• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : قصص الأنبياء (ع) .
                    • الموضوع : أحسن القصص / عناد الفراعنة واستكبارهم .

أحسن القصص / عناد الفراعنة واستكبارهم

أحسن القصص *

بسم الله الرّحمن الرّحيم

﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف: 111].

تعدّ القصّة مرآة للإنسان يستطيع من خلالها أن يرى مظهر الإيمان والكفر، والنّصر والهزيمة، والهناء والحرمان، والسّعادة والشّقاء، والعزّة والزّلّة، وهي تعرض تجارب المجتمعات السّابقة والرّجال العظام. وللقصّة فوائد عدّة منها:

أ ـ إيضاح أسس الدّعوة إلى الله تعالى.

ب ـ تثبيت القلوب على دين الله سبحانه وتعالى، وتقوية ثقة المؤمنين بنصره.

ج ـ تصديق الأنبياء السّابقين وإحياء ذكراهم.

د ـ إظهار صدق النّبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله) في دعوته.

هـ مقارعة أهل الكتاب بالحجّة فيما كتموه من البيّنات والهدى.

و ـ أخذ العبرة.

وفي النّهاية للقصص القرآنيّة فوائد كثيرة لما لها من أثر في التّربية والتّهذيب، ونفوذ إلى النّفس بسهولة ويسر، لا يملّ منها المستمع والقارئ أبدًا، وهذه الخطوة الأولى نحو التّعرّف على مفاهيم القرآن وتعاليمه وقيمه ومبادئه وتشريعاته وحِكمه وأهدافه وأسلوبه للتّدبّر والعمل به.

وقامت جمعيّة القرآن الكريم بتنظيم وتنقيح ومتابعة هذا الكتاب (أحسن القصص)، فارتأينا نشر بعض تلك القصص لتكون في خدمة أجيالنا ومجتمعنا، سائلين المولى سبحانه لنا ولهم الاستفادة بالتّدبّر والعمل. والحمد لله ربّ العالمين

عناد الفراعنة واستكبارهم

لمّا آمن السّحرة ورجع فرعون مغلوبًا وأبى هو وقومه إلاّ الإقامة على الكفر، قال هامان لفرعون: إنَّ النّاس قد آمنوا بموسى فانظر من دخل في دينه فاحبسه، فحبس كلّ من آمن به من بني إسرائيل فتابع الله عليهم بالآيات وأخذهم بالسّنين ونقص من الثّمرات، ثمّ بعث عليهم الطّوفان فضرب دورهم ومساكنهم حتّى خرجوا إلى البرّيّة وضربوا الخيام وامتلأت بيوت القبط ماءً ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة، وأقام الماء على وجه أرضهم لا يقدرون على أن يحرثوا، فقالوا لموسى: ادع لنا ربّك أن يكشف عنّا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربّه فكشف عنهم الطّوفان فلم يؤمنوا، وقال هامان لفرعون: لئن خلّيت بني إسرائيل غلبك موسى وأزال ملكك وأنبت الله لهم في تلك السّنة من الكلأ والزّرع والثّمر ما أعشبت به بلادهم وأخصبت، فقالوا: ما كان هذا الماء إلاّ نعمة علينا وخصبًا، فأنزل الله سبحانه عليهم في السّنة الثّانية وفي الشّهر الثّاني الجراد فجردت زروعهم وأشجارهم حتّى كانت تجرد شعورهم ولحاهم وتأكل الأبواب والثّياب والأمتعة وكانت لا تدخل بيوت بني إسرائيل ولا يصيبهم من ذلك شيء، فعجّوا وضجّوا وجزع فرعون من ذلك جزعًا شديدًا، وقال: يا موسى ادع لنا ربّك أن يكشف عنّا الجراد حتّى أخلّي عن بني إسرائيل، فدعا موسى (عليه السّلام) ربّه فكشف عنه الجراد بعدما أقام عليهم سبعة أيّام من السّبت إلى السّبت، وقيل إنّ موسى (عليه السّلام) برز إلى الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث جاءت حتّى كأن لم يكن قط، ولم يدَعْ هامان فرعون أن يخلّي عن بني إسرائيل، فأنزل الله تعالى عليهم في السّنة الثّالثة وفي الشّهر الثّالث القمل والجراد وهو الجراد الصّغار الّذي لا أجنحة له وهو شرّ ما يكون وأخبثه، فأتى على زروعهم كلّها واجتثّها من أصلها فذهبت زروعهم ولحس الأرض كلّها وقيل أمر موسى أن يمشي إلى كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى عين الشّمس، فأتاه فضربه بعصاه فانثال عليهم قملاً فكان يدخل بين ثوب أحدهم فيعضّه، وكان يأكل أحدهم الطّعام فيمتلئ قملاً، فكان الرّجل يخرج عشرة أجربة إلى الرّحى فلم يردّ منها ثلاثة أقفزة فلم يصابوا ببلاء كان أشدّ عليهم من القمل، وأخذت أشعارهم وأبشارهم وأشفار عيونهم وحواجبهم ولزمت جلودهم كأنّه الجدريّ عليهم ومنعتهم من النّوم والقرار، فصرخوا وصاحوا، فقال فرعون لموسى: أدع لنا ربّك لئن كشفت عنّا القمل لأكفّنّ عن بني إسرائيل، فدعا موسى (عليه السّلام) حتّى ذهب القمل بعدما قام عددهم سبعة أيّام من السّبت إلى السّبت، فنكثوا فأنزل الله عليهم في السّنة الرّابعة وفي الشّهر الرّابع الضّفادع فكانت تكون في طعامهم وشرابهم وامتلأت منها بيوتهم وأبنيتهم فلا يكشف أحد ثوبًا ولا إناءً ولا طعامًا ولا شرابًا إلاّ وجد فيه الضّفادع وكانت تثب في قدورهم فتفسد عليهم ما فيها، وكان الرّجل يجلس إلى ذقنه الضّفادع ويهمّ أن يتكلّم فيثب الضّفدع في فيه (فمه) ويفتح فاه لأَكْلَتِه فيسبق الضّفدع أَكْلَتَه إلى فيه، فلقوا منها أذى شديدًا، فلمّا رأوا ذلك بكوا وشكوا إلى موسى (عليه السّلام) وقالوا: هذه المرّة نتوب ولا نعود، فادع الله أن يُذْهِب عنّا الضّفادع فإنّا نؤمن بك ونرسل معك بني اسرائيل فأخذ عهودهم ومواثيقهم، ثمّ دعا ربّه فكشف عنهم الضّفادع بعدما أقام عليهم سبعًا من السّبت إلى السّبت، ثمّ نقضوا العهد وعادوا لكفرهم، فلمّا كانت السّنة الخامسة أرسل الله تعالى عليهم الدّم، فسال ماء النّيل عليهم دمًا، فكان القبطيّ يراه دمًا والإسرائيليّ يراه ماءً فإذا شربه الإسرائيلي كان ماءً وإذا شربه القبطيّ كان دمًا وكان القبطيّ يقول للإسرائيليّ خذ الماء في فيك وصبّه في فيّ فكان إذا صبّه في فم القبطيّ تحوّل دمًا، وإنَّ فرعون اعتراه العطش حتّى إنّه ليضطر إلى مضغ الأشجار الرّطبة فإذا مضغها يصير ماؤها في فيه دمًا فمكثوا في ذلك سبعة أيّام لا يأكلون إلاّ الدّم ولا يشربون إلاّ الدّم، فأتوا موسى (عليه السّلام)، فقالوا: ادع لنا ربّك يكشف عنّا هذا الدّم فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فلمّا دفع الله عنهم الدّم لم يؤمنوا ولم يخلّوا عن بني إسرائيل [1].

﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾[2].

______________________

(*) موقع: جمعيّة القرآن الكريم للتّوجيه والإرشاد، بتصرّف.

https://www.qurankarim.org

[1] تفسير مجمع البيان ج3، 3 ـ 4، ص 721 ـ 722.

[2] سورة الأعراف، الآيات: 133 ـ 134.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2490
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24