00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة مريم 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير نور الثقلين ( الجزء الثالث )   ||   تأليف : الشيخ عبد على بن جمعة العروسي الحويزي

 

سورة مريم

بسم الله الرحمن الرحيم

1 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده عن أبى عبدالله عليه السلام قال: من أدمن قرائة سورة مريم لم يمت حتى يصيبه ما يغنيه في نفسه وماله وولده، وكان في الاخرة من أصحاب عيسى بن مريم عليهما السلام، واعطى من الاجر مثل ملك سليمان بن داود في الدنيا.

2 - في مجمع البيان ابى بن كعب عن النبى صلى الله عليه وآله قال: من قرأها اعطى من الاجر بعدد من صدق بزكريا وكذب به، ويحيى ومريم وموسى وعيسى وهارون وابراهيم واسحق ويعقوب واسمعيل عشر حسنات، وبعدد من ادعى لله ولدا، وبعدد من لم يدع له ولدا.

3 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبدالله القمى عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرنى يا بن رسول الله عن تأويل كهيعص قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، اطلع الله عبد زكريا عليها، ثم قصها على محمد صلى الله عليه واله، وذلك ان زكريا عليه السلام سأل ربه ان يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط الله عليه جبرئيل عليه السلام فعلمه اياها، فكان زكريا اذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سرى عنه همه(1) وانجلى كربه، واذا ذكر الحسين عليه السلام خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة(2) فقال ذات يوم: الهى ما بالى اذا ذكرت أربعا منهم عليهم السلام تسليت بأسمائهم من همومى، واذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عينى وتثور زفرتى؟(3) فأنبأه تبارك و

___________________________________

(1) سرى عنه الشئ: كشف عنه ما يجده من الهم والغضب.

(2) خنقته العبرة غص بالبكاء حتى كأن الدموع أخذت بمخنقته وهو الحلق.

والبهر: تتابع النفس.

(3) الزفرة: استيعاب النفس من شدة الهم والحزن.

[320]

تعالى عن قصته، فقال: " كهيعص " فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره، فلما سمع بذلك زكريا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلثة أيام، ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء و النحيب، وكانت ندبته: الهى أتفجع خير خلقك بولده؟ أتنزل بلوى هذه الرزية بفناء‌ه؟ اتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة،؟ الهى أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثم كان يقول: الهى ارزقنى ولدا تقر به عينى عند الكبر، واجعله وارثا ووصيا، واجعل محله منى محل الحسين عليه السلام فاذا رزقتنيه فافتنى بحبه وبه أفجعنى به كما تفجع محمدا حبيبك صلى الله عليه واله بولده، فرزقه الله يحيى عليه السلام وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر، وحمل الحسين عليه السلام كذلك.

في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن اسحق الاحمرى عن الحجة القائم عليه السلام مثل ما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سواء.

4 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثورى عن الصادق عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: " وكهيعص " معناه أنا الكافى الهادى الولى العالم الصادق الوعد.

5 - وباسناده إلى محمد بن عمارة قال: حضرت عند جعفر بن محمد عليهما السلام فدخل عليه رجل فسأله عن " كهيعص " ! فقال عليه السلام: " كاف " كاف بشيعتنا، " ها " هاد لهم، " يا " ولى لهم، " عين " عالم بأهل طاعتنا، " صاد " صادق لهم وعد حتى يبلغ بهم المنزلة التى وعدهم اياها في بطن القرآن.

6 - في مجمع البيان وروى عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال في دعائه: أسألك يا كهيعص.

7 - في تفسير على بن ابراهيم " كهيعص " جعفر بن أحمد عن عبيد عن الحسن ابن على عن أبيه بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: هذه أسماء الله مقطعة، واما قوله: " كهيعص " قال: الله هو الكافى الهادى العالم الصادق ذو الايادى العظام،

[321]

وهو كما وصف نفسه تبارك وتعالى.

8 - وفى رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام في قوله: ذكر رحمة ربك عبده زكريا يقول: ذكر ربك زكريا فرحمه.

9 - في مجمع البيان: اذ نادى ربه نداء‌ا خفيا وفى الحديث: خير الدعاء الخفى: وخير الرزق ما يكفى.

10 - في تفسير على بن ابراهيم: قال رب انى وهن العظم منى يقول " ضعف؟ قال عز من قائل: واشتعل الرأس شيبا.

11 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حفص بن البخترى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: كان الناس لا يشيبون، فأبصر ابراهيم عليه السلام شيبا في لحيته فقال: يا رب ما هذا؟ فقال: هذا وقار، فقال: يا رب زدنى وقارا.

12 - وباسناده إلى الحسين بن عمار عن نعيم عن أبى جعفر عليه السلام قال: أصبح ابراهيم فرأى في لحيته شيبا بيضاء، فقال: الحمد لله الذى بلغنى هذا المبلغ و لم أعص الله طرفة عينى.

13 - وباسناده إلى خالد بن اسماعيل عن ايوب المخزومى عن جعفر بن محمد عليه السلام انه سمع أبا الطفيل يحدث أن عليا عليه السلام يقول: كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم ولم يشب فكان الرجل يأتى النادى(1) فيه الرجل وبنوه، فلا يعرف الاب من الابن فقال: أيكم أبوكم؟ فلما كان زمان ابراهيم عليه السلام، قال: اللهم اجعل لى شيبا أعرف به، فقال: فشاب وابيض رأسه ولحيته.

14 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفى العقد ان مروان بن الحكم قال للحسن بن على عليهما السلام بين يدى معاوية: اسرع الشيب إلى شاربك يا حسن و يقال: ان ذلك من الخرق؟(2) فقال عليه السلام: ليس كما بلغك ولكنا معشر بنى هاشم طيبة

___________________________________

(1) النادى: مجلس القوم ومتحدثهم نهارا، وقيل: المجلس ما داموا مجتمعين فيه: فاذا تفرقوا زال عنه هذا الاسم.

(2) الخرق: الكذب.

[322]

أفواهنا، عذبة شفاهنا، فنسائنا يقبلن علينا بانفاسهن، وانتم معشر بنى امية فيكم بخر شديد(1) فنسائكم يصرفن أفواهن وأنفاسهن إلى اصداغكم(2) فانما يشيب منكم موضع العذار.

15 - محاسن البرقى قال عمرو بن العاص للحسين عليه السلام: ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم؟ فقال عليه السلام: ان نسائكم بخرة فاذا دنا أحدكم من امرأته نكهته في وجهه(3) فشاب منه شاربه.

16 - في كتاب الخصال عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: الشيب في مقدم الرأس يمن، وفى العارضين وفى الذوائب شجاعة، وفى القفا شؤم.

17 - وفيما علم امير المؤمنين عليه السلام أصحابه: لا يتنتفوا الشيب فانه نور المسلم، ومن شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيمة.

18 - عن أبى بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره.

19 - في تفسير على بن ابراهيم: ولم أكن بدعائك رب شقيا يقول: لم يكن دعائى خائبا عندك.

20 - في تفسير العياشى ابواسماعيل الجعفى عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا قال: والمحرر للمسجد اذا وضعته، أو دخل المسجد فلم يخرج من المسجد أبدا، فلما ولدت مريم " قالت رب انى وضعتها انثى والله اعلم بما وضعت وليس الذكر كالانثى وانى سميتها مريم وانى اعيذها بك وذريتها

___________________________________

(1) بخر الفم: انتن ريحة.

(2) أصداغ جمع الصدغ - بالضم -: ما بين العين والاذن والشعر المتدلى على هذا الموضع.

(3) قوله عليه السلام " بخرة " اى نتنة.

والنكهة ريح الفم.

[323]

من الشيطان الرجيم " فساهم عليها البتول(1) فأصاب القرعة زكريا، وهو زوج اختها وكفلها وأدخلها المسجد، فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث وكانت أجمل النساء وكانت تصلى فيضئ المحراب لنورها، فدخل عليها زكريا فاذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فقال: " أنى لك هذا قالت هو من عند الله هنالك دعا زكريا ربه قال انى خفت الموالى من ورائى " إلى ما ذكر الله من قصة زكريا ويحيى.

21 - في مجمع البيان: وانى خفت الموالى قيل: هم العمومة وبنو العم عن ابيجعفر عليه السلام.

22 - وقرأ على بن الحسين ومحمد بن على الباقر عليهما السلام: " وانى خفت الموالى " بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء.

23 - في تفسير على بن ابراهيم " وانى خفت الموالى من ورائى " يقول: خفت الورثة من بعدى وكانت امرأتى عاقرا ولم يكن يومئذ لزكريا ولد يقوم مقامه ويرثه وكانت هدايا بنى اسرئيل ونذورهم للاحبار، وكان زكريا رئيس الاحبار وكانت امرأة زكريا اخت مريم بنت عمران بن ماثان، ويعقوب بن ماثان وبنو ماثان اذ ذاك رؤساء بنى اسرائيل وبنو ملوكهم من ولد سليمان بن داود، فقال زكريا: فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا.

24 - في بصائر الدرجات على بن اسماعيل عن محمد بن عمر الزيات عن ابن بابا قال: دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السلام وقد ولد أبوجعفر عليه السلام فقال: ان الله قد وهب لى من يرثنى ويرث آل داود.

25 - في الكافى عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: مر عيسى ابن مريم عليهما السلام بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فاذا هو لا يعذب؟ فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام اول فكان يعذب ومررت به العام فاذا هو ليس يعذب

___________________________________

(1) المساهمة: المقارعة.

[324]

فأوحى الله عزوجل اليه: انه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما، فلهذا غفرت بما عمل ابنه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله: ميراث الله عزوجل من عبدالمؤمن ولد يعبده من بعده، ثم تلا ابوعبدالله عليه السلام آية زكريا " هب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ".

26 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله وروى عبد الله بن الحسن باسناده عن آبائه عليهم السلام انه لما أجمع أبوبكر على منع فاطمة فدك، وبلغها ذلك، جائت اليه وقالت له: يا ابن أبى قحافة أفى كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبى؟ لقد جئت شيئا فريا؟ أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، اذ يقول فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا عليه السلام: " اذ قال رب هب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

27 - في مجمع البيان وقرأ على بن أبى طالب وجعفر بن محمد عليهم السلام " يرثنى وأرث من آل يعقوب لم نجعل له من قبل سميا " قال ابوعبدالله عليه السلام: وكذلك الحسين عليه السلام لم يكن له من قبل سمى ولم تبك السماء الا عليهما أربعين صباحا، قيل له: وما كان بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء، وكان قاتل يحيى ولد زنا وقاتل الحسين ولد زنا.

28 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى سفيان بن عيينة عن على بن يزيد عن على بن الحسين عليهما السلام قال: خرجنا مع الحسين بن على عليهما السلام فما نزل منزلا ولا رحل منه الا ذكر يحيى بن زكريا وقتله، وقال: ومن هوان الدنيا على الله ان رأس يحيى بن زكريا أهدى إلى بغى من بغايا بنى اسرائيل.

وفى مجمع البيان مثله الا ان فيه وقال يوما: ومن هوان الدنيا " الخ ".

29 - في تفسير على بن ابراهيم: يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا يقول: لم يسم باسم يحيى أحد قبله، قال رب انى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا فهو اليبس قال كذلك قال

[325]

ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لى آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا صحيح من غير مرض.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ما نقلنا من تفسير على بن ابراهيم، متفرقا من قوله " كهيعص " جعفر بن احمد إلى هنا متصل فيه وفيه بعد قوله: من غير مرض: من هيهنا عن على بن ابراهيم قال: ثم قص الله قصة مريم وهو ظاهر في ان جميع ذلك رواية.

30 - في روضة الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن على بن اسباط عنهم عليهم السلام قال: فيما وعظ الله عزوجل به عيسى: ونظيرك يحيى من خلقى وهبته لامه بعد الكبر من غير قوة بها، أردت بذلك أن يظهر لها سلطانى وتظهر فيك قدرتى.

31 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسى عن أبى جعفر عليه السلام في حديث طويل يقول فيه عليه السلام: مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبى صغير، أما تسمع لقوله عزوجل: يا يحيى خذ الكتاب بقوة آتيناه الحكم صبيا فلما بلغ عيسى عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله اليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين.

32 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن اسباط قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد خرج على فأجدت النظر اليه وجعلت انظر إلى رأسه ورجليه لاصف قامته لاصحابنا بمصر، فبينا انا كذلك حتى قعد فقال: يا على ان الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة، فقال: " وآتيناه الحكم صبيا ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة " فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبى، ويجوز أن يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة.

33 - في مجمع البيان وعن معمر قال: ان الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب، قال: ما للعب خلقنا فأنزل الله تعالى: " وآتيناه الحكم صبيا " وروى ذلك عن أبى الحسن الرضا عليه السلام.

34 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله وروى عن موسى بن جعفر

[326]

عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السلام قال: ان يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لامير المؤمنين عليه السلام: فهذا يحيى بن زكريا يقال: انه اوتى الحكم صبيا والحلم والفهم، وأنه كان يبكى من غير ذنب وكان يواصل الصوم؟ قال له على عليه السلام لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه واله أعطى أفضل من هذا، ان يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية، ومحمد صلى الله عليه واله اوتى الحكم والفهم صبيا بين عبدة الاوثان وحزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لاعيادهم، ولم ير منه كذب قط صلى الله عليه واله، وكان امينا صدوقا حليما، وكان يواصل الصوم الاسبوع والاقل والاكثر فيقال له في ذلك فيقول: انى لست كأحدكم، انى أظل عند ربى فيطعمنى ويسقين، وكان يبكى صلى الله عليه واله حتى يبتل مصلاه خشية من الله عزوجل من غير جرم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

35 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب (ره) محمد بن اسحق بالاسناد جاء أبوسفيان إلى على عليه السلام فقال: يا ابا الحسن جئتك في حاجة، قال: وفيم جئتنى؟ قال: تمشى معى إلى ابن عمك محمد فنسأله أن يعقد لنا عقدا، ويكتب لنا كتابا، فقال: يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله صلى الله عليه واله عقدا لا يرجع عنه أبدا، وكانت فاطمة عليها السلام من وراء الستر، والحسن يدرج بين يديها، وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا، فقال لها: يا بنت محمد قولى لهذا الطفل يكلم لى جده فيسود بكلامه العرب والعجم، فأقبل الحسن عليه السلام إلى أبى سفيان وضرب احدى يديه على أنفه، والاخرى على ليحته، ثم أنطقه الله عزوجل بأن قال: يا ابا سفيان قل: لا اله الا الله محمد رسول الله حتى اكون شفيعا فقال عليه السلام: الحمد لله الذى جعل من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا " آتيناه الحكم صبيا ".

36 - في محاسن البرقى وفى رواية أبى بصير قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: قوله في كتابه حنانا من لدنا قال: انه كان يحيى اذا قال في دعائه يا رب يا الله، ناداه الله من السماء لبيك يا يحيى سل حاجتك.

[327]

37 - في اصول الكافى على بن محمد عن بعض اصحابه عن محمد بن سنان عن أبى سعيد المكارى عن أبى حمزة عن أبيجعفر عليه السلام قال: قلت: فما عنى بقوله في يحيى: " وحنانا من لدنا وزكوة " قال: تحنن الله، قلت: فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال: كان اذا قال: يا رب، قال الله عزوجل: لبيك يا يحيى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

38 - في عيون الاخبار باسناده إلى ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: ان اوحش ما يكون هذا الخلق في ثلثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الاخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى احكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عزوجل على يحيى في هذه الثلثة المواطن وآمن روعته فقال: وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا وقد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلثة المواطن فقال: " والسلام على يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا ".

39 - في اصول الكافى احمد بن مهران وعلى بن ابراهيم جميعا عن محمد بن على عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم عن ابى الحسن موسى عليه السلام انه قال لرجل نصرانى سأله عن مسائل فأجابه عليه السلام فيها: اعجلك ايضا خبرا لا يعرفه الا قليل ممن قرأ الكتب اخبرنى ما اسم ام مريم واى يوم نفخت فيه مريم، و لكم ساعة من النهار، واى يوم وضعت مريم فيه عيسى، ولكم ساعة من النهار؟ فقال النصرانى.

لا ادرى، فقال ابوابراهيم عليه السلام: اما ام مريم فاسمها مرتا وهى وهيبة بالعربية، واما اليوم الذى حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، وهو اليوم الذى هبط فيه الروح الامين وليس للمسلمين عيد كان اولى منه، عظمه الله تبارك وتعالى و عظمه محمد صلى الله عليه واله، فأمر ان يجعله عيدا فهو يوم الجمعة، واما اليوم الذى ولدت فيه مريم فهو يوم الثلثاء لاربع ساعات ونصف من النهار، والنهر الذى ولدت عليه مريم عيسى هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات، وعليه شجر النخل والكرم، وليس

[328]

يساوى بالفرات شئ للكروم والنخل، فأما اليوم الذى حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس(1) ولده واشياعه فأعانوه، واخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه فهل فهمته؟ وقرأته اليوم الا حدث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

40 - في تهذيب الاحكام محمد بن احمد داود عن محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا سعد بن عمرو الزهرى قال: حدثنى بكر بن سالم عن أبيه عن أبى حمزة الثمالى عن على بن الحسين عليهما السلام في قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا قال: خرجت من دمشق حتى أتت كربلا، فوضعت في موضع قبر الحسين عليه السلام ثم رجعت من ليلتها.

41 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبدالرحمن بن المثنى الهاشمى عن أبيعبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر فاطمة عليها السلام: فعلقت وحملت بالحسين عليه السلام، فحملت ستة أشهر، ثم وضعت ولم يعش ولد قط لستة أشهر غير الحسين بن على عليهما السلام وعيسى بن مريم عليه السلام.

42 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن على بن اسمعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ولم يولد لستة أشهر الا عيسى بن مريم والحسين بن على عليهم السلام.

43 - في مجمع البيان وروى عن الباقر عليه السلام انه تناول جيب مدرعتها(2) فنفخ فيه نفخة فكمل الولد في الرحم من ساعته، كما يكمل الولد في أرحام النساء تسعة أشهر، فخرجت من المستحم(3) وهى حامل فحج مثقل، فنظرت اليها خالتها فأنكرتها ومضت مريم على وجهها مستحية من خالتها ومن زكريا، وقيل: كانت مدة حملها تسع ساعات، وهذا مروى عن أبى عبدالله عليه السلام.

___________________________________

(1) قيدوس: اسم رجل من بنى اسرائيل.

(2) المدرعة: جبة مشقوقة المقدم.

(3) المستحم: موضع الاستحمام.

[329]

44 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن الحسين بن الحسن بن يزيد عن بدر عن أبيه قال: حدثنى سلام ابوعلى الخراسانى عن سلام بن سعيد المخزومى قال: بينا أنا جالس عند أبى عبدالله عليه السلام اذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة، و ابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبى عبدالله ميمون القداح مولى أبى جعفر عليه السلام، فسأله عباد بن كثير فقال: يا باعبدالله في كم ثوب كفن رسول الله صلى الله عليه واله؟ قال: في ثلثة أثواب، ثوبين صحاريين وثوب حبرة(1) وكان في البرد قلة، فكأنما ازور(2) عباد بن كثير من ذلك فقال أبوعبدالله (ع): ان نخلة مريم انما كانت عجوة(3) ونزلت من السماء فما نبت من أصلها كان عجوة، وما كان من لقاط(4) فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدرى ما هذا المثل الذى ضربه لى أبوعبدالله (ع)، فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فانه منهم - يعنى ميمون - فسأله، فقال ميمون: اما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله، قال: انه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك انه ولد من رسول الله صلى الله عليه واله، وعلم رسول الله عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط.

45 - في كتاب طب الائمة عليهم السلام باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفى ان رجلا أتى ابا جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله أغثنى، قال: وما ذاك؟ قال: امرأتى قد اشرفت على الموت من شدة الطلق(5) قال: اذهب واقرأ عليها: فأجاء‌ها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناديها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى

___________________________________

(1) حبرة - كعنبة -: ثوب يصبغ باليمن قطن أو كتان مخطط.

(2) اى انحرف.

(3) العجوة: نوع من التمر.

(4) قيل: اللقاط بالكسر جمع لقط - بالتحريك -: ما يلتقط من هيهنا وهيهنا من النوى ونحوه بالضم: الساق الردى.

(5) الطلق: وجع الولادة

[330]

اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ثم ارفع صوتك بهذه الاية: " والله أخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون " كذلك اخرج ايها الطلق فاخرج باذن الله، فانها تبرأ من ساعتها باذن الله تعالى.

46 - في مجمع البيان " يا ليتنى مت قبل هذا " انما تمنت عليها السلام الموت استحياء‌ا من الناس ان يظنوا بها سوء‌ا عن السدى، وروى عن الصادق عليه السلام لانها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها من السوء.

47 - في تهذيب الاحكام على بن الحسن عن محمد بن عبدالله بن زرارة عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان بن عثمان الاحمر عن كثير النوا عن أبى جعفر عليه السلام انه قال: وقد ذكر يوم عاشورا وهذا اليوم الذى ولد فيه عيسى بن مريم عليهما السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

48 - في من لا يحضره الفقيه وروى الحسن بن على الوشا عن الرضا عليه السلام قال: ليلة خمس وعشرين من ذى القعدة ولد فيها ابراهيم عليه السلام، وولد فيها عيسى بن مريم عليهما السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

49 - في مجمع البيان " قد جعل ربك تحتك سريا " قيل: ضرب جبرئيل برجله، فظهر ماء عذب يجرى وهو المروى عن أبى جعفر عليه السلام.

50 - في كتاب الخصال فيما علم امير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، ما تأكل الحامل من شئ ولا تتداوى به أفضل من الرطب، قال الله تعالى لمريم: " وهزى اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا ".

51 - في الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه عن على بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ليكن اول ما تأكل النفساء الرطب، فان الله عزوجل قال لمريم عليها السلام: " وهزى اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " قيل: يا رسول الله

[331]

فان لم يكن إبان الرطب؟(1) قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فان لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فان الله عزوجل يقول: وعزتى وجلالى وعظمتى وارتفاع مكانى لا تأكل النفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاما الا كان حليما، و ان كانت جارية كانت حليمة.

52 - في روضة الكافى على بن ابراهيم عن أبيه وعلى بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقرى عن حفص قال: رأيت أبا عبدالله عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة فتوضى عندها ثم ركع وسجد، فأحصيت في سجدة خمسمأة تسبيحة، ثم استند إلى النخلة، فدعا بدعوات ثم قال: يا حفص انها والله النخلة التى قال الله جل ذكره لمريم عليها السلام: " وهزى اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ".

53 - في مجمع البيان وقال الباقر عليه السلام: لم تستشف النفساء بمثل الرطب، ان الله أطعمه مريم.

54 - وروى انه لم يكن للجذع رأس فضربتها برجلها فأورقت وأثمرت، و انتشر عليها الرطب.

55 - في كتاب الناقب لابن شهر آشوب عبدالله بن كثير قال: نزل أبوجعفر عليه السلام بواد فضرب خباه فيه ثم خرج يمشى حتى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد الله عندها ثم تكلم بكلام لم اسمع بمثله ثم قال: أيتها النخلة أطعمينا ما جعل الله فيك، فتساقطت رطبا أحمر وأصفر فأكل ومعه أبوأمية الانصارى، فقال: يابا امية هذه الاية فينا كالاية في مريم ان هزت اليها النخلة فتساقطت رطبا جنيا.

56 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد بن يحيى عن سليمان بن خالد عن أبيعبد الله عليه السلام قال: وكان أبوعبدالله البلخى معه فانتهى إلى نخلة خاوية فقال: أيتها النخلة السامعة الطيبة المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله فيك، قال: فتساقط علينا رطبا

___________________________________

(1) ابان الشئ: حينه.

[332]

مختلفا ألوانه فأكلنا حتى تضلعنا(1) فقال: اليكم سنة كسنة مريم عليها السلام.

57 - الهيثم النهدى عن اسمعيل بن مهران عن عبدالله الكناسى عن أبيعبد الله عليه السلام قال: خرج الحسن بن على بن أبى طالب عليهم السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بامامته، قال: فنزلوا في منزل من تلك المنازل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، قال: ففرش للحسن تحت نخلة وللزبيرى بحذاه تحت نخلة اخرى قال: فقال الزبيرى ورفع رأسه: لو كان في هذا النخلة رطب لاكلنا منه؟ فقال الحسن عليه السلام: وانك لتشتهى الرطب؟ قال: نعم، فرفع الحسن عليه السلام يده إلى السماء ودعا بكلام لم يفهمه الزبيرى، فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا، قال: فقال الجمال الذى اكتروا منه: سحر والله ! فقال الحسن عليه السلام: ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبى مجاب، قال: فصعدوا إلى النخلة حتى تصرموا(2) ما كان فيها فأكفاهم.

58 - في الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، ثم قال: قالت مريم: انى نذرت للرحمن صوما اى صوما صمتا - وفى نسخة اخرى اى صمتا - فاذا صمتم فاحفظوا ألستنكم، و غضوا أبصاركم، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

59 - في من لا يحضره الفقيه وروى أبوبصير عن الصادق عليه السلام انه قال: ان الصوم ليس من الطعام والشراب وحده، ان مريم قالت " انى نذرت للرحمن صوما " اى صمتا فاحفظوا ألستنكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا، فان الحسد يأكل الايمان كما يأكل النار الحطب.

60 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب أبى جعفر الباقر عليه السلام

___________________________________

(1) تضلع الرجل: امتلا شبعا وريا.

(2) صرم الشئ: قطعة

[333]

وسأل طاوس اليمانى أبا جعفر عليه السلام عن صوم لا يحجز عن أكل وشرب؟ فقال عليه السلام: الصوم من قوله تعالى: " انى نذرت للرحمن صوما ".

61 - في محاسن البرقى وعنه عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمى عن أبيه عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ستة كرهها الله لى فكرهتها للائمة من ذريتى، وليكرهها الائمة أتباعهم إلى قوله: وما الرفث في الصيام؟ قال: ما كره الله لمريم في قوله: " انى نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا " قال: قلت من أى شئ؟ قال: من الكذب.

62 - في مجمع البيان.

يا اخت هرون قيل فيه أقوال: " احدها " أن هارون هذا كان رجلا صالحا في بنى اسرائيل ينسب اليه كل من عرف بالصلاح عن ابن عباس وقتادة وكعب وابن زيد والمغيرة بن شعبة يرفعه إلى النبى صلى الله عليه واله.

63 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله من كتاب عبدالرحمن بن محمد الازدى وحدثنى سماك بن حرب عن المغيرة بن شعبة ان النبى صلى الله عليه واله بعثه إلى نجران فقالوا: ألستم تقرؤن " يا اخت هرون " وبينهما كذا وكذا؟ فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه واله فقال: ألا قلت لهم: انهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم.

64 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى عبدالله بن جبلة عن رجل عن ابيعبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: وجعلنى مباركا اينما كنت قال: نفاعا.

وفى اصول الكافى مثله سواء.

65 - في روضة الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن على بن اسباط عنهم عليهم - السلام قال: فيما وعظ الله عزوجل به عيسى عليه السلام: يا عيسى إلى قوله: فبوركت كبيرا وبوركت صغيرا حيث ما كنت، أشهد انك عبدى ابن امتى.

66 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسى قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أكان عيسى ابن مريم حين يكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبيا حجة لله

[334]

غير مرسل، أما تسمع لقوله حين قال: انى عبدالله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا اينما كنت واوصانى بالصلوة والزكوة ما دمت حيا؟ قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها، وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان، وكان زكريا الحجة لله عزوجل بعد صمت عيسى بسنتين، ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبى صغير، اما تسمع لقوله عزوجل: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا " فلما بلغ عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله اليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين، وليس تبقى الارض يا با خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ خلق الله آدم عليه السلام، وأسكنه الارض، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

67 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا عليه السلام قد كنا نسألك قبل أن، يهب الله أبا جعفر فكنت تقول: يهب الله لى غلاما، فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فان كان كون فالى من؟ فأشار بيده إلى ابيجعفر وهو قائم بين يديه فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلث سنين قال وما يضره من ذلك شئ قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلث سنين.

68 - الحسين بن محمد الخيرانى عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدى أبى الحسن عليه السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدى ان كان كون فالى من؟ قال: إلى ابى جعفر ابنى فكأن القائل استصغر سن أبى جعفر عليه السلام فقال ابوالحسن: ان الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتداة في اصغر من السن الذى فيه أبوجعفر عليه السلام.

69 - في الكافى حدثنى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم، وأحب لك إلى الله عزوجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل

[335]

من هذه الصلوة، الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليهما السلام قال: واوصانى بالصلوة والزكوة ما دمت حيا.

70 - في تفسير على بن ابراهيم قال الصادق عليه السلام في قوله: " وأوصانى بالصلوة والزكوة " قال: زكوة الرؤس لان كل الناس ليست لهم أموال، وانما الفطرة على الفقير والغنى والصغير والكبير.

71 - في عيون الاخبار باسناده عن الصادق عليه السلام حديث طويل في تعداد الكبائر يقول فيه عليه السلام: ومنها عقوق الوالدين، لان الله عزوجل جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام: وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا.

72 - في كتاب الخصال عن سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: وبر الوالدين وضده العقوق.

73 - في اصول الكافى باسناده إلى الحكم بن مسكين عن محمد بن مروان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ما يمنع الرجل ان يبر والديه حيين أو ميتين يصلى عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما ويصوم عنهما، فيكون الذى صنع لهما وله مثل ذلك، فيزيده الله عزوجل بره وصلته كثيرا.

74 - في كتاب الخصال عن أبى عبدالله عليه السلام: بروا آباء‌كم يبركم أبناء‌كم، وعفوا عن نساء الناس تعف نسائكم.

75 - في عيون الاخبار باسناده إلى ياسر الخادم فقال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: ان أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلث مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الاخرة، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا: وقد سلم الله عزوجل على يحيى في هذه الثلثة المواطن وأمن روعته فقال: " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " وقد سلم عيسى بن مريم في هذه الثلثة المواطن فقال: والسلام على يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا.

[336]

76 - في كتاب علل الشرايع عن وهب اليمانى قال: ان يهوديا سأل النبى صلى الله عليه واله فقال: يا محمد كنت في ام الكتاب نبيا قبل أن يخلق آدم؟ قال: نعم قال وهؤلاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل أن يخلقوا؟ قال: نعم قال: فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن امك كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك وقد كنت قبل ذلك نبيا؟ فقال النبى صلى الله عليه واله: انه ليس أمرى كأمر عيسى بن مريم، ان عيسى بن مريم خلقه الله عزوجل من ام ليس له أب كما خلق آدم من غير أب ولا ام، ولو ان عيسى حين خرج من امه لم ينطق بالحكمة لم يكن لامه عذر عند الناس، وقد أتت به من غير أب وكانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات، فجعل الله عزوجل منطقه عذرا لامه.

77 - في اصول الكافى الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبدالله عن أبى مسعود عن عبدالله بن ابراهيم الجعفرى قال: سمعت اسحق ابن جعفر يقول: الاوصياء اذا حملت بهم امهاتهم إلى قوله: فاذا كان الليلة التى تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه ولا يراه غيرها الا أبوه، فاذا ولدته ولدته قاعدا وتفسحت له حتى يخرج متربعا ثم يستدير بعد وقوعه إلى الارض فلا يخطى القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطس ثلثا يشير باصبعه بالتحميد، ويقع مسرورا(1) مختونا ورباعيتاه من فوق واسفل وناباه وضاحكاه، ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور، ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا، وكذلك الانبياء اذا ولدوا وانما الاوصياء أعلاق من الانبياء.

78 - في امالى الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبى الجارود زياد بن المنذر عن أبيجعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام قال: لما ولد عيسى بن مريم عليه السلام كان ابن يوم كأنه ابن شهرين، فلما كان ابن سبعة أشهر اخذته والدته وجاء‌ت به إلى الكتاب واقعدته بين يدى المؤدب، فقال له المؤدب: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال عيسى عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال له المؤدب: قل أبجد فرفع عيسى عليه السلام

___________________________________

(1) اى مقطوع السرة.

[337]

رأسه فقال: وهل تدرى ما أبجد؟ فعلاه بالدرة(1) ليضربه فقال: يا مؤدب لا تضربنى ان كنت تدرى والا فسلنى حتى افسر لك، قال: فسر لى، فقال عيسى عليه السلام: الالف آلاء الله، والباء بهجة الله، الجيم جمال الله، والدال دين الله، " هوز " ها هول جهنم، والواو ويل لاهل النار، والزا زفير جهنم " حطى " حطت الخطايا عن المستغفرين " كلمن " كلام الله لا مبدل لكلماته " سعفص " صاع بصاع والجزا بالجزا " قرشت " قرشهم(2) فحشرهم فقال المؤدب: أيتها المرأة خذى بيد ابنك فقد علم ولا حاجة له في المؤدب.

79 - في اصول الكافى على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبدالرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبيجعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأنزل في الكيل " ويل للمطففين " ولم يجعل الويل لاحد حتى يسميه كافرا، قال الله عزوجل: فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم.

80 - في كتاب معانى الاخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبدالله عن القاسم بن محمد الاصفهانى عن داود عن حفص بن غياث عن أبى عبدالله عليه السلام قال: يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح.

81 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن الحسن بن محبوب عن أبى ولاد الحناط عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سئل عن قوله: وأنذرهم يوم الحسرة قال: ينادى مناد من عند الله عزوجل وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار: يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟ فيقولون: لا، فيؤتى بالموت في اصورة كبش أملح(3) فيوقف بين الجنة والنار ثم، ينادون جميعا اشرفوا وانظروا إلى الموت، فيشرفون ثم يأمر الله عزوجل به فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا، ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا، وهو قوله عزوجل

___________________________________

(1) الدرة: السوط.

(2) قرش الشئ: جمعه من هنا ومن هنا وضم بعضه إلى بعض.

(3) يقال كبش املح: اذا كان اسود شعره بياض.

أو يخالط بياضه سواد.

[338]

" وانذرهم يوم الحسرة اذ قضى الامر وهم في غفلة " اى قضى على أهل الجنة بالخلود فيها، وقضى على أهل النار بالخلود فيها.

82 - في مجمع البيان وروى مسلم في الصحيح بالاسناد عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: اذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار قيل: يا أهل الجنة فيشرفون وينظرون، وقيل: يا أهل النار فيشرفون وينظرون، فيجاء بالموت كأنه كبش املح فيقال لهم: تعرفون الموت؟ فيقولون: هذا هذا وكل قد عرفه، قال: فيقدم فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، قال: فذلك قوله: " وأنذرهم يوم الحسرة " الآية ورواه أصحابنا عن أبى جعفر وابى عبدالله عليهما السلام، ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا لماتوا.

83 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله عزوجل: انا نحن نرث الارض ومن عليها قال: كل شئ خلقه الله يرثه الله يوم القيمة.

84 - في مجمع البيان: يا ابت انى اخاف ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا وقد بينا في ما مضى ان الذى يقوله أصحابنا ان هذا الخطاب من ابراهيم عليه السلام انما توجه إلى من سماه الله أبا له، لانه كان جد ابراهيم لامه، وان اباه الذى ولده كان اسمه تارخ، لاجماع الطائفة على أن آباء الانبياء إلى آدم عليه السلام مسلمون موحدون، وبما روى عنه عليه السلام انه قال: لم يزل ينقلنى الله سبحانه من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات حتى أخرجنى في عالمكم هذا، و الكافر غير موصوف بالطهارة لقوله تعالى: " انما المشركون نجس ".

85 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا: ما بال امير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الثلثة كما نازع طلحة والزبير وعايشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر أن ينادى: الصلوة الجامعة

[339]

فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغنى عنكم كذا وكذا؟ قالوا: صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك.

قال ان لى بستة من الانبياء اسوة في ما فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة " قالوا: ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال: أولهم ابراهيم عليه السلام اذ قال لقومه: وأعتزلكم وما تدعون من دون الله فان قلتم: ان ابراهيم اعتزل قومه لغير مكروه أصابه منهم فقد كفرتم، وان قلتم: اعتزلهم لمكروه رآه منهم فالوصى أعذر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

86 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الاشعرى عن ابن القداح عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: رحم الله عبدا طلب من الله عزوجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له أو لم يستجيب، وتلا هذه الاية " وادعو ربى عسى ان لا أكون بدعاء ربى شقيا ".

87 - في تفسير على بن ابراهيم فلما اعتزلهم يعنى ابراهيم عليه السلام وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا يعنى لابراهيم واسحق ويعقوب من رحمتنا رسول الله صلى الله عليه واله وجعلنا لهم لسان صدق عليا يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه حدثنى بذلك أبى عن الحسن بن على العسكرى عليه السلام.

88 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يحيى عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

89 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: او ان اللسان الصالح يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.

90 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل:

[340]

وكان رسولا نبيا: ما الرسول وما النبى؟ قال: النبى الذى يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذى يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل: وقربناه نجيا.

91 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن ايوب عن عمرو بن أبان عن اديم أخى ايوب عن حمران قال: قلت لابيعبد الله عليه السلام: جعلت فداك بلغنى ان الله تبارك وتعالى ناجى عليا عليه السلام؟ قال: اجل قد كان بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبرئيل.

92 - ابراهيم بن هشام عن يحيى بن عمران عن يونس عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال: قلت لابيعبد الله عليه السلام: ان سلمة بن كهيل يروى في على أشياء قال: ما هى؟ قلت: حدثنى ان رسول الله صلى الله عليه واله كان محاصر أهل الطائف وانه خلا بعلى يوما فقال رجل من أصحابه: عجبا لما نحن فيه من الشدة وانه يناجى هذا الغلام مثل اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا بمناج له انما يناجى ربه، فقال أبوعبدالله عليه السلام: هذه اشياء يعرف بعضها من بعض.

93 - محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن عاصم عن معاوية عن أبى الزبير عن جابر بن عبدالله قال: لما كان يوم الطائف ناجى رسول الله صلى الله عليه واله عليا فقال ابوبكر وعمر: انتجيته دوننا؟ فقال: ما انتجيته، بل الله ناجاه.

94 - على بن محمد قال: حدثنى حمدان بن سليمان قال: حدثنى عبدالله بن محمد اليمانى عن منيع عن يونس عن على بن أعين عن أبى رافع قال: لما دعا رسول الله صلى الله عليه واله عليا يوم خيبر فتفل في عينيه ثم قال له: اذا أنت فتحتها فقف بين الناس فان الله أمرنى بذلك، قال أبو رافع: فمضى على وانا معه، فلما أصبح بخيبر وقف بين الناس وأطال الوقوف، فقال الناس: ان عليا يناجى ربه، فلما مكث امر بانتهاب المدينة التى افتتحها، قال أبو - رافع فأتيت رسول الله صلى الله عليه واله فقلت: ان عليا وقف بين الناس كما أمرته، فقال قوم:

[341]

الله ناجاه؟ فقال: نعم يابا رافع، ان الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر.

95 - وعنه بهذا الاسناد عن منيع عن يونس عن على بن أعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله لاهل الطائف: لابعثن اليكم رجلا كنفسى يفتح الله به الخيبر، سوطه سيفه، فتشرف الناس لها، فلما أصبح دعا عليا فقال: اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبى عليه السلام ان يدخل اليها بعد أن دخله على، فلما صار اليها كان على رأس الجبل فقال له رسول الله: اثبت فثبت، فسمعنا مثل صرير الرحا فقيل: ما هذا يا رسول الله صلى الله عليه واله قال ان الله يناجى عليا عليه السلام.

قال عز من قائل: ووهبنا له من رحمتنا اخاه هرون نبيا.

96 - في كتاب كما الدين وتمام النعمة حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق رضى الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمدانى قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن هشام بن سالم قال: قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: الحسن أفضل أم الحسين عليه السلام؟ فقال: الحسن أفضل من الحسين.

قلت: فيكف صارت الامامة بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك الا أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما السلام، الا ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة، وان الله عزوجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارون عليهما السلام.

97 - وباسناده إلى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: عاش موسى عليه السلام مأة وستة وعشرين سنة، وعاش هارون عليه السلام مأة وثلاثة وثلثين سنة.

98 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ثلاث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم انه مسلم: من أذا اؤتمن خان، واذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، ان الله عزوجل يقول في كتابه: " ان الله لا يحب الخائنين " وقال:

[342]

" أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين " وفى قوله تعالى: واذكر في الكتاب اسمعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا.

99 - ابن أبى عمير عن منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: انما سمى اسمعيل صادق الوعد لانه وعد رجلا في مكان فانتظره سنة، فسماه الله عزوجل صادق الوعد، ثم ان الرجل أتاه بعد ذلك فقال له اسمعيل: ما زلت منتظرا لك.

100 - في عيون الاخبار باسناده إلى سليمان الجعفرى عن أبى الحسن الرضا (ع (قال: أتدرى لم سمى اسمعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدرى، قال: وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره.

101 - في كتاب علل الشرايع في باب العلة التى من أجلها سمى اسمعيل بن حزقيل صادق الوعد، حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبى عمير ومحمد ابن سنان عمن ذكره عن أبى عبدالله (ع) قال: ان اسمعيل الذى قال الله عزوجل في كتابه: " واذكر في الكتاب اسمعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " لم يكن اسمعيل بن ابراهيم، بل كان نبيا من الانبياء بعثه الله عزوجل إلى قومه، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه(1) ووجهه، فأتاه ملك فقال: ان الله جل جلاله بعثنى اليك فمرنى بما شئت، فقال: لى اسوة بما يصنع بالانبياء عليهم السلام.

102 - وباسناده إلى أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام ان اسمعيل كان رسولا نبيا سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له: ربك يقرئك السلام ويقول قد رأيت ما صنع بك وقد امرنى بطاعتك فمرنى بما شئت فقال: يكون لى بالحسين بن على عليهما السلام اسوة.

103 - في تفسير على بن ابراهيم " واذكر في الكتاب اسمعيل انه كان صادق الوعد " قال: وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة، وهو اسمعيل بن حزقيل عليه السلام.

___________________________________

(1) الفروة: جلدة الرأس بشعرها.

 

[343]

104 - في مجمع البيان " واذكر في الكتاب " الذى هو القرآن " اسمعيل " بن ابراهيم " انه كان صادق الوعد " وكان اذا وعد بشئ وفى ولم يخلف " وكان " مع ذلك " رسولا نبيا " إلى جرهم وقد مضى معناه، قال ابن عباس انه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسى الرجل، فانتظره سنة حتى اتاه الرجل، وروى ذلك عن أبى عبدالله عليه السلام.

105 - وقيل: إن اسمعيل بن ابراهيم مات قبل أبيه، وان هذا هو اسمعيل بن حزقيل بعثه الله إلى قوله، ورواه أصحابنا عن أبيعبد الله عليه السلام، وذكر نحو ما ذكرنا عن كتاب علل الشرايع.

106 - في كتاب كما الدين وتمام النعمة باسناده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: عاش اسمعيل بن ابراهيم عليه السلام مأة وعشرين سنة.

107 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى ابراهيم بن أبى البلاد عن أبيه عن أبى جعفر محمد بن على الباقر عليهم السلام قال: كان بدو نبوة ادريس (ع) انه كان في زمانه ملك جبار، وانه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بارض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة(1) فأعجبته فسأل وزرائه لمن هذه الارض؟ قالوا: لعبد مؤمن من عبيد الملك فلان الرافضى -، فدعا به فقال له: امتعنى بارضك هذه، فقال له: عيالى أحوج اليها منك، قال: فسمنى بها اثمن لك(2) قال: لا امتعك بها ولا اسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك واسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم متفكر في أمره، وكانت له امرأة من الازارقة(3) وكان بها معجبا يشاورها في الامر اذا نزل به، فلما استقر في

___________________________________

(1) قال المسعودى في اثبات الوصية (ص: 12 ط طهران): وكان من لا يتبعه على كفره ويرفضه يسمى رافضيا " انتهى " وقال بعض: انه عليه السلام عبر بذلك لئلا يتهم أصحابه مما ينابزهم العامة بهذا اللقب، ويعلموا ان ذلك كان ديدن أهل الدنيا سلفا وخلفا وعادتهم.

(2) اى يعنى اعطيك الثمن.

(3) الازارقة من الخوارج اصحاب نافع بن الازرق كفروا عليا عليه السلام واصحابه وجوزوا قتل مخالفيهم وسبى نسائهم فقيل: ان المراد في الحديث ان المرأة كانت بصفة الازارقة فكما ان الازارقة يرون غير اهل نحلتهم مشركا ويستحلون دمه وأمواله فكذلك هذه المرأة.

[344]

مجلسه بعث اليها يشاورها في أمر صاحب الارض، فخرجت اليه فرأت في وجهه الغضب فقالت: ايها الملك ما الذى دهاك(1) حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك؟ فأخبرها بخبر الارض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له، فقالت: ايها الملك انما يغتم ويهتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام، فان كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير ارضه اليك بحجة، لك فيها العذر عند أهل مملكتك، قال: وما هى؟ قالت: أبعث اليه أقواما من أصحابى ازارقة حتى يأتوك به، فيشهدون عليه عندك انه قد برأ من دينك، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه.

قال: فافعلى.

قال: وكان لها أصحاب من الازارقة على دينها يرون قتل الرافصة من المؤمنين، فبعث إلى قوم من الازارقة فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضى عند الملك انه قد برأ من دين الملك فشهدوا عليه انه قد برئ من دين الملك فقتله واستخلص أرضه، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك، فأوحى إلى ادريس: أن ائت عبدى هذا الجبار فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدى المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك، فاحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتى لانتقمن له منك في الآجل، ولاصلبنك ملكك في العاجل، ولاخربن مدينتك ولاذلن عزك، ولاطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقد غرك يا مبتلى حلمى عنك؟ فأتاه ادريس عليه السلام برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه، فقال: أيها الجبار انى رسول الله اليك وهو يقول لك: أما رضيت ان قتلت عبدى المؤمن حتى استخلصت أرضه خالصة لك، وأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتى لانتقمن له منك في الآجل، ولاسلبنك ملكك في العاجل ولاخربن مدينتك ولاذلن عزك ولاطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقال الجبار: اخرج

___________________________________

(1) دهى فلانا: أصابه بداهية والداهية: الامر العظيم.

[345]

عنى يا ادريس فلن تسبقنى بنفسك(1) ثم ارسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به ادريس فقالت: لا يهولنك رسالة اله ادريس انا اكفيك أمر ادريس، انا ارسل اليه من يقتله فتبطل رسالة الهه وكلما جاء به، قال: فافعلى قال: وكان لادريس أصحاب من الروافض مؤمنون يجتمعون اليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم، فأخبرهم ادريس بما كان من وحى الله عزوجل اليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغه رسالة الله عز - وجل إلى الجبار، فأشفقوا على ادريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار اليه أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه.

فأتوه في مجلسه الذى كان يجتمع اليه فيه أصحابه فلم يجدوه، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب ادريس فحسبوا أنهم أتوا ادريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له: خذ حذرك يا ادريس فان الجبار قاتلك، قد بعث اليوم اربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.

فتنحى ادريس عن القرية من يومه ذلك، ومعه نفر من أصحابه، فلما كان في السحر ناجى ادريس ربه فقال: يا رب بعثتنى إلى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدنى هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلى ان ظفر بى؟ فأوحى الله عزوجل اليه: أن تنح عنه واخرج من قريته، وخلنى واياه فوعزتى لانفذن فيه أمرى، ولاصدقن قولك فيه، وما ارسلتك به اليه، فقال ادريس: يا رب ان لى حاجة، قال الله عزوجل: سل تعطها.

قال: اسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى اسألك ذلك، قال الله عزوجل: يا ادريس اذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون ! قال ادريس: وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال الله عزوجل: قد اعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتى تسألنى ذلك، وأنا أحق من وفى بوعده.

فأخبر ادريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله اليه ووعده

___________________________________

(1) قال المجلسى (ره): فلن تسبقنى بنفسك هو تهديد بالقتل، اى لا يمكنك الفرار بنفسك والتقدم بحيث لا يمكننى اللحوق بك لاهلاكها، ولا تغلبنى في امر نفسك بأن تتخلصها منى ويحتمل أن يكون المراد: لا تغلبنى متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لى.

[346]

أن لا يمطر السماء على قريتهم حتى يسأله ذلك فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى، فخرجوا منها وعدتهم يومئذ عشرون رجلا، فتفرقوا في القرى وشاع خبر ادريس في القرى بما سأل ربه، وتنحى ادريس إلى كهف من الجبل شاهق(1) فلجأ اليه ووكل الله عزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء، وسلب الله عزوجل عند ذلك ملك الجبار و قتله واخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن، فظهر في المدينة جبار آخر عاص، فمكثوا بذلك بعد خروج ادريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة من مائها فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة(2) من القرى من بعد، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: ان الذى نزل بنا مما ترون لسؤال ادريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو، وقد تنحى ادريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه، فأجمع امرهم على ان يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا اليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم، فقاموا على الرماد و لبسوا المسوح وحثوا على رؤسهم التراب(3) وعجوا إلى الله بالتوبة والاستغفار و البكاء والتضرع اليه فأوحى الله عزوجل إلى ادريس: يا ادريس ان أهل قريتك قد عجوا إلى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع، وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة واعفو عن السيئة وقد رحمتهم ولم يمنعنى من اجابتهم إلى ما سألونى من المطر الا مناظرتك فيما سألتنى أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألنى، فاسألنى يا ادريس حتى أغيثهم وامطر السماء عليهم.

قال ادريس: اللهم انى لا اسئلك ذلك.

قال الله عزوجل: ألم تسألنى يا ادريس

___________________________________

(1) الشاهق: المرتفع من الجبال.

(2) اى يجمعونها.

(3) المسوح جمع المسح: الكساء من شعر كثوب الرهبان، ومنه يقال من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للجسد مسح.وحثا التراب: صبه.

[347]

فأجبتك إلى ما سألت، وأنا اسألك ان تسألنى فلم لا يجيب مسألتى؟ قال ادريس: اللهم لا اسألك، قال: فأوحى الله عزوجل إلى الملك الذى أمره أن يأتى ادريس بطعامه كل مساء أن احبس عن ادريس طعامه ولا تأته به، فلما أمسى ادريس في ليلة يومه ذلك فلم يؤت بطعامه حزن وجاع، فصبر فلما كان في ليلة اليوم الثانى فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه وجوعه، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه و قل صبره، فنادى ربه: يا رب حبست عنى رزقى من قبل أن تقبض روحى؟ فأوحى الله عزوجل اليه: يا ادريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلثة أيام ولياليها، ولم تجزع و تذكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة، ثم سالتك عند جهدهم ورحمتى اياهم ان تسألنى فأمطر عليهم فلم تسألنى وبخلت عليهم بمسألتك اياى ! فأدبتك بالجوع، فقل عند ذلك وظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى جبلتك.

فهبط ادريس عليه السلام من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه، فهجم على عجوز كبيرة وهى ترفق قرصتين لها على مقلاة(1) فقال لها: ايتها المرأة أطعمينى فانى مجهود من الجوع، فقالت له: يا عبدالله ما تركت لنا دعوة ادريس فضلا نطعمه أحدا - وحلفت انها ما تملك غيره شيئا - فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، فقال لها: اطعمينى ما أمسك به روحى وتحملنى به رجلى إلى أن أطلب، قالت: انهما قرصتان واحدة لى والاخرى لابنى فان اطعمتك قوتى مت، وان أطعمتك قوت ابنى مات، وما هيهنا فضل اطعمك، فقال لها: " ان ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به، ويجزينى النصف الاخر فأحيى به وفى ذلك بلغة لى وله، فأكلت المرئة قرصتها وكسرت الاخرى بين ادريس وبين ابنها، فلما راى ابنها ادريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات، قالت امه: يا عبدالله قتلت على ابنى جزعا على قوته، فقال لها ادريس: فأنا احييه

___________________________________

(1) المقلاة: وعاء يقلى فيه الطعام.

[348]

باذن الله فلا تجزعى، ثم أخذ ادريس بعضدى الصبى ثم قال: أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعى إلى بدنه باذن الله وأنا ادريس النبى، فرجعت روح الغلام اليه باذن الله، فلما سمعت امه كلام ادريس وقوله: أنا ادريس، ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت، قالت: اشهد انك ادريس النبى وخرجت تنادى بأعلى صوتها في القرية: ابشروا بالفرج قد دخل ادريس في قريتكم، ومضى ادريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهى تل، فاجتمع اليه اناس من أهل قريته فقالوا له: يا ادريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التى جهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فيها؟ ! فادع الله ان يمطر السماء علينا، قال: لا، حتى يأتينى جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألونى ذلك، فبلغ الجبار قوله، فبعث اليه أربعين رجلا يأتوه بادريس فأتوه فقالوا له: ان الجبار بعثنا اليك لنذهب بك اليه فدعا عليهم فماتوا، فبلغ ذلك الجبار فبعث اليه خمسمأة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا ادريس ان الجبار بعثنا اليك لنذهب بك اليه، فقال لهم ادريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له: يا ادريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟ أما لك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب اليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتينى جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول ادريس وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم إلى ادريس مشاة حفاة، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين اليه أن يسأل الله عزوجل أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم ادريس: اما الان فنعم فسأل الله عزوجل ادريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم و نواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم(1) حتى ظنوا انه الغرق، فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء(2)

___________________________________

(1) هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.

(2) قال في البحار: اى خوف انفسهم أوقعهم في الهموم، أو لم يهتمهم الا هم أنفسهم وطلب خلاصها، ثم اعلم ان الظاهر ان أمره تعالى ادريس عليه السلام بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم والوجوب بل على الندب والاستحباب، وكان غرضه عليه السلام في الاحير وفى طلب القوم أن يأتوه متذللين تنبسيهم وزجرهم عن الطغيان والفساد لئلا يخالفوا ربهم بعد دخوله بينهم، وان اولياء الله يغضبون لربهم اكثر من سخطه تعالى لنفسه لسعة رحمته وعظم حلمه تعالى شأنه.

[349]

108 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبدالله بن يزيد بن سلام انه قال لرسول الله صلى الله عليه واله وقد سأله عن الايام: فالخميس؟ قال: هو يوم خامس من الدنيا و هو يوم انيس لعن فيه ابليس ورفع فيه ادريس، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

109 - في الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن مفضل بن صالح عن جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرنى جبرئيل ان ملكا من الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فتعتب عليه فأهبطه من السماء إلى الارض، فأتى ادريس عليه السلام فقال له: ان لك من الله منزلة فاشفع لى عند ربك، فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام(1) ايامها لا يفطر، ثم طلب إلى الله عزوجل في السحر في الملك، فقال الملك: انك قد أعطيت سؤلك وقد أطلق الله لى جناحى وانا احب ان اكافيك فاطلب إلى حاجة، فقال ترينى ملك الموت لعلى آنس به فانه ليس يهنينى مع ذكره شئ.

فبسط جناحه ثم قال: اركب فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا، فقيل له: اصعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة، فقال الملك: يا ملك الموت مالى أراك قاطبا؟(2) قال: العجب انى تحت ظل العرش حيث أمرت ان أقبض روح آدمى بين السماء الرابعة و الخامسة؟ فسمع ادريس عليه السلام فامتعض(3) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه و قال الله عزوجل: ورفعناه مكانا عليا.

110 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبى داود عن عبدالله بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال في حديث طويل يذكر فيه مسجد السهلة: أما علمت انه

___________________________________

(1) فتر فلان عن عمله قصر فيه.

(2) قطب: زوى ما بين عينيه وكلح.

(3) امتعض منه: غضب وشق عليه.

[350]

موضع بيت ادريس النبى عليه السلام الذى كان يخيط فيه؟.

111 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى ابى عن محمد بن ابى عمير عمن حدثه عن ابيعبد الله عليه السلام قال: ان الله تبارك وتعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه و ألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقى ما شاء الله عزوجل في ذلك البحر، فلما بعث الله عزوجل ادريس عليه السلام جاء ذلك الملك اليه فقال: يا نبى الله ادع الله أن يرضى عنى ويرد جناحى، قال: نعم فدعا ادريس فرد الله عزوجل عليه جناحه ورضى عنه، قال الملك لادريس: ألك حاجة؟ قال: نعم احب ان ترفعنى إلى السماء حتى انظر إلى ملك الموت فانه لاعيش لى مع ذكره، فأخذه الملك على جناحه حتى انتهى به إلى السماء الرابعة فاذا ملك الموت يحرك رأسه تعجبا، فسلم ادريس عليه السلام على ملك الموت، فقال له: ما لك تحرك رأسك؟ قال: ان رب العزة أمرنى ان أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة، فقلت: يا رب وكيف يكون هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمأة عام، ومن السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمأة عام، ومن السماء الثالثة إلى السماء الثانية مسيرة خمسمأة عام، وغلظ السماء الثالثة مسيرة خمسمأة عام، وكل سمائين وما بينهما كذلك فيكف يكون هذا؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة، وهو قوله عزوجل: " ورفعناه مكانا عليا " وسمى ادريس لكثرة دراسته الكتب.

112 - وفيه عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل ذكرناه اول الاسراء وفيه: ثم صعدنا إلى السماء الرابعة واذا فيها رجل فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ادريس رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لى.

113 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السلام قال: ان يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لعلى عليه السلام في كلام طويل: هذا ادريس عليه السلام أعطاه الله عزوجل " مكانا عليا " قال له على عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه واله اعطى ما هو أفضل من هذا.

ان الله جل ثناؤه قال فيه:: ورفعنا لك ذكرك " فكفى بهذا من الله رفعة.

[351]

114 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدين عليه السلام قال عليه السلام في قوله تعالى: وممن هدينا واجتبينا: نحن عنينا بها.

115 - في الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن ايوب عن داود بن فرقد قال: قلت لابيعبد الله عليه السلام قوله تعالى: " ان الصلوة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " قال: كتابا ثابتا، وليس ان عجلت قليلا او اخرت قليلا بالذى يضرك ما لم تضيع تلك الاضاعة، فان الله عزوجل يقول لقوم: اضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.

116 - في مجمع البيان وقيل: اضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلا.

وهو المروى عن أبيعبد الله عليه السلام.

117 - في جوامع الجامع " واتبعوا الشهوات " رووا عن على عليه السلام: من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور.

118 - في كتاب الخصال عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من سلم من امتى من أربع خصال فله الجنة: من الدخول في الدنيا، واتباع الهوى، و شهوة البطن، وشهوة الفرج.

119 - في تفسير على بن ابراهيم قوله: لا يسمعون فيها لغوا يعنى في الجنة الا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا قال: ذلك في جنات الدنيا قبل القيمة، والدليل على ذلك قوله تعالى: " بكرة وعشيا " فالبكرة والعشى لا يكون في الاخرة في جنات الخلد وانما يكون الغدو والعشى في جنات الدنيا التى تنتقل اليها أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر.

120 - في محاسن البرقى عنه عن النضر بن سويد عن على بن صامت عن ابن أخى شهاب بن عبد ربه قال: شكوت إلى أبيعبد الله عليه السلام ما ألقى من الاوجاع والتخم، فقال: تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فان فيه فساد البدن، أما سمعت قول الله عزوجل يقول: " لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ".

[352]

121 - في كتاب طب الائمة عليهم السلام محمد بن عبدالله العسقلانى قال: حدثنا النضر بن سويد عن على بن أبى الصلت عن أخى شهاب بن عبد ربه قال: كأنى شكوت إلى أبيعبد الله عليه السلام ما القى من الاوجاع والتخم وذكر إلى آخر ما في كتاب المحاسن.

قال عز من قائل: تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا.

122 - في تهذيب الاحكام في ادعية نوافل شهر رمضان: سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد، سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.

123 - في مجمع البيان وقال ابن عباس: ان النبى صلى الله عليه واله قال لجبرئيل: ما منعك ان تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزل وما نتنزل الا بأمر ربك الآية.

124 - في عيون الاخبار عن الرضا عليه السلام حديث وفيه يقول عليه السلام: ان الله تعالى لا يسهو ولا ينسى وانما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث، الا تسمعه عزوجل يقول: وما كان ربك نسيا.

125 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه لرجل سأله عما اشتبه عليه من آيات الكتاب: واما قوله: " وما كان ربك نسيا " فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذى ينسى، ولايغفل بل هو الحفيظ العليم.

ويقول فيه عليه السلام للسائل ايضا: واما قوله: هل تعلم له سميا فان تأويله: هل يعلم أحد اسمه الله غير الله تبارك وتعالى، فاياك ان تفسر القرآن برأيك حتى تفقه عن العلماء، فانه رب تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله وتأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شئ من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تبارك وتعالى شيئا من أفعال البشر، ولا يشبه شئ من كلامه بكلام البشر، فكلام الله تبارك وتعالى صفته، وكلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك وتضل.

126 - في اصول الكافى أحمد بن مهران عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنى عن على بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهنى قال: سألت

[353]

أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: أو لم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا.

127 - في محاسن البرقى عنه عن أبيه عن اسمعيل بن ابراهيم ومحمد بن أبى - عمير عن عبدالله بن بكير عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله: " او لم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شئيا " قال.

لم يكن شيئا في كتاب ولا علم.

128 - في تفسير على بن ابراهيم " او لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " اى لم يكن ذكره، ثم أقسم عزوجل بنفسه فقال: فو ربك يا محمد لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا قال: على ركبهم وقوله عزوجل: وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا يعنى في البحار اذا تحولت نيرانا يوم القيمة.

129 - وفى حديث آخر: هى منسوخة بقوله عزوجل: " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون ".

130 - اخبرنا أحمد بن ادريس قال: حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن الحسين بن ابى العلا عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل: " وان منكم الا واردها " قال: أما تسمع الرجل يقول: وردنا بنى فلان فهو الورود ولم يدخله.

131 - في مجمع البيان قال السدى: سألت مرة الهمدانى عن هذه الآية فحدثنى ان عبدالله بن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمع البرق، ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب ثم كشد الرجل، ثم كمشيه.

132 - وروى أبوصالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد عن أبى سمية قال: اختلفنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن.

وقال آخرون: يدخلونها جميعا ثم ينجى الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبدالله فسألته فأومى باصبعيه إلى اذنيه وقال: صمتا ان لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا

[354]

فاجر الا يدخلها، فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على ابراهيم حتى ان للنار - او قال لجهنم: - ضجيجا من بردها، ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا.

133 - وروى مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: تقول النار للمؤمن يوم القيمة: جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى.

134 - وروى عن النبى صلى الله عليه واله أنه سئل عن المعنى فقال: ان الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد، ويجمع عليها الخلق ثم ينادى المنادى: أن خذى أصحابك وذرى اصحابى فوالذى نفسى بيده لهى أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.

135 - في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله وروى انه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد الم في النار اذا دخلوها، وانما يصيبهم الالم عند الخروج منها، فتكون تلك الالام جزاء‌ا بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد.

136 - في مجمع البيان متصل بقوله: من الوالدة بولدها وقيل: ان الفائدة في ذلك ما روى في بعض الاخبار ان الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب، ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه واحسانه اليه، فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها، ولا يدخل أحدا النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها، وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم.

137 - وروى ان رسول الله صلى الله عليه واله عاد مريضا فقال: ابشر ان الله عزوجل يقول: الحمى هى نارى اسلطها على عبدى المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار.

138 - في الكافى محمد عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل عن سعدان عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: الحمى رائد الموت(1)

___________________________________

(1) إلى انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله: لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء

[355]

وهى سجن المؤمن في الارض، وهى حظ المؤمن من النار.

139 - محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم بن أبى مسروق عن شيخ من أصحابنا يكنى بابى عبدالله عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: الحمى رائد الموت، وسجن الله تعالى في أرضه، وفورها من جهنم، وهى حظ كل مؤمن من النار.

140 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن ابن عبدالرحمن عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: واذا تتلى عليهم آياتنا قال الذين كفروا للذين آمنوا اى الفريقين خير مقاما و احسن نديا قال: كان رسول الله صلى الله عليه واله دعا قريشا إلى ولايتنا فتنفروا وأنكروا " فقال الذين كفروا " من قريش " للذين آمنوا " الذين اقروا لامير المؤمنين ولنا أهل البيت: " اى الفريقين خير مقاما واحسن نديا " تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم: وكم اهلكنا قبلهم من قرن من الامم السابقة " هم أحسن اثاثا ورئيا ".

141 - في تفسير على بن ابراهيم وقال على بن ابراهيم رحمه الله في قوله عزوجل: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن اثاثا ورئيا " قال: عنى به الثياب والاكل والشراب وفى رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام قال: الاثاث المتاع، واما رئيا فالجمال والمنظر الحسن.

142 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن ابن عبدالرحمن عن على بن أبيحمزة عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام قلت: قوله من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا قال: كلهم كانوا في ضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين فليمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا.

فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله: حتى اذا رأوا ما يوعدون اما العذاب واما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا قال: اما قوله: " حتى اذا رأوا ما يوعدون " فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون

[356]

ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدى قائمه.

فذلك قوله: " من هو شر مكانا " يعنى عند القائم عليه السلام " وأضعف جندا " قلت: قوله: ويزيد الله الذين اهتدوا هدى قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم عليه السلام، حيث لا يجحدونه و لا ينكرونه.

143 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا قال: الباقيات هو قول المؤمن: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر.

144 - وحدثنى أبى عن محمد بن أبيعمير عن جميل عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لما اسرى بى إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا(1) ورأيت فيها ملئكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: وما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر.

فاذا قال بنينا و اذا أمسك أمسكنا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وفى بعض النسخ دخلت الجنة فرأيت فيها ملئكة يبنون الخ وقد نقلنا في تفسير " الباقيات الصالحات " في سورة الكهف جملة شافية من الاخبار فراجع.

145 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبيجعفر عليه السلام في قوله عزوجل: افرايت الذى كفر بآياتنا وقال لاوتين مالا وولدا ان العاص بن وائل بن هشام القرشى ثم السهمى وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الارت على العاص بن وائل حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له العاص: ألستم تزعمون ان في الجنة الذهب والفضة والحرير؟ قال: بلى، قال: فموعد ما بينى وبينك الجنة فوالله لاوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا، يقول الله عزوجل: اطلع على الغيب ام اتخذ عند الرحمن عهدا

___________________________________

(1) القيعان جمع القاع: الارض السهلة المطمئنة قد انفرجت عنها الاكام والجبال.

ويقق: شديد البياض.

[357]

كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا والضد القرين الذى يقرن به.

146 - حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا الحسين ابن على بن ابيحمزة عن ابيه عن ابى بصير عن ابيعبد الله عليه السلام في قوله: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " يوم القيامة اى يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيمة ويتبرؤن منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيمة، ثم قال: ليس العبادة هى السجود ولا الركوع وانما هى طاعة الرجال، من اطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده، وقوله عزوجل: انا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا قال: لما طغوا فيها وفى فتنتها وفى طاعتهم ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم ارسل عليهم شياطين الانس والجن " تؤزهم أزا " اى تنخسهم نخسا، و تحصنهم على طاعتهم وعبادتهم، فقال الله عزوجل: فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا اى في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم.

147 - وفى تفسيره متصل بقوله " واذا أمسك أمسكنا " عند قوله: " والباقيات الصالحات " وقوله: " ألم تر أنا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " قال: نزلت في مانعى الزكوة والمعروف، يبعث الله علهيم سلطانا او شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكوة في غير طاعة الله ويعذبه على ذلك، وقوله تبارك وتعالى: فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا فقال لى: ما هو عندك؟ قلت: عندى عدد الايام، قال: لا، ان الاباء والامهات ليحصون ذلك ولكن عدد الانفاس.

148 - في الكافى محمد بن يحيى عن الحسين بن اسحق عن على بن مهزيار عن على بن اسمعيل الميثمى عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: قلت لابيعبد الله عليه السلام: قول الله عزوجل: " انما نعد لهم عدا " قال: ما هو عندك؟ قلت: عدد الايام، قال: ان الاباء والامهات يحصون ذلك ولكنه عدد الانفاس.

[358]

149 - في نهج البلاغة من كلامه عليه السلام: نفس المرء خطاه إلى أجله.

150 - وقال عليه السلام: كل معدود متنقص وكل متوقع آت.

151 - في عيون الاخبار حدثنا أبوعلى محمد بن أحمد بن يحيى المعاذى قال: حدثنا أبوعمر محمد بن عبدالله الحكمى الحاكم بنوقان، قال: خرج علينا رجلان من الرى برسالة بعض السلاطين بها إلى الامير نصر بن أحمد بخارا وكان أحدهما من اهل الرى والاخر من أهل قم، وكان القمى على المذهب الذى كان قديما بقم في النصب وكان الرازى متشيعا، فلما بلغا نيسابور قال الرازى للقمى: ألا نبدء بزيارة الرضا عليه السلام ثم نتوجه إلى بخارا؟ فقال القمى: قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة ببخارا فلا يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتى نفرغ منها، فقصد بخارا وأديا ورجعا حتى حاذيا طوس، فقال الرازى للقمى: الا نزور الرضا عليه السلام؟ فقال: خرجت من قم مرجئا ولا أرجع اليها رافضيا، قال: فسلم الرازى أمتعته ودوابه اليه وركب حمارا وقصد مشهد الرضا عليه السلام وقال لخدام المشهد: خلوا لى المشهد هذه الليلة، وادفعوا إلى مفتاحه ففعلوا ذلك، قال: فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضا عليه السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ما شاء الله تعالى، وابتدأت في قرائة القرآن من اوله قال: فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرء، فقطعت صلوتى ودرت المشهد كله وطلبت نواحيه فلم أر أحدا، فعدت إلى مكانه وأخذت في القرائة من أول القرآن فكنت أسمع مثل ما اقرأ حتى بلغت آخر مريم فقرآت: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا فسمعت الصوت من القبر: " يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا " حتى ختمت القرآن وختم، فلما أصبحت رجعت إلى نوقان فسألت من بها من المقرئين عن هذه القرائة، فقالوا هذا في اللفظ والمعنى مستقيم لكنا لا نعرف في قرائة احد قال فرجعت إلى نيسابور فسئلت من المقرئين عن هذه القرائة فلم يعرفها احد منهم حتى رجعت إلى الرى فسئلت بعض المقرئين عن هذه القرائة فقلت: من قرء " يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا "؟ فقالوا لى: اين جئت بهذا؟ فقلت: وقع لى احتياج إلى معرفتها في أمر

[359]

حدث، فقال: هذه قرائة رسول الله صلى الله عليه واله من رواية أهل البيت عليهم السلام ثم استحكانى السبب الذى من أجله سألت عن هذه القرائة فقصيت عليه القصة وصحت لى القرائة.

152 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن سنان عن أبى الجارود قال: قال أبوجعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتى ثم امتى ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله و أهل بيتى؟.

153 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن محمد بن ابيعمير عن عبدالله بن شريك العامرى عن أبيعبد الله عليه السلام قال: سأل على صلوات الله عليه رسول الله صلى الله عليه واله عن تفسير قوله عزوجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " قال: يا على الوفد لا يكون الا ركبانا، اولئك رجال اتقوا الله عزوجل فأحبهم، واختصهم ورضى أعمالهم، فسماهم الله متقين، ثم قال: يا على أما والذى فلق الحبة وبرئ النسمة انهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلالا.

154 - وفى حديث آخر قال: ان الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت، وجلالها(1) الاستبرق والسندس و خطامها جذل الارجوان(2) وازمتهم من زبرجد، فتطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله، يزفونهم(3) حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الاعظم، وعلى باب الجنة شجرة، الورقة منها يستظل تحتها مأة ألف

___________________________________

(1) جلال - ككتاب - جمع الجل وهو للدابة كالثوب للانسان تصان به.

(2) الجذل: أصل الشجر الخشبى والارجوان: شجرة صغيرة الحجم من فصيلة القرنيات زهرها وردى يظهر في مطلع الربيع قبل الاوراق.

(3) زف العروس إلى زوجها: اهداها: قال المجلسى (ره) في مرأة العقول اى يذهبون بهم على غاية الكرامة كما يزف العروس إلى زوجها.

[360]

من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مكوكبة(1) قال: فيسقون منها شربة فيطهر الله عزوجل قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر.

وذلك قوله عزوجل: " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " من تلك العين المطهرة، ثم يرجعون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها، وهى عين الحيوة، فلا يموتون أبدا.

ثم قال: يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الافات والاسقام والحر والبرد، قال فيقول الجبار جل ذكره للملئكة الذين معهم: احشروا أوليائى إلى الجنة ولا تقفوهم مع الخلائق، قد سبق رضائى عنهم ووجبت لهم رحمتى، فكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات، فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فاذا انتهوا إلى باب الجنة الاعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا(2) فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها الله عزوجل وأعدها لاوليائه، فيتباشروا اذ سمعوا صوت صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض: قد جاء‌نا أولياء الله فيفتح لهم الباب، فيدخلون الجنة و يشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والادميين، فيقلن: مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا اليكم، ويقول لهم أولياء الله مثل ذلك، فقال على صلوات الله عليه: من هؤلاء يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله: يا على هؤلاء شيعتك المخلصون في ولايتك، و أنت امامهم وهو قول الله عزوجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " على الرحائل، " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ".

في روضة الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن اسحق المدنى عن أبيجعفر عليه السلام قال: ان رسول الله صلى الله عليه واله سئل عن قول الله عزوجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " فقال: يا على ان الوفد لا يكونون الا ركبانا، وذكر نحو ما في تفسير على بن ابراهيم إلى قوله: ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

___________________________________

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر وكتاب الروضة والمنقول عنهما في البحار " مزكية " وهو الظاهر.

(2) صرصريرا: صوت وصاح شديدا.

[361]

155 - في محاسن البرقى عنه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبى عمير عن حماد بن عثمان وغيره عن أبيعبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " قال: يحشرون على النجائب.

156 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبدالله بن موسى عن الحسن بن على بن أبيحمزة عن أبيه عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمان عهدا قال: لا يشفع ولا يشفع لهم ولا يشفعون: الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " الا من أذن له بولاية امير المؤمنين والائمة من بعده صلوات الله عليه وعليهم فهو العهد عند الله.

157 - حدثنى أبى عن الحسن بن محبوب عن سليمان بن جعفر عن أبيعبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته، قلت: يا رسول الله وكيف يوصى عند الموت؟ قال: اذا حضرته الوفأه واجتمع الناس اليه قال: اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، انى أعهد اليك في دار الدنيا انى أشهد أن لا اله الا انت وحدك لا شريك لك، و ان محمدا عبدك ورسولك، وان الجنة حق وان النار حق وان البعث حق والحساب حق والقدر والميزان حق، وان الدين كما وصفت وان السلام كما شرعت، وان القول كما حدثت وان القرآن كما انزلت، وانك أنت الله الحق المبين، جزى الله محمدا خير الجزاء وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام، اللهم يا عدتى عند كربتى ويا صاحبى عند شدتى ويا وليى في نعمتى: الهى واله آبائى لا تكلنى إلى نفسى طرفة عين، فانك ان تكلنى إلى نفسى أقرب من الشر وأبعد من الخير، فآنس في القبر وحشتى، واجعل لى عهدا يوم القاك منشورا، ثم يوصى بحاجته وتصديق هذه الوصية في سورة مريم عليها السلام في قوله عزوجل: " لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويتعلمها، وقال على عليه السلام: علمنيها رسول الله صلى الله عليه واله، وقال: علمنيها جبرئيل عليه السلام.

[362]

وفى الكافى وتهذيب الاحكام مثل هذه الوصية سواء.

158 - في جوامع الجامع وعن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه واله قال لاصحابه ذات يوم أيعجز أحدكم ان يتخذ عند كل صباح ومساء عند الله عهدا؟ قالوا: وكيف ذاك؟ قال: يقول: اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انى أعهد اليك بأنى اشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وانك ان تكلنى إلى نفسى تقربنى من الشر وتباعدنى من الخير، وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عندك عهدا توفينيه يوم القيمة، انك لاتخلف الميعاد، فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش، فاذا كان يوم القيمة، نادى مناد: اين الذين لهم عند الله عهد؟ فيدخلون الجنة.

159 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبدالرحمن عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قلت: قوله: " لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " قال: الا من دان الله بولاية امير - المؤمنين والائمة من بعده، فهو العهد عند الله.

160 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبدالله بن موسى عن الحسن بن أبى حمزة عن أبيه عن ابى بصير عن ابيعبد الله عليه السلام قلت: قوله: عزوجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدا قال هذا حيث قالت قريش: ان لله عزوجل ولدا، وان الملائكة اناث، فقال الله تبارك وتعالى ردا عليهم: لقد جئتم شيئا ادا اى عظيما تكاد السموات يتفطرن منه يعنى مما قالوه ومما رموه به وتنشق الارض وتخر الجبال هدا مما قالوه ومما رموه به ان دعو للرحمن ولدا فقال الله تبارك وتعالى: وما ينبغى للرحمن ان يتخذ ولدا ان كل من في السماوات والارض الا آتى الرحمن عبدا لقد احصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيمة فردا واحدا واحدا.

161 - حدثنى أبى عن اسحق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة عن على عليه السلام انه قال: ان الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعى للرحمن ولد، عز الرحمن وجل أن يكون له ولد، وكادت السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر

[363]

الجبال هدا، فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك حذارا أن ينزل به العذاب و هذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

162 - وفى متصلا بقوله: واحدا واحدا، قلت: قوله عزوجل: ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام هى الود الذى ذكره الله عزوجل.

163 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبدالرحمن عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام قلت: قوله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " قال: ولاية أمير المؤمنين هى الود الذى قال الله.

164 - في تفسير العياشى عن عمار بن سويد قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول في هذه الاية: " فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك " وذكر حديثا طويلا وفى آخره: ودعا رسول الله صلى الله عليه واله لامير المؤمنين عليه السلام في آخر صلوته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول: اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فأنزل الله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " بنى امية، فقال: ركع(1) والله لصاع من تمر في شن بال(2) أحب لى مما سأل محمد ربه، أفلا سأله ملكا يعضده، أو كنزا يستظهر به على فاقته؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها: " فلعك تارك بعض ما يوحى اليك " الاية.

165 - في مجمع البيان " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " قيل فيه أقوال: أحدها انها خاصة في على عليه السلام، فما من مؤمن الا وفى قلبه محبة لعلى عليه السلام عن ابن عباس.

وفى تفسير أبى حمزة الثمالى حدثنى أبوجعفر الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله لعلى: قل اللهم اجعل لى عندك عهدا، واجعل لى في قلوب

___________________________________

(1) كناية عن أحدهما وقد مر ايضا في سورة هود وفى المصدر " رمع " وهى كلمة مقلوبة.

(2) الشن.القربة الصغيرة.

[364]

المؤمنين ودا، فقالهما فنزلت هذه الاية وروى نحوه عن جابر بن عبدالله إلى قوله:.

166 - ويؤيد القول الاول ما صح عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: لو ضربت خيشوم(1) المؤمن بسيفى هذا على أن يبغضنى ما أبغضنى، ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق على أن يحبنى ما أحبنى، وذلك انه قضى فانقضى على لسان النبى الامى صلى الله عليه واله أنه قال: لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق.

167 - في تفسير على بن ابراهيم واما قوله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " فانه قال الصادق عليه السلام كان سبب نزول هذه الاية ان امير المؤمنين كان جالسا بين يدى رسول الله صلى الله عليه واله فقال له: قل يا على: اللهم اجعل لى في قلوب المؤمنين ودا، فأنزل الله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " ثم خاطب الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال: فانما يسرناه بلسانك يعنى القرآن لتبشر به المتقين وتنذر قوما لدا قال: اصحاب الكلام والخصومة.

168 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه واله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " هو على و " انما يسرناه بلسانك لتبشربه المتقين وتنذر به قوما لدا " قال: انما يسره الله على لس انه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه " لدا " اى كفارا.

169 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبدالله بن موسى عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن أبيه عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قلت: قوله تبارك وتعالى: " فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " قال: انما يسره الله عزوجل على لسان نبينا صلى الله عليه واله حين أقام امير المؤمنين صلوات الله عليه علما فبشر به المؤمنين، وانذر به الكافرين، وهم الذين ذكرهم الله تعالى: " قوما لدا " اى كفارا قلت: قوله عزوجل: وكم اهلكنا من قبلهم من قرن هل تحس منهم من احدا وتسمع لهم ركزا قال: أهلك الله عزوجل من الامم ما لا تحصون

[365]

فقال: يا محمد " هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا " اى ذكرا والحمد لله.

170 - في روضة الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن على بن اسباط عنهم عليهم السلام قال: فيما وعظ الله عزوجل به عيسى عليه السلام: وطئ رسوم منازل من قبلك و ادعهم وناجهم هل تحس منهم من أحد، وخذ موعظتك منهم، واعلم أنك ستحلقهم في اللاحقين.

[366]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337849

  • التاريخ : 29/03/2024 - 06:33

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net