00989338131045
 
 
 
 

  • الصفحة الرئيسية لقسم النصوص

التعريف بالدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • من نحن (2)
  • الهيكلة العامة (1)
  • المنجزات (15)
  • المراسلات (0)
  • ما قيل عن الدار (1)

المشرف العام :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرته الذاتية (1)
  • كلماته التوجيهية (14)
  • مؤلفاته (4)
  • مقالاته (71)
  • إنجازاته (5)
  • لقاءاته وزياراته (14)

دروس الدار التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (6)
  • الحفظ (14)
  • الصوت والنغم (11)
  • القراءات السبع (5)
  • المفاهيم القرآنية (6)
  • بيانات قرآنية (10)

مؤلفات الدار ونتاجاتها :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • المناهج الدراسية (7)
  • لوائح التحكيم (1)
  • الكتب التخصصية (8)
  • الخطط والبرامج التعليمية (6)
  • التطبيقات البرمجية (11)
  • الأقراص التعليمية (14)
  • الترجمة (10)
  • مقالات المنتسبين والأعضاء (32)
  • مجلة حديث الدار (51)
  • كرّاس بناء الطفل (10)

مع الطالب :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مقالات الأشبال (36)
  • لقاءات مع حفاظ الدار (0)
  • المتميزون والفائزون (14)
  • المسابقات القرآنية (22)
  • النشرات الأسبوعية (48)
  • الرحلات الترفيهية (12)

إعلام الدار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الضيوف والزيارات (160)
  • الاحتفالات والأمسيات (75)
  • الورش والدورات والندوات (62)
  • أخبار الدار (33)

المقالات القرآنية التخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علوم القرآن الكريم (152)
  • العقائد في القرآن (62)
  • الأخلاق في القرآن (163)
  • الفقه وآيات الأحكام (11)
  • القرآن والمجتمع (69)
  • مناهج وأساليب القصص القرآني (25)
  • قصص الأنبياء (ع) (81)

دروس قرآنية تخصصية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التجويد (17)
  • الحفظ (5)
  • القراءات السبع (3)
  • الوقف والإبتداء (13)
  • المقامات (5)
  • علوم القرآن (1)
  • التفسير (16)

تفسير القرآن الكريم :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • علم التفسير (87)
  • تفسير السور والآيات (175)
  • تفسير الجزء الثلاثين (37)
  • أعلام المفسرين (16)

السيرة والمناسبات الخاصة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • النبي (ص) وأهل البيت (ع) (104)
  • نساء أهل البيت (ع) (35)
  • سلسلة مصوّرة لحياة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) (14)
  • عاشوراء والأربعين (45)
  • شهر رمضان وعيد الفطر (19)
  • الحج وعيد الأضحى (7)

اللقاءات والأخبار :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • لقاء وكالات الأنباء مع الشخصيات والمؤسسات (40)
  • لقاء مع حملة القرآن الكريم (41)
  • الأخبار القرآنية (98)

الثقافة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • الفكر (2)
  • الدعاء (16)
  • العرفان (5)
  • الأخلاق والإرشاد (18)
  • الاجتماع وعلم النفس (12)
  • شرح وصايا الإمام الباقر (ع) (19)

البرامج والتطبيقات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البرامج القرآنية (3)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة









 
 
  • القسم الرئيسي : الثقافة .

        • القسم الفرعي : شرح وصايا الإمام الباقر (ع) .

              • الموضوع : حلقات في شرح وصايا الإمام الباقر (عليه السلام) - 8 * .

حلقات في شرح وصايا الإمام الباقر (عليه السلام) - 8 *

 الأستاذ آية الله الشيخ مصباح اليزدي


 بسم الله الرحمـٰن الرحيم

فائدة العمل الخالص

هناك خصم يُدعى النفس

«وَتَوَقَّ مُجَازَفَةَ الْهَوَى بِدَلالَةِ الْعَقْلِ، وَقِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَى بِاسْتِرْشَاءِ الْعِلْمِ، وَاسْتَبْقِ خَالِصَ الأَعْمَالِ لِيَوْمِ الْجَزَاء»1

كنّا نستعرض معاً حديثاً عن الإمام الباقر (صلوات الله عليه) يخاطب فيه جابر بن يزيد الجعفيّ وقد وصلنا إلى الفقرة التي يقول فيها (عليه السلام) ما مضمونه: المؤمن في هذا العالم هو في صراع مع نفسه؛ فتارة يغلبها ويصرعها، وتارة هي التي تنتصر عليه فتطرحه أرضاً. لكنّه عندما يقال: إنّنا في صراع مع النفس يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: ما الذي يتعيّن علينا فعله في هذا الصراع كي نقلّل من احتمال سقوطنا أرضاً، أو أن لا نُصرع أرضاً على الإطلاق؟ ولعلّ هذا هو السبب الذي دفع الإمام (عليه السلام) إلى إلحاق كلامه بالقول: من أجل أن لا تباغتك نفسك فإنّ عليك الاستعانة بالعقل. فإنّ من أبرز الفنون التي يستخدمها المصارع في نزاله هو محاولته إغفال خصمه عن الحركة الفنّية التي يهمّ بالقيام بها فيصرعه أرضاً وهو في غفلة عنه، لأنّ الخصم لا يستطيع في هذه الحالة أن يتنبّأ بدقّة بما يروم القيام به من حركة. وكلّما كان المصارع أكثر حنكة ومهارة كانت حركاته القادمة أكثر خفاءً على خصمه. وإنّ نفسَ ابن آدم تستخدم عين هذا الاسلوب.

مصطلحات «النفس» و«العقل» و«الهوى»

تختلف معاني مصطلحات «النفس»، و«العقل»، و«الهوى» بحسب موضع استخدامها. ففي العرف لها معانٍ معروفة مستقاة من القرآن والسنّة. كما أنّ لها في العلوم العقليّة مدلولات اُخرى لا تتطابق بشكل دقيق مع مصطلحاتها القرآنيّة. بل إنّ كلمة «العقل» في العلوم العقليّة هي بمثابة مشترك لفظيّ؛ ذلك أنّ لها فيها بضعة مدلولات لا تربط بعضها ببعض علاقة واضحة؛ فالعقل تارة هو الموجود المجرّد التامّ، واخرى هو الـمُدرِك للكلّيات، وثالثة هو القوّة التي تدرك القضايا البديهيّة، ورابعة هو القوّة التي تستخرج من القضايا البديهيّة قضايا نظريّة، وأخيراً هو القوّة الحاكمة في الأحكام العمليّة والتي تميّز بين الخير والشرّ. وكذا الحال تقريباً بالنسبة لمصطلح «النفس»؛ فالنفس في الاصطلاح الفلسفيّ مرادفة للروح إلى حدٍّ مّا. على أيّة حال لابدّ أن نتجنّب الخلط بين هذه المصطلحات، وأن لا نساوي – على سبيل المثال – بين المصطلحات العقليّة وما هو مستخدَم في المحاورات العرفيّة.

ومن المعروف أنّ العقل في علم الأخلاق يقع في مقابل النفس. أمّا في الفلسفة فإنّه لا يقال على الإطلاق: إنّ العقل والنفس هما في حالة حرب ونزاع فيما بينهما. إذن فصراع الإنسان مع النفس هو مصطلح أخلاقيّ. لكنّ هذه التعابير تُستخدم أيضاً في المحاورات العرفيّة.

أمّا موضوع بحثنا فعندما يقال: إنّ الإنسان في صراع مع نفسه، فهل يعني ذلك أنّ هناك موجودين؛ أحدهما النفس والآخر الإنسان؟ وهل إنّ نفسي - يا ترى - شخص أجنبيّ عنّي كي تصارعني؟ من هو «أنا»؟ ولندع الخوض في توضيح هذه المصطلحات جانباً، لأنّ بحثنا يتناول المصطلحات العرفيّة والأخلاقيّة.

المراد من صراع الإنسان مع نفسه

على أيّة حال فنحن نقرّ بأنّ لدينا عدوّاً داخليّاً. لأنّ من جملة التعبيرات المشهورة في الأحاديث هو: «أعدَى عدوّك نفسُك التي بين جَنبَيك»2. إذ تظهر في وجودنا ميول ونزعات مختلفة يمكن تقسيمها بشكل عامّ إلى مجموعتين: 1. النزعات التي يكون الميل الأوّليّ فيها إلى الصعود والرُقيّ. 2. النزعات التي يكون الميل الأوّليّ فيها إلى النزول والتسافل. والمجموعة الثانية هي نزعات حيوانيّة نشترك فيها مع جميع الحيوانات. ويُطلق على مجموع هذه الميول، أو بتعبير آخر: على ذلك الجزء من كياننا الذي تُنسب إليه تلك الميول، مصطلح «النفس». كما أنّ لنا في المقابل ميولاً اخرى سامية؛ كحبّ الحقيقة، وحبّ الكمال، وأمثال ذلك، وإنّ الذين يتمتّعون بصفاء الباطن يدركون ميلهم إلى التقرّب إلى الله تعالى. ويطلق على أمثال هذه الامور، التي تدعو الإنسان إلى الرُقيّ والتسامي والتقرّب من الله عزّ وجلّ، اسم «العقل» في مقابل تلك العوامل الحيوانيّة. فهذان المصطلحان هما مصطلحان أخلاقيّان، وفي حقيقة الأمر إنّهما هما اللّذان يتصارعان ويتقاتلان مع بعضهما البعض. بالطبع إنّ ما جاء في هذه الرواية يختلف بعض الشيء عن هذا المصطلح الأخلاقيّ. فهنا تصوّر الرواية الـ «أنا» في حالة صراع مع نفسه. فهي لا تقول: العقل يصارع النفس، بل تقول: إنّك أنت في صراع مع النفس ولابدّ من أن تستخدم العقل. إذن فالمطروح هنا هو ثلاثة امور: 1. «الأنا» التي تتّخذ القرارات، 2. أهواء النفس، 3. العقل.

ولعلّ بإمكاننا القول من أجل تطبيق ذلك مع الاصطلاحات العقليّة: إنّ كلّ تلك الامور ترجع إلى قوى موجود واحد. فكلّ امرئ هو موجود واحد ليس أكثر وإنّ لهذا الموجود قوى ومراتب وجوديّة مختلفة وهو يكتسب أسماء متنوّعة بحسب القوى المختلفة. وقد ينشأ بين هذه الحاجات تعارض وتضادّ، وعندها سيقال: ثمّة قوّتان تتصارعان مع بعضهما. وفي مثل هذه الحالات يحصل الصراع بين النفس والعقل، وبين الإنسان والنفس. وعلينا الحذر في هذا الصراع لئلاّ نؤخَذ على حين غرّة. فنشاط النفس يكمن في حثّنا على إشباع غرائزها. فليس هناك قاعدة خاصّة لما تريده النفس وتطلبه في كلّ آن، بل يعتمد ذلك على ظروف معيّنة من قبيل أعمالنا وسلوكيّاتنا، وطبيعة البيئة المحيطة بنا، والحالة الفسلجيّة لنا. إذ لابدّ من تفاعل العديد من العوامل مع بعضها البعض من أجل أن ينشأ عند الإنسان ميل معيّن نحو أمر ما. بل إنّ الإنسان نفسه لا يسعه التنبّؤ بشكل دقيق بما ستطلبه نفسه بعد حين. ومن هذا المنطلق فإنّ فعل النفس - كما تعبّر الرواية – يُبنى على المجازفة؛ أي الجزاف، خلافاً للأحكام العقليّة التي تكون دائماً ضمن ضوابط معيّنة. فإنّ للعقل حكماً في كلّ موضوع، بل إنّه يقضي حتّى في التضادّ بين حكمين من أحكامه، وكلّ ذلك يكون قابلاً للتدوين.

استعن بالعقل والعلم!

علينا أن نعلم أنّ الشيء الوحيد الذي باستطاعته أن يجعلنا نصمد أمام النفس ونأمن مباغتتها هو الإفادة من قوّة العقل. ومن أجل الإفادة من العقل لابدّ لنا أن نعلم أنّ العقل قابل للتقوية. إذن يتحتّم علينا الإحاطة بأحكام العقل واستخدامه في مواجهة الميول النفسانيّة؛ تلك الميول التي استجاب لها طيلة فترة العمر، أو التي يستطيع حَدْسها انطلاقاً من تجاربه السابقة إذا لم يكن قد استجاب لها لحدّ الآن. وهذه توجيهات عامّة من شأنها أن تعيينا على عدم التفاجؤ في المواجهة مع النفس. على سبيل المثال هناك قاعدة عقليّة عامّة تقول: إذا كنت تسير على حافّة الوادي فإنّ احتمال سقوطك فيه يكون كبيراً. فإن أردتّ تجنّب السقوط فلابدّ أن تبتعد عن حافّة الوادي قليلاً! بمعنى: إذا كنت ترغب في عدم التورّط في ارتكاب المعصية فعليك الابتعاد بعض الشيء عن مواطنها، وذلك باجتناب بعض الامور غير المحرّمة أيضاً؛ فمثلاً: عليك تجنّب النظرة الاُولى كي لا تقع في النظرة المحرّمة.

لكنّ هذا الحكم العامّ للعقل لا يكون مجدياً في كلّ حال؛ فقد يطرأ أحياناً أمر لا يستطيع المرء عندها أن يتّخذ قراراً حاسماً فيما إذا كان لابدّ من الإقدام عليه أم لا. فمضافاً إلى الإفادة من قوّة العقل فإنّه يتعيّن علينا في مثل هذه الحالات تحصيل العلم بهذه الامور كي نعلم ما إذا كان الأمر واجباً أو محرّماً، ونقف على حدود وجوبه وحرمته. فالغيبة للآخرين على سبيل المثال تكون أمراً حراماً تارةً، ومباحاً حيناً، وواجباً طوراً. إذن علينا أن نحيط علماً بجميع تلك الحدود. ومن هذا المنطلق يقول (سلام الله عليه) في الجملة التالية: «قِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَى بِاسْتِرْشَاءِ الْعِلْمِ»؛ فإن غلبتك نفسك وفرضت عليك ميلاً إلى أمر معيّن، فعليك - من أجل أن لا تقع في الخطيئة - أن تعلم على وجه الدقّة هل كانت إجابة النفس فيما تطلب جائزة أم محرّمة؟ إذ ليست تلبية كلّ ميل من ميول النفس محرّمة. فلدينا الكثير من المباحات المنسجمة مع أهواء النفس ورغباتها. فالتمتّع بالأماكن الطبيعيّة الخلاّبة والمشي على ساحل البحر وما إلى ذلك هي من المباحات الموافقة لهوى النفس. إذن بالإضافة إلى امتلاك قوّة العقل وتقوية هذا الجانب لابدّ من الإفادة من العلم والتفقّه بموارد الحلال والحرام ومواطن السقوط والصعود. وهذا التوجيه يتمّم التوجيهات التي سبقته. فعندما قال (عليه السلام): «عليك الإفادة ممّا لديك من علم حاضر لدفع الشرور، ومن أجل الإفادة من العلم لابدّ من الإتيان بالعمل الخالص»؛ كان كلامه عن العلاقة بين العلم والعمل. لكنّه (عليه السلام) عندما يقول: «كي لا تخسر المعركة مع النفس فإنّ‌ عليك استخدام العلم» فإنّه يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: لقد قلنا سابقاً: إنّ الإفادة من العلم تكون بالعمل الخالص؛ ولكن ما فائدة العمل الخالص؟ وهنا يشير الإمام (سلام الله عليه) إلى مبدأ جوهريّ للغاية. فالحقيقة هي أنّنا لا نهتمّ كما ينبغي بالدين ومعارفه، ولا نعدّ الدين ضروريّاً أو نعير للعمل بأحكامه أهمّية تُذكَر، فضلاً عن اهتمامنا بالعمل الخالص الخالي من أيّ شائبة!

افعل شيئاً ما دمت قادراً على ذلك

يقول البعض: ليس من الضروريّ أن يكون المرء متديّناً، بل حسبه أن يكون إنساناً صالحاً! وهم يقصدون من الصلاح هنا الصلاح الأخلاقيّ؛ أي أن يكون حسَن الخلق، صادق القول، ...الخ. وهنا يأتي سؤال مفاده: ما هي العلاقة بين الدين والأخلاق؟ فإنّ من المسائل البالغة الأهمّية والمطروحة على مستويات عالية في الأوساط الفلسفيّة العالميّة هي مسألة ماهيّة العلاقة بين الأخلاق والدين. فالبعض يقول: إنّ للأخلاق علاقةً مباشرة بالدين؛ فلا يمكن أن يكون المرء متخلّقاً من دون اعتقاد راسخ بالدين. والبعض الآخر يقول في المقابل: إنّ الأخلاق العلمانيّة أمر ممكن؛ إذ من الممكن أن يكون المرء حسن الخلق بعيداً عن أيّ التزام دينيّ.

إنّ تصوّرنا عن الدين والصلاح هو تصوّر خاطئ في العادة. فعندما يقال لنا: «كونوا اُناساً صالحين» فقلّما يتبادر إلى أذهاننا أنّ ذلك يعني العمل على ترسيخ معتقداتنا الدينيّة والاهتمام بأعمالنا العباديّة، ونظنّ أنّ المراد من هذه الجملة هو السعي باتّجاه تحسين أخلاقيّاتنا العامّة. فإن كنّا نرغب حقّاً في إصدار حكم صائب بخصوص هذه المسائل فلابدّ أن يكون تفكيرنا فيها أكثر عمقاً وشموليّة. علينا أن نطيل التأمّل في أقسام الدين المختلفة وكيفيّة ارتباطها مع بعضها البعض؛ كالعلاقة بين المعتقدات والأخلاق، وبين الأخلاق والفقه، ...الخ.

ومن الممكن أن يتبادر إلى الذهن في مقابل التوصية بالعمل الصالح السؤال التالي: لماذا يعتبر هوى النفس سيّئاً أساساً؟ فما هو الإشكال في أن يرغب الإنسان في تناول طعام لذيذ ومحلّل شرعاً في نفس الوقت؟ ومَن قال إنّ هوى النفس (وهو ما تطلبه النفس وتميل إليه) هو أمر سيّئ؟ ومَن الذي أوصانا حقيقةً بأن نأتي بكلّ عمل خالصاً لوجه الله؟ فما الذي سيحصل إن لم نخلص في العمل؟ وما العيب في أن يساعد المرء فقيراً مثلاً ثمّ يحبّ أن يذكره الناس بهذا العمل؟

إنّ هذه الامور تبدو بسيطة وسطحيّة للوهلة الاُولى لكنّها – في واقع الأمر – تعكس مدى كون ثقافتنا معرّضة للخطر نتيجة الاختلاط مع الثقافات الإلحاديّة المعادية. فنحن نلاحظ من ناحية أن الانصياع لهوى النفس ونزواتها وفقاً للمنطق القرآنيّ هو في عداد الشرك، وأنّ الثقافة الإسلاميّة تَعدّ الهوى من الاُمور الخطيرة جدّاً التي يتحتّم اجتنابها، لكنّنا نشاهد – من الناحية الاخرى – أنّ هناك ثقافة تدبّ شيئاً فشيئاً في أجيالنا المعاصرة تحسّن صورة اتّباع الهوى وتزيل قبح هذا العمل وتحرّض المرء على الردّ على مَن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر بعبارة: «إنّني اُحبّ ذلك». هذه الكلمة جاءتنا من الثقافة الغربيّة وهي تُلقَّن للأطفال من خلال الأفلام والبرامج المختلفة. بل حتّى أنّ عبارة: «في أمان الله» مثلاً أخذت تُحذَف بالتدريج من ثقافتنا.
هذه النزعات الإلحاديّة هي من منجزات عصر الحداثة وما تلا هذا العصر الذي ينادي بضرورة مطالبة الإنسان بحقّه والكفّ عن العمل على أداء الواجب، ويقول: «لقد سعى الإنسان في طريق أداء التكليف بما فيه الكفاية والآن عليه المطالبة بحقوقه». هذه الثقافة أمست تتغلغل بهدوء حتّى في أوساط المسلمين والمتديّنين فلم نعد نشاهد اليوم من يبني أمره على العمل بما عليه من واجب إلاّ القليل.

فإذا أردنا إيجاد حلّ لهذه المسائل فعلينا سبر غور عللها وجذورها وطرح أسئلة من قبيل: أيّ شيء هو أنا؟ ما هي حياتي الحقيقيّة؟ ما هي اللذّة؟ وهل هي مقتصرة على الطعام والنوم وما إلى ذلك؟ هل هناك حياة اخرى غير الحياة الدنيا؟ هل ثمّة لذائذ اخرى غير تلك؟ فالذين لا تتخطّى حدود وجودهم الحدود الحيوانيّة لا يرون اللذّة إلاّ في إشباع البطن والشهوات. لكنّه يوجد في نفس هذه الحياة الدنيا من ذاق لذائذ من نمط آخر وهو يصرّح بالشكل القاطع: «لو جُمعت جميع لذائذ العالم فإنّها لا تقاس بهذه اللذّة». كما أنّهم يقولون من ناحية اخرى: إنّ الحياة الدنيا برمّتها لا تساوي قياساً بالحياة الأصليّة أكثر من رمشة عين، وإنّ الحياة الأصليّة تبدأ بعد الموت. فاليوم هو يوم العمل، إذ لن يكون هناك مجال للعمل غداً. فإن نحن عملنا على ترسيخ هذه المعتقدات في أنفسنا فإنّ الكثير من الإشكالات والمسائل ستُحلّ بصورة سهلة.

«وَاسْتَبْقِ خَالِصَ الأَعْمَالِ لِيَوْمِ الْجَزَاء». ذكرنا أنّ شكر العلم يكون بالعمل به. لكن لابدّ من إنجاز هذا العمل بحيث يكون مفيداً يوم القيامة. ولعلّ في كلمة «استبق» إشارةً إلى أنّ بعض أعمال الخير تُنجَز بشكل صحيح في حينها لكنّها تبطل فيما بعد. ومن هنا يقول عزّ من قائل في كتابه العزيز: «لا تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَىٰ»3؛ فقد يُنجز العمل الصالح في وقت معيّن لكنّه يبطل بعمل آخر بعد حين. فهناك من العوامل ما يُبطل أعمال عمر بأكمله في لحظة واحدة، كالارتداد مثلاً.

إذن فعندما نهمّ بالقيام بفعل خير فإنّه لابدّ أوّلاً أن نعلم هل كان هذا العمل عملاً صالحاً، وأن نقوم به بالكيفيّة التي ترضي الله عزّ وجلّ. ثانياً: أن تكون نيّاتنا سليمة خالصة من الشوائب. ثالثاً: أن نحذر لئلا نأتي بفعل يُبطل ذلك العمل.

وفّقنا الله وإيّاكم إن شاء الله


1. تحف العقول، ص285.

2. عدّة الداعي، ص314؛ وبحار الأنوار، ج67، ص64.

3. سورة البقرة، الآية 264.

 

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/30   ||   القرّاء : 4227





 
 

كلمات من نور :

أفضل العبادة قراءة القرآن .

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 تجلّي آيات من القرآن الكريم في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

 الامام الحسن (عليه السلام) بين جهل الخواص وخذلان العوام

 ظاهرة الحروف المقطعة في فواتح سور القرآن - درس التفسير 1

 التدبر المضموني والبنيوي في الحروف المقطعة - الدرس 2

 ذكر فضائل علي اقتداءٌ برسول الله

 وفد من الكويت في زيارة للدار

 رئيس القساوسة في جورجيا يزور دار السيدة رقية (ع)

 دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم تحقق المركز الأول لجائزة 114 القرآنية العالمية

 الختمة القرآنية المجوّدة للدكتور القارئ رافع العامري

 المصحف المرتل بصوت القارئ الحاج مصطفى آل إبراهيم الطائي

ملفات متنوعة :



 أبعاد الحج (1)

 إقامة مؤتمر في باريس حول القرآن الكريم

 الزهراء؛ الأسوة الحسنة

 من هم ( ومن عنده علم الكتاب ) ؟

 البناء الروحي في كربلاء

 المؤسسات القرآنية ينبغي أن لا تصر على الأسلوب المكثف للتحفيظ

 في رحاب مولد الإمام الرضا (ع) مراجعة لغربة الذات الإسلامية

 حياة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع)

 الوحدة الإسلامية في الكتاب والسنّة[*]

 التآلف والتسامح في القرآن الكريم

إحصاءات النصوص :

  • الأقسام الرئيسية : 13

  • الأقسام الفرعية : 71

  • عدد المواضيع : 2213

  • التصفحات : 15418147

  • التاريخ : 29/03/2024 - 09:38

المكتبة :

. :  الجديد  : .
 الميزان في تفسير القرآن (الجزء العشرون)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثامن عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء السادس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الخامس عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الرابع عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثالث عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الثاني عشر)

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء الحادي عشر)



. :  كتب متنوعة  : .
 المختصر الميسّر في التجويد المصوّر

 دروس منهجية في علوم القرآن ( الجزء الأول)

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الخامس عشر

 كيف نفهم القرآن؟

 الميزان في تفسير القرآن (الجزء التاسع)

 تفسير القرآن الكريم في أسلوبه المعاصر

 التجويد

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثالث عشر

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء السادس)

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (الجزء الثامن عشر

الأسئلة والأجوبة :

. :  الجديد  : .
 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم



. :  أسئلة وأجوبة متنوعة  : .
 اهتمام القرآن بقضايا جزئية لا ينافي شموليّته

 ما معنى «الفطرت» في الآية الشريفة (فطرت اللّه التى فطر الناس عليها)؟

 معنى آية الخمس وموارد وجوبه

 هل يجوز الكلام اثناء سماع القران الكريم ؟

 لماذا تحديد (المخارج غير الصحيحة) وعدم إدراجها تحت (اللّهجات العاميّة)؟

 ما المراد من قوله: {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}؟ ومَن هُم هؤلاء الذين تعنيهم الآية أو تشملهم؟

 حول جملة من آيات القَسَم

 لمَ يستعمل الله تعالى ضمير الجمع في القرآن الكريم ؟

 كيفية تحصيل ملكة التقوى

 متى فرض الصيام ؟

الصوتيات :

. :  الجديد  : .
 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 60 - القسم الأول

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الثاني

 الجزء 30 - الحزب 59 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 58 - القسم الأول

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الثاني

 الجزء 29 - الحزب 57 - القسم الأول

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الثاني

 الجزء 28 - الحزب 56 - القسم الأول



. :  الأكثر إستماع  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (24561)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (12749)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (9630)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (9058)

 الدرس الأول (8106)

 الشیخ الزناتی-حجاز ونهاوند (7829)

 سورة الحجرات وق والانشراح والتوحيد (7301)

 الدرس الأوّل (7293)

 آل عمران من 189 إلى 195 + الكوثر (7293)

 درس رقم 1 (7228)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 مقام البيات ( تلاوة ) ـ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (6592)

 مقام صبا ( تواشيح ) ـ ربي خلق طه من نور ـ طه الفشندي (4836)

 مقام النهاوند ( تلاوة ) محمد عمران ـ الاحزاب (4080)

 مقام صبا ( تلاوة ) ـ حسان (3832)

 سورة البقرة والطارق والانشراح (3528)

 مقام البيات ( تواشيح ) ـ فرقة القدر (3357)

 الدرس الأول (3198)

 تطبيق على سورة الواقعة (3057)

 الرحمن + الواقعة + الدهر الطور عراقي (3023)

 الدرس الأوّل (2968)



. :  ملفات متنوعة  : .
 كل القلوب إلى الرسول تميل ـ عامر الكاظمي

 الصفحة 328

 سورة النجم

 31- سورة لقمان

 سورة الفجر

 الصفحة 602 (ق 1)

 سورة البقرة

 3- سورة آل عمران

 سورة التوبة

 الجزء الثامن والعشرون

الفيديو :

. :  الجديد  : .
 الأستاذ السيد نزار الهاشمي - سورة فاطر

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 محمد علي فروغي - سورة القمر و الرحمن و الكوثر

 محمد علي فروغي - سورة الفرقان

 محمد علي فروغي - سورة الأنعام

 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة الإنسان

 أستاذ منتظر الأسدي - سورة البروج

 أستاذ حيدر الكعبي - سورة النازعات

 اعلان لدار السیدة رقیة (ع) للقرآن الکریم



. :  الأكثر مشاهدة  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (8839)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (8246)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (7338)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (7010)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (6816)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (6680)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (6606)

 سورة الانعام 159الى الأخيرـ الاستاذ ميثم التمار (6581)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (6578)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (6354)



. :  الأكثر تحميلا  : .
 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الاول (3045)

 القارئ أحمد الدباغ - سورة الدخان 51 _ 59 + سورة النصر (2746)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني (2561)

 سورة الطارق - السيد محمد رضا المحمدي (2369)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع (2288)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الرابع (2284)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث (2240)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الحادي عشر (2239)

 سورة الدهر ـ الاستاذ عامر الكاظمي (2230)

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الخامس (2226)



. :  ملفات متنوعة  : .
 أحمد الطائي _ سورة الفاتحة

 تواشيح السيد مهدي الحسيني ـ مدينة القاسم(ع)

 الفلم الوثائقي حول الدار أصدار قناة المعارف 1

 سورة الرعد 15-22 - الاستاذ رافع العامري

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس السابع

 الأستاذ السيد محمدرضا المحمدي - سورة آل عمران

 خير النبيين الهداة محمد ـ فرقة الغدير

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس التاسع

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثالث

 دورة التجويد المبسط لسنة 1429 ـ الدرس الثاني

















 

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net