00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : المشرف العام .

        • القسم الفرعي : مقالاته .

              • الموضوع : الملازمة بين الحزن على سيد الشهداء (عليه السلام) وتحريك الأمة .

الملازمة بين الحزن على سيد الشهداء (عليه السلام) وتحريك الأمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ عبدالجليل أحمد المكراني

إنّ التاريخ البشري بصورة عامّة مليء بالحوادث والوقائع، لكنّه لم يشهد محطّة مهمّة من محطّاته الكثيرة مثلما شهد في محطّة كربلاء وواقعة الطفّ، فهي محطّة مضيئة ومشرقة لكل الأجيال التي جاءت بعدها، فهي تضيء للشعوب والإنسانية طريق الحقّ، وهي سبيل للخروج من ممرّات الفساد الضيقة وكهوف ودوائر الضلال والانحراف إلى بساتين الصلاح والهداية. وتلك هي الثورة الخالدة التي قادها الإمام الحسين(عليه السلام).

وبمقدار فهم المسلمين والموالين لهذه الثورة ودراستهم التاريخية التحليلية الصحيحة لها كان مستوى ارتباطهم وتفاعلهم وتأثّرهم بها.

لقد شاءت إرادة الله خلود ذكرى شهادة الحسين(عليه السلام)، ودوام بقائها وبقاء أهدافها، وفي الوقت نفسه يبقى التأثّر بالحزن والبكاء ملازماً لهذه الأهداف، لهذا ورد عدد كبير من الأحاديث في هذا المعنى؛ في فضل البكاء على الحسين (عليه السلام) وأهميّته، وكلّ ذلك من أجل استمرار ارتباط الجموع المؤمنة بقضية الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد ورد ذكر فضل البكاء على الحسين(عليه السلام) عن النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) تعريفاً بمكانة وعظمة ذرف الدموع على ريحانة النبيّ عند ذكره.

فعن النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين بكت على مصاب الحسين فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة» [بحار الأنوار، ج 44، ص 293]. بل جاء على لسانه (صلى الله عليه وآله): «إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» [مستدرك الوسائل 10: 318].

وعن الإمام الباقر(عليه السلام) انه قال: «ان علي بن الحسين(عليهما السلام) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي (عليهما السلام) دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فينا لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار». [كامل الزيارات،‌ ص 201]

وعن الإمام الصادق(عليه السلام)، عن آبائه أنّ أبا عبدالله الحسين(عليه السلام) قال: «أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر». [كامل الزيارات،‌ ص 215]

وهذا البكاء هو مظهر من مظاهر الحزن والأسى على الإمام الحسين(عليه السلام) وكيفية شهادته وأهل بيته يوم الطفّ في فاجعة كربلاء الأليمة. إن الامام زين العابدين(عليه السلام) الذي شهد واقعة الطف ورآها بأم عينيه قد بكى‌ أكثر من ثلاثين عاماً على والده الحسين (عليه السلام) وآله وأصحابه،‌ وما وضع بين يديه طعام إلا بكى ولا شرب إلا وبكى‌ حتى قيل له في ذلك فكان يجيب ويبين عذره لسائله عن ذاك البكاء العجيب. [راجع: الخصال، ص 273]

إنّ هذا الحزن والجزع والبكاء وذرف الدموع شيء يحدث عند الإنسان الموالي لأهل البيت(عليهم السلام) حتى لو كان التطرّق لذكر مصابه(عليه السلام) في غير أيام شهر محرّم أو يوم عاشوراء، وهذا مصداق ما ورد في الروايات عنهم(عليهم السلام): «أنّ لقتل الحسين(عليه السلام) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» [مستدرك الوسائل 10: 318].

فأيّة عظمة حملها هذا العملاق والتأثير العظيم الذي أبكى جميع المخلوقات، وأحزن القلوب؟ هي عظمة اختصّ بها سيّد الشهداء(عليه السلام) من خالقه العظيم؛ إذ فضّله وأحبّه حتى أعزّ تلك الدموع النازلة على مصابه، فجعل ثوابها عظيماً.

ما الذي يدفعنا للبكاء على الحسين والتفاعل مع المأساة؟

إنّ البكاء والحزن على الإمام الحسين(عليه السلام) هما ظاهرتا حبّ وولاء له(عليه السلام)، فلقد أصيب(عليه السلام) بأعظم المصائب وأفدح الكوارث، كلّ ذلك من أجل الحقّ والعدالة والدفاع عن الدين والإنسانية، لذا يُعدّ إظهار الحزن عليه والتأثر بمصابه والبكاء لأجله أمر مرغوب فيه، ولاسيما إذا كان تأسّياً بالنبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) الذين بكوه قبل شهادته وبعدها.

إنّ هذا الحزن يرمز إلى التأييد لثورته المباركة على الظلم والظالمين، فهو تعبير عن استنكار الرافضين لقتله وإراقة دمه، وسخط منهم ضدّ أعداء الدين والعدل. وهو في الوقت نفسه إعراب عن الأسف على عدم الوجود والحضور آنذاك ـ يوم عاشوراء ـ والانضمام في صفوف الأنصار الذين قدّموا مهجهم وأرواحهم في سبيله.

فالحزن هو تعبير آخر عن وقفةٍ كربلائيةٍ متأخّرة عن ذلك الزمان، لكنّها تحمل نفس الموقف المناهض للحكومة الجائرة، الموقف الذي يُعيد رسم شخصية الإنسان من جديد، يجعلها تحمل الحركة الإسلامية الصحيحة التي تُنعش أبناء الأمّة بالمفاهيم الإنسانية المشبعة بالقيم والإيمان؛ والمحافظة على أهداف النهضة الحسينية.

فإنّ إظهار الحزن والبكاء يعكس آثاراً إيجابية عظيمة على نفسية الإنسان؛ لأنّ ذلك إظهار لحالة الولاء الكامنة داخل الإنسان تجاه الرمز العظيم الذي تأثّر عليه وبكى وحزن من أجله.

نعم، لا حدود لهذا الحزن؛ لأنّ حجم المصيبة كبير جدّاً لا يمكن أن يتصوّر، لذا لا يستطيع أحد أن يحدّ من كمّية هذا الحزن أو مقداره، بل الحزن يبعث في النفوس روح الحماس في تلبية تلك الصرخة التي أطلقها الإمام الحسين(عليه السلام) ضدّ الظلم؛ ليصحّح مسار الأمّة، وذلك من خلال تعلّم البشرية منه رفضه الذلّ والهوان والخضوع والانكسار.

فهو جرح دام استلهمت منه أمّة الإسلام الدروس والعبر؛ لأنّه إنّما سال دم هذا الجرح من أجل تعليم الحالة الإسلامية الصحيحة، والقيم التي جاء بها الإسلام والتي تحفظ كرامة الإنسان وتجعله حرّاً.

إنّ علّة البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) هي نتيجة ما حصل في كربلاء من فاجعة أليمة، ومصاب جلل، وأحداث مروعة، لم ولن يشهد التاريخ مثلها؛ إذ إنّ في التاريخ الكثير من القصص المروعة والفظيعة التي مارس فيها الإنسان شتى أنواع الظلم والاستخفاف بالقيم الإنسانية، لكنّ الجريمة الأبشع أن يصدر الظلم والإجرام من أناس يدّعون أنّهم مسلمون يؤمنون بالله سبحانه الذي يقول: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزال: 7ـ 8].

إنّ مَن قرأ تاريخ الأمم والشعوب وما دار فيه من معارك وحروب قاسية على مرّ الزمن لا يجد معركةً حدث فيها ما حدث في كربلاء، وما جرى فيها من جرائم إنسانية وتصفية جسدية تكشف عن صور الانسلاخ عن الإنسانية والحقد الذي طال حتى الطفل الرضيع.

ولم يقتصر الأمر على هذا الحدّ؛ بقتل الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه، بل أوغل المجرمون بالوحشية فقطعوا الرؤوس فاصلين لها عن الأبدان.

إنّ البكاء حالة عاطفية لدى الإنسان مجبول عليها، لذا تنهال دموع المرء عند سماعه وتهيج مشاعره بفاجعة الحسين(عليه السلام) حزناً على ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله). والبكاء هو في الحقيقة نوع من المواساة للنبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام).

إنّ العاطفة الصادرة من شعور الإنسان تجاه أهل بيت النبي هي عبادة وسنّة، بل حالة من اظهار حالة التعادل والمساواة الانسانية وظاهرة فطرية في مقابل قساوة القلب والغلظة وتحجر الضمير وهي اخطر الامراض النفسية المعبر عنها في الروايات بموت القلب. ولقد شاء الله عزّ وجلّ أن يُلقي مصاب وحرارة قتل الحسين في قلوب شيعته، وفي قلوب مَن عاش مأساة الحسين وتحسّس مدى عظم الجريمة التي اقترفت بحقّ أسرة أهل البيت(عليهم السلام).

هذا بالإضافة إلى أنّ الشيعة عندما يظهرون العزاء ويجددون ذكرى هذه الفجيعة الأليمة، فإنّهم أيضاً يتعلّمون منها دروساً جمّة، إذ كربلاء مدرسة تعلّم منها الأجيال والأحرار إباء الضيم والظلم، وحرية الرأي والفكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوقوف مع الحقّ والتضحية بكلّ شيء من أجله.

ثم إنّ البكاء هو عملية ارتباط بين الباكي والمبكى عليه، وهو نوع ارتباط سامٍ يجعل من الباكي أن يجدّد مصاب المبكى عليه، وهذا يُعدُّ نوعاً من التأييد لنهضته والإقرار بأهدافه بحيث يرتبط معه فكرياً ومعنوياً، بحمله الأهداف التي ضحى من أجلها ودافع عنها، وهي ـ بلا شكّ ـ أهداف إسلامية تصبّ في خدمة المسلمين.

وبتعبير آخر: إنّ هذا الارتباط هو ارتباط ثقافي اكتسبه الباكي من المبكى عليه، وحين النظر في الثقافة الحسينية نجد أنّها بما تعبّر عنه من نهج سياسي وأسلوب اجتماعي مثله أبطال كربلاء وعبّروا عنه كقيم أخلاقية، هي ثقافة تختلف عن باقي الثقافات في نشوئها وتجسيدها الواقعي وأطوارها التاريخية من الماضي إلى الحاضر.

إنّ الثقافة الحسينية لا تنطوي على بعد قومي أو تجسيد الهوية والأنا كما هي باقي الثقافات الأخرى، وإنّما هي ثقافة حرّة طليقة، خاطبت الإنسان من خلال ضميره، مخترقة وجدانه، لذا احتضنت الشعوبُ الحيّة والضمائرُ الصحيحة الحسينَ وثقافته العالمية وآمنت بهما.

إنّ شخصية الحسين(عليه السلام) عظيمة، شهدت بعظمتها جميع الطوائف المؤمنة بالحرّية، وليس الشيعة وحدهم هم الذين يعظّمون هذه الشخصية ويحترمونها فقط، فنحن نشاهد جمعاً من أتباع الديانة المسيحية كلّ عام يشاركون في إحياء ذكرى شهادة الحسين بكاءً وحزناً منهم على ما جرى في أرض كربلاء، حتى إنّ مشاهير شعرائهم أمثال (بولس سلامه) قال أروع القصائد في الحسين(عليه السلام). ولو أنصف المسلمون ما عدّوا طريقة الشيعة في إقامة العزاء في عاشوراء شيئاً مخالفاً للشرع أو العرف، ففي ذلك يقول الشيخ محمّد مهدي شمس الدين(رحمه الله): (إنّنا في المأتم الحسيني نسمع تصويراً تاريخياً لفاجعة لم يشهد لها التأريخ مثيلاً، حيث قتل فيها أشخاص مقدّسون، وارتفعوا إلى أعلى المراتب الإنسانية بذلاً وتضحية، فقتل فيها أطفال ونساء، كلّ هذا ليس من أجل أشخاصهم وإنّما من أجل عملية عطاء محض).

صلة العاطفة بإحياء ذكرى عاشوراء

لعلّ البعض يثير الجدل حول طريقة إحياء ذكرى شهادة الحسين(عليه السلام)، فقد اتّسمت مراسم إحياء عاشوراء بثورة عاطفية تضامنية مع الحسين وأسرته، وقد أثار الجدل في مشروعية هذه الشعائر وطريقتها وفي مدى تحقيقها لأهداف الذكرى، فكان هناك بعدان مهمّان في هذا الموضوع:

البعد الأول: وهو الذي يولي العاطفة درجة كبيرة من الأهمّية، بحيث يلاحظ انصهار الحدث وأهدافه في العنصر المأساوي في موقع الإثارة، الأمر الذي جعل من البعد العاطفي مسألة محورية في القضية، فلا مجال للفصل بين إثارة الذكرى لدى الناس وبين الأسلوب العاطفي.

البعد الثاني: أنّ العاطفة وإثارتها من شأنها أن يمنحا الذكرى استمراراً في الحياة من خلال تأثيرهما في الشعور، ممّا يؤصّل علاقة عاطفية بين الأمّة وأهل البيت(عليهم السلام)، وهذا من شأنه أن يحقّق خطوات إيجابية في البعد الإنساني.

ويرى أصحاب هذا البعد أنّ الاكتفاء بالمضمون الفكري لذكرى الحسين(عليه السلام) يجعل القضية جامدة كسائر القضايا التاريخية في إطار صراعات الحقّ والباطل التي مرّ عليها الزمن. بينما يمثّل الأسلوب العاطفي لوناً وأسلوباً من أساليب التربية الذي يحوّل القضية إلى قضية متّصلة بالذات، كما لو أنّها قضية من قضايا الحاضر، فإنّنا نرى أنّ الجانب الشعوري هو الذي يجعل الإنسان في حالة استنفار دائم لدعم القضايا وتحريكها في الواقع المعاصر، ومواجهة كلّ التحدّيات التي توضع ضدّها من قبل الآخرين.

ومن هنا فإنّ تجربة الواقع تؤكّد هذا الاتجاه، فإنّنا نرى مدى تأثير واقعة عاشوراء في الواقع الإسلامي، وعلى الخصوص في الواقع الإسلامي الشيعي، حيث تحتل ذكرى كربلاء الدرجة العليا التي لا تنافسها أية قضية أخرى في التأريخ الإسلامي، حتى وإن كان لها من مفردات حزينة وصلتها بشخصيات تاريخية دينية مقدّسة، لكنّ ذكرى عاشوراء تتضمّن في أسلوب الإثارة للذكرى، إضافة للأسلوب الفكري الأسلوب العاطفي، فاستحضار المأساة وألوان الجرائم المتعددة في فترة زمنية محدودة يؤجج العاطفة بشكل كبير.

إنّ من معطيات البعد العاطفي في إحياء ذكرى عاشوراء، هي أنّ هذه الطريقة جعلت الارتباط بالإمام الحسين(عليه السلام) ارتباطاً بشخصه، وإنّما تمنح استدامةً في إحياء مأتم سيد الشهداء وتشجع على أدب يحرّك الواقع بسبب ذكر آلام كربلاء.

وكذلك فقد أسّس هذا المنهج التربوي ترابطاً مع الحسين(عليه السلام) وكربلاء من خلال التوجّه لزيارة قبر الحسين(عليه السلام)، فقد أثمر الحثّ على زيارة مرقد الحسين في إحداث ظاهرة دائمة في أنّ الحسين وأهله وأصحابه قضية لا تنسى، وأنّ الأمة دائمة الالتفاف حولهم، حتى في الزيارة عن بعد؛ إذ المهمّ في المسألة هو التواصل مع خطّ الحسين(عليه السلام) سواء من قريب أم بعيد.

ومن انعكاسات المنهج العاطفي أنّ الأمّة أخذت تلعن قاتلي الحسين، ومَن آزرهم وشايعهم، بل ومَن سمع بذلك ورضي به، كما جاء في زيارة عاشوراء.

إنّ إثارة العاطفة والتعايش مع أهل البيت في البلاء جعلت الأمّة تلعن كلّ من تبلغه قضية عاشوراء في كلّ عصر ويرضى بها؛ لأنّ من يرضاه يصبح بعيداً عن الإسلام وبعيداً عن الإنسانية.

والأمر المهمّ الذي يجب التنويه والإشارة إليه  هو كيفية استذكار ذكرى عاشوراء، واستذكار أحداثها، فإنّه لابد وأن نتحرّى الدقّة في ذكر الروايات، فلا نتحدّث بشيء غريب عن واقع الحدث، أو بشيء لم يحدث، ولنجعل الدراسة التحقيقية العلمية التي تكشف عن الحقيقة هي مصدرنا في ذكر الحدث التاريخي الصحيح، لأنّ التحقيق العلمي الواسع في التاريخ والروايات من شأنه أن يمدّنا بالمعلومات الصحيحة والدقيقة والتي نص عليها الفقهاء ومراجعنا العظام.

وكذلك الأمر في طريقة ممارستنا لشعائرنا وطريقة تأديتها، فإنّه يجب أن تكون أية ممارسة تتطابق مع أهداف الحسين، والخطّ الحسيني؛ لأنّ أهداف الحسين(عليه السلام) وأهداف عاشوراء ناصعة تريد تحريك الأمّة نحو الإصلاح والسمو الفكري، وتخالف كلّ أنواع الخروج عن الفكر الأصيل، فالشهيد الذي سقط مع الإمام الحسين(عليه السلام) جاء إلى المعركة وهو على يقين بأنّ خطّ الإمام خطّ رسول الله.

إنّ أعداء الحسين(عليه السلام) أرادوا طمس معالم ثورته بكلّ الوسائل، وفي عصرنا الحاضر نرى الهجمات والتفجيرات تتوجّه لمسيرات عاشوراء؛ لأنّها تجدد إحياء الفكر الأصيل الذي يريد أعداء الإسلام طمسه وتشويهه، فهم لا يريدون التوسّع في إحياء الذكرى العاشورائية.

وثمة مسألة أخرى في غاية الأهمّية، وهي لابدّ من دراسة الأسلوب المثير للعاطفة من حيث تأثيره في ذهن الجماهير المتفاعلة، وندرس المفاهيم التي تطرح في مضمون الأشعار والكلمات التي تقرأ؛ لأنّها تتعلّق بإبقاء الذكرى الحسينية على مدى الزمن، الأمر الذي يحتّم علينا تحمّل مسؤولية ثقافية واعية.

وكذلك التأكيد على حيوية الدموع والبكاء الواعي والحزن الموجّه؛ لتكون ذكرى كربلاء ممزوجة بعنصر مأساة وعنصر الوعي، والاستلهام من الشهادة، ومحرّكة لعقولنا كما تحرّك قلوبنا، فنجد في مجالس عاشوراء كلّ جديد يغني العقول، ويؤسّس ما هو الجديد في الواقع على أساس خطّ الحسين(عليه السلام).

لابد من أن نشحن عاشوراء بدلالات جديدة على كافّة الأصعدة، على صعيد الشهادة فلا نخشى التهديد بالقتل فنتراجع عن قضايانا ونفتر في إحياء مبادئنا، علينا أن نضفي على زماننا لون عاشوراء ومفاهيم ثورة عاشوراء، فلابدّ أن نمارس حياتنا الفكرية، مستلهمين من فكر الإمام الحسين(عليه السلام)، ولابد أن نعيش في أنفسنا وفي واقعنا أجواء الشهداء من أصحاب الحسين(عليه السلام) الذي قال فيهم: «لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي».[الارشاد للشيخ المفيد،‌ ج 2، ص 91]

إنّ فوران عواطفنا لمأساة كربلاء يجب أن يخلق في داخلنا معايشة الآلام التي يمرّ بها أي إنسان هنا وهناك، وفي كلّ بلد في العالم الإسلامي وعلى المستوى الإنساني.

جعلنا الله ممّن يُحيي ذكرى عاشوراء ويذرف دموعه على مصاب سيد الشهداء(عليه السلام).

 والحمد لله رب العالمين.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/14   ||   القرّاء : 4211





 
 

كلمات من نور :

معلم القرآن ومتعلمه يستغفر له كل شيءٍ حتى الحوت في البحر .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (4)

 حقيقة هاروت وماروت في القرآن الكريم (*)

 المدح في القرآن *

 الكتاب والقرآن نقد لأدلة التفريق ( القسم الاول)

 في روضة القائم (عليه السّلام)

 خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (13)

 الإنسان الأوّل فی القرآن

 زيارة قرآنيي العتبة الحسينية لدار السيدة رقية (ع)

 أول ترجمة صحيحة للقرآن الكريم تظهر إلى النور بعد سبعة عشر عاما

 العبادة في شهر رمضان

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15966978

  • التاريخ :

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 تأثر الأحكام بعصر النص

 اشراقات قرآنية (تقرير دروس آية الله الجوادي الآملي

 القرآن حكمة الحياة

 دروس في أسس التفسير

 أساليب ومقدمات الحفظ

 تفسير آية الكرسي ج 1

 الكشوف في الاعجاز القرآني وعلم الحروف

 تفسير شبر

 تفسير النور - الجزء الثامن

 تساؤلات معاصرة (باللغة العربية)

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم

 لماذا (التركيز على الأخطاء التي كانت في الحفظ القديم)؟

 ما الذي يورث شدّة الحفظ وقوّة الذاكرة ؟

 هل رحمة للعالمين تشمل كما لرب العالمين أي تشمل السموات والأرضين؟

 لماذا كان التوحيد هو الأصل دون اثبات وجود الله؟ لماذا لم يكن الأصل الأول من أصول الدين هو إثبات وجود الخالق وليس توحيده؟

 ما معنى العرش ومن هم حملتُه؟

 لماذا لا يسمح سبحانه بعلم الغيب الا لمن ارتضى من امثال الرسول؟

 ما هي الاختلافات حول أول ما نزل من القرآن الكريم ووجه الجمع بينها؟

 على رأي أبي بن كعب ما هي الآيات التي حذفت من سورة الأحزاب؟

 في قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الصفحة 604

 الصفحة 603

 الصفحة 602

 الصفحة 601

 الصفحة 600

 الصفحة 599

 الصفحة 598

 الصفحة 597

 الصفحة 596

 الصفحة 595



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24843)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12927)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9823)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9305)

 الدرس الأول (8312)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (8062)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7569)

 الدرس الأوّل (7554)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7510)

 درس رقم 1 (7405)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6694)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4935)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4159)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3928)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3655)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3480)

 الدرس الأول (3290)

 تطبيق على سورة الواقعة (3171)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3154)

 الدرس الأوّل (3088)



. :  ملفات متنوعة  : .
 سورة الإحقاف ومحمد

 البقرة 124 - 126

 سورة يس

 الصفحة 198

 سورة الرعد

 الصفحة 112

 اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد

 سورة النبأ

 الصفحة 291

 سورة الجمعة

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (9095)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8476)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7526)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7216)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (7066)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6947)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6779)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6775)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6769)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6544)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3176)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2831)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2641)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2493)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2401)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2369)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2347)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2341)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2333)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2315)



. :  ملفات متنوعة  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السادس

 الفلم الوثائقي حول الدار أصدار قناة المعارف 3

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net