الجواب : بما أن الأنبياء المبعوثين لهداية عموم البشر يتعاطون أول وهلة مع قومهم على وجه التحديد ، فيجب أن يكون كتابهم السماوي بلغة قومهم ؛ ثم يتعين نشر ما جاءوا به الى كافة الشعوب والأمم بشتى السبل المتاحة .
واليوم يسعى علماء كل دولة الى كتابة مؤلفاتهم بلغة شعب تلك الدولة ، مع أن مضمون تلك المؤلفات لا يقتصر على شعب دون شعب أو دولة دون دولة .
وعلى هذا الأساس ، بما أن نبي الاسلام (ص) قد انبعث من بين ظهراني أمة عربية ، وكان ارتباطه المبدأي مع الشعب العربي ، نزل كتابه الشريف بأوسع اللغات العالمية الحية انتشاراً (أي العربية) ، في حين أن قوانينه وأحكامه ذات صلة بالعالم أجمع .
ولو كانت هناك لغة عالمية ينطق بها أغلب الناس ويعرفونها زمن البعثة النبوية ، لكان من المناسب آنذاك أن ينزل كتاب النبي (ص) بتلك اللغة الدولية . بينما لم يكن ذلك موجوداً على أرض الواقع ولم يتحقق هذا الموضوع الى الآن . بناء على ذلك ، فان كون القرآن عربياً لا يتنافى مع عالمية الاسلام مطلقاً .
وبعبارة أوضح: معنى الآية المذكورة : إن كتاب كل نبي أرسلناه بلسان قوم ذلك النبي ، لا أن نبوته مقصورة على تلك الأمة وهؤلاء القوم ، كما أن كون لغة النبي أو كتابه نزل بلغة قومه لا يعني أبداً اختصاصاص نبوته بقومه ، بل لا بدّ من تحصيل كون دينه عاماً أو خاصاً من طرق أخرى .
ومن الواضح أيضاً أن الاسلام فوق العرق واللغة ، ويعتبر العالم بأسره وطنه ، وكون القرآن عربياً – وهو مردّه الى عدم وجود لغة عالمية آنذاك – لا يعدّ دليلاً على عنصرية الاسلام بوجه .
أما بشأن كون الاسلام عالمياً فلدينا أدلة كثيرة تثبت ذلك ، لكن المجال لا يتسع لذكرها الآن .
|