• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : الثقافة .
              • القسم الفرعي : الدعاء .
                    • الموضوع : خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (14) .

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (14)

اعداد: القسم الثقافي / عباس الجعفري

في الحلقة السابقة ذكرنا وبشكل تفصيلي مجموعةً من المكارم التي تحصل للإنسان عندما يدعو لفرج مولانا الامام الحجة (عليه السلام).

في هذه الحلقة نشرع ببيان باقي المكارم مستعينين بالملك الجبار:

المكرمة الخامسة عشرة

أنه أداء أجر نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجملة ويدل على ذلك قول الله عز وجل في سورة حمعسق ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23] وإثبات هذا المرام، يتوقف على ذكر مقدمات مرتبطة بالمقام.

الأولى: أن طلب النبي (صلى الله عليه وآله) شيئاً أمرٌ، ولو كان بلفظ السؤال.

الثانية: أن طلبه يقتضي الوجوب بإطلاقه، إلا أن يدل دليل على خلافه.

الثالثة: أن للنبي (صلى الله عليه وآله) حق النبوة على الأمة، فيجب عليهم أداء حقه بقدر استطاعتهم.

الرابعة: أن الله تعالى جعل أجر نبوته الراجع إلى العباد المودة في القربى بحكم الآيات والروايات عن أهل بيت العصمة.

الخامسة: في بيان معنى القربى، وأنه ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) لا غيرهم ورد أقوال العامة.

السادسة: في بيان معنى المودة وأقسامها.

أما المقدمة الأولى

فاعلم أن الأمر على ما هو الحق عند أهل التحقيق هو طلب العالي من الداني إيجاد فعل، سواء كان بلفظ أمرت، أم صيغة إفعل، أم غيرها كأن يكون بلفظة السؤال لبعض المصالح، والحكم بمقتضى الحال، أم كان بغير لفظ كالإشارة، والكتابة ونحوهما، والدليل على ما ذكرناه هو التبادر. ألا ترى أنه لو صدر طلب عن شخص جليل بأي لفظ، قيل: أمر فلان بكذا، ولو قال شخص داني: إني آمر بكذا، نسبه العقلاء إلى السفاهة والخرافة وذلك لاختصاص الأمر وضعاً بالعالي كاختصاص الدعاء والسؤال وضعاً بالداني، واختصاص الالتماس بالمتساوي. وتتبع موارد الاستعمال يشهد لذلك في جميع الأحوال.

وأما قوله تعالى حكاية عن فرعون إذ قال لقومه: ﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ [الاعراف: 110] حيث نسب إليهم الأمر مع كونه عالياً بالنسبة إليهم، ففيه وجهان على سبيل منع الخلو: أحدهما: أن يكون المفعول محذوفاً؛ أي: فماذا تأمرون العساكر؟ وعلى ذلك فاستعمال الأمر في معناه الحقيقي، لعلو الأمراء بالنسبة إلى العساكر. وثانيهما تنزيلهم – أي: المخاطبين - بهذا الخطاب منزلة العالين مجازاً لبعض المناسبات والله العالم.

فظهر بهذه المقدمة أن الطلب الصادر من النبي (صلى الله عليه وآله) أمرٌ بأي لفظ صدر ولو بلفظ السؤال كما في تلك الآية الشريفة، بأن يكون التعبير عن الأمر بلفظ السؤال، إما تواضعاً وهضماً لنفسه الشريفة، التي هي مصدر الكمالات الظاهرية والباطنية، كما قال (صلى الله عليه وآله) في الحديث النبوي المعروف: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وإما تنزيلاً للمخاطبين منزلة العالين رفقاً بهم وتلطفاً، ليتفيؤوا إلى أمره صلوات الله عليه، هذا إذا قلنا باستفادة وجوب المودة عن قوله (صلى الله عليه وآله) ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فإن معناه أن مطلوبي الراجع إليّ منكم منحصر في ذلك.

ويمكن استفادة الوجوب من خصوص خطاب الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله) بقوله: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ ...﴾ الظاهر في وجوب مطالبته هذا الحق منهم عليه (صلى الله عليه وآله) ولو لم يكن أداء هذا الحق واجباً عليهم، لما أوجب مطالبته منهم عليه كما لا يخفى.

المقدمة الثانية

قد حققنا في علم أصول الفقه، أن الأمر ظاهر بإطلاقه في الطلب الحتمي بمعنى أن نفس الأمر حقيقة في الطلب، وبعبارة أخرى ليس مفاد الأمر إلا الطلب، والطلب المطلق الخالي عن القرائن الحالية، أو المقالية الداخلية أو الخارجية منصرف في العرف إلى الطلب الحتمي، ظاهر فيه.

وآية ذلك أنا نرى في الأوامر الصادرة من الموالي إلى العبيد ومن يحذو حذوهم، أن المخاطبين بها لا يتأملون في حتمية تلك الأوامر عليهم بل ينبعثون وينهضون بجبلتهم إلى إيجاد ما أمروا به من دون تأمل في أن ذلك الطلب هل هو حتمي أم لا؟

ونرى أيضاً بالعيان أنهم لو لم يفعلوا ذلك أو تأملوا فيه وقعوا في معرض الذم واللوم والعتاب وليس ذلك إلا لما ذكرناه من ظهور الطلب المطلق عند أهل العرف في الطلب الحتمي وانصرافه إلى ذلك من دون حاجة إلى نصب قرينة وجعل علامة بل إرادة خلاف ذلك، يحتاج إلى قرينة حالية أو مقالية، أو دلالة دليل خارج على ذلك ولهذا الوجه يحمل الأوامر الواردة في الشرع على الإيجاب إذا لم يكن قرينة على الاستحباب من دون تأمل وارتياب.

نعم إذا ورد أمر بشيء، كان علينا الفحص والتفتيش عن القرائن في سائر الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار إذ كثيراً ما يكون فيها قرائن وشواهد لبعضها الآخر فإن بعضها يكشف عن بعض، وليس ذلك للتأمل في ظهور الطلب المطلق في الإيجاب بل هو لتكثر القرائن والشواهد لخبر وارد في باب في سائر الأبواب، كما أن الأصوليين حكموا بوجوب الفحص عن المخصص، قبل العمل بالعام لكثرة ورود المخصصات في كل مقام، لا للتأمل في ظهور العام كما لا يخفى على أولي الأفهام، فإن وجدنا شاهداً لكون هذا الأمر أمراً ندبياً كان هو الباعث على صرف اللفظ عما هو ظاهر فيه، وإن لم نجد ذلك، لم يكن لنا محيص عن الالتزام بالإيجاب، والله الهادي إلى نهج الصواب.

وبهذه المقدمة ظهر أن الطلب الصادر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا الباب بأمر الخالق الوهاب، طلب حتمي بغير ارتياب، كما لا يخفى على أولي الألباب، ويشهد له الأحاديث المروية عن الأئمة الأطياب، حيث إنهم استشهدوا بتلك الآية في إثبات الإيجاب، ففي تفسير البرهان وغاية المرام [غاية المرام: 309 المقصد الثاني باب 6 ح 11] عن الحسن بن علي المجتبى (عليه السلام)، في خطبة له قال: وإنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم، حيث يقول: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23]

المقدمة الثالثة

إن للنبي (صلى الله عليه وآله) حق النبوة على الأمة، فيجب عليهم أداء حقه بقدر استطاعتهم، فمن لم يؤدِّ فقد ظلم وهذا المطلب غني عن البيان، لأنه من الوضوح بأرفع مكان ضرورة اتفاق ذوي العقول على وجوب أداء حق ذي الحق بفطرة عقولهم، ولا ريب أيضاً في أن أعظم الناس حقاً هو الرسول (صلى الله عليه وآله)، الباعث على فكاك رقابهم من النار كما لا يخفى على أهل الاعتبار، فيجب أن يكون اهتمامهم في أداء حقه آكد من غيره.

ونكتفي في هذا المقام بذكر خبر شريف مروي في غاية المرام [ص: 206 المقصد الثاني باب 5 ح 9] من طريق العامة، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): أخرج فناد ألا من ظلم أجيراً أجرته فعليه لعنة الله، ألا من تولى غير مواليه فعليه لعنة الله، ألا من سب أبويه فعليه لعنة الله فنادى بذلك.

فدخل عمر وجماعة على النبي (صلى الله عليه وآله) وقالوا: هل من تفسير لما نادى؟ قال: نعم إن الله يقول: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23] فمن ظلمنا فعليه لعنة الله، ويقول: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: 6] ومن كنت مولاه فعلي مولاه، فمن والى غيره وغير ذريته فعليه لعنة الله، وأشهدكم أنا وعلي أبوا المؤمنين فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله.

فلما خرجوا قال عمر: يا أصحاب محمد ما أكد النبي لعلي بغدير خم ولا غيره، أشد من تأكيده في يومنا هذا.

المقدمة الرابعة

إن الله تعالى جعل أجر نبوته الراجع إلى العباد المودة في القربى، بمقتضى الآية والروايات:

منها: ما روي عن الامام الرضا (عليه السلام) في حديث طويل، ذكر فيه آيات الاصطفاء، وأنها اثنتا عشرة، إلى أن قال السادسة قول الله جل جلاله: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23] وهذه خصوصية للنبي يوم القيامة، وخصوصية للآل دون غيرهم، وذلك أن الله حكى في ذكر نوح في كتابه، يا قوم: ﴿لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ [هود: 29]

وحكى عز وجل عن هود، أنه قال: ﴿لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [هود: 51] وقال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله) قل يا محمد ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبداً، ولا يرجعون إلى ضلال أبداً.

وأخرى أن يكون الرجل وادّاً للرجل، فيكون بعض أهل بيته عدوّاً له، فلا يسلم قلب الرجل له، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله على المؤمنين شيء، ففرض عليهم مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها وأحب رسول الله وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه.

فأنزل الله هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه وآله) ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إن الله قد فرض لي عليكم فرضاً فهل أنتم مؤدّوه؟ فلم يجبه أحد، فقال: أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة، ولا مأكول ولا مشروب، فقالوا: هات إذاً، فتلا عليهم هذه الآية، فقالوا: أما هذا فنعم، فما وفى بها أكثرهم، وما بعث الله عز وجل نبيّاً إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجراً، لأن الله عز وجل يوفي أجر الأنبياء، ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل مودة قرابته على أمته، وأمره أن يجعل أمره فيهم ليوادّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم، فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل.

فلما أوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة، فتمسّك بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء، وعاند أهل الشقاق والنفاق، وألحدوا في ذلك، فصرفوه عن حده الذي حده الله فقالوا القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته، فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي أولاهم بالمودة كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.

وما أنصفوا نبي الله في حياطته ورأفته، وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه، أن لا يودوه في قرابته وذريته وأهل بيته، وأن لا يجعلوهم منهم كمنزلة العين من الرأس، حفظاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وحبّاً لبنيه، وكيف والقرآن ينطق به، ويدعو إليه، والأخبار ثابتة بأنهم أهل المودة، والذين فرض الله مودتهم، ووعد الجزاء عليها، أنه ما وفى أحد بهذه المودة مؤمناً مخلصاً إلا استوجب الجنة لقول الله عز وجل في هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 22ـ23] مفسراً ومبيناً، الخبر. [الأمالي للشيخ الصدوق : 315]

وبهذا الخبر الشريف ينفتح من العلم أبواب، فتأمل فيه، كي تهتدي إلى الصواب وبهذه المقدمة تبين أن المودة في القربى أجر النبوة، فيجب أداء ذلك الأجر على جميع الأمة.

المقدمة الخامسة

في بيان المراد من القربى، المخصوصين بتلك الخصيصة العظمى ونكتفي في هذا المقام بذكر رواية مما روي في غاية المرام [ص: 406 المقصد الثاني باب 5 ح 1] من طرق العامة ليكون آكد في الحجة، وأبلغ في الإعذار.

عن مسند أحمد بن حنبل، بإسناده عن ابن عباس، قال: لما نزل ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23]  قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال (صلى الله عليه وآله): علي وفاطمة وابناهما.

وقد تحصل من هذه المقدمة أن القربى هم ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) وقد ورد في بعض رواياتنا ذلك أيضاً، وفي بعضها أن المراد بالقربى الأئمة (عليهم السلام) ويمكن الجمع بينهما بوجهين.

أحدهما أن ذكر الأئمة من باب ذكر المصداق الكامل كما ورد نظيره في كثير من التفاسير.

والثاني: أن يكون المراد من المودة الواجبة للأئمة (عليهم السلام) هو المعرفة بهم، وتولاهم بمعنى جعلهم أولياء له دون غيرهم كما يظهر ذلك من الحديث المروي عن مولانا الرضا (عليه السلام)، في المقدمة الرابعة.

وكيفما كان، فلا ريب في أن أقرب ذوي القربى وأكملهم في زماننا ليس سوى مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه، فيجب على كل أحد مودته صلوات الله عليه ويجب أن تكون مودته أشد وأكثر من غيره من ذوي القربى لما تقدم ذكره في كلام مولانا الرضا عليه آلاف التحية والثناء.

المقدمة السادسة

في بيان معنى المودة وأقسامها؛ فنقول المراد من المودة هو المحبة القلبية، بما لها من الآثار الظاهرية التي هي الكواشف عن المحبة الكامنة في القلب ولهذا فسر المودة في تفسير القمي [2 / 602] بتلك الآثار التي هي لوازمها حقيقة، قال: أجر النبوة أن لا تؤذوهم، ولا تقطعوهم ولا تغصبوهم وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم إلى آخر ما قال. ولا ريب أن من آثار المودة القلبية المودة اللسانية، ولها أقسام:

فمنها الدعاء للمحبوب بكل أمر مطلوب. فإنه من معظم الآثار الظاهرة كما نرى بالعيان في سلوك الآباء بالنسبة إلى أولادهم فإن محبتهم القلبية تجبلهم على الدعاء بالخير، وهذا مشاهد بالعيان، فلا يحتاج إلى إقامة دليل وبرهان.

والحاصل من هذه المقدمات: أن المودة في القربى أجر الرسالة، وأعظم ذوي القربى، وأقربهم هو مولانا الحجة، والدعاء له من جملة أقسام المودة فبه يؤدى أجر النبوة في الجملة، وحيث إن أداء أجر النبوة واجب على جميع الأمة كما قدمنا فيجب عليهم المودة لمولانا الحجة بما تيسر عليهم من الآثار، وما ذكرناه كاف لأولي الأبصار.

المكرمة السادسة عشرة والسابعة عشرة

دفع البلاء وسعة الرزق

ويدل عليهما روايات كثيرة نكتفي بذكر رواية واحدة:

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق، ويدفع المكروه. [الكافي: 2 / 507 باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب ح 2]

أقول: هذا الحديث يدل على حصول هاتين الفائدتين بالدعاء لكل مؤمن غائب، أفتعرف أيها العاقل مؤمناً أكمل إيماناً من مولاك صاحب الزمان الذي معرفته علّة تامة لحصول الإيمان، فبادر بالدعاء له في كل آن.

المكرمة الثامنة عشرة

غفران الذنوب

ويدل على ذلك، مضافاً إلى أنه مقتضى شفاعة خاتم النبيين وخاتم الوصيين، ما في تفسير الإمام (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله). قال: والذي بعثني بالحق نبيّاً إن رجلاً من شيعتنا يكون له ذنوب وخطايا أعظم من جبال أحد ومن الأرض والسماء كلها بأضعاف كثيرة، فما هو إلا أن يتوب ويجدد على نفسه ولايتنا أهل البيت إلا كأن قد ضرب بذنوبه الأرض أشد من ضربة عمار هذه الصخرة بالأرض .. الخبر.

أقول: الظاهر أن تجديد الولاية هو إظهار ما يدل على التزام الإنسان بولاية الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، وانقياده لهم، وركونه إليهم، ولا ريب أن ذلك يحصل بالدعاء لفرج مولانا صاحب الزمان، وطلب ظهوره من الخالق المنان لأنه كاشف عن الانتظار لفرجهم وعلامة للالتزام بولايتهم وإلا فأصل الاعتقاد القلبي غني عن التجديد. وإن كان قابلاً للمزيد وما ذكرناه واضح لمن ألقى السمع وهو شهيد.

المكرمة التاسعة عشرة

الفوز بشرف لقائه في اليقظة أو المنام

وقد وردت هذه المكرمة بالخصوص في حديث منصوص، لدعاء مخصوص رواه المجلسي (ره) في البحار [بحار الأنوار: 86 / 61 باب 38: 69] نقلاً عن كتاب الاختيار للسيد علي بن حسين بن الباقي (ره) عن الصادق (عليه السلام) إنه قال: من قرأ بعد كل فريضة هذا الدعاء فإنه يرى الإمام م ح م د بن الحسن (عليه وعلى آبائه السلام) في اليقظة أو في المنام: (بسم الله الرحمن الرحيم) اللهم بلغ ... إلى آخر الدعاء وسنذكره إن شاء الله تعالى، وهو مشتمل على الدعاء لفرجه (عليه السلام).

المكرمة المتممة للعشرين

ما يكون غاية أمل المؤمنين المشتاقين وهو الرجوع إلى الدنيا في زمان ظهوره وانتشار نوره، إن تأخر هذا الأمر العظيم عن هذه الأزمان ولم نفز في زمان حياتنا بمشاهدة ظهور صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه.

ويدل على ذلك ما رواه العالم العامل، والفقيه الكامل المولى أحمد الأردبيلي (ره) في كتاب حديقة الشيعة عن مولانا الصادق (عليه الصلاة والسلام)، ومضمونه: أنه ما من مؤمن يتمنى خدمته، ويدعو لتعجيل فرجه، إلا أتاه آت على قبره، وناداه باسمه: يا فلان قد ظهر مولاك صاحب الزمان فإن شئت فقم واذهب إلى حضرة الإمام وإن شئت فنم إلى يوم القيام.

قال: فيرجع إلى الدنيا خلق كثيرون ويولد لهم من نسلهم بنون.

أقول: قد كان هذا الحديث في كتاب الحديقة مترجماً بالفارسية فنقلت عباراته إلى اللغة العربية، وقد ورد هذ الفضل بالخصوص [أي الرجوع إلى الدنيا في زمان ظهوره عليه السلام] في حديث منصوص لدعاء العهد بالخصوص.

- ففي البحار [ص: 86 / 61 باب 38: 69] وزاد المعاد [ص: 483] وغيرها من مؤلفات العلماء الأمجاد روي عن الصادق (عليه السلام) بحذف الإسناد وعبارة الأنوار النعمانية [الأنوار النعمانية: 162] هكذا: أنه قال: من دعا بهذا الدعاء أربعين صباحاً كان من أنصار القائم (عليه السلام) وإن مات قبل ظهوره (عليه السلام)، أحياه الله تعالى حتى يجاهد معه، ويكتب له بعدد كل كلمة منه ألف حسنة، ويمحى عنه ألف سيئة، وهو هذا: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم رب النور العظيم، والكرسي الرفيع ... إلى آخر الدعاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقالات مرتبطة:

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (1)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (2)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (3)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (4)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (5)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (6)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (7)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (8)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (9)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (10)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (11)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (12)

خلاصة مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (13)


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2382
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 07 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24