أنبياء ورسل إلى البشر والجن؟

السؤال :

تعدّدت الآراء والمسألة ما زالت تحت التساؤلات؛ هل الأنبياء والرسل، هم رسل للإنس والجن معًا أو  لا؟ من العلماء السابقين كالعلامة الحلي رحمه الله في كتابه ”شرح تجريد الاعتقاد“ قال: إن الرسل والنبي هم رسل للجن أيضًا واستدل بسورة الجن على بعثتهم لهم.

هناك علماء وعلماء معاصرين كالشيخ حسين أحمد الخشن وفقه الله في كتابه ”تحت المجهر“ قال فيه: إن استدلال العلامة الحلي غير كامل واستدل أيضًا بضعف الروايات ولم يعتمد على الروايات الآحاد الواردة على لسان الأئمة وحتى أثار بعض التأويلات في بعض الأدعية والزيارات ”كالسلام عليك يا إمام الإنس والجن“، وأثار من الناحية العقلية بكيفية إرسال بشر إلى الجن وهم يختلفون بالماهية حيث الرسول ليس مجرّد ساعي بريد بل هو قدوة لغيره في جميع الظروف، وكذلك استدلاله بآيات تعبّر بإرسال رسل من الجن والبشر من أنفسهم كسورة الأنعام 130.

 أرجو تعليقكم على هذا الموضوع ولكم جزيل الشكر.



الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم

إن ظاهر الآيات أن النبي محمّداً رسول لمطلق العقلاء سواء كانوا من الجن أو من الإنس، كقوله عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وقوله عز وجل: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ}.

وثانياً: بأن المناط في الرسالة هو المناط في التكليف؛ وحيث إن مناط كون المخلوق مكلفاً بالعبادات والمعاملات كونه عاقلاً قادراً على تطبيق الحكم الشرعي فهذا هو المناط في إرسال الرسل إليه، وحيث إن الجن يملكون هذين المناطين وهما العقل والقدرة على التنفيذ، فمقتضى ذلك أن تكون الرسالة السماوية الإسلامية شاملة لهم؛ لأنهم بمقتضى عقولهم يمتلكون استيعابها، وبمقتضى قدرتهم يمتلكون القوة على تنفيذها، فأي مانع عقلي من إرسال رسول بشري إليهم لأن المدار في إرسال مخلوق إلى فئة معينة قدرة الفئة على فهم الرسالة وعلى تطبيقها، وهذا المناط موجود في الجن كما هو موجود في الإنس، وأما عدم الاتصال الحسي بين الرسول وبين الجن فإن هذا لا يشكل عائقاً؛ إذ الهدف من الرسالة هو التطبيق لها بعد فهمها، وما دام هذا الهدف مما يمكن أن يتحقق من قبل الجن، فبناء على ذلك تشملهم الرسالة وتعمهم، ولا يوجد عائق أو مانع من ذلك.

مضافاً إلى أنه قد دل القرآن نفسه على أن الجن يستمعون القرآن ويتفاعلون معه، فإذا كانت لهم القدرة على سماع القرآن وفهمه والتفاعل معه فلا حاجة إلى أن يكون الرسول من جنسهم وأن يكون بينه وبينهم اتصال حسي كما هو بين النبي  وبين المجتمع البشري.

وثالثاً: إن مجرد كون الرواية ضعيفة السند لا يسقط اعتبارها؛ لأن الملحوظ هو مجموع الروايات لا كل رواية على حدة، فإذا لاحظنا مجموع الروايات الواردة الدالة على تأثير النبي  والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم) على غير البشر من الجن والملائكة وغيرهم، فإن عدد هذه الروايات بلغ من الكثرة حدّ التواتر المفيد للاطمئنان بصدور بعض هذه الروايات، والتواتر المولد للاطمئنان حجة عقلائية بلا كلام ولا إشكال في ذلك.

 

سماحة العلامة السيّد منير الخباز

المصدر: موقع (www.almoneer.org) على الانترنت، بتصرّف يسير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=988