[ 1219 ]
سورة النجم [ مكية، وهي اثنتان وستون آية ]
بسم الله الرحمن الرحيم * (والنجم إذا هوى) *: أقسم بالنجم إذا سقط. * (ما ضل صاحبكم) *: ما عدل محمد صلى الله عليه وآله عن الطريق المستقيم * (وما غوى: وما اعتقد باطلا، والمراد نفي ما ينسبون إليه. * (وما ينطق عن الهوى. * (إن هو) * أي: الذي ينطق به * (إلا وحى يوحى) *: يوحيه الله إليه. قال: (يقول: ما ضل في علي وما غوى، وما ينطق فيه عن الهوى، وما كان ما قاله فيه إلا بالوحي الذي أوحي إليه) 2. وورد: (إنه قال سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي والإمام بعدي، فلما كان قرب الفجر جلس كل ينتظر سقوط الكوكب في داره، فلما طلع الفجر انقض الكوكب من الهواء في دار علي عليه السلام، فقال صلى الله عليه وآله لعلي: والذي بعثني بالنبوة، لقد وجبت لك الوصية والخلافة والإمامة
__________________________
1 - ما بين المعقوفتين من(ب). 2 - القمي 2: 334، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)
[ 1220 ]
بعدي فقال المنافقون: لقد ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى، وما ينطق في شأنه إلا بالهوى. فأنزل الله الايات. يقول الله عزوجل: وخالق النجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم، يعني في محبة علي، وما غوى، وما ينطق عن الهوى، يعني في شأنه) 1. وفي رواية قال: (أقسم بقبر 2 محمد إذا قبض ما ضل صاحبكم بتفضيله أهل بيته وما غوى، وما ينطق عن الهوى يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه) 3. * (علمه شديد القوى) * قيل: يعني جبرئيل 4. والقمي: يعني الله عزوجل 5. * (ذو مرة) * قيل: أي: ذو حصافة 6 في عقله ورأيه 7 * (فاستوى) *: فاستقام. قيل: يعني جبرئيل استقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها 8، فإنه روي: (ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير محمد صلى الله عليه وآله، مرة في السماء ومرة في الأرض) 9. والقمي: يعني رسول الله صلى الله عليه وآله 10. وورد: (ما بعث الله نبيا إلا صاحب مرة سوداء صافية) 11. * (وهو بالاءفق الأعلى) * قيل: يعني جبرئيل 12، والقمي: يعني رسول الله 13.
__________________________
1 - الأمالي(للصدوق): 453، المجلس: 83، الحديث: 4، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيه أيضا: 468، المجلس: 86، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام ما يقرب منه. 2 - في المصدر:(اقسم بقبض محمد). 3 - الكافي 8: 380، الحديث: 574، عن أبي جعفر عليه السلام. 4 - تفسير القرآن العظيم(لابن كثير) 4: 265، البيضاوي 5: 101. 5 - القمي 2: 334. 6 - الحصيف: المحكم العقل. الصحاح 4: 1344(حصف). 7 - الكشاف 4: 28، البيضاوي 5: 101. 8 - البيضاوي 5: 101. 9 - البيضاوي 5: 101. 10 - القمي 2: 334. 11 - المصدر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. 12 - جامع البيان(للطبري) 27: 26، عن الربيع، وتفسير القرآن العظيم(لابن كثير) 4: 265، عن عكرمة. 13 - القمي 2: 334.(*)
[ 1221 ]
* (ثم دنا) * قيل: يعني جبرئيل من رسول الله 1 والقمي: يعني رسول الله من ربه 2. * (فتدلى) *: فزاد منه دنوا، وأصل التدلي استرسال مع تعلق. قال: (لا تقرأ هكذا، إقرأ: ثم دنا فتدانى) 3. وفي رواية: (إن هذه لغة قريش، إذا أراد الرجل منهم أن يقول: قد سمعت، يقول: قد تدليت، وإنما التدلي الفهم) 4. * (فكان قاب قوسين) *: قدرهما. قال: (ما بين سيتها إلى رأسها) 5. أقول: سية القوس ما عطف من طرفيها، وهو تمثيل للمقدار المعنوي الروحاني بالمقدار الصوري الجسماني، والقرب المكانتي بالدنو المكاني، تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا. فسر عليه السلام مقدار القوسين بمقدار طرفي القوس الواحد المنعطفين، كأنه جعلا كلا منهما قوسا على حدة، فيكون مقدار مجموع القوسين مقدار قوس واحد، وهي المسماة بقوس الحلقة، وهي قبل أن يهيأ للرمي فإنها حينئذ تكون شبه دائرة، والدائرة تنقسم بما يسمى بالقوس. وفي التعبير عن مثل هذا المعنى بمثل هذه العبارة إشارة لطيفة إلى أن السائر بهذا السير منه سبحانه نزل وإليه صعد، وأن الحركة الصعودية كانت انعطافية، وأنها لم تقع على نفس المسافة النزولية، بل على مسافة أخرى، فسيره كان من الله، وإلى الله، وفي الله، وبالله، ومع الله جل جلاله. * (أو أدنى) * قال (أي: بل أدنى) 6، وفي رواية: (دنا من حجب النور فرأى ملكوت
__________________________
1 - جامع البيان(للطبري) 27: 26، الجامع لأحكام القرآن(للقرطبي) 17: 89. 2 - القمي 2: 334. 3 - علل الشرايع 1: 277، الباب: 185، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. 4 - الاحتجاج 2: 157، عن موسى بن جعفر عليهما السلام. 5 - الكافي 1: 443، ذيل الحديث: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام. 6 - القمي 1: 246، ذيل الآية: 172 من سورة الأعراف، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)
[ 1222 ]
السماوات، ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض، حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى) 1. وفي أخرى: (فدنا بالعلم، فتدلى، فدلى له من الجنة رفرف أخضر وغشى النور بصره، فرأى عظمة ربه عزوجل بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان قوسين بينها وبينه أو أدنى) 2 وورد: (كان بينهما حجاب يتلألأ بخفق 3 ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة. فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد. قال: لبيك ربي. قال: من لاءمتك من بعدك ؟ قال: الله أعلم. قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين) 4. أقول: لعل الحجاب الذي كان بينهما حجاب البشرية، وإنما يتلألأ لانغماسه في نور الرب تعالى بخفق، أي: باضطراب وتحرك، وذلك لما كاد أن يفنى عن نفسه بالكلية في نور الأنوار بغلبة سطوات الجلال، وبانجذابه بشراشره إلى جناب القدس المتعال، وهذا هو المعني بالتدلي المعنوي. ووصف الحجاب بالزبرجد كناية عن خضرته، وذلك لأن النور الإلهي الذي يشبه بلون البياض في التمثيل، كان قد شابته ظلمة بشرية فصار يتراءى كأنه أخضر على لون الزبرجد. وإنما سأله الله عزوجل عن خليفته، لأنه صلى الله عليه وآله كان قد أهمه أمر الأمة، وكان في قلبه أن يخلف فيهم خليفة إذا ارتحل عنهم، وقد علم الله ذلك منه، ولذلك سأله عنه. ولما كان الخليفة متعينا عند الله وعنده، قال الله ما قال، ووصفه بأوصاف لم يكن لغيره أن ينال. * (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * في إبهام الموحى به تفخيم له. القمي: وحي
__________________________
1 - علل الشرائع 1: 132، الباب: 112، الحديث: 1، عن علي بن الحسين عليهما السلام. 2 - الاحتجاج 1: 327، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 3 - في المصدر:(يخفق). 4 - الكافي 1: 443، الحديث: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)
[ 1223 ]
مشافهة 1. ورد: (كان فيما أوحى إليه الاية التي في سورة البقرة:) لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله (الآية 2. قال: وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم إلى أن بعث الله محمدا وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول الله صلى الله عليه وآله، وعرضها على أمته فقبلوها) 3. * (ما كذب الفؤاد ما رأى. سئل هل رآى رسول الله صلى الله عليه وآله ربه عزوجل ؟ فقال: (نعم، بقلبه رآه، أما سمعت الله يقول:) ما كذب الفؤاد ما رأى (لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد) 4. وفي رواية: (رأى عظمة ربه تعالى بفؤاده ولم يرها بعينه) 5 كما مر. وفي أخرى: (ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال:) لقد رأى من آيات ربه الكبرى (فآيات الله غير الله) 6. وفي النبوي: سئل عن هذه الآية فقال: (رأيت نورا) 7. أقول: إنما اختلفت الأجوبة لا ختلاف مراتب أفهام المخاطبين في الذكاء وغموض المسألة. * (أفتمارونه على ما يرى) *: أفتجادلونه عليه، من المراء. * (ولقد رآه نزلة أخرى) *: مرة أخرى، بنزول ودنو.
__________________________
1 - القمي 2: 334. 2 - البقرة(2): 284. 3 - الاحتجاج 1: 327، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 4 - التوحيد: 116، الباب: 8، الحديث: 17، عن الكاظم عليه السلام. 5 - الاحتجاج 1: 327، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 6 - الكافي 1: 96، الحديث: 2، التوحيد: 111، الباب: 8، الحديث: 9، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. 7 - مجمع البيان 9 - 10: 175.(*)
[ 1224 ]
* (عند سدرة المنتهى) * (التي ينتهي إليها أعمال أهل الأرض). كذا ورد 1. * (عندها جنة المأوى التي يأوي إليها المتقون. قال: (وإن غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيام الدنيا، وان الورقة منها تغطي أهل الدنيا) 2. وفي النبوي: (رأيت على كل ورقة من ورقها 3 ملكا قائما يسبح الله عزوجل) 4. * (إذ يغشى السدرة ما يغشى) * تفخيم وتكثير لما يغشاها، بحيث لا يكتنهها 5 نعت ولا يحصيها عد. القمي: لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله غشي نوره السدرة 6. * (ما زاغ البصر) *: ما مال بصر رسول الله صلى الله عليه وآله عما رآه * (وما طغى: وما تجاوزه، بل أثبته إثباتا صحيحا مستقيما. * (لقد رأى من ايات ربه الكبرى) * قال: (يعني أكبر الآيات) 7. القمي: يقول: لقد سمع كلاما لو لا أنه قوي ما قوي 8. وورد: (رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملأ ما بين السماء والأرض) 9. و ورد: (رآى جبرئيل في صورته مرتين، هذه المرة ومرة أخرى، وذلك أن خلق
__________________________
1 - علل الشرائع 1: 277، الباب: 185، قطعة من حديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. 2 - المصدر: 278، الباب: 185، ذيل الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. 3 - في المصدر:(من أوراقها). 4 - مجمع البيان 9 - 10: 175. 5 - لا يكتنهه الوصف، بمعنى لا يبلغ كنهه، أي: قدره وغايته. الصحاح 6: 2247(كنه). 6 - القمي 2: 338. 7 - علل الشرائع 1: 278، الباب: 185، ذيل الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. 8 - القمي 2: 335. 9 - التوحيد: 116، الباب: 8، الحديث: 18، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)
[ 1225 ]
جبرئيل عظيم، فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين) 1. وفي رواية: (يا علي إن الله أشهدك معي في سبع مواطن: أما أول ذلك: فليلة أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل: أين أخوك ؟ فقلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله فإذا مثالك معي، وإذ الملائكة صفوف، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء ؟ قال: هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيامة، فدنوت ونطقت بما كان ويكون 2 إلى يوم القيامة. والثاني: حين أسري بي في المرة الثانية، فقال لي جبرئيل: أين أخوك ؟ قلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله فإذا مثالك معي فكشط لي عن سبع سماوات، حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها) الحديث 3. وعن أمير المؤمنين عليه السلام: (ما لله عزوجل آية هي أكبر مني) 4. * (أفرأيتم اللات والعزى) *. * (ومناة الثالثة الأخرى) * هي أصنام كانت لهم يعبدونها. * (ألكم الذكر وله الاءنثى) *. قيل: إنكار لقولهم: الملائكة بنات الله وهذه الأصنام هياكلها، أو استوطنها جنيات هن بناته 5 ! ! تعالى الله عن ذلك. * (تلك إذا قسمة ضيزى) *: جائرة، حيث جعلتم له ما تستنكفون منه. * (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم واباؤكم) * أي: الأصنام ما هي باعتبار الألوهية إلا أسماء تطلقونها عليها. * (ما أنزل الله بها من سلطان) *: من حجة وبرهان يتعلقون بها * (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى: الرسول والكتاب
__________________________
1 - المصدر: 263، الباب: 36، قطعة من حديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 2 - في المصدر:(وبما يكون). 3 - القمي 2: 335، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 4 - الكافي 1: 207، قطعة من حديث: 3، عن أبي جعفر، عن أمير المؤمنين عليهما السلام. 5 - البيضاوي 5: 102.(*)
[ 1226 ]
فتركوه. * (أم للإنسان ما تمنى) * أي: ليس له كل ما يتمنى، والمراد نفي طمعهم في شفاعة الآلهة وغير ذلك مما يتمنون. * (فلله الآخرة والأولى) * يعطي منهما ما يشاء لمن يريد، وليس لأحد أن يتحكم عليه في شئ منهما. * (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله) * في الشفاعة * (لمن يشاء ويرضى) *. * (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) * بأن سموهم بنات. * (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) *. * (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا) *: فاعرض عن دعوته والاهتمام بشأنه، فإن من غفل عن الله وأعرض عن ذكره وانهمك في الدنيا، بحيث كانت منتهى همته ومبلغ علمه، لا تزيده الدعوة إلا عنادا وإصرارا على الباطل. * (ذلك مبلغهم من العلم) * لا يتجاوزه علمهم، اعتراض مقرر لقصور هممهم على الدنيا. * (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى) * يعني إنما يعلم الله من يجيب ممن لا يجيب، فلا تتعب نفسك في دعوتهم، إذ ما عليك إلا البلاغ، وقد بلغت. * (ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) *: بالمثوبة الحسنى. * (الذين يجتنبون كبائر الإثم) *: ما يكبر عقابه من الذنوب، وهو ما رتب الوعيد عليه بخصوصه * (والفواحش) * من الكبائر خصوصا * (إلا اللمم) *: إلا ما قل وصغر، فإنه مغفور من مجتنبي الكبائر، والاستثناء منقطع.
[ 1227 ]
قال: (الفواحش: الزنا والسرقة، واللمم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه) 1. أقول: يلم بالذنب، أي: يقاربه وينزل إليه فيفعله. وورد: (ما من ذنب إلا وقد طبع عليه عبد مؤمن، يهجره الزمان ثم يلم به، وهو قول الله عزوجل:) الذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش إلا اللمم (. قال: اللمام: العبد الذي يلم بالذنب 2 بعد الذنب، ليس من سليقته، أي: من طبيعته) 3. أقول: وقد طبع عليه، أي: لعارض عرض له يمكن زواله عنه، ولو كان مطبوعا عليه في أصل الخلقة وكان من سجيته وسليقته، لما أمكنه الهجرة عنه. * (إن ربك واسع المغفرة) * حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، وله أن يغفر ما شاء من الذنوب، صغيرها وكبيرها، لمن يشاء. * (هو أعلم بكم) *: أعلم بأحو الكم منكم * (إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) *: علم مصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب، وحيثما صوركم في الأرحام. * (فلا تزكوا أنفسكم) *: فلا تثنوا عليها بزكاء العمل وزيادة الخير، والطهارة عن المعاصي والرذائل. هو أعلم بمن اتقى فإنه يعلم التقي وغيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم. قال: (يقول: لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه، لأن الله أعلم بمن اتقى منكم) 4. وورد: (إن قوما كانوا يصبحون فيقولون: صلينا البارحة، وصمنا أمس، فقال
__________________________
1 - الكافي 2: 442، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. 2 - في المصدر:(يلم الذنب). 3 - الكافي 2: 442، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام. 4 - علل الشرائع 2: 610، الباب: 385، ذيل الحديث الطويل: 81، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)
[ 1228 ]
علي عليه السلام: لكني أنام الليل والنهار، ولو أجد بينهما شيئا لنمته) 1. قال: (ويجوز إذا اضطر إليه كما قال يوسف:) إجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) 2. * (أفرأيت الذي تولى) *. * (وأعطى قليلا وأكدى) *: وقطع العطاء. قيل: نزلت الآيات السبع - يعني هذه وما بعدها - في عثمان بن عفان، كان يتصدق وينفق، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح 3: ما هذا الذي تصنع يوشك أن لا يبقى لك شئ ؟ ! فقال عثمان: إن لي ذنوبا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله وأرجو عفوه. فقال له عبد الله: أعطني ناقتك برحلها، وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ! ! فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن النفقة، فنزلت) أفرأيت الذي تولى (أي: يوم أحد حين ترك المركز) وأعطى قليلا (ثم قطع النفقة إلى قوله:) وأن سعيه سوف يرى (فعاد عثمان إلى ما كان عليه 4. * (أعنده علم الغيب فهو يرى) *: يعلم أن صاحبه يتحمل عنه. * (أم لم ينبأ بما في صحف موسى) *. * (وإبراهيم الذي وفى) *: وفر وأتم ما أمر به، والتزمه على نفسه القمي: وفي بما أمره الله به من الأمر والنهي وذبح ابنه 5.
__________________________
1 - معاني الأخبار: 243، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. 2 - العياشي 2: 181، الحديث: 40، عن أبي عبد الله عليه السلام، والاية في سورة يوسف(12): 55. 3 - مرت ترجمته ذيل الاية: 136 من سورة النساء. 4 - مجمع البيان 9 - 10: 178، عن ابن عباس والسدي والكلبي وجماعة من المفسرين، وفي الكشاف 4: 33، مع تفاوت يسير. 5 - القمي 2: 338.(*)
[ 1229 ]
وفي رواية: (كلمات 1 بالغ فيهن، كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا) 2. * (ألا تزر وازرة وزر أخرى) * أي: لم ينبأ بما في صحفهما، أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ؟ ! * (وأن ليس للإلنسان إلا ما سعى: وأن لا يثاب أحد بفعل غيره. * (وأن سعيه سوف يرى) *: يراه في الآخرة. * (ثم يجزاه الجزاء الأوفى) *: يجزى العبد سعيه بالجزاء الأوفر. * (وأن إلى ربك المنتهى) *: انتهاء الخلائق ورجوعهم. قال: (فإذا انتهى الكلام إلى الله فامسكوا) 3. * (وأنه هو أضحك وأبكى) * القمي: أبكى السماء بالمطر، وأضحك الأرض بالنبات 4. * (وأنه هو أمات وأحيا) *. * (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) *. * (من نطفة إذا تمنى) *. * (وأن عليه النشأة الأخرى) *. * (وأنه هو أغنى وأقنى) *: وأعطى القنية، أي: أصل المال، أو الكسب والرضا. قال: (أغنى كل إنسان بمعيشته، وأرضاه بكسب يده) 5. * (وأنه هو رب الشعرى) * القمي: نجم في السماء، كانت قريش وقوم من العرب
__________________________
1 - وهن الكلمات كما في المصدر:(أصبحت وربي محمود، أصبحت لا أشرك بالله شيئا ولا أدعو معه إلها ولا أتخذ من دونه وليا). 2 - الكافي 2: 535، قطعة من حديث: 38، عن أبي جعفر عليه السلام، وفي علل الشرائع 1: 37، الباب: 33، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام ما يقرب منه. 3 - الكافي 1: 92، الحديث: 2، التوحيد: 456، الباب: 67، الحديث: 9، عن أبي عبد الله عليه السلام. 4 - القمي 2: 339. 5 - معاني الأخبار: 215، الحديث: 1، القمي 2: 339، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام.(*)
[ 1230 ]
يعبدونه، يطلع في آخر الليل 1. * (وأنه أهلك عادا الأولى) *. * (وثمودا فما أبقى). * (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) *. * (والمؤتفكة) *: والقرى التي ائتفكت بأهلها، أي: انقلبت، وهي قرى قوم لوط. * (أهوى) * بعد أن رفعها وقلبها. وورد: (هم أهل البصرة، هي المؤتفكة) 2. القمي: وقد ائتفكت بأهلها مرتين، وعلى الله تمام الثالثة، ويكون في الرجعة 3. * (فغشاها ما غشى) * فيه تهويل وتعميم لما أصابهم. * (فبأي آلاء ربك تتمارى) *: (تتشكك). كذا ورد 4. والقمي: بأي سلطان تخاصم 5. والخطاب لكل أحد. * (هذا نذير من النذر الأولى). قال: (إن الله تبارك وتعالى لما ذرأ الخلق في الذر الأول أقامهم صفوفا قدامه، وبعث الله محمدا صلى الله عليه وآله، فآمن به قوم وأنكره قوم، فقال الله عزوجل:) هذا نذير من النذر الأولى (يعني محمدا حيث دعاهم إلى الله في الذر الأول) 6. * (أزفت الآزفة) *. القمي: يعني قربت القيامة 7. * (ليس لها من دون الله كاشفة) *: ليس لها نفس قادرة على كشفها إلا الله.
__________________________
1 - القمي 2: 339. 2 - الكافي 8: 180، ذيل الحديث: 202، عن أبي عبد الله عليه السلام، القمي 2: 339، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 3 - القمي 2: 340، عن أميرالمؤ منين عليه السلام، وفيه:(وتمام الثالثة في الرجعة). 4 - الكافي 2: 392، قطعة من حديث: 1، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 5 - القمي 2: 340. 6 - المصدر عن أبي عبد الله عليه السلام، وفي بصائر الدرجات: 84، الباب: 14، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام، ذيل الرواية فقط. 7 - القمي 2: 340.(*)
[ 1231 ]
* (أفمن هذا الحديث) *. قال: (يعني بالحديث ما تقدم من الأخبار) 1. * (تعجبون) * إنكارا. * (وتضحكون) * استهزاء * (ولا تبكون) * تحزنا على ما فرطتم. * (وأنتم سامدون) * القمي: أي: لا هون 2. * (فاسجدوا لله واعبدوا) *: واعبدوه دون الآلهة.
__________________________
1 - مجمع البيان 9 - 10: 184، عن أبي عبد الله عليه السلام. 2 - القمي 2: 340.(*)