الجواب : المراد بالنفس بشكل عام ما يتكوّن منها العقل والتمييز والإحساس والغرائز وما إلى ذلك من تكوينات غير عضوية؛ ولذلك فإننا نرى الآيات القرآنية وهي تتحدث عن النفس، إنما تعيّن خصائصها وصفاتها، كما نرى ذلك في قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة يوسف، 53] ، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق، 16]، {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} [المائدة، 116]، {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [سورة القيامة، 14].
والله سبحانه وتعالى خلق النفس وفيها الاستعدادات التامة الذاتية في الإنسان للهدى والإيمان أو للضلال والكفر قال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [سورة الشمس، 8] ورغّب إلى تزيين النفس وتزكيتها وبغّض غير ذلك من تلويثها بالذنوب والمعاصي والآثام قال تعالى عن النفس: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [سورة الشمس، 9-10] وأعطى الله تعالى النفس القدرة على التمييز بين طريق الخير والشر والوعي التام في ذلك. [انظر: معرفة النفس الإنسانية في القرآن والسنة، سميح عاطف الزين: ج1ص128-130]
وعن زرارة قال: سألت أبا عبد الله ما حد المرض الذي يفطر صاحبه؟ قال: بل الانسان على نفسه بصيرة، هو أعلم بما يطيق. وفي رواية أخرى هو أعلم بنفسه ذاك إليه. [مجمع البيان، ج10، ص195]، وعليه، فالإنسان على نفسه بصيرة بمعنى أنه أعلم بما يطيق هو, وهو أعلم أيضاً بما ارتكبت نفسه سابقاً، قال تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} أي ولو اعتذر وجادل عن نفسه، لم ينفعه ذلك [مجمع البيان، ج10، ص195].
لذا فهو يحاسب نفسه بنفسه بمعنى أنه مطلع عليها وبما أضمر فيها وما اخفى فيها، وهو أبلغ في الحجة أن يكون الإنسان محاسباً لنفسه لأنه مطلع عليها وأعلم بها من غيره.
|