00989338131045
 
 
 
 
 
 

 هل يدل قوله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} على أفضلية جنس المرأة على جنس الرجل؟ 

( القسم : التفسير )

السؤال :

هل يدل قوله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} على أفضلية جنس المرأة على جنس الرجل؟



الجواب :

قال تعالى في سورة آل عمران مشيراً إلى النذر الذي قطعته امرأة عمران على نفسها {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. [1]
جاء في التواريخ والأخبار الإسلامية وأقوال المفسّرين أنّ «حنة» و«أشيامع» کانتا أختين، تزوّجت الأولى «عمران» [2]  أحد زعماء بني إسرائيل، وتزوّجت الأخرى «زکريا» النبي. مضت سنوات على زواج «حنة» بغير أن ترزق مولوداً. وفي أحد الأيام بينما هي جالسة تحت شجرة، رأت طائراً يطعم فراخه. فأشعل هذا المشهد نار حبّ الأمومة في قلبها، فتوجّهت إلى الله بمجامع قلبها طالبة منه أن يرزقها مولوداً، فاستجاب الله دعاءها الخالص، ولم تمض مدّة طويلة حتّى حملت.
ورد في الأحاديث أنّ الله قد أوحى إلى «عمران» أنّه سيهبه ولداً مبارکاً يشفي المرضى الميؤوس من شفائهم، ويحيي الموتى بإذن الله، وسوف يرسله نبياً إلى بني إسرائيل. فأخبر عمران زوجته «حنة» بذلک. لذلک عندما حملت ظنّت أنّ ما تحمله في بطنها هو الابن الموعود، دون أن تعلم أنّ ما في بطنها أم الابن الموعود «مريم» فنذرت ما في بطنها للخدمة في بيت الله «بيت المقدس». ولکنّها إذ رأتها أنثى ارتبکت ولم تدر ما تعمل، إذ أنّ الخدمة في بيت الله کانت مقصورة على الذکور، ولم يسبق أن خدمت فيه أنثى. [3]
وعليه، لم تکن الآية المبارکة بصدد المفاضلة بين جنسي الذکر والأنثى، وهذا المعنى هو الذي استفاده المفسرون عند تعرضهم لبيان المراد من الآية المبارکة حيث انقسموا إلى فريقين في بيان القائل لعبارة {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}:
فذهب فريق إلى القول بأن  حنّة أم مريم بنت عمران هي صاحبة قوله {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَکَ ما فِي بَطْنِي} أي أوجبت لک بأن أجعل ما في بطني «مُحَرَّراً» أي خادماً للبيعة يخدم في متعبداتنا عن مجاهد. وقيل: محرراً للعبادة مخلصاً لها عن الشعبي. وقيل: عتيقاً خالصاً لطاعتک لا أستعمله في منافعي ولا أصرفه في الحوائج عن محمد بن جعفر بن الزبير قالوا وکان المحرر إذا حرر جعل في الکنيسة يقوم عليها ويکنسها ويخدمها لا يبرح حتى يبلغ الحلم ثم يخير فإن أحب أن يقيم فيه أقام وإن أحب أن يذهب ذهب حيث شاء... وکانت ترجو أن يکون غلاماً فلما وضعتها خجلت واستحيت
 و«قالَتْ» منکسة رأسها {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى}<.[4]
فيما ذهب فريق آخر الى نسبة قوله تعالى {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} إلى الله تعالى لا إلى حنّة حيث قال: لکن لما کانت قولها {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى‏}، مسوقاً لإظهار التحسر کان ظاهر قوله: {واللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ}، أنه مسوق لبيان أنا نعلم أنها  أنثى لکنا أردنا بذلک إنجاز ما کانت تتمناه بأحسن وجه وأرضى طريق، ولو کانت تعلم ما أردناه من جعل ما في بطنها أنثى لم تتحسر ولم تحزن ذاک التحسر والتحزن والحال أن الذکر الذي کانت ترجوه لم يکن ممکناً أن يصير مثل هذا الأنثى التي وهبناها لها، ويترتب عليه ما يترتب على خلق هذه الأنثى
 فإن غاية أمره أن يصير مثل عيسى نبياً مبرئاً للأکمه والأبرص ومحيياً للموتى لکن هذه الأنثى ستتم به کلمة الله وتلد ولداً بغير أب، وتجعل هي وابنها آية للعالمين، ويکلم الناس في المهد، ويکون روحاً وکلمة من الله، مثله عند الله کمثل آدم إلى غير ذلک من الآيات الباهرات في خلق هذه الأنثى الطاهرة المبارکة وخلق ابنها عيسى (ع).
ومن هنا يظهر: أن قوله: {ولَيسَ الذَّکَرُ کَالْأُنْثى‏}، مقول له تعالى لا لامرأة عمران، ولو کان مقولاً لها لکان حق الکلام أن يقال: وليس الأنثى کالذکر لا بالعکس. [5]
وعلى کل حال سواء کان القائل {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} هو الله تعالى أو امرأة عمران (أم مريم) فلا تدل الآية على أفضلية جنس المرأة على جنس الرجل؛ لأن اللام (الـ) في کلمتي الذکر والأنثى  من قبيل لام العهد الذکري أو الذهني لا من قبيل لام الجنس. [6] بمعنى أن الولد المعهود والذي اشارت له الآية الکريمة الذي کانت امرأة عمران تأمل ولادته ليس کالانثى التي ولدتها (مريم) في الفضل وما يترتب عليه من ثمرة کبرى في المستقبل، بل حتى لو ذهبنا إلى کون اللام تفيد الجنس فلا دلالة للآية على التفضيل بين الجنسين لأنها بصدد بيان الفارق بين الجنسين في
 خصوص الخدمة في المعبد لا مطلقاً، ومن هنا قال صاحب کنز الدقائق: واللام فيها للعهد، أي: ليس الذکر الذي طلبت کالأنثى التي وهبت. أو للجنس، بمعنى، وليس الذکر والأنثى سواء فيما نذرت.[7]
فالمتحصل أن الآية المبارکة ليست بصدد المفاضلة بين الجنسين بل هي أما مشيرة إلى التفاضل بين وليدين معينين أو ناظرة إلى التفاضل بين الوليدين في خصوص وظيفة معينة هي الخدمة في المعبد.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] آل عمران، 35-36.
[2] تفيد بعض الأحاديث أنّ «عمران» کان نبياً ويوحى إليه. وعمران هذا غير عمران والد موسى، إذ بينهما 1800 سنة من الزمان. (مجمع البيان- وتفسير المراغي، ذيل الآية مورد البحث).
[3] الأمثل في تفسير کتاب الله المنزل، ج‏2، ص: 476- 477.
[4] التبيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 44، بيروت.
[5] انظر: الميزان في تفسير القرآن، ج 3، ص 172.
[6] تفسير اثنا عشري، حسيني شاه عبد العظيمي، ج 2، ص 80، تفسير القرآن الکريم، شبر، ص 89.
[7] تفسير کنز الدقائق وبحر الغرائب، القمي المشهدي، ج ‏3، ص 80.
- المصدر: موقع http://www.islamquest.net

 



طباعة   ||   أخبر صديقك عن السؤال   ||   التاريخ : 2015 / 10 / 28   ||   القرّاء : 6308  


 
 

  التلاوة :
  • الحفظ (23)
  • التجويد (18)
  • القراءات السبع (2)
  • الصوت والنغم (7)
  علوم القرآن وتفسيره :
  • علوم القرآن (57)
  • التفسير (205)
  • المفاهيم القرآنية (10)
  • القصص القرآني (6)
  • الأحكام (26)
  • الاجتماع وعلم النفس (31)
  العقائد :
  • التوحيد (27)
  • العدل (10)
  • النبوّة (25)
  • الإمامة (6)
  • المعاد (17)
  استفتاءات المراجع :
  • السيد الخوئي (29)
  • السيد السيستاني (52)
  • السيد الخامنئي (7)
  • الشيخ مكارم الشيرازي (83)
  • السيد صادق الروحاني (37)
  • السيد محمد سعيد الحكيم (49)
  • السيد كاظم الحائري (7)
  • الشيخ الوحيد الخراساني (2)
  • الشيخ إسحاق الفياض (3)
  • الشيخ الميرزا جواد التبريزي (10)
  • السيد صادق الشيرازي (78)
  • الشيخ لطف الله الصافي (29)
  • الشيخ جعفر السبحاني (11)
  • السيد عبدالكريم الاردبيلي (1)
  • الشيخ جوادي آملي (23)
  • السيد محمود الشاهرودي (5)
  • السيد الامام الخميني (4)
  جديد الأسئلة والإستفتاءات :



 إمكان صدور أكثر من سبب نزول للآية الواحدة

 تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث

 حول امتناع إبليس من السجود

 الشفاعة في البرزخ

 في أمر المترفين بالفسق وإهلاكهم

 التشبيه في قوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}

 هل الغضب وغيره من الانفعالات ممّا يقدح بالعصمة؟

 كيف يعطي الله تعالى فرعون وملأه زينة وأموالاً ليضلّوا عن سبيله؟

 كيف لا يقبل الباري عزّ وجلّ شيئاً حتى العدل {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ}؟

 حول المراد من التخفيف عن المقاتلين بسبب ضعفهم

  البحث في الأسئلة والإستفتاءات :



  أسئلة وإستفتاءات قرآنية منوعة :



 كيف تناولت الروايات الشريفة مسألة تحديد آخر سورة وآخر آية نزلت من القرآن الكريم؟ وما هو طريق الجمع بينها؟

 تفسير آية 86 من سورة الكهف

 ما هي الاستعاذة، وكيف تناولها القرآن الكريم والروايات الشريفة وأكّد عليها لتكون سبباً لرقيّ الإنسان ورفعته؟

 عبّر القرآن الكريم عن بعض الأفراد بأنه مُخلَص، ما معنى هذه الكلمة؟ وهل هي مختصّة بالأنبياء؟

 دعوة قرآنية لرؤية نظام السماوات بحاسة البصر

 هل العزوبة فضيلة؟ كما في قوله تعالى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}

 قال تعالى(ِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَل )البقرة 27 ماهي المحتملات التي في تفسير هذه الآية إن كان مقصودكم من قوله. أن يوصل؟

 الابتلاء بإبليس مع وجود النفس الأمارة بالسوء

 كيف وصل الشيطان إلى نبيّ الله أيوب (عليه السلام)؟

 الخضر وموسى عليه السلام، إشكالية تستدعي الحلّ

  إحصاءات الأسئلة والإستفتاءات :
  • عدد الأقسام الرئيسية : 4

  • عدد الأقسام الفرعية : 32

  • عدد الأسئلة والإستفتاءات : 900

  • تصفحات الأسئلة والإستفتاءات : 7770248

  • التاريخ : 28/03/2024 - 17:00

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • رئيسية الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • أرشيف الأسئلة والإستفتاءات القرآنية
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net