الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم
إن ظاهر الآيات أن النبي محمّداً رسول لمطلق العقلاء سواء كانوا من الجن أو من الإنس، كقوله عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وقوله عز وجل: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}.
وثانياً: بأن المناط في الرسالة هو المناط في التكليف؛ وحيث إن مناط كون المخلوق مكلفاً بالعبادات والمعاملات كونه عاقلاً قادراً على تطبيق الحكم الشرعي فهذا هو المناط في إرسال الرسل إليه، وحيث إن الجن يملكون هذين المناطين وهما العقل والقدرة على التنفيذ، فمقتضى ذلك أن تكون الرسالة السماوية الإسلامية شاملة لهم؛ لأنهم بمقتضى عقولهم يمتلكون استيعابها، وبمقتضى قدرتهم يمتلكون القوة على تنفيذها، فأي مانع عقلي من إرسال رسول بشري إليهم لأن المدار في إرسال مخلوق إلى فئة معينة قدرة الفئة على فهم الرسالة وعلى تطبيقها، وهذا المناط موجود في الجن كما هو موجود في الإنس، وأما عدم الاتصال الحسي بين الرسول وبين الجن فإن هذا لا يشكل عائقاً؛ إذ الهدف من الرسالة هو التطبيق لها بعد فهمها، وما دام هذا الهدف مما يمكن أن يتحقق من قبل الجن، فبناء على ذلك تشملهم الرسالة وتعمهم، ولا يوجد عائق أو مانع من ذلك.
مضافاً إلى أنه قد دل القرآن نفسه على أن الجن يستمعون القرآن ويتفاعلون معه، فإذا كانت لهم القدرة على سماع القرآن وفهمه والتفاعل معه فلا حاجة إلى أن يكون الرسول من جنسهم وأن يكون بينه وبينهم اتصال حسي كما هو بين النبي وبين المجتمع البشري.
وثالثاً: إن مجرد كون الرواية ضعيفة السند لا يسقط اعتبارها؛ لأن الملحوظ هو مجموع الروايات لا كل رواية على حدة، فإذا لاحظنا مجموع الروايات الواردة الدالة على تأثير النبي والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم) على غير البشر من الجن والملائكة وغيرهم، فإن عدد هذه الروايات بلغ من الكثرة حدّ التواتر المفيد للاطمئنان بصدور بعض هذه الروايات، والتواتر المولد للاطمئنان حجة عقلائية بلا كلام ولا إشكال في ذلك.
سماحة العلامة السيّد منير الخباز
المصدر: موقع (www.almoneer.org) على الانترنت، بتصرّف يسير.
|