالهم حالنا، حال من ينظر الى التأريخ من خلال هذا الفاصل الزمني بيننا وبين الحسين عليه‌السلام وقضيته، فهذه‌ النظرية في الحقيقة (مرفوضة) ولا يمكن أن نأخذ بها، بل هـي نظرية معادية بالأصل كما أشرنا.

هذه ظاهرة من ظواهر كثيرة لا مجال لشرحها الآن، وانما‌ نريد‌ أن نشير‌ الى بعضها من أجل أن نتبين الموقف من مثل هذا التفسير [هناك جملة من الظواهر تحتاج‌ الى دراسة مستوعبة، مـثل ظـاهرة:

1 ـ البيعة ‌العامة للحسين عليه‌السلام‌ في الكوفة‌ حتي‌ من اُولئك الذين كانوا يعيشون في أوساط السلطة والنظام.

2 ـ وموقف جيش يزيد وعبيد اللّه بن زياد ‌‌الذي‌ قاتل الحسين، حيث كان يسود قادته ـ أمثال عمر بن سـعد وشـبت‌ بن‌ ربعي‌ وغيرهما ـ التردد في الوقوف الى جانب يزيد مع أنّ امثال هؤلاء كانوا يعيشون في‌ عمق الأوضاع السياسية.

3 ـ وموقف الرأي العام الاسلامي الذي كان يـؤيد الحـسين‌ عليه‌السلام والذي كان مغلوبا‌ على أمـره بـالقهر والخوف، كالرأي العام في حواضر الكوفة والمدينة ومكة واليمن وغيرها، وتمرده على الحكم الاموي بعد مقتل الحسين عليه‌السلام.

4 ـ ورفض بيعة يزيد من قبل كـبار الصـحابة‌ والتابعين، أمثال عبد اللّه بـن عـمر وعبد اللّه بن الزبير، أو ترددهم في البيعة.].

التفسير الثاني: حركة الحسين عليه‌السلام كانت من أجل الوصول الى السلطة:

هناك تفسير‌ آخر‌ يقدّم لحركة الحسين عليه‌السلام يقول: إنّ الحسين عليه‌السلام باعتباره إماما معصوما مـفروض الطـاعة ومنصوبا من قبل اللّه سبحانه وتعالي فهو أحق بالحكم من غيره، والامام الحسين عليه‌السلام وجد‌ أن‌ يزيد انسان ضعيف في الحكم بعد موت معاوية لا يملك القاعدة السياسية التي كان يملكها أبـوه بـدهائه وخبرته، وبـاعتبار أن يزيد كان معروفا بمجونه وتمرده على الاسلام وبفسقه‌، بل وكان معلنا الفسق ومتجاهرا به، فهو انسان مـعزول عن المجتمع الاسلامي ومرفوض من قبله، والامام الحسين عليه‌السلام رأي من واجـبه أن يـسعي الى السـلطة من أجل‌ أن‌ يقيم‌ حكم الاسلام العادل ويرجع الحق‌ الى نصابه‌.

إذن فهناك صراع بين الامام الحسين عـليه‌السلام‌ ‌وبـين يزيد على السلطة، ولكن لا من أجل الهيمنة والسيطرة فحسب ـ كما‌ يقول‌ التفسير‌ السـابق ـ وانـما مـن أجل إحقاق الحق وإقامة‌ العدل‌ الالهي، ولكن الحسين لم تؤاته الظروف رغم أنّ أهل الكوفة أرسـلوا له آلاف الكتب ووعدوه بالنصرة والوقوف الى جانبه‌، ولكنهم وشيعته خذلوه في اللحظة الأخيرة ولم يـتخذوا الموقف المناصر‌ له، وإذا به يـجد نـفسه وحيدا فريدا غريبا وفي وضع مأساوي، الأمر الذي أدّي الى هذه‌ النهاية‌ المأساوية‌.

هذا تفسير يذكره الكثير من المؤرخين وهو يتبادر الى اذهان اكثر‌ الناس‌ ؛ فالحسين عليه‌السلام

باعتباره الأحق بهذا المنصب وهو الاحق بالخلافة ـ كما صرح بـذلك في عدة‌ مواضع‌ من‌ نهضته ـ، اذن فمن الطبيعي أن يسعي الى هذا المنصب باعتبار‌ المسؤولية‌ التي‌ يشعر بها تجاه إقامة الحكم الالهي، وقد سعي بجد ونشاط وبتخطيط لتحقيق هذا‌ الهدف‌ السامي‌ لا حبّا بالسلطان، وانـّما لإقامة العدل الالهي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‌ والاصلاح‌ في اُمة جدّه رسول اللّه صلى الله عليه وآله، كما أعلن عن ذلك في وصيته‌ لأخيه‌ محمد‌ بن الحنفية، غير أنّ الامام الحسين عليه‌السلام لم يتمكن من الوصـول الى هـذا‌ الهدف‌ لا لضعف في قيادته وانما نتيجة لتخاذل الناس عنه، كما حدث بالنسبة‌ الى أمير‌ المؤمنين عليه‌السلام؛ اِذ سعي الى هذا الامر واستلم الخلافة، ولكنه لم يستمر فيها‌ لاستشهاده‌ على يد ابن مـلجم، والامـام الحسين عليه‌السلام أيضا سعي الى الخلافة‌ وانتهي‌ دوره‌ باستشهاد مأساوي فجيع بسبب طغيان عبيد اللّه بن زياد، ويزيد بن معاوية.

الاحداث ترفض‌ هذا‌ التفسير‌ أيضا:

هذا التفسير لا نقبله أيضا، ولا نؤمن به لأننا نـري‌ أنـّ‌ هـدف الحسين عليه‌السلام من وراء هذه الحـركة لم يـكن الوصـول الى السلطة لا بسبب أنّ السعي‌ الى الخلافة أو السلطة والي الحكم الاسلامي وإقامة العدل والقسط بين الناس سعي‌ غير‌ مشروع، أو أنّ الحسين عليه‌السلام لم‌ يـكن‌ مـسؤولاً‌ عن ذلك، بل إنّ هذا السعي‌ كان‌ واجبا الهـيا مـشروعا، وأن الحسين عليه‌السلام وكل انسان سائر على خطه عليه‌السلام‌ يجب‌ عليه أن يسير في هذا‌ الطريق‌، وان‌ يعم‌ من‌ أجل اقـامة حـكومة اللّه وتـحقيق العدل‌ الالهي‌، والحسين عليه‌السلام مسؤول عن هذا الأمر بطبيعة الحـال اذا تحققت شروطه‌ الموضوعية‌، وهذه مسألة واضحة وليست مورد‌ نقاش وشك.

ومع ذلك‌ فلم‌ يكن هدف الحسين عليه‌السلام من‌ وراء‌ هـذه الحـركة تـحقيق هذا الشيء، لأنه كان يعرف أ نّه لا يصل‌ إليه‌ بسبب إدراكه لطـبيعة الظـروف السياسية‌ والنفسية‌ والاجتماعية‌ للاُمة، وكانت‌ هذه‌ النتيجة واضحة بالنسبة للحسين‌ عليه‌السلام‌.

ونحن انما نرفض هذه النظرية: ( نـظرية أن يـكون هـدف الحسين عليه‌السلام من‌ ثورته‌ هو الوصول الى السلطة فحسب ولكن‌ لم‌ يتمكن مـن‌ ذلكـ‌ ) بـحيث تفترض بأن الحسين‌ عليه‌السلام لو كان يعرف النتائج وأنّه لا يصل الى السلطة ولا الى الحكم لجلس‌ في‌ بـيته، كـما جـلس أخوه الحسن‌ عليه‌السلام‌ بعد‌ الهدنة‌ مع‌ معاوية، أو‌ كما‌ جلس أبوه على بن أبي طـالب عـليه‌السلام بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وآله، انما نرفض هذه‌ النظرية‌ لأننا‌ نقول: إنّ الحسين عـليه‌السلام كـان يـعرف‌ منذ‌ البداية‌ النتائج‌ التي‌ حصلت‌ له، وأنّه لا يتمكن من الوصول الى السلطة، ومع ذلك تحرك في مـواجهة حـكم يزيد، اذن فهذا التحرك لم يكن بهدف الوصول الى السلطة مع أ نّه ـ كما قلت واُؤكـد ـ هـدف مـشروع وصحيح ويجب العمل أيضا من أجله، عند توفر الظروف والشروط الموضوعية لنجاحه.

وانما نرفض هذه الفـكرة لأنـّنا‌ ـ كما قلنا ـ نعرف بأنّ الحسين عليه‌السلام كان على معرفة بالنتائج، ذلك لأن الظروف المـوضوعية للنـجاح فـي تحقيق هذا الهدف الخاص لم تكن متوفرة، وكان الامام الحسين‌ عليه‌السلام‌ يدرك عدم توفر هذه الظروف مـنذ البـداية، ومـع معرفة الحسين عليه‌السلام بذلك لا يمكن ان نفترض أنّ الهدف هو الوصول الى السلطة لأن‌ مـعنى‌ ذلك انّ الحسين كان يسعى‌ الى هدف غير واقعي ويكون عمله مجرد عمل انتحاري، وهذا لا ينسجم مـع شـخصية الحسين وتجاربه ومع فرضية امامته وأنّه الأحق بالخلافة.

ويمكننا أن‌ نعرف هذه الحـقيقة مـن‌ خلال‌ عدة اُمور يعرفها الانسان عند مـطالعته ومـراجعته لتـأريخ حركة الحسين عليه‌السلام بشكل واضح:

الأمر الاول: هو أنـّ العـقلاء من خلّص أصحاب الحسين عليه‌السلام أو من غيرهم من أصحاب الرأي‌ وممن‌ لهم مـعرفة بـالأوضاع السياسية في ذلك الزمان كلّهم كـانوا مـتفقين على أنّ هـذا الهـدف لا يمكن أن يتحقق للحسين عليه‌السلام.

فمثلاً عبد اللّه بـن عـباس ( الذي كان يعتبر من‌ حكماء‌ العرب بحيث‌ إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام اختاره مـندوبا عـنه في قضية الحكمين، لكنّ المنافقين والجـهلاء من أصحاب على عـليه‌السلام رفضوا ذلك)، كـان ينصح الحسين عليه‌السلام بعدم التـوجه الى الكوفة‌ لأن‌ أهلها سوف يخذلونه في النهاية، وهكذا كان موقف كل من مـحمد بـن الحنفية (أخ الحسين ‌‌لابيه) وعبد اللّه بـن جـعفر (ابـن عم الحسين) وأم سـلمة وجـماعة‌ اُخرى‌ ممن‌ يحبّون الحـسين ويـخلصون له [يراجع‌ مقتل‌ الحسين للمـقرم: 134 ـ 138 نـقلاً عن الطبري وغيره‌ من أربـاب المـقاتل]، كان رأيهم هو أن الحسين عليه‌السلام لن يصل الى هذا‌ الهدف، وحذّروه من الموقف العام لأهل الكـوفة وغـيرهم من المسلمين الذين طلبوا‌ منه القـيام والنـهوض وما‌ يـمكن‌ أن يـتحقق مـن خذلانهم له، وأنّهم صنعوا بـأبيه وبأخيه في السابق ما صنعوا من تخاذل ونفاق وعدوان، وغير ذلك من التحذيرات التي يعثر عـليها فـي الكتب التأريخية.

وقد جاءت نهاية المأساة مـتطابقة أيـضا مـع مـا قـاله هؤلاء المخلصون للحـسين عـليه‌السلام، وكان ما ذكروه يمثّل الحقيقة بعينها.

ونحن ازاء ذلك لا يمكن أن نفترض أنّ الحسين عليه‌السلام ( الذي‌ هو‌ وريث محمد صلى الله عليه وآله ووريـث الامـام على والامام الحسن عليهماالسلام وعاش مختلف الظـروف والتـجارب والتـحولات والتـغييرات التـأريخية والسـياسية ) لا يمكن أن يكون غير مدرك للحقيقة التي أدركها هؤلاء المستشارون وهؤلاء‌ المخلصون‌ الذين كانوا الى جانب الحسين عليه‌السلام وأكدوا له النتائج التي وقعت، وذكروا له أ نّه لا يمكن في مثل هذه الظـروف السياسية أن يتحقق هذا الانتصار والوصول الى الحكم‌، فهل من المعقول أن يكون هؤلاء قد توصلوا الى هذه الحقيقة وأدركوا هذا الامر وبقي ذلك بعيدا عن حسابات الحسين عليه‌السلام وتوقعاته ؟ ثم هل كان الحـسين عـليه‌السلام‌ يتصور‌ ـ نتيجة لرسائل أهل الكوفة ولاصرارهم‌ وإلحاحهم‌ عليه‌ بالثورة ـ أ نّه يتمكن أن يصل الى هذا الهدف الخاص، مع أنّ كل هؤلاء أجمعوا على أن هذا الهدف لا‌ يمكن‌ أن‌ يتحقق؟

الامر الثاني: موقف الحـسين واصـراره على المضي‌ في طريقه بعد ان تدهور الوضع السياسي في الكوفة بمقتل مسلم بن عقيل ورسوله مسهر بن قيس الصيداوي وغيرهما وتوارد الانباء عليه بهذه الحقائق وتقديم النصائح له ومع ذلك كان يصر على الاستمرار في‌ الحركة‌ ويترك‌ للآخرين ان يختاروا مصاحبته أو تركهم له.

الامر الثالث: وهو‌ أوضح‌ من الأولين فـي رفـض هذا التفسير وهو النـصوص التـي وردت عن الحسين عليه‌السلام وأهل البيت الكرام‌ والنبي‌ صلى الله عليه وآله‌ والتي تؤكد أن الحسين وأهل البيت كانوا مطّلعين على هذه المأساة وتفاصيلها‌، فمن‌ ذلك ما ورد على لسان الحسين عليه‌السلام خلال مسيرته نحو كربلاء فـي عـدة مواضع‌ من‌ أنّ‌ مصيره هو القتل حتما هو وأهل بيته وأطفاله وعياله، ومن ذلك رؤياه لرسول‌ اللّه‌ صلى الله عليه وآله في الحرم المدني عند الوداع [يراجع‌ في‌ الإشارة الى بعض‌ الموارد‌ مقتل الحسين عليه‌السلام للمقرم: 52‌ ـ 55. طبعة بصيرتي]، ثم بعد ذلك خطبة الحسين عليه‌السلام‌ عندما‌ خرج‌ من مـكة مـتوجها الى الكوفة قـبل أن يكشف أهل الكوفة موقفهم الحقيقي، وكانت‌ الكتب‌ والرسائل تتوارد عليه بالمئات في ذلك الوقت وأكدها سفيره ورسوله وابـن عمه مسلم‌ بن‌ عقيل‌ عليه‌السلام؛ فقد خطب الحسين عليه‌السلام في ذلك يـقول: «... خـُط المـوت على ولد‌ آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة...» [بـحار الانوار 44: 366] «وكأني بأوصالي هذه‌ تقطعها‌ عسلان‌ الفلوات بين النواويس وكربلاء» [مقتل‌ الحسين‌ عليه‌السلام للمقرّم: 55. طبعة‌ بصيرتي].

إضافة الى أن هـناك ‌‌الروايـات الكثيرة التي وردت عن‌ الرسول‌ صلى الله عليه وآله‌، وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام، وعن فاطمة الزهراء عـليهاالسلام تـؤكد وقـوع‌ هذه‌ المأساة للحسين عليه‌السلام [يراجع البحار‌ 44‌: 223 ـ 268، الباب‌ 30 و 31] (4) واخبارهم عنها.

ومع ملاحظة موقف الحسين ومسيرته نري أنه كان متأكدا مـن‌ هذه‌ النهاية، ومَن يتأكد من هذه النتيجة لا يمكن أن يخطر بباله‌ أ نّه سوف يـصل الى الحكم، أو‌ سوف‌ يصل‌ الى تـحقيق العـدل الالهي من وراء هذه‌ الحركة‌ التي قام بها.

إذن لم يكن الهدف الخاص للحسين عليه‌السلام في حركته هو‌ الوصول‌ الى السلطة الأمر الذي تفترضه هذه النظرية، بحيث نفترض أنّ الحسين فشل في‌ تحقيق‌ هدفه أو أ نّه لم‌ يكن‌ قادرا‌ على التحليل الصحيح‌ للظروف‌ والأوضاع السياسية أو تـعرّض‌ لخـدعة‌ كبيرة، نعم تعرض لخيانة كبيرة، ولكن الفرق بين الخيانة والخدعة واضح.

اذن فهذه‌ النظرية مرفوضة أيضا.

التفسير الثالث: حركة‌ الحسين عليه‌السلام‌ كانت‌ بهدف‌ اخلاقي:

يعتمد هذا التفسير‌ على افتراض أنّ تحرك الحسين عـليه‌السلام ونـهضته كان بدوافع أخلاقية ذاتية تنطلق من العوامل النفسية‌ والأخلاق‌ الاسلامية العربية التي كان يتصف بها‌ عليه‌السلام‌، ويقال‌ بأن‌ الحسين عليه‌السلام كان‌ إنسانا‌ شريفا وعزيزا وكريما يأبي الضيم، وهو ابـن بـنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله، ابن على بن‌ ابي‌ طالب‌ عليه‌السلام، ابن هذا البيت المجيد...‌ هذا‌ الانسان‌ الشريف‌ لا‌ يمكن‌ أن يخضع لانسان وضيع، ملحد، فاسق، فاجر، الى غير ذلك من الصفات التي كان يتصف بـها يـزيد الأمـوي ؛ اذن فهذا الانسان باعتبار‌ اخلاقياته وصـفاته النـفسية العـالية لا يمكن أن يبايع يزيد وأن يضع يده بيد يزيد، وقد عبّر عن ذلك في قوله عليه‌السلام:

«واللّه لا اُعطيكم بيدي اِعطاء الذليل ولا‌ أفرّ‌ فرار العبيد» [مـقتل الحـسين عليه‌السلام‌ للمقرم‌: 280 طبعة بصيرتي].

أو قـوله لوالي المـدينة (الوليـد):

«أيها الأمير إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسـالة ومـختلف الملائكة بنا فتح اللّه وبنا يختم، ويزيد‌ رجل‌ شارب الخمور وقاتل النفس المحرمة ومعلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله» [مقتل الحسين عليه‌السلام للمقرم: 144، طبعة بصيرتي].

هذا التـفسير الذي يـفسّر حـركة الحسين عليه‌السلام يفترض أنّ المسألة‌ مسألة‌ اخلاق وإباء للضيم، وعـزّة‌، وكرامة؛ فالإنسان عندما يكون عزيزا أبيا لا يمكن أن يخضع للذل، والحسين عليه‌السلام تعرّض لمحاولات الاذلال والامتهان فأبت نفسه الزكية الأبية الذل‌ والخـضوع‌، ومن ثـمَّ انـتهت الاُمور الى أن تقع مأساة قتل الحسين عليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه وسبي عيالاته‌ الى غير ذلك من المآسي المـعروفة فـي واقـعة كربلاء... هذا تفسير آخر يقدّم للهدف من حركة الحسين عليه‌السلام.

وتوجد عشرات الآلاف مـن (الأدبـيات) الحـسينية تتحدث عن هذا التفسير‌ وهذه‌ الأخلاق، كما توجد ملامح لهذا التفسير في بعض خـطب الحـسين عـليه‌السلام وفي بعض كلماته التي ذكرنا بعضها، وكلمات اُخرى عديدة، نحو:

« ألا وأن الدعي ابن الدعي‌ قـد‌ ركـز‌ بين اثنتين، بين الذلّة والسلة، وهيهات منّا الذلّة يأبى اللّه لنا ذلك ورسوله والمؤمنون... ‌‌ونفوس‌ أبية... » [مقتل‌ الحسين عليه‌السلام للمقرم: 82].

فـما هـو مـوقفنا من هذا التفسير؟

حركة الحسين عليه‌السلام‌ ليست‌ أخلاقية‌ فحسب:

في الواقع أنّ هذا العامل الاخلاقي وإن كـان يـشكل جزءا مهما من حركة الحسين‌ عليه‌السلام، وهذا الهدف (رفض الضيم ورفض الذل والخضوع) وهـذه الاخـلاقية‌ التـي يتمثل بها الحسين‌ عليه‌السلام‌ وإن كانت تشكل جزءا من الأهداف الاسلامية ومن تحرك الحسين عليه‌السلام إلاّ أ نـّها لا يـمكن أن تكون هي التفسير الكامل لحركة الحسين عليه‌السلام كلها، ومن ثمَّ فلا يـمكن أنـ‌ يـمثّل هذ التفسير نظرية هذه الثورة وتفسيرا لكل تفاصيل هذه الحركة وجميع أبعادها.

وذلك لأن الحسين عليه‌السلام ـ بـصفته امـاما يـتحمل مسؤوليات تجاه الاُمة الاسلامية ـ لا ينطلق في تحركه من‌ المشاعر‌ الخاصة والعواطف أو الاحـاسيس الاخـلاقية الذاتية النبيلة فحسب، بل ينطلق أيضا من المصالح الاسلامية العليا للدين والاُمة والواجبات والمسؤوليات العامة حـتي لو كـانت على حساب العواطف والاحاسيس النبيلة والاخلاق الاسلامية الذاتية الخاصة، ولذا فـقد يـفرض على الامام الحسين عليه‌السلام أحيانا أن يقف مـوقفا يـبدو للوهـلة الاولي أ نّه يتسم بالتنازل من أجل‌ مصلحة‌ اسـلامية أكـبر وأعظم، كما وقف الامام الحسن عليه‌السلام في الهدنة مع معاوية وعلي خلاف مـيوله وعـواطفه النبيلة، فإ نّ: «الحسن والحـسين... امـامان قاما أو‌ قـعدا » [بحار الانوار 36: 325 ط. طهران] كـما قـال رسول اللّه صلى الله عليه وآله‌ أي‌ ان‌ كليهما مـن حـيث الامامة متساويان، وهما تربيا في بيت واحد في حجر واحد، من اُم واحـدة، ومـن أب‌ واحد‌، ومن جد واحد، أي انـهما لا يختلفان‌ في‌ شيء مـن الأشـياء النفسية العامة أو الاخلاقية أو الاجتماعية، وأخـيرا فـهما عاشا معا جنبا الى جنب، ومن‌ هنا‌ لا‌ يمكن أن نفترض أن أخلاقية الامام الحسن عليه‌السلام ـ بـشكل‌ عـام ـ تختلف عن اخلاقية الامام الحـسين عـليه‌السلام، مـن ثمَّ نفترض أنّ أحـدهما يرضي بالضيم والآخر لا‌ يـرضي‌ بـه‌ أو هذا يرضي بالذل وذلك لا يرضي به [عندما نتحدث عن الامام‌ الحسين‌ لا‌ نريد بذلك المواصفات النفسية بتفاصيلها، فان كل انسان يختلف عن الآخر‌ ببعض‌ هذه التفاصيل أو بالكثير منها، بـل نـريد من ذلك المواصفات العامة بمبادئها وقيمها ومنطلقاتها].

وإذا افترضنا‌ أنّ‌ حركة الحسين كانت منطلقة ( فقط ) من قضية أخـلاقية ذاتـية فردية وهي قضية رفض الظلم‌ والذل‌، فـسوف نـواجه ـ اذن ـ التساؤل بـالنسبة الى الامـام الحـسن عليه‌السلام، هذا‌ الانسان‌ الذي عـاش الى جنب الامام الحسين عليه‌السلام وهو امام أيضا، ومع غض النظر‌ عن‌ امامته‌ فإن الامام الحـسن عـليه‌السلام عاش نفس ظروف الامام الحسين عـليه‌السلام ونـفس الاخـلاقية، ونـفس‌ الأوضـاع‌ والمستوى الاجتماعي، والنـسب والانـتماء الاُسري، ومن حيث التربية ومن حيث كل‌ الخصوصيات‌، فلماذا تكون هذه الاخلاقية موجودة في هذا الانـسان وليـست مـوجودة في ذلك الانسان؟

وأشار الامام‌ الحسين عليه‌السلام في يـوم عـاشوراء الى هـذا البـعد وهـذه الحـقيقة أيضا وتحدّث عن‌ موقفه‌، وأنّه ليس موقف رفض الضيم وحده. فأن المناقبية العربية كانت تري أنّ رفض‌ الضيم‌ والذل الشخصي مسألة ليس وراءها ما هو أكبر منها وهـي أهم من‌ كل‌ ما‌ في حياة الانسان العربي‌ ! إلاّ أن المسألة ليست كذلك في الاخلاقية والمناقبية الاسلامية، وانما‌ نظرة‌ الاسلام الى هذه القضية هي أنّ هذا‌ شيء‌ مهم‌ في الانسان وهدف من أهـداف حـياته، إلاّ‌ أنّ هذا الهدف ليس كل شيء في الحياة.

والفرق انما هو في النظرة‌ الكلية‌ الى الحياة، حيث كان‌ الانسان‌ الجاهلي العربي‌ يري‌ الحياة‌ محصورة فـي الدنـيا، والمناقبية فيها‌ هي‌ العزة والكـرامة الفـردية، فهي أهم شيء في هذه الحياة ؛ وأما‌ في‌ النظرية الاسلامية فالحياة هي الآخرة، والدنيا هي طريق الآخرة‌، ومقياس المناقبية في الحياة هو‌ عمل‌ مـا يـرضى اللّه تعالى وينفع المجتمع الانـساني فـي تكامله وعلى المدي الطويل، وبذلك‌ تصبح العزة والكرامة الفردية إحدي‌ المفردات‌ في‌ حياة هذا الانسان‌ والتي‌ قد تزاحمها أو تقترن‌ بها‌ كرامات ومصالح اُخري للمجتمع الانساني بشكل عام أو إحدى المقامات العـالية فـي الدار الآخرة‌، كما في الذلة للوالدين أو المؤمنين‌، أو لولي‌ الأمر‌ الواجب‌ الطاعة، أو لمصلحة‌ اسلامية اُخرى أكبر.

وقد أشار الامام الحسين عليه‌السلام في كلامه الى هذه الحقيقة يوم عاشوراء‌ عندما‌ قال:

«الموت خير من ركوب‌ العـار‌، والعـار‌ أولى‌ مـن دخول النار» [بحار الانوار 44: 192].

والنكتة المهمة هنا هي أنّ الامام الحسين عليه‌السلام يقول اذا ترك الخيار للانسان بين الموت‌ وركـوب‌ العار‌، فالموت أهون عنده من ركوب العار‌، اذن‌ فالعار‌ والذل‌ والضيم‌ مـرفوض بـدرجة أن المـوت أهون وأقل شأنا من العار، إلاّ أنّ للانسان هدفا أعلى واسمى من كل شيء، أسمى من الموت، وأسـمى ‌ ‌مـن الكرامة‌ الذاتية، وهو رضا اللّه سبحانه وتعالى ودخول الجنة، وفي سبيل ذلك يتحمل الانسان ـ ذو الاخـلاقية الانـسانية العـالية ـ شيئا أشد وقعا عليه من الموت وهو العار في‌ سبيل‌ أن يكسب رضا اللّه سبحانه وتعالى وفـي سبيل الموقف الصحيح الذي يخدم به الاسلام.

الفكر الاسلامي » شماره 12 (صفحه 54)

اذن فالمعركة في الحقيقة ليست مـعركة رفض ظلم وذل‌ أو‌ اباء ضـيم فـقط، فهناك شيء أكبر واعظم من مسألة رفض الظلم ـ رغم أ نّه من أهداف الانسان التي قد يتحمل الموت‌ من‌ اجلها ـ هو رضا اللّه‌ سبحانه‌ وتعالى وتحقيق السعادة الأبدية لهذا الانسان في الحـياة الاُخرى.

التصور الاسلامي تجاه الضيم:

يمكن ان نلخّص التصور الاسلامي تجاه قضية الذل والضيم بما يلي:

إنّ الاسلام‌ يفرض على الانسان أن‌ يكون‌ عزيزا وكريما في حياته، كما دلّت الآيات الكريمة على ذلك، مثل قوله تعالى: « ولقد كرّمنا بـني آدم وحـملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير‌ ممن خلقنا تفضيلاً» [الاسراء: 70].

وما يفهم من موضوع الامر الالهي للملائكة بالسجود لآدم، وكذلك الآيات التي تشير الى صفات المؤمنين بأ نّهم: «... أعزّة على الكـافرين‌...» [المائدة: 54].

والتي تقول: «... ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً» [النـساء: 141] أو الاحاديث التي تؤكد‌ أنّ اللّه تعالى لم يأذن للمؤمن له أن يذلّ نفسه لأ‌ نّه‌ لا‌ يملك ذلك، أو التي تقول:

«لا تكن عبد غيرك وقد خلقك اللّه حرّا » [بـحار الانـوار 77: 228، الحديث 2].

‌‌ومن‌ هنا أصـبح الذل والضـيم أشد على الانسان من الموت نفسه، وصحّ للانسان‌ أن‌ يجاهد‌ ويقاتل من أجل الخلاص من الذل والضيم والدفاع عن النفس.

والذل والضيم الذي يواجهه الانسان‌ على نوعين:

أحدهما: الذل والضيم الشخصي.

والآخر: الذل والضيم الاجتماعي الذيـ‌ يـتعرّض له المـجتمع بجميع‌ جوانبه‌.

وهذا النوع الثاني هو الأشد والاولي في المقاومة والمواجهة وهو‌ الذي يمارسه الطغاة والجبابرة تجاه المجتمعات الانسانية.

ومن هنا أيضا دعا الاسلام والقرآن الى مـواجهة الذل والضـيم الذي يـعبّر عنه بالظلم حينما يتعرّض المجتمع الى ذلك أيضا كما فـي قـوله تعالى‌:

«وما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهـلها واجـعل لنـا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك‌ نصيرا» [النساء: 75] وقوله تـعالى: «اُذن للذين يقاتلون بأنّهم ظُلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقدير» [الحج: 39‌].

وأصبح بذلك رفض الظلم والضيم مبدأً اخلاقيا اسلاميا رفيعا وعـاليا، وفـي هـذا‌ المجال‌ يجب أن نلتفت الى نقطتين مهمتين لهما تأثير في فهم هذا المـبدأ الاخـلاقي ونتائجه وآثاره:

أحداهما: أنّ الاسلام ينظر الى الحياة على اساس أ نّها طويلة وممتدة، وأنّ‌ الاصل‌ فيها هو الحـياة الآخـرة، وأنـّ‌ الذل‌ الحقيقي هو الذي يواجهه الانسان في الحياة الآخرة عندما يخرج عن طاعة اللّه تـعالى فـي الحـياة الدنيا.

ومن هنا أصبح رضا‌ اللّه‌ تعالي‌ مقدما على كل شيء في هذه الحياة، ولا‌ بـد مـن النـظر إليه في اتخاذ الموقف تجاه موضوع الضيم والذل، فالعبودية للّه تعالي هي أفضل الوان العزة‌ والكرامة‌: « كـفاني فـخرا أن تكون لي ربّا وكفاني عزّا أن‌ أكون لك عبدا» [شرح‌ نهج البلاغة لابن ابي الحديد 20: 255]. وتصبح الذّلة للمؤمنين وللوالدين والتواضع لهم مـن افـضل الاعـمال، لأنّها توجب‌ رضا‌ اللّه‌ تعالى وتحقق المصالح العليا في تماسك المجتمع، وكذلك الطاعة والتـسليم‌ لأوليـاء‌ الاُمور الشرعيين، وللحكم والقضاء الشرعي:

«فلا وربّك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بـينهم‌ ثـم‌ لا‌ يـجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلّموا تسليما» [النـساء: 65‌].

وبهذا‌ تـختلف‌ النـظرة‌ الاسلامية لهذا المبدأ عن النظرة الجاهلية والمناقبية العربية التي كانت تنظر الى قـضية الذل‌ والضـيم‌ مـن زاوية الحمية الشخصية أو الاُسرية أو القبلية فقط.

والاُخرى: أ نّه‌ لابد‌ من‌ التمييز بين الذل والضيم الفردي، وبين الذل والضـيم الاجـتماعي بـالنسبة الى الافراد الذين‌ يتحملون‌ مسؤوليات اجتماعية، مثل الانبياء والاوصياء والائمة الاطهار أو أولياء الاُمـور مـن المؤمنين‌ كالقادة‌ والعلماء‌ وغيرهم، حسب اختلاف مراتبهم، فإنّ هؤلاء لابدّ لهم أن ينظروا الى هذا المبدأ‌ الاخلاقي‌ مـن خـلال مسؤولياتهم والحالة الاجتماعية العامة لا من خلال أوضاعهم الفردية الشخصية‌ الخاصة‌، فمسؤوليتهم (بـالأصل) تـرتبط بهذا الجانب العام للمجتمع، ولذا فقد يكون مـن الواجـب‌ عـليهم‌ أن‌ يتحملوا بعض الوان الذل والضيم لتحقيق مصالح اسـلامية عـامة مرتبطة بالمجتمع أو‌ الجماعة‌، ولكن عندما تصبح قضية الذل والضيم قضية ذات بعد اجتماعي عام يرتبط بالأمة والعـقيدة، أو ذات‌ مستوى‌ عالٍ يضر بـمصالح المـجتمع الكلية فـالموقف تـجاهها يـكون مختلفا.

وبهذا الصدد يمكن‌ أن‌ نفهم المـوقف الذي وقـفه الامام على عليه‌السلام‌ حينما‌ قال‌:

«... وواللّه لاُسلمن ما سلمت اُمور‌ المسلمين‌ ولم يكن فـيها جـورٌ إلاّ على خاصة...» [نهج البلاغة، د. صبحي الصالح: 102. الخطبة 74].

أو موقف الامام‌ الحسن‌ عـليه‌السلام الذي أراد ان يحفظ‌ قوة‌ المجتمع الاسـلامي‌ مـن‌ ناحية‌ واستمرار وجود الجماعة الصـالحة مـن ناحية‌ اُخري‌، وكشف الحقيقة من ناحية ثالثة، فتحمّل شخصيا هذا اللون من‌ الاذى‌.

واما عـندما زاد تـدهور الاوضاع في‌ زمن الامام الحـسين عـليه‌السلام‌ فـأصبحت‌ ممارسة الاذلال منهجا للحـكم تـجاه‌ المسلمين‌ جميعا، وادرك المسلمون ذلك، وأخـذ النـظام الحاكم ينظر الى الجماعة الاسلامية‌ والاموال‌ الاسلامية على أ نّها ملك‌ يده‌، يتصرّف بها كيف‌ يـشاء‌، ثم كشف يـزيد‌ ـ بـعد ذلك ـ عن هـذه‌ الحـقيقة‌ بـموقفه عندما‌ أخذ‌ البيعة‌ مـن أهل المدينة المنورة‌ ـ بعد عام من مقتل الحسين عليه‌السلام في واقعة الحرة ـ على أ نّهم عـبيد‌ ارقـاء‌ له.

عندما تصبح الاوضاع بهذا الشكل‌ يكون‌ للمـوقف‌ مـنحي‌ واتـجاه‌ آخـر، وبـذلك‌ يمكن‌ أن نعرف أن حـركة الامام الحسين وإن كانت ذات منطلق اخلاقي أيضا ولكنها ليست منطلقة من‌ مبدأ‌ الأخلاقية‌ الذاتية، وليست هذه الاخـلاقية هـي مـجرد‌ رفض‌ الظلم‌ والضيم‌، بل‌ الى جانب ذلك شيء آخـر مـهم وهـو مـصالح الاُمـة والاسـلام كما سوف يتضح قريبا.

اذن فهذه النظرية التي تقول: إنّ الحسين انسان عربي، من بيت‌ شريف عظيم، ذو اخلاقية عربية عالية تفرض عليه رفض الظلم والذل فثار وتعرض للقتل مـع أهل بيته وعياله وأطفاله أو عرّضهم للخطر من اجل هذه الاحساس هي أيضا مرفوضة‌، وإن كان الحسين عليه‌السلام يتّصف بكل هذه الصفات الحميدة ويرفض الذل ويتعرّض للموت من أجل ذلك، ولكن حركته هذه لم تـكن لهـذا الهدف فحسب كما ذكرنا.

التفسير الرابع‌: التفسير الغيبي لحركة الحسين عليه‌السلام:

هناك نظرية اُخري في تفسير نهضة الحسين عليه‌السلام هي ما يمكن أن نسمّيها بـ « النظرية الغيبية » تقول‌: إنّ الحسين امام مـعصوم‌ وقـد‌ كتب اللّه سبحانه وتعالي عليه منذ أن خلق الخـلق أن يمـوت في كربـلاء بهذا الوضـع المأسـاوي المعين بالطريقة التي تشرحها كتب التأريخ.

وإضافة الى ذلك‌ تقول هـذه النـظرية: إنّ‌ الانسان العادي لا يمكن أن يـعرف حـكمة هذا السر الغيبي والقرار الالهي، فهو سرّ من اسرار اللّه سبحانه وتعالي وقضية غيبية، ومن ثمَّ فنحن لا يمكن أن نسير‌ في‌ خط الحسين أو نتأسى بالحسين! لأن هـذه المـسألة مسألة فريدة وخاصة بـشخص الحـسين عليه‌السلام، مسألة مرتبطة باللّه سبحانه وتعالي بشّر بها الانبياء قبل النبي محمد صلى الله عليه وآله، كما‌ بشّر‌ بها النبي‌ صلى الله عليه وآله وبشّر بها أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام، وهناك روايات في هذا الموضوع [اشرنا الى مصادرها في كتاب بحار الانـوار آنـفا]، كما أ نّه ـ أي الحسين عـليه‌السلام ـ أخـبر بهذه النهاية المقدرة من الغيب عليه‌، كما‌ تحدّثت بذلك قصة الحلم الذي رأي فيه جدّه رسول اللّه صلى الله عليه وآله كما يشير الى ذلك جواب الحسين ‌‌عليه‌السلام‌: «شاء اللّه ان يراهنّ سبايا» [بحار الانوار44: 364]. عندما سئل عن السر‌ في‌ اصطحاب‌ عـياله مـعه، مع أ نـّه يعرف أنّ مصيره القتل، ولهذا جاء باُسرته الى كربلاء وعرّضهم للسبي، فهو أمر الهي مخصوص بالحسين عـليه‌السلام ينفّذ بطريقة معينة‌ من أجل أن يستفيد‌ شيعة‌ أهل البيت من هـذه المـأساة بـعد ذلك، فيجلسون المجالس ويقيمون الشعائر و ( التعازي ) النافعة ويبكي منهم من يبكي، فيحصل بذلك على الاجر والثواب ويبذلون الطـعام ‌ ‌والشـراب لفائدة‌ الفقراء والمساكين، ويرتقي الخطباء المنابر ليتحدّثوا عن قضية الحسين وأهل البيت عـليهم‌السلام وعـقائدهم واخـلاقهم ويثيرون العواطف ويستدرون الدموع، ومن ثمَّ يستفيدون ويفيدون.

ويسمع من اناس عاديين كثيرين امثال العبارات‌ التـالية‌: «الحمد للّه (سفرة) الحسين واسعة والناس ينتفعون منها...» وكذلك الخطباء ينتفعون منها، فانّ هـذا التبليغ والتثقيف تحقق بـسبب قـضية الحسين عليه‌السلام أي يراد‌ اعطاء‌ هذه القضية حالة خاصة، ويحصر مضمونها وآثارها فقط في: أن الانسان الذي يبكي على الحسين يحصل على الثواب ويكون جزاؤه الجنة.

وهنا لا نريد أن نشكك في‌ حقيقة‌ الاجر والثواب المترتّب على التفاعل مع قضية الحسين عليه‌السلام خصوصا في المجالس والبكاء والزيارة وبذل الطعام، إنّ هذا البكاء بلاشك هو بكاء صحيح ويثاب عليه هذا الانسان العاشق‌ المحب‌ للحسين‌، ويكافأ بالجنة ان شاء‌ اللّه‌ بـسبب‌ تـفاعله مع هذه القضية، اِلاّ أنّ ما نعنيه هو أنّ هذه النظرية تريد أن تحوّل قضية الحسين بأكملها الى هذه‌ الامور‌ المستحبة‌، وترجع قضية الحسين الى امر غيبي مجهول‌ دون أن يكون لها صلة بحياتنا‌ البشرية‌ والعملية‌.

نهضة الحسين عليه‌السلام اطروحة الهية للبشرية:

وهذه النظرية مرفوضة أيضا‌ لأننا نري أنّ هذه المظاهر والشعائر لا تمثّل شيئا من الحسين، ولكنها صحيحة وتـشكل جـزءا من قضية‌ الحسين‌، ولها أهمية في تحقيق اهداف تلك القضية، ولها دور عظيم‌ في‌ النتائج والآثار، ولابد لنا من تأكيد دورها، ولكن مع ذلك نريد أن نعرف عمق‌ القضية‌ وواقعها‌ ومدي ارتـباط كـل هـذه المظاهر والشعائر بها حتي نـتمثّل هـذه القـضية تمثّلاً‌ حقيقيا‌ في‌ واقعنا السياسي والاجتماعي وفي وجداننا ومشاعرنا وفي التزاماتنا وعهودنا ومواثيقنا.

وحينما نؤكد أدوار هذه‌ المظاهر‌ والشعائر‌ الصحيحة التي ندب للقـيام بـها أهـل البيت عليهم‌السلام نعرف بوعي أ نّها ادوار حقيقية‌ تعبّر‌ عـن شـيء آخر حقيقي مفهوم لنا في حياتنا الانسانية يمكن أن نسير في‌ ضوئه‌ ونقتدي‌ به ونستنير بهداه.

ولنعد الى سؤالنا، وهو أ نّه لمـاذا نـرفض هـذه النظرية‌؟

الجواب: أنّ اللّه تعالي لو قال لنا في شأن أئمة أهل البـيت ومنهم‌ الحسين‌ عليهم‌السلام‌: إنّ هؤلاء لهم (احكام خاصة ) و (ادوار خاصة ) ولهم حياة وممارسات خاصة‌ بهم‌، وإنّ هؤلاء عندما يـقومون بـعمل لا يـعنيكم أمرهم وعملهم ولا يجب‌ عليكم‌ الالتزام‌ به أو الاخذ منهم، كان من المـمكن ـ فـي هذه الحالة ـ أنْ نقبل هذه‌ النظرية،‌ لأنّ‌ هؤلاء مكلّفون بوظائف معينة ولهم دور معين قام به هـذا الانـسان الذي‌ اختاره‌ اللّه له، واللّه اعلم بهذا الدور وبالسر الذي يكمن وراءه، ولكن كل مسلم يعرف: أنّ‌ هـؤلاء الائمـة جـعلهم اللّه سبحانه وتعالي قدوة لنا، فقال صلى الله عليه وآله: انّ‌ الحسين «مصباح هدى وسفينة نجاة» [بحار الأنوار 36: 205].

ومعني‌ الامـامة هـو أنْ يتقدّم هذا الانسان في‌ الطريق‌ وعلى الناس اتّباعه وطاعته والسير وراءه والاقتداء به‌، فـقد قـال تعالي لنبيه ابراهيم‌ عليه‌السلام‌: «...‌ اني‌ جاعلك للناس اماما...» [البقرة: 124].

وقال‌ على لسان عباده الصـالحين: «... واجـعلنا للمـتقين اماما... » [الفـرقان: 74‌].

وقال تعالى مخاطبا المؤمنين: « لقد كان لكم في‌ رسول‌ اللّه اُسوة حسنة...» [الاحزاب: 21].

وقال مـعلّما نـبيه أن يخاطب الناس: « قل ان كنتم تحبّون اللّه‌ فاتّبعوني‌ يحببكم اللّه...» [آل‌ عمران‌: 31].

وقال‌ واصفا‌ الانبياء والمرسلين الذيـن‌ هـداهم‌: «... فـبهدا‌هم‌ اقتده...» [الانعام: 90] الى غير ذلك من الآيات والروايات والاحاديث المروية عن النبي وأهل‌ بيته‌ الكرام.

فهذا العمل العـظيم الذي قـام‌ به‌ الامام الحسين‌ عليه‌السلام‌ لا‌ يراد منه أن يكون‌ مختصا بشخص الحسين، وان يكون سـرّا لا يـفهمه إلاّ اللّه سـبحانه والراسخون في العلم‌ دون‌ أن يكون للناس علاقة به، بل‌ إ نّها‌ نهضة‌ منطلقة من رؤية‌ وفـهم‌ للاسـلام وواجـباته ويراد منها أن يتأسى بها الناس ويسيروا في ضوئها وهداها ويلتزموا بمنهجها ويـتفاعلوا مـعها‌.

إنّ أئمة أهل البيت عليهم‌السلام أكدوا قضية الحسين‌ ووجّهوا‌ اليها‌ الانظار‌ في‌ مختلف‌ المناسبات، لأنّهم أرادوا لها أن تـكون قـضية مركزية في أوساط اتباع أهل البيت ليؤشّروا بها الى طريقهم ومنهجهم، لأنّ قـول وعـمل آخرهم هو قول‌ وعمل أ وّلهم وهكذا العـكس، فـهم مـن نور واحد وعلى هدى رسول اللّه، وهم عـدل القـرآن والثقل الآخر الذي لا يفترق عنه.

فهم يؤكدون دائما أهداف الحسين وأسباب‌ نهضته‌ والظلم الذي تعرّض له هـو وأهـل بيته، وإدانة الحكم الاموي فـي نـهجه وأهدافه وغـاياته وأسـاليبه، وضـرورة الاخذ بثأره لأنّه ثأر اللّه تعالي، وأنـّ أحـد الاهداف‌ الرئيسة‌ لظهور مهدي أهل البيت الحجة بن الحسن عليه‌السلام هو الأخـذ بـهذا الثأر وتحقيق العدل الالهي.

ويؤكد ذلك بـقاء هـذه القضية (حية) في تأريخ اتـباع أهـل البيت الى يومنا هذا، الأمر‌ الذي‌ يعني أ نّه اُريد‌ لها‌ أن تبقي مشعلاً للهداية ومـنارا للتـأسي والاقتداء، ومن ثمَّ فلابد لنـا مـن مـعرفة التفسير الصحيح لهـا وفـهمه حتي يمكن أن نحقق مـن خـلال ذلك أهداف الحسين وغاياته.

وعندما نقول بأننا‌ نرفض‌ التفسير الغيبي لقضية الحسين لا نريد من ذلك ـ مثلما قد يـتوهم بـعض الاشخاص ـ أن قضية الحسين ليست موردا للعـناية الالهـية، بل إنـّها (اطـروحة الهـية) موضوعة‌ من قبل‌ اللّه سـبحانه وتعالى، ومصممة على يد رسول اللّه صلى الله عليه وآله، ونفّذها امام من الائمة المعصومين الذين‌ لا يعرفون إلاّ حكم اللّه، واللّه سـبحانه وتـعالي في علمه‌ الذي‌ يحيط‌ بكل الاشـياء اراد مـن ذلك خـير النـاس وخـير البشرية، وأراد من المـؤمنين والنـاس جميعا الاقتداء بها ‌‌كما‌ أراد الاقتداء بالقرآن الكريم ؛ أليس القرآن الكريم كتاب اللّه ووحيا منه تعالي‌ واطروحة‌ غـيبية‌ الهـية لكـل البشر؟ ولكن لا يراد لهذا الوحي أن يكون مـعلّقا بـين الارض والسـماء‌ يـمجّده النـاس ويـقدّسونه فحسب، بل اُريد له أن يكون هاديا للبشرية، تسير على تعاليمه وعلي‌ منهجه‌، وكذلك الأمر بالنسبة لنهضة الامام الحسين وقضيته، فالحسين عليه‌السلام قرآن ناطق يمثل طريق الاسلام وطريق القـرآن، وهو اطروحة إلهية للبشرية جمعاء وليست حكما غيبيا مختصا به عليه‌السلام في‌ الاداء والنتائج والآثار.

اذن فما هو التفسير الحقيقي لحركة الحسين عليه‌السلام؟

التفسير الخامس: ثورة الحسين هزة ضمير وحياة رسالة:

أهداف الثورة الحـسينية:

إنّ ثـورة الحسين كانت من أجل تثبيت الموقف‌ الشرعي‌ والحكم الاسلامي تجاه ظاهرة الطغيان اليزيدي والحكم الكسروي الجديد الذي كان يجسّده هذا الحاكم المستهتر بالقيم والشعائر الاسلامية، هذا من ناحية، ومن نـاحية اُخـري من أجل المحافظة على وجود‌ الرسالة الاسلامية واستمرارها من خلال تثبيت هذا الموقف وما يمكن أن ينجم عنه من تفاعلات في الاُمة، ومن ناحية ثالثة إ يـقاظ ضـمير الاُمة وهز مشاعرها وأحاسيسها وتـحريك وجـدانها‌ من‌ أجل العمل على مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة في حياتها.

فالدوافع الحقيقية لثورة الامام الحسين كانت ترتبط بأهداف ثلاثة: هدف يرتبط بفهم الرسالة الاسلامية وذلك بـتوضيح المـوقف الشرعي تجاه‌ الظاهرة‌ الجـديدة‌ الخـطيرة، وبُعد ثانٍ يرتبط‌ بحركة‌ رسالة‌ الاسلام المستقبلية، وثالث يرتبط بالحركة الفعلية للاُمة وأوضاعها السياسية والاجتماعية والنفسية.

لقد استهدف الحسين عليه‌السلام في مجمل حركته هذه الاهداف‌ الثلاثة‌ المترابطة‌ بينها، وقد تمكن عـليه‌السلام بـهذه التضحية الكبيرة‌ وبهذا‌ البذل والعطاء الذي قدمه للاسلام وبهذا التخطيط الرائع والتصميم القوي من تحقيق هذه الاهداف العظيمة.

وبهذا التفسير لحركة الحسين‌ وثورته‌ يمكن‌ أن نحتفظ بكرامة وعظمة الحسين عليه‌السلام الذي تمكن بتضحيته المنقطعة‌ النـظير مـن تحقيق أهـدافه فانتصر وانتصرت ثورته التي تعدّ فتحا الهيا كما عبّر عنها الحسين حينما قال: « ومن‌ تخلّف لم يبلغ الفـتح » [مقتل‌ الحسين عليه‌السلام للمقرم: 56، طبعة بصيرتي] ومن هنا نجد أنّ الحسين على بصيرة‌ من أمره.

ويؤكد هذه الحـقيقة أنـّنا عـندما ندرس ثورة الحسين وتفاصيل حركته ومواقفه نلاحظ أنّ‌ الحسين‌ كان‌ على درجة عالية من العزم والتصميم العـظيم ‌ ‌والاصـرار على تنفيذ هذه المهمة،‌ مما‌ يدلل‌ على أنّ هدفه عظيم وواضح، وفي نـفس الوقـت لديـه ثقة عالية بتحقيق هذا‌ الهدف‌.

الحسين الضمير الحي للامة:

لقد كان الحسين عليه‌السلام يمثّل الضمير الحي للاُمـة الاسلامية والعقل الواعي‌ والمدرك‌ للأخطار التي تتهددها وطبيعة المشاكل والظروف التي تحيط بـها، وكان يدرك في‌ مـقدمة‌ هـذه‌ الاخطار خطر موت الضمير والوجدان لديها ـ والذي يتحول بعد ذلك عادة من خلال الاستمرار والقبول بالأمر الواقع الى نسيانها‌ لدورها‌ ـ وفقدانها لخصوصيتها وتشويه الحقيقة والواقع والتحوّل عن السراط المـستقيم الى الانحراف والطغيان.

ومن أجل‌ أن‌ تتضح الصورة بشكل أفضل، يحسن بنا ان نتناول هذه الاهداف بشيء‌ من‌ التوضيح‌:

الهدف الاول: تثبيت الموقف الشرعي:

إنّ الحسين عليه‌السلام كان يدرك أن الناس يعرفون حقيقة‌ يزيد‌ وطغيانه‌ واستهتاره (العلني) بـالقيم والمـُثل والاحكام الاسلامية، فقد كان يلعب‌ بالقردة‌ والكلاب، ويشرب الخمر علنا، وكان فاجرا فاسقا، غير مؤهل للخلافة، وقد فرض معاوية خلافته‌ على المسلمين مع رفضهم واستنكارهم لها، هذه الحقيقة كان يـعرفها النـاس، ولكنهم‌ مع ذلك قتلوا الحسين ووقفوا في الصف‌ المعادي‌ له‌، بل ظهروا وكأنّهم اعدي اعدائه‌ بالرغم‌ من معرفتهم اياه وعلمهم أ نّه على حق وأنّه ابن بنت رسول‌ اللّه‌ صلى الله عليه وآله وأحـق من يزيد بالخلافة‌، وأ نّه‌ اذا‌ جاء‌ للحكم أقام العدل والقسط بين الناس‌ وحقق‌ لهم العزة والكرامة، بل انّ الكثير من هؤلاء الناس كانوا قد‌ حرّضوا‌ الحسين على الثورة وكتبوا له بـذلك‌ وتـحرّكوا فـي سبيل تحقيق‌ هذا‌ الهدف.

كلُّ هـذه الحـقائق كـانت‌ قائمة‌ يعرفها الناس ويدركونها، وقد أشار الامام الحسين عليه‌السلام الى ذلك عندما خطب‌ في‌ اصحاب الحر بن يزيد الرياحي‌ قائلاً‌:

« أيها الناس‌ ! إنـّ رسـول اللّه صلى الله عليه وآله‌ قال‌ من رأي منكم سلطانا جائرا مستحلاًّ لحرام اللّه ناكثا عـهده، مـخالفا لسنة رسول اللّه‌، يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان‌، فلم يغير‌ عليه‌ بفعلٍ‌ ولا قول، كان‌ حقا على اللّه ان يدخله مدخله. ألا وان هـؤلاء قـد لزمـوا الشيطان، وتركوا‌ طاعة‌ الرحمن، واظهروا الفساد، وعطلوا‌ الحدود‌، واستأثروا‌ بـالفيء‌، وأحلّوا حرام‌ اللّه‌ وحرّموا حلاله، وأنا أحق ممن غير. وقد اتتني كتبكم وقدمت على رسلكم ببيعتكم انكم‌ لا‌ تـسلموني‌ ولا تـخذلوني، فـان اتممتم على بيعتكم‌ تصيبوا‌ رشدكم‌ ؛ فأنا‌ الحسين‌ بن على وبن فـاطمة بـنت رسول اللّه، نفسي مع انفسكم واهلي مع اهليكم، ولكم في اسوة، وان لم تفعلوا، ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي‌ من اعـناقكم، فـلعمري مـاهي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، فالمغرور من اغـتر بـكم، فـحظكم اخطأتم ونصيبكم ضيعتم ومن «... نكث فانما‌ ينكث‌ على نفسه... » [الفتح: 10] وسيغني اللّه عنكم، والسلام » [الكامل لابن الاثير 4: 48، ط بيروت].

نعم كـان النـاس يـعرفون هذه الحقائق، أما الموقف العملي تجاه هذه الظاهرة فلم يكن معروفا، لقد‌ كان‌ النـاس فـي حيرة من أمرهم ولا يعرفون ماذا يصنعون امام هذه المأساة المروّعة في المجتمع الاسـلامي، مـأساة أن يـأتي انسان على دفّة‌ الحكم‌ الاسلامي ويدّعي (خلافة رسول‌ اللّه) وأنّه مسؤول عن (تطبيق أحـكام الاسـلام) ثم يتعدى عليها بهذا الشكل العلني الفظيع ! إنّها مأساة عظيمة واجهها المسلمون‌ مـتحيرين‌ فـعلاً فـي اتخاذ الموقف‌ العملي‌ تتجاذبهم عوامل عديدة:

فهذا خائف على نفسه أو جماعته من النتائج.

وذاك واقع تحت تـأثير الشـهوات والملذّات والاغراءات والأموال.

وآخرون كانوا قد اعتادوا الظلم والذل والخضوع واستسلموا للأمر الواقع، كـما‌ حـدث بـالنسبة الى بني اسرائيل في زمن فرعون.

وبعض آخر قد تعرض الى عمليات التضليل وغسل الدماغ تحت شعار حـرمة الخـروج على السلطان مهما بغي وانحرف وتجبّر، لأنّ ذلك شق‌ لعصا‌ المسلمين وخروج‌ على الجماعة [وضعت السـلطة فـي ‌‌عهد‌ معاوية روايات على لسان النبي صلى الله عليه وآله وعـممتها مـن خلال اجهزتها الاعلامية والثقافية بين‌ المسلمين‌ فـتأثر‌ بـها بعض الناس في ذلك العصر ثم ثبتت الحكومات بعد ذلك هذا الاتجاه السياسي رسميا‌].

وقـسم آخـر كان يترقب الاحداث ليستفيد منها وينتهز الفرصة المناسبة للوصول الى الحكم والسلطة.

وهناك الكثير من أبناء الامة كـان يـدرك الحكم الشرعي، ولكنه يعتقد‌ ضرورة‌ توفر القدرة على الحـركة، بحيث تنتهي الى الاطاحة بالحكم وتـغييره، وبـدون ذلك‌ تـصبح الحـركة ـ بـنظرهم‌ ـ بدون هدف، الى غير ذلك من العوامل الاُخـرى التـي يطول ذكرها.

كل هذه العوامل كانت توجد حالة من الانفصام والتمزّق في مـوقف الاُمـة العملي ؛، فهي من ناحية تدرك‌ حـقيقة يزيد وحكمه وأنّه انـسان خـارج عن حكم اللّه والاسلام وأنّه ليـس أهـلاً للخلافة، ولكن من ناحية اُخرى لا تدرك الموقف الذي يجب أن تتخذه وتسير عليه في‌ مـواجهة‌ هـذه الظاهرة.

وقد أراد الامام الحسين عليه‌السلام أن يـحوّل هـذا الفـهم النظري لحكم يـزيد والذي كـان يدركه الناس الى موقف عـملي ووظـيفة شرعية واضحة يسوغ لهم التحرك والعمل ويفك الحصار‌ عن‌ ارادتهم وينهي حالة التردد والحـيرة فـي موقفهم.

وقد كان الامام الحسين عليه‌السلام الانـسان الأصـلح للقيام بـهذه المـهمة لمـا كان يتمتع به مـن مواصفات فريدة في عقول المسلمين وتأريخهم ووجدانهم‌ ومشاعرهم‌، وللوضوح في طبيعة انتساب موقفه الى الشرع والاسـلام، لأنـّ الامام الحسين هو من أهل بـيت النـبوة واعـلم ابـناء هـذا البيت وأقربهم لرسـول اللّه صلى الله عليه وآله ولأنّه ابن‌ بنت‌ رسول‌ اللّه واكثرهم حرصا على الاسلام‌ ومعرفةً‌ بأحكامه‌ وادراكا لظروف الامة وأوضاعها السياسية وأوسـعهم ارتـباطا فـي أوساطها.

وهذا الامر يمكن ان نلمسه بشكل واضح فـي وصـيته الفـريدة لأخيه مـحمّد‌ بـن‌ الحنفية‌ عند خروجه من المدينة بعد رفضه لبيعة يزيد‌ حيث‌ جاء فيها:

«... إنّ الحسين يشهد أن لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده‌ ورسوله‌ جاء‌ بالحق من عنده، وأنّ الجـنة حق والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور.

وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا‌ ولا‌ مفسدا‌ ولا ظالما، وانما خرجت لطلب الاصلاح في اُمة جدّي صلى الله عليه وآله‌ اريد‌ أن آمر بالمعروف وأنهي عـن المـنكر، وأسير بسيرة جدي وابي على بن ابي طالب، فمن‌ قبلني‌ بقبول‌ الحق فاللّه أولي بالحق، ومن رد على هذا أصبر حتي يقضي‌ اللّه‌ بيني‌ وبين القوم وهو خير الحاكمين.

وهذه وصيتي اليك يا أخـي ومـا توفيقي إلاّ باللّه‌ عليه‌ توكلت‌ واليه انيب. » [مقتل‌ الحسين‌ للمقرم: 156‌، طبعة بصيرتي].

ومن الواضح أنّ تثبيت هذا الموقف الشرعي عمليا وواقعيا‌ لا‌ يكفي فيه إعلان الثورة أو بيان الحكم الشرعي ونـشره بـين الناس، بل‌ كان‌ يحتاج‌ الى مـوقف عـملي يتّسم بالبذل والعطاء والتضحية والفداء ليكون واضحا بينا لا يمكن أن‌ تستره‌ الشبهات أو تشوهه الشكوك والاحتمالات، وقويا لا تقف في وجهه الرغبات والشهوات‌ ومحاولات‌ التضليل‌.

الهدف الثـاني: تـحويل الموقف النظري الى موقف عـملي:

إنّ الامـام الحسين عليه‌السلام لم يكتف‌ بتثبيت‌ الموقف الشرعي وتوضيحه عمليا من خلال موقفه الجهادي، بل اهتم بشكل‌ خاص‌ بأن‌ يحوّل الادراك النظري والعقلي والتصوّري للاُمة تجاه حكم يزيد وطغيانه الى موقف عملي فعلي، وذلكـ‌ مـن‌ خلال نقل الصورة من العقل والذهن الى القلب والوجدان، ولا يتم‌ ذلك‌ إلاّ من خلال ايقاظ ضمائر الناس وهز وجدانهم وتحريك مشاعرهم واحاسيسهم ؛ فان ضمائر هؤلاء الناس‌ كانت‌ مخدرة أو تكاد تموت تدريجا، والانـسان قـد يدرك اشـياء كثيرة وصحيحة‌ بعقله‌، ولكن موقفه ووجدانه وحركته قد يقصر‌ عن‌ الادراك‌ الصحيح، وكل انسان في حياته العـملية‌ يتمكن‌ من ان يدرك هذا الواقع وهذا الانفصال وهو انه يمكن أن يـعرف الكـثير‌ مـن‌ الحقائق، مثلاً يدرك أنّ‌ شرب‌ الخمر غير‌ صحيح‌ ومضر‌ بعقله وصحته، أو أنّ الظلم‌ قبيح‌، أو الذل والاستسلام يؤدي الى الفـساد‌ ‌فـي الارض، ومع ذلك‌ تجده‌ أحيانا يرتكبها لأن هناك ميولاً وشهوات‌، وهناك ارادة مفقودة‌، أو أسبابا اخري مـشابهة ـ كـالخوف‌ ـ تـضغط عليه.

لقد كان الناس في زمن الامام الحسين عليه‌السلام يعيشون هذه‌ الحالة‌ فأراد عليه‌السلام من خـلال هذه الحركة أن‌ يقول‌ للناس جميعا (حتى مع قلة الانـصار): إنّ الموقف العملي تـجاه الظـاهرة‌ اليزيدية‌ هو ان نبذل ونضحي ونموت، ونستشهد‌، من‌ اجل‌ الخلاص‌ وتحطيم هذا الطاغوت واحياء‌ الحكم الاسلامي وتحقيق العدل الالهي.

لم يكن يستهدف عليه‌السلام أن يصل الى الحكم، كان‌ يعرف‌ إ نّه لا يصل اليه، إلاّ‌ انّه‌ كان‌ يـريد‌ أن يحرّك الناس‌ ويهزّ‌ ضمائرهم ويوقظ وجدانهم فيتحرّكوا، وكان على الحسين أن يقدّم دمه الغالي رخيصا في سبيل هذا‌ الهدف‌، وكان عليه أن يقتل ويذبح عطشانا بهذه‌ الطريقة‌ المأساوية‌، حتي‌ تتحرّك‌ هذه الضمائر والقـلوب والمـشاعر والعواطف، ولو بقي الحسين على مقامه الاجتماعي محترما ومكرّما أو بعيدا عن الناس فانّ الناس لا يتحرّكون بمجرد الكلام والنداء والبلاغ، بعد ان تخدّرت ضمائرهم وفقدوا ارادتهم.

لقد وجد الحسين عليه‌السلام انّ طريق تحريك هـؤلاء النـاس هو ان يضع امامهم هذه الملحمة التأريخية وهذه المأساة الانسانية، فلابد له ان يكشف‌ لهم‌ الحقيقة كشفا وجدانيا من خلال السلوك، ويبذل نفسه وابناءه وعياله واطفاله واصحابه وكل ما لديه من اجـل هـذا الهدف.

ولكن الحسين عليه‌السلام لم يبذل كل ذلك بشكل عشوائي‌ وانتحاري‌، لأن ذلك لا يؤتى الثمار ولا يحقق النتائج بل مهّد وخطط له تخطيطا عظيما ورائعا يصب في هذا الهدف الكبير، ونري‌ معالم‌ ذلك في كل خطواته وحـتى‌ النـفس‌ الاخـير لحياته، بل، وحتى بعد مـقتله مـن خـلال الدور الزينبي الذي قامت به اُخته العقيلة الكبرى زينب عليهاالسلام والاُسرة العلوية الهاشمية من‌ النساء‌ والاطفال وعلي رأسهم بقية‌ السيف‌ والسلف الرجل الوحـيد المـريض العـبد الصالح الامام زين العابدين عليه‌السلام، وكان هذا التـخطيط ضـروريا أيضا لهذا البذل، اذ مجرد أن ينتحر الانسان وجميع أهل بيته لا يكفي لتحقيق‌ هذه‌ الهزّة، بل لابد لها من تغطية سـياسية وتـغطية اعـلامية وتخطيط دقيق ومحكم، وهذا ما صنعه الامام الحسين عليه‌السلام حـيث خطط من خلال المواقف والنشاطات والأحاديث من أجل تحقيق‌ هذه‌ الهزّة، والحديث عن ذلك له مجال آخر.

وفي السنة الثانية لمـلحمة عـاشوراء ثـارت المدينة المنورة على يزيد وكانت‌ واقعة الحرة التي استباح فيها يـزيد المـدينة وقتل خيرة أبناء الانصار‌، ثم‌ تثور مكة بعد ذلك على يزيد الذي تعرض فيها للكعبة المشرفة بعد حـصارها، وبـعد ذلك يـموت ‌‌يزيد‌ وتتفاعل هذه الهزّة مع ضمير الامة، فيثور الثائرون على بني اُمـية، وهـكذا‌ تـوالت‌ حركة الناس ضد هذا النظام تدعو للرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله حتى اُسقط هذا النـظام‌ فـي النـهاية، وبقي تحرّك الحسين وهزّة الضمير الحسينية متواصلة الى يومنا هذا‌ تذكر الناس بالحسين وبثورته‌ التـي‌ حـقق فيها أهدافه.

الحسين عليه‌السلام والنهضة الاسلامية المعاصرة:

وفي عصرنا الحاضر ـ كما هي الحال في كـل العـصور السـابقة ـ يرى أثر هزة الضمير هذه في الثورة الاسلامية في ايران التي‌ قادها الامام الخـميني قـدس سره حيث كان لقضية الحسين ولشعائرها دور عظيم في تحقيق انتصار هذه الثورة، بل وكـان للنـهضة الحـسينية بصماتها في مجمل النهوض الاسلامي الذي يشهده عالمنا اليوم، ويمكن‌ أن نعتبر الثورة الاسلامية في ايران والنـهوض الاسـلامي نتيجة من نتائج تلك الهزّة، فان هذا البذل والعطاء الذي يقدّمه الشعب الايـراني المـسلم والشـعب العراقي والشعب الفلسطيني وشعوب شمال افريقيا‌ و... للخلاص من الكفر والطغيان والاستعباد يجسّد معالم وآثار هـذه النـهضة الحـسينية التي بقيت تتفاعل مع احداث التأريخ الاسلامي والانساني ومع ضمير الانسان حـتى يـومنا الحاضر.

الهدف الثالث: الاسلام‌ باق بالتضحيات الحسينية:

وهو هدف عظيم أيضا، بل هو الأسمى والأقصى، وهو الذي جاء مـن أجـله الانبياء والمرسلون، وعمل من أجله الائمة الاطهار عليهم‌السلام وشاركوا الحسين‌ في‌ تـحقيقه‌، وهـو المحافظة على الوجود‌ الاسلامي‌ عقيدةً‌ وكيانا واُمـةً اسـلاميةً، وخـصوصا الخط الاصيل للاسلام، إذ كان الاسلام في ذلك العـصر مـهددا بأن يتعرض الى التحريف والتغيير‌ كما‌ حرّفت‌ وشوّهت ديانات سماوية اُخرى.

ولا يمكن القول: إنـّ‌ الاسـلام لما كان دين حق مـنزل مـن قبل اللّه سـبحانه وتـعالي فـلابد أن يبقي، وقد وعد اللّه سبحانه‌ وتعالى‌ بـبقائه‌ فـي قوله تعالي: « إنّا نحنُ نَزّلنا الذكر وإنّا‌ له لحافظون» [الحجر : 9] فان ذلك وإن كان حقّا إلاّ أن هـذا الوعد الالهي انما يتحقق من خـلال السنن‌ والنظام‌ الذي‌ يـحكم حـركة التأريخ، ومن خلال الاسباب والوسـائل التـي تؤثر في‌ حركة‌ الجماعة الانسانية ؛ وقد كان لهذا الدم الشريف الطاهر الأثر الكبير فـي تـحقيق هذا الوعد والمحافظة‌ على الاسـلام‌ والخـط الأصـيل له بشكل خاص.

إنّ الديـانة اليـهودية ديانة سماوية أيضا وجـاء‌ بـها‌ رسول‌ مبعوث من قبل اللّه سبحانه وتعالي، وجاهد هذا الرسول من أجل الحق والتوحيد‌ وإقـامة‌ المـجتمع‌ الانساني الصالح، ووصلت هذه الديانة الى الحـكم أيـضا، ونتيجةً لتـغير الظـروف ومـجيء‌ الطغاة‌ والمحرّفين انحرفت هـذه الديانة، بحيث إنّ الانسان ـ مهما كان صادقا مع‌ ربه‌ ونفسه‌، وعالما محققا ـ لو اراد الآن أن يبحث عن الديـن والشـريعة التي جاء‌ بها‌ موسي عليه‌السلام لا يـمكنه ان يـتعرّف على هـذه الحـقيقة، لأنّ معالم هـذه‌ الديـانة‌ ضاعت‌ في مجاهل التأريخ بسبب تحريف الطغاة ووعاظ السلاطين.

وكذلك الديانة النصرانية مرت بمثل هذه التجربة‌ أيـضا‌، فـعيسي عـليه‌السلام رسول من قبل اللّه ومن اُولي العزم، وجاهد‌ جـهادا‌ عـظيما‌، وكـان مـعه أصـحابه الحـواريون الذين تحمّلوا المسؤولية من بعده، إلاّ أ نّها تعرّضت‌ فيما‌ بعد‌ الى التحريف نتيجة لحكم الطغاة والمحرّفين، بحيث لا يمكن لأي انسان‌ على وجه الارض مهما كان باحثا عالما صادقا أن يصل الى حقيقة الديـانة النصرانية التي جاء بها‌ عيسى‌ عليه‌السلام إلاّ عن طريق ما أشار اليه القرآن الكريم.

ولكن الديانة الاسلامية‌ تتميز‌ عن هاتين الديانتين بأن الحقيقة والذكر الالهي‌ فيها‌ بقي‌ محفوظا على مر العصور والأزمـان. صـحيح‌ أنه‌ توجد بين المسلمين جماعات لها اعتقادات منحرفة تظن أنّها‌ هي‌ الاسلام، ولكنّها بعيدة عنه‌ أو‌ فيها تغيير‌ لبعض‌ معالمه‌ ومع ذلك فإنّ الانسان لو كان‌ صادقا‌ مع نفسه وأراد أن يتعرّف حقيقة الاسلام ويـكون صـادقا بينه وبين ربّه‌ في‌ البحث، لأمكنه أن يصل الى الاسلام الحقيقي الذي جاء‌ به‌ محمد صلى الله عليه وآله.

كيف حصل هذا‌ ؟ وما هو الشيء الذي أوصل لنا الاسلام، مـع هـذا الفاصل الزمني الكبير‌ بيننا‌ وبـين مـصدره، وبالرغم من‌ تعرّض‌ الاسلام‌ أيضا الى المحاولات‌ الكثيرة‌ لتحريفه والاعتداء عليه [يمكن أن نشاهد هذه المحاولات في مراجعتنا للتأريخ الاسلامي سواء في العـصر الاول، الذي حاول فيه المنافقون القيام‌ بهذا‌ الدور، أو في عصر‌ الأمويين‌ والعباسيين والحركات الاُخري المضادة]

إنّ‌ الشيء‌ الذي كان له الاثر الكبير في المحافظة على الاسلام النقي هو دور أهل البيت‌ عليهم‌السلام‌ الى جـانب القـرآن الكريم، وخصوصا‌ هذا‌ الدم الشـريف‌ الذيـ‌ بذله‌ الحسين عليه‌السلام في سبيل‌ المحافظة على الاسلام، فبقي نورا هاديا للمسلمين، ومؤشرا على الانحرافات والموقف العملي منها‌، ومثيرا للاحاسيس والمشاعر ضدها، قال‌ صلى الله عليه وآله‌: إن‌ الحسين‌ «مصباح هدى‌ وسفينة‌ نـجاة» بـل إنّ المحافظة على فهم القرآن فهما صحيحا كان بسبب هذا الدور العظيم لأئمة‌ أهل‌ البيت‌ ولدم الحسين عليه‌السلام.

وقد أكدّ ائمة أهل‌ البيت‌ سلام‌ اللّه‌ عليهم‌ قضية‌ الحسين عليه‌السلام لأنهم كانوا يدركون دورهـا، وهـناك أدلة قاطعة تـؤكد وجود هذه الحقيقة، حتي في أوساط جماعات المسلمين الذين لا يلتزمون بإمامة الحسين والائمة من‌ أهل البيت عـليهم‌السلام، بل يرون في الحسين أ نّه من رجال الاسلام العظام، فانّ الحـقيقة عـندما تـنكشف للناس فلن تختص بمذهب دون آخر، خصوصـا اذا كان عنوانها‌ وشعـارها‌ شموليا، والهـزّة الوجدانية تتفـاعل مع الفطـرة والأحاسيس الانـسانية ‌ ‌اذا كـانت منطلقة من الحاجات الانسانية والوجدان الحي والفطرة النقية، مع غض النظر عن مـتبنياتها المـذهبية، وصـرخة الحق‌ مدوية‌ وقوية تصل الى أعماق النفس البـشرية والعقول المدركة والاسماع الواعـية، ولا يـمكن أن تحدها الاغلال والقيود المصطنعة.

فكيف اذا كانت هذه الحقيقة والهزّة‌ والصرخة‌ مرتبطة بالنبي وعلي والزهراء‌ عليهم‌ الصلاة والسلام.

إنّ الحديث عن ذلك يحتاج الى بحث تأريخي وتحليلي ومتابعة ميدانية لا يسعها هذا المقال، ولكن يمكن أن نشير الى بـعض الظواهر البارزة، مثل ظاهرة اتفاق‌ جميع‌ المسلمين ـ رغم اختلاف مذاهبهم وآراءهم ـ على أنّ الموقف الحسيني كان يمثل موقفا إسلاميا شرعيا، وأنّ يزيد كان مرتدا ومتمرّدا على الاسلام والشرع والموازين الدينية.

وهذه الظـاهرة ثـابتة‌ في‌ التأريخ الاسلامي‌ من خلال الاحترام والتقديس لهذا الموقف والدم الطاهر، بالرغم من استمرار الحكم الاموي بعد يزيد لعشرات‌ السنين وبشكل قوي وفعّال وبالرغم من وجود بعض الروايات الموضوعة على لسـان‌ النـبي‌ صلى الله عليه وآله، أو المتبنيات الفقهية لبعض الادعياء.

والظاهرة الاُخرى هي بروز شعار « الرضا من آل محمد‌ » ‌‌وسرايته‌ في المجتمع الاسلامي بعد نهضة الحسين بقوة لم تتمكن من السيطرة عليها أو‌ مواجهتها‌ جميع‌ محاولات القمع الامـوي، حـتي انتهي الامر بإسقاط المسلمين للحكم الاموي الى الابد.

والظاهرة الثالثة‌ هي بقاء الرأي الفقهي الذي يربط اصل مشروعية الحكم الاسلامي بالعلم والاجتهاد وانتخاب‌ الاُمة أو النص من‌ المعصومين‌، بالرغم من أنّ الحكم الاسلامي مـن النـاحية الواقـعية في القرون المتوالية له كان يـتم بـطريقة اُخـري وعلي أساس الوراثة تقريبا، الأمر الذي يعني أنّ هناك عاملاً مهما ومؤثّرا في‌ المجتمع الاسلامي كان قادرا على أن يحفظ هذه الرؤية الصـحيحة للحـكم الاسـلامي، وهذا العامل لا يمكن أن يكون مجرّد الفتاوي التي كـان يـصدرها الفقهاء، لأنّهم كانوا يخضعون في كثير‌ من‌ مواقفهم الى الضغوط والاغراءات.

والظاهرة الرابعة التي أشرنا اليها سابقا هي أنّ جميع العصور الاسـلامية لم تـخل مـن المحاولات البطولية التي كان يقوم بها الثوّار والمصلحون لمواجهة الظـلم والانحراف الصادر من‌ بعض‌ الحكام المسلمين، فإنّ هذه العمليات وان كانت تستمد حيويتها من الفطرة الانسانية، إلاّ أنّ الغطاء الشـرعي والوقـود الانـساني لها كان يتمثّل بالثورة الحسينية.

وكانت هذه المحاولات ـ بالرغم‌ من عمليات القـمع ـ تـسجل انتصارات كبيرة على المستوي السياسي احيانا، ولكن انتصارها الاكبر انما هو في الواقع الفكري والوجداني والثـقافي والاخـلاقي للاُمـة وفي استمرارها الواعي والمدرك للحقائق‌ الالهية‌.

لقد كان من الممكن أن تتغير‌ كل‌ مـعالم‌ الاسـلام بـسبب الظروف القاسية التي تعرّض لها المجتمع الاسلامي، ويصلنا شيء آخر بعيد تمام البعد عـن الاسـلام ويـتحول الى صيغة‌ مشوهة‌، كما نري ذلك في بعض المذاهب الشاذة في‌ الفقه‌ الاسلامي، لكن ببركة دم الحـسين عـليه‌السلام وببركة هذه الثورة التي كان لها تأثير على كل الساحة الاسلامية والتأريخ‌ الاسـلامي‌، بـقي الاسـلام محفوظا من هذا الخطر العظيم، وكان محور‌ هذه الحركة هو هذا الخط الاصيل للاسـلام، خـط أهل البيت سلام اللّه عليهم الذي وصلنا ببركة هذا‌ الدم‌ الشريف‌.

فلدم الحسين عليه‌السلام اثر عـظيم فـي حـفظ الاسلام، وهذا هدف آخر‌ تحقق‌ للحسين عليه‌السلام.

وكون الانسان من اتباع الحسين عليه‌السلام وشيعته فلابد له ان يـكون مـن ورثته، وورثة‌ الحسين‌ عليه‌السلام‌ لابُد ان يتحملوا المسؤولية التي تحملها عليه‌السلام فهو وارث الانـبياء والمـرسلين كـما‌ نقرأ‌ في‌ زيارته: « السلام عليك يا وراث آدم صفوة اللّه، السلام عليك يا‌ وراث‌ نوح‌ نبي اللّه، السلام عـليك يـا وراث ابـراهيم خليل اللّه‌، السلام عليك يا وراث‌ موسي‌ كليم اللّه‌، السلام عليك يـا وراث عـيسى روح اللّه، السلام عليك يا‌ وراث‌ محمد‌ حبيب اللّه، السلام عليك يا وراث أمير المؤمنين ولي اللّه... » [مفاتيح‌ الجنان: 428، 429].

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/17   ||   القرّاء : 4081





 
 

كلمات من نور :

من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) في أقوال علماء أهل السنة

 104 ـ في تفسير سورة الهمزة

 حوار مع الأستاذ يحيى الصحاف المحكّم الدولي والمتخصص في علم الصوت

 التدبر في القرآن الكريم

 منهج التفسير الإشاري وأقسامه *

 شفاء النفوس من خلال الهدى القرآني

 نظرية تفسير القرآن بالقرآن

 معنى آية التطهير في التدوين

 الأبعاد المعنوية للحج

 المَشروعُ الإبراهيمي في القُرآن الكريم (1)

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15478793

  • التاريخ : 16/04/2024 - 05:50

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثاني)

 تفسير النور - الجزء السادس

 التفسير البنائي للقرآن الكريم ـ الجزء الاول

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع)

 التفسير البنائي للقرآن الكريم – ج 5

 التبيان في تفسير القرآن ( الجزء التاسع )

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 تفسير العياشي ( الجزء الثاني)

 تفسير القمي ج 1

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 معنى القراءات السبع والعشر

 أخذ الجزية ليس إكراهاً على الإسلام

 انا والدتي كثيرة الاخطاء في القرآن الكريم فهل يجوز لها القراءة ؟

 معنى النور في بعض الآيات القرآنية

 عند التوقف في اية من سورة التوبة وبعد حين او يوم بدئت بتكملة السورة لغرض ختم القران هل يجب ذكر البسملة لتكملة السورة؟

 ما هو المنظور من وحدانية الله؟

 أهمية الزكاة في القرآن

 معنى قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾

 علاج المرض بالقرآن

 ما معنى دعاء حملة العرش للذين آمنوا وما أثره ؟؟؟

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24592)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12772)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9652)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9080)

 الدرس الأول (8128)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7850)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7325)

 الدرس الأوّل (7323)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7323)

 درس رقم 1 (7251)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6603)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4846)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4087)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3841)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3534)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3365)

 الدرس الأول (3209)

 تطبيق على سورة الواقعة (3063)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3035)

 الدرس الأوّل (2978)



. :  ملفات متنوعة  : .
 107- سورة الماعون

 سورة المرسلات

 الصفحة 410

 ان قلبي خاضعاً خاشعاً

 سورة الفرقان

 سورة العصر

 سورة نوح

 الجزء 5 - الحزب 9 - القسم الأول

 الصفحة 26

 سورة غافر

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8859)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8261)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7360)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7031)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6838)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6698)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6626)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6599)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6595)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6371)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3054)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2754)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2570)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2376)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2297)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2291)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2246)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2245)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2243)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2231)



. :  ملفات متنوعة  : .
 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 السيد عادل العلوي - في رحاب القرآن

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر

 تواشيح الاستاذ أبي حيدر الدهدشتي_ مدينة القاسم(ع)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net