00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة القمر 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1232 ]

سورة القمر [ مكية، وهي خمس وخمسون آية ] 1

 بسم الله الرحمن الرحيم * (إقتربت الساعة) * القمي: اقتربت القيامة، فلا يكون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا القيامة، وقد انقضت النبوة والرسالة 2. وفي رواية: (خروج القائم) 3. * (وانشق القمر) *. روي: (إن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يشق لهم القمر فرقتين، فقال لهم: إن فعلت تؤمنون ؟ قالوا: نعم. وكانت ليلة بدر، فسأل ربه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر فرقتين ورسول الله صلى الله عليه وآله ينادي: يا فلان يا فلان اشهدوا. فقال ناس: سحرنا محمد. فقال رجل: إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم). كذا في المجمع 4. وفيه: وإنما ذكر سبحانه اقتراب الساعة مع انشقاق القمر، لأن انشقاقه من علامة نبوة نبينا صلى الله عليه وآله، ونبوته وزمانه من آيات اقتراب الساعة 5. * (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) *: مطرد، وقيل: أي: قوي شديد،

__________________________

1 - ما بين المعقوفتين من(ب). 2 و 3 - القمي 2: 340. 4 و 5 - مجمع البيان 9 - 10: 186.(*)

[ 1233 ]

يعلو كل سحر 1. * (وكذبوا واتبعوا أهواءهم) * القمي: أي: كانوا يعملون برأيهم، ويكذبون أنبياءهم 2. * (وكل أمر مستقر) *: منته إلى غاية. * (ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر) * أي: متعظ من تعذيب أو وعيد. * (حكمة بالغة) * غايتها، لا خلل فيها * (فما تغن النذر) *. نفي، أو استفهام إنكار. * (فتول عنهم) * لعلمك أن الإنذار لا يؤثر فيهم * (يوم يدع الداع إلى شئ نكر) *: فظيع ينكره النفوس، لأنها لم تعهد مثله. القمي: الإمام إذا خرج يدعوهم إلى ما ينكرون 3. وقيل: هو هول يوم القيامة 4. ويأتي ما يؤيده 5. * (خشعا أبصارهم) *: ذليلة عند رؤية العذاب * (يخرجون من الأجداث) *: من القبور * (كأنهم جراد منتشر) * في الكثرة والتموج والانتشار في الأمكنة. * (مهطعين إلى الداع) *: مسرعين، مادي أعناقهم إليه، أو ناظرين إليه. القمي: إذا رجع فيقول: ارجعوا 6. * (يقول الكافرون هذا يوم عسر) *. ورد في حديث القيامة: (فيشرف الجبار عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة، فيأمر ملكا من الملائكة، فينادي فيهم: يا معشر الخلائق ! انصتوا واستمعوا منادي الجبار. قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم. قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك، وتخشع أبصارهم، وتضطرب فرائصهم، وتفزع قلوبهم، ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت،) مهطعين إلى الداع (. قال: فعند ذلك يقول الكافر:) هذا يوم عسر) 7.

__________________________

1 - المصدر، عن الضحاك وأبي العالية وقتادة. 2 و 3 - القمي 2: 341. 4 - البيضاوي 5: 105. 5 - ذيل الآية: 8 من نفس السورة. 6 - القمي 2: 341. 7 - الكافي 8: 104، الحديث: 79، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام.(*)

[ 1234 ]

* (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا) *: نوحا * (وقالوا مجنون وازدجر) *: وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية. * (فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) *: فانتقم منهم، وذلك بعد يأسه منهم. قال: (لبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم سرا وعلانية، فلما أبوا وعتوا قال: رب إني مغلوب فانتصر) 1. * (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) *: منصب. * (وفجرنا الأرض عيونا) *: وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون منفجرة. وأصلها: وفجرنا عيون الأرض، فغير للمبالغة. * (فالتقى الماء) *: ماء السماء وماء الأرض * (على أمر قد قدر) *: قدره الله تعالى. ورد: (لم تنزل قطرة من السماء من مطر إلا بعدد معدود ووزن معلوم، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح، فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد) 2. * (وحملناه على ذات ألواح) *: ذات أخشاب عريضة * (ودسر) * القمي: الألواح: السفينة، والدسر: المسامير 3. * (تجري بأعيننا) *: بمرأى منا، القمي: بأمرنا وحفظنا 4. * (جزاء لمن كان كفر) * أي: فعلنا ذلك جزاء لنوح، لأنه نعمة كفروها، فإن كل نبي نعمة من الله ورحمة على أمته. * (ولقد تركناها آية) * يعتبر بها، إذ شاع خبرها * (فهل من مدكر) *: معتبر. * (فكيف كان عذابي ونذر) *: وإنذاراتي، أو رسلي. وتمام القصة في هود 5. * (ولقد يسرنا القران: سهلناه * (للذكر) *: للادكار والاتعاظ لمن يذكر، بأن صرفنا

__________________________

1 - الكافي 8: 283، ذيل الحديث: 424، عن أبي جعفر عليه السلام. 2 - الكافي 8: 239، ذيل الحديث: 326، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين عليهما السلام. 3 و 4 - القمي 2: 342. 5 - هود(11): 25 إلى 49.(*)

[ 1235 ]

فيه أنواع المواعظ والعبر. * (فهل من مدكر) *: متعظ. * (كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر) *. * (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) *: باردة * (في يوم نحس) *: شؤم * (مستمر) *: مستمر شؤمه إلى مثله. قال: (كان يوم الأربعاء) 1. وزاد في رواية: (في آخر الشهر لا يدور) 2 وورد: (الأربعاء يوم نحس مستمر، لأنه أول يوم وآخر يوم من الأيام التي قال الله:) سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) 3. * (تنزع الناس) *: تقلعهم، روي: (إنهم دخلوا في الشعاب والحفر، وتمسك بعضهم ببعض، فنزعتهم الريح منهم، وصرعتهم موتى) 4. * (كأنهم أعجاز نخل منقعر) *: أصول نخل منقلع عن مغارسه، ساقط على الأرض. قيل: شبهوا بالأعجاز، لأن الريح طيرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم 5. * (فكيف كان عذابي ونذر) * كرره للتهويل. وقيل: الأول لما حاق بهم في الدنيا، والثاني لما يحيق بهم في الآخرة، كما قال في قصتهم أيضا:) لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى 6 وتمام القصة في الأعراف، وهود 7. * (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) *. * (كذبت ثمود بالنذر.

__________________________

1 و 2 - مجمع البيان 9 - 10: 190، عن أبي جعفر عليه السلام، نقلا عن العياشي. 3 - علل الشرائع 2: 381، الباب: 112، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. والآية في سورة الحاقة(69): 7. 4 و 5 - البيضاوي 5: 106. 6 - البيضاوي 5: 106. والآية في سورة فصلت(41): 16. 7 - الأعراف(7): 65 إلى 71، هود(11): 50 إلى 60.(*)

[ 1236 ]

* (فقالوا أبشرا منا) *: من جنسنا * (واحدا) *: منفردا لا تبع له * (نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر) *: جمع سعير. كأنهم عكسوا عليه، فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له. * (أءلقي الذكر) *: الكتاب والوحي * (عليه من بيننا وفينا) * من هو أحق منه بذلك * (بل هو كذاب أشر) *: حمله بطره على الترفع علينا بادعائه. * (سيعلمون غدا من الكذاب الأشر) *: الذي حمله أشره على الاستكبار عن الحق، أصالح، أم من كذبه ؟ * (إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم) *: اختبارا * (فارتقبهم) *: فانتظرهم، وتبصر ما يصنعون * (واصطبر) * على أذاهم. * (ونبئهم أن الماء قسمة بينهم) *: مقسوم، لها يوم ولهم يوم * (كل شرب محتضر) *: يحضره صاحبه في نوبته. * (فنادوا صاحبهم) * قدار بن سالف 1، أحيمر ثمود. * (فتعاطى فعقر) * فاجترأ على تعاطي قتلها، فقتلها، أو فتعاطى السيف فقتلها. * (فكيف كان عذابي ونذر) *. * (إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر) *: كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء وتمام القصة في الأعراف 2. * (ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر) *. * (كذبت قوم لوط بالنذر) *. * (إنا أرسلنا عليهم حاصبا) *: ريحا تحصبهم بالحجارة، أي: ترميهم. * (إلا ال لوط

__________________________

1 - قدار بن سالف: الذي يقال له: أحمر ثمود، عاقر ناقة صالح عليه السلام. قال الأزهري: وقالت العرب للجزار: قدار، تشبيها به. لسان العرب 5: 80(قدر). 2 - ذيل الآية: 79.(*)

[ 1237 ]

نجيناهم بسحر) * * (نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر) *: شكر نعمتنا بالأيمان والطاعة. * (ولقد أنذرهم) * لوط * (بطشتنا) *: أخذتنا بالعذاب * (فتماروا بالنذر) *: فشكوا ولم يصدقوا. * (ولقد راودوه عن ضيفه) *: قصدوا الفجور بهم * (فطمسنا أعينهم) *: فمسحناها وسويناها بسائر الوجه. قال: (أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم) 1. وفي رواية: (أخذ كفا من بطحاء فضرب بها وجوههم، وقال: شاهت الوجوه 2، فعمي أهل المدينة كلهم) 3. وتمام القصة في هود 4. * (فذوقوا عذابي ونذر) *. * (ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر) *: يستقر بهم، حتى يسلمهم إلى النار. * (فذوقوا عذابي ونذر) *. * (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) *. كرر ذلك في كل قصة، إشعارا بأن تكذيب كل رسول مقتض لنزول العذاب، واستماع كل قصة مستدع للادكار والاتعاظ، واستئنافا للتنبيه والأيقاظ، لئلا يغلبهم السهو والغفلة. * (ولقد جاء ال فرعون النذر) *. * (كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر): أخذ من لا يغالب ولا يعجزه شئ. * (أكفاركم) * يا معشر قريش * (خير من أولئكم) *: من هذه الأمم الهالكة * (أم لكم

__________________________

1 - الكافي 5: 548، ذيل الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام. 2 - شاهت الوجوه: قبحت. الصحاح 6: 2238(شوه). 3 - الكافي 5: 546، ذيل الحديث: 5، عن أبي جعفر عليه السلام. 4 - هود(11): 77 إلى 83.(*)

[ 1238 ]

براءة في الزبر) *: براءة في الكتب: أن لا تهلكوا كما هلكوا. * (أم يقولون نحن جميع منتصر) * القمي: قال قريش: قد اجتمعنا لننتصر بقتلك يا محمد، فأنزل الله 1. * (سيهزم الجمع ويولون الدبر) * القمي: يعني يوم بدر حين هزموا وأسروا وقتلوا 2. * (بل الساعة موعدهم) * يعني القيامة موعد عذابهم الأصلي، وما يحيق بهم في الدنيا فمن طلائعه * (والساعة أدهى وأمر) *: أشد وأغلظ وأمر مذاقا من عذاب الدنيا. * (إن المجرمين في ضلال) * عن الحق في الدنيا * (وسعر) *: ونيران في الآخرة. * (يوم يسحبون) *: يجرون * (في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر) *: حرها وألمها. ورد: (إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال لها: سقر، شكا إلى الله شدة حره، وسأله: أن يأذن له أن يتنفس، فتنفس فأحرق جهنم) 3. * (إنا كل شئ خلقناه بقدر) *: مقدرا مكتوبا في اللوح قبل وقوعه. القمي: له وقت وأجل ومدة 4. ورد: (إن القدرية مجوس هذه الأمة، وهم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من سلطانه، وفيهم نزلت هذه الآية:) يوم يسحبون (إلى قوله) بقدر) 5. وفي رواية: (ما أنزل الله هذه الآيات إلا في القدرية) إن المجرمين (إلى قوله: ) بقدر) 6.

__________________________

1 و 2 - القمي 2: 342. 3 - ثواب الأعمال: 265، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام. 4 - القمي 2: 342. 5 - التوحيد: 382، الباب: 60، الحديث: 29، عن أبي عبد الله عليه السلام. 6 - ثواب الأعمال: 252، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1239 ]

* (وما أمرنا إلا واحدة) * القمي: يعني نقول: كن فيكون 1. * (كلمح بالبصر) * في اليسر والسرعة. * (ولقد أهلكنا أشياعكم) *: أتباعكم ونظراءكم في الكفر من عباد الأصنام * (فهل من مدكر) *: متعظ. * (وكل شئ فعلوه في الزبر) *: مكتوب في كتب الحفظة. * (وكل صغير وكبير) * من الأعمال * (مستطر) *: مسطور. * (إن المتقين في جنات ونهر) *. * (في مقعد صدق) *: حق لا لغو فيه ولا تأثيم * (عند مليك مقتدر) *: مقربين عند من تعالى أمره في الملك والاقتدار.

__________________________

1 - القمي 2: 342.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338859

  • التاريخ : 29/03/2024 - 12:10

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net