00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الاعراف من ( آية 184 ـ آخر السورة) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء الخامس)   ||   تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي

[44]

قوله تعالى: أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين(184) أولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون(185)

آيتان

هذا خطاب من الله تعالى للكفار الذين كانوا ينسبون النبي صلى الله عليه واله إلى الجنون على وجه التوبيخ لهم والتقريع " أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة " اي وليس بالنبي صلى الله عليه واله جنة وهي الجنون، فانه لايأتي بمثل ما يأتي به المجنون، وهم يرون الاصحاء منقطعين دونه ويرون صحة تدبيره واستقامة أعماله وذلك ينافي أعمال المجانين.

وبين انه ليس به صلى الله عليه واله إلا الخوف للعباد من عقاب الله، لان الانذار هو الاعلام عن المخاوف، فبين لهم ما عليهم من أليم العذاب بمخالفته ثم قال " أولم ينظروا " ومعناه يفكروا " في ملكوت السماوات والارض " وعجيب صنعهما فينظروا فيهما نظر مستدل معتبر، فيعرفون بما يرون من اقامة السماوات والارض مع عظم أجسامهما وثقلهما على غير عمدو تسكينها من غير آ لة فيستدلوا بذلك على انه خالقها ومالكها وأنه لايشبهها ولاتشبهه.

وقوله " وما خلق الله من شئ " يعني وينظروا فيما خلق الله تعالى من اصناف خلقه فيستدلوا بذلك على انه تعالى خالق جميع الاجسام وأنه أولى بالالهية من الاجسام المحدثة.

وقوله تعالى " وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم " معناه اولم يتفكروا

[45]

في ان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم، وهو اجل موتهم فيدعوهم ذلك إلى ان يحتاطوا لدينهم ولا نفسهم فيما يصيرون اليه بعد الموت من امور الاخرة ويزهدهم في الدنيا وفيما يطلبونه من فخرها وعزها وشرفها فيدعوهم ذلك إلى النظر في الامور التي أمرهم بالنظر فيها.

وقوله تعالى " فبأي حديث بعده يؤمنون " معناه بأي حديث بعد القرآن يؤمنون مع وضوح دلالته على أنه كلام الله إذ كان معجزا لايقدر أحد من البشر ان يأتي بمثله، وسماه حديثا لانه محدث غير قديم لان إثباته حديثا ينافي كونه قديما. وفي الاية دلالة على وجوب النظر وفساد التقليد، لان النظر المراد به الفكر دون نظر العين، لان البهائم ايضا تنظر بالعين، وكذلك الاطفال والمجانين، والفكر موقوف على العقلاء.

وقال الحسن وقتادة سبب نزول الاية ان النبي صلى الله عليه واله وقف على الصفا يدعوا قريشا فخذا فخذا، فيقول: يا بني فلان يا بني فلان يحذرهم بأس الله وعقابه، فقال قائلهم: إن صاحبكم لمجنون بأن يصوت على الصباح: فأنزل الله الاية.

والملكوت هو الملك الاعظم للمالك الذي ليس بمملك.

قوله تعالى: من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون(186)

آية.

قرأ أهل العراق " ويذرهم " بالياء، واسكن الراء منه حمزة والكسائي وخلف الباقون بالنون وضم الراء من قرأ بالنون قال لان الشرط من الله، فكأنه قال " من يضلل الله.. فنذرهم " ومن قرأ بالياء رده إلى اسم الله تعالى وتقديره الله يذرهم.

[46]

ومن ضم الراء قطعه عن الاول ولم يجعله جوابا.

ويجوز ان يكون أضمر المبتدأ وكان تقديره ونحن نذرهم، فيكون في موضع الجزم.

ويجوز أن يكون استأنف الفعل فيرفعه ومن جزمه فانه عطفه لى موضع الفاء وما بعدها من قوله " فلا هادي له " لان موضعه جزم، فحمل " ونذرهم " على الموضع، ومثله في الحمل على الموضع قوله تعالى " فأصدق وأكن "(1) لانه لو لم يلحق الفاء لقلت لولا أخرتني أصدق، لان معنى " لولا أخرتني "(2) أخرني أصدق. فحمل قوله تعالى " واكن " على الموضع.

ومعنى قوله " من يضلل الله فلا هاي له " اي يمتحنه الله فيضل عند امتحانه وأمره إياه بالطاعة والخير والرشاد " فلا هادي له " أي لايقدر أحد أن يأتيه بالهدى والبرهان بمثل الذي آتاه الله تعالى، ولا بما يقارنه أو يزيد عليه " ويذرهم في طغيانهم " بمعنى يخلي بينهم وبين ذلك، وترك اخراجه بالقسر والجبر، ومنعه إياه لطفه الذي يؤتيه من آمن واهتدى وقيل الوعظ.

والطغيان الغلو في الكفر، والعمه: التحير والتردد في الكفر.

ويحتمل ان يكون المراد من يضلل الله عن الجنة عقوبة على كفره فلا هادي له اليها وإن الله لايحول بين الكافر بل يتركه مع اختياره لان ما فعله من الزجر والوعيد كاف في ازاحة علة المكلف. وقيل معناه من حكم الله تعالى بضلاله وسماه ضالا بما فعله من الكفر والضلال فلا احد يقدر على إزالة هذا الاسم عنه ولا يوصف بالهداية، وكل ذلك واضح بحمد الله تعالى.

___________________________________

(1، 2) سورة 63 المنافقين آية 10

[47]

قوله تعالى: يسئلونك عن الساعة أيان مرسيها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والارض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لايعلمون(187)

آية بلا خلاف.

" أيان " معناه متى، وهي سؤال عن الزمان على وجه الظرف.

أخبر الله تعالى ان الكفار يسألون النبي صلى الله عليه واله عن الساعة، وهي القيامة " أيان مرساها " أي وقت قيامها وثباتها.

ومعنى " أيان " متى قال الراجز:

ايان تقضي حاجتي أيانا *** أما ترى لنججها إبانا(1)

و " مرساها " في موضع رفع بالابتداء، يقال: رسى يرسوا إذا ثبت فهو راس وجبال راسيات ثابتات، وارساها الله اي ثبتها.

وقيل معنى " مرساها " الوقت الذي يموت فيه جميع الخلق، ومعنى سؤالهم عنها اي متى وقوعها وكونها. فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله ان يجيبهم ويقول لهم " علمها عند الله " لم يطلع عليها احدا كما قال " إن الله عنده علم الساعة "(2) وقوله تعالى " لا يجليها لوقتها الا هو " اي لا يظهرها في وقتها إلا الله.

وقوله تعالى " ثقلت في السموات والارض " قيل في معناه قولان: احدهما - ثقل علمها على السماوات والارض ذهب اليه السدي وغيره. الثاني - ثقل وقوعها على اهل السموات والارض - ذكره بن جريج وغيره -. ثم اخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله بكيفية وقوعها فقال " لاتأتيكم إلا بغتة " يعني فجأة.

وقوله " يسألونك كأنك حفي عنها " قيل في معناه ثلاثة اقوال: احدها - ان معناه وتقديره حفي عنها يسألونك عن الساعة ووقتها كأنك عالم بها

___________________________________

(1) تفسير القرطبي 7 / 335 ومجاز القرآن 1 / 234 واللسان (ابن).

(2) سورة 31 لقمان آية 34.

[48]

وقيل: معناه كأنك فرح بسؤالهم عنها.

وقيل: معناه كأنك اكثرت السؤال عنها ذكره مجاهد.

يقال حفيف بفلان في المسألة إذا سألته سؤالا أظهرت فيه المحبة والبر، قال الشاعر:

سؤال حفي عن أخيه كأنه *** بذكرته وسنان او متواسن(1)

ويقال: احفى فلان بفلان في المسألة إذا اكثر عليه.

ويقال: حفيت الدابة تحفى حفا مقصورا إذا اكثر عليها الم المشي، والحفاء - ممدودا - المشي بغير نعل.

ثم امر الله نبيه ان يقول " إنما علمها عند الله " اي لا يعلمها إلا الله.

وقوله تعالى " ولكن اكثر الناس لايعلمون " معناه اكثر الناس لا يعلمون ان ذلك لا يعلمه إلا الله، ويظنون انه قد يعلمه الانبياء وغيرهم من خلقه.

وقال الجبائي معناه " لكن اكثر الناس لايعلمون " لم اخفى الله تعالى علم ذلك على التعيين على الخلق. والوجه فيه انه ازجر لهم عن معاصيه لانهم إذا جوزوا في كل وقت قيام الساعة وزوال التكليف كان ذلك صارفا لهم عن فعل القبيح خوفا من فوات وقت التوبة.

وقوله في اول الاية " قل إنما علمها عند ربي " يعني علم وقت قيامها.

وقوله في آخرها " قل إنما علمها عند الله " معناه علم كيفيتها وشرح هيئتها وتفصيل ما فيها لايعلمه إلا الله، فلا تكون تكرارا لغير فائدة.

وقال قتادة الذين سألوا عن ذلك قريش.

وقال ابن عباس: هم قوم من اليهود وقال الفراء: في الاية تقديم وتأخير وتقديرها يسألونك عنها كأنك حفي بهم.

قال الجبائي وفي الاية دليل علي بطلان قول الرافضة من أن الائمة معصومون منصوص عليهم واحدا بعد الاخر إلى يوم القيامة، لان على هذا لابد أن يعلم آخر الائمة أن القيامة تقوم بعده ويزول التكليف عن الخلق، وذلك خلاف قوله " قل إنما علمها عند الله ".

___________________________________

(1) قائله المعطل الهذلي. ديوانه 3 / 45 وتفسير الطبري 13 / 301 (طبعة دار المعارف) و 9 / 142 الطبعة الثانية.

[49]

وهذا الذي ذكره باطل لانه لا يمتنع أن يكون آخر الائمة آخر الائمة يعلم أنه لاإمام بعده وإن لم يعلم متى تقوم الساعة، لانه لايعلم متى يموت، فهو يجوز أن يكون موته عند قيام الساعة إذا أردنا بذلك انه وقت فناء الخلق.

وإن قلنا إن الساعة عبارة عن وقت قيام الناس في الحشر فقد زالت الشبهة، لانه إذا علم أنه يفنى الخلق بعده لا يعلم متى يحشر الخلق. على انه قد روي أن بعد موت آخر الائمة يزول التكليف لظهور اشراط الساعة وتواتر إماراتها نحو طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وغير ذلك، ومع ذلك فلا يعلم وقت قيام الساعة، ولهذا قال الحسن وجماعة من المفسرين: بادروا بالتوبة قبل ظهور الست: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدابة، وغير ذلك مما قدمناه فعلى هذا سقط السؤال.

قوله تعالى: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون(188)

آية بلا خلاف.

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله أن يقول للمكلفين إني " لااملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله " ان يملكني إياه فمشيئته تعالى في الاية واقعة على تمليك النفع والضر لا على النفع والضر، لانه لو كانت المشيئة إنما وقعت على النفع والضر كان الانسان يملك ما شاء الله من النفع، وكان يملك الامراض والاسقام وسائرها ما يفعله الله فيه مما لا يجدله عن نفسه دفعا.

ومعنى الاية إني املك ما يملكني الله من الاموال وما اشبهها مما يملكهم ويمكنهم من التصرف فيها على ما شاؤا، وكيف شاؤا. والضر الذي ملكهم الله إياه هو ما مكنهم منه من الاضرار بأنفسهم وغيرهم، ومن لم يملكه الله شيئا منه لم يملكه.

[50]

وذلك يفسد تأويل المجبرة الذين قالوا: معنى الاية إن الله يريد جميع ما ينال الناس من النفع والضرر وإن كان ظلما وجورا من أفعال عباده وقوله عزوجل " ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء " معناه إني لو كنت أعلم الغيب لعلمت ما يربح من التجارات في المستقبل وما يخسر من ذلك فكنت اشتري ما اربح واتجنب ما اخسر فيه، فتكثر بذلك الاموال والخيرات عندي، وكنت أعده في زمان الخصب لزمان الجدب " وما مسني السوء " يعني الفقر إذا فعلت ذلك.

وقيل: وما مسني تعذيب.

وقيل: وما مسني جنون جوابا لهم حين نسبوه إلى الجنون.

وقال ابن جريج " لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت " من العمل الصالح قبل حضور الاجل، وهو قول مجاهد وابن زيد.

وقال البلخي: لو كنت اعلم الغيب لكنت قديما، والقديم لايمسه السوء لان احدا لايعلم الغيب الا الله.

وفي الاية دلالة على ان القدرة قبل الفعل، لان قوله " لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير " يفيد أنه كان قادرا لانه لو لم تكن القدرة إلا مع الفعل لو علم الغيب لما امكنه الاستكثار من الخير وذلك خلاف الاية.

وقوله تعالى " إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون " معناه لست الا مخوفا من العقاب محذرا من المعاصي ومبشرا بالجنة حاثا عليها غير عالم بالغيب " لقوم يؤمنون " فيصدقون بما اقول، وخصهم بذلك لانهم الذين ينتفعون بانذاره وبشارته دون من لا يصدق به كما قال " هدى للمتقين ".

الآية: 190 - 206

قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشيها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين(189) فلما آتيهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتيهما فتعالى الله عما يشركون(190)

آيتان.

قرأ اهل المدينة وابوبكر وعكرمة والاعراج " شركا " بكسر الشين منونا الباقون بضم الشين على الجمع.

وقرا ابن يعمر " فمرت " بتخفيف الراء وهو شاذ.

قال ابوعلي الفارسي: من قرا " شركا " بكسر الشين منونا - حذف المضاف كأنه اراد جعلا له ذا شرك اي ذا نصيب او ذوي شرك، ويكون كقول من جمع فالقراء‌تان يؤلان إلى معنى واحد.

والضمير في قوله " له " يعود إلى اسم الله كأنه قال جعلا لله شركاء.

وقال ابوالحسن: كان ينبغي لمن قرأ بكسر الشين - أن يقول جعلا لغيره شركا.

وقول من قرا " جعلا له شركاء " يجوز ان يريد جعلا لغيره فيه شركاء.

فحذف المضاف، فالضمير على هذا ايضا في " له " راجع إلى الله تعالى.

وقال ابوعلي يجوز ان يكون الكلام على ظاهره، ولايقدر حذف المضاف في قوله تعالى " جعلا له " وانت تريد لغيره ولكن يقدر حذف المضاف إلى شرك فيكون المعنى جعلا له ذوي شرك، واذا جعلا له ذوي شرك كان في المعنى مثل لغيره شركا، فلا يحتاج إلى تقدير جعلا لغيره شركا.

قال ابوعلي: ويجوز ان يكون قوله تعالى " جعلا له شركاء " جعل احدهما له شركاء او ذوي شرك فحذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه كما حذف من قوله تعالى " لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " والمعنى على رجل واحد من احد رجلي القريتين. وحكى الازهري ان الشرك والشريك واحد ويكون بمعنى النصيب.

[52]

قوله " هو الذي " كناية عن الله تعالى وإخبار عن الذي خلق البشر من نفس واحدة وهي آدم وخلق منها زوجها يعي حواء. وقيل: انه خلقها من ضلع من اضلاعه وبين انه إنما خلقها ليسكن اليها آدم ويأنس بها.

وقوله " فلما تغشاها " معناه لما وطأها وجامعها. وقيل: تغشاها بدنوه بها لقضاء حاجة، فقضى حاجته منها " حملت " ففي الكلام حذف " حملت حملا خفيفا " لان الحمل اول ما يكون خفيفا، لانه الماء الذي يحصل في رحمها. والحمل - فتح الحاء ما كان في الجوف وكذلك ما كان على نخلة او شجرة فهو مفتوح. - وبكسر الحاء - ما كان من الثقل على الظهر.

وقوله تعالى " فمرت به " معناه استمرت به وقامت وقعدت وقيل: شكت له وآلمها ثقلها. ومن خفف الراء اراد شكت ومارت فلم تدر هي حامل ام لا.

وقال الحسن أغلاما ام جارية.

وقوله تعالى " فلما اثقلت " اي صارت ذات ثقل كما يقال اثمر اي صار ذا ثمر، وذلك قرب ولادتها. " دعوا الله ربهما " يعني آدم وحواء دعوا الله اي سألاه " لئن آتيتنا صالحا " اي لو أعطيتنا ولدا صالحا.

قال الحبائي: صالحا يعني سليما من الافات صحيح الحواس والالات.

وقال غيره: معنى صالحا مطيعا فاعلا للخير " لنكونن من الشاكرين " اي نكونن معترفين نعمك علينا نعمة بعد نعمة تسديها الينا.

وقوله عزوجل " فلما آتاهم صالحا " يعني فلما آتى الله آدم وحواء ولدا صالحا جعلا له شركاء، واختلفوا في الكناية إلى من ترجع في قوله " جعلا ": فقال قوم هي راجعة إلى الذكور والاناث من اولادهما او إلى جنسي من اشرك من نسلهما، وإن كانت الادلة تتعلق بهما. ويكون تقدير الكلام فلما آتى الله آدم وحواء الولد الصالح الذي تمنياه وطلباه جعل كفار اولادهما ذلك مضافا إلى غير

[53]

الله ويقوي ذلك قوله تعالى " فتعالى الله عما يشركون " فلو كانت الكناية عن آدم وحواء لقال عما يشركان. وإنما اراد تعالى الله عما يشرك هذان النوعان او الجنسان وجمعه على المعنى. وقد ينتقل الفصيح من خطاب إلى خطاب غيره. ومن كناية إلى غيرها.

قال الله تعالى " إنا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله "(1) فانصرف من مخاطبة الرسول إلى المرسل اليهم ثم قال " وتعزروه وتوقروه "(2) يعني الرسل ثم قال " وتسبحوه " يعني الله تعالى، قال الهذلي:

يالهف نفسي كان جده خالد *** وبياض وجهك للتراب الاعفر(3)

ولم يقل وبياض وجهه.

وقال كثير:

اسئ بنا او احسني لاملومة *** لدنيا ولا مقلية إن تقلت(4)

فخاطبها ثم ترك الخطاب.

وقال الاخر:

فدى لك ناقتي وجميع اهلي *** ومالي إنه منه آتاني

ولم يقل منك اتاني.

وليس لاحد ان يقول كيف يكني عمن لم يجر له ذكر، وذلك ان لنا عنه جوابين: احدهما - انه يجوز ذلك إذا دل الدليل عليه، كما قال " حتى توارت بالحجاب(5) ولم يتقدم للشمس ذكر.

وقال الشاعر:

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى *** إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر(6)

ولم يتقدم للنفس ذكر.

والجواب الثاني - انه تقدم ذكر ولد آدم في قوله " هو الذي خلقكم من نفس واحدة " واراد بذلك جميع ولد آدم، وتقدم ايضا في قوله " فلما آتاهما صالحا "

___________________________________

(1، 2) سورة 48 الفتح آية 8 - 9.

(3) مر هذا البيت في 1: 35 من هذا الكتاب.

(4) اللسان (سوأ).

(5) سورة 38 ص آية 32.

(6) اللسان (حشرج)

[54]

لان معناه ولدا صالحا، ويريد بذلك الجنس. وإن كان لفظه واحدا، وإذا تقدم مذكوران وعقبا بأمر لايليق بأحدهما وجب ان يضاف إلى الاخر، والشرك لايليق بآدم، لانه نبي نزهه الله عن ذلك، وعن جميع القبائح، ويلق بكفار ولده ونسله فوجب ان نرده اليهم.

وقال الزجاج وإبن الاخشاد: جعل من كل نفس زوجها كأنه قال: وجعل من النفس زوجها على طريق الجنس واضمر لتقدم الذكر.

وقال ابومسلم محمد بن بحر الاصفهاني: الكناية في جميع ذلك غير بآدم وحواء وجعل الهاء في " تغشاها " والكناية في " دعوا الله ربهما، وآتاهما صالحا " راجعين إلى من اشرك ولم يتعلق بآدم وحواء إلا قوله: " خلقكم من نفس واحدة " والاشارة بذلك إلى جميع الخلق.

وكذلك قوله " وجعل منها زوجها " ثم خص بها بعضهم، كما قال " هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة "(1) فخاطب الجماعة ثم خص راكب البحر، فكذلك اخبر الله تعالى عن جملة امر البشر بأنهم مخلوقون من نفس واحدة وزوجها وهما آدم وحواء ثم عاد الذكر إلى الذي سأل الله تعالى ما سأل فلما اعطاه إياه ادعى له الشركاء في عطيته.

وقال قوم: يجوز ان يكون عنى بقوله " هو الذي خلقكم من نفس واحدة " المشركين خصوصا، إذا كان كل بني آدم مخلوقون من نفس واحدة كأنه قال: خلق كل احد من نفس واحدة وخلق من النفس الواحدة زوجها، ومثله كثير نحو قوله عزوجل " فاجلدوهم ثمانين جلدة "(2) والمعنى فاجلدوا كل واحد منهم.

وقال قوم: ان الهاء في قوله: " جعلا له شركاء " راجعة إلى الولد لا إلى الله ويكون المعنى انهما طلبا من الله تعالى امثالا للولد الصالح فاشركابين الطلبتين، كما يقول القائل: طلبت مني درهما فلما اعطيتكه شركته بآخر أي طلبت آخر مضافا اليه، فعلى هذا

___________________________________

(1) سورة 10 يونس آية 22.

(2) سورة 24 النور آية 4

[55]

يجوز أن تكون الكناية من اول الكلام إلى آخره راجعة إلى آدم وحواء.

فان قيل: فعلى هذا فأي تعلق لقوله " فتعالى الله عما يشركون " بذلك. وكيف ينزه نفسه عن ان يطلب منه ولد آخر؟ ! قلنا: لم ينزه نفسه عن ذلك وإنما نزهها عن الاشراك به، ليس يمتنع ان يقطع هذا الكلام عن حكم الاول، لانه قال بعد ذلك " ايشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون " فنزه نفسه عن هذا الشرك دون ما تقدم. فأما الخبر المدعى في هذا الباب، فلا يلتفت اليه، لان الاخبار تبنى على ادلة العقول، فاذا علمنا بدليل العقل ان الانبياء لايجوز عليهم المعاصي تأولنا كل خبر يتضمن خلافه او ابطلناه، كما نفعل ذلك بأخبار الجبر والتشبيه. على ان هذا الخبر مطعون في سنده، لانه يرويه قتادة عن الحسن عن سمرة، وهو مرسل، لان الحسن لم يسمع من سمرة شيئا - في قول البغداديين - ولان الحسن قال بخلاف ذلك فيما روى عنه عروة - في قوله عزوجل " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما " قال هم المشركون.

ويعارض ذلك ما روي عن سعيد بن جبير وعكرمة والحسن وغيرهم: من ان الشرك غير منسوب إلى آدم وزوجته، وأن المراد به غيرهما على ان في الخبر اشركا إبليس اللعين فيما ولد لهما بأن سمياه عبد الحرث، والاية تقضي انهم اشركوا الاصنام التي لا تخلق وهي تخلق، والتي لاتستطيع ضرا ولانفعا وليس لابليس في الاية ذكر، ولو كان له ذكر لقال أتشركون من. وقال في آخر القصة " ألهم ارجل يمشون بها.. " وكذا، ولايليق ذلك بابليس. ويقوي ان الاية مصروفة عن ادم إلى ولده انه قال " فلما تغشاها " ولو كان منسوقا على النفس الواحدة لقال فلما تغشتها، لان ذلك هو الاجود والافصح وإن جاز خلافه.

وحكي البلخي عن قوم انهم قالوا: لو صح الخبر لم يكن في ذلك الا إشراكا في التسمية، وليس ذلك بكفر ولامعصية كبيرة، وذهب اليه كثير من المفسرين واختاره الطبري.

[56]

قوله تعالى: أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون(191) ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون(192) وإن تدعوهم إلى الهدى لايتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم إم أنتم صامتون(193)

ثلاث آيات

قرأ نافع " لا يتبعوكم " وفي الشعراء " يتبعهم " بالتخفيف. الباقون بالتشديد وهما لغتان، وبالتشديد اكثر.

قال ابوزيد تقول: رأيت القوم فأتبعتهم إتباعا إذا سبقوك فأسرعت نحوهم ومروا علي فاتبعتهم اتباعا إذا ذهبت معهم ولم يسبقوك، قال: وتبعتهم اتبعهم تبعا مثل ذلك.

وفي الاية توبيخ من الله وتعنيف للمشركين، وإن خرج مخرج الاستفهام، بأنهم يعبدون مع الله جمادا لايخلق شيئا من الاجسام ولا مايستحق به العبادة، وهم مع ذلك مخلوقون محدثون ولهم خالق خلقهم.

ونبههم بذلك على انه لاينبغي أن يعبد إلا من يقدر على إنشاء الاجسام واختراعها وخلق اصول النعم التي يستحق بها العبادة، وان ذلك لايقدر عليه إلا الله تعالى الذي ليس بجسم، والقادر لنفسه، ثم بين أن هذه الاشياء التي يعبدونها ويتخذونها آلهة واشركوا بها مع الله تعالى لاتقدر لمن عبدها واتخذها إلها على نفع ولا على ضر ولا أن ينصروهم، ولا ان ينصروا انفسهم إن اراد بهم غيرهم سواء، ومن هذه صورته فهو على غاية العجز، ولا يجوز أن يكون إلها. وإنما يجب ان يكون كذلك من يقدر على الضر والنفع ونصرة اوليائه.

[57]

وقوله تعالى " وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم " معناه إن الاصنام والاوثان التي كانوا يعبدونها ويتخذونها آلهة إن دعوها إلى الهدى والرشد لم يستمعوا ذلك، ولا تمكنوا من اتباعهم، لانها جمادات لا تفقه ولا تعقل - في قول ابي وغيره - وقال الحسن: ان ذلك راجع إلى قوم من المشركين قد عموا بالكفر فهم لايعلمون.

ثم قال " سواء عليكم ادعوتموهم ام انتم صامتون " يعني سواء عندها دعاؤها والسكوت عنها لكونها جمادا لاتعقل وإنما قال " أم انتم صامتون " ولم يقل أم صمتم ليكون في مقابلة " ادعوتموهم " فيفيد الماضي والحال لان المقابلة دلت على معنى الماضي، واللفظ يدل على معنى الحال، وعليه أكثر الكلام يقولون: سواء علي أقمت ام قعدت، ولا يقولون أقمت أم انت قاعد، قال الشاعر:

سواء إذا ما اصلح الله امرهم *** علينا ادثر ما لهم ام اصارم(1)

وانشد الكسائي:

سواء عليك النفر ام بت ليلة *** بأهل القبا من نمير بن عامر(2)

وانشد بعضهم: (ام انت بائت).

قوله تعالى: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين(194)

آية.

إنما قال " إن الذين " وهو يريد الاصنام، لانها لما كانت عندهم معبودة تنفع وتضر، جاز أن يكني عنها بما يكنى عن الحي، كما قال في موضع آخر " بل فعله كبيرهم

___________________________________

(1) معاني القرآن 1 / 401 " الدثر " المال الكثير. و " اصارم " جمع اصرام وهو الفريق القليل العدد ويقصد - هنا - الفريق من الابل. واصله اصاريم، وحذف الياء لضرورة الشعر.

(2) معاني القرآن 1 / 401. يريد النفر من منى.

[58]

هذا فأسلوهم "(1) ولم يقل فعله كبيرها فاسألوها، وقال " والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين "(2) لما أضاف السجود إليها جمعها بالواو والنون التي تختص بالعقلاء ومعنى " من دون الله " غير الله، كأنه قال كل مدعو إلها غير الله " عباد امثالكم " و " من " لابتداء الغاية في أن الدعاء دون دعاء الله إلى حيث انتهى إنما هو لعباد الله.

ثم قال " عباد أمثالكم " فانما سماها كذلك لان التعبد التذلل، فلما كانت الاصنام تنصرف على مشيئة الله، وهي غير ممتنعة عما يريد الله تعالى بها كانت بذلك في معنى العباد.

ويقال عبدت الطرق إذا وطئته حتى تقرر وسهل سلوكه.

ومنه قوله تعالى " وتلك نعمة تمنها علي ان عبدت بني اسرائيل "(3) اي ذللتهم واستخدمتهم ضروبا من الخدم.

وقال الجبائي وغيره: معنى " عباد " أي املاك لربهم كما انتم عبيد له، فان كنتم صادقين في ادعائكم انها آلهة فادعوهم ليستجيبوا لدعائكم. وهذه لام الامر على معنى التهجين كما قال " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "(4) فاذا لم يستجيبوا لكم، لانها لاتسمع دعاء‌كم فاعلموا انها لاتنفع ولا تضر ولا تستحق العبادة.

فأما من قال الاصنام تعبد الله على الحقيقة كما يعبد العقلاء، وان كنا لانفقه ذلك فقد تجاهل، لان العبادة ضرب من الشكر، والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم. والعبادة وان كانت شكرا فانه يقارنها خضوع وتذلل. وكل ذلك يستحيل من الجماد. ويحتمل من حيث انهم توهموا انها تضر وتنفع فقيل لهم ليس يخرج هؤلاء بذلك عن حكم الله تعالى.

وقال الحسن: معناه إنها مخلوقة امثالكم. والعبد المملوك من جنس ما يعقل، لان الثوب مملوك، ولا يسمى عبدا. وقيل الدعاء الاول في الاية تسميتهم الاصنام آلهة كأنه قال: " إن الذين تدعون "

___________________________________

(1) سورة 21 الانبياء آية 63.

(2) سورة 12 يوسف آية 4.

(3) سورة 26 الشعراء آية 22.

(4) سورة 27 النمل آية 64

[59]

آلهة من دون الله فاطلبوا منهم المنافع وكشف المضار، فاذا كان ذلك ميؤسا منها، فعبادتها جهل وسخف.

وقوله " إن كنتم صادقين " قال الحسن: معناه في أنهم آلهة.

قوله تعالى: ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاء‌كم ثم كيدون فلا تنظرون(195)

آية

قرأ ابوجعفر " يبطشون " ويبطش - بظم الطاء - حيث وقع. الباقون بكسرها. وهما لغتان، والكسر افصح واكثر.

وقرأ " كيدوني " بياء في الحالين الوقف والوصل الحلواني عن هشام ويعقوب وافقهما في الوصل أبوعمرو وابوجعفر واسماعيل والداحوني عن هشام. الباقون بغير ياء في الحالين.

و " تنظروني " بياء في الحالين عن يعقوب.

قال ابوعلي الفارسي: الفواصل وما أشبهها من الكلام التام تجري مجرى القوافي لاجتماعهما في أن الفاصلة آخر الاية، كما ان القافية آخر البيت وقد الزموا الحذف في هذا الباب في القوافي كقوله:

فهل يمنعن ارتيادي البلاد *** من قدر الموت أن يأتين

والياء التي هي لام الكلمة كذلك نحو قوله:

يلمس الاحلاس في منزله *** بيديه كاليهودي المصل(1)

أكد الله تعالى في هذه الاية الحجة على المشركين في انه لاينبغي لهم أن يعبدوا هذه الاصنام ولا يتخذونها آلهة، فقال " ألهم ارجل يمشون بها ". لان لفظه وإن

___________________________________

(1) قائله لبيد. اللسان " لمس " والاحلاس ملازمة المنزل وعدم التدخل بشؤون الدولة. و " المصل " بمعنى الخاسر الذي ليس له شئ في الامر.

[60]

كان لفظ الاستفهام، فالمراد به الانكار، اي ليس لهم ارجل يمشون بها ولالهم أيد يبطشون بها ولا اعين يبصرون بها ولا آذان يسمعون بها، فعرفهم بذلك انهم دون منزلتهم وأن الكفار مفضلون عليهم بما انعم الله عليهم من هذه الحواس التي لم تؤت الاصنام. واذا كنتم مفضلين عليها وكنتم أقدر على الاشياء وأعلم، فكيف يجوز لكم ان تتخذوها مع ذلك آلهة لانفسكم.

وقوله تعالى " قل ادعوا شركاء كم ثم كيدون فلا تنظرون " معناه ادعوا هذه الاوثان والاصنام التي تزعمون أنها آلهة وتشركونها في اموالكم فتجعلون لها حظأ من الاموال والمواشي وتوجهون عبادتكم الهيا اشركا بالله لها. واسألوها ان يضروني وان يكيدوني معكم، ولا تؤخروا ذلك إن قدروا عليه، ومتى لم يتمكنوا من ذلك فتبينوا انها لاتستحق العبادة، لانها في غاية الضعف والعجز.

قوله تعالى: إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين(196)

آية بلا خلاف.

روى ابن خنيس عن السوسي " ان ولي الله " بياء مشددة مفتوحة. الباقون بثلات ياء‌ات الاولى ساكنة والثانية مكسورة والثالثة مفتوحة - على الاضافة - ومن قرأ مشددا حذف الوسطى وادغم الاولى في الثالثة. ولا يجوز إدغام الثانية في الثالثة، لانها متحركة وقبلها ساكن لايمكن الادغام.

امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله ان يقول للمشركين " ان وليي الله الذي " يحفظني وينصرني ويحوطني ويدفع شرككم عني هو الله الذي خلقني وإياكم جميعا ويملكني ويملككم الذي نزل القرآن، وهو ينصر الصالحين الذين يطيعونه ويجتنبون معاصيه تارة بالحجة واخرى بالدفع عنهم.

[61]

قوله تعالى: والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون(197)

آية.

هذا عطف على الاية الاولى، فكأنه قال قل وليي الله القادر على نصرتي عليكم وعلى من اراد بي ضرا. والذين تتخذونهم انتم آلهة لايقدرون على ان ينصروكم ولا أن يدفعوا عنكم ضررا. ولا يقدرون ان ينصروا أنفسهم ايضا لو ان إنسانا اراد بهم سوء‌ا من كسر او غيره. وإنما كرر هذا المعنى لانه ذكره في الاية التي قبلها على وجه التقريع، وذكره ههنا على وجه الفرق بين صفة من تجوز له العبادة ممن لاتجوز، كأنه قال: إن ناصري الله ولا ناصر لكم ممن تعبدون. وانما قال تدعون من دونه وهم يدعونهم معه، لان معنى من دونه من غيره ومع ذلك فانه بمنزلة من افرد غيره بالعبادة في عظم الكفر والشرك.

قوله تعالى: وإن تدعوهم إلى الهدى لايسمعوا وتريهم ينظرون إليك وهم لايبصرون(198)

آية.

قال الفراء والزجاج: المعنى إن دعوتم هؤلاء الذين تعبدونهم من الاصنام إلى صلاح ومنافع لايسمعوا دعاء‌كم، وتراهم فاتحة اعينهم نحو كم على ما صور تموهم عليه من الصور، وهم مع ذلك لايبصرونكم.

قال الجبائي: جعل الله انفتاح عيونهم في مقابلتهم نظرا منهم اليهم مجازا، لان النظر حقيقة تقلب الحدقة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته وذلك لايتأتى في الجماد.

[62]

ويقال في اللغة: تناظر الحائطان إذا تقابلا وكل شئ قابل غيره يقال: نظر اليه.

وقال الحسن: المعنى وإن تدع يا محمد المشركين، فلم يجعل الكناية عن الاوثان وقال الرماني: الكناية عن الاوثان لانهم جعلوها تضر وتنفع، كما يكون ذلك فيما يعقل. وفي الاية دلالة على ان النظر غير الرؤية، لانه تعالى أثبت النظر ونفى الرؤية وقوله " وتراهم ينظرون اليك وهم لايبصرون " وجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه واله ولو كان امره بخطاب المشركين بمعنى قل لهم لقال وترونهم.

وقال السدي ومجاهد: اراد به المشركين، فعلى هذا يكون قوله " وإن تدعوهم " خطابا للنبي صلى الله عليه واله انه ن دعا المشركين إلى الهدى لا يسمعوا بمعنى لايقبلوا وهم يرونه ولا ينتفعون برويته.

قوله تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين(199)

آية

امر الله تعالى نبيه أن يأخذ مع الناس بالعفو، وهو التساهل فيما بينه وبينهم وقبول اليسير منهم الذي سهله عليهم ويسر فعله لهم، وان يترك الاستقصاء عليهم في ذلك، وهذا يكون في مطالبة الحقوق الواجبة لله تعالى وللناس وغيرها. وهو في معنى الخبر عن النبي صلى الله عليه واله " رحم الله سهل القضاء سهل الاقتضاء ". ولا ينافي ذلك ان لصاحب الحق والديون وغيرها استيفاء الحق وملازمة صاحبه حتى يستوفيه، لان ذلك مندوب إليه دون ان يكون واجبا. وقد يكون العفو في قبول العذر من المعتذر وترك المؤاخذة بالاساء‌ة.

وقوله " وامر بالعرف " يعني بالمعروف، وهو كل ما حسن في العقل فعله او في الشرع، ولم يكن منكرا ولا قبيحا عند العقلاء.

وقوله عزوجل " وأعرض عن الجاهلين " امر بالاعراض عن الجاهل: السفيه الذي إن كلمه سفه عليه وآذاه بكلامه. وأمره إذا أقام عليهم الحجة وبين بطلان

[63]

ما هم عليه من الكفر والمعاصي أن يعرض عنهم ولايجاوبهم في مكروه يسمعه، صيانة لنفسه عنهم.

وقال عطا العفو: الفضل.

وقال مجاهد: العفو من اخلاق الناس، وعفو أموالهم من غير تجسس عليهم.

وقال: ما عفا لك من أموالهم، وذلك قبل فرض الزكاة.

وقال السدي: نسخ ذلك بآية الزكاة وقال ابن زيد: امره بالاعراض عنهم ثم نسخ بقوله " واغلظ عليهم "(1).

وروي عن النبي صلى الله عليه واله في قوله: " وامر بالعرف " أن جبرائيل قال له معناه تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.

قوله تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم(200)

آية.

النزغ ادنى حركة تقول: نزغته اذا حركته. والمعنى ان نالك يا محمد من الشيطان ادنى حركة من معاندة وسوء عشرة " فاستعذ بالله " اي سل الله ان يعيذك، ويحفظك منه فانه سميع للمسموعات وعالم بالخفيات يسمع دعاء من يدعوه ويعلم دعاء‌ه وما يستحقه بذلك من الله.

والنزغ الفساد ايضا يقال: نزغ فلان بيننا اي افسد، ومنه قوله تعالى: " نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي "(2)

ونزع ينزع ونغز ينغز اذا افسد.

وموضع ينزغنك جزم ب‍ (إن) التي للجزاء الا انه لايبين فيه الاعراب، لانه مبني مع نون التأكيد على الفتح واذا كانت مشددة لابد من تحريك ما قبلها في الجزم لالتقاء الساكنين والنزغ الازعاج بالاغواء واكثر ما يكون ذلك عند الغضب واصل النزغ الازعاج بالحركة نزغته انزغه نزغا.

___________________________________

(1) سورة 9 التوبة آية 74 وسورة 66 التحريم آية 9.

(2) سورة 12 يوسف آية 100

[64]

قوله تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون(201)

آية بلا خلاف.

قرأ ابن كثير واهل البصرة والكسائي " طيف " بغير الف وبغير همز. الباقون بألف بعدها همزة.

قال الحسن: الطيف في كلام العرب اكثر من طائف.

وقال ابوزيد: طاف الرجل يطوف طوفا إذا اقبل وادبر واطاف يطوف طوفا إذا جعل مستدبر القوم ويأتيهم من نواحيهم. وطاف الخيال طيفا إذا ألم في المنام.

وقال ابوعبيدة: طيف من الشيطان بأن يلم به، لما يقال منه: طفت اطيف طيفا.

وقال قوم: الطائف ما أطاف بك من وسوسة الباطل. والطيف اللمم والمس.

وقال ابوعمرو ابن العلا: العطيف الوسوسة.

وحكى الرماني: ان الطيف اصله طوف من الواو مثل سيد وميت، فخفف، وانشد ابوعبيدة للاعشى في الالمام.

ونصبح عن غب السرى وكأنما *** ألم بها من طائف الجن اولق(1)

وكأن معنى الاية إذا مسهم من ينظر لهم نظرة من الشيطان.

ويكون طائف مثل العاقبة والعافية، مما جاء المصدر منه على فاعل وفاعلة، فالطيف اكثر لان المصدر على هذا الوزن اكثر منه على وزن فاعل، والطائف كالخاطر.

وقال الحسن معناه يطوف عليهم الشيطان بوساوسه، فيقبل بعض وحبه من يعصي الله.

وقوله " تذكروا " أي تذكروا ما عندهم من المخرج والتوبة " فاذا هم مبصرون " قد تابوا.

وقال مجاهد: هم المؤمنون إذا مسهم طيف أي غضب تذكروا.

وقال سعيد ابن جبير: هوالرجل يغضب الغضب فيذكر فيكظم غيظه.

وقال مجاهد: هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله تعالى فيتركه.

___________________________________

(1) ديوانه 147 ومجاز القرآن 1 / 236 واللسان " طيف "

[65]

اخبر الله تعالى بأن الذين يتقون الله باجتناب معاصيه إذا وسوس اليهم الشيطان واغراهم بمعاصيه تذكروا، فعرفوا ما عليهم من العقاب بذلك فيجتنبونه ويتركونه.

وقال مجاهد وسعيد بن جبير: الطيف الغضب.

وقال ابن عباس والسدي: هي الزلة التي إذا ارتكبها تاب منها.

و " اذا " الاولى بمنزلة الجزاء ولها جواب، والثانية بمعنى المفاجأة كقولك خرجت، فاذا زيد.

وقال ابن عباس الطيف النزغ.

وقال أبوعمرو بن العلا: الوسوسة.

وقال غيره هو المم.

قوله تعالى: وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لايقصرون(202)

آية.

قرئ " يمدونهم " بضم الياء وكسر الميم عن نافع. الباقون بفتح الياء وضم الميم ومعنى الاية أن إخوان الشياطين من الكفار يمدهم الشياطين في الغي، ومعناه يزيدونهم في الغواية، والاضلال، ويزينون لهم ما هم فيه. ثم اخبر ان هؤلاء مع ذلك " لايقصرون " كما يقصر الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان. وهو قول ابن عباس والسدي وابن جريج وابي علي، وأكثر المفسرين.

وقال مجاهد: هم إخوان المشركين من الشياطين.

وقال قتادة قوله " ثم لايقصرون " يعني الشياطين " لا يقصرون " عن استغوائهم ولا يرحمونهم. وقصرت واقصرت لغتان، والقراء‌ة على لغة اقصرت، ومن ضم الياء من " يمدونهم " فلقوله تعالى " إنما نمدهم به من مال وبنين "(1) وقوله عزوجل " وأمددناهم بفاكهة "(2) وقوله " اتمدونني بمال "(3) ومن فتح الياء فلقوله تعالى " ويمدهم في طغيانهم يعمهون "(4). وأمددت فيما يستحب، ومددت فيما يكره.

قال ابوزيد: امددت القائد بالجند وامددت الدواة وامددت القوم بالمال والرجال.

___________________________________

(1) سورة 23 المؤمنون آية 55.

(2) سورة 52 الطور آية 22.

(3) سورة 27 النمل آية 36.

(4) سورة 2 البقرة آية 15

[66]

وقال ابوعبيدة " يمدونهم في الغي " اي يزينون لهم يقال: مد له في غيه. هكذا يتكلمون به ووجه قراء‌ة نافع قوله تعالى " فبشرهم بعذاب أليم ".

قوله تعالى: وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون(203)

آية.

معنى الاية انك يا محمد إذا لم تأتهم بآية يقتر حونها، قالوا: لم لا تطلبها من الله فيأتينا بها.

وقوله " لولا " معناه هلا " اجتبيتها " معناه اختلقتها واقتلعتها من قبل نفسك في قول الزجاج، والفراء والحسن، والضحاك، وقتادة، وابن جريج، وابن زيد، وابن عباس.

وفي رواية أخرى عن ابن عباس وقتادة: معناه هلا اخذتها من ربك وتقبلتها منه. ويكون الاجتباء بمعنى الاختيار.

وقال الفراء: اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته إذا اقتعلته من قبل نفسك.

وقال ابوعبيدة: اخترعته مثل ذلك.

وقال ابوزيد: هذه الحروف تقولها العرب للكلام يبتدؤه الرجل لم يكن اعده قبل ذلك في نفسه. فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله أن يقول لهم إني لست آتي بالايات من عندي وإنما يفعلها الله ويظهرها على حسب ما يعلم من المصلحة في ذلك لا بحسب اقتراح الخلق، وإنما اتبع ما يوحي إلي.

وقوله " هذا بصائر من ربكم " يعني هذا القرآن حجج وبراهين وأدلة من ربكم. والبصائر جمع بصيرة، وهي البراهين الواضحة والحجج النيرة.

وتكون البصائر جمع بصيرة.

وهي طريق الدم.

والبصيرة الرأس ايضا.

وجمها بصائر، ومعناه ظهور الشئ وبيانه.

[67]

وإنما قال " هذا بصائر " لان المراد به القرآن، وقوله تعالى " وهدى " يعني بيان وحجة ورحمة لقوم يؤمنون، فأضافه اليهم لانهم هم المنتفعون بها، دون غيرهم من الكفار، وان كان بيانا للكل.

وقال الجبائي قوله " هذا بصائر " إشارة إلى الادلة الدالة على توحيده وصفاته وعدله وحكمته وصحة نبوة النبي وصحة ما أتى به النبي صلى الله عليه واله.

قوله تعالى: وإذا قرئ القران فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون(204)

آية بلا خلاف.

امر الله تعالى المكلفين بأنه إذا قرئ القرآن ان يسمعوا له ويصغوا إليه ليفهموا معانيه ويعتبروا بمواعظه وان ينصتوا لتلاوته ويتدبروه ولا يلغوا فيه ليرحمهم بذلك ربهم، وباعتبارهم به وإتعاضهم بمواعظه. واختلفوا في الوقت الذي أمروا بالانصات والاستماع: فقال قوم: امروا حال كون المصلي في الصلاة خلف الامام الذي يأتم به. وهو يسمع قراء‌ة الامام، فعليه أن ينصت ولا يقرأ ويتسمع لقراء‌ته.

ومنهم من قال: لانهم كانوا يتكلمون في صلاتهم ويسلم بعضهم على بعض، وإذا دخل داخل وهم في الصلاة قال لهم كم صليتم فيخبرونه وكان مباحا فنسخ ذلك، ذهب اليه عبدالله بن مسعود، وأبوهريرة والزهري وعطا عبيد الله بن أبي عمير ومجاهد وقتادة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والضحاك وابراهيم وعامر الشعبي وابن عباس وابن زيد، واختاره الجبائي.

وقال قوم: هو امر بالانصات للامام إذا قرأ القرآن في خطبته.

روي ذلك عن مجاهد.

[68]

وقال قوم: هو امر بذلك في الصلاة والخطبة. وروي ذلك عن مجاهد ايضا، والحسن.

واقوى الاقوال الاول. لانه لاحال يجب فيها الانصات لقراء‌ة القرآن إلا حال قراء‌ة الامام في الصلاة، فان على المأموم الانصات لذلك والاستماع له. فأما خارج الصلاة فلا خلاف أنه لايجب الانصات والاستماع. وعن أبى عبدالله عليه السلام انه في حال الصلات وغيرها. وذلك على وجه الاستحباب.

وقال الجبائي: يحتمل ان يكون اراد الاستماع إذا قرأ النبي صلى الله عليه واله عليهم ذلك، فانه كان فيهم من المنافقين من لا يستمع. والاول اكثر فائدة وأعم.

وقال الزجاج: يجوز أن يكون الامر بالاستماع للقرآن للعمل بما فيه وان لايتجاوزه كما تقول سمع الله لمن حمده بمعنى أجاب الله دعاه، لان الله سميع عليم. والانصات السكوت مع الاستماع، قال الطرماح يصف وحشا، وحذرها الصيادين:

يخافتن بعض المضغ من خشية الردى *** وينصتن للسمع إنصات القناقن(1)

والقناقن عراف الماء.

قوله تعالى: واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدوّ الاصال ولا تكن من الغافلين(205)

آية.

امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله أن يذكره على حال التضرع والمراد به الامة. ونصب " تضرعا " على الحال، وعلى وجه الخوف من عذابه، والخيفة هو الخوف ويكون دعاؤه خالصا لله ويفعل هذا الدعاء " بالغدو " وهو أول النهار، " والاصال " وهو جمع اصل. والاصل جمع الاصيل، فالاصال جمع الجمع وتصغيره أصيلال على بدل النون.

وقال قوم: هو جمع اصل، والاصل يقع على الواحد والجمع ومعناه

___________________________________

(1) اللسان (نصت)

[69]

العشيات، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس.

وقال ابن زيد: الخطاب متوجه إلى المستمع للقران إذا تلي ثم اكد توصيته له في الدعاء بقوله " ولا تكن من الغافلين " والمعنى لا تكن من الغافلين عما امرتك به من الدعاء له والذكر لله.

وقال الجبائي: في الاية دليل على ان الذين يرفعون اصواتهم بالدعاء ويجهرون بها مخطؤن على خلاف الصواب.

ومن قرأ " خفية " اراد اخف الدعاء واترك الاجهار، وهو تأكيد لما امر به من الدعاء إخفاء وقوله " ودون الجهر " يعني دعاء باللسان في خفاء الاجهار.

وقال قوم: الاية متوجهة إلى من أمر بالاستماع للقرآن والانصات له الذين كانوا اذا سمعوا القرآن رفعوا اصواتهم بالدعاء عند ذكر الجنة او النار - ذهب اليه ابن زيد ومجاهد وابن جريج، واختاره الطبري - والاولى ان يكون ذلك متوجها إلى النبي، والمراد به جميع الامة، فانه اكثر فائدة. وإنما امره بالذكر في النفس وإن كان لايقدر عليه العبد لامرين: أحدهما - ان المراد به التعرض للذكر من جهة الفكر، وهذا في الذكر المضاد للسهو الثاني - انه امر بالذكر الذي هو القول فيما يخفى كحديث النفس.

قوله تعالى: إن الذين عند ربك لايستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون(206)

آية

بين الله تعالى ان الذين عنده، وهم الملائكة، ومعناه انهم عنده بالمنزلة الجليلة لابقرب المسافة، لانه تعالى ليس في مكان ولا جهة فيقرب غيره منه، لان ذلك من صفات الاجسام، وهذا حث منه على الطاعة والاستكانة والخضوع له، لان الملائكة مع فضلها وارتفاع منزلتها إذا كانت لاتستكبر عن عبادته بل تسبحه دائما وتسجد

[70]

مثل ذلك فبنوا آدم بذلك اولى واحق ولهم أوجب والزم.

قال الجبائي معنى " عند ربك " إنهم في المكان الذي لايملك فيه الحكم بين الخلق سواه لانه ملك عباده الحكم في الارض على وجه حسن.

قال: ويجوز ان يكون المراد بذلك أنهم رسله الذين يبعثهم في أمور الانس، واذا كانوا رسله جاز أن ينسبهم إلى نفسه فيقول: إنهم عنده، كما يقال: عند الخليفة جيش كثير، ولا يراد به في مكانه، ولا بالقرب منه، وإنما يراد انهم اصحابه وإن كانوا متفرقين في البلاد.

وقال الزجاج: من قرب من رحمة الله وفضله فهو عند الله اي قريب من تفضله وإحسانه. وهذا اول سجدات القرآن، وهي - عندنا - مستحبة غير واجبة وفي ذلك خلاف بين الفقهاء ذكرناه في الخلاف.

وسبب نزول الاية ان قريشا لما قالت: وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا؟ ! نزلت هذه الاية.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335438

  • التاريخ : 28/03/2024 - 15:08

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net