00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الكهف 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير نور الثقلين ( الجزء الثالث )   ||   تأليف : الشيخ عبد على بن جمعة العروسي الحويزي

 

سورة الكهف

بسم الله الرحمن الرحيم

1 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده إلى ابيعبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة الكهف في كل ليلة جمعة لم يمت الا شهيدا، ويبعثه الله من الشهداء، ووقف يوم القيامة مع الشهداء.

2 - في الكافى الحسين بن محمد عن عبدالله بن عامر عن على بن مهزيار عن أيوب بن نوح عن محمد بن أبى حمزة قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: من قرء سورة الكهف في كل ليلة جمعة كانت كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة، قال: وروى غيره ايضا فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظهر والعصر مثل ذلك.

3 - في مجمع البيان أبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه واله قال: من قرأها فهو معصوم ثمانية ايام من كل فتنة، فان خرج الدجال في الثمانية ايام عصمه الله من فتنة الدجال.

4 - سمرة بن جندب عن النبى صلى الله عليه واله قال: من قرء عشر آيات من سورة الكهف لم يضره فتنة الدجال، ومن قرء السورة كلها دخل الجنة.

5 - وعن النبى صلى الله عليه واله قال: الا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملك حين نزلت، ملاء‌ت عظمتها ما بين السماء والارض؟ قالوا: بلى، قال: سورة أصحاب الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له إلى الجمعة الاخرى وزيادة ثلثة أيام، واعطى

[242]

نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال.

6 - وروى الواحدى باسناده عن أبى الدرداء عن النبى صلى الله عليه واله قال: من حفظ عشر آيات من سورة الكهف كانت له نورا يوم القيمة.

7 - وروى ايضا باسناده عن سعيد بن محمد الجرمى عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه واله قال: من قرء الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى سنة من كل فتنة تكون فان خرج الدجال عصم منه.

8 - في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامى وما سئل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله كم حج آدم من حجة؟ فقال له: سبعين حجة ماشية على قدمه، واول حجة حجها كان معه الصرد يدله على مواضع الماء، وخرج معه من الجنة وقد نهى عن أكل الصرد والخطاف، وسأله: ما باله لا يمشئ؟ فقال: لانه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه، ولم يزل يبكى مع آدم عليه السلام، فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرأ بها في الجنة، وهى معه إلى يوم القيمة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان، " فاذا قرأت القرآن " وثلاث آيات من يس " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ".

9 - في تفسير على بن ابراهيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما قال: هذا مقدم ومؤخر، لان معناه الذى انزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، فقد قدم حرف، على حرف.

10- في تفسير العياشى عن البرقى عمن رواه رفعه عن أبى بصير عن أبيجعفر عليه السلام لينذر باسا شديدا من لدنه قال: البأس الشديد على وهو لدن رسول الله صلى الله عليه واله قاتل معه عدوه، فذلك قوله " لينذر بأسا شديدا من لدنه ".

11 - عن الحسن بن صالح قال: قال لى أبوجعفر عليه السلام: لا تقرأ يبشر، انما

[243]

البشر بشر الاديم، قال: فصليت بعد ذلك خلف الحسن فقرأ تبشر.

12 - في تفسير على بن ابراهيم وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا مالهم به من علم قال: قالت قريش حين زعموا ان الملائكة بنات الله عزوجل وما قالت اليهود والنصارى في قولهم عزيز ابن الله والمسيح ابن الله، فرد الله عزوجل عليهم فقال: مالهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الا كذبا.

13 - وفى رواية أبى الجارود عن أبيجعفر عليه السلام في قوله عزوجل: فلعلك باخع نفسك يقول: قاتل نفسك على آثارهم.

14 - في روضة الكافى كلام لعلى بن الحسين عليه السلام في الواعظ والزهد في الدنيا يقول فيه عليه السلام: واعلموا ان الله لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لاحد من اوليائه، ولم - يرغبهم فيها وفى عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وانما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها ايهم احسن عملا لآخرته.

15 - في الخرايج الجرايح عن المنهال بن عمر قال: والله أنا رأيت رأس الحسين عليه السلام حين حمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله: ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فانطق الله تعالى الرأس بلسان ذرب طلق قال: أعجب من أصحاب الكهف حملى وقتلى.

16 - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى ابومخنف عن الشعبى انه صلب رأس الحسين بالصياف في الكوفة فتنحنح الرأس وقرء سورة الكهف إلى قوله: انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وسمع ايضا يقرأ: " ان أصحاب الكهف و الرقيم كانوا من آياتنا عجبا ".

17 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن هشام ابن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان مثل أبى طالب مثل أصحاب الكهف، اسروا الايمان واظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين.

[244]

18 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن على عن درست الواسطى قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ما بلغت تقية احد تقية أصحاب الكهف، اذ كانوا يشهدون الاعياد ويشدون الزنانير(1) فأعطاهم الله أجرهم مرتين.

19 - في تفسير العياشى عن عبيد الله بن يحيى عن أبى عبدالله عليه السلام انه ذكر أصحاب الكهف فقال: لو كلفكلم قومكم ما كلفهم قومهم؟ فقيل له: وما كلفهم قومهم؟ فقال: كلفوهم الشرك بالله العظيم فاظهروا لهم الشرك، وأسروا الايمان حتى جاء‌هم الفرج.

20 - عن ابى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان اصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر فآجرهم الله.

21 - عن محمد عن أحمد بن على عن أبيعبد الله عليه السلام في قوله: " ام حسبت ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " قال: هم قوم فروا وكتب ملك ذلك الزمان باسمائهم وأسماء آبائهم وعشايرهم في صحف من رصاص، فهو قوله: " أصحاب الكهف والرقيم ".

22 - عن أبى بكر الحضرمى عن أبيعبد الله عليه السلام قال: خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد، فلما صاروا في الصحراء أخد بعضهم على بعض العهود والمواثيق، يأخذ هذا على هذا وهذا على هذا، ثم قالوا: أظهروا امركم فاظهروه فاذا هم على أمر واحد.

23 - عن الكاهلى عن أبيعبد الله عليه السلام قال: ان أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر، وكانوا على جهار الكفر أعظم أجرا منهم على الاسرار بالايمان.

24 - عن سليمان بن جعفر النهدى قال: قال جعفر بن محمد: يا سليمان من الفتى؟ قال: قلت: جعلت فداك الفتى عندنا الشاب، قال لى: أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا كلهم كهولا فسماهم الله فتية بايمانهم، يا سليمان من آمن بالله واتقى

___________________________________

(1) جمع الزنار

[245]

هو الفتى.

25 - في روضة الكافى على بن ابراهيم رفعه قال: قال أبوعبدالله عليه السلام لرجل: ما الفتى عندكم؟ فقال له: الشاب، فقال: لا، الفتى المؤمن، ان اصحاب الكهف كانوا شيوخا فسماهم الله عزوجل فتية بايمانهم.

26 - في من لا يحضره الفقيه وروى سدير الصيرفى قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: حديث بلغنى عن الحسن البصرى فان حقا فانا لله وانا اليه راجعون، قال: وما هو؟ قلت: بلغنى ان الحسن كان يقول: لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفى؟ ولو تفرثت كبده(1) عطشا لم يستسق من دار صيرفى ماء‌ا وهو عملى وتجارتى، وعليه نبت لحمى ودمى ومنه حجتى وعمرتى قال: فجلس عليه السلام ثم قال: كذب الحسن خذ سواء‌ا واعط سواء‌ا، واذا حضرت الصلوة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلوة، أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة يعنى صيارفة الكلام، ولم يعن صيارفة الدراهم(2).

___________________________________

(1) تفرث: تفرق.

(2) اقول: الصرف هو بيع النقود كبيع الذهب بالفضة او الدينار بالدرهم وصيارفة جمع الصيرفى وهو النقاد والهاء للنسبة، ثم ان المشهور كراهية بيع الصرف لانه يفضى إلى المحرم أو المكروه غالبا، ولعل هذا الخبر انما ورد ردا على من برى اباحته متمسكا بعمل اصحاب الكهف.

وقال المجلسى (ره) بعد نقل هذا الخبر: لعله عليه السلام انما ذكر ذلك الزاما عليهم حيث ظنوا انهم كانوا صيارفة الدراهم " انتهى " وقد رواه الصدوق (ره) في الفقيه وليس فيما رواه قوله: " يعنى صيارفة الكلام.

اه " كنا ان الظاهر انه من كلام الراوى او الكلينى (ره) نعم ورد في بعضها التصريح بانهم صيارفة الكلام كما في حديث العياشى ثم قال الصدوق (ره) بعد نقل الحديث: يعنى صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم " انتهى " وذكر المجلسى (ره) في وجه حمل الصدوق (ره) الخبر على هذا المعنى وجوها يطول المقام بذكرها، وعلى الطالب أن يراجع البحار.

وعن بعض شراح الحديث: ان المعنى كأن الامام عليه السلام قال لسدير: مالك ولقول الحسن الصبرى؟ أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الاقاويل، فانتقدوا ما قرع أسماعهم فاتبعوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أمانى أهل الضلال وأكاذيب رهط النفاهة، فأنت ايضا كن صيرفيا لما يبلغك من الاقايل فانتقده آخذا بالحق رافضا للباطل وليس المراد انهم كانوا صيارفة الدراهم كما هو المتبادر إلى بعض الاوهام، لانهم كانوا فتية من أشراف الروم مع عظم شأنهم وكبر خطرهم.

[246]

27 - في تفسير العياشى عن درست عن أبيعبد الله عليه السلام انه ذكر اصحاب الكهف فقال: كانوا صيارفة كلام، ولم يكونوا صيارفة دراهم.

28 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن اسمعيل القرشى عمن حدثه عن اسمعيل بن أعبل عن أبيه عن أبى رافع عن النبى صلى الله عليه واله حديث طويل قال فيه بعد ان ذكر عيسى، ثم يحيى بن زكريا، ثم العزيز ثم دانيال، ثم مكيخا ابن دانيال عليهم السلام وملوك زمانهم، فعند ذلك ملك سابور بن هرمز اثنين وسبعين سنة، و هو اول من عقد التاج ولبسه، وولى أمر الله عزوجل يومئذ وهو الشواء بن مكيخا، وملك بعد أردشير أخو شابور سنتين، وفى زمانه بعث الله الفتية اصحاب الكهف والرقيم، و ولى أمر الله في الارض يومئذ دستجا بن لشوا بن مكيخا.

29 - في تفسير على بن ابراهيم وقوله: عزوجل: " ام حسبت أن اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " يقول: قد آتيناك من الايات ما هو أعجب منه، وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليهما السلام ومحمد صلى الله عليه واله، واما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر اسلامهم، وما اراد منهم دقيانوس الملك، وكيف كان امرهم وحالهم وقال على بن ابراهيم فحدثنى أبى عن ابن ابى عمير عن أبى بصير عن ابيعبد الله عليه السلام قال: كان سبب نزول سورة الكهف ان قريشا بعثوا ثلثة نفر إلى نجران: النضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبى معيط، والعاص بن وائل السهمى، ليعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسئلونها رسول الله صلى الله عليه واله فخرجوا إلى نجران إلى علماء اليهود، فسألوهم فقالوا: اسألوه عن ثلثة مسائل، فان أجابكم فيها

[247]

على ما عندنا فهو صادق، ثم سلوه عن مسألة واحدة، فان ادعى علمها فهو كاذب قالوا: وما هذه المسائل؟ قالوا: اسالوه عن فتية كانوا في الزمن الاول فخرجوا وغابوا وناموا كم بقوا في نومهم؟ حتى انتبهوا، وكم كان عددهم، وأى شئ كان معهم من غيرهم وما كان قصتهم؟ واسئلوه عن موسى عليه السلام حين أمره الله عزوجل أن يتبع العالم ويتعلم منه من هو، وكيف تبعه وما كان قصته معه؟ واسئلوه عن طائف طاف مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو؟ وكيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلث المسائل، وقالوا لهم: ان أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق، وان اخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه، قالوا: فما المسألة الرابعة؟ قالوا: سلوه متى تقوم الساعة؟ فان ادعى علمها فهو كاذب، فان قيام الساعة لا يعلمها الا الله تبارك وتعالى.

فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبيطالب رضى الله عنه فقالوا: يا باطالب ان ابن اخيك يزعم ان خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فان أجابنا عنها علمنا انه صادق وان لم يخبرنا علمنا انه كاذب، فقال أبوطالب: سلوه عما بدا لكم، فسئلوه عن الثلث المسائل، فقال رسول الله صلى الله عليه واله غدا أخبركم ولم يستثن، فاحتبس الوحى عليه أربعين يوما، حتى اغتم النبى صلى الله عليه واله وشك اصحابه الذين كانوا آمنوا به، وفرحت قريش و استهزؤا وآذوا وحزن أبوطالب، فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه سورة الكهف فقال رسول الله صلى الله عليه واله: يا جبرئيل لقد أبطأت ! فقال: انا لا نقدر ان ننزل الا باذن الله تعالى، فأنزل الله عزوجل: " ام حبست " يا محمد " ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " ثم قص قصتهم فقال: اذ اوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا فقال الصادق عليه السلام: ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الاصنام فمن لم يجبه قتله، وكانوا هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل، ووكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتى

[248]

يسجد للاصنام، فخرجوا هؤلاء بعلة الصيد وذلك انهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعى كلب، فأجابهم وخرج معهم، فقال الصادق عليه السلام: لا يدخل الجنة من البهائم الا ثلثة حمار بلعم بن باعور، وذئب يوسف عليه السلام و كلب أصحاب الكهف.

فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك، فلما أمسوا دخلوا إلى ذلك الكهف، والكلب معهم، فألقى الله عزوجل عليهم النعاس، كما قال الله تبارك وتعالى: " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " فناموا حتى أهلك الله عز وجل الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان، وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا، فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ههنا فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم، ثم قالوا لواحد منهم: خذ هذه الورق وادخل في المدينة متنكرا لا يعرفوك: فاشتر لنا فانهم ان علموا بنا وعرفونا قتلونا او اوردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فراى المدينة بخلاف الذى عهدها، وراى قوما بخلاف اولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته، ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت و من اين جئت فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف، فأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم: هؤلاء ثلثة ورابعهم كلبهم، وقال بعضهم: هم خمسة وسادسهم كلبهم، وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم الله عزوجل بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم، فانه لما دخل عليهم وجدهم خائفين ان يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم انهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، وأنهم آية للناس، فبكوا وسئلوا الله تعالى ان يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا، ثم قال الملك: ينبغى ان يبنى ههنا مسجد ونزوره فان هؤلاء قوم مؤمنون، فلهم في كل سنة نقلة نقلتان ينامون ستة اشهر على جنوبهم الايمن وستة أشهر على جنوبهم الايسر، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف(1).

___________________________________

(1) " في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) نقلا عن تفسير أبى اسحق ابراهيم بن محمد القزوينى باسناده إلى انس بن مالك قال: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله بساط من قرية يقال لها بهندف، فقعد عليه على وأبوبكر وعمر وعثمان والزبير و عبدالرحمن بن عوف وسعد، فقال النبى صلى الله عليه وآله لعلى: يا على قل يا ريح احمل بنا، فقال على: يا ريح احمل بنا فحمل بهم حتى أتوا اصحاب الكهف، فسلم أبوبكر وعمر فلم يردوا عليهم السلام، ثم قام على عليه السلام فسلم فردوا عليه السلام، فقال أبوبكر: يا على ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا؟ فقال لهم على عليه السلام فقالوا: انا لا نرد بعد الموت الا على نبى أو وصى نبى ثم قال على " يا ريح احملينا فحملتنا، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا، فركز برجله الارض فتوضأ على وتوضأنا ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا، فوافينا المدينة والنبى صلى الله عليه وآله في صلوة الغداة وهو يقرأ: " أم حسبت أن اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " فلما قضى النبى صلى الله عليه وآله الصلوة قال: يا على أخبرونى عن مسيركم أم تحبون أن أخبركم؟ قالوا: بل تخبرنا يا رسول الله.

قال انس بن مالك: فقص القصة كأن معنا.

منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).

[249]

30 - في مجمع البيان وقيل: أصحاب الرقيم هم النفر الثلثة الذين دخلوا في غار، فانسد عليهم فقالوا: ليدع الله تعالى كل واحد منا بعمله حتى يفرج الله عنا ففعلوا فنجاهم الله.

رواه النعمان بن بشير مرفوعا.

31 - في محاسن البرقى عنه عن عبدالرحمن بن أبى نجران عن المفضل بن صالح عن جابر الجعفى يرفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: خرج ثلثة نفر يسيحون في الارض، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلة جبل حتى بدت صخرة من أعلى الجبل حتى التقمت باب الكهف، فقال بعضهم لبعض: عباد الله والله ما ينجيكم مما وقعتم الا أن تصدقوا الله، فهلم ما عملتم لله خالصا، فانما أسلمتم بالذنوب، فقال أحدهم: اللهم ان كنت تعلم انى طلبت امرأة لحسنها وجمالها فأعطيت فيها مالا ضخما، حتى اذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرجل من المرأة وذكرت النار، فقمت عنها فرقا منك، اللهم فارفع عنا هذه الصخرة، فانصدعت حتى نظروا إلى الصدع ثم قال الآخر: اللهم ان كنت تعلم انى استاجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف درهم، فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم، فقال أحدهم: قد عملت عمل اثنين والله لا آخذ الا درهما واحدا وترك ماله عندى فبذرت بذلك النصف الدرهم في الارض فأخرج الله من ذلك رزقا، وجاء صاحب النصف

[250]

الدرهم فأراده فدفعت اليه ثمن عشرة آلاف، فان كنت تعلم انما فعلته مخافة منك فارفع عنا هذه الصخرة، قال: فانفرجت منهم حتى نظر بعضهم إلى بعض، ثم ان الآخر قال: اللهم ان كنت تعلم ان أبى وامى كانا نائمين فأتيتهما بقعب من لبن(1) فخفت ان أضعه أن تمج فيه هامة، وكرهت أن أوقظهما من نومهما، فيشق ذلك عليهما فلم ازل كذلك حتى استيقظا وشربا، اللهم فان كنت تعلم انى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فارفع عنا هذه - الصخرة، فانفرجت لهم حتى سهل لهم طريقهم، ثم قال النبى صلى الله عليه واله: من صدق الله نجا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قوله عزوجل: فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا قد سبق له بيان في حديث على بن ابراهيم.

32 - في كتاب طب الائمة عوذة للصبى اذا كثر بكاؤه ولمن يفزع بالليل، و للمرأة اذا سهرت من وجع " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أى الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا " حدثنا أبوالمغر الواسطى قال: حدثنا محمد بن سليمان عن مروان بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبيجعفر عليه السلام مأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال ذلك.

33 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد قال: حدثنا أبوعمرو الزبيرى عن أبيعبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا وفيه بعد ان قال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها، و فرقه فيها وبين ذلك، قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه فمن أين جاء‌ت زيادته؟ فقال: قول الله عزوجل: " واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون * واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم " وقال: نحن نقص عليك نبأهم بالحق انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان، لم يكن لاحد منهم فضل على الآخر، ولا ستوت النعم، ولا استوى الناس وبطل التفضيل، ولكن بتمام

___________________________________

(1) القعب: القدح الضخم الغليظ.

[251]

الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله وبالنقصان دخل المفرطون النار.

34 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبيجعفر عليه السلام في قوله عزوجل: لن ندعو من دونه الها لقد قلنا اذا شططا يعنى جورا على الله تعالى ان قلنا ان له شريكا.

35 - في كتاب التوحيد حدثنا على بن عبدالله الوراق ومحمد بن على السنانى وعلى بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قالوا حدثنا أبوالعباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن جعفر بن سليمان النضرى عن عبدالله بن الفضل الهاشمى قال: سألت أبا عبدالله جعفر بن محمد عليهم السلام عن قول الله عزوجل: من يهد الله فهو المهتد و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا فقال: ان الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيمة عن دار كرامته، ويهدى أهل الايمان والعمل الصالح إلى جنته كما قال الله عزوجل: " ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " وقال الله عزوجل: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجرى من تحتهم الانهار في جنات النعيم ".

قال مؤلف هذا الكتاب قوله عزوجل: ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وقوله عزوجل: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد قد سبق لهما بيان في حديث على ابن ابراهيم.

36 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن الحسين بن خالد عن أبى الحسن الرضا عليه السلام انه قال: لا يدخل الجنة من البهائم الا ثلثة: حمارة بلعم، وكلب أصحاب الكهف والذئب، وكان سبب الذئب انه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين و يعذبهم، وكان للشرطى ابن يحبه، فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطى عليه، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطى.

37 - في تفسير العياشى عن محمد بن سنان البطيخى(1)

___________________________________

(1) وفى المصدر " عن محمد بن سنان عن البطيخى ".

[252]

عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا قال: ان ذلك لم يعن به النبى صلى الله عليه واله انما عنى به المؤمنون بعضهم لبعض لكنه حالهم التى هم عليها.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عزوجل: قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا احدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فلياتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا قد سبق له بيان في حديث على بن ابراهيم.

38 - في محاسن البرقى عن ابراهيم بن عقبة عن محمد بن ميسر عن أبيه عن أبى جعفر اوعن أبى عبدالله عليهما السلام في قول الله: " فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه " قال: أزكى طعاما التمر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عزوجل: انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم او يعيدوكم في ملتهم قد سبق له بيان في حديث على بن ابراهيم.

39 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن أبى عبدالله عليه السلام، حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلثمأة عام، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم، وليريهم قدرته وليعلموا أن البعث حق.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون ثلثة رابعهم كلبهم إلى قوله عزوجل: وثامنهم كلبهم قد سبق له بيان في حديث على بن ابراهيم.

40 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال الصادق عليه السلام: يخرج مع القائم عليه السلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا، خمسة عشر من قوم موسى عليه السلام، الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون وأبا دجانة الانصارى، ومقداد ومالك الاشتر، فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما.

قال عز من قائل: فلا تمار فيهم الامراء ظاهرا.

41 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة

[253]

ابن صدقة عن أبى عبدالله عليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اياكم والمراء والخصومة فانهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق.

42 - وباسناده قال: قال النبى صلى الله عليه واله: ثلاث من لقى الله عزوجل بهن دخل الجنة من اى باب شاء: من حسن خلقه وخشى الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وان كان محقا.

43 - وباسناده إلى عمار بن مروان قال قال ابوعبدالله عليه السلام: لا تمارين حليما ولا سفيها، فان الحليم يغلبك(1) والسفيه يؤذيك.

44 - في كتاب التوحيد باسناده إلى اسمعيل بن أبى زياد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله انا زعيم(2) ببيت في أعلى الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا.

45 - في كتاب الخصال عن أبى عبدالله عليه السلام قال: من يضمن أربعة بأربعة ابيات في الجنة: من انفق ولم يخف فقرا، إلى قوله (ع): وترك المراء وان وكان محقا.

46 - عن جعفر بن محمد عن أبيه، عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أربع خصال تميت القلب: الذنب على الذنب وكثرة منافثة النساء يعنى محادثتهن، ومماراة الاحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى خيرا أبدا، الحديث.

47 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن مرازم ابن حكيم قال مر أبوعبدالله (ع) بكتاب في حاجة، فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء، فقال: كيف رجوتم ان يتم هذا وليس فيه استثناء؟ انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه.

48 - في الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن أبى جميلة عن المفضل بن صالح عن محمد الحلبى وزارة عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر و

___________________________________

(1) وفى بعض النسخ " يقليك " ويوافقه المصدر ايضا وهو من القلى بمعنى البغض.

(2) الزعيم: الكفيل.

[254]

أبى عبدالله عليهما السلام في قول الله عزوجل: " واذكر ربك اذا نسيت " قال: اذا حلف الرجل فنسى أن يستثنى فليستثن.

49 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن ابراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن أبى جعفر الاحول عن سلام بن المستنير عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله عز - وجل: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما " قال: فقال: ان الله عزوجل لما قال لآدم: ادخل الجنة قال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة، قال: وأراه اياها؟ فقال آدم لربه: كيف اقربها وقد نهيتنى عنها أنا وزوجتى؟ قال: فقال لهما: لا تقرباها يعنى لا تاكلا منها، فقال آدم وزوجته: نعم يا ربنا لم نقربها ولم نأكل منها ولم يستثنيا في قولهما نعم، فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما والى ذكرهما، قال: وقد قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه واله في الكتاب: ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله ان لا أفعله فتسبق مشية الله في ان لا افعله، فلا أقدر على أن أفعله فلذلك قال الله عزوجل: " واذكر ربك اذا نسيت " أى استثن مشية الله في فعلك.

50 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " واذكر ربك اذا نسيت " قال: ذلك في اليمين، اذا قلت: والله لا أفعل كذا وكذا، فاذا ذكرت انك لم تستثن فقل انشاء الله.

51 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الاشعرى عن ابن القداح عن أبيعبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الاستثناء في اليمين متى ما ذكر وان كان بعد أربعين صباحا، ثم تلا هذه الآية: " واذكر ربك اذا نسيت ".

52 - احمد بن محمد عن على بن الحسن عن على بن اسباط عن الحسن بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " واذكر ربك اذا نسيت " فقال: اذا حلفت على يمين ونسيت أن تستثنى فاستثن اذا ذكرت.

53 - في من لا يحضره الفقيه وروى حماد بن عيسى عن عبدالله بن ميمون عن

[255]

أبيعبد الله عليه السلام قال: للعبد أن يستثنى ما بينه وبين أربعين يوما اذا نسى، ان رسول الله صلى الله عليه واله أتاه اناس من اليهود فسألوه عن أشياء، فقال لهم: تعالوا غدا احدثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عليه السلام عنه أربعين يوما ثم أتاه فقال: " ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت ".

54 - في تهذيب الاحكام باسناده إلى على بن حديد عن مرازم قال: دخل أبو عبدالله عليه السلام يوما إلى منزل معتب وهو يريد العمرة، فتناول لوحا فيه تسمية أرزاق العيال وما يخرج لهم، فاذا فيه لفلان وفلان وفلان وليس فيه استثناء، فقال: من كتب هذا الكتاب ولم يستثن فيه كيف ظن انه يتم؟ ثم دعى بالدواة فقال: الحق فيه انشاء الله، فالحق فيه في كل اسم انشاء الله.

55 - في تفسير العياشى عن عبدالله بن ميمون عن أبيعبد الله (ع) عن أبيه عن على ابن أبيطالب صلوات الله عليهم قال: اذا حلف الرجل بالله فله ثنيا(1) إلى أربعين يوما، و ذلك ان قوما من اليهود سئلوا النبى صلى الله عليه واله عن شئ فقال: ائتونى(2) غدا ولم يستثن حتى أخبركم فاحتبس عنه جبرئيل (ع) أربعين يوما، ثم أتى وقال: " لا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت ".

56 - عن ابى حمزة عن أبى جعفر (ع) ذكر ان آدم لما اسكنه الله الجنة فقال له: ياآدم لا تقرب هذه الشجرة فقال: نعم ولم يستثن فأمر الله نبيه فقال: " ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت " ولو بعد سنة.

57 - وفى رواية عبدالله بن ميمون عن أبيعبد الله عليه السلام في قوله: " ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت " أن تقول الا من بعد الاربعين فللعبد الاستثناء في اليمين ما بينه وبين أربعين يوما اذا نسى.

58 - عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبيجعفر وأبيعبد الله عليهما السلام في قول الله: " و اذكر ربك اذا نسيت " فقال: اذا حلف الرجل فنسى أن يستثن فليستثن اذا ذكر.

___________________________________

(1) الثنيا - بالضم مع القصر -: الاسم من الاستثناء، وفى المصدر " ثنياها ".

(2) وفى بعض النسخ " ألقونى " مكان " ائتونى ".

[256]

59 - عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبدالله عليه (ع) عن قول الله: " واذكر ربك اذا نسيت " فقال: ان تستثنى ثم ذكرت بعد فاستثن حين تذكر.

قال مولف هذا الكتاب عفى عنه وقد سبق لهذة الاية بيان في حديث على ابن ابراهيم.

60 - في مجمع البيان وقوله: " واذكر ربك اذا نسيت " فيه وجهان أحهما انه كلام متصل بما قبله، ثم اختلف في ذلك فقيل: معناه واذكر ربك اذا نسيت الاستثناء ثم تذكرت فقل ان شاء الله، وان كان بعد يوم أو شهر او سنة عن ابن عباس وقد روى ذلك عن ائمتنا عليهم السلام، ويمكن ان يكون الوجه فيه انه اذا استثنى بعد النسيان فانه يحصل ثواب المستثنى من غير أن يوثر الاستثناء بعد انفصال الكلام في الكلام وابطال الحنث وسقوط الكفارة في اليمين، وهو الاشبه بمراد ابن عباس في قوله.

61 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن ابى عبدالله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام " وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير منهم أصحاب الكهف، اماتهم الله ثلثمأة عام وتسعة، وبعثهم في زمان قوم انكروا البعث ليقطع حجتهم و ليريهم قدرته وليعلموا ان البعث حق:.

62 - في مجمع البيان وروى ان يهوديا سئل على بن ابى طالب عليه السلام عن مدة لبثهم فأخبر بما في القرآن، فقال: انا نجد في كتابنا ثلاثماة فقال عليه السلام: ذاك بسنى الشمس وهذا بسنى القمر.

63 - في كتاب طب الائمة باسناده إلى سالم بن محمد قال: شكوت إلى الصادق عليه السلام وجع الساقين، وانه قد أقعدنى عن أمر ربى واسبابى، فقال: عوذها، قلت: بماذا يا بن رسول الله؟ قال: بهذه الآية سبع مرات فانك تعافى باذن الله، واتل ما اوحى اليك من كتاب ربك ولا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا قال: فعوذتها سبعا كما امرنى، فرفع الوجع عنى رفعا حتى لم أحس بعد ذلك بشئ منه.

[257]

63 - في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال عثمان بن عفان: يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تعلموا تفسير ابجد فان فيه الاعاجيب كلها وهل للعالم جهل تفسيره فقال: يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ قال: ما الالف فآلاء الله إلى قوله عليه السلام: واما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا.

64 - عن عبدالله بن الصامت عن ابى ذر رحمه الله قال: أوصانى رسول الله صلى الله عليه واله بسبع اوصاف بحب المساكين والدنو منهم، واوصانى ان اقول الحق وان كان مرا الحديث.

65 - في تفسير على بن ابراهيم واما قوله عزوجل واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحيوة الدنيا فهذه نزلت في سلمان الفارسى رضى الله عنه، كان عليه كساء يكون فيه طعامه وهو دثاره ورداؤه، وكان كساء من صوف، فدخل عيينة بن حصين على النبى صلى الله عليه واله وسلمان (ره) عنده فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، وقد كان عرق فيه وكان يوما شديد الحر، فعرق في الكساء فقال: يا رسول الله اذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا واصرفه من عندك، فاذا نحن خرجنا فادخل من شئت فأنزل الله عزوجل: ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزارى.

66 - في مجمع البيان عند قوله: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم " إلى قوله: اليس الله باعلم بالشاكرين عن ابن مسعود حديث طويل وهناك: وقال سلمان وخباب: فينا نزلت هذه الاية، جاء الاقرع بن حابس التميمى وعيينة بن حصين الفزارى وذووهم من المؤلفة، فوجدوا النبى صلى الله عليه واله قاعدا مع بلال وصهيب وعثمان وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين، فحقروهم فقالوا: يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك حتى نخلوا بك؟ إلى قوله: فكنا نقعد معه فاذا اراد ان يقوم قام وتركنا فانزل الله عزوجل: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم " الآية قال: فكان رسول الله صلى الله عليه واله يقعد معنا ويدنو حتى كادت ركبتنا تمس ركبته فاذا بلغ الساعة التى يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم.

[258]

67 - وفيه هنا نزلت الاية في سلمان وأبى ذر وصهيب وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبى صلى الله عليه واله، وذلك ان المؤلفة قلوبهم جاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه واله: عيينة بن حصين والاقرع بن حابس وذووهم فقالوا: يا رسول الله ان جلست في صدر المجلس و نحيت عنا هؤلاء وروايح صنانهم(1) - وكانت عليهم جبات الصوف - جلسنا نحن اليك واخذنا عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك الا هؤلاء، فلما نزلت الآية قام النبى صلى الله عليه واله يلتمسهم، فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله عزوجل فقال: الحمد لله الذى لم يمتنى حتى أمرنى أن أصبر نفسى مع رجال من امتى، معكم المحيى ومعكم الممات.

68 - في تفسير العياشى عن زرارة وحمران عن أبى جعفر وابى عبدالله عليهما السلام في قوله: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى " قال: انما عنى بها الصلوة.

69 - عن عاصم الكورى عن ابى عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول في قول الله: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر قال: وعيد.

70 - في اصول الكافى - أحمد بن عبدالعظيم عن محمد بن الفضيل عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " وقل الحق من ربكم ولاية على عليه السلام فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين آل محمد نارا ".

71 - في تفسير على بن ابراهيم قال أبوعبدالله عليه السلام: نزلت هذه الآية هكذا: " وقل الحق من ربكم يعنى ولاية على فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين آل محمد عليه السلام حقهم نارا أحاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل " قال: المهل الذى يبقى في أصل الزيت المغلى، " يشوى الوجوه بئس الشراب وساء‌ت مرتفقا ".

72 - في تهذيب الاحكام ابن أبى عمير عن بشير عن ابن أبى يعفور قال: كنت

___________________________________

(1) الصنان: نتن الابط.

[259]

عند أبى عبدالله عليه السلام اذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: أصلحك الله انه ربما أصاب الرجال منا الضيق والشدة، فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه او المسناة يصلحها(1) فما تقول في ذلك؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: ما أحب انى عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء وان لى ما بين لابتيها(2) لا ولامدة بقلم، ان أعو ان الظلمة يوم القيمة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد.

73 - محمد بن يعقوب عن الحسين بن الحسن الهاشمى عن صالح بن أبى حماد عن محمد بن خالد عن زياد بن سلمة قال: دخلت على أبى الحسن موسى (ع) فقال لى: يا زياد انك تعمل عمل السلطان؟ قال: قلت: أجل، قال لى: ولم؟ قلت: أنا رجل لى مروة، على عيال، وليس وراء ظهرى شئ، فقال لى: يا زياد لئن أسقط من حالق(3) فاتقطع قطعة قطعة أحب إلى من أن أتولى لاحد منهم عملا، وأطأ بساط رجل منهم الا لماذا؟ قلت: لا أدرى، قال: الا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فك أسره، أو قضاء دينه، يا زياد ان أهون ما يصنع الله عزوجل بمن تولى لهم عملا ان يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله عزوجل من حساب الخلايق.

74 - في تفسير العياشى عن سعد بن طريف عن أبى جعفر عليه السلام قال: الظلم ثلثة: ظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره الله، وظلم لا يدعه، فالظلم الذى لايغفره الله الشرك، واما الظلم الذى يغفره فظلم الرجل نفسه، واما الظلم الذى لا يدعه فالذنب بين العباد.

75 - في مجمع البيان " كالمهل " قيل العكر الزيت اذا قرب اليه سقطت فروة رأسه(4) روى ذلك مرفوعا.

___________________________________

(1) كرى الارض: حفرها.

والمسناة: العرم وهو ما يبنى في وجه السيل.

(2) وكى القربة: شدها بالوكاء وهو رباط القربة.

واللابة: الحرة وهى ارض ذات حجارة سود كانها احرقت بالنار، وقوله عليه السلام " لابتيها " اى لابتى المدينة، لانها ما بين حرتين عظيمتين تكتنفانها.

(3) الحالق: الجبل المنيف العالى، لا يكون الا مع عدم نبات كانه حلق.

(4) فروة رأس: جلده.

[260]

وفيه عند قوله: " فمالئون منها البطون " وقد روى ان الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع: فيصرخون إلى مالك، فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبوجهل، فيأكلون منها فتغلى بطونهم، فيسقون شربة من الماء الحار الذى بلغ نهايته في الحرارة فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله: يشوى الوجوه.

77 - وروى ابوأمامة عن النبى صلى الله عليه واله في قوله: " ويسقى من ماء صديد " قال: يقرب اليه فيتكرهه فاذا ادنى منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، فاذا شرب قطع أمعاء‌ه حتى يخرج من دبره، يقول الله عزوجل: " وسقوا ماء حميما فقطع امعاء‌هم " ويقول: " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه ".

78 - في الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه عن القاسم بن عروة عن عبدالله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: " يوم تبدل الارض غير الارض قال: تبدل خبزة يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب، فقال له قائل: انهم لفى شغل يومئذ عن الاكل والشرب؟ فقال له: ان ابن آدم خلق أجوف لابد له من طعام وشراب، أهم أشد شغلا أم في النار؟ فقد استغاثوا والله عزوجل يقول: " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب ".

79 - في تفسير العياشى عن عبدالله بن سنان عن أبيعبد الله عليه السلام في قول الله: " يوم تبدل غير الارض " قال تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب، فقال له قائل: انهم يومئذ في شغل عن الاكل والشرب؟ فقال له: ان ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب أهم اشد شغلا ام هم في النار فقد استغاثوا " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل ".

80 - عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ان أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلى الحميم سألوا الشراب، فأتوا بشراب غساق وصديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل

[261]

مكان، وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ، وحميم يغلى به جهنم منذ خلقت، كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساء‌ت مرتفقا.

81 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنى أبى عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار على، وما في الجنة قصر ولا منزل الا وفيها فتر منها أعلاها اسفاط(1) حلل من سندس واستبرق، يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط، في كل سفط مأة حلة، ما فيها حلة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة، وهو ثياب أهل الجنة والحديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة.

82 - وقوله عزوجل: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا قال: نزلت في رجل كان له بستانان كبيران عظيمان كثيرا الثمار، كما حكى الله عزوجل، وفيهما نخل وزرع وماء وكان له جار فقير فافتخر الغنى على ذلك الفقير.

83 - في كتاب ثواب الاعمال عن أبيعبد الله عليه السلام قال: ما من رجل دعا فختم بقول: ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله الا اجيب حاجته.

84 - في تهذيب الاحكام باسناده إلى الحسن بن على بن عبدالملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبيعبد الله عليه السلام قال: اربع لاربع إلى قوله: والثالثة للحرق و الغرق ما شاء الله لا قوة الا بالله، وذلك انه يقول: ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله.

85 - في محاسن البرقى عنه عن عدة من أصحابنا عن على بن أسباط عن أبى - الحسن الرضا عليه السلام قال: قال لى: اذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: بسم الله آمنت بالله، توكلت على الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله، فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل على الله، وقال:

___________________________________

(1) الفتر: القطع، وفى بعض النسخ " القتر " بالقاف.

والاسفاط جمع السفط: ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء.

وعاء كالقفة أو الجوالق.

[262]

ما شاء الله لا قوة الا بالله.

86 - عنه عن بكر بن صالح عن سلميان بن جعفر عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: من خرج وحده في السفر فليقل ما شاء الله لا قوة الا بالله، اللهم آنس وحشتى وأعنى على وحدتى واد غيبتى(1).

87 - في كتاب التوحيد باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفى عن أبيجعفر محمد بن على الباقر عليه السلام قال: سألته عن معنى لا حول ولاقوة الا بالله، فقال: معناه لا حول لنا عن معصيه الله الا بعون الله، ولا قوة لنا على طاعة الله الا بتوفيق الله عزوجل.

88 - في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال: عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع إلى اربع؟ إلى ان قال: وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: " ما شاء الله لا قوة الا بالله " فانى سمعت الله يقول بعقبها: ان ترن انا اقل منك مالا وولدا فعسى ربى ان يؤتينى خيرا من جنتك وعسى موجبة.

89 - في مجمع البيان: واحيط بثمره وفى الخبر ان الله عزوجل ارسل عليها نارا وغار مؤها(2).

90 - في اصول الكافى الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبدالله عن على بن حسان عن أبيعبد الله عليه السلام قال: سألته عن قوله عزوجل: هنالك الولاية لله الحق قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.

91 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن على بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله تعالى: " هنالك الولاية لله الحق " قال: ولاية امير المؤمنين.

92 - في روضة الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن

___________________________________

(1) وفى بعض النسخ " ورد غيبتى " والمختار موافق للمصدر.

(2) غار الماء: ذهب في الارض.

[263]

ابراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبى حمزة عن على بن الحسين عليه السلام حديث طويل في الزهد في الدنيا وفيه يقول عليه السلام: فهى كروضة اعتم مرعاها(1) وأعجبت من يراها عذب شربها طيب تربتها تمج عروقها الثرى وينطف فروعها الندى حتى اذا بلغ العشب ابانه(2) واستوى بنانه هاجت ريح تحت الورق وتفرق ما اتسق، فأصبحت كما قال الله: هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدرا.

93 - في نهج البلاغة أما بعد فانى أحذركم الدنيا إلى أن قال: لا تعدوا اذا تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها، والرضاء بها أن تكون كما قال الله سبحانه: " كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيئ مقتدرا ".

94 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى سعيد بن النصر عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: المال والبنون زينة الحيوة الدنيا وثمان ركعات آخر الليل والوتر زينة الاخرة، وقد يجمعهما الله عزوجل لاقوام.

95 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: ان المال والبنين حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الاخرة، وقد يجمعهما الله لاقوام.

96 - في تهذيب الاحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن على بن عمر عمن حدثه عن أبى عبدالله عليه السلام انه قال: ان كان الله عزوجل قال: " المال والبنون زينة الحيوة الدنيا " ان الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الاخرة.

97 - في مجمع البيان وروى أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه واله انه قال لجلسائه: خذوا جنتكم، قالوا: حضر عدونا؟ قال: خذوا جنتكم من النار، قولوا: سبحان الله

___________________________________

(1) اعتم النبت: تم طوله وظهر نوره.

(2) مج الرجل الماء من فيه: رمى به.

والثرى - كحصا: ندى الارض ونطف الماء: اذا قطر قليل قليل، والعشب: الكلاء الرطب، وابان الشئ: حينه أو أوله.

 

[264]

والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر، فانهن المقدمات، وهن المنجيات، وهن المعقبات، وهن الباقيات الصالحات.

98 - وروى عن النبى صلى الله عليه واله انه قال: ان عجزتم عن الليل أن تكابدوه، وعن العدو أن تجاهدوه، فلا تضجروا عن قول: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فانهن من الباقيات الصالحات فقولوها.

99 - وقيل هى الصلوات الخمس وروى ذلك عن أبيعبد الله عليه السلام.

100 - وروى عنه ايضا: ان من الباقيات الصالحات القيام بالليل لصلوة الليل.

101 - في كتاب ابن عقدة ان أبا عبدالله عليه السلام قال للحصين بن عبدالرحمن: يا حصين لا تستصغر مودتنا، فانها من الباقيات الصالحات، قال: يا بن رسول الله صلى الله عليه واله ما أستصغرها ولكن أحمد الله عليها.

102 - في تفسير العياشى عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: خذوا جنتكم، قالوا: يا رسول الله حضر عدو؟ فقال: لا ولكن خذوا جنتكم من النار، فقالوا: فيمن نأخذ جنتنا يا رسول الله؟ قال: سبحان الله والحمد لله و لا اله الا الله والله أكبر، فانهن يأتين يوم القيمة ولهن مقدمات ومؤخرات وهى الباقيات الصالحات(1) ثم قال أبوعبدالله عليه السلام " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله عندما احل او حرم وشبه هذا هو مؤخرات.

103 - في كتاب معانى الاخبار باسناده إلى الحسن بن محبوب عمن ذكره عن ابى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله لاصحابه ذات يوم: اتدرون لو جمعتم ما عندكم من الانية والمتاع اكنتم ترونه تبلغ السماء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: الا ادلكم على شئ اصله في الارض وفرعه في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: يقول احدكم اذا فرغ من صلوته الفريضة: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله

___________________________________

(1) في المصدر " ولهن مقدمات ومؤخرات ومنجيات ومعقيات وهن الباقيات الصالحات..اه ".

[265]

اكبر ثلثين مرة، فان اصلهن في الارض وفرعهن في السماء، وهن يدفعن الحرق والغرق والهدم والتردى في البئر، وميتة السوء، وهن الباقيات الصالحات.

104 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد ابن محبوب عن مالك بن عطية عن ضريس الكناسى عن أبيجعفر قال: مر رسول الله صلى الله عليه واله برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف له وقال: ألا ادلك على غرس اثبت اصلا، و أسرع ايناعا(1) وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال: بلى فدلنى يا رسول الله فقال: اذا أصبحت وأمسيت فقل: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فان لك ان قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهن من الباقيات الصالحات، الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

105 - في كتاب ثواب الاعمال عن النبى صلى الله عليه واله قال: اكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر، فانهن يأتين يوم القيمة لهن مقدمات ومؤخرات ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات.

106 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستى باسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه واله: وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا غشى عليه وحمل إلى حجرة ام سلمة، فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج، فاجتمع المسلمون فقالوا: ما لنبى الله؟ قالت ام سلمة: ان نبى الله عنكم مشغول، ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر فقال: ايها الناس انكم تحشرون يوم القيمة كما خلقتم حفاة عراة، ثم قرأ على أصحابه: " فحشرناهم فلم نغادر منه أحدا " ثم قرأ " كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين ".

107 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال عبدالله بن سلام: يا محمد أخبرنى عن وسط الدنيا؟ قال: بيت المقدس، قال: ولم ذلك؟ قال: لان فيها المحشر والمنشر، ومنه ارتفع العرش، وفيه الصراط والميزان، قال: صدقت يا محمد.

___________________________________

(1) ينع الثمر: ادرك وطاب وحان قطافه، وأينع بمعنى ينع ايضا.

[266]

108 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن ابى جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه: يحشر الناس على مثل قرصة النقى(1) فيها انهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغوا من الحساب.

109 - في تفسير على بن ابراهيم ان النبى صلى الله عليه واله وقف على حمزة يوم أحد، وقال: لولا انى أحذر نساء بنى عبدالمطلب لتركته للعاوية والسباع، حتى يحشر يوم القيمة من بطون السباع والطير.

110 - حدثنى ابى عن ابن ابيعمير عن حماد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ما يقول الناس في هذه الاية " ويوم نحشر من كل امة فوجا " قلت: يقولون انها في القيمة، قال: ليس كما يقولون انها في الرجعة، يحشر الله في القيمة من كل امة ويدع الباقين، انما آية القيمة: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ".

111 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن ابى عبدالله عليه السلام حديث طويل وفيه قال السائل: أخبرنى عن الناس يحشرون يوم القيمة عراة؟ قال: بل يحشرون في اكفانهم، قال: انى لهم بالاكفان وقد بليت؟ قال: ان الذى أحيا ابدانهم جدد أكفانهم، قال: فمن مات بلا كفن؟ قال: يستر الله عورته بما يشاء من عنده، قال: أفيعرضون صفوفا؟ قال: نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الارض.

112 - في كتاب الخصال باسناده إلى أبان الاحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام انه جاء اليه رجل فقال: بأبى أنت وامى عظنى موعظة، فقال عليه السلام: ان كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

113 - في مجمع البيان عن النبى صلى الله عليه واله قال: يحشر الناس من قبورهم يوم القيمة حفاة عراة غرلا(2) فقالت عايشة: يا رسول الله أما يستحيى بعضهم من بعض؟ فقال: " لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه ".

___________________________________

(1) النقى: الخبز الحوارى، وهو الدقيق الابيض وهو لباب الدقيق.

(2) الغرل جمع الاغرل: من لم يختن.

[267]

قال مولف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق في الانعام عند قوله: " كما خلقناكم اول مرة " ما يصلح ان يكون مزيد بيان لقوله عزوجل: وعرضوا على ربك صفا الاية.

114 - في تفسير العياشى عن خالد بن نجيح عن أبى عبدالله عليه السلام قال: اذا كان يوم القيمة رفع الانسان كتابه ثم قيل له: اقرء‌ه، قلت: فيعرف ما فيه؟ فقال: انه يذكره، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم الا ذكره كانه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها.

115 - عن خالد بن نجيح عن أبى عبدالله عليه السلام قال: يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه كأنه فعلة تلك الساعة، فلذلك " قالوا يا ويلتنا مالهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ".

116 في تفسير على بن ابراهيم قال: ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه إلى قوله: ولا يظلم ربك احدا قال: يجدون ما عملوا كله مكتوبا.

117 - في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت وفيه بعد ان مدخ عليه السلام الملائكة وقال: معاذ الله من ذلك، ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى، قالا: قلنا له: فعلى هذا لم يكن ابليس ايضا ملكا؟ فقال: لا، بل كان من الجن، أما تسمعان الله تعالى يقول: واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن فأخبر عزوجل انه كان من الجن، وهو الذى قال الله تعالى: " والجان خلقناه من قبل من نار السموم ".

118 - في اصول الكافى عنه(1) عن ابيه عن فضالة عن داود بن فرقد عن أبيعبد الله عليه السلام قال: ان الملائكة كانوا يحسبون ان ابليس منهم، وكان في علم الله انه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب، فقال: " خلقتنى من نار وخلقته من طين ".

119 - في تفسير العياشى عن جميل بن دراج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته عن ابليس كان من الملائكة وهل كان يلى من أمر السماء شيئا؟ قال: لم يكن من الملائكة ولم يكن يلى من السماء شيئا، كان من الجن وكان مع الملائكة، وكانت

___________________________________

(1) قبله: عدة من اصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد." منه عفى عنه ".

[268]

الملائكة تراه انه منها، وكان الله يعلم انه ليس منها، فلما أمر بالسجود كان منه الذى كان.

120 - عن محمد بن مروان عن أبى جعفر عليه السلام في قوله: ما اشهدتهم خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا قال: ان رسول الله صلى الله عليه واله قال: اللهم أعز الاسلام بعمر بن خطاب أو بابى جهل بن هشام فأنزل الله: " وما كنت متخذ المضلين عضدا " يعنيهما.

121 - عن محمد بن مروان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك قال رسول الله صلى الله عليه واله: أعز الاسلام بابى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب فقال يا محمد قد والله قال ذلك، - وكان أشد على من ضرب العنق - ثم اقبل على فقال: هل تدرى ما أنزل الله يا محمد؟ قلت: أنت أعلم جعلت فداك، قال: ان رسول الله صلى الله عليه واله كان في دار الارقم، فقال: اللهم أعز الاسلام بأبى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، فأنزل الله: " ما أشهدتم خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ".

122 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جبلة بن سحيم عن أبيه قال: لما بويع أمير المؤمنين على بن أبى طالب بلغه ان معاوية قد توقف عن اظهار البيعة له، وقال: ان أقرنى على الشام أو الاعمال التى ولانيها عثمان بايعته، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين ان معاوية من قد عرفت، وقد ولاه الشام من كان قبلك، فوله أنت كيما يتسق عرى الامور ثم اعزله ان بدا لك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أتضمن لى عمرى يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه؟ قال: لا، قال: لا يسألنى الله عزوجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا " وما كنت متخذ المضلين عضدا " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

123 - في كتاب مقتل الحسين (ع) لابى مخنف ان الحسين عليه السلام قام يتمشى إلى عبيد الله بن الحر الجعفى وهو في فسطاطه حتى دخل عليه وسلم عليه، فقالم اليه ابن الحر

[269]

وأخلى له المجلس، فجلس ودعاه إلى نصرته فقال عبيد الله بن الحر: والله ما خرجت من الكوفة الا مخافة أن تدخلها، ولا اقاتل معك، ولو قاتلت لكنت أول مقتول، ولكن هذا سيفى وفرسى فخذهما، فأعرض عنه بوجهه فقال: اذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في مالك " وما كنت متخذ المضلين عضدا ".

124 - في كتاب الخصال عن جابر الجعفى عن أبى جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر معاوية بن حرب: وأعجب العجب انه لما راى ربى تبارك وتعالى قد رد إلى حقى في معدنه، وانقطع طمعه في أن يصير في دين الله رابعا وفى امانة حملناها حاكما كر على العاص بن العاص فاستماله فمال اليه ثم أقبل به بعد أن أطمعه مصر، وحرام عليه أن يأخذ من الفئ دون قسمته درهما، و حرام على الراعى ايصال درهم اليه فوق حقه، فأقبل يحبط البلاد بالظلم، ويطأهم بالغشم(1) فمن تابعه أرضاه، ومن خالفه ناواه، ثم توجه إلى ناكثا علينا، مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا، والانباء تأتينى، والاخبار ترد على بذلك، فأتانى أعور ثقيف فأشار على ان أوليه البلاد التى هو بها لاداريه بما اوليه منها، وفى الذى أشار به الرأى في أمر الدنيا لو وجدت عند الله عزوجل في توليه لى مخرجا، أو أصبت لنفسى في ذلك عذرا، فأعلمت الرأى في ذلك، وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه واله ولى وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة الاكباد رأى ينهانى عن توليته، ويحذرنى أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن الله ليرانى ان اتخذ المضلين عضدا.

125 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الايات: واما قوله ورأى المجرمون النار فظنوا انهم مواقعوها يعنى ايقنوا انهم داخلوها.

126 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث

___________________________________

(1) الغشم: الظلم.

[270]

طويل يقول فيه عليه السلام: وقد يكون بعض ظن الكافرين يقينا، وذلك قوله: " وراى المجرمون النار فظنوا انهم مواقعوها " اى أيقنوا انهم مواقعوها.

127 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم.

128 - في تفسير على بن ابراهيم فلما اخبر رسول الله صلى الله عليه واله قريشا بخبر أصحاب الكهف قالوا: اخبرنا عن العالم الذى أمر الله عزوجل موسى أن يتبعه وما قصته؟ فأنزل الله عزوجل: واذا قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او امضى حقبا قال: وكان سبب ذلك انه كلم الله موسى تكليما، وأنزل عليه الالواح وفيها كما قال الله عزوجل: " وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " رجع موسى عليه السلام إلى بنى اسرائيل فصعد المنبر، فأخبرهم ان الله عزوجل قد أنزل عليه التوراة وكلمه، وقال في نفسه ما خلق الله تعالى خلقا أعلم منى، فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليه السلام: أدرك موسى قد هلك، واعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل اعلم منك، فصر اليه وتعلم من علمه، فنزل جبرئيل عليه السلام على موسى عليه السلام وأخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه اخطأ ودخله الرعب، وقال لوصيه يوشع، ان الله عزوجل قد امرنى ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين واتعلم منه، فتزود يوشع حوتا مملوحا، فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه، فأخرج موسى عليه السلام الحوت وغسله الماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت، وكان ذلك الماء ماء الحيوان، فحيى الحوت ودخل في الماء، فمضى موسى عليه السلام ويوشع معه حتى عييا، فقال لوصيه: آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا اى عناء‌ا فذكر وصيه السمكة، فقال لموسى عليه السلام: انى نسيت الحوت على الصخرة فقال موسى عليه السلام: ذلك الرجل الذى رأينا عند الصخرة هو الذى نريده فرجعا على آثارهما قصصا، اى عند الرجل وهو في صلوته، فقعد موسى عليه السلام حتى فرغ من صلوته فسلم عليهما.

فحدثنى محمد بن على بن بلال عن يونس قال: اختلف يونس وهشام ابن ابراهيم

[271]

في العالم الذى أتاه موسى عليه السلام أيهما كان أعلم، وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله عزوجل على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل: فكتبوا إلى ابى الحسن الرضا عليه السلام يسئلونه عن ذلك، فكتب في الجواب اتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزاير البحر، فاما جالسا واما متكيا فسلم عليه موسى عليه السلام، فأنكر السلام اذ كان بارض ليس فيها سلام، قال: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران، قال: أنت موسى بن عمران الذى كلمه الله تكليما؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ قال: جئت لتعلمنى مما علمت رشدا، قال: انى وكلت بأمر لا تطيقه، ووكلت بأمر لا أطيقه، ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد صلوات الله عليهم من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ثم حدثه عن فضل آل محمد صلوات الله عليهم حتى جعل موسى يقول: يا ليتنى كنت من آل محمد صلوات الله عليهم حتى ذكر فلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى الله عليه واله إلى قومه، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم اياه، وذكر له تأويل هذه الاية " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " حين اخذ الميثاق عليهم، فقال له موسى هل اتبعك على ان تعلمنى مما علمت رشدا فقال الخضر: انك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال موسى عليه السلام " ستجدنى انشاء الله صابرا ولا اعصى لك أمرا قال الخضر فان اتبعتنى فلا تسئلنى عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا يقول: لا تسئلنى عن شئ أفعله ولا تنكره على حتى أخبرك أنا بخبره، قال: نعم.

129 - في تفسير العياشى عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام قال: انه لما كان من أمر موسى عليه السلام الذى كان، أعطى مكتل(1) فيه حوت مملح، قيل له: هذا يدلك على صاحبك عند عين عند مجمع البحرين، لا يصيب منها شئ ميتا الا حيى يقال له الحيوة، فانطلقا(2) حتى بلغا الصخرة وانطلق الفتى يغسل الحوت في العين، فاضطرب في يده حتى خدشه وانفلت(3)

___________________________________

(1) المكتل - كمنبر -: الزنبيل.

(2) وفى بعض النسخ " فانظر إلى " مكان " فانطلقا ".

(3) انفلت: تخلص.

[272]

منه ونسيه الفتى، " فلما جاوزا " الوقت الذى وقت فيه أعنى موسى " قال لفتيه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال أرأيت " إلى قوله: " على آثارهما قصصا " فلما أتاها وجد الحوت قد خر في البحر فاقتصا الاثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر اما متكيا واما جالسا في كساء له، فسلم عليه موسى فعجب من السلام وهو في أرض ليس فيها سلام فقال: من أنت؟ قال: انا موسى، قال: انت موسى بن عمران الذى كلمه الله تكليما؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ " قال: اتبعك على ان تعلمنى مما علمت رشدا " قال: انى وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه وقد قال له: " انك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبرا على ما لم تحط به خبرا " فحدثه عن آل محمد وعما يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما، ثم حدثه عن رسول الله صلى الله عليه واله وعن أمير المؤمنين وعن ولد فاطمة وذكر له من فضلهم وما اعطوا حتى جعل يقول: ياليتنى من آل محمد، وعن مبعث رسول الله صلى الله عليه واله إلى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم اياه وتلا هذه الاية " ونقلب افئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة " فانه اخذ عليهم الميثاق.

130 - عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه السلام قال: كان وصى موسى بن عمران يوشع ابن نون، وهو فتاه الذى ذكر الله في كتابه.

وفى كتاب كمال الدين وتمام النعمة مثل هذا الاخير سواء.

131 - في عيون الاخبار عن الرضا عليه السلام قال: قال على عليه السلام - وقد سأله بعض اليهود عن مسائل -: وأنتم تقولون ان اول عين نبعت على وجه الارض العين التى ببيت المقدس وكذبتم، هى عين الحيوة التى غسل يوشع بن نون السمكة، وهى العين التى شرب منها الخضر صلوات الله عليه، وليس يشرب منها أحد الا حيى؟ قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى.

132 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى ابى الطفيل عامر بن واثلة عن على عليه السلام حديث طويل يقول فيه لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: واما اول عين نبعت على وجه الارض فان اليهود يزعمون انها العين التى تحت صخرة بيت المقدس و كذبوا، ولكنها عين الحيوان التى نسى عندها صاحب موسى السمكة المالحة، فلما

[273]

أصابها ماء العين عاشت وشربت، فاتبعها موسى عليه السلام وصاحبه الخضر، بلغنا قال اليهودى: اشهد بالله لقد صدقت.

134 - وباسناده إلى ابراهيم بن يحيى المدائنى عن أبيعبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ان عليا عليه السلام قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: واما قولك أول عين نبعت على وجه الارض فان اليهود يزعمون انها العين التى ببيت المقدس تحت الحجر وكذبوا، وهى عين الحيوة التى انتهى موسى وفتاه فغسل فيها السمكة المالحة فحييت، وليس من ميت يصيبه ذلك الماء الا حيى، وكان الخضر على مقدمة ذى القرنين يطلب عين الحيوة، فوجدها الخضر عليه السلام وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين.

135 - وباسناده إلى الحكم بن مسكين عن صالح عن جعفر بن محمد عليهما السلام حديث طويل يقول فيه: ان عليا (ع) قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: وأنتم تقولون ان أول عين نبعت على وجه الارض العين التى ببيت المقدس وكذبتم، هى عين الحيوة التى غسل يوشع بن نون فيها السمكة التى شرب منها الخضر، وليس يشرب منها أحد الا حيى، قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى.

136 - في مجمع البيان وقد ذكر موسى والخضر (ع) وروى مرفوعا انه قعد على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.

137 - في تفسير العياشى عن هشام بن سالم عن أبيعبد الله (ع) قال: كان موسى أعلم من الخضر.

138 - عن بريد عن أحمدها قال: قلت له: ما منزلتكم في الماضيين أو من تشبهون بهم؟(1) قال: الخضر وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

139 - عن اسحاق بن عمار عن ابيعبد الله (ع) قال: انما مثل على ومثلنا من بعده من هذه الامة كمثل النبى صلى الله عليه واله والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه في كتابه، وذلك ان الله قال لموسى: " انى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " ثم قال: " وكتبنا له في الالواح من

___________________________________

(1) وفى المصدر " وبمن تشبهون منهم..اه ".

[274]

كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الالواح وكان موسى يظن أن جميع الاشياء التى يحتاج اليها في تابوته، وجميع العلم قد كتب له في الالواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء وعلماء وانهم قد اثبتوا جميع العلم والفقه في الدين مما يحتاج هذه الامة اليه، وصح لهم عن رسول الله صلى الله عليه واله وعلموه وليس كل علم رسول الله صلى الله عليه واله علموه ولا صار اليهم عن رسول الله صلى الله عليه واله ولا عرفوه، و ذلك ان الشئ من الحلال والحرام والاحكام يرد عليهم فيسئلون عنه، ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه واله، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا، فيطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استمعلوا الرأى والقياس في دين الله، وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله: كل بدعة ضلالة فلو انهم اذا سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردوه إلى الله و الرسول، واولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد عليهم السلام، والذى منعهم من طلب العلم العداوة والحسد لنا، ولا والله ما حسد موسى العالم وموسى نبى الله يوحى اليه، حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى الله عليه واله علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه واله، ولم يرغبوا الينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم، وسأله ليتعلم منه العلم ويرشده.

فلما ان سأل العالم ذلك علم العالم ان موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل عليه ولا يصير معه، فعند ذلك قال العالم فكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال موسى وهو خاضع له يستنطقه على نفسه كى يقبله: ستجدنى انشاء الله صابرا ولا اعصى لك امرا وقد كان العالم يعلم ان موسى لا يصبر على علمه، فكذلك والله يا اسحق بن عمار حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم، لا يحتملون والله علمنا ولا يصبرون عليه، كما لم يصبر موسى على علم العالم حين صحبه ورآى ما راى من علمه، وكان ذلك عند موسى مكروها، وكان عند الله رضا وهو الحق، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ

[275]

وهو عند الله الحق.

140 - عن عبدالله بن ميمون القداح عن أبى عبدالله عن أبيه عليه السلام قال: بينما موسى قاعد في ملا من بنى اسرائيل قال له رجل: ما أرى أحدا اعلم بالله منك، قال موسى: ما أرى، فأوحى الله اليه بل عبدى الخضر، فسأل السبيل اليه فكان له آية الحوت ان افتقده وكان من شأنه ما قص الله.

141 - عن هشام بن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: كان سليمان أعلم من آصف وكان موسى أعلم من الذى اتبعه.

142 - في اصول الكافى أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابراهيم بن اسحق الاحمر عن عبدالله بن حماد عن سيف التمار، قال: كنا مع أبى عبدالله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: علينا عين، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم - نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين، فقال: ورب الكعبة ورب البيت ثلاث مرات لو كنت بين موسى وخضر لاخبرتهما أنى أعلم منهما وأنبأتهما بما ليس في أيديهما لان موسى و الخضر عليهما السلام اعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه واله وراثة.

143 - ابوعلى الاشعرى عن عبدالجبار عن صفوان بن يحيى عن حمران بن أعين قال: قلت: لابى جعفر عليه السلام: ما موضع العلماء؟ قال: مثل ذى القرنين و صاحب موسى.

144 - عدة من اصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة، قال: قال أبوجعفر عليه السلام: ان عليا عليه السلام كان محدثا، فقلت: فيقول نبى، قال: فحرك بيده هكذا ثم قال: أو كصاحب سليمان او كصاحب موسى، او كذى القرنين، أو ما بلغكم انه قال: و فيكم مثله.

145 - على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن اذينه عن بريد بن معوية عن أبى جعفر

[276]

وأبى عبدالله عليهما السلام قال: قلت له: ما منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟ قال: صاحب موسى وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

146 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن حارث بن المغيرة عن حمران بن أعين قال: قال أبوجعفر عليه السلام: ان عليا عليه السلام كان محدثا، فخرجت إلى أصحابى فقلت: جئتكم بعجيبة، فقالوا: وما هى؟ قلت: سمعت أبا جعفر يقول: كان على عليه السلام محدثا، فقالوا: ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فرحت اليه فقلت: انى حدثت أصحابى بما حدثتنى، فقالوا: ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فقال لى: يحدثه ملك، قلت: تقول انه نبى؟ فحرك يده هكذا أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى، أو كذى القرنين أو ما بلغكم انه قال: وفيكم مثله.

147 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السلام انه قال: ان الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله تبارك و تعالى إلى قومه، فدعاهم إلى توحيده والاقرار بأنبيائه ورسله وكتبه، وكانت آيته انه كان لا يجلس على خشبة يابسة، ولا أرض بيضاء الا ازهرت خضرا، وانما سمى خضرا لذلك وكان اسمه تاليا بن ملكان بن عامر بن أرفخشيد بن سام بن نوح عليه السلام.

148 - في تفسير العياشى عن حفص بن البخترى عن أبى عبدالله عليه السلام في قول موسى لفتاه: " آتنا غدائنا " وقوله: " رب انى لما انزلت إلى من خير فقير " فقال: انما عنى الطعام، فقال أبوعبدالله عليه السلام: ان موسى لذو جوعات.

149 - عن ليث بن سليم عن أبى جعفر عليه السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلثة مواضع: " آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، لاتخذت عليه أجرا، رب انى لما انزلت إلى من خير فقير " فقال: انما عنى الطعام.

150 - في عيون الاخبار باسناده إلى محمد بن أبى عباد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول يوما: يا غلام آتنا الغداء، فكأنى أنكرت ذلك، فبين الانكار في فقرأ

[277]

" قال لفتاه آتنا غدائنا " فقلت: الامير أعلم الناس وأفضلهم.

151 - في تفسير العياشى عن عبدالرحمن بن سيابة عن أبى عبدالله قال: ان موسى صعد المنبر وكان منبره ثلث مراق(1) فحدث نفسه ان الله لم يخلق خلقا أعلم منه، فأتاه جبرئيل فقال له: انك قد ابتليت وأنزله فان في الارض من هو أعلم منك فاطلبه، فارسل إلى يوشع انى قد ابتليت فاصنع لنا زادا وانطلق بنا واشترى حوتا من حيتان الحية فأخرج بآذربيجان ثم شواه، ثم حمله في مكتل، ثم انطلقا يمشيان فانتهيا إلى شيخ مستلق معه عصاه، موضوعة إلى جانبه وعليه كساء اذا قنع رأسه خرجت رجلاه، واذا غطى رجليه خرج رأسه، قال: فقام موسى يصلى وقال ليوشع: احفظ على، قال: فقطرت من الماء(2) في المكتل، فاضطرب الحوت، ثم جعل يثب من المكتل، قال: وهو قوله: واتخذ سبيله في البحر سربا قال: ثم انه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره، فقال: يا موسى ما أخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقارى من جميع البحر، قال: ثم قام يمشى فتبعه يوشع.

قال موسى وقد نسى الزبيل(3) يوشع، وانما أعيى حيث جاوز الوقت فيه، فقال: " آتنا غداء‌نا لقينا من سفرنا هذا نصبا " إلى قوله: " في البحر عجبا " قال فرجع موسى يقص أثره حتى انتهى اليه وهو على حاله مستلق فقال له موسى: السلام عليك فقال السلام عليك يا عالم بنى اسرائيل، قال: ثم وثب فأخذ عصاه بيده، قال: فقال له موسى: ان قد أمرت " ان أتبعك على ان تعلمنى مما علمت رشدا " فقال كما قص عليكم: " انك لن تستطيع معى صبرا " قال: فانطلقا حتى انتهيا إلى معبر(4) فلما نظر اليهم أهل المعبر قالوا: والله لا نأخذ من هؤلاء أجرا اليوم، فحمل عليهم فلما ذهبت السفينة كثرت الماء خرقها قال له موسى كما أخبرتم، ثم قال: الم اقل لك انك لم تستطيع معى صبرا قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من امرى عسرا.

___________________________________

(1) مراق جمع المرقاة - بفتح الميم وكسرها -: الدرجة.

(2) وفى المصدر " من السماء " بدل " من الماء ".

(3) الزبيل: الزنبيل.

(4) المعبر: ما عبر به النهر والمراد هنا السفينة.

[278]

قال: وخرجا على ساحل البحر فاذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر، في اذنيه درتان فتوركه العالم(1) فذبحه قال له موسى: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال فانطلقا حتى اذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا " خبزا نأكله فقد جعنا، قال: وهى قرية على ساحل يقال لها ناصرة، وبها سمى النصارى نصارى فلم يضيفوهما ولم يضيفوا بعدهما أحدا حتى تقوم الساعة، وكان مثل السفينة فيكم وفينا ترك الحسين البيعة لمعوية، وكان مثل الغلام فيكم قول الحسن بن على لعبد الله ابن على: لعنك الله من كافر، فقال له: قد قتلته يابا محمد، وكان مثل الجدار فيكم على والحسن والحسين(2)

___________________________________

(1) اى جعله على وركه معتمدا عليها.

(2) قال المجلسى (ره) في بيان الحديث: اما كون ترك الحسين عليه السلام البيعة لمعاوية لعنه الله شبيها بخرق السفينة لانه عليه السلام بترك البيعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة، وبها انكسرت سفينة أهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة: منها: ظهور كفر بنى امية وجورهم على الناس.

وخروج الخلق عن طاعتهم.

ومنها: ظهور حقيقة أهل البيت عليهم السلام وامامتهم اذ لو بايعه الحسين عليه السلام ايضا لظن اكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم عليهم السلام ولاة الامر.

ومنها: ان بسبب ذلك صار من بعده من الائمة عليهم السلام آمنين مطمئنين ينشرون العلم بين الناس إلى غير ذلك من المصالح التى لا يعلمها غيرهم، ولو كان ما ذكره المورخون من بيعته عليه السلام له اخيرا حقا كان المراد ترك البيعة ابتداء‌ا، ولا يبعد أن يكون في الاصل يزيد بن معاوية فسقط الساقط الملعون هو وأبوه، واما ما تضمن من قول الحسن عليه السلام لعبد الله بن على فيشكل توجيهه لانه كان من السعداء الذين استشهدوا مع الحسين صلوات الله عليه على ما ذكره المفيد وغيره، والقول بانه عليه السلام علم انه لو بقى بعد ذلك ولم يستشهد لكفر بعيد، والظاهر ان يكون عبيد الله - مصغرا - بناء‌ا على ما ذكره ابن ادريس انه لم يستشهد مع الحسين عليه السلام ردا على المفيد، وذكر صاحب المقاتل وغيره انه صار إلى المختار، فسئل ان يدعو اليه ويجعل الامر له فلم يفعل: فخرج ولحق بمصعب بن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف.

قوله: " فقال له " اى امير المؤمنين عليه السلام " قد قتلته " اى سيقتل بسبب لعنك أو هذا اخبار بانه سيقتل كما قتل الخضر الغلام لكفره واما مثل الجدار فلعل المراد ان الله تعالى كما حفظ العلم تحت الجدار للغلامين بصلاح أبيهما فكذلك حفظ العلم لصلاح على والحسن والحسين عليهم السلام في أولادهم إلى أن يظهره القائم للخلق أو حفظ الله علم رسول الله صلى الله عليه وآله بأمير المؤمنين للحسنين صلوات الله عليهم فأقام عليا عليه السلام للخلافة بعد أن أصابه ما اصابه من المخالفين والله يعلم.

[279]

152 - في مجمع البيان سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أخبرنى أبى بن كعب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه واله فقال: ان موسى قام خطيبا في بنى اسرائيل فسئل أى الناس أعلم؟ قال: أنا فعتب الله عليه اذ لم يرد العلم اليه، فأوحى الله اليه ان لى عبدا، بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لى به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى اذا أتيا الصخرة وضعا رؤسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه، فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا وامسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسى صاحبه أن يخبر بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى اذا كان من الغد، قال موسى لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذى أمر الله تعالى به فقال فتاه: " أرأيت اذ أوينا إلى الصخرة " الاية قال: وكان للحوت سربا، ولموسى وفتيه عجبا، فقال موسى: " ذلك ما كتا نبغى " الايه قال: رجعا يقصان الاثر حتى انتهيا إلى الصخرة، فوجدا رجلا مسجى بثوب، فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بارضك السلام، قال: أنا موسى، قال: موسى بنى اسرائيل؟ قال: نعم أتيتك " لتعلمنى مما علمت رشدا قال انك لن تستطيع معى صبرا " يا موسى انى على علم من الله لا تعلمه علمنيه، وأنت على علم من الله علمك لا أعلمه أنا، فقال له موسى: " ستجدنى انشاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا " فقال الخضر: " فان اتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا " فانطلقا يمشيان على

[280]

ساحل البحر فمرت سفينة وكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير قول.

فلما ركبا في السفينة لم يفجأ الا والخضر قد قلع لوحا من الواح السفينة بالقدوم(1) فقال له موسى: قوم حملونا بغير قول، عمدت إلى سفينتهم " فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال الم أقل لك انك لن تستطيع معى صبرا قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا " قال: وقال رسول الله صلى الله عليه واله: كانت الاولى من موسى نسيانا، قال: وجاء عصفور فوقع على جوف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمى وعلمك من علم الله الا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.

ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل اذ ابصر الخضر غلاما يلعب بين الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتطعه فقتله، فقال له موسى: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معى صبرا " قال: وهذا أشد من الاول " قال ان سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت " إلى قوله: " يريد ان ينقض " كان مايلا، فقال الخضر(2) بيده فأقامه، فقال موسى: قوم قد اتيناهم ولم يضيفونا، " فلو شئت لا تخذت عليه أجرا قال هذا فراق بينى وبينك " فقال رسول الله صلى الله عليه واله: وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما.

153 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: والصبر ما أوله مر وآخره حلو فمن دخله من اواخره فقد دخل، ومن دخله من أوائله فقد خرج، ومن عرف قدر الصبر لا يصبر عما منه الصبر، قال الله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما السلام وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا.

154 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: ان موسى بن عمران، لما كلمه الله تكليما وأنزل عليه التورية، وكتب له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ، وجعل

___________________________________

(1) القدوم: آلة النجر والنحت.

(2) اى اشار.

[281]

آيته في يده وعصاه، وفى الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر و غرق الله عزوجل فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه ما أرى ان الله عزوجل خلق خلقا أعلم منى، فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل يا جبرئيل أدرك عبدى موسى قبل أن يهلك، وقل له: ان عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم منه، فهبط جبرئيل على موسى بما أمر الله به ربه عزوجل، فعلم موسى ان ذلك لما حدثت به نفسه، فمضى هو و فتاه يوشع بن نون عليهما السلام، حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين، فوجدا هنالك الخضر عليه السلام يتعبد الله عزوجل، كما قال الله عزوجل في كتابه: " فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا " قال له الخضر عليه السلام: " انك لن تستطيع معى صبرا " لانى وكلت بعلم لا تطيقه، ووكلت بعلم لا اطيقه، قال موسى: بل استطيع معك صبرا، فقال له الخضر: ان القياس لا يحال له في علم الله وأمره " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال موسى ستجدنى انشاء الله صابرا ولا اعصى لك أمرا " فلما استثنى المشية قبله " قال فان اتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا " فقال موسى: لك ذلك على " فانطلقا حتى اذا ركبا في السفينة خرقها " الخضر عليه السلام فقال له موسى عليه السلام: " اخرقتها لتغرق اهلها لقد جئت شيئا امرا * قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معى صبرا * قال موسى لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من امر عسرا * فانطلقا حتى اذا لقيا غلاما فقتله " الخضر عليه السلام فغضب موسى وأخذ بتلبيبه(1) وقال له: " اأقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " قال له الخضر: ان العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره، بل أمر الله يحكم عليها، فسلم لما ترى منى واصبر عليه فقذ كنت علمت انك لن تستطيع معى صبرا قال ان سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا فانطلقا حتى اذا اتيا أهل قرية وهى الناصرة واليها تنسب النصارى استطعما اهلها فابوا ان يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض فوضع الخضر عليه السلام يده فأقامه فقال له موسى لو شئت لا تخذت عليه اجرا.

___________________________________

(1) التلبيب: ما في موضع اللبب وهو المنحر من الثوب ويعرف بالطوق.

[282]

155 - في مجمع البيان " فابوا ان يضيفوهما " روى ابى بن كعب عن النبى صلى الله عليه واله قال: كانوا أهل قرية لئام.

وفى الشواذ قراء‌ة النبى صلى الله عليه واله " يريد أن ينقض " بضم الياء وقراء‌ة على بن ابى طالب " ينقاص " بالصاد غير معجمة وبالالف.

156 - في تفسير العياشى عن ليث بن سليم عن ابيجعفر عليه السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلثة مواضع " اتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " " لا تخذت عليه أجرا " " رب لما انزلت إلى من خير فقير ".

157 - في مجمع البيان " ان سألتك عن شئ " الآية وروى ان النبى صلى الله عليه واله تلا هذه الآية فقال: استحيا نبى الله موسى.

ولو صبر لراى الفا من العجائب.

158 - في تفسير على بن ابراهيم متصلا بما نقلنا عنه سابقا من قصة الخضر وموسى ويوشع عليهم السلام فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة(1) وهى تريد أن تعبر، فقال ارباب السفينة: نحمل هؤلاء الثلثة نفر، فانهم قوم صالحون فحملوهم، فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر عليه السلام إلى جوانب السفينة فكسرها وحشاها بالخرق والطين، فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا وقال للخضر عليه السلام: " اخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا امرا " فقال له الخضر عليه السلام: " الم أقل لك أنك لن تستطيع معى صبرا قال موسى لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من امرى عسرا " فخرجوا من السفينة فنظر الخضر عليه السلام إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كانه قطعة قمر وفى اذنيه درتان فتأمله الخضر عليه السلام ثم اخذه فقتله فوثب موسى على الخضر عليهما السلام وجلد به الارض " فقال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " فقال الخضر عليه السلام: " الم اقل لك انك لن تستطيع معى صبرا قال موسى ان سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا * فانطلقا حتى " قال " أذا اتيا أهل قرية استطعما اهلها " وكان وقت العشى والقرية تسمى الناصرة و اليها نسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم، ولم

___________________________________

(1) شحنت السفينة: ملاها.

[283]

يضيفوهم، فنظر الخضر عليه السلام إلى حائط قد زال لينهدم فوضع الخضر عليه السلام يده عليه وقال: قم باذن الله فقام، فقال موسى عليه السلام: لم ينبغ أن تضم الجدار حتى يطعمونا ويأوونا، وهو قوله عزوجل: " لو شئت لا تخذت عليه أجرا " فقال له الخضر عليه السلام: " هذا فراق بينى وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبرا " اما السفينة التى فعلت بها ما فعلت فانها كانت لقوم مساكين يعملون في البحر فأردت ان أعيبها وكان وراء‌هم، اى وراء السفينة ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا هكذا نزلت واذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا واما الغلام فكان ابواه مؤمنين وهو طبع كافرا كذا نزلت، فنظرت إلى جبينه وعليه مكتوب طبع كافرا " فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا فاردنا ان يبدلها ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما " فأبدل الله عزوجل والديه بنتا ولدت سبعين نبيا، واما الجدار الذى اقمنه فكان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته كنز لهما، وكان أبوهما صالحا فاراد ربك أن يبلغا أشدهما إلى قوله تعالى: " ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا ".

159 - حدثنى أبى عن محمد بن ابى عمير عن معوية بن عمار عن ابيعبد الله عليه السلام قال: كان ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه واله عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح وعجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق(1) وعجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، وعجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن اليها.

160 - في كتاب علل الشرايع متصل بآخر ما نقلنا اعنى قوله: " لو شئت لا تخذت عليه أجرا " قال له الخضر " هذا فراق بينى وبينك سانبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبرا " فقال: " اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت ان أعيبها وكان وراء‌هم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا " فأردت بما فعلت أن تبقى لهم ولا يغصبهم الملك عليها فنسب الانانية في هذا الفعل إلى نفسه لعلة ذكر التعبيب(2) لانه أراد ان

___________________________________

(1) اى يخاف.

(2) اى انما لم ينسب الفعل اليه تعالى رعاية للادب: لان نسبة التعبيب اليه تعالى غير مناسب، واما ما ينسب اليه تعالى فهو ارادة صلاحهم بهذا النعببب.

[284]

يعيبها عند الملك اذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها، وأراد الله عزوجل صلاحهم بما أمره به من ذلك، ثم قال: واما الغلام فكان ابواه مؤمنين وطبع كافرا وعلم الله تعالى ذكره انه ان بقى كفرا أبواه وافتتنا به، وضلا باضلاله اياهما، فامرنى الله تعالى ذكره بقتله، وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة، فاشترك بالانانية بقوله: " فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا فاراد أن يبدلهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما " وانما اشترك في الانانية لان خشى والله لا يخشى، لانه لا يفوته شئ ولا يمتنع عليه أحد أراده.

وانما خشى الخضر من ان يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الامضاء فيه ووقع في نفسه ان الله تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوى الغلام، فعمل فيه وسط الامرين من البشرية مثل ما كان عمل في موسى عليه السلام لانه صار في الوقت مخبرا، وكليم الله موسى عليه السلام مخبرا(1) ولم يكن ذلك باستحقاق للخضر للرتبة على موسى عليهما السلام وهو أفضل من الخضر، بل كان لا ستحقاق موسى للتبيين.

ثم قال: واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة، ولكن كان لوحا من ذهب فيه مكتوب: عجبت لمن ايقن بالموت كيف يفرح؟ عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟، عجبت لمن أيقن ان البعث حق كيف يظلم؟ عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن اليها؟ وكان ابوهما صالحا كان بينهما وبين هذا الاب الصالح سبعون أبا فحفظهما الله بصلاحه، ثم قال: فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما فتبرء من الانانية في آخر القصص، ونسب الارادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك، لانه لم - يكن بقى شئ مما فعله فيخبر به بعد، ويصير موسى عليه السلام به مخبرا ومصغيا إلى كلامه تابعا له، فتجرد من الانانية، والارادة تجرد العبد المخلص ثم صار متنصلا(2) مما

___________________________________

(1) بكسر الاول وفتح الثانى.

(2) من تنصل إلى فلان من الجناية اذا اعتذر وتبرء عنده منها.

[285]

اتاه من نسبة الانانية في أول القصة، ومن ادعاء الاشتراك في ثانى القصة فقال: رحمة من ربك وما فعلته عن امرى ذلك تأويل ما لم تستطيع عليه صبرا.

161 - في تفسير العياشى عن حريز عن أبى عبدالله عليه السلام انه كان يقرء " وكان وراء‌هم ملك " يعنى امامهم " يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ".

162 - في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبيعبد الله عليه السلام انه كان يقرأ " كل سفينة صالحة غصبا " وروى ذلك ايضا عن أبى جعفر عليه السلام قال: وهى قراء‌ة أمير المؤمنين عليه السلام.

163 - في كتاب تلخيص الاقوال في تحقيق احوال الرجال في ترجمة زرارة ابن أعين روى في الصحيح أن أبا عبدالله عليه السلام ارسل اليه انما اعيبك دفاعا منى عنك، فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدناه مكانه، لادخال الاذى فيمن نحبه ونقربه، ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا، ويرون ادخال الاذى عليه و قتله، ويحمدون كل من عبناه، فانما أعيبك لانك رجل اشتهرت بنا وبميلك الينا، وأنت في ذلك مذموم عند الناس، فيكون ذلك دافع شرهم عنك، لقول الله عزوجل: " و اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، فأردت أن أعيبها وكان وراء‌هم ملك يأخذ كل سفينة غصبا " هذا الرسل من عند الله صالحة لا والله ما عابها الا لكى تسلم من الملك، فانهم المثل يرحمك الله فانك والله أحب الناس إلى، وأحب أصحاب ابى إلى حيا وميتا، فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام، وان من ورائك لملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليغصبها وأهلها،، فرحمة الله عليك حيا، ورحمته ورضوانه عليك ميتا.

164 - في مجمع البيان وروى عن أبى وابن عباس انهما كانا يقرآن " اما الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين " وروى ذلك عن أبيعبد الله عليه السلام.

165 - في تفسير العياشى عن حريز عمن ذكره عن أحدهما انه قرء " وكان أبواه مؤمنين فطبع كافرا ".

[286]

166 - عن عبدالله بن سنان عن أبيعبد الله عليه السلام ان نجدة الحرورى كتب إلى ابن عباس يسأله عن سبى الذرارى؟ فكتب اليه: اما الذرارى فلم يكن رسول الله يقتلهم، وكان الخضر يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم، فان كنت تعلم ما يعلم الخضر فاقتلهم.

167 - عن اسحق بن عمار عن أبيعبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: بينما العالم يمشى مع موسى اذ هم بغلام يلعب [ فاقله ](1) قال فوكزه العالم فقتله، قال له موسى: " اقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " قال: فادخل العالم يده فاقتلع كتفه فاذا عليه مكتوب: كافر مطبوع.

168 - عن ابى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام في قوله: " فخشينا " خشى ان أدرك الغلام أن يدعو أبويه إلى الكفر فيجيبانه.

169 - عن عبدالله بن خلف رفعه قال: كان في كتف الغلام الذى قتله العالم مكتوب: كافر.

170 - عن عثمان عن رجل عن أبيعبد الله عليه السلام في قول الله فأردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة واقرب رحما قال: أبدلوا جارية فولدت غلاما وكان نبيا.

171 - عن ابى يحيى الواسطى رفعه إلى أحدهما في قول الله: " واما الغلام فكان ابواه مؤمنين " إلى قوله: " وأقرب رحما " قال: أبدلهما مكان الابن بنتا، فولدت سبعين نبيا.

172 - في من لا يحضره الفقيه وقال: في قول الله عزوجل: " واما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فاردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما " قال: أبدلهما الله عزوجل مكان الابن ابنة، فولد منها سبعون نبيا.

173 - في مجمع البيان وروى انها؟ الغلام المقتول جارية، فولدت سبعين نبيا عن ابى عبدالله عليه السلام.

174 - في الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه

___________________________________

(1) كذا في النسخ وما بين المقفتين غير موجود في المصدر والمنقول عنه في البحار.

[287]

عن الحسن بن على بن يوسف عن الحسن بن سعيد اللخمى قال: ولد لرجل من اصحابنا جارية فدخل على أبى عبدالله عليه السلام فرآه مسخطا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أرأيت لو ان الله تبارك وتعالى أوحى اليك ان اختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول؟ قال: كنت أقول يا رب تختار لى، قال: فان الله عزوجل قد اختار لك، ثم قال: ان الغلام الذى قتله العالم الذى كان مع موسى عليه السلام في قول الله عزوجل " فاردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما " أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيا.

175 - في اصول الكافى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد ابن محمد بن أبى نصر عن صفوان الجمال، قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عز - وجل: " واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما: فقال: اما انه ما كان ذهبا ولا فضة، وانما كان أربع كلمات: لا اله الا انا، من أيقن بالموت لم تضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر لم يخش الا الله.

176 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن على بن أسباط قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: كان في الكنز الذى قال الله عزوجل: " وكان تحته كنز لهما " كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يضحك، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا تقلبها بأهلها كيف يركن اليها، و ينبغى لمن عقل عن الله ان لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطيه في رزقه، فقلت: جعلت فداك أريد أن أكتبه، قال: فضرب والله يده إلى الدواة ليضعها بين يدى، فتناولت يده فقبلتها وأخذت الدواة فكتبته.

177 - في عوالى اللئالى روى الفضل بن أبى قرة عن أبيعبد الله عليه السلام قال: لما أقام العالم الجدار أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام انى مجازى الابناء بسعى الآباء ان خيرا فخير وان شرا فشر لا تزنوا فتزنى نساؤكم، من وطئ فراش امرء مسلم وطى فراشه كما تدين تدان.

 

[288]

178 - في قرب الاسناد للحميرى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن أبى نصر قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: وكان في الكنز الذى قال: وكان تحته كنز لهما لوح من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله، محمد رسول الله، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجبا لمن رآى الدنيا وفعلها بأهلها كيف يركن اليها، وينبغى لمن عقل عن الله ان لا يتهم الله تبارك وتعالى في قضائه، ولا يستبطيه في رزقه.

179 - في تهذيب الاحكام في دعاء مروى عنهم عليهم السلام اللهم انك حفظت الغلامين بصلاح ابويهما.

180 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جعفر بن حبيب النهدى انه سمع جعفر بن محمد يقول: احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين، وكان ابوهما صالحا.

181 - وباسناده إلى ابى بصير عن ابيجعفر عليه السلام قال: كم من انسان له حق، لا يعلم به، قلت: وما ذاك أصلحك الله؟ قال: ان صاحبى الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به، اما انه لم يكن بذهب ولا فضة، قلت: فما كان؟ قال: كان علما، قلت فأيهما أحق به؟ قال: الكبير كذلك نقول نحن.

182 - في كتاب الخصال عن أبيجعفر عليه السلام في قول الله تعالى: " وكان تحته كنز لهما " قال: والله ما كان من ذهب ولا فضة، وما كان الا لوح فيه كلمات أربع.

انى انا الله لا اله الا انا ومحمد رسولى، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح قلبه، و عحبت لمن أيقن بالحساب كيف يضحك سنه، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يستبطى الله في رزقه، عجبت لمن يرى النشأة الاولى كيف ينكر النشأة الاخرة؟.

183 - في كتاب معانى الاخبار حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن على رفعه إلى عمرو بن جميع رفعه إلى على عليه السلام في قول الله عزوجل: " وكان تحته كنز لهما " قال: كان

[289]

ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله لا اله الا الله محمد رسول الله، عجبت لمن يعلم ان الموت حق كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطئمن اليها؟.

184 - في مجمع البيان " وكان تحته كنز لهما " قيل: كان كنزا من الذهب والفضة ورواه ابو الدرداء عن النبى صلى الله عليه واله.

185 - وقيل: كان لوحا من ذهب وفيه مكتوب: عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يعتل، عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن اليها؟ لا اله الا الله محمد رسول الله، وروى ذلك عن أبيعبد الله عليه السلام، وفى بعض الروايات زيادة ونقصان.

186 - " وكان ابوهما صالحا " روى عن أبيعبد الله عليه السلام انه كان بينهما وبين ذلك الاب الصالح سبعة آباء.

187 - في تفسير العياشى عن محمد بن عمر عن رجل عن أبيعبد الله عليه السلام قال: ان الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة، وان الغلامين كان بينهما وبين أبويهما سبعمأة سنة.

188 - عن اسحق بن عمار قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ان الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله، ثم ذكر الغلامين فقال:: وكان أبوهما صالحا " ألم تر ان الله شكر صلاح ابويهما لهما.

189 - عن بريد بن رويان قال: قال الحسين عليه السلام لنافع بن الازرق: يا بن الازرق انى اخبرت أنك تكفر أبى وأخى وتكفرنى؟ قال له نافع " لئن قلت ذلك لقد كنتم الحكام ومعالم الاسلام، فلما بدلتم استبدلنا بكم، فقال له الحسين: يا بن الازرق اسئلك عن مسألة فأجبنى عن قول الله لا اله الا هو: " واما الجدار فكان لغلامين

[290]

يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما " إلى قوله: " كنزهما " من حفظ فيهما؟ قال: فأيهما أفضل، أبويهما أم رسول الله وفاطمة؟ قال: لا بل رسول الله وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله، قال: فما حفظهما حتى خلى بينهما وبين الكفر؟ فنهض ثم نفض ثوبه ثم قال: نبأنا الله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

190 - عن زرارة وحمران عن أبيجعفر وأبى عبدالله عليهما السلام قالا: يحفظ الله الاطفال باعمال آبائهم، كما حفظ الغلامين بصلاح أبيهما.

191 - عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام، ان النبى صلى الله عليه واله قال: ان الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله، وان كان أهله اهل السوء ثم قرء هذه الاية إلى آخرها: " وكان أبوهما صالحا ".

192 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى سعيد عقيصا قال: قلت للحسن ابن على بن أبى طالب، يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت ان الحق لك دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال: يابا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه واماما عليهم بعد أبى عليه السلام؟ قلت: بلى، قال: ألست الذى قال رسول الله صلى الله عليه واله لى ولاخى الحسين: امامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى، قال: انا فاذن امام لو قمت، وانا امام اذا قعدت، يابا سعيد علة مصالحتى لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه واله لبنى ضمرة وبنى أشجع ولاهل مكة حين انصرف من الحديبية، اولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية واصحابه كفار بالتأويل، يابا سعيد اذا كنت اماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيى فيما أتيته من مهادنة أو محاربة، وان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا الا ترى إلى الخضر عليه السلام، لما أخرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى عليه السلام فعله الاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضى، هكذا انا سخطتم على بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الارض أحد الا قتل.

193 - وباسناده إلى عبدالله بن الفضل الهاشمى قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد

[291]

عليهما السلام يقول: ان لصاحب هذا الامر غيبة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل، فقلت له: ولم جعلت فداك؟ قال: لامر لم يأذن في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمه في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، ان وجه الحكمه في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام، من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسى عليه السلام، الا وقت افتراقهما، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

194 - وباسناده إلى اسحق الليثى عن الباقر عليه السلام حديث طويل يقول فيه (ع) انكر موسى على الخضر واستفضع أفعاله حتى قال له الخضر: يا موسى ما فعلته عن أمرى انما فعلته عن أمر الله عزوجل.

195 - في اصول الكافى محمد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله (ع) قال: قال موسى للخضر (ع): قد تحرمت بصحبتك فأوصنى، قال: الزم ما لا يضرك معه شئ كما لا ينفعك مع غيره شئ.

196 - في امالى الصدوق (ره) باسناده إلى الصادق عليه السلام، قال: ان موسى ابن عمران عليه السلام، حين أراد أن يفارق الخضر عليه السلام قال: اوصنى فكان مما أوصاه أن قال له اياك واللجاجة، وان تمشى في غير حاجة، أو أن تضحك من غير عجب، واذكر خطيئتك واياك وخطايا الناس.

197 - في كتاب الخصال عن الزهرى عن على بن الحسين (ع) قال: كان آخر ما أوصى به الخضر، موسى بن عمران عليهما السلام ان قال: لا تعير احدا بذنب، وان أحب الامور إلى الله تعالى ثلثة: القصد في الشدة، والعفو في القدرة، والرفق بعباد الله وما رفق احد بأحد في الدنيا الا رفق الله تعالى به يوم القيمة، ورأس الحكمة مخافة الله تبارك الله وتعالى.

198 - في تفسير على بن ابراهيم: حدثنى أبى عن يوسف بن أبى حماد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه واله إلى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الاذفر،

[292]

فسأل جبرئيل عنها فأخبره جبرئيل عليه السلام انها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتى ماتوا، ثم قال له: ان الخضر عليه السلام كان من أبناء الملوك فآمن بالله، وتخلى في بيت دار أبيه يعبد الله عزوجل ولم يكن لابيه ولد غيره فأشاروا على أبيه أن يزوجه، فلعل الله أن يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفى عقبه فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه، لم يلتفت الخضر اليها فلما كان في اليوم الثانى قال لها: تكتمين على أمرى؟ فقالت: نعم قال لها: ان سئلك أبى هل كان منى اليك ما يكون من الرجال إلى النساء فقولى: نعم فقالت: أفعل، فسألها الملك عن ذلك فقالت: نعم وأشار عليه الناس ان يأمر النساء أن يفتشنها، فأمر وكانت على حالتها فقالوا: أيها الملك زوجت العز من العزة زوجة امرأة ثيبا، فزوجه فلما أدخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره فقالت: نعم، فلما ان الملك سألها قالت: أيها الملك ان ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة؟ فغضب عليه وأمر بردم الباب عليه فردم فلما كان يوم الثالث حركته رقة الاباء، فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه، وأعطاه الله عزوجل من القوة أن يتصور كيف يشاء ثم كان على مقدمة ذى القرنين وشرب من الماء الذى من شرب منه بقى إلى الصيحة.

قال: فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا إلى جزيرة من جزاير البحر، فوجدا فيها الخضر عليه السلام قائما يصلى فلما انفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه فقال لهما: هل يكتمان على أمرى ان أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما؟ فقالا: نعم، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ونوى الآخر ان رده إلى منازله أخبر أباه بخبره، فدعا الخضر سحابة وقال: احملى هذين إلى منازلهما، فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما، فكتم أحدهما أمره، وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره، فقال له الملك: من يشهد لك بذلك؟ قال: فلان التاجر فدل على صاحبه، فبعث الملك اليه فلما أحضره انكره وأنكر معرفة صاحبه، فقال له الاول: ايها الملك ابعث معى خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك فبعث معه

[293]

خيلا فلم يجده فاطلق عن الرجل الذى كتم عليه، ثم ان القوم عملوا بالمعاصى فأهلكهم الله عزوجل وجعل مدينتهم عاليها سافلها وابتدرت الجارية التى كتمت عليه أمره والرجل الذى كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة فلما اصبحا التقيا فاخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره، فقالا: ما نجونا الا بذلك، فآمنا برب الخضر عليه السلام و حسن ايمانهما، وتزوج بها الرجل ووقعا إلى مملكة ملك آخر، ودخلت المرأة إلى بيت الملك وكانت تزين بنت الملك، فبينما هى تمشطها يوما اذ سقط من يدها المشط، فقالت: لا حول ولا قوة الا بالله، فقالت لها بنت الملك: م هذه الكلمه؟ فقالت لها: ان لى الها تجرى الامور كلها بحوله وقوته، فقالت لها بنت الملك: ألك اله غير أبى؟ قالت: نعم وهو الهك واله أبيك.

فدخلت بنت الملك إلى أبيها فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرئة، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته، فقال لها: من على دينك؟ قالت: زوجى وولدى فدعاهما الملك فأمرهما بالرجوع عن التوحيد فأبوا عن ذلك، فدعا بمرجل(1) من ماء فاسخنه وألقاهم فيه، فأدخلهم بيتا وهدم عليهم البيت، فقال جبرئيل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه واله: فهذه الرائحة التى شممتها من ذلك البيت.

199 - في قرب الاسناد للحميرى باسناده إلى موسى بن جعفر عليه السلام حديث طويل يذكر فيه آيات النبى صلى الله عليه واله وفيه: ومن ذلك ان نفرا من اليهود أتوه فقالوا لابى الحسن جدى: استأذن لنا على ابن عمك نسأله، قال: فدخل على فأعلمه، فقال النبى صلى الله عليه واله: وما يريدون منى؟ فانى عبد من عبيد الله لا أعلم الا ما علمنى ربى، ثم قال: ائذن لهم فدخلوا، فقال: اسئلونى عما جئتم له أم أنبئكم؟ قالوا: نبئنا، قال: جئتم تسئلونى عن ذى القرنين؟ قالوا: نعم، قال كان غلاما من أهل الروم، ثم ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها، ثم بنى السد فيها، قالوا: نشهد ان هذا كذا وكذا.

___________________________________

(1) المرجل: القدر من الحجارة والنحاس.

[294]

200 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبيجعفر وأبى عبدالله عليهما السلام قال: قلت: له ما منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟ قال: صاحب موسى وذو القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

201 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن مغيرة قال: قال أبوجعفر عليه السلام: ان عليا عليه السلام كان محدثا، فقلت: فيقول نبى؟ فحرك بيده هكذا ثم قال او كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذى القرنين، أوما بلغكم انه قال: وفيكم مثله.

202 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبى بصير عن أبيجعفر عليه السلام قال: ان ذى القرنين لم يكن نبيا ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه، و ناصح لله فناصحه، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا ثم رجع اليهم، فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنته.

203 - وباسناده إلى الاصبغ بن نباتة قال: قام ابن الكوا إلى على بن أبى طالب عليه السلام وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن ذى القرنين أنبيا كان أو ملكا؟ وأخبرنى عن قرنيه أذهب أو فضة؟ فقال عليه السلام: لم يكن نبيا ولا ملكا، ولا قرناه من ذهب ولا فضة، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه، ونصح لله فنصحه الله، و انما سمى ذا القرنين لانه دعا قومه فضربوه على قرنه، فغاب عنهم حينا، ثم عاد اليهم فضرب على قرنه الآخر وفيكم مثله.

204 - وباسناده إلى جابر بن عبدالله الانصارى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: ان ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عزوجل حجة على عباده، فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتى قيل مات أو هلك، بأى واد سلك، ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر وفيكم من هو على سنته، و ان الله عزوجل مكن لذى القرنين في الارض، وجعل له من كل شئ سببا، وبلغ

[295]

المغرب والمشرق، وان الله عزوجل سيجرى سنته في القائم من ولدى، فيبلغه مشرق الارض وغربها حتى لا يبقى منها ولا موضعا منها من سهل أو جبل وطاه ذو القرنين الا وطاه ويظهر الله له عزوجل كنوز الارض ومعادنها، وينصره بالرعب، ويملاء الارض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

205 - في تفسير العياشى عن ابى الطفيل قال سمعت عليا عليه السلام يقول: ان ذا القرنين لم يكن نبيا ولا رسولا كان عبدا أحب الله فأحبه، وناصح الله فنصحه، دعى قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر فقتلوه.

206 - عن أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان الله لم يبعث انبياء ملوكا في الارض الا أربعة بعد نوح، اولهم ذو القرنين واسمه عياش، وداود وسليمان ويوسف، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب، واما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر، وكذلك كان ملك سليمان، واما يوسف فملك مصر وبراريها لم يجاوزها إلى غيرها، وفى كتاب الخصال مثله.

207 - في كتاب الخصال عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال: ملك الارض كلها أربعة، مؤمنان وكافران، فاما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، واما الكافران نمرود وبخت نصر، واسم ذى القرنين عبدالله ضحاك بن معد.

208 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر محمد بن على عليهما السلام قال: اول اثنين تصافحا على وجه الارض ذو القرنين و ابراهيم الخليل عليه السلام استقبله ابراهيم فصافحه.

209 - في تفسير العياشى بعد ان ذكر أبا عبدالله عليه السلام ونقل عنه حديثا طويلا قال: وفى خبر آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة، فلما وثب عليه وكان أشبه الناس بابراهيم، قال له: أنت ابراهيم خليل الرحمن؟ قال: لا.

210 - في عيون الاخبار عن الرضا عليه السلام عن ابيه عن آبائه عن أمير المؤمنين على بن ابى طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لكل امة صديق وفاروق، وصديق هذه

[296]

الامة وفاروقها على بن أبى طالب ان عليا سفينة نجاتها وباب حطتها، انه يوشعها و شمعونها وذو قرنيها.

211 - في الخرايج والجرايح قال الحسن العسكرى: وسئل على عليه السلام عن ذى القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سخر الله السحاب ويسر له الاسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار على سواء، وانه رأى في المنام كانه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنها في شرقها وغربها، فلما قص رؤياه على قومه عرفهم وسموه ذا القرنين فدعاهم إلى الله فأسملوا، ثم أمرهم ان يبنوا له مسجدا فأجابوه اليه، فامر أن يجعلوا طوله اربعمأة ذراع، وعرضه مأتى ذراع وعلوه إلى السماء مأة ذراع، فقالوا: كيف لك بخشبات تبلغ ما بين الحائطين؟ قال: اذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب(1) حتى يستوى مع حيطان المسجد، فاذا فرغتم من ذلك اخذتم من الذهب والفضة على قدره، ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر ثم خلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفايح من نحاس تذوبون ذلك، وانتم متمكنون من العمل كيف شئتم، وأنتم على أرض مستوية فاذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب، فيسارعون فيه لاجل ما فيه من الذهب والفضة فبنوا المسجد واخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف واستغنى المساكين فجندهم اربعة اجناد، في كل جند عشرة آلاف، ونشرهم في البلاد.

212 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سماك بن حرب عن رجل من بنى أسد قال: سأل رجل عليا عليه السلام أرأيت ذا القرنين كيف استطاع ان بلغ الشرق والغرب؟ قال: سخر له السحاب ومد له في الاسباب، وبسط له النور فكان الليل و النهار عليه سواء.

213 - في تفسير العياشى عن أبى بصير عن أبيجعفر عليه السلام قال: ان ذا القرنين خير بين السحاب الصعب والسحاب الذلول فاختار الذلول، فركب الذلول، فكان اذا انتهى إلى قوم كان رسول نفسه اليهم لكى لا يكذب الرسل.

___________________________________

(1) كبس البئر: طمها بالتراب اى سواها ودفنها.

[297]

214 - عن حارث بن حبيب قال: أتى رجل عليا عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن ذى القرنين، فقال: سخر له السحاب وقربت له الاسباب، وبسط له في النور، فقال له الرجل: كيف بسط له في النور؟ فقال على عليه السلام: كان يضئ بالليل كما يضيئ بالنهار(1) ثم قال على عليه السلام للرجل: أزيدك فيه فسكت.

215 - عن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سأل عن ذى القرنين؟ قال: كان عبدا صالحا واسمه عياش، اختاره الله وابتعثه إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المغرب وذلك بعد طوفان نوح، فضربوه على قرن رأسه الايمن فمات منها، ثم أحياه الله بعد مأة عام، ثم بعثه الله إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المشرق، فكذبوه وضربوه ضربة على قرن رأسه الايسر فمات منها، ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين، أجوفين وجعل عين ملكه وآية نبوته في قرنيه.

ثم رفعه إلى السماء الدنيا فكشط له(2) عن الارض كلها جبالها وسهولها و فجاجها، حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب، وآتاه الله من كل شئ يعرف به الحق والباطل، وأيده في قرنيه بكشف من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق، ثم اهبط إلى الارض وأوحى اليه: ان سر في ناحية غربى الارض وشرقيها، فقد طويت لك البلاد، وذللت لك العباد فأرهبتهم منك فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب، فكان اذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الاسد المغضب(3) فينبعث من قرنه ظلمات ورعد و برق وصواعق تهلك من ناواه وخالفه فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب، قال: وذلك قول الله انا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سببا فاتبع سببا حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة

___________________________________

(1) في المصدر " يبصر " بدل " يضيئ " في الموضعين.

(2) كشط عن الشئ: كشف عنه.

(3) زأر الاسد: صات من صدره.

[298]

إلى قوله: اما من ظلم ولم يؤمن بربه فسوف يعذبه في الدنيا بعذاب الدنيا " ثم يرد إلى ربه " في مرجعه " فيعذبه عذابا نكرا " إلى قوله " وسنقول له من أمرنا يسرا ثم اتبع " ذو القرنين من الشمس " سببا ".

ثم قال أمير المؤمنين: ان ذا القرنين لما انتهى من الشمس إلى العين الحامية وجد الشمس تغرب فيها ومها سبعون ألف يجرونها بسلاسل الحديد والكلاليب يجرونها من قعر البحر في قطر الارض الايمن، كما تجرى السفينة على ظهر الماء فلما انتهى معها إلى مطلع الشمس سببا " وجدها تطلع على قوم " إلى قوله " بما لديه خيرا " فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان ذا القرنين ورد على قوم قد احرقتهم الشمس وغيرت أجسادهم وألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة ثم اتبع ذو القرنين سببا في ناحية الظلمة " حتى اذابلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذا القرنين ان يأجوج و مأجوج " خلف هذين الجبلين وهم يفسدون في الارض، اذا كان إبان(1) زروعنا وثمارنا خرجوا علينا من هذين السدين فرعوا من ثمارنا وزرعنا حتى لا يبقون منها شيئا " فهل نجعل لك خرجا " نؤديه اليك في كل عام " على أن تجعل بيننا وبينهم سدا " إلى قوله " زبر الحديد " قال: فاحتفر له جبل حديد فقلعوا له أمثال اللبن، فطرح بعضهم على بعض فيما بين الصدفين، وكان ذو القرنين هو اول من بنى ردما على الارض ثم جعل عليه الحطب وألهب فيه النار، ووضع عليه المنافخ فنفخوا عليه، فلما داب قال، ايتونى بقطر وهو المس الاحمر قال: فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد فذاب معه واختلط به، قال: " فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا " معنى يأجوج ومأجوج، " قال هذا رحمة من ربى فاذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا " إلى هنا رواية على بن الحسين ورواية محمد بن نضر وزاد جبرئيل بن أحمد في حديثه عن الاصبغ بن نباتة عن على بن أبى طالب صلوات الله عليه " وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض " يعنى يوم القيمة، وكان ذو القرنين

___________________________________

(1) ابان الشئ: حينه واوله.

[299]

عبدا صالحا، كان من الله بمكان نصح الله فنصح له، وأحب الله فأحبه، وكان قد سبب له في البلاد ومكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب، وكان له خليل من الملائكة يقال له رقائيل ينزل اليه فيحدثه ويناجيه فبينا هو ذات يوم عنده اذ قال له ذو القرنين: يا رقائيل كيف عبادة أهل السماء وأين هى من عبادة أهل الارض؟ فقال: اما عبادة أهل السماء ما في السموات موضع قدم الا وعليه ملك قائم لا يقعد أبدا أو راكع لا يسجد أبدا، أو ساجد لا يرفع رأسه أبدا، فبكى ذو القرنين بكاء‌ا شديدا وقال: يا رقائيل انى احب ان اعيش حتى ابلغ من عبادة ربى وحق طاعته بما هو أهله فقال له رقائيل: يا ذا القرنين ان لله في الارض عينا تدعى عين الحيوة، فيها عزيمة من الله انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو يسئل الله الموت، فان ظفرت بها تعيش ما شئت قال: وأين ذلك العين وهل تعرفها؟ قال: لا، غير انا نجد في السماء ان لله في الارض ظلمة لم يطأها انس ولا جان فقال ذو القرنين: واين تلك الظلمة؟ قال: رقائيل ما ادرى ثم صعد رقائيل فدخل ذا القرنين حزن طويل من قول رقائيل ومما اخبره عن العين والظلمة ولم يخبره بعلم ينتفع به منهما.

فجمع ذو القرنين فقهاء أهل مملكته وعلمائهم وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة، فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين: يا معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله أو من كتب من كان قبلكم من الملوك ان لله عينا تدعى عين الحيوة، فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذى يسئل الله الموت؟ قالوا: لا يا أيها الملك قال: فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب ان لله في الارض ظلمة لم يطأها انس ولا جان؟ قالوا: لا أيها الملك فحزن عليه ذو القرنين حزنا شديدا وبكى اذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب، وكان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الاوصياء اوصياء الانبياء وكان ساكتا لا يتكلم، حتى اذا أيس ذو القرنين منهم قال له الغلام: ايها الملك انك تسئل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم، وعلم ما تريد عندى، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتى نزل عن فراشه وقال له: ادن

[300]

منى فدنا منه فقال: أخبرنى قال: نعم أيها الملك انى وجدت في كتاب آدم الذى كتب يوم سمى له ما في الارض من عين أو شجر، فوجدت فيه ان لله عينا تدعى عين الحيوة فيها من الله عزيمة انه من شرب منها لم يمت حتى يكون هو الذى يسئل الله الموت، بظلمة لم يطأها انس ولا جان ففرح ذو القرنين وقال: ادن منى يا ايها الغلام تدرى أين موضعها؟ قال: نعم، وجدت في كتاب آدم انها على قرن الشمس يعنى مطلعها.

ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاء‌هم وعلماء‌هم و اهل الحكم منهم، فاجتمع اليه ألف حكيم وعالم وفقيه فلما اجتمعوا اليه تهيأ للسير و تأهب له بأعد العدة وأقوى القوة، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال والفيافى(1) والارضين والمفاوز فسار اثنى عشر سنة حتى انتهى إلى طرف الظلمة، فاذا هى ليست بظلمة الليل ولا دخان ولكنها هواء يفور فسد ما بين الافقين فنزل بطرفها وعسكر عليها وجمع علماء أهل عسكره وفقهائهم واهل الفضل منهم، فقال: ما معشر الفقهاء والعلماء انى أريد أن أسلك هذه الظلمة فخروا له سجدا وقالوا: يا ايها الملك انك لتطلب امرا ما طلبه ولا سلكه أحد كان قبلك من النبيين والمرسلين، ولا من الملوك؟ قال: انه لا بد لى من طلبها، قالوا: ايها الملك انا لنعلم انك اذا سلكتها ظفرت بحاجتك منها بغير عنت عليك لامرنا ولكنا نخاف أن يعلق بك منها أمر يكون فيه هلاك ملكك وزوال سلطانك وفساد من في الارض، فقال: لا بد من أن اسلكها، فخروا سجدا وقالوا: انا نتبرء اليك مما يريد ذو القرنين.

فقال ذو القرنين: يا معشر العلماء أخبرونى بابصر الدواب؟ قالوا: الخيل الاناث البكارة أبصر الدواب، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس اناثا أبكارا، وانتخب من أهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل فدفع إلى كل رجل وعقد لافسحر وهو الخضر على ألف فرس، فجعلهم على مقدمته وأمرهم أن يدخلوا الظلمة، وسار ذو القرنين في أربعة آلاف وأمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثنى عشر سنة، فان

___________________________________

(1) خاض الماء: دخله.

والفيافى كصحارى لفظا ومعنى.

[301]

رجع هو اليهم إلى ذلك الوقت والا تفرقوا في البلاد ولحقوا ببلادهم أو حيث شاؤا، فقال الخضر: ايها الملك انا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال اذا أصابنا؟ فاعطاه ذو القرنين خرزة حمراء(1) كانها مشعل لها ضوء، فقال: خذ هذه الخرزة فاذا أصاب بكم الضلال فارم بها إلى الارض فانها تصيح، فاذا صاحت رجع أهل الضلال إلى صوتها، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة، وكان الخضر يرتحل و ينزل ذو القرنين، فبينا الخضر يسير ذات يوم اذ عرض له واد في الظلمة فقال لاصحابه: قفوا هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم عن موضعه، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة فرمى بها في الوادى فابطأت عنها بالاجابة حتى ساء ظنه وخاف أن لا يجيبه ثم أجابته، فخرج إلى صوتها فاذا هى العين بقعرها، واذا ماؤها أشد بياضا من اللبن وأصفى من الياقوت، و احلى من العسل، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابته فخرج إلى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير، فساروا.

ومر ذو القرنين بعده فأخطأ الوادى فسلكوا تلك الظلمة باربعين يوما وأربعين ليلة ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور، فخرجوا إلى أرض حمراء رملة خشخاشة فركة(2) كان حصاها اللؤلؤ فاذا هو بقصر مبنى على طوله فرسخ، فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر، فاذا طائر واذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبى القصر، والطير اسود معلق بأنفه في تلك الحديدة بين السماء والارض مزموم كانه الخطاف أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف أو هو خطاف، فلما سمع خشخشة ذى القرنين قال: من هذا؟ قال: انا ذو القرنين، قال: اما كفاك ما وراك حتى وصلت إلى حد بابى هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا(3) فقال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى،

___________________________________

(1) الخرزة - واحد الخرز محركة -: الحب المثقوب من الزجاج ونحوه تنظم منه المسابح والقلائد ونحوها.

فصوص من حجارة كالماس والياقوت.

(2) قال في البحار: الخشخشة: صوت السلاح وكل شئ يابس اذا حل بعضه ببعض والدخول في الشئ " انتهى " وقوله عليه السلام " فركة " اى كانت لينة بحيث كان يمكن فركها باليد.

(3) فرق - كعلم -: فزع.

[302]

قال: سل، قال: هل كثر بنيان الآجر والجص؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطير وامتلا حتى ملا من الحديدة ثلثها ففرق ذو القرنين فقال: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل كثرت المعازف؟(1) قال: نعم قال: فانتفض الطير وامتلاء حتى ملاء من الحديدة ثلثيها، ففرق ذو القرنين، فقال: لاتخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ارتكب الناس شهادة الزور في الارض؟ قال نعم، فانتفض انتفاضة وانتفخ فسد ما بين جدارى القصر قال: فامتلا ذو القرنين فرقا منه فقال له: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس شهادة ان لا اله الا الله؟ قال: لا، فانضم ثلثه، ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس الصلاة المفروضة؟ قال: لا قال: فانضم ثلث آخر ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس الغسل من الجنابة؟ قال: لا، قال: فانضم حتى عاد إلى حاله الاول.

واذا هو بدرجة مدرجة إلى أعلى القصر، قال: فقال الطير: يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة فسلكها وهو خائف لا يدرى ما هو عليه حتى استوى على ظهرها، فاذا هو بسطح ممدود البصر، واذا رجل شاب ابيض مضئ الوجه عليه ثياب بيض حتى كانه رجل أو في صورة رجل أو شبيه بالرجل أو هو رجل، واذا هو رأفع رأسه ينظر إلى السماء ينظر اليها واضع يده على فيه، فلما سمع خشخشة ذى القرنين قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، قال: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراك حتى وصلت إلى؟ قال ذو القرنين: مالى اراك واضعا يدك على فيك؟ قال: يا ذا القرنين انا صاحب الصور، وان الساعة قد اقتربت وانا انتظر أن أومر بالنفخ فانفخ، ثم ضرب بيده فتناول حجرا فرمى به إلى ذى القرنين كانه حجرا أو شبه حجر أو هو حجر، فقال: يا ذا القرنين خذ هذا، فان جاع جعت وان شبع شبعت فارجع فرجع ذو القرنين بذلك الحجر حتى خرج به إلى أصحابه فأخبرهم بالطير وما سأله عنه وما قال له، وما كان من أمره، وأخبرهم بصاحب السطح وما قال له وما أعطاه، ثم قال لهم:

___________________________________

(1) المعازف: الملاهى كالعود والطنبور.

[303]

انه أعطانى هذا الحجر وقال لى: ان جاع جعت، وان شبع شبعت - وقال: أخبرونى بأمر هذا الحجر فوضع الحجر في احدى الكفتين، ووضع خجرا مثله في الكفة الاخرى ثم رفع الميزان فاذا الحجر الذى جاء به أرجح بمثل الآخر، فوضعوا آخر فمال به حتى وضعوا ألف حجر كلها مثله، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يستمل به الالف حجر فقالوا: يا أيها الملك لا علم لنا بهذا.

فقال له الخضر: ايها الملك انك تسئل هؤلاء عما لا علم لهم به، وقد اوتيت علم هذا الحجر، فقال ذو القرنين: فأخبرنا وبينه لنا، فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر الذى جاء به ذو القرنين في كفة الميزان، ثم وضع حجرا آخر في كفة اخرى، ثم وضع كف تراب على حجر ذى القرنين يزيده ثقلا، ثم رفع الميزان فاعتدل وعجبوا وخروا سجدا لله وقالوا: ايها الملك هذا امر لم يبلغه علمنا، وانا لنعلم ان الخضر ليس بساحر فيكف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله، فمال بها وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا؟ قال ذو القرنين: بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر، فقال الخضر: ايها الملك ان أمر الله نافذ في عباده، وسلطانه قاهر، وحكمه فاصل، وان الله ابتلى عباده بعضهم ببعض، وابتلى العالم بالعالم، والجاهل بالجاهل، والعالم بالجاهل، الجاهل بالعالم، وانه ابتلانى بك وابتلاك بى، فقال.

يرحمك الله يا خضر انما تقول: ابتلانى بك حين جعلت أعلم منى، وجعلت تحت يدى، أخبرنى يرحمك الله عن أمر هذا الحجر؟ فقال الخضر: أيها الملك ان هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور، يقول: ان مثل بنى آدم مثل هذ الحجر الذى وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها، ثم اذا وضع عليه التراب شبع وعاد حجرا مثله، فيقول: كذلك مثلك أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك(1) ودخلت مدخلا لم يدخله انس ولا جان، يقول: كذلك ابن آدم لا يشبع حتى يحثى عليه التراب.

قال: فبكى ذو القرنين بكاء‌ا شديدا وقال: صدقت يا خضر، ضرب لى هذا

___________________________________

(1) وفى نسخة كنسخة البحار -: " أبدا من كان قبلك..اه "

[304]

المثل: لا جرم انى لا أطلب اثرا في البلاد بعد مسلكى هذا، ثم انصرف راجعا في الظلمة، فبينا هم كذلك يسيرون اذ سمعوا خشخشة تحت سنابك(1) خيلهم فقالوا: ايها الملك ما هذا؟ فقال: خذوا منه، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم، فأخذ بعض وترك بعض، فما خرجوا من الظلمة اذا هم بالزبرجد، فندم الآخذ والتارك، ورجع ذو القرنين إلى دومة الجندل(2) وكان بها منزله فلم يزل بها حتى قبضه الله.

قال: وكان صلى الله عليه واله اذا حدث بهذا الحديث قال: رحم الله أخى ذا القرنين ما كان مخطئا اذا سلك ما سلك وطلب ما طلب، ولو ظفر بوادى الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه سنة الزهاد الا أخرجه للناس، لانه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع فقد زهد.

216 - جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه إلى أبى عبدالله عليه السلام قال: ان ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر فلما انتهى إلى موضع منه، قال لاصحابه: دلونى فاذا حركت الحبل فأخرجونى فان لم أحرك الحبل فأرسلونى إلى آخره، فأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما، فاذا ضارب يضرب خشب الصندوق ويقول: يا ذا القرنين أين تريد؟ قال: اريد ان أنظر إلى ملكوت ربى في البحر كما رأيته في البر، فقال: يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذى أنت فيه مر في نوح زمان الطوفان، فسقط منه قدوم(3) فهو يهوى في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج.

217 - عن جميل بن دراج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته عن الزلزلة؟ فقال: أخبرنى أبى عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ان ذا القرنين

___________________________________

(1) السنابك جمع السنبك - بالضم - طرف الحافر.

(2) دومة الجندل: موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول صلى الله عليه وآله يقرب من تبوك، وهى أحد حدود فدك، قيل: سميت بدوم بن اسماعيل، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبنى بالجندل.

(3) القدوم: آلة للنحت والنجر.

[305]

لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل الظلمة، فاذا بملك قائم طوله خمسمأة ذراع، فقال له الملك: يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: ومن أنت؟ قال انا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل، وليس من جبل خلقه الله الا وله عرق إلى هذا الجبل، فأذا أراد الله ان يزلزل مدينة أوحى إلى فزلزلتها.

218 - عن ابن هشام عن أبيه عمن حدثه عن بعض آل محمد عليه وعليهم السلام قال: ان ذا القرنين كان عبدا صالحا طويت له الاسباب، ومكن له في البلاد، وكان قد وصفت له عين الحيوة، وقيل له: من يشرب منها شربة لم يمت حتى يسمع الصوت، وانه خرج في طلبها حتى اتى موضعها، وكان في ذلك الموضع ثلثمأة وستون عينا، وكان الخضر على مقدمته، وكان من أشد أصحابه عنده، فدعاه وأعطاه وأعطى قوما من أصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا فقال: انطلقوا إلى هذه المواضع فليغسل كل رجل منكم حوته عند عين، ولا يغسل معه أحد، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم فغسل فيها حوته، وان الخضر انتهى إلى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت ووجد الحوت ريح الماء حيى فانساب في الماء(1) فلما رأى ذلك الخضر رمى بثيابه وسقط وجعل يرتمس في الماء ويشرب ويجتهد أن يصيبه، فلما رأى ذلك رجع فرجع أصحابه وأمر ذو القرنين بقبض السمك.

فقال: انظروا فقد تخلفت سمكة فقالوا: الخضر صاحبها، قال فدعاه فقال: ما خلف سمكتك؟ قال: فأخبره الخبر فقال له: فصنعت ماذا؟ قال: سقطت عليها فجعلت أغوص واطلبها فلم أجدها، قال: فشربت من الماء؟ قال: نعم، قال: فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها، فقال للخضر: أنت صاحبها.

219 - عن جابر عن أبيجعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: تغرب الشمس في عين حمئة في بحر دون المدينة التى مما يلى المغرب يعنى جابلقا(2).

220 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن أبى عبدالله عليه السلام حديث طويل

___________________________________

(1) اى دخل فيه.

(2) وفى نسخة " باجلقا ".

[306]

وفيه قال السائل: أخبرنى عن الشمس أين تغيب؟ قال: ان بعض العلماء قال: اذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها، يعنى انها تغيب في عين حمئة ثم تخرق الارض راجعة إلى موضع مطلعها، فتحير تحت العرش حتى يؤذن لها بطلوع، ويسلب نورها كل يوم ويتجلل نورا احمر.

221 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبى ذر (ره) عن النبى صلى الله عليه واله قال: كنت آخذا بيد النبى صلى الله عليه واله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

222 - في تفسير العياشى عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك قال: لم يعلموا صنعة البيوت.

223 - في تفسير على بن ابراهيم قال: لم يعلموا صنعة الثياب.

224 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى المأة، قال له اليهودى: فالشمس من أين تطلع؟ قال له: من بين قرنى شيطان، قال: فأين تغرب؟ قال: في عين حامية.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: سبق في تفسير العياشى عن امير المؤمنين عليه السلام بيان لقوله عزوجل " تغرب في عين حامية ".

225 - في الكافى أبوعلى الاشعرى عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: يصلى على الجنازة في كل ساعة انها ليست بصلوة ركوع ولا سجود وانما تكره الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها التى فيها الخشوع والركوع والسجود، لانها تغرب بين قرنى شيطان وتطلع بين قرنى شيطان.

226 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر الاسدى رضى الله عنه قال: كان فيما يورد على من الشيخ أبى جعفر محمد بن عثمان

[307]

العمرى قدس الله روحه في جواب مسائلى إلى صاحب الزمان: واما سألت عنه من الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولئن كان كما يقولون ان الشمس تطلع بين قرنى الشيطان وتغيب بين قرنى الشيطان، فلا شئ أفضل من الصلوة وأرغم أنف الشيطان.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عزوجل " حتى اذا بلغ بين السدين " إلى قوله: " وكان وعد ربى حقا " قد سبق في تفسير العياشى له بيان.

227 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى سهل بن زياد عن عبدالعظيم الحسنى عن على بن محمد العسكرى عليه السلام حديث طويل يذكر فيه نوحا عليه السلام وأولاده ساما وحاما ويافثا حين سارت بهم السفينة: ودعا نوح عليه السلام أن يغير الله ماء صلب حام ويافث، وقد كتبناه بتمامه عند قوله تعالى: " وهى تجرى بهم في موج كالجبال " وفيه يقول عليه السلام: جميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا.

228 - في روضة الكافى الحسين بن محمد الاشعرى عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبدالله عن العباس بن العلا عن مجاهد عن ابن عباس قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلق، فقال: خلق الله ألفا ومأتين في البر وألفا ومأتين في البحر، واجناس بنى آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.

229 - في تفسير على بن ابراهيم قال أبوعبدالله عليه السلام: ليس منهم رجل يموت حتى يولد له في صلبه ألف ولد ذكر، ثم قال: هم اكثر خلق خلقوا بعد الملائكة.

230 - في كتاب الخصال عن الصادق عليه السلام قال: الدنيا سبعة أقاليم، يأجوج ومأجوج، والروم، والصين، والزنج وقوم موسى واقليم بابل.

231 - في مجمع البيان ورد في خبر الحذيفة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه واله عن يأجوج وماجوج، فقال: ياجوج امة، ومأجوج أمة كل أمة أربعمأة امة لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى الف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم ثلثة أصناف، منهم امثال الارز، قلت: يا رسول الله وما الارز؟ قال: شجر بالشام طويل وصنف منهم طويل وعرضهم سواء، وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم

[308]

يفترش احدهم اذنيه ويلتحف بالاخرى، ولا يمرون بعين ولا وحش ولا جمل ولا خنزير الا اكلوه ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.

232 - في تفسير العياشى عن المفضل قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله اجعل بينكم وبينهم ردما قال: التقية فما استطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا اذا علمت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة وهو الحصن، وصار بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا.

233 - عن جابر عن ابى عبدالله عليه السلام قال: " اجعل بينكم وبينهم سدا فما اسطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا " قال: هو التقية.

234 - في الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبدالله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لاقوام يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذى هم عليه من التقشف(1) أخبرونى اين انتم عن سليمان بن داود ثم ذو القرنين عليه السلام عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الاسباب، وملكه مشارق الارض ومغاربها، وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد احدا عاب ذلك عليه.

235 - في تفسير العياشى عن المفضل قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله إلى قوله قال: وسألته عن قوله: فاذا جاء وعد ربى جعله دكا قال: رفع التقية عند الكشف، فانتقم من أعداء الله.

236 - في تفسير على بن ابراهيم " فاذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا " قال: اذا كان قبل يوم القيمة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا واكلوا الناس.

* (هامش)(1) قشف الرجل وتقشف: قذر جلده ولم يتعهد النظافة وان كان مع ذلك يطهر نفسه بالماء والاغتسال.

[309]

237 - في مجمع البيان وجاء في الحديث انهم يدأبون في حفره نهارهم حتى اذا أمسوا، وكادوا يبصرون شعاع الشمس، قالوا: نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان، حتى اذا جاء وعد الله.

قالوا: غدا نفتح و نخرج انشاء الله، فيعودون اليه وهو كهيئته حين تركوه بالامس، فيحفرونه(1) فيخرجون على الناس، فينشفون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء، فيقولون: قد قهرنا أهل الارض وعلونا اهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا(2) في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيهلكون بها، قال النبى صلى الله عليه واله: والذى نفس محمد بيده ان دواب الارض لتسمن وتسكر من لحومهم سكرا.

238 - في امالى شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى حذيفة بن اليمان عن - النبى صلى الله عليه واله عن أهل يأجوج ومأجوج قال: ان القوم لينقرون بمعاولهم(3) دائبين فاذا كان الليل قالوا: غدا نفرغ، فيصبحون وهو أقوى منه بالامس، حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله ان يبلغ أمره، فيقول المؤمن: غدا نفتحه ان شاء الله، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله، فوالذى نفسى بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادى الذى بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه، فيقول: والله لقد رأيت هذا الوادى مرة، وان الماء ليجرى في عرضه، قيل: يا رسول الله ومتى هذا؟ قال: حين لا يبقى من الدنيا الا مثل صبابة الاناء.

239 - في كتاب الخصال عن ابى الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفارى قال: كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه واله في غرفة، فاطلع الينا فقال: فيم انتم؟ قلنا: نتحدث، قال: عماذا؟ قلنا: عن الساعة، فقال: انكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الارض، وثلثة خسوف

___________________________________

(1) وفى المصدر " فيخرقونه ".

(2) النغف - محركة -: دود في انوف الابل والغنم.

(3) معاول جمع المعول: الفاس العظيمة ينقر بها الصخر.

[310]

يكون في الارض خسفا بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج، ويكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الارض، لا تدع خلفها أحدا الا تسوق الناس إلى المحشر، كلما قاموا قامت، ثم تسوقهم إلى المحشر.

240 - عن حذيفة بن اسيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: عشر آيات بين يدى الساعة: خمس بالمشرق، وخمس بالمغرب، فذكر الدابة والدجال، وطلوع الشمس من مغربها، وعيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وانه يغلبهم ويغرقهم في البحر ولم يذكر تمام الايات.

241 - في تفسير العياشى عن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام، وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض يعنى يوم القيمة.

242 - عن محمد بن حكيم قال: كتبت رقعة إلى ابى عبدالله عليه السلام، فيها: أتستطيع النفس المعرفة؟ قال فقال: لا، فقلت: يقول الله: الذين كانت اعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا قال: هو كقوله: " وما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون " قلت: فعابهم؟ قال: لم يعتبهم بما صنع هو بهم، ولكن عابهم بما صنعوا، ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شئ.

243 - في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في التوحيد حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشى، قال: حدثنا ابى عن أحمد بن على الانصارى عن أبى الصلت عن عبدالله بن صالح الهروى قال: سأل المامون أبالحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى: " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا " فقال: ان غطاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يرى بالعين، ولكن الله عزوجل شبه الكافرين بولاية على بن أبى طالب بالعميان، لانهم كانوا يستثقلون قول النبى صلى الله عليه واله فيه " ولا يستطيعون له سمعا " فقال المأمون: فرجت عنى فرج الله عنك والحديث طويل

[311]

أخذنا منه موضع الحاجة.

244 - في تفسير على بن ابراهيم قال: كانوا لا ينظرون إلى ما خلق الله من الآيات والسموات والارض.

245 - وباسناده إلى أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قلت: قوله عزوجل: " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى " قال: يعنى بالذكر ولاية أمير - المؤمنين عليه السلام، وهو قوله " ذكرى " قلت: قوله عزوجل: " لا يستطيعون سمعا " قال: كانوا لا يستطيعون اذا ذكر على صلوات الله عليه عندهم أن يسمعوا ذكره، لشدة بغض له وعداوة منهم، له ولاهل بيته، قلت: قوله عزوجل: افحسب الذين كفروا ان يتخذوا عبادى من دونى اولياء انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا قال: يعنيهما وأشياعهم الذين اتخذوهما من دون الله أولياء، وكانوا يرون انهم بحبهم اياهما ينجيانهم من عذاب الله عزوجل، و كانوا بحبهما كافرين، قلت قوله عزوجل: " انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا " اى منزلا وهى لهما ولاشياعهما معدة عند الله تعالى، قلت: قوله عزوجل: " نزلا " قال: مأوى ومنزلا.

246 - في مجمع البيان قرء أبوبكر في رواية الاعشى والبرجمى عنه، وزيد عن يعقوب: " افحسب الذين كفروا " برفع الباء وسكون السين، وهو قرائة أمير المؤمنين عليه السلام.

247 - في عوالى اللئالى وروى محمد بن الفضل عن الكاظم عليه السلام في قوله تعالى: قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا انهم الذين يتمادون بحج الاسلام ويسوفونه.

248 - في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرايع الدين والبرائة من أهل الاستيشار ومن أبى موسى الاشعرى وأهل ولايته الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا اولئك الذين كفروا بآيات ربهم بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولقائه كفروا بان لقوا الله بغير امامته فحبطت اعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا فهم كلاب أهل النار.

[312]

249 - في اصول الكافى على بن ابراهيم عن أبيه عن على بن اسباط عن احمد بن عمر الحلال عن على بن سويد عن ابى الحسن عليه السلام قال: سألته عن العجب الذى يفسد العمل؟ فقال: العجب درجات، منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا، ويحسب انه يحسن صنعا، ومنها ان يؤمن العبد بربه فيمن على الله عزوجل، والله عليه فيه المنة.

250 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) عن الاصبغ بن نباتة قال: قال ابن الكوا لامير المؤمنين عليه السلام: اخبرنى عن قول الله عزوجل: " قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا " الآية قال: كفرة اهل الكتاب اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحق فابتدعوا في اديانهم وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.

251 - في تفسير العياشى عن امام بن ربعى قال: قام ابن الكوا إلى امير - المؤمنين عليه السلام وقال اخبرنى عن قول الله: " قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا " قال: اولئك اهل الكتاب كفروا بربهم، وابتدعوا في دينهم، فحبطت اعمالهم وما اهل النهر منهم ببعيد.

في مجمع البيان وروى العياشى باسناده قال: قام ابن الكوا إلى امير المؤمنين وذكر إلى آخر ما سبق وزاد بعد قوله ببعيد، يعنى الخوارج.

252 - وفيه " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " وروى في الصحيح ان النبى صلى الله عليه واله قال: انه ليأتى الرجل السمين يوم القيمة لا يزن جناح بعوضة.

253 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى عن امير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يذكر فيه اهل الموقف واحوالهم وفيه: ومنهم ائمة الكفر وقادة الضلالة فاولئك لا يقيم لهم يوم القيمة وزنا ولا يعبأ بهم، لانهم لم يعبئوا بامره ونهيه يوم القيمة فهم في جهنم خالدون، تلفح وجوهم النار وهم فيها كالحون.

254 - في تفسير على بن ابراهيم وفى رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله عزوجل: " قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا " قال: هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات و

[313]

الاهواء من اهل القبلة والحرورية وأهل البدع.

255 - وقال على بن ابراهيم رحمه الله: نزلت في اليهود وجرت في الخوارج، و قوله عزوجل " اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت اعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " قال " اى حسنة ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتى ورسلى هزوا يعنى بالايات الاوصياء التى اتخذوها هزوا.

256 - حدثنا محمد بن احمد(1) عن عبدالله بن موسى عن الحسن بن على بن ابى حمزة عن أبيه عن أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل: خالدين فيها لا يبغون عنها حولا قال: خالدين فيها لا يخرجون منها " ولا يبغون عنها حولا " قال: لا يريدون بها بدلا، قلت قوله عزوجل: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا قال: قد أخبرك ان كلام الله عزوجل ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبدا، قلت: قوله عزوجل: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا " قال: هذه نزلت في أبى ذر والمقداد وسلمان الفارسى و عمار بن ياسر، جعل الله عزوجل لهم جنات الفردوس نزلا، اى مأوى ومنزلا.

257 - في مجمع البيان " كانت لهم جنات الفردوس نزلا " وروى عن عبادة بن صامت عن النبى صلى الله عليه واله قال: الجنة مأة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء و الارض الفردوس.

258 - في تفسير على بن ابراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبدالله بن موسى عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن أبيه والحسين بن أبى العلا وعبدالله بن وضاح وشعيب العقرقوفى جميعهم عن ابى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل: انما انا بشر مثلكم قال يعنى في الخلق انه مثلهم مخلوق يوحى إلى انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا قال: لا يتخذ مع ولاية آل

___________________________________

(1) وفى المصدر " جعفر بن أحمد " مكان " محمد بن احمد ".

[314]

محمد صلوات الله عليهم غيرهم، وولايتهم العمل الصالح، فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها، وجحد أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه وولايته.

259 - وفى رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه واله عن تفسير قوله عزوجل: " من كان يرجو لقاء ربه " الآية فقال: من صلى مراياة الناس فهو مشرك، ومن زكى مراياة الناس فهو مشرك، ومن صام مراياة الناس فهو مشرك ومن حج مراياة الناس فهو مشرك، ومن عمل عملا بما امره الله عزوجل مراياة الناس فهو مشرك، ولا يقبل الله عزوجل عمل مراء.

260 - فقى كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) وعن ابى محمد الحسن العسكرى عليه السلام قال: قلت لابى على بن محمد عليهما السلام: هل كان رسول الله صلى الله عليه واله يناظر اليهود والمشركين اذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة، ان رسول الله صلى الله عليه واله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة اذا ابتدء عبدالله بن أبى امية المخزومى فقال: يا محمد لقد ادعيت دعوى عظمية، وقلت مقالا هائلا، زعمت انك رسول رب العالمين، وما ينبغى لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل كما نأكل، وتمشى في الاسواق كما نمشى، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: اللهم انت السامع لكل صوت، والعالم بكل شئ، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل الله عليه يا محمد: " وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الاسواق " إلى قوله: " رجلا مسحورا " ثم انزل عليه يا محمد: " قل انما انا بشر " يعنى آكل الطعام " مثلكم يوحى إلى انما الهكم اله واحد " يعنى قل لهم انا في البشرية مثلكم، ولكن ربى خصنى بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا ان يخصنى ايضا بالنبوة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

261 - في كتاب ثواب الاعمال باسناده إلى امير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ما من عبد يقرأ " قل انما انا بشر مثلكم " إلى آخر السورة الا كان له نور من مضجعه إلى بيت الله الحرام، وان من كان له نور في بيت الله الحرام كان له نور

[315]

إلى بيت المقدس.

262 - في كتاب التوحيد عن على عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فاما قوله " بل هم بلقاء ربهم كافرون " يعنى بالبعث، فسماه الله عزوجل لقاه، وكذلك ذكر المؤمنين الذى يظنون انهم ملاقوا ربهم يعنى انهم يؤمنون انهم يبعثون ويحشرون ويجزون بالثواب والعقاب والظن هنا اليقين وكذلك قوله: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا " وقوله: " من كان يرجوا لقاء الله فأن اجل الله لآت " يعنى بقوله من كان يؤمن بأنه مبعوث، فان وعد الله لآت، من الثواب والعقاب فاللقاء ههنا ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث، فانهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فانه يعنى بذلك البعث.

263 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى شهاب بن عبد ربه عن أبى عبدالله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام اذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء، قال: لا أحب أن اشرك في صلوتى أحدا.

264 - في اصول الكافى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لايطلب به وجه الله انما يطلب تزكية الناس يشتهى أن تسمع به الناس، فهذا الذى اشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الايام أبدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الايام حتى يظهر الله له شرا.

265 - على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه انسان فيسره ذلك؟ قال: لا باس، ما من احد الا ويحب ان يظهر له في الناس الخير، اذا لم يصنع ذلك لذلك.

266 - احمد بن محمد بن احمد عن محمد بن احمد النهدى عن محمد بن

[316]

الوليد عن أبان عن عامر بن عبدالله بن خزاعة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ما من عبد يقرء آخر الكهف لا تيقظ في الساعة التى يريد.

267 - في الكافى على بن محمد بن عبدالله عن ابراهيم بن اسحق الاحمر عن الحسن بن على الوشاء قال: دخلت على الرضا عليه السلام وبين يديه ابريق يريد أن يتهيأ للصلوة، فدنوت منه لاصب عليه فأبى ذلك، وقال: مه يا حسن فقلت له: لم تنهانى أن اصب عليك تكره أن أوجر؟ قال: توجر أنت وأوزر انا، قلت له: وكيف ذلك؟ قال، أما سمعت الله عزوجل يقول: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا " وها انا ذا اتوضأ للصلوة وهى العبادة، فأكره ان يشركنى فيها احد.

268 - في من لا يحضره الفقيه وقال النبى صلى الله عليه واله: من قرء هذه الآية عند منامه: " قل انما انا بشر مثلكم يوحى إلى انما الهكم اله واحد " إلى آخرها سطع له نور من المسجد الحرام، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح.

269 - في مجمع البيان " فمن كان يرجو لقاء ربه " الآية عن سعيد بن جبير قال مجاهد: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقال: انى أتصدق وأصل الرحم ولا اصنع ذلك الا لله فيذكر ذلك منى واحمد عليه فيسرنى ذلك واعجب به؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه واله ولم يقل شيئا فنزلت الآية.

270 - وروى عن النبى صلى الله عليه واله انه قال: قال الله عزوجل: انا اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيرى فانا منه برئ، فهو للذى أشرك، اورده مسلم في الصحيح.

271 - وروى عن عبادة بن الصامت وشداد بن اوس قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه واله يقول: من صلى صلوة يرائى بها فقد اشرك، ومن صام صوما يرائى به فقد اشرك، ثم قرء هذه الآية.

272 - وروى ان ابا الحسن الرضا عليه السلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلوة والغلام يصب على يده الماء.

فقال: لا تشرك بعبادة ربك احدا، فصرف المأمون

[317]

الغلام، وتولى اتمام وضوئه بنفسه.

273 - ابى بن كعب عن النبى صلى الله عليه واله قال: وان قرء الآية التى في آخرها " قل انما انا بشر مثلكم " حين يأخذ مضجعه، كان له نور يتلالا إلى الكعبة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه، فان كان في مكة تلاها كان له نورا يتلالا إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ.

274 - وروى الشيخ ابوجعفر بن بابويه رضى الله عنه باسناده عن عيسى بن عبدالله عن ابيه عن جده عن على عليه السلام قال: ما من عبد يقرأ " قل انما انا بشر مثلكم " إلى آخر الا كان له نورا في مضجعه إلى بيت الله الحرام، فان كان من اهل بيت الله الحرام كان له نورا إلى بيت المقدس.

275 - في تفسير العياشى عن العلا بن الفضيل عن ابيعبد الله عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية: " من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا " قال: من صلى او صام او اعتق او حج يريد محمدة الناس فقد اشرك في عمله.

فهو مشرك مغفور(1).

276 - عن على بن سالم عن ابيعبد الله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: انا خير شريك: من اشرك في عمله لن اقبله الا ما كان لى خالصا.

277 - وفى رواية اخرى قال: ان الله يقول: انا خير شريك من عمل لى ولغيرى فهو لمن عمل له دونى.

278 - عن زرارة وحمران عن ابيجعفر وابيعبد الله عليهما السلام قالا: لو ان عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الآخرة، ثم ادخل فيه رضا احد من الناس كان مشركا.

279 - عن سماعة بن مهران قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله " فليعمل عمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا " قال: العمل الصالح المعرفة بالائمة " ولا

___________________________________

(1) قال الفيض (ره): يعنى انه ليس من الشرك الذى قال الله تعالى: " ان الله لا يغفر أن يشرك به " لان المراد بذلك الشرك الجلى، وهذا هو الشرك الخفى.

[318]

يشرك بعبادة ربه احدا " التسليم لعلى لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له، ولا هو من اهله(1).

___________________________________

(1) هذا آخر الجزء الثانى على حسب تجزئة المؤلف (قده): وهذا صورة خطه (ره) على ما في هامش بعض النسخ: تم الجزء الثانى من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه العبد المقصر الجانى غريق بحار الذنوب عبد على بن جمعة العروسى نسبا والحويزى بلدا ببلدة شيراز صانها الله عن الاعواز عصر يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك أحد شهور السنة السادسة بعد الستين والف من هجرة سيد الاولين والاخرين صلوات الله عليه وآله اجمعين.

[319]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337935

  • التاريخ : 29/03/2024 - 07:19

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net