00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الدخان 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1150 ]

سورة الدخان [ مكية، وهي تسع وخمسون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم (حم). (والكتاب المبين). (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) قال: (هي ليلة القدر، أنزل الله القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله صلى الله عليه وآله في طول عشرين سنة) (2). (إنا كنا منذرين). (فيها يفرق كل أمر حكيم) (أي: محكم). كذا ورد (3). قال: (أي: يقدر الله كل أمر من الحق والباطل، وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء (4) والمشيئة، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، من الاجال والأرزاق، والبلايا والأعراض والأمراض، ويزيد فيه ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(2) - القمي 2: 290، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله، وأبي الحسن عليهم السلام.

(3) - الكافي 1: 248، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - البداء في أصل اللغة بمعنى الظهور، وقد اكتسب في الاستعمال اختصاصا في ظهور رأي جديد في أمر.(*)

[ 1151 ]

أمير المؤمنين عليه السلام، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة، حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان صلوات الله عليهم، ويشترط له فيه البداء والمشيئة، والتقديم والتأخير) (1). وفي رواية: (إنه لينزل إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا) (2). وورد في تفسير هذه الاية في الباطن: (أما) حم (فهو محمد صلى الله عليه وآله، وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه، وهو منقوص الحروف. وأما) الكتاب المبين (فهو أمير المؤمنين عليه السلام. وأما الليلة، ففاطمة صلوات الله عليها. وأما قوله:) فيها يفرق كل أمر حكيم (يقول: يخرج منها خير كثير، فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم) الحديث (3). (أمرا من عندنا): على مقتضى حكمتنا (إنا كنا مرسلين): من عادتنا إرسال الرسل بالكتب. (رحمة من ربك). وضع الرب موضع الضمير إشعارا بأن الربوبية اقتضت ذلك، فإنه أعظم أنواع التربية. (إنه هو السميع العليم). (رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين): علمتم أن الأمر كما قلنا. (لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب ابائكم الأولين). (بل هم في شك يلعبون). رد لكونهم موقنين. (فارتقب): فانتظر لهم (يوم تأتي السماء بدخان مبين). (يغشى الناس): يحيط بهم (هذا عذاب أليم). روي في حديث أشراط الساعة: (أول الايات: الدخان، ونزول عيسى، ونار تخرج من قعر عدن أبين، تسوق الناس إلى المحشر. قيل: فما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الاية، وقال: يملأ ما بين المشرق والمغرب، يمكث أربعين يوما وليلة، أما المؤمن فيصيبه

__________________________

(1) - القمي 2: 290، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله، وأبي الحسن عليهم السلام.

(2) - الكافي 1: 248، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - المصدر: 479، قطعة من حديث: 4، عن أبي الحسن عليه السلام.(*)

[ 1152 ]

كهيئة الزكام، وأما الكافر فهو كالسكران، يخرج من منخريه وأذنيه ودبره) (1). أقول: أبين بالموحدة ثم المثناة من تحت: اسم رجل نسب إليه عدن. وفي رواية: (دخان يأتي من السماء قبل قيام الساعة، يدخل في أسماع الكفرة، حتى يكون رأس الواحد كرأس الحنيذ (2)، ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام، ويكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه، ليس فيه خصاص (3)، يمتد ذلك أربعين يوما) (4). والقمي: ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر، يغشى الناس كلهم الظلمة، فيقولوا:) هذا عذاب أليم ((5). (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) وعد بالإيمان، إن كشف عنهم العذاب. (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين): أبان لهم ما هو أعظم منها، في إيجاب الذكرى من الايات والمعجزات. (ثم تولوا عنه وقالوا معلم): يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف (مجنون). القمي: قالوا ذلك لما نزل الوحي فأخذه الغش، فقالوا: هو مجنون (6). (إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون) قيل: يعني إلى الكفر غب الكشف (7). والقمي: يعني إلى القيامة (8). (يوم نبطش البطشة الكبرى) القمي: القيامة (9). والبطش: التناول بصولة. (إنا

__________________________

(1) - الكشاف 3: 501، البيضاوي 5: 65.

(2) - الحنذ: اشتواء اللحم، والحنيذ: المشوي، كتاب العين 3: 201(حنذ)(3) - الخصاص: الخلل والفرج. مجمع البحرين 4: 167(خصص).

(4) - جوامع الجامع: 438، الكشاف 3: 501، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(5) - القمي 2: 290.

(6) - القمي 2: 291.

(7) - البيضاوي 5: 66.

(8) و(9) - القمي 2: 291.(*)

[ 1153 ]

منتقمون. (ولقد فتنا): اختبرنا (قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم). (أن أدوا إلي عباد الله): أرسلوهم معي. القمي: أي: ما فرض الله من الصلاة والزكاة والصوم والحج والسنن والأحكام (1). (إني لكم رسول أمين): غير متهم. (وأن لا تعلوا على الله) بالاستهانة بوحيه ورسوله (إني اتيكم بسلطان مبين). لذكر الأمين مع الأداء، والسلطان مع العلاء شأن لا يخفى. (وإني عذت بربي وربكم): التجأت إليه وتوكلت عليه (أن ترجمون): أن تؤذوني ضربا أو شتما. (وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون) لا علي، ولا لي. (فدعا ربه) بعد ما كذبوه (أن هؤلاء قوم مجرمون). تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه به، ولذلك سماه دعاء. (فأسر) أي: فأوحى الله إليه أن أسر (بعبادي ليلا إنكم متبعون): يتبعكم فرعون وجنوده، إذا علموا بخروجكم. (واترك البحر رهوا) قيل: أي: مفتوحا ذا فجوة واسعة، أو ساكنا على هيئته (2). والقمي: أي: جانبا، وخذ على الطريق (3). (إنهم جند مغرقون). (كم تركوا): كثيرا تركوا (من جنات وعيون). (وزروع ومقام كريم): محافل مزينة ومنازل حسنة. (ونعمة): وتنعم (كانوا فيها فاكهين): متنعمين. والقمي: النعمة في الأبدان.

__________________________

(1) - القمي 2: 291.

(2) - البيضاوي 5: 66.

(3) - القمي 2: 291.(*)

[ 1154 ]

فاكهين أي: مفاكهة النساء (1). (كذلك وأورثناها قوما اخرين). (فما بكت عليهم السماء والأرض). قيل: مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم، والاعتداد بوجودهم (2). وورد: (ما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكريا، وعلى الحسين بن علي) (3). وفي رواية (بكت السماء على يحيى بن زكريا، وعلى الحسين بن علي أربعين صباحا، ولم تبك إلا عليهما. قيل: فما بكاؤها ؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء) (4). وفي أخرى: (بكت السماء على الحسين أربعين يوما بالدم) (5). (وما كانوا منظرين): ممهلين إلى وقت آخر. (ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين): من استعباد فرعون وقتله أبناءهم. (من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين). (ولقد اخترناهم على علم) بأنهم أحقاء بذلك، (على العالمين): على عالمي زمانهم. القمي: فلفظه عام ومعناه خاص (6). (واتيناهم من الايات) كفلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى. (ما فيه بلاء مبين): نعمة جلية، أو اختبار ظاهر. (إن هؤلاء) يعني كفار قريش، فإن قصة فرعون كانت معترضة. (ليقولون). (إن هي إلا موتتنا الأولى): ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة المزيلة للحياة الدنيوية. (وما نحن بمنشرين): بمبعوثين.

__________________________

(1) - القمي 2: 291.

(2) - البيضاوي 5: 66.

(3) - القمي 2: 291، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(4) - المناقب 4: 54، مجمع البيان 9 - 10: 65، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - المناقب 4: 54، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - القمي 2: 292.(*)

[ 1155 ]

(فأتوا بابائنا إن كنتم صادقين). (أهم خير أم قوم تبع) الحميري (1)، الذي سار بالجيوش وحير الحيرة، كان مؤمنا وقومه كافرين، ولذلك ذمهم دونه. ورد: (لا تسبوا تبعا، فإنه كان قد أسلم) (2). (والذين من قبلهم) كعاد وثمود. (أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين) كما أن هؤلاء مجرمون. (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين). (ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون). (إن يوم الفصل): فصل الحق عن الباطل، والمحق عن المبطل (ميقاتهم أجمعين). (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) من الاغناء (ولاهم ينصرون). (إلا من رحم الله) بالعفو عنه، وقبول الشفاعة فيه (إنه هو العزيز): لا ينصر منه من أراد تعذيبه (الرحيم) لمن أراد أن يرحمه. قال: (نحن والله الذي يرحم الله (3)، ونحن والله الذي استثنى الله، لكنا نغني عنهم) (4). وفي رواية: (يعني بذلك عليا وشيعته) (5). (إن شجرت الزقوم). مضى صفتها في الصافات (6). (طعام الأثيم): كثير الاثام. القمي: نزلت في أبي جهل (7).

__________________________

(1) -(التبابعة) اسم ملوك اليمن، فتبع لقب له، كما يقال: خاقان لملك الترك، وقيصر لملك الروم. سمي تبعا لكثرة اتباعه من الناس، وقيل: سمي تبعا لأنه تبع من قبله من ملوك اليمن. مجمع البيان 9 - 10: 66.

(2) - مجمع البيان 9 - 10: 66، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(3) - في المصدر: رحم الله).

(4) - الكافي 1: 423، الحديث: 56، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - الكافي 8: 35، ذيل الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - الصافات(37): 64 - 65.

(7) - القمي 2: 292.(*)

[ 1156 ]

(كالمهل القمي): الصفر المذاب (1). (يغلي في البطون). (كغلي الحميم) القمي: هو الذي حمي وبلغ المنتهى (2). (خذوه) على إرادة القول، والمقول له الزبانية (فاعتلوه): فجروه بمجامعه بقهر (إلى سواء الجحيم): وسطه. (ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم): من عذاب هو الحميم. (ذق إنك أنت العزيز الكريم) أي: وقولوا له ذلك استهزاء به. القمي: وذلك، أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعير بذلك في النار (3). (إن هذا ما كنتم به تمترون): تشكون وتمارون فيه. (إن المتقين في مقام أمين): يأمن صاحبه عن الافة والانتقال. (في جنات وعيون). (يلبسون من سندس): ما رق من الحرير (وإستبرق): ما غلظ منه (متقابلين) في مجالسهم، ليستأنس بعضهم ببعض. (كذلك): الأمر كذلك (وزوجناهم بحور عين) الحوراء: البيضاء، والعيناء: عظيم العينين. ورد: (المؤمن يزوج ثمانمائة عذراء وألف ثيب، وزوجتين من الحور العين) (4). (يدعون فيها بكل فاكهة): يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهون من الفواكه، لا يتخصص شئ منها بمكان ولا زمان (امنين) من الضرر. (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) التي في الدنيا، حين يشارف الجنة

__________________________

(1) و(2) و(3) - القمي 2: 292.

(4) - القمي 2: 82، ذيل تفسير الاية: 23، من سورة الحج، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفيه:(وأربعة آلاف ثيب).(*)

[ 1157 ]

ويشاهدها ووقاهم عذاب الجحيم. (فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم). (فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون): يفهمونه، فيتذكرون به لما لم يتذكروا. (فارتقب) ما يحل بهم (إنهم مرتقبون) ما يحل بك.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 22216839

  • التاريخ : 3/02/2025 - 22:58

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net