• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : الفرق بين علوم القرآن والتفسير .

الفرق بين علوم القرآن والتفسير

آية الله الشيخ محسن اراكي

التفسير  ‌‌‌فـي‌ اللغة: راجع  الى معنى الإظهار والكشف، واصله في اللّغة التفسرة، وهي القليل‌ من‌ الماء‌ الذي يـنظر فـيه الأطـبّاء، فكما انّ الطبيب بالنظر فيه يكشف عن علة المريض، فكذلك المفسّر‌ يكشف عن شأن الآيـة وقصصها ومعناها والسبب الذي أنزلت فيه»‌ [البرهان فـي عـلوم القرآن للزركشي 2:147] .

فيكون معنى التفسير‌ اصطلاحاً:‌ علم يعرف به فهم كـتاب اللّه المنزل على نبيه مـحمّد صـلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وبيان معانيه، واستخراج احكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللّغة،‌ والنحو، والتصريف، وعلم البيان، واصول الفقه والقراءات، ويحتاج لمعرفة اسباب النزول والناسخ والمنسوخ» [البرهان فـي عـلوم القرآن للزركشي 1:13].

ويقول الإمام البلاغي، في معرض بيان الحـاجة الى التفسير،‌ ان للحاجة اليه مقامات، نذكر منها ثلاثة مقامات-تعيننا في فهم دور علم التفسير في البحوث القرآنية، والفارق بينه وبين علوم القرآن- وإليك فيما يلي ملخّصها:

المقام الأوّل: في مفردات‌ ألفاظه،‌ وبيان معناها بالعربية فـيرجع فـي التفسير لمفردات ألفاظه الى ما يحصل به الاطمئنان والوثوق، من مزاولة علم اللغة العربية، والتدبّر في موارد استعمالها في كلام العرب».

المقام الثاني: يحتوي‌ القرآن على أرقى أنحاء البلاغة العربية، وتفنّنها بمحاسن المجاز والاسـتعارة والكناية وغـيرها مما كان مأنوس الفهم، في عصر النزول، غير ان عوامل تاريخية ادّت الى اختلاط‌ الامم‌ الأخرى‌ بالعرب، فتغير اسلوب الكلام العربي‌ في‌ عامة‌ الناس، فعاد ذلك لدى العامّة يحتاج في معرفته الى التعلّم والتدرّب.

فالحاجة الى التفسير الكـشف عـن هذه الاسرار والنكت البلاغية‌ المستعملة‌ في‌ القرآن».

المقام الثالث: في معرفة شأن النزول، فقد جاء في‌ القرآن‌ شي‌ء كثير من الالفاظ العامة التي يراد بها الخاص، أو التي هي نصّ في خاصّ، باعتبار نـزولها فـي شـأنه وغير‌ ذلك‌ مما كان مـعروفاً فـي عـصر نزوله، ثم صارت اسباب الخفاء‌ تختلسه شيئاً فشيئاً وتجعل ضدّه».

والمفزع في تفسير ذلك هو ما يحصل به العلم من اجماع المسلمين‌ فـي‌ الروايـة‌ للتـفسير، أو في الرواية عن الرّسول في الدلالة على من يـفزع‌ إليـه‌ بعده في تفسير كتاب اللّه كحديث الثقلين المتواتر القطعي بين الفريقين.

«اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه‌ وعترتي‌ اهل بيتي، لن يفترقا حـتى يـردا عـلي الحوض».

من كل هذه‌ النصوص‌ اتضح‌ لنا ان التفسير هو تناول النـصّ القرآني ومحاولة فهم الآية على وجهها، واستكشاف‌ المقاصد‌ القرآنية من خلال الآيات والنّصوص.

ولكن علوم القرآن لا تتناول النصّ القـرآني بـالبحث‌ المـباشر،‌ فليس علم القرآن محاولة فهم لمفردات الآيات القرآنية وتفاصيلها.

وانما علوم القـرآن «مجموعة‌ البـحوث‌ القرآنية‌ العامة التي لا يستغني عنها الباحث القرآني في درك معاني آيات الكتاب وفهم‌ حقائقها».

والمثال على ذلك فكرة المـتشابه والمـحكم فـإن عالم القرآن يتناول بحث المتشابه‌ والمحكم،‌ باعتباره ظاهرة قرآنية تستوجب البحث والتـحقيق ليـعلم حـقيقة المحكم والمتشابه وماهيتهما ثم‌ آثارهما‌ واحكامهما.

فليس هذا تناولاً لآية قرآنية مخصوصة، ولا يدور البحث حول نـصّ‌ قـرآني‌ مـعيّن،‌ وإنما موضوع البحث ظاهرة قرآنية عامّة، يتوقف على تحليلها وتحقيقها البحث التفسيري.

ومن‌ هنا‌ تـدرك‌ العـلاقة الوثقى بين البحث التفسيري وعلوم القرآن فعلوم القرآن هي التي ترفع‌ عن‌ الباحث التفسيري مـؤونة الجـهد والتـحقيق عن مثل هذه الظاهرة «المحكم والمتشابه» وتمهّد له الأرضية الكافية‌ في‌ مجال فهم المفردات القرآنية والنصوص.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2108
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24