00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الأحقاف 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1164 ]

سورة الأحقاف [ مكية، وهي خمس وثلاثون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم (حم). (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم). (ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون). (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا) يعني القرآن. قال: (عنى بالكتاب التوراة والانجيل) (2). (أو أثارة من علم): أو بقية بقيت عليكم من علوم الأولين قال: (عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء) (3). (إن كنتم صادقين). (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة): ما دامت الدنيا (وهم عن دعائهم غافلون).

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(2) و(3) - الكافي 1: 426، الحديث: 72، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1165 ]

(وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء): يضرونهم ولا ينفعونهم وكانوا بعبادتهم كافرين). كل من الضميرين ذو وجهين. (وإذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين). (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا) يعني إن عاجلني الله بالعقوبة فلا تقدرون على دفع شئ منها، فكيف أجترئ عليه وأعرض نفسي للعقاب من غير توقع نفع، ولا دفع ضر من قبلكم ! (هو أعلم بما تفيضون فيه) من القدح في آياته (كفى به شهيدا بيني وبينكم) يشهد لي بالصدق والبلاغ، وعليكم بالكذب والإنكار، وهو وعيد بجزاء إفاضتهم. (وهو الغفور الرحيم). وعد بالرحمة والمغفرة لمن تاب وآمن، وإشعار بحلم الله عنهم مع جرأتهم، وقد سبق شأن نزول هذه الاية في الشورى (1). (قل ما كنت بدعا من الرسل): بديعا منهم، أدعوكم إلى ما لم يدعوا إليه، أو أقدر على ما لم يقدروا عليه. (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) في الدارين على التفصيل، إذ لا علم لي بالغيب (إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين). (قل أرأيتم إن كان من عند الله) أي: القرآن (وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل) قيل (2): هو عبد الله بن سلام (3). وقيل: موسى عليه السلام، وشهادته ما في التوراة من نعت الرسول صلى الله عليه وآله (4). (على مثله) مما في التوراة من المعاني المصدقة له المطابقة عليه

__________________________

(1) - ذيل الاية: 25.

(2) - التبيان 9: 271، الكشاف 3: 518، البيضاوي 5: 73.

(3) - عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، أبو يوسف، صحابي، قيل: إنه من نسل يوسف بن يعقوب. أسلم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وقيل: تأخر إسلامه إلى سنة ثمان. وكان حليفا لبني قينقاع، وكان اسمه في الجاهلية(الحصين). وأن أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع أرسل خلف جمع وأمرهم بالبيعة. فقيل له: ألا تبعث إلى حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن سلام ؟ فقال: لا حاجة، لنا فيمن لا حاجة له فينا. ومات بالمدينة سنة: 43. راجع: الإصابة 4: 80، شرح نهج البلاغة(لابن أبي الحديد) 4: 9، الأعلام(للزركلي) 4: 90.

(4) - التبيان 9: 271، البيضاوي 5: 73.(*)

[ 1166 ]

(فامن) به (واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين). استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم، ودليل على الجواب المحذوف، أي: ألستم ظالمين. (وقال الذين كفروا للذين امنوا) أي: لأجلهم وفي شأنهم (لو كان خيرا) أي: الإيمان (ما سبقونا إليه) وهم فقراء وموال ورعاة (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم). (ومن قبله): ومن قبل القرآن (كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق) لكتاب موسى (لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين). (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا). مضى تفسيره في حم السجدة (1). فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون). (أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون) (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله): ومدة حمله وفطامه (ثلاثون شهرا). ذلك كله بيان لما تكابده الأم في تربية الولد، مبالغة في التوصية بها (حتى إذا بلغ أشده): استحكم قوته وعقله (وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني): ألهمني (أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك) عما يشغل عنك (وإني من المسلمين): المخلصين لك. ورد ما ملخصه: (إنها نزلت في الحسين عليه السلام، وإن كراهة أمه بالحمل والوضع من جهة أنها أخبرت بأنه سيقتل، فلما بشرت بأن في ذريته الإمامة والولاية والوصية رضيت، قال: فلو لا أنه قال:) أصلح لي في ذريتي (لكانت ذريته كلهم أئمة. قال: ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى بن مريم والحسين عليهما السلام) (2).

__________________________

(1) - ذيل الاية: 30.

(2) - الكافي 1: 464، الحديث: 3 و 4، علل الشرائع 1: 206، الباب: 156، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1167 ]

(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون). (والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج): أن أبعث (وقد خلت القرون من قبلي) فلم يرجع أحد منهم (وهما يستغيثان الله ويلك امن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين): أباطيلهم التي كتبوها. القمي: نزلت في عبد الرحمان بن أبي بكر (1). (أولئك الذين حق عليهم القول) بأنهم أهل النار (في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين). (ولكل) من الفريقين (درجات مما عملوا): مراتب في الخير والشر. والدرجة غالبة في المثوبة، وهاهنا جاءت على التغليب. (وليوفيهم أعمالهم): جزاؤها (وهم لا يظلمون) بنقص ثواب، وزيادة عقاب. (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم): لذائذكم (في حياتكم الدنيا) باستيفائها (واستمتعتم بها) فما بقي لكم منها شئ. القمي: أكلتم وشربتم ولبستم وركبتم، وهي في بني فلان (2). ورد: (أتي النبي صلى الله عليه وآله بخبيص (3) فأبى أن يأكله، فقيل: أتحرمه ؟ فقال: لا، ولكني اكره أن تتوق (4) إليه نفسي، ثم تلا هذه الاية) (5). (فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون).

__________________________

(1) - القمي 2: 297.

(2) - القمي 2: 298.

(3) - الخبيص: طعام معمول من التمر والزبيب والسمن. مجمع البحرين 4: 167(خبص).

(4) - تاقت نفسي إلى الشئ، أي: اشتاقت. الصحاح 4: 1453(توق).

(5) - المحاسن 2: 409، الباب: 15، الحديث: 133، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام.(*)

[ 1168 ]

(واذكر أخا عاد) يعني هودا (إذ أنذر قومه بالأحقاف). قيل: هي جمع (حقف)، وهي رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء (1). القمي: الأحقاف من بلاد عاد، من الشقوق (2) إلى الأجفر (3)، وهي أربعة منازل (4). (وقد خلت النذر): الرسل (من بين يديه ومن خلفه): قبل هود وبعده (ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم). (قالوا أجئتنا لتأفكنا): لتصرفنا (عن الهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين). (قال إنما العلم عند الله): لا علم لي بوقت عذابكم، ولا مدخل لي فيه فأستعجل به، وما لي إلا البلاغ (وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون). (فلما رأوه عارضا): سحابا عرض في أفق السماء (مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو) أي: قال هود: بل هو (ما استعجلتم به) من العذاب (ريح فيها عذاب أليم). (تدمر): تهلك (كل شئ) من نفوسكم وأموالكم (بأمر ربها فأصبحوا) أي: فجاءتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا (لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين). روي: (إن هودا لما أحس بالريح، اعتزل بالمؤمنين في الحظيرة، وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة، وكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام، ثم كشفت عنهم (1) - الكشاف 3: 523، البيضاوي 5: 74. (2) - شقوق: جمع شق أو شق، وهو الناحية: منزل بطريق مكة بعد واقصة من الكوفة وبعدها تلقاء مكة بطان وقبر العبادي، وهو لبني سلامة من بني أسد. والشقوق أيضا: من مياه ضبة بأرض اليمامة. معجم البلدان 3: 356. (3) - الاجفر: جمع جفر، وهو البئر الواسعة لم تطو، موضع بين فيد والخزيمية، بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخا نحو مكة. وقال الزمخشري: الاجفر ماء لبني يربوع، انتزعته منهم بنو جذيمة. معجم البلدان 1: 102. (4) - القمي 2: 298. (*)

[ 1169 ]

واحتملتهم وقذفتهم في البحر) (1). (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) (إن) نافية أو شرطية محذوفة الجواب، أي: كان بغيكم أكثر. (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة) ليعرفوا تلك النعم، ويستدلوا بها على منعمها، ويواظبوا على شكرها. (فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئ): من الإغناء (إذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) من العذاب. القمي: أي: قد أعطيناهم فكفروا، فنزل بهم العذاب، فاحذروا أن لا ينزل بكم ما نزل بهم (2). (ولقد أهلكنا ما حولكم) يا أهل مكة (من القرى) كحجر ثمود، وقرى قوم لوط (وصرفنا الايات) بتكريرها (لعلهم يرجعون) عن كفرهم. (فلو لا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا الهة): فهلا منعتهم من الهلاك آلهتهم الذين يتقربون بهم إلى الله، حيث قالوا:) هؤلاء شفعاؤنا عند الله (1). (بل ضلوا عنهم): غابوا عن نصرهم (وذلك إفكهم): صرفهم عن الحق (وما كانوا يفترون). (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) والنفر دون العشرة. ورد: (إنهم كانوا تسعة، واحد من جن نصيبين والثمان من بني عمرو بن عامر وذكر أسماءهم) (4). (يستمعون القران فلما حضروه قالوا أنصتوا): قال بعضهم لبعض: اسكتوا لنسمعه. (فلما قضي): فرغ من قراءته (ولوا إلى قومهم منذرين) إياهم. (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم).

__________________________

(1) - البيضاوي 5: 75.

(2) - القمي 2: 299.

(3) - يونس(10): 18.

(2) - الاحتجاج 1: 330، عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام.(*)

[ 1170 ]

(يا قومنا أجيبوا داعي الله وامنوا به يغفر لكم من ذنوبكم): بعض ذنوبكم. قيل: هو ما يكون من خالص حق الله، فإن المظالم لا تغفر بالإيمان (1). (ويجركم من عذاب أليم). (ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز في الأرض) إذ لا ينجي منه مهرب (وليس له من دونه أولياء) يمنعونه منه (أولئك في ضلال مبين). سئل عن مؤمني الجن: أيدخلون الجنة ؟ فقال: (لا، ولكن لله حظائر بين الجنة والنار، يكون فيها مؤمنو الجن وفساق الشيعة) (2). (أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي): ولم يتعب ولم يعجز (بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شئ قدير). (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون). (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل): أولوا الثبات والجد منهم، فإنك من جملتهم. وأولوا العزم: أصحاب الشرائع، اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها، وصبروا على مشاقها. قال: (هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم) (3). (ولا تستعجل لهم): لكفار قريش بالعذاب، فإنه نازل بهم في وقته لا محالة. (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار) استقصروا من هوله مدة لبثهم في الدنيا، حتى يحسبونها ساعة. بلاغ: هذا الذي وعظتم به كفاية، أو تبليغ من الرسول. (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون): الخارجون عن الاتعاظ والطاعة.

__________________________

(1) - البيضاوي 5: 76.

(2) - القمي 2: 300، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - الكافي 1: 175، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام، وص 224، الحديث: 2، الخصال 1: 300، الحديث: 73، عن أبي جعفر عليه السلام، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 79، الباب: 32، الحديث: 13.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21404085

  • التاريخ : 20/04/2024 - 04:44

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net