الجواب : لا شك أن ليلة القدر لا تختص بزمن النبي (ص) وبالحجاز خاصة ، وأن ثمة ليلة قدر – بكل ما فيها من عظمة – في كلّ زمان ومكان وفقاً للحجج والبراهين الساطعة ؛ فلا بحث ولا نقاش في ذلك .
إن الاشكال المذكور إنما نشأ من تصور أن المراد من وجود ليلة واحدة للقدر في السنة هو تحديد ليلة مشتركة واحدة لكافة بقاع الكرة الأرضية ، بحيث تبدأ هذه الليلة وتنتهي في ساعة محددة من أقصى الأرض الى أقصاها !
في حين أن هذا التصور غير صحيح ؛ لأننا نعلم أن الأرض كروية ، ونتيجة ذلك يكون نصفها مضاءً ونصفها الآخر مظلماً دائماً ؛ وبالتالي يستحيل وجود ليل في كلّ الأرض خلال ساعات مشتركة ومحددة .
إن المراد من كون ليلة القدر واحدة في السنة هو وجود ليلة قدر واحدة فقط لسكان كلّ نقطة من نقاط العالم وفقاً لسنتهم القمرية .
ولمزيد من الايضاح نقول : يبتدأ سكان كل نقطة عامهم القمري من أول شهر محرم حسب الأفق الخاص بهم ، وبعد انقضاء بضعة أشهر يبدأ شهر رمضان لتلك النقطة وفق ذلك الأفق ، وفيه تتحدد ليلة القدر بالليلة التاسعة عشر أو الحادية والعشرين أو الثالثة والعشرين لسكان تلك النقطة وحسب تقويمهم .
وهذا الأمر – لزوم تحديد أهالي كل نقطة لأيامهم وأوقاتهم المقدسة حسب أفقهم الخاص بهم – لا يقتصر على ليلة القدر ، بل يسري الى كافة المناسبات الاسلامية ؛ فعلى سبيل المثال اعتبرت الشريعة عيد الفطر وعيد الأضحى أياماً مقدسة ، ووردت فيهما أوامر خاصة ، ولا وجود لأكثر من عيد للفطر وآخر للأضحى طيلة السنة ؛ فيتحدد هذا اليوم الواحد في كلّ دولة من الدول الاسلامية المختلفة بالرجوع الى الأفق الخاص بتلك الدولة بعد العلم بتفاوت الآفاق . ولهذا السبب يبدأ عيد الأضحى في السعودية مثلاً قبل يوم من بدئه في ايران وبعض الدول الأخرى غالباً .
ولا بدّ من الالتفات الى أن هذا الحساب لليلة القدر لا يتنافى مع مثل نزول الملائكة فيها ؛ إذ إنها تنزل في كل ليلة من ليالي القدر الخاصة بنقطة معينة ، ما يكشف عن توسيع الحرمة الالهية الخاصة في هذه الليلة .
http://www.makaremshirazi.org/arabic/wquestions/?qid=141&gid=&sw |