• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : علوم القرآن الكريم .
                    • الموضوع : الرسم القرآني مقاربة فقهية .

الرسم القرآني مقاربة فقهية

الشيخ حميد البغدادي

من المتعارف ان الخط القراني (الرسم القراني) الموجود في المصاحف المنتشرة بين المسلمين يختلف عن الرسم الاملائي المتعارف.

الرسم القرآني في الاصطلاح هو الرسم المخصوص الذي كتبت به حروف القرآن وكلماته ـ و ليس المقصود منه نوعية خط الكتابة سواء نسخ أو كوفي أو غيره ـ أثناء كتابة القرآن الكريم بين يدي النبي صلى الله عليه واله وسلم(1).

أنواع الكتابة (الخط القرآني والخط الإملائي):

1ـ الكتابة الإملائية (الرسم القياسي): وهي تصوير وكتابة الكلمة بحروف هجائها كما تلفظ ، مع الأخذ بعين الاعتبار حالتي الابتداء بها والوقف عليها.

2ـ الكتابة القرآنية (الرسم التوقيفي): الرسم الذي كُتبت به المصاحف حيث يتم فيها الاقتداء بالرسم الذي كتب به في زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم(2) .

وخالف الرسم القرآني الرسم القياسي من بعض الوجوه، ومثال ذلك قوله تعالى: {الصلوة}، {الزكوة}، {الحيوة}، و الأصل (الصلاة)، و(الزكاة)، و(الحياة) (3).

موقف العلماء من الرسم القرآني

أثارت هذه الظواهر التي جاءت في الرسم القرآني مخالفة لقواعد الرسم الإملائي خلافا بين العلماء من العامة فاختلفوا في ذلك على اتجاهين:

الاتجاه الأول: أن رسم المصحف توقيفي لا يجوز تغييره، وتحرم مخالفته، شأنه في ذلك شأن ترتيب سور القرآن وآياته، لا يجوز لنا أن نقدم أو نؤخر منها شيئا.

الاتجاه الثاني: أن رسم القرآن ليس توقيفيا، وأنه لا مانع من تغيير الرسم حسبما تقتضيه قواعد الرسم الحديثة.

هذا الاتجاه يرى أن الاختلاف في كتابة المصاحف بظواهره السابقة الذكر كان ناشئا عن جهل الصحابة آنذاك بقواعد الخط(4).

مع الإبقاء على الرسم العثماني والمحافظة عليه للعلماء والخاصة، كأثر من الآثار النفيسة التي حافظت عليها الأجيال المتعاقبة.

الرأي طبقا لمذهب أهل البيت عليهم السلام

الوجوب وغيره من الاحكام الشرعية والتي لا يصح اطلاقها الا بدليل شرعي ولا دليل شرعي على القول بوجوب متابعة الرسم القرآني، وحرمة مخالفته.

وعمل الصحابة والتزامهم فليس بدليل شرعي لما نؤمن به من عدم حجية عمل الصحابة أو قولهم.

الاستدلال بالتقرير

 نعم  يمكن الاستدلال بالتقرير على الجواز حيث لم يصدر من الأئمة عليهم السلام ما يدل على المنع ـ خصوصا ان المصاحف كانت منتشرة في زمنهم عليهم السلام مما يستدعي النهي أو الاعتراض لأن ذلك يؤثر على غرض الامام عليه السلام من الحفاظ على الشريعة وعدم دخول ما يخالفها فيها، خصوصا مع توهم نسبتها للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله ـ لكن ذلك لم ينعكس على الروايات، وهذا يعني عدم الحرمة وجواز العمل.

وهل يمكن الاستدلال على أرجحية إتباع ذلك؟

 يصعب ذلك، واقصى ما يمكن الاستدلال عليه مايلي:

دعوى استفادة ذلك من الروايات التي تأمر بقراءة القران كما يقرأ الناس (5) وهذه الإحالة وان انصبت على القراءة ابتداءا  ولكنها بالنهاية تشمل ـ ولو عرفا ـ الاستفادة من الطرق المتعارفة آنذاك من الكتابة، والتعامل مع المصاحف المتوفرة حينها، خصوصا مع علمنا بأن المصاحف في وقتها خطية بأجمعها، والله العالم.

وننبه اخيرا على ان  الرسم القراني المختلف لا يؤدي إلى الإخلال بالنص القرآني الذي هو كلام الله جل وعلا؛ لأن التلفظ إنما يكون طبقا للرسم الاملائي كما انه لا يؤثر على الاستدلال او النفسير .

ــــــــــــ

(1) ويطلق عليه أيضا الرسم العثماني لجمعه المصاحف وتوحيدها في زمنه.

(2) وهناك نوع آخر من الكتابة وهو الكتابة العروضية ، ولم نذكرها لأن استعمالها خاص وليس بشائع، و الكتابة العروضية : يتم فيها كتابة كل ما يتلفظ به المتكلم، وإسقاط كل ما يحذفه، وعبر عنه الزركشي بأنه خط جرى على ما أثبته اللفظ وإسقاط ما حذفه؛وهو خط العروض، فيكتبون التنوين ويحذفون همزة الوصل.

(3) خالف الرسم القرآني الرسم القياسي من بعض الوجوه، أهمها خمسة: الوجه الأول ( الحذف)، الوجه الثاني (الزيادة)، الوجه الثالث (الهمز) ، الوجه الرابع (البدل) ، الوجه الخامس (الفصل والوصل)، و قد ذكرها كل من أبي عمرو الداني في كتابه ( المقنع ) و السيوطي في كتبه ( الإتقان في علوم القرآن ).

(4) ذكر ذلك ابن خلدون، راجع: مقدمة ابن خلدون ص 419.

(5) وردت بتعبيرات مختلفة، ففي بعضها: "اقرأوا كما علمتم" وفي آخر: "اقرأوا كما تعلمتم" وفي ثالث - حينما ذكر الراوي أنه يسمع حروفا من القرآن ليست على ما يقرأ الناس، قال له الإمام عليه السلام -: "اقرأ كما يقرأ الناس".وسائل الشيعة: ج 4 ص 821 ب 74 من أبواب القراءة ح 3 و 2 و 1.

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1623
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 01 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19