• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : مؤلفات الدار ونتاجاتها .
              • القسم الفرعي : الترجمة .
                    • الموضوع : الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الخامس ـ .

الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الخامس ـ

مكونات دافع الحب الإلهي(*)

ـ القسم الخامس ـ

بقلم: الدكتور محمد حسين خليلي

ترجمة بتصرّف: عباس الجعفري / القسم الثقافي للدار

تطرّقنا في القسم الرابع من البحث إلى علاقة الحب مع المنطق الديني، وفي هذا القسم الخامس وهو القسم الأخير من البحث نتعرّض إلى مكوّنات دافع الحب الإلهي.

1. الخير والكمال

إنّ الله سبحانه وتعالى هو الكامل وهو موجد جميع الكمالات، وكماله كعين ذاته لا نهاية له.

يقول السيّد الطباطبائي في هذا الشأن: «إن الله سبحانه أهل للحب بأي جهة فرضت فإنه تعالى في نفسه موجود ذو كمال غير متناه وأي كمال فرض غيره فهو متناه والمتناهي متعلق الوجود بغير المتناهي و أي كمال فرض غيره فهو متناه، والمتناهي متعلق الوجود بغير المتناهي وهذا حب ذاتي مستحيل الارتفاع، وهو تعالى خالق لنا منعم علينا بنعم غير متناهية العدة والمدة فنحبه كما نحب كل منعم لانعامه» [تفسير الميزان، ج 1، ص‌411].

بعض الصفات الإلهية في القرآن

ينعت القرآن الكريم الباري عز وجل بأبلغ النعوت وأتمّها، فعدّ الخير والفضل والكمال كلّه لله تعالى فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [ فاطر: 15]، ويذكر أنّ الله فوق ما يتوهّمه المتوهّمون ولا يمكن لأحد أن يحيط بجلاله وجماله، فيقول: ﴿فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ [طه: 114]، ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الزمر: 44]، ﴿هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[الحشر: 24]، ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: 23]، ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر: 60]، ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ [البقرة: 115]، ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [سورة ق: 16].

2. الحسن والجمال

يُعدّ الحسن والجمال من الأسباب التي تدعو إلى الحب الالهي: «الله جميل ويحب الجمال» [كنز العمال: 17168]، ويرى الحكماء أنّ الجمال يخلق في الإنسان حالةً من السرور والرضا.

3. الإنعام والإحسان

من الدوافع الأخرى للحب الإلهي إحسان الله تبارك وتعالى ونعمه لكافة الخلائق ومن ضمنها الإنسان ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا﴾. [سورة النحل: 18]

يعرّف القرآن الكريم الله سبحانه وتعالى بأجمل التعاريف وأدقّها وأبلغها، فيقول بأنّ الله رحمان رحيم، وهاتين الصفتين قد تجلّتا في القرآن تجلياً واضحاً، بحيث بدأت جميع سوره بـ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، كما أنّ الله سبحانه قد فرض على نفسه الرحمة ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [سورة الأنعام: 12].

أمّا الإحسان فقد بيّن معناه الرسول الكريم (ص) بقوله: «ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك» [راجع بحار الأنوار، ج 66، ص 203]، فمعنى الإحسان ـ إذاً ـ أن يعبد الإنسان المحسن، الله تعالى كأنما يراه شاهداً وناظراً عليه، وبعد ذلك سينظر العبد إلى الجمال الالهي.

يقول عبد الرزاق الكاشاني مستنداً إلى الآية ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [سورة الرحمن: 60] أنّ الإحسان اسم جامع لأبواب الحقائق ويشمل العبادات والمعاملات التي هي أبواب الحقائق، ومَن لم يكن الإحسان مبدأه في سيره وسلوكه؛ فلا تفتح أبواب الحقائق أمامه ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾.[سورة النساء: 125]

يعتقد علماء الأخلاق والحكمة والعرفان أنّ الإحسان أحد أسباب المحبّة، كما ينقل عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: «سبب المحبة الإحسان»، ويرون أيضاً أنّ فطرة الإنسان قد جبلت على محبة من أحسن إليها «الإنسان مجبول على حب من أحسن اليه»، و«الإنسان عبد الإحسان». [ميزان الحكمة، ج 1، باب 864، ص 641، ح 3992]

وقد أكّدت الروايات على ضرورة التذكير بالنعم الإلهية التي يعبّر عنها البعض بأنها سياط المحبة الإلهية.

عن النبي (ص) أنّه قال: قال الله عز وجل لداود (ع): أحبني وحببني إلى خلقي، قال: يا رب نعم أنا أحبك فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: اذكر أيادي عندهم فإنك إذا ذكرت ذلك لهم أحبوني. [بحار الانوار، ج 14، ص‌38]

وقريب منه ما رُوي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: «أوحى الله تعالى إلى موسى (ع): أحببني وحببني إلى خلقي، قال موسى: يا رب إنك لتعلم أنه ليس أحد أحب إلي منك، فكيف لي ربي بقلوب العباد؟ فأوحى الله تعالى إليه: فذكرهم نعمتي وآلائي، فإنهم لا يذكرون مني إلا خيراً» [ميزان الحكمة، ج 1، ص 511].

  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقتبس من كتاب: مقام محبت الهى از منظر حكمت و عرفان نظرى و عملى «مقام الحب الإلهي في الحكمة والعرفان النظري والعملي» (بالفارسية)، الدكتور محمد حسين خليلي.

------------------------------

مقالات مرتبطة:

  الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الرابع ـ

 الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الثاني ـ

 الحب الإلهي في الكتاب والسنة (*) ـ القسم الأول ـ

  


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2035
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19