|
الجواب : صحيح أن القرآن الكريم حجة بالفعل و مستقل، و لا يحتاج في أصل الحجية إلى غيره، إلا أن الحجة غير منحصرة، بالنحو الذي لا يكون غير القرآن حجة أخرى؛ فإن نفس القرآن قد صرّح بتأييد حجية «العقل» و «السنة». لأن القرآن الكريم نفسه، قد جعل الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و أولي الأمر مفترضوا الطاعة، و اعتبر الرجوع إلى النبي الأكرم أمراً ضرورياً، و قد عرّف الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) أيضاً وفق النقل القطعي و المسلم، القرآن و العترة عدلين و متلازمين و لا يفترقان؛ سوى أن أحد هذين الثقلين الوزينين «ثقل أکبر» و الآخر «ثقل أصغر» (في نشأة الكثرة)، و أن حجية السنة بالنسبة إلى القرآن الكريم، على نحو التأهل و الشأنية، لا أن تكون ابتداء في عرض القرآن، و على نحو الفعلية و الاستقلال؛ أي أن للسنة غير القطعية من دون القرآن المجيد و العرض عليه اعتبار تأهلي و شأني، و بعد العرض و ثبوت عدم التعارض و التباين و التخالف مع القرآن، تصل إلى نصاب الاعتبار الفعلي و الحجية الاستقلالية. فحينئذ تكون مثل هذه السنة في ساحة القرآن، كآيتين من القرآن و كل واحد منهما حجة مستقلة لا منحصرة. و قد تبيّن الفرق بين الاستقلال و الحصر في باب البحث عن مفهوم الجملة الشرطية و أمثالها في فنّ أصول الفقه بالكامل، و بما أن حجية القرآن مستقلة لا منحصرة، و للسنة أيضاًَ بعد الاعتبار و بلوغ حدّ نصاب الحجية، استقلالية في ضوء القرآن، و لذا يكون بمقدورها أن تقوم بشرح الآيات القرآنية و تفصيلها و تقييدها و تخصيصها، فيتحتّم أن يكون اعتبار تفسير القرآن بالقرآن على نحو الاستقلال لا الحصر. و على هذا الأساس، سيكون اعتبار السنة القطعية للمعصومين (عليهم السلام) التي هي من المصادر الغنية و القوية للدين ملحوظاً في جميع شؤون التفسير القرآني. تجدر الإشارة إلى أنه ليس المراد بالحجة المستقلة هو الحجة الفعلية و التنجيزية لئلا تبقى حاجة إلى السنة؛ بل هي مستقلة في الدلالة على محتواها و الهداية إلى مضمونها، و إن كانت هناك ضرورة لدراسة الحجة أو الحجج الأخرى بسبب عدم انحصار الحجية فيها.
___________________
تسنيم (التسنيم)، ج 1، ص 105. |
طباعة
أخبر صديقك عن السؤال
القرّاء :
9225
