• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : العقائد في القرآن .
                    • الموضوع : الأصول الثلاثة والأخوة فی الدین .

الأصول الثلاثة والأخوة فی الدین

 محمد جواد مغنیة

إن‌ الاسلام بعقیدته وشریعته وسائر تعالیمه یعبر عن روح الفطرة الصافیة الخالصة‌ من‌ أعراض‌ التـربیة والمـحیط، فـمن أراد أن یثبت أصلا من أصول الاسلام، أو حكماً من أحكامه فلا‌ یضطر الی التكلف واستخدام الاشكال والاقیسة التـی لاتؤدي - فی الغالب‌ - الی الطمأنینة، وارتیاح‌ النفس، وقد رأینا أثرها فی تشویش الاذهان وتـشعب الاراء والمذاهب، لذا اكتفی القرآن الكـریم، فـیما یتعلق بالعقائد، بذكر الشواهد البدیهیة ترجع الشاك والذاهل الی فطرته الاولی.

ونذكر فی هذا المقام بعض ما جاء فی الكتاب العزیز شاهدا علی الاصول الثلاثة: الایمان بالله، ورسوله، والیوم الاخر، فنستدل علی وجـود الله سبحانه بما اعتبره هو دلیلا علی‌ وجوده،‌ وعلی نبوة محمد صلی الله علیه وآله وسلم، ویوم البعث بنفس الدلیل الذي خاطب الله به الجاحدین والمعاندین، وألزمهم به الحجة البالغة، واذا‌ لم‌ یقتنع المكابر بحجة الخالق، فـأولی أن لایـقتنع بقول المخلوق.

الاصل الاول:

الایمان بالله، والدلیل علیه الایة 19 من آل عمران: ﴿ان فی خلق السموات والارض واختلاف‌ اللیل‌ والنهار لایات لاولي الالباب﴾ ونقدم للقاریء المثل التالي، ومنه یتضح وجه الدلالة:

اذا رأیت حجراً ملقی فی الطریق بـصورة طـبیعیة، ولا أثر فیه الانسان، قلت‌ وجد‌ هذا‌ الحجر هنا صدقة، أما اذا‌ رأیت‌ حجراً‌ منحوتاً نحتاً فنیاً، ویرتكز علی الطین بصورة فنیة، فانك تقول: ان لهذا العمل فاعلا مریداً، لان عقلك لایتصور وجـود حـجر‌ كهذا‌ صدفة،‌ نحته، وامتزاج الكلس والرمل والماء‌ حتی‌ صارت طیناً، ثم تركیزه بشكل فنی، لایتصور عقلك أن ذلك كله حصل من باب التفاعل والمصادفات، فأولی أن یدل‌ احكام‌ الكون‌ ونظامه واتقانه عـلی وجـود خـالق عالم حكیم.

الاصل‌ الثاني:

نبوة محمد صـلی الله عـلیه وآله وسـلم، وتدل علیه الایة 23 من سورة البقرة ﴿وإن‌ كنتم فی ریب مما نزلنا علی عبدنا فأتوا بسورة من مثله،‌ وادعوا شهداءكم مـن دون الله ان كـنتم صـادقین، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار‌ التي‌ وقودها‌ النـاس والحـجارة أعدت للكافرین﴾.

وجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالی‌ طلب‌ من‌ الجاحدین أن یعارضوا بمثل سورة من القرآن الذی أنزله علی نبیه، وقرن هذا‌ التحدي بـالاستفزاز،‌ حـیث أكـد لهم أنهم لن یفعلوا أبداً، وفي هذا دلالة ثانیة تضاف الی‌ عـجزهم،‌ فقد حاولوا واجتهدوا، ولما عجزوا قالوا: ساحر ومجنون، وهو‌ جواب‌ العاجزین‌ والمكابرین فی كل عصر ومصر، هذا، وقـد عـاش مـحمد في قومه‌ عمراً‌ طویلا لم یعرفوا فیه الا الخیر والصدق والعزوف عن البـاطل، حـتی‌ لقبوه‌ بالصادق‌ الامین، ولاریب أن أعرف الناس بالانسان قومه وخلطاؤه الذین عاشروه صغیراً وكبیراً،‌ وساعة غضبه ورضـاه، وعـسره یسره.

الاصـل الثالث:

یوم القیامة، وتدل‌ علیه‌ الایة 5 من سورة الحج: ﴿یأیها الناس إن كنتم فـی ریـب مـن البعث فإنا خلقناكم‌ من‌ تراب‌ ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مـضغة مـخلقة وغـیر‌ مخلقة﴾.

خاطب الله سبحانه المرتابین بهذا الاسلوب البعید عن الاستعلاء والالزام، القریب الی كل قلب، فبعد‌ أن سـألهم هل داخلهم الشك لفت نظرهم الی انشائهم وابتداء خلقهم، وكیف‌ أوجدهم من العدم، وانـتهی بـهم الی نتیجة‌ لایسعهم‌ الا التسلیم بها والاذعان لها، هی‌ أن‌ من یقدر علی ایجاد المعدودات فـهو عـلی اعادة الموجوادت وجمعها بعد تفریق‌ أجزائها‌ أقدر، ابتدأ معهم من الخطوة‌ الاولی،‌ خـطوة الشـك،‌ وهـی‌ بدایة الحریة العقلیة، وانتهی بهم‌ الی‌ الیقین والطمأنینة.

العبادة:

إن هذه الاصول هی أركان العقیدة الاسلامیة، فمن‌ لم یـؤمن بواحد منها جهلا أو عناداً‌ فلیس بمسلم الا أنها‌ لیست‌ بكل شیء ما لم تـبرز‌ خـصائصها‌ وآثـارها فی عمل مجسم یكون انعكاساً للایمان باللهو ورسوله والیوم الاخر،‌ ولهذا الانعكاس الدیني مظاهر شـتی،‌ مـنها‌ العـبادة،‌ ویستقل الوحي‌ بتشریعها‌ وتحدیدها حكماً وموضوعاً،‌ ویفسدها العجب والریاء، وكل غرض مـن أعـراض الدنیا، ولاتصح الا بدافع‌ التقرب‌ والاخلاص لله تعالی، فهی له‌ وحده‌ سبحانه، لذا‌ قرنها‌ الله‌ فی كتابه بالایمان بـه،‌ بـل جعلها مع الاصول الثلاثة الفارق والممیز بین المسلم وغیر المسلم.

الاخوة فی‌ الدین:

حـدد الله سـبحانه الاخوة الدینیة فی‌ الایة‌ 11‌ من‌ سورة‌ التـوبة: ﴿فـإن تـابوا‌ وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فاخوانكم فی الدین﴾.

قـال المـفسرون: إن التوبة هنا ترك الشرك. اذن‌ الاخوة‌ فی‌ الدین لا تناط بالرجوع الی مذهب من‌ المـذاهب،‌ ولا‌ بـقول‌ فقیه‌ عظیم، وشیخ قدیم، ولا بـالاتفاق عـلی مسائل الزواج والطـلاق والارث والهـبة والبـیع والاجارة، ولا بجواز المسح علی الخفین، أو التـكتف‌ فـی الصلاة، وانما تناط بالایمان بالله ورسوله والیوم الاخر، واقام الصلاة وایتاء الزكاة.

و بـهذا: بـالاصول الثلاثة والعبادة تتحقق الجامعة الدینیة بـین كافة المسلمین، ومن‌ دخـلها كـان مسلماً، سواء أكان شرقیاً أم غـربیاً، عـربیاً أم أعجمیاً، سنیاً أم شیعیاً، ومن فرق بین اثنین من أبناء هذه الجامعة، وأقام بـینهما الحـواجز والحدود‌ فقد‌ صد عن سـبیل القـرآن، واتـبع خطوات الشیطان.

و بالتالی فـإن مـعنی التقریب بین المذاهب الاسـلامیة هـو اعلان هذه الحقیقة التی نطق بها‌ القرآن،‌ والدعوة الیها، والتنبیه‌ الی‌ أن أي قول أو فعل یـخالفها فـهو خطأ یضر بصالح الاسلام والمسلمین.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2141
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29