• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : الشبهات التي يطرحها المستشرقون والردود عليها .

الشبهات التي يطرحها المستشرقون والردود عليها

المحاضرة القرآنية(4)

سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد

ملخص هذه المحاضرة يدور حول بعض الشبهات التي يطرحها المستشرقون والردود عليها..

الرد على شبهات المستشرقين

شبهات المستشرقين دائرة حول ما يلي :

1 ـ  أن لم يكف هؤلاء عن التهجم على لقرآن الكريم يبحثون عما يظنون أنه ثغرات ومن ذلك الفروق التي ذكرها العلماء القرآنيون بين السور المكية والمدنية فقالوا مسممين للعقول أن السورة المكية تمتاز بالشدة والعنف مثل سورة المسد و العصر و التكاثر  وبعضها يشتمل على السباب مما يدل على أن النبي صلى الله عليه واله وسلم  كان يتأثر  بالطبيعة في مكة حيث كان  أصحابها أهل غلظة وشدة فجاء لهم بآيات بها شدة وعنف، ثم تغير أسلوبه في المدينة لأن أهل المدينة أكثر تحضرا وثقافة فأثر ذلك في أسلوب النبي وتطور فأصبح يمتاز باللين والخفة وهكذا يكون القرآن بشريا صرفا لاخبر جاء ولا وحي نزل!!!.

2 ـ أن السور المكية تمتاز بقصرها و يرجع السبب في نظرهم أنه لم تكن لدى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مكة القدرة والاستطاعة التي تمكنه من وضع  سور أو آيات طويلة بسبب تأثره صلى الله عليه وآله وسلم بمجتمع مكة  ثم تطور أسلوبه حينما ذهب إلى المدينة وبدأ يضع آيات وسور طويلة تأثراً بأهل الكتاب .

3 ـ  أن السور المكية لم تتناول التشريع ولا في مادته الأحكام الفقهية والمسائل المختلفة في الدين . ثم تغير ذلك في المدينة حيث تناول الأحكام والمسائل الفقهية تأكيداً منهم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لازال يتأثر  بأهل الكتاب  .

4ـ أن السور المكية لم تتناول الأدلة و البراهين مما يدل أنها كانت عاجزة بسبب تأثر النبي صلى الله عليه وآله بثقافة المجتمع الذي كان فيه .

رد على هذه الشبهات نقول ما يلي :

 1ــ أما حجتهم أن السور المكية فقط تمتاز بالشدة فهي عارية من الصحة وليس لها قيمة علمية بدليل أن بعض الآيات المدنية تمتاز بالشدة والعنف مثال قال تعالى في سورة البقرة آية 24 {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} وكذلك سورة آل عمران آية 10 قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} 3/10 {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} على الرغم أنها مدينة . كما أن بعض آيات السور المكية خرجت بطابع السماحة في جملة من الآيات المكية، وأما احتجاجهم بأن السور المكية تشتمل على السباب فيمكن أن نتنظر فيه من جهتين الأولى: أن الله عز وجل نهى عن السب ففي سورة الأنعام وهي مكية قال تعالى {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}.

أما احتجاجهم بسورة المسد أو التكاثر نقول أنها لم تشتمل على سباب وإنما اشتملت على مصير أبي لهب الذي سينتهي إليه وليس بها سب أو شتم .

2ـــ رداً على الشبة الثانية بخصوص قصر السور المكية.

نقول هذا شيء لم يقتصر على السور المكية  بل هناك آيات مكية تمتاز بطول سورها مثل سورة الأنعام و الأعراف  كما أن هناك بعض السور مدنية وهي واضحة القصر مثل سورة النصر والزلزلة و البينة كما أن السور المدنية التي تمتاز بالطول و العمق والسعة تشتمل على آيات مكية ونفس الاشتمال دليل على التوائم بين ما هو مدني وماه مكي وأن تغير المرحلة لم يغير شيئا خلافا لما يدعون..

وكذلك العكس بالعكس في السور المكية. أما إذا قلنا بأن السور المكية قصيرة وهذا أسلوب شائع فقط نجد لهذا القول موضوعية لأن التحدي بالسور  كان في مكة وليس في المدينة . و التحدي إذا كان  بالسورة القصيرة كان أبلغ في الحجة وأكثر تأثيراً على المشركين .

3 ــ  رداً على هذه الشبة نقول:

أن هذه الدعوة ليست صادقة ولذ نقول أن القسم المكي لم يغفل جانب التشريع و الدليل على ذلك آيات مكية في سورة الأنعام تتحدث عن الأحكام كما في آية (101 ) {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} كذلك هناك أحكام أهل الكتاب  وردت في السور المكية مع أنه لم يعاشر الرسول صلى الله عليه وآله أهل الكتاب دليل على ذلك أية (119 ) من سورة الأنعام قال تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} وكذلك من نفس السورة آية ( 132 ) {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}.

 4 ــ ونقول رداً على هذه الشبهة أن كثيراً من الآيات المكية تحدثت عن الكون والحياة والإنسان مما يدلل أن القرآن ليس عاجزا بسبب وجوده في المجتمع المتخلف وقبل أن يختلط النبي صلى الله عليه وآله بأهل الكتاب في المدينة . كما أنا الحديث عن التشريع في الأحكام في مكة سابق لأوانه لأن الدعوة تأتي من الأهم فالأهم أي كانت تعلم الناس أولًا توحيد الله سبحانه وعبادته وحده لا شريك له فالإسلام لم يتسلم زمام الحكم كي تنزل الشرائع والأحكام فكان سابق لأوانه الحديث عن التشريع وهو في بداية الدعوة .

 كما أنهم يقولون القرآن لم يتناول الأدلة والبراهين في السور المكية نقول هذا الكلام غير مقبول لماذا؟

لأن القسم المكي لم يخلوا من الأدلة والبراهين بل أقوى الحجج والبراهين جاءت على لسان نبينا إبراهيم الخليل عليه السلام مع قومه وهي سورة مكية في سورة الأنعام . أيضاً تحدثت الآيات المكية عن العلوم الغيبية في البعث وغيرها كما في سورة (ق ) آية 9 قال تعالى {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} وقال تعالى في نفس السورة آية 11 {رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} . وبشكل موضوعي نقول لم يفصل القرآن في بعض الأمور لأنه كتاب هداية وتزكية وليس كتاب علمي . وربما يشير لبعض المسائل العلمية أو يتصدى لبعض المعاجز ليقوي الهداية في قلوب الناس وهذا هو هدف القرآن الكريم.

والحمد لله رب العالمين

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=175
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24