00989338131045
 
 
 
 
 
 

 ما هو المقصود من قوله (كن فيكون) في القرآن؟  

( القسم : الشيخ مكارم الشيرازي )

السؤال :

ما هو المقصود من قوله (كن فيكون) في القرآن؟



الجواب :

يقول الله تعالى في الآية 82 من سورة «يس»: (إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)، فكلّ شيء مرتبط بأمره وإشارته فقط،  وبديهي أنّ الأمر الإلهي هنا ليس أمراً لفظياً، كما أنّ جملة «كن» ليست جملة يبيّنها الله سبحانه وتعالى بصورة لفظ، لأنّه تعالى لا يحتاج إلى تلك الألفاظ، بل المقصود هو مجرّد إرادته لإيجاد وإبداع شيء، وإنّما استخدم التعبير بـ «كن» لأنّه ليس هناك تعبير أقصر وأصغر وأسرع يمكن تصوّره في التعبير عن تلك الحقيقة.

نعم فإرادته لإيجاد شيء ووجود هذا الشيء هي عملية واحدة.

وبتعبير آخر: فإنّ الله سبحانه وتعالى ما إن يرد شيئاً إلاّ تحقّق فوراً، وليس بين إرادته ووجود ذلك الشيء أيّة فاصلة، وعليه فإنّ «أمره» و«قوله» وجملة «كن» كلّها توضيح لمسألة الخلق والإيجاد. وكما ذكرنا فإنّ الأمر ليس لفظيّاً أو قولياً، بل كلّها توضيح للتحقّق السريع بوجود كلّ ما أراده سبحانه وتعالى.

وببيان أوضح، إنّ أفعال الله سبحانه وتعالى تمرّ بمرحلتين لا ثالث لهما، مرحلة الإرادة ومرحلة الإيجاد، وهي التي عبّرت عنه الآية بشكل أمر في جملة «كن».

بعض المفسّرين القدماء توهّموا أنّ المعنى يشير إلى وجود قول ولفظ في عملية الإيجاد والخلق، واعتبروا ذلك من أسرار الخلق غير المعروفة، والظاهر أنّهم وقعوا في عقدة اللفظ، وبقوا بعيدين عن المعنى، وقاسوا أعمال الله على مقاييسهم البشرية.

وما أجمل ما قاله أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام في واحدة من خطبه التي أوردت في نهج البلاغة: «يقول لما أراد كونه كن فيكون(1)  لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولو كان قديماً لكان ثانياً»(2).

ناهيك عن أنّنا لو افترضنا وجود لفظ أو قول في عملية الخلق فسنواجه إشكالين أساسيين:

الأوّل: أنّ (اللفظ) بحدّ ذاته مخلوق من مخلوقات الله ولأجل إيجاده يحتاج سبحانه إلى «كن» اُخرى، ونفس الكلام ينطبق على «كن» الثانية بحيث نصبح في عملية تسلسل غير منتهية.

الثاني: أنّ كلّ خطاب يحتاج إلى مخاطب، وفي الوقت الذي لم يوجد فيه شيء حينذاك فكيف يخاطبه الله سبحانه وتعالى بالقول «كن»، فهل أنّ المعدوم يمكن مخاطبته؟!

وقد ورد في آيات اُخرى من القرآن الكريم نفس هذا المعنى بتعبيرات اُخرى، كما في الآية 117 من سورة البقرة: (وإذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون)، وكذا في الآية 40 من سورة النحل: (إنّما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)(3).(4)

 ـــــــــــــــــــــــــــــ

1. ورد في بعض النسخ «لمن أراد» ويبدو أنّ الأنسب هو النص الذي أوردناه «لما أراد».

2. نهج البلاغة، الخطبة 186.

3. هناك بحث آخر في تفسير جملة «كن فيكون» في تفسير الآية 117 من سورة البقرة.

4.الأمثل، ج 11، ص 202.

 



طباعة   ||   أخبر صديقك عن السؤال   ||   القرّاء : 15695  


 
 

  التلاوة :
  • الحفظ (23)
  • التجويد (18)
  • القراءات السبع (2)
  • الصوت والنغم (7)
  علوم القرآن وتفسيره :
  • علوم القرآن (57)
  • التفسير (205)
  • المفاهيم القرآنية (10)
  • القصص القرآني (6)
  • الأحكام (26)
  • الاجتماع وعلم النفس (31)
  العقائد :
  • التوحيد (27)
  • العدل (10)
  • النبوّة (25)
  • الإمامة (6)
  • المعاد (17)
  استفتاءات المراجع :
  • السيد الخوئي (29)
  • السيد السيستاني (52)
  • السيد الخامنئي (7)
  • الشيخ مكارم الشيرازي (83)
  • السيد صادق الروحاني (37)
  • السيد محمد سعيد الحكيم (49)
  • السيد كاظم الحائري (7)
  • الشيخ الوحيد الخراساني (2)
  • الشيخ إسحاق الفياض (3)
  • الشيخ الميرزا جواد التبريزي (10)
  • السيد صادق الشيرازي (78)
  • الشيخ لطف الله الصافي (29)
  • الشيخ جعفر السبحاني (11)
  • السيد عبدالكريم الاردبيلي (1)
  • الشيخ جوادي آملي (23)
  • السيد محمود الشاهرودي (5)
  • السيد الامام الخميني (4)
  جديد الأسئلة والإستفتاءات :



 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم

  البحث في الأسئلة والإستفتاءات :



  أسئلة وإستفتاءات قرآنية منوعة :



 الملعونون بالقرآن الكريم؟

 سؤال عن قراءات القرآن السبعة أو العشرة .

 ما هو المقصود من ان الله (شديد المحال)؟

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 ما المقصود من التوحيد العبادي؟

 هل يجوز - حسب مذهب أهل البيت عليهم السلام- للمثقف و صاحب الشهادات العليا من جامعات الغرب أن يفسّر أو يجتهد في آيات القرآن الكريم و الأحاديث؟ ب: ما هو الدليل العقلي و الشرعي على جواب السؤال الأول؟

 تفسير الآية الكريمة: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [سورة البقرة: 86]

 هل الخلود مربوط بدوام السماوات والأرض؟

 الأحكام الفقهيّة لاسم الله تعالى

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

  إحصاءات الأسئلة والإستفتاءات :
  • عدد الأقسام الرئيسية : 4

  • عدد الأقسام الفرعية : 32

  • عدد الأسئلة والإستفتاءات : 900

  • تصفحات الأسئلة والإستفتاءات : 7743056

  • التاريخ : 19/03/2024 - 09:41

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • رئيسية الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • أرشيف الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net