00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الجاثية 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1158 ]

سورة الجاثية [ مكية، وهي سبع وثلاثون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم (حم). (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم). (إن في السموات والأرض لايات للمؤمنين) من النجوم والشمس والقمر، ومما يخرج من الأرض من أنواع النبات للناس والدواب. (وفي خلقكم وما يبث من دابة ايات لقوم يوقنون). (واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق): من مطر، سماه رزقا لأنه سببه. (فأحيا به الأرض بعد موتها): يبسها وتصريف الرياح باختلاف جهاتها وأحوالها، وإثارتها السحاب. وإلقاحها الشجر (ايات لقوم يعقلون). ولعل اختلاف الفواصل لاختلاف الايات في الدقة والظهور. (تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله واياته يؤمنون) أي: بعد حديثه، وهو القرآن. وتقديم اسم الله للمبالغة والتعظيم، كقولك: أعجبني زيد كرمه.

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).(*)

[ 1159 ]

(ويل لكل أفاك أثيم): كذاب كثير الاثم. (يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر): يقيم على كفره (مستكبرا) عن الايمان بالايات. و (ثم) لاستبعاد الاصرار بعد سماع الايات. (كأن لم يسمعها) أي: كأنه (فبشره بعذاب أليم). (وإذا علم من اياتنا شيئا) القمي: وإذا رأى (1). (اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا) من الأموال والأولاد (شيئا ولا (ما اتخذوا من دون الله أولياء) من الأصنام والرؤساء (ولهم عذاب عظيم). (هذا هدى) أي: القرآن (والذين كفروا بايات ربهم لهم عذاب من رجز): من أشد العذاب (أليم). (الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره): بتسخيره وأنتم راكبوها (ولتبتغوا من فضله) بالتجارة والغوص والصيد وغيرها (ولعلكم تشكرون). (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا) بأن خلقها كلها نافعة لكم (منه): كائنة منه (إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون). (قل للذين امنوا يغفروا) أي: قل لهم: اغفروا يغفروا. يعني يعفوا ويصفحوا. (للذين لا يرجون أيام الله): لا يتوقعون وقائعه بأعدائه. قال: (قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا أن يعرفوا الذين لا يعلمون، فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم) (2). والقمي: يقول الأئمة الحق: لا تدعوا على أئمة الجور، حتى يكون الله هو الذي يعاقبهم (3). (ليجزي قوما بما كانوا يكسبون).

__________________________

(1) - القمي 2: 293.

(2) - القمي 2: 294، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - القمي 2: 293.(*)

[ 1160 ]

(من عمل صالحا فلنفسه) ثوابه (ومن أساء فعليها) عقابه (ثم إلى ربكم ترجعون) فيجازيكم على أعمالكم. (ولقد اتينا بني إسرائيل الكتاب): التوارة (والحكم): والحكمة، أو فصل الخصومات (والنبوة) إذ كثر الأنبياء فيهم ما لم يكثر في غيرهم (ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين): عالمي زمانهم. (واتيناهم بينات من الأمر): أدلة من أمر الدين (فما اختلفوا) في ذلك الأمر (إلا من بعد ما جاءهم العلم) بحقيقة الحال (بغيا بينهم): عداوة وحسدا. (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون). (ثم جعلناك على شريعة من الأمر): طريقة من أمر الدين (فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون). القمي: هذا تأديب لرسول الله صلى الله عليه وآله، والمعنى لأمته (1). (إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا) مما أراد بك (وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين). (هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون). (أم حسب الذين اجترحوا السيئات): اكتسبوها (أن نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون. (وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون). (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) بأن أطاعه وبنى عليه دينه. القمي: نزلت في قريش، كلما هووا شيئا عبدوه، وجرت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحابه الذين غصبوا أمير المؤمنين عليه السلام، واتخذوا إماما بأهوائهم (2).

__________________________

(1) - القمي 2: 294.

(2) - القمي 2: 294.(*)

[ 1161 ]

(وأضله الله على علم): وخذله، عالما بضلاله وفساد جوهر روحه. (وختم على سمعه وقلبه) فلا يبالي بالمواعظ ولا يتفكر في الايات (وجعل على بصره غشاوة) فلا ينظر بعين الاستبصار والاعتبار (فمن يهديه من بعد الله): من بعد إضلاله (أفلا تذكرون. (وقالوا ما هي): ما الحياة (إلا حياتنا الدنيا) التي نحن فيها (نموت ونحيا). القمي: هذا مقدم ومؤخر، لأن الدهرية لم يقروا بالبعث والنشور بعد الموت، وإنما قالوا: نحيا ونموت (1). وقيل: أي نموت نحن ويحيا آخرون ممن يأتون بعدنا (2). (وما يهلكنا إلا الدهر): إلا مرور الزمان (وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون). قال في حديث: (فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية، وهو قول من يقول: لا رب ولا جنة ولا نار، وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم: الدهرية، وهم الذين يقولون:) وما يهلكنا إلا الدهر (، وهو دين وضعوه لأنفسهم، بالاستحسان منهم على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشئ مما يقولون. قال الله عزوجل:) إن هم إلا يظنون (أن ذلك كما يقولون) (3). (وإذا تتلى عليهم اياتنا بينات ما كان حجتهم): ما كان لهم متشبث يعارضونها به (إلا أن قالوا ائتوا بابائنا إن كنتم صادقين). (قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لاريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون) لقصور نظرهم على ما يحسونه. (ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون). (وترى كل أمة جاثية) القمي: أي: على ركبها (4). أقول: يعني مستوفزين. وقيل:

__________________________

(1) - القمي 2: 294.

(2) - جامع البيان(للطبري) 25: 91، الكشاف 3: 512، البيضاوي 5: 7.

(3) - الكافي 2: 389، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - القمي 2: 295.(*)

[ 1162 ]

أي: مجتمعة، من الجثوة وهي الجماعة (1). (كل أمة تدعى إلى كتابها): صحيفة أعمالها. (اليوم تجزون ما كنتم تعملون). (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق): يشهد عليكم. وورد: (إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الناطق بالكتاب. قال الله تعالى:) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق (فقيل: إنا لا نقرؤها هكذا ؟ فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله، ولكنه مما حرف من كتاب الله) (2). أقول: يعني أنه نزل على البناء للمفعول. (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون): نستكتب الملائكة أعمالكم من اللوح المحفوظ. ورد: (إن الملكين الموكلين بالعبد إذا أرادا النزول صباحا ومساء ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللوح المحفوظ، فيعطيهما ذلك، فإذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد قابله إسرافيل بالنسخ التي انتسخ لهما، حتى يظهر أنه كان كما نسخ منه) (3). وفي رواية: (أو لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام ؟ ! واحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب، أو ليس إنما ينسخ من كتاب آخر من الأصل، وهو قوله:) إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون () (4). (فأما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين). (وأما الذين كفروا أفلم تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين). (وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لاريب فيها قلتم ما ندري ما

__________________________

(1) - الكشاف 3: 513، البيضاوي 5: 71.

(2) - الكافي 8: 50، الحديث: 11، القمي 2: 295، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - سعد السعود: 226.

(4) - القمي 2: 380، ذيل الاية: 1، عن سورة القلم، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1163 ]

الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين). (وبدا لهم): ظهر لهم (سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون). (وقيل اليوم ننساكم): نترككم في العذاب ترك ما ينسى. (كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين). (ذلكم بأنكم اتخذتم ايات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون): لا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم، أي: يرضوه لفوات أوانه. (فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين) إذ الكل نعمة منه. (وله الكبرياء في السموات والأرض) إذ ظهر فيها آثار قدرته (وهو العزيز) الذي لا يغلب (الحكيم) فيما قدر وقضى، فاحمدوه وكبروه وأطيعوه له.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21334959

  • التاريخ : 28/03/2024 - 13:50

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net