* (سورة التوبة) *
[ مدنية إلا الآيتين الاخيرتين فمكيتان وآياتها 129 نزلت بعد المائدة ] ولم تكتب فيها البسملة لانه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك كما يؤخذ من حديث رواه الحاكم وأخرج في معناه عن علي أن البسملة أمان وهي نزلت لرفع الامن بالسيف وعن حذيفة (إنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب) وروى البخاري عن البراء أنها آخر سورة نزلت (1) هذة * (براءة من الله ورسوله) * واصلة * (إلى الذين عاهدتم من المشركين) * عهدا مطلقا أو دون أربعة أشهر أو فوقها ونص العهد بما يذكر في قوله:
______________________________
= كعب بن الاشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا المنصبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية ؟ قال: أنتم خير فنزلت فيهم * (إن شانئك هو الابتر) * ونزلت * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * إلى نصيرا. وأخرج ابن إسحاق عن ابن عباس قال: كان الذين حزبوا الاحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي =
[ 240 ]
(2) * (فسيحوا) * سيروا آمنين أيها المشركون * (في الارض أربعة أشهر) * أولها شوال بدليل ما سيأتي ولا أمان لكم بعدها * (واعلموا أنكم غير معجزي الله) * أي فائتي عذابه * (وأن الله مخزي الكافرين) * مذلهم في الدنيا بالقتل والاخرى بالنار (3) * (وأذان) * إعلام * (من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر) * يوم النحر * (أن) * أي بأن * (الله برئ من المشركين) * وعهودهم * (ورسوله) * برئ أيضا " وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا من السنة وهي سنة تسع فأذن يوم النحر بمنى بهذه الآيات وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان " رواه البخاري * (فإن تبتم) * من الكفر * (فهو خير لكم وإن توليتم) * عن الايمان * (فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر) * أخبر * (الذين كفروا بعذاب أليم) * مؤلم وهو القتل والاسر في الدنيا والنار في الآخرة (4) * (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا) * من شروط العهد * (ولم يظاهروا) * يعاونوا * (عليكم أحدا) * من الكفار * (فأتموا إليهم عهدهم إلى) * انقضاء * (مدتهم) * التي عاهدتم عليها * (إن الله يحب المتقين) * بإتمام العهود (5) * (فإذا انسلخ) * خرج * (الاشهر الحرم) * وهي آخر مدة التأجيل * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * في حل أو حرم * (وخذوهم) * بالاسر * (واحصروهم) * في القلاع والحصون حتى يضطروا إلى القتل أو الاسلام * (واقعدوا لهم كل موصد) * طريق يسلكونه ونصب كل على نزع الخافض * (فإن تابوا) * من الكفر * (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) * ولا تتعرضوا لهم * (إن الله غفور رحيم) * لمن تاب (6) * (وإن أحد من المشركين) * مرفوع بفعل يفسره * (استجارك) * استأمنك من القتل * (فأجره) * أمنه * (حتى يسمع كلام الله) * القرآن
______________________________
= الحقيق وأبو رافع والربيع بن أبي الحقيق وأبو عمارة وهوذة بن قيس وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا على قريش قال: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الاولى فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد ؟ فسألوهم فقالوا دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه وممن اتبعه فأنزل الله * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * إلى قوله * (ملكا عظيما) * وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن =
[ 241 ]
* (ثم أبلغه مأمنه) * وهو دار قومه إن لم يؤمن لينظر في أمره * (ذلك) * المذكور * (بأنهم قوم لا يعلمون) * دين الله فلابد لهم من سماع القرآن ليعلموا (7) * (كيف) * أي لا * (يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) * وهم كافرون بالله ورسوله غادرون * (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) * يوم الحديبية وهم قريش المستثنون من قبل * (فما استقاموا لكم) * أقاموا على العهد ولم ينقضوه * (فاستقيموا لهم) * على الوفاء به وما شرطية * (إن الله يحب المتقين) * وقد استقام النبي صلى الله عليه وسلم على عهدهم حتى نقضوا بإعانة بني بكر على خزاعة (8) * (كيف) * يكون لهم عهد * (وإن يظهروا عليكم) * يظفروا بكم * (لا يرقبوا) * يراعوا * (فيكم إلا) * قرابة * (ولا ذمة) * عهدا بل يؤذوكم ما استطاعوا وجملة الشرط حال * (يرضونكم بأفواههم) * بكلامهم الحسن * (وتأبى قلوبهم) * الوفاء به * (وأكثرهم فاسقون) * ناقضون للعهد (9) * (اشتروا بآيات الله) * القرآن * (ثمنا قليلا) * من الدنيا أي تركوا اتباعها للشهوات والهوى * (فصدوا عن سبيله) * دينه * (إنهم ساء) * بئس * (ما كانوا يعملون) * - ه عملهم هذا (10) * (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون) * (11) * (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم) * أي فهم إخوانكم * (في الدين ونفصل) * نبين * (الآيات لقوم يعلمون) * يتدبرون (12) * (وإن نكثوا) * نقضوا * (أيمانهم) * مواثيقهم * (من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم) * عابوه * (فقاتلوا أئمة الكفر) * رؤساءه فيه وضع الظاهر موضع المضمر * (إنهم لا أيمان) * عهود، * (لهم) * وفى قراءة بالكسر * (لعلهم ينتهون) * عن الكفر
______________________________
= عباس قال: قال أهل الكتاب زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من هذا ؟ فأنزل الله * (أم يحسدون الناس) * الآية وأخرج ابن سعد عن عمر مولى عفرة نحوه أبسط منه أسباب نزول الآية 58 قوله تعالى: * (إن الله يأمركم) * أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: =
[ 242 ]
(13) * (ألا) * للتحضيض * (تقاتلون قوما نكثوا) * نقضوا. * (أيمانهم) * عهودهم * (وهموا بإخراج الرسول) * من مكة لما تشاوروا فيه بدار الندوة * (وهم بدؤوكم) * بالقتال * (أول مرة) * حيث قاتلوا خزاعة حلفاءكم مع بني بكر فما يمنعكم أن تقاتلوهم * (أتخشونهم) * أتخافونهم * (فالله أحق أن تخشوه) * في ترك قتالهم * (إن كنتم مؤمنين) * يقتلهم (14) * (قاتلوهم يعذبهم الله) * يقتلهم * (بأيديكم ويخزهم) * يذلهم بالاسر والقهر * (وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) * بما فعل بهم بنو خزاعة (15) * (ويذهب غيظ قلوبهم) * كربها * (ويتوب الله على من يشاء) * بالرجوع إلى الاسلام كأبي سفيان * (والله عليم حكيم) * (16) * (أم) * بمعنى همزة الانكار * (حسبتم أن تتركوا ولما) * لم * (يعلم الله) * علم ظهور * (الذين جاهدوا منكم) * بإخلاص * (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) * بطانة وأولياء، المعنى ولم يظهر المخلصون وهم الموصوفون بما ذكر من غيرهم * (والله خبير بما تعملون) * (17) * (ما كان للمشركين أن يعمروا مسجد الله) * بالافراد والجمع بدخوله والقعود فيه * (شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت) * بطلت * (أعمالهم) * لعدم شرطها * (وفي النار هم خالدون) * (18) * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش) * أحدا * (إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) * (19) * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) * أي أهل ذلك * (كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) * في الفضل * (والله لا يهدي القوم الظالمين) *
______________________________
= لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال: أرني المفتاح فأتاه به فلما بسط يده إليه قام العباس فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هات المفتاح يا عثمان فقال هاك أمانة الله: فقام ففتح الكعبة ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا =
[ 243 ]
الكافرين، نزلت ردا على من قال ذلك وهو العباس أو غيره (20) * (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة) * رتبة * (عند الله) * من غيرهم * (وأولئك هم الفائزون) * الظافرون بالخير (21) * (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم) * دائم (22) * (خالدين) * حال مقدرة * (فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم) * (23) ونزل فيمن ترك الهجرة لاجل أهله وتجارته * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا) * اختاروا * (الكفر على الايمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) * (24) * (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم) * أقرباؤكم وفي قراءة عشيراتكم * (وأموال اقترفتموها) * اكتسبتموها * (وتجارة تخشون كسادها) * عدم نفادها * (ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله) * فقعدتم لاجله عن الهجرة والجهاد * (فتربصوا) * انتظروا * (حتى يأتي الله بأمره) * تهديد لهم * (والله لا يهدي القوم الفاسقين) * (25) * (لقد نصركم الله في مواطن) * الحرب * (كثيرة) * كبدر وقريظة والنضير * (و) * اذكر * (يوم حنين) * واد بين مكة والطائف أي يوم قتالكم فيه هوازن وذلك في شوال سنة ثمان * (إذ) * بدل من يوم * (أعجبتكم كثرتكم) * فقلتم لن نغلب اليوم من قلة وكانوا اثني عشر ألفا والكفار أربعة آلاف * (فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت) * ما مصدرية أي مع رحبها أي سعتها فلم تجدوا مكانا تطمئنون إليه لشدة ما لحقكم من الخوف * (ثم وليتم مدبرين) * منهزمين وثبت النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وليس معه غير العباس وأبو سفيان آخذ بركابه
______________________________
= الامانات إلى أهلها) * حتى فرغ من الآية. وأخرج شعبة في تفسيره عن حجاج عن ابن جريج قال: نزلت هذه الآية في عثمان بن طلحة أخذ منه رسول الله مفتاح الكعبة فدخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فناوله المفتاح قال وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله من الكعبة وهو يتلو هذه الآية فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك قلت: ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة. (*)
[ 244 ]
(26) * (ثم أنزل الله سكينته) * طمأنينته * (على رسوله وعلى المؤمنين) * فردوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما ناداهم العباس بإذنه وقاتلوا * (وأنزل جنودا لم تروها) * ملائكة * (وعذب الذين كفروا) * بالقتل والاسر * (وذلك جزاء الكافرين) * (27) * (ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) * منهم بالاسلام * (والله غفور رحيم) * (28) * (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) * قذر لخبث باطنهم * (فلا يقربوا المسجد الحرام) * أي لا يدخلوا الحرم * (بعد عامهم هذا) * عام تسع من الهجرة * (وإن خفتم عيلة) * فقرا بانقطاع تجارتهم عنكم * (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء) * وقد أغناهم بالفتوح والجزية * (إن الله عليم حكيم) * (29) * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا اليوم الآخر) * وإلا لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم * (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله) * كالخمر * (ولا يدينون دين الحق) * الثابت الناسخ لغيره من الاديان وهو دين الاسلام * (من) * بيان للذين * (الذين أوتوا الكتاب) * أي اليهود والنصارى * (حتى يعطوا الجزية) * الخراج المضروب عليهم كل عام * (عن يد) * حال أي منقادين أو بأيديهم لا يوكلون بها * (وهم صاغرون) * أذلاء منقادون لحكم الاسلام (30) * (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح) * عيسى * (ابن الله ذلك قولهم بأفواههم) * لا مستند لهم عليه بل * (يضاهئون) * يشابهون به * (قول الذين كفروا من قبل) * من آبائهم تقليدا لهم * (قاتلهم) * لعنهم * (الله أنى) * كيف * (يؤفكون) * يصرفون عن الحق مع قيام الدليل (31) * (اتخذوا أحبارهم) * علماء اليهود * (ورهبانهم) * عباد النصارى * (أربابا من دون الله) * حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل * (والمسيح ابن مريم وما أمروا) * في التوراة والانجيل * (إلا ليعبدوا) * أي بأن يعبدوا * (إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه) * تنزيها له * (عما يشركون) *
______________________________
أسباب نزول الآية 59 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن حذافة بن قيس إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية كذا، أخرجه مختصرا وقال الداودي هذا وهم، يعني الافتراء على ابن عباس فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فأوقد نارا وقال فامتنع بعض وهم بعض أن يفعل قال فإن كانت الآية = (*)
[ 245 ]
(32) * (يريدون أن يطفئوا نور الله) * شرعه وبراهينه * (بأفواههم) * بأقوالهم فيه * (ويأبى الله إلا أن يتم) * يظهر * (نوره ولو كره الكافرون) * ذلك (33) * (هو الذي أرسل رسوله) * محمدا صلى الله عليه وسلم * (بالهدى ودين الحق ليظهره) * يعليه * (على الذين كله) * جميع الاديان المخالفة له * (ولو كره المشركون) * ذلك. (34) * (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الاحبار والرهبان ليأكلون) * يأخذون * (أموال الناس بالباطل) * كالرشا في الحكم * (ويصدون) * الناس * (عن سبيل الله) * دينه * (والذين) * مبتدأ * (يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها) * أي الكنوز * (في سبيل الله) * أي لا يؤدون منها حقه من الزكاة والخير * (فبشرهم) * أخبرهم * (بعذاب أليم) * مؤلم (35) * (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى) * تحرق * (بها جباههم وجنوبهم وظهورهم) * وتوسع جلودهم حتى توضع عليها كلها ويقال لهم * (هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) * أي جزاءه (36) * (إن عدة الشهور) * المعتد بها للسنة * (عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله) * اللوح المحفوظ * (يوم خلق السماوات والارض منها) * أي الشهور * (أربعة حرم) * محرمة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب * (ذلك) * أي تحريمها * (الدين القيم) * المستقيم * (فلا تظلموا فيهن) * أي الاشهر الحرم * (أنفسكم) * بالمعاصي فإنها فيها أعظم وزرا وقيل في الاشهر كلها * (وقاتلوا المشركين كافة) * جميعا في كل الشهور * (كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) * بالعون والنصر (37) * (إنما النسئ) * أي التأخير لحرمة شهر إلى آخر كما كانت الجاهلية تفعله من تأخير حرمة المحرم إذا هل وهم في القتال إلى صفر
______________________________
= نزلت قبل فكسف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره، وإن كانت نزلت بعده فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم لم تطيعوه، وأجاب الحافظ ابن حجر بأن المقصود في قصته فإن تنازعتم في شئ فإنهم تنازعوا في امتثال الامر بالطاعة والتوقف فرارا من النار فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله والرسول وقد أخرج ابن جرير أنها = (*)
[ 246 ]
* (زيادة في الكفر) * لكفرهم بحكم الله فيه * (يضل) * بضم الياء وفتحها * (به الذين كفروا يحلونه) * أي النسئ * (عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا) * يوافقوا بتحليل شهر وتحريم آخر بدله * (عدة) * عدد * (ما حرم الله) * من الاشهر فلا يزيدوا على تحريم أربعة ولا ينقصوا ولا ينظروا إلى أعيانها * (فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم) * فظنوه حسنا * (والله لا يهدي القوم الكافرين) * (38) ونزل لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى غزوة تبوك وكانوا في عسرة وشدة حر فشق عليهم * (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم) * بإدغام التاء في الاصل في المثلثة واجتلاب همزة الوصل أي تباطأتم وملتم عن الجهاد * (إلى الارض) * والقعود فيها والاستفهام للتوبيخ * (أرضيتم بالحياة الدنيا) * ولذاتها * (من الآخرة) * أي بدل نعيمها * (فما متاع الحياة الدنيا في) * جنب متاع * (الآخرة إلا قليل) * حقير (39) * (إلا) * بإدغام لا في نون إن الشرطية في الموضعين * (تنفروا) * تخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم للجهاد * (يعذبكم عذابا أليما) * مؤلما * (ويستبدل قوما غيركم) * أي يأت بهم بدلكم * (ولا تضروه) * أي الله أو النبي صلى الله عليه وسلم * (شيئا) * بترك نصره فإن الله ناصر دينه * (والله عل كل شئ قدير) * ومنه نصر دينه ونبيه. (40) * (إلا ننصروه) * أي النبي صلى الله عليه وسلم * (فقد نصره الله إذ) * حين * (أخرجه الذين كفروا) * من مكة أي ألجؤوه إلى الخروج لما أرادوا قتله أو حبسه أو نفيه بدار الندوة * (ثاني اثنين) * حال أي أحد اثنين والآخر أبو بكر - المعنى نصره الله في مثل تلك الحالة فلا يخذله في غيرها - * (إذ) * بدل من إذ قبله * (هما في الغار) * نقب في جبل ثور * (إذ) * بدل ثان * (يقول لصاحبه) * أبي بكر وقد قال له لما رأى أقدام المشركين:
______________________________
= نزلت في قصة جرت لعمار بن ياسر مع خالد بن الوليد وكان خالدا أميرا فأجار عمار رجلا بغير أمره فتخاصما فنزلت. أسباب نزول الآية 60 قوله تعالى (ألم تر الذين يزعمون) أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الاسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل الله (ألم تر الذين يزعمون = (*)
[ 247 ]
لو نظر أحدهم تحت قدميه لابصرنا * (لا تحزن إن الله معنا) * بنصره * (فأنزل الله سكينته) * طمأنينته * (عليه) * قيل على النبي صلى الله عليه وسلم وقيل على أبي بكر * (وأيده) * أي النبي صلى الله عليه وسلم * (بجنود لم تروها) * ملائكة في الغار ومواطن قتاله * (وجعل كلمة الذين كفروا) * أي دعوة الشرك * (السفلى) * المغلوبة * (وكلمة الله) * أي كلمة الشهادة * (هي العليا) * الظاهرة الغالبة * (والله عزيز) * في ملكه * (حكيم) * في صنعه. (41) * (إنفروا خفافا وثقالا) * نشاطا وغير نشاط، وقيل أقوياء وضعفاء أو أغنياء وفقراء وهي منسوخة بآية " ليس على الضعفاء " * (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) * أنه خير لكم فلا تثاقلوا. (42) ونزل في المنافقين الذين تخلفوا: * (لو كان) * ما دعوتهم إليه * (عرضا) * متاعا من الدنيا * (قريبا) * سهل المأخذ * (وسفرا قاصدا) * وسطا * (لاتبعوك) * طلبا للغنيمة * (ولكن بعدت عليهم الثقة) * المسافة فتخلفوا * (وسيحلفون بالله) * إذا رجعتم إليهم * (لو استطعنا) * الخروج * (لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم) * بالحلف الكاذب * (والله يعلم إنهم لكاذبون) * في قولهم ذلك. (43) وكان صلى الله عليه وسلم أذن لجماعة في التخلف باجتهاد منه، فنزل عتابا له وقدم العفو تطمينا لقلبه * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * في التخلف وهلا تركتهم * (حتى يتبين لك الذين صدقوا) * في العذر * (وتعلم الكاذبين) * فيه. (44) * (إنما يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) * في التخلف عن * (أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين) *. (45) * (إنما يستأذنك) * في التخلف * (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت) * شكت * (قلوبهم) * في الدين * (فهم في ريبهم يترددون) * يتحيرون.
______________________________
= أنهم آمنوا) إلى قوله (إلا إحسانا وتوفيقا). وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال كان الجلاس بن الصامت ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر يدعون الا للام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله فيهم (ألم تر إلى الذين يزعمون) الآية وأخرج ابن جرير عن الشعبي = (*)
[ 248 ]
(46) * (ولو أرادوا الخروج) * معك * (لاعدوا له عدة) * أهبة من الآلة والزاد * (ولكن كره الله انبعاثهم) * أي لم يرد خروجهم * (فثبطهم) * كسلهم * (وقيل) * لهم * (اقعدوا مع القاعدين) * المرضى والنساء والصبيان، أي قدر الله تعالى ذلك. (47) * (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا) * فسادا بتخذيل المؤمنين * (ولاوضعوا خلالكم) * أي أسرعوا بينكم بالمشي بالنميمة * (يبغونكم) * يطلبون لكم * (الفتنة) * بإلقاء العداوة * (وفيكم سماعون لهم) * ما يقولون سماع قبول * (والله عليم بالظالمين) *. (48) * (لقد ابتغوا) * لك * (الفتنة من قبل) * أول ما قدمت المدينة * (وقلبوا لك الامور) * أي أجالوا الفكر في كيدك وإبطال دينك * (حتى جاء الحق) * النصر * (وظهر) * عز * (أمر الله) * دينه * (وهم كارهون) * له فدخلوا فيه ظاهرا. (49) * (ومنهم من يقول ائذن لي) * في التخلف * (ولا تفتني) * وهو الجد بن قيس قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل لك في جلاد بني الاصفر ؟ "، فقال: إني مغرم بالنساء وأخشى إن رأيت نساء بني الاصفر أن أصبر عنهن فأفتتن قال تعالى: * (ألا في الفتنة سقطوا) * بالتخلف، وقرئ سقط * (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) * لا محيص لهم عنها. (50) * (إن تصبك حسنة) * كنصر وغنيمة * (تسؤهم وإن تصبك مصيبة) * شدة * (يقولون قد أخذنا أمرنا) * بالحزم حين تخلفنا * (من قبل) * قبل هذه المعصية * (ويتولوا وهم فرحون) * بما أصابك. (51) * (قل) * لهم * (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) * إصابته * (هو مولانا) * ناصرنا ومتولي أمورنا * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) *. (52) * (قل هل تربصون) * فيه حذف إحدى التاءين من الاصل أي تنتظرون أن يقع * (بنا إلا إحدى) * العاقبتين * (الحسنيين) * تثنية حسنى تأنيث أحسن: النصر أو الشهادة
______________________________
= قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فقال اليهودي أحاكمك إلى أهل دينك أو قال النبي لانه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم فاختلفا واتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة فنزلت. أسباب نزول الآية 65 قوله تعالى (فلا وربك) أخرج الائمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال خاصم الزبير رجلا من = (*)
[ 249 ]
* (ونحن نتربص) * ننتظر * (بكم أن يصيبكم بعذاب من عنده) * بقارعة من السماء * (أو بأيدينا) * بأن يؤذن لنا في قتالكم * (فتربصوا) * بنا ذلك * (إنا معكم متربصون) * عاقبتكم. (53) * (قل انفقوا) * في طاعة الله * (طوعا أو كرها لن يتقبل منكم) * ما أنفقتموه * (إنكم كنتم قوما فاسقين) * والامر هنا بمعنى الخبر. (54) * (وما منعهم أن تقبل) * بالتاء والياء * (منهم نفقاتهم إلا أنهم) * فاعل وأن تقبل مفعول * (كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) * متثاقلون * (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) * النفقة لانهم يعدونها مغرما. (55) * (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) * أي لا تستحسن نعمنا عليهم فهي استدراج * (إنما يريد الله ليعذبهم) * أي أن يعذبهم * (بها في الحياة الدنيا) * بما يلقون في جمعها من المشقة وفيها من المصائب * (وتزهق) * تخرج * (أنفسهم وهم كافرون) * فيعذبهم في الآخرة أشد العذاب. (56) * (ويحلفون بالله إنهم لمنكم) * أي مؤمنون * (وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) * يخافون أن تفعلوا بهم كالمشركين فيحلفون تقية. (57) * (لو يجدون ملجأ) * يلجأون إليه * (أو مغارات) * سراديب * (أو مدخلا) * موضعا يدخلونه * (لولوا إليه وهم يجمحون) * يسرعون في دخوله والانصراف عنكم إسراعا لا يرده شئ كالفرس الجموح. (58) * (ومنهم من يلمزك) * يعيبك * (في) * قسم * (الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذ هم يسخطون) *. (59) * (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله) * من الغنائم ونحوها * (وقالوا حسبنا) * كافينا * (الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) *
______________________________
= الانصار في شراج الحرة فقال صلى الله عليه وسلم: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك فقال الانصاري يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجهه ثم قال: اسق يا الزبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدار ثم أرسل الماء إلى جارك واستوعب للزبير حقه وكان أشار عليهما يأمر لهما فيه سعة قال الزبير فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) وأخرج = (*)
[ 250 ]
من غنيمة أخرى ما يكفينا * (إنا إلى الله راغبون) * أن يغنينا وجواب لو لكان خيرا لهم. (60) * (إنما الصدقات) * الزكوات مصروفة * (للفقراء) * الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم * (والمساكين) * الذين لا يجدون ما يكفيهم * (والعاملين عليها) * أي الصدقات من جاب وقاسم وكاتب وحاشر * (والمؤلفة قلوبهم) * ليسلموا أو يثبت إسلامهم أو يسلم نظراؤهم أو يذبوا عن المسلمين أقسام، الاول والاخير لا يعطيان اليوم عند الشافعي رضي الله تعالى عنه لعز الاسلام بخلاف الآخرين فيعطيان على الاصح * (وفي) * فك * (الرقاب) * أي المكاتبين * (والغارمين) * أهل الدين إن استدانوا لغير معصية أو تابوا وليس لهم وفاء أو لاصلاح ذات البين ولو أغنياء * (وفي سبيل الله) * أي القائمين بالجهاد ممن لا فئ لهم ولو أغنياء * (وابن السبيل) * المنقطع في سفره * (فريضة) * نصب بفعله المقدر * (من الله والله عليم) * بخلقه * (حكيم) * في صنعه فلا يجوز صرفها لغير هؤلاء ولا منع صنف منهم إذا وجد فيقسمها الامام عليهم على السواء وله تفضيل بعض آحاد الصنف على بعض وأفادت اللام وجوب استغراق أفراده لكن لا يجب على صاحب المال إذا قسم لعسره بل يكفي إعطاء ثلاثة من كل صنف ولا يكفي دونها كما أفادته صيغة الجمع وبينت السنة أن شرط المعطى منها الاسلام وأن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا. (61) * (ومنهم) * أي المنافقين * (الذين يؤذون النبي) * بعيبه وبنقل حديثه * (ويقولون) * إذا نهوا عن ذلك لئلا يبلغه * (هو أذن) * أي يسمع كل قيل ويقبله فإذا حلفنا له أنا لم نقل صدقنا * (قل) * هو * (أذن) * مستمع * (خير لكم) * لا مستمع شر * (يؤمن بالله ويؤمن) * يصدق * (للمؤمنين) * فيما أخبروه به لا لغيرهم واللام زائدة للفرق بين إيمان التسليم وغيره * (ورحمة) *
______________________________
= الطبراني في الكبير والحميدي في مسنده عن أم سلمة قالت: خاصم الزبير رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى للزبير فقال الرجل إنما قضى له لانه ابن عمته فنزلت (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله (فلا وربك) الآية. قال انزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الاعلى ثم الاسفل = (*)
[ 251 ]
بالرفع عطفا على أذن والجر عطفا على خير * (للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) *. (62) * (يحلفون بالله لكم) * أيها المؤمنون فيما بلغكم عنهم من أذى الرسول أنهم ما أتوه * (ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه) * بالطاعة * (إن كانوا مؤمنين) * حقا وتوحيد الضمير لتلازم الرضاءين أو خبر الله ورسوله محذوف. (63) * (ألم يعلموا) * ب * (انه) * أي الشأن * (من يحادد) * يشاقق * (الله ورسوله فأن له نار جهنم) * جزاء * (خالدا فيها ذلك الخزي العظيم) *. (64) * (يحذر) * يخاف * (المنافقون أن تنزل عليهم) * أي المؤمنين * (سورة تنبئهم بما في قلوبهم) * من النفاق وهم مع ذلك يستهزئون * (قل استهزؤا) * أمر تهديد * (إن الله مخرج) * مظهر * (ما تحذرون) * إخراجه من نفاقكم. (65) * (ولئن) * لام قسم * (سألتهم) * عن استهزائهم بك والقرآن وهم سائرون معك إلى تبوك * (ليقولن) * معتذرين * (إنما كنا نخوض ونلعب) * في الحديث لنقطع به الطريق ولم نقصد ذلك * (قل) * لهم * (أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون) *. (66) * (لا تعتذروا) * عنه * (قد كفرتم بعد إيمانكم) * أي ظهر كفركم بعد إظهار الايمان * (إن يعف) * بالياء مبنيا للمفعول والنون مبنيا للفاعل * (عن طائفة منكم) * بإخلاصها وتوبتها كجحش بن حمير * (تعذب) * بالتاء والنون * (طائفة بأنهم كانوا مجرمين) * مصرين على النفاق والاستهزاء. (67) * (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) * أي متشابهون في الدين كأبعاض الشئ الواحد * (يأمرون بالمنكر) * الكفر والمعاصي * (وينهون عن المعروف) * الايمان والطاعة * (ويقبضون أيديهم) * عن الانفاق في الطاعة * (نسوا الله) * تركوا طاعته * (فنسيهم) * تركهم من لطفه * (إن المنافقين هم الفاسقون) *.
______________________________
= وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي الاسود قال: اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه ردنا إلى عمر بن الخطاب فأتيا إليه فقال الرجل قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فقال ردنا إلى عمر فقال أكذالك ؟ قال نعم فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله فأنزل الله (فلا = (*).
[ 252 ]
(68) * (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم) * جزاء وعقابا * (ولعنهم الله) * أبعدهم عن رحمته * (ولهم عذاب دائم) * دائم. (69) أنتم أيها المنافقون * (كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمعوا) * تمتعوا * (بخلاقهم) * نصيبهم من الدنيا * (فاستمتعتم) * أيها المنافقون * (بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقكم وخضتم) * في الباطل والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم * (كالذي خاضوا) * أي كخوضهم * (أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون) *. (70) * (ألم يأتيهم نبأ) * خبر * (الذين من قبلهم قوم نوح وعاد) * قوم هود * (وثمود) * قوم صالح * (وقوم إبراهيم وأصحاب مدين) * قوم شعيب * (والمؤتفكات) * قرى قوم لوط أي أهلها * (أتتهم رسلهم بالبينات) * بالمعجزات فكذبوهم فأهلكوا * (فما كان الله ليظلمهم) * بأن يعذبهم بغير ذنب * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * بارتكاب الذنب. (71) * (والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز) * لا يعجزه شئ عن إنجاز وعده ووعيده * (حكيم) * لا يضع شيئا إلا في محله. (72) * (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن) * إقامة * (ورضوان من الله أكبر) * أعظم من ذلك كله * (ذلك هو الفوز العظيم) *. (73) * (يا أيها النبي جاهد الكفار) * بالسيف * (والمنافقين) * باللسان والحجة * (واغلظ عليهم) * بالانتهار والمقت * (ومأواهم جهنم وبئس المصير) * المرجع هي.
______________________________
= وربك لا يؤمنون) الآية مرسل غريب في إسناده ابن لهيعة وله شاهد أخرجه رحيم في تفسيره من طريق عتبة بن ضمرة أبيه وأخرج ابن جرير عن السدي قال لما نزلت (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلو أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم) افتخر ثابت بن شماس ورجل من اليهود فقال اليهودي والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا فقال ثابت والله لو = (*)
[ 253 ]
(74) * (يحلفون) * أي المنافقون * (بالله ما قالوا) * ما بلغك عنهم من السب * (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) * أظهروا الكفر بعد إظهار الاسلام * (وهموا بما لم ينالوا) * من الفتك بالنبي ليلة العقبة عند عوده من تبوك وهم بضعة عشر رجلا فضرب عمار بن ياسر وجوه الرواحل لما غشوه فردوا * (وما نقموا) * أنكروا * (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) * بالغنائم بعد شدة حاجتهم، المعنى لم ينلهم منه إلا هذا وليس مما ينقم * (فإن يتوبوا) * عن النفاق ويؤمنوا بك * (يك خيرا لهم وإن يتولوا) * عن الايمان * (يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا) * بالقتل * (والآخرة) * بالنار * (وما لهم في الارض من ولي) * يحفظهم منه * (ولا نصير) * يمنعهم (75) * (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن) * فيه إدغام التاء في الاصل في الصاد * (ولنكونن من الصالحين) * وهو ثعلبة بن حاطب سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له أن يرزقه الله مالا ويؤدي منه كل ذي حق حقه فدعا له فوسع عليه فانقطع عن الجمعة والجماعة ومنع الزكاة كما قال تعالى: (76) * (فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا) * عن طاعة الله * (وهم معرضون) *. (77) * (فأعقبهم) * أي فصير عاقبتهم * (نفاقا) * ثابتا * (في قلوبهم إلى يوم يلقونه) * أي الله وهو يوم القيامة * (بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) * فيه فجاء بعد ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم بزكاته فقال: إن الله منعني أن أقبل منك فجعل يحثو التراب على رأسه ثم جاء بها إلى أبي بكر فلم يقبلها، ثم إلى عمر فلم يقبلها ثم إلى عثمان فلم يقبلها ومات في زمانه.
______________________________
= كتب الله علينا اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسكم، فأنزل الله (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا). أسباب نزول الآية 69 قوله تعالى (ومن يطع الله). أخرج الطبراني وابن مردويه بسند لا بأس به عن عائشة قالت جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنك لاحب إلي من نفسي، وإني لاحب إلي من ولدي وإني لاكون في البيت فأذكرك فما = (*)
[ 254 ]
(78) * (ألم يعلموا) * أي المنافقون * (أن الله يعلم سرهم) * ما أسروه في أنفسهم * (ونجواهم) * ما تناجوا به بينهم * (وأن الله علام الغيوب) * ما غاب عن العيان ولما نزلت آية الصدقة جاء رجل فتصدق بشئ كثير فقال المنافقون: مراء وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا: إن الله غني عن صدقة هذا فنزل: (79) * (الذين) * مبتدأ * (يلمزون) * يعيبون * (المطوعين) * المتنفلين * (من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم) * طاقتهم فيأتون به * (فيسخرون منهم) * والخبر * (سخر الله منهم) * جازاهم على سخريتهم، * (ولهم عذاب أليم) * (80) * (إستغفر) * يا محمد * (لهم أو لا تستغفر لهم) * تخيير له في الاستغفار وتركه قال صلى الله عليه وسلم: " إني خيرت فاخترت يعني الاستغفار " رواه البخاري * (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) * قيل المراد بالسبعين المبالغة في كثرة الاستغفار وفي البخاري حديث " لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر لزدت عليها " وقيل المراد العدد المخصوص لحديثه أيضا " وسأزيد على السبعين " فبين له حسم المغفرة بآية (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم) * (ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدى القوم الفاسقين) * (81) * (فرح المخلفون) * عن تبوك * (بمقعدهم) * أي بقعودهم * (خلاف) * أي بعد * (رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا) *
______________________________
= أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية (ومن يطع الله والرسول) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق قال: قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، ما ينبغي لنا أن نفارقك فإنك لو قدمت لرفعت فوقنا ولم نرك فأنزل الله (ومن = (*)
[ 255 ]
أي قال بعضهم لبعض * (لا تنفروا) * تخرجوا إلى الجهاد * (في الحر قل نار كهنم أشد حرا) * من تبوك فالاولى أن يتقوها بترك التخلف * (لو كانوا يفقهون) * يعلمون ذلك ما تخلفوا (82) * (فليضحكوا قليلا) * في الدنيا * (وليبكوا) * في الآخرة، * (كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون) * وهو خبر عن حالهم بصيغة الامر (83) * (فإن رجعك) * ردك * (الله) * من تبوك * (إلى طائفة منهم) * ممن تخلف بالمدينة من المنافقين * (فاستأذنوك للخروج) * معك إلى غزوة أخرى * (فقل) * لهم * (لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين) * المتخلفين عن الغزو من النساء والصبيان وغيرهم (84) ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابن أبي نزل * (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) * لدفن أو زيارة * (إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) * كافرون (85) * (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق) * تخرج * (أنفسهم وهم كافرون) * (86) * (وإذا أنزلت سورة) * أي طائفة من القرآن * (أن) * أي بأن * (آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول) * ذوو الغنى * (منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) * (87) * (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) * جمع خالفة، أي النساء اللاتي تخلفن في البيوت * (وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) * الخير (88) * (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات) * في الدنيا والآخرة * (وأولئك هم المفلحون) * أي الفائزون (89) * (أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم) *
______________________________
= يطع الله والرسول) الآية. وأخرج عن عكرمة قال: أتى فتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إن لنا منك نظرة في الدنيا ويوم القيامة لا نراك فإنك في الجنة في الدرجات العلى، فأنزل الله هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت معي في الجنة إن شاء الله وأخرج ابن جرير نحوه من مرسل سعيد بن جبير ومسروق والربيع وقتادة والسدي. (*)
[ 256 ]
(90) * (وجاء المعذرون) * بإدغام التاء في الاصل في الدال أي المعتذرون بمعنى المعذورين وقرئ به * (من الاعراب) * إلى النبي صلى الله عليه وسلم * (ليؤذن لهم) * في القعود لعذرهم فأذن لهم * (وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) * في ادعاء الايمان من منافقي الاعراب عن المجئ للاعتذار * (سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) * (91) * (ليس على الضعفاء) * كالشيوخ * (ولا على المرضى) * كالعمي والزمنى * (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون) * في الجهاد * (حرج) * إثم في التخلف عنه * (إذا نصحوا لله ورسوله) * في حال قعودهم بعدم الارجاف والتثبيط والطاعة * (ما على المحسنين) * بذلك * (من سبيل) * طريق بالمؤاخذة * (والله غفور) * لهم * (رحيم) * بهم في التوسعة في ذلك (92) * (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) * معك إلى الغزو وهم سبعة من الانصار وقيل بنو مقرن * (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) * حال * (تولوا) * جواب إذا أي انصرفوا * (وأعينهم تفيض) * تسيل * (من) * للبيان * (الدمع حزنا) * لاجل * (ألا يجدوا ما ينفقون) * في الجهاد (93) * (إنما السبيل على الذين يستأذنوك) * في التخلف * (وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون) * تقدم مثله (94) * (يعتذرون إليكم) * في التخلف * (إذا رجعتم إليهم) * من الغزو * (قل) * لهم * (لا تعتذروا لن نؤمن لكم) * نصدقكم * (قد نبأنا الله من أخباركم) * أي أخبرنا بأحوالكم * (وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون) * بالبعث * (إلى عالم الغيب والشهادة) * أي الله * (فينبئكم بما كنتم تعملون) * فيجازيكم عليه (95) * (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم) * رجعتم * (إليهم) * من تبوك أنهم معذورون في التخلف
______________________________
أسباب نزول الآية 77 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) الآية، أخرج النسائي والحاكم عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله: كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة قال إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا، فأنزل الله (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) الآية. (*)
[ 257 ]
* (لتعرضوا عنهم) * بترك المعاتبة * (فأعرضوا عنهم إنهم رجس) * قذر لخبث باطنهم * (ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون) * (96) * (يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) * أي عنهم ولا ينفع رضاكم مع سخط الله (97) * (الاعراب) * أهل البدو * (أشد كفرا ونفاقا) * من أهل المدن لجفائهم وغلظ طباعهم وبعدهم عن سماع القرآن * (وأجدر) * أولى * (أن) * أي بأن * (لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) * من الاحكام والشرائع * (والله عليم) * بخلقه * (حكيم) * في صنعه بهم (98) * (ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق) * في سبيل الله * (مغرما) * غرامة وخسرانا لانه لا يرجو ثوابه بل ينفقه خوفا وهم بنو أسد وغطفان * (ويتربص) * ينتظر * (بكم الدوائر) * دوائر الزمان أن تنقلب عليكم فيتخلص * (عليهم دائرة السوء) * بالضم والفتح، أي يدور العذاب والهلاك عليهم لا عليكم * (والله سميع) * لاقوال عباده * (عليم) * بأفعالهم (99) * (ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) * كجهينة ومزينة * (ويتخذ ما ينفق) * في سبيل الله * (قربات) * تقربه * (عند الله و) * وسيلة إلى * (صلوات) * دعوات * (الرسول) * له * (ألا إنها) * أي نفقتهم * (قربة) * بضم الراء وسكونها * (لهم) * عنده * (سيدخلهم الله في رحمته) * جنته * (إن الله غفور) * لاهل طاعته * (رحيم) * بهم (100) * (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار) * وهم من شهد بدرا أو جميع
______________________________
أسباب نزول الآية 83 قوله تعالى (وإذا جاءهم) الآية روى مسلم عن عمر بن الخطاب قال لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله نساءه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه فنزلت هذه الآية (وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين = (*)
[ 258 ]
الصحابة * (والذين اتبعوهم) * إلى يوم القيامة * (بإحسان) * في العمل * (رضي الله عنهم) * بطاعته * (ورضوا عنه) * بثوابه * (وأعد لهم جنات تجرى تحتها الانهار) * وفي قراءة بزيادة من * (خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) * (101) * (وممن حولكم) * يا أهل المدينة * (من الاعراب منافقون) * كأسلم وأشجع وغفار * (ومن أهل المدينة) * منافقون أيضا * (مردوا على النفاق) * لجوا فيه واستمروا * (لا تعلمهم) * بالفضيحة أو القتل في الدنيا وعذاب القبر * (ثم يردون) * في الآخرة * (إلى عذاب عظيم) * هو النار (102) * (و) * قوم * (آخرون) * مبتدأ * (اعترفوا بذنوبهم) * من التخلف نعته والخبر * (خلطوا عملا صالحا) * وهو جهادهم قبل ذلك أو اعترافهم بذنوبهم أو غير ذلك * (وآخر سيئا) * وهو تخلفهم * (عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) * نزلت في أبي لبابة وجماعة أوثقوا أنفسهم في سواري المسجد لما بلغهم ما نزل في المتخلفين وحلفوا لا يحلهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم فحلهم لما نزلت (103) * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) * من ذنوبهم فأخذ ثلث أموالهم وتصدق بها * (وصل عليهم) * أي أدع لهم * (إن صلاتك سكن) * رحمة * (لهم) * وقيل طمأنينة بقبول توبتهم * (والله سميع عليم) * (104) * (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ) * يقبل، * (الصدقات وأن الله هو التواب) * على عباده بقبول توبتهم * (الرحيم) * بهم والاستفهام للتقرير، والقصد به هو تهييجهم إلى التوبة والصدقة (105) * (وقل) * لهم أو للناس * (اعملوا) * ما شئتم * (فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
______________________________
= يستنبطونه منهم) فكنت أنا أستنبط ذلك الامر. أسباب نزول الآية 88 قوله تعالى (فما لكم في المنافقين) الآية روى الشيخان وغيرهما عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين فرقة تقول نقتلهم، وفرقة تقول لا فأنزل الله (فما لكم في = (*)
[ 259 ]
وستردون) * بالبعث * (إلى عالم الغيب والشهادة) * أي الله * (فينبئكم بما كنتم تعملون) * فيجازيكم به (106) * (وآخرون) * من المتخلفين * (مرجؤن) * بالهمز وتركه: مؤخرون عن التوبة * (لامر الله) * فيهم بما يشاء * (إما يعذبهم) * بأن يميتهم بلا توبة * (وإما يتوب عليهم والله عليم) * بخلقه * (حكيم) * في صنعه بهم، وهم الثلاثة الآتون بعد: مرارة بن الربيع وكعب بن مالك وهلال بن أمية، تخلفوا كسلا وميلا إلى الدعة، لا نفاقا ولم يعتذروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كغيرهم فوقف أمرهم خمسين ليلة وهجرهم الناس حتى نزلت توبتهم بعد (107) * (و) * منهم * (الذين اتخذوا مسجدا) * وهم اثنا عشر من المنافقين * (ضرارا) * مضارة لاهل مسجد قباء * (وكفرا) * لانهم بنوه بأمر أبي عامر الراهب ليكون معقلا له يقدم فيه من يأتي من عنده وكان ذهب ليأتي بجنود من قيصر لقتال النبي صلى الله عليه وسلم * (وتفريقا بين المؤمنين) * الذين يصلون بقباء بصلاة بعضهم في مسجدهم * (وإرصادا) * ترقبا * (لمن حارب الله ورسوله من قبل) * أي قبل بنائه، وهو أبو عامر المذكور * (وليحلفن إن) * ما * (أردنا) * ببنائه * (إلا) * الفعلة * (الحسنى) * من الرفق بالمسكين في المطر والحر والتوسعة على المسلمين * (والله يشهد إنهم لكاذبون) * في ذلك، وكانوا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه فنزل (108) * (لا تقم) * تصل * (فيه أبدا) * فأرسل جماعة هدموه وحرقوه وجعلوا مكانه كناسة تلقى فيها الجيف * (لمسجد أسس) * بنيت قواعده * (على التقوى من أول يوم) * وضع يوم حللت بدار الهجرة، وهو مسجد قباء كما في البخاري * (أحق) * منه * (أن) * أي بأن * (تقوم) * تصلي * (فيه، فيه رجال) * هم الانصار * (يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) *
______________________________
= المنافقين فئتين) وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعد بن معاذ قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني فقال سعد بن معاذ إن كان من الاوس قتلناه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فأطعناك، فقام سعد بن عبادة فقال ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد عرفت ما هو منك فقام أسيد بن حضير فقال إنك يا ابن = (*)
[ 260 ]
أي يثيبهم، فيه إدغام التاء في الاصل في الطاء، روى ابن خزيمة في صحيحه عن عويمر بن ساعدة: " أنه صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال: إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود وكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا " وفي حديث رواه البزار فقالوا نتبع الحجارة بالماء " فقال هو ذاك فعليكموه ". (109) * (أفمن أسس بنيانه على تقوى) * مخافة * (من الله و) * رجاء * (رضوان) * منه * (خير أم من أسس بنيانه على شفا) * طرف * (جرف) * بضم الراء وسكونها، جانب * (هار) * مشرف على السقوط * (فانهار به) * سقط مع بانيه * (في نار جهنم) * خير تمثيل للبناء على ضد التقوى بما يؤول إليه، والاستفهام للتقرير، أي الاول خير وهو مثال مسجد قباء، والثاني مثال مسجد الضرار * (والله لا يهدي القوم الظالمين) * (110) * (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة) * شكا * (في قلوبهم إلا أن تقطع) * تنفصل * (قلوبهم) * بأن يموتوا * (والله عليم) * بخلقه * (حكيم) * في صنعه بهم (111) * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) * بأن يبذلوها في طاعته كالجهاد * (بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) * جملة استئناف بيان للشراء، وفي قراءة بتقديم المبني للمفعول، أي فيقتل بعضهم ويقاتل الباقي * (وعدا عليه حقا) * مصدران منصوبان بفعلهما المحذوف
______________________________
= عبادة منافق وتحب المنافقين فقام محمد بن مسلمة فقال اسكتوا يا أيها الناس فإن فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأمرنا فننفذ أمره فأنزل الله (فما لكم في المنافقين فئتين) الآية. وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف أن قوما من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة وحماها فأركبوا خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا لهم ما لكم رجعتم ؟ قالوا: أصابنا = (*)
[ 261 ]
* (في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله) * أي لا أحد أوفى منه * (فاستبشروا) * فيه التفات عن الغيبة * (ببيعكم الذي بايعتم به وذلك) * البيع * (هو الفوز العظيم) * المنيل غاية المطلوب. (112) * (التائبون) * رفع على المدح بتقدير مبتدأ من الشرك والنفاق * (العابدون) * المخلصون العبادة لله * (الحامدون) * له على كل حال * (السائحون) * الصائمون * (الراكعون الساجدون) * أي المصلون * (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله) * لاحكامه بالعمل بها * (وبشر المؤمنين) * بالجنة (113) ونزل في استغفاره صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب واستغفار بعض الصحابة لابويه المشركين * (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى) ذوي قرابة * (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) * النار، بأن ماتوا على الكفر (114) * (وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدها إياه) * بقوله " سأستغفر لك ربي " رجاء أن يسلم * (فلما تبين له أنه عدو لله) * بموته على الكفر * (تبرأ منه) * وترك الاستغفار له * (إن إبراهيم لاواه) * كثير التضرع والدعاء * (حليم) * صبور على الاذى (115) * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم) * للاسلام * (حتى يبين لهم ما يتقون) * من العمل فلا يتقوه فيستحقوا الاضلال * (إن الله بكل شئ عليم) * ومنه مستحق الاضلال والهداية (116) * (إن الله له ملك السماوات والارض
______________________________
= وباء المدينة فقالوا أما لكم في رسول الله أسوة حسنة ؟ فقال بعضهم نافقوا وقال بعضهم لم ينافقوا فأنزل الله (فما لكم في المنافقين فئتين) الآية في إسناده تدليس وانقطاع. أسباب نزول الآية 90 قوله تعالى (إلا الذين يصلون) الآية. أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن أن سراقة بن = (*)
[ 262 ]
يحيي ويميت وما لكم) * أيها الناس * (من دون الله) * أي غيره * (من ولي) * يحفظكم منه * (ولا نصير) * يمنعكم عن ضرره (117) * (لقد تاب الله) * أي أدام توبته * (على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) * أي وقتها، وهي حالهم في غزوة تبوك كان الرجلان يقتسمان تمرة والعشرة يعتقبون البعير الواحد، واشتد الحر حتى شربوا الفرث * (من بعد ما كاد تزيغ) * بالتاء والياء، تميل * (قلوب فريق منهم) * عن اتباعه إلى التخلف لما هم فيه من الشدة * (ثم تاب عليهم) * بالثبات * (إنه بهم رؤوف رحيم) * (118) * (و) * تاب * (على الثلاثة الذين خلفوا) * عن التوبة عليهم بقرينة * (حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت) * أي مع رحبها، أي سمتها فلا يجدون مكانا يطمئنون إليه * (وضاقت عليهم أنفسهم) * قلوبهم للغم والوحشة بتأخير توبتهم فلا يسعها سرور ولا أنس * (وظنوا) * أيقنوا * (أن) * مخففة * (لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم) * وفقهم للتوبة * (ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) * (119) * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) * بترك معاصيه * (وكونوا مع الصادقين) * في الايمان والعهود بأن تلزموا الصدق (120) * (ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) * إذا غزا * (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) * بأن يصونوها عما رضيه لنفسه من الشدائد، وهو نهي بلفظ الخبر * (ذلك) * أي النهي عن التخلف * (بأنهم) * بسبب أنهم * (لا يصيبهم ظمأ) * عطش * (ولا نصب) * تعب * (ولا مخمصة) * جوع * (في سبيل الله ولا يطؤون موطئا) * مصدر بمعنى وطأ
______________________________
= مالك المدلجي حدثهم قال لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم قال سراقة بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج فأتيته فقلت: أنشدك النعمة بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الاسلام وإن لم يسلموا لم يحسن تغليب قومك عليهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد فقال إذهب معه فافعل ما يريد = (*)
[ 263 ]
* (يغيظ) * يغضب * (الكفار ولا ينالون من عدو) * لله * (نيلا) * قتلا أو أسرا أو نهبا * (إلا كتب لهم به عمل صالح) * ليجازوا عليه * (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) * أي أجرهم بل يثيبهم (121) * (ولا ينفقون) * فيه * (نفقة صغيرة) * ولو تمرة * (ولا كبيرة ولا يقطعون واديا) * بالسير * (إلا كتب لهم) * به عمل صالح * (ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) * أي جزاءهم (122) * (ولما وبخوا على التخلف وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم سرية نفروا جميعا فنزل * (وما كان المؤمنون لينفروا) * إلى الغزو * (كافة فلولا) * فهلا * (نفر من كل فرقة) * قبيلة * (منهم طائفة) * جماعة، ومكث الباقون * (ليتفقهوا) * أي الماكثون * (في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) * من الغزو بتعليمهم ما تعلموه من الاحكام. * (لعلهم يحذرون) * عقاب الله بامتثال أمره ونهيه، قال ابن عباس فهذه مخصوصة بالسرايا، والتي قبلها بالنهي عن تخلف واحد فيما إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم. (123) * (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) * أي الاقرب فالاقرب منهم * (وليجدوا فيكم غلظة) * شدة، أي أغلظوا عليهم * (واعلموا أن الله مع المتقين) * بالعون والنصر. (124) * (وإذا ما أنزلت سورة) * من القرآن * (فمنهم) * أي المنافقين * (من يقول) * لاصحابه استهزاء * (أيكم زادته هذه إيمانا) * تصديقا قال تعالى * (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) * لتصديقهم بها * (وهم يستبشرون) * يفرحون بها.
______________________________
فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم وأنزل الله (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) فكان من وصل إليهم كان معهم على عهدهم وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال نزلت (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) * في هلال بن عويمر الاسلمي وسراقة بن مالك المدلجي وفي بني جذيمة بن عامر بن عبد مناف وأخرج أيضا عن مجاهد أنها = (*)
[ 264 ]
(125) * (وأما الذين في قلوبهم مرض) * ضعف اعتقاد * (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) * كفرا إلى كفرهم لكفرهم بها * (وماتوا وهم كافرون) *. (126) * (أولا يرون) * بالياء أي المنافقون، والتاء أيها المؤمنون * (أنهم يفتنون) * يبتلون * (في كل عام مرة أو مرتين) * بالقحط والامراض * (ثم لا يتوبون) * من نفاقهم * (ولا هم يذكرون) * يتعظون. (127) * (وإذا ما أنزلت سورة) * فيها ذكرهم وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم * (نظر بعضهم إلى بعض) * يريدون الهرب يقولون * (هل يراكم من أحد) * إذا قمتم فإن لم يرهم أحد قاموا وإلا ثبتوا * (ثم انصرفوا) * على كفرهم * (صرف الله قلوبهم) * عن الهدى * (بأنهم قوم لا يفقهون) * الحق لعدم تدبرهم. (128) * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) * أي منكم: محمد صلى الله عليه وسلم * (عزيز) * شديد * (عليه ما عنتم) * أي عنتكم، أي مشقتكم ولقاؤكم المكروه * (حريص عليكم) * أن تهتدوا * (بالمؤمنين رؤوف) * شديد الرحمة * (رحيم) * يريد لهم الخير. (129) * (فإن تولوا) * عن الايمان بك * (فقل حسبي) * كافي * (الله لا إله إلا هو عليه توكلت) * به وثقت لا بغيره * (وهو رب العرش) * الكرسي * (العظيم) * خصه بالذكر لانه أعظم المخلوقات، وروى الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال: آخر آية نزلت (لقد جاءكم رسول) إلى آخر السورة.
______________________________
= نزلت في هلال بن عويمر الاسلمي وكان بينه وبين المسلمين عهد وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين وكره أن يقاتل قومه أسباب نزول الآية 92 قوله تعالى: * (وما كان لمؤمن) * الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة قال: كان الحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج الحارث مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو = (*)
|