00989338131045
 
 
 
 
 
 

 معنى قوله تعالى (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ...) 

( القسم : التفسير )

السؤال : استمعت إلى خطيب المنبر وهو يتلو الآية (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر... ))
وقال إن معنى الذنوب هي ما اعتقدته قريش بأنه أذنب في حقها ( اي ذنوب إجتماعية) فهل ما ذهب إليه صحيح؟
  أفيدونا ولكم الشكر مقدماً ودمتم ذخراًً .


الجواب : قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان 18: 251):
   ((المراد بالذنب ـ والله اعلم ـ التبعة السيئة التي لدعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكفار والمشركين وهو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: (( ولهم عليَّ ذنب فأخاف ان يقتلون ))( الشعراء: 14)، وما تقدم من ذنبه هو ما كان منه (صلى الله عليه وآله) بمكة قبل الهجرة، وما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، ومغفرته تعالى لذنبه هي ستره عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم وهدم بنيتهم، ويؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: ((ويتم نعمته عليك ـ إلى أن قال ـ وينصرك الله نصراً عزيزا)ً).
   ثم قال الطباطبائي: للمفسرين في الآية مذاهب مختلفة أخر:
   فمن ذلك: أن المراد بذنبه (ص) ما صدر عنه من المعصية ، والمراد بما تقدم منه وما تأخر ما صدر عنه قبل النبوة وبعدها، وقيل: ما صدر قبل الفتح وما صدر بعده.
   وفيه أنه مبني على جواز صدور المعصية عن الانبياء (عليهم السلام) وهو خلاف ما يقطع به الكتاب والسنة والعقل من عصمتهم (عليهم السلام) على أن إشكال عدم الارتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
  ومن ذلك: أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما وقع من معصيته وما لم يقع بمعنى الوعد بمغفرة ما سيقع منه إذا وقع لئلا يرد الإشكال بأن مغفرة ما لم يتحقق من المعصية لا معنى له. 
  وفيه مضافاً إلى ورود ما ورد على سابقة عليه أن مغفرة ما سيقع من المعصية قبل وقوعه تلازم ارتفاع التكاليف عنه(ص) عامة، ويدفعه نص كلامه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى: (( إنَّا أَنزَلنَا إلَيكَ الكتَابَ بالحَقّ فاعبد اللَّهَ مخلصاً لَه الدّينَ )) (الزمر:2)، وقوله: (( وَأمرت لأَن أَكونَ أَوَّلَ المسلمينَ )) (الزمر:12)، إلى غير ذلك من الآيات التي تأبى بسياقها التخصيص.
  على أن من الذنوب والمعاصي مثل الشرك بالله وافتراء الكذب على الله والاستهزاء بآيات الله والإفساد في الأرض وهتك المحارم، وإطلاق مغفرة الذنوب يشملها ولا معنى لأن يبعث الله عبداً من عبادة فيأمره أن يقيم دينه على ساق ويصلح به الأرض فإذا فتح له ونصره وأظهره على ما يريد يجيز له مخالفة ما أمره وهدم ما بناه وإفساد ما أصلحه بمغفرة كل مخالفة ومعصية منه والعفو عن كل ما تقوله وافتراه على الله، وفعله تبليغ كقوله، وقد قال تعالى: (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاويل * لَأَخَذنَا منه باليَمين * ثمَّ لَقَطَعنَا منه الوَتينَ )) (الحاقة:44-46).
  ومن ذلك: قول بعضهم إن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه مغفرة ما تقدم من ذنب أبويه آدم وحواء (عليهما السلام ) ببركته (ص) والمراد بمغفرة ما تأخر منه مغفرة ذنوب أمته بدعائه.
  وفيه ورود ما ورد على ما تقدم عليه.
  ومن ذلك: أن الكلام في معنى التقدير وإن كان في سياق التحقيق والمعنى: ليغفر لك الله قديم ذنبك وحديثه لو كان لك ذنب.
  وفيه أنه أخذ بخلاف الظاهر من غير دليل.
  ومن ذلك: أن القول خارج مخرج التعظيم وحسن الخطاب والمعنى: غفر الله لك كما في قوله تعال: (( عََفا اللَّه عَنكَ لمَ أَذنتَ لَهم )) (التوبة:43).
  وفيه أن العادة جرت في هذا النوع من الخطاب أن يورد بلفظ الدعاء كما قيل.
  ومن ذلك: ان المراد بالذنب في حقه (ص) ترك الأولى وهو مخالفة الأوامر الإرشادية دون التمرد عن امتثال التكاليف المولوية، والأنبياء على ما هم عليه من درجات القرب يؤاخذون على ترك ما هو أولى كما يؤاخذ غيرهم على المعاصي المعروفة كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
  ومن ذلك: ما ارتضاه جمع من أصحابنا من أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما تقدم من ذنوب أمته وما تأخر منها بشفاعة (ص)، ولا ضير في إضافة ذنوب أمته (ص) اليه للإتصال والسبب بينه وبين أمته.
  وهذا الوجه والوجه السابق عليه سليمان عن عامة الإشكالات لكن إشكال عدم الأرتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
  ومن ذلك: ما عن علم الهدى رحمه الله أن الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معاً فيكون هنا مضافاً إلى المفعول، والمراد ما تقدم من ذنبهم اليك في منعهم إياك من مكة وصدّهم لك عن المسجد الحرام، ويكون معنى المغفرة على هذا الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين أي يزيل الله تعالى ذلك عنك ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح لك من مكة فتدخلها فيما بعد.
  وهذا الوجه قريب المأخذ مما قدمناه من الوجه، ولا بأس به لو لم يكن فيه بعض المخالفة لظاهرة الآية)). (انتهى)
 


طباعة   ||   أخبر صديقك عن السؤال   ||   القرّاء : 7182  


 
 

  التلاوة :
  • الحفظ (23)
  • التجويد (18)
  • القراءات السبع (2)
  • الصوت والنغم (7)
  علوم القرآن وتفسيره :
  • علوم القرآن (57)
  • التفسير (205)
  • المفاهيم القرآنية (10)
  • القصص القرآني (6)
  • الأحكام (26)
  • الاجتماع وعلم النفس (31)
  العقائد :
  • التوحيد (27)
  • العدل (10)
  • النبوّة (25)
  • الإمامة (6)
  • المعاد (17)
  استفتاءات المراجع :
  • السيد الخوئي (29)
  • السيد السيستاني (52)
  • السيد الخامنئي (7)
  • الشيخ مكارم الشيرازي (83)
  • السيد صادق الروحاني (37)
  • السيد محمد سعيد الحكيم (49)
  • السيد كاظم الحائري (7)
  • الشيخ الوحيد الخراساني (2)
  • الشيخ إسحاق الفياض (3)
  • الشيخ الميرزا جواد التبريزي (10)
  • السيد صادق الشيرازي (78)
  • الشيخ لطف الله الصافي (29)
  • الشيخ جعفر السبحاني (11)
  • السيد عبدالكريم الاردبيلي (1)
  • الشيخ جوادي آملي (23)
  • السيد محمود الشاهرودي (5)
  • السيد الامام الخميني (4)
  جديد الأسئلة والإستفتاءات :



 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم

  البحث في الأسئلة والإستفتاءات :



  أسئلة وإستفتاءات قرآنية منوعة :



 ما هو مفهوم الاستخارة ؟.. وما هي شروطها ؟

 ما معنى الآية {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}؟

 أرجوا أن توضحوا معني (الأمانة) في سورة الأحزاب - آية 72

 هل يمكن أن نقول بأنّ بعض المقامات لها عنوان

 ماهو الفرق بين الضاد والظاء في النطق بهما ؟ وما حكم من يبدل بينهما في القراءة في الصلاة ؟

 هل إن الوصايا والملاحظات التي تتعلق بالحفظ تقتصر في قاعة الدرس ومع التلاميذ؟

 ما حكم القائل بتحريف القرآن بزيادة آيات فيه أو نقصانها بمعنى أنّ القرآن الذي بين أيدينا ليس القرآن المنزل؟

 في سورة الفاتحة اعاني من لفظ حرف الضاد في كلمة غير المغضوب وكلمة ولا الضالين لاني تعلمت من مدة طويلة على لفظها ولا الضالين ماذا لو انهيت صلاتي وتذكرت اني نطقتها ولا الظالين ماحكم صلاتي؟

 ماهي الثلاث سور اللتي تريك القيامة راي العين؟

 معنى إن الله على كلّ شيء قدير

  إحصاءات الأسئلة والإستفتاءات :
  • عدد الأقسام الرئيسية : 4

  • عدد الأقسام الفرعية : 32

  • عدد الأسئلة والإستفتاءات : 900

  • تصفحات الأسئلة والإستفتاءات : 7741837

  • التاريخ : 19/03/2024 - 02:02

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • رئيسية الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • أرشيف الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net