00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الزمر  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1078 ]

سورة الزمر [ مكية، وهي خمس وسبعون آية ] (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم). (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين) من الشرك والرياء. (ألا لله الدين الخالص) لأنه المتفرد بالألوهية، والاطلاع على الضمائر (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) بإضمار القول (إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون) من أمور الدين (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار). (لو أراد الله أن يتخذ ولدا) كما زعموا ونسبوا إليه الملائكة والمسيح وعزير (لاصطفى): لاختار (مما يخلق ما يشاء) قيل: يعني ما كان اتخاذه الولد باختيارهم حتى يضيفوا إليه من شاؤوا (2) (سبحانه هو الله الواحد القهار) قال: (ليس له في الأشياء شبيه) (3).

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(2) - مجمع البيان 7 - 8: 488.

(3) - التوحيد: 83، الباب: 3، قطعة من حديث: 3، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 1079 ]

(خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل): يغشى كل واحد منهما الاخر، كأنه يلف عليه لف اللباس باللابس، أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفافة، أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة. (وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز): الغالب على كل شئ (الغفار) حيث لم يعاجل بالعقوبة (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها). سبق تفسيره في سورة النساء (1). (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) أهليا ووحشيا، من البقر والضأن والمعز، وبخاتي (2) وعرابا من الإبل، كما مر بيانه في سورة الأنعام (3). قال: (إنزاله ذلك خلقه إياه) (4). (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق): حيوانا سويا، من بعد عظام مكسوة لحما، من بعد عظام عارية، من بعد مضغة، من بعد علقة، من بعد نطفة. (في ظلمات ثلاث) قال: (ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة) (5). (ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون) يعدل بكم عن عبادته إلى الإشراك. (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر) لاستضرارهم به رحمة عليهم (وإن تشكروا يرضه لكم) لأنه سبب فلا حكم. القمي: فهذا كفر النعم (6). وورد: (الكفر هاهنا الخلاف، والشكر الولاية والمعرفة) (7). (ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور). (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه) لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على

__________________________

(1) - النساء(4): 1.

(2) - البخاتي جمع البخت - بالضم - الابل الخراسانية. القاموس المحيط 1: 148(بخت).

(3) - ذيل الاية: 143 - 44.

(4) - الاحتجاج 1: 372، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(5) - مجمع البيان 7 - 8: 491، عن أبي جعفر عليه السلام.

(6) - القمي 2: 246.

(7) - المحاسن: 149، الباب: 19، الحديث: 65.(*)

[ 1080 ]

أن مبدأ الكل منه سبحانه (ثم إذا خوله): أعطاه تفضلا، فإن التخويل مختص بالتفضل. (نعمة منه): من الله (نسى ما كان يدعو إليه) أي: الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه (من قبل): من قبل النعمة (وجعل لله أندادا): شركاء (ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار). قال: (نزلت في أبي الفصيل، إنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله عنده ساحرا، فكان إذا مسه الضر، يعني السقم (دعا ربه منيبا إليه)، يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله صلى الله عليه وآله ما يقول، ثم إذا خوله نعمة منه)، يعني العافية (نسي ما كان يدعو إليه من قبل)، يعني نسي التوبة إلى الله مما كان يقول في رسول الله: إنه ساحر، ولذلك قال الله عزوجل: (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار،) يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عزوجل ومن رسوله) (1). (أمن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه) قال: يعني صلاة الليل) (2). وفي الحديث السابق: (ثم عطف القول من الله في علي عليه السلام، يخبر بحاله وفضله عند الله فقال: (قل هل يستوي الذين يعلمون) أن محمدا رسول الله (والذين لا يعلمون) أن محمدا رسول الله، أو أنه (3) ساحر كذاب. قال هذا تأويله (4). (إنما يتذكر أولوا الألباب). قال: (نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب) (5).

__________________________

1) - الكافي 8: 204، الحديث: 246، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - علل الشرائع: 364، الباب: 84، ذيل الحديث: 8، عن أبي جعفر عليه السلام.

(3) - في المصدر: " وأنه ".

(4) - الكافي 8: 204 - 205، الحديث: 246، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(5) - الكافي 8: 35، قطعة من حديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام، بصائر الدرجات: 54، الباب: 24، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1081 ]

قال: (هم أولوا العقول) (1). (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم) بلزوم طاعته (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة). الظرف إما متعلق ب (أحسنوا) أو ب (حسنة)، وعلى الاول تشمل الحسنة حسنة الدارين، وعلى الثاني لا ينافي نيل حسنة الاخرة أيضا، وحسنة الدنيا مثل الصحة والعافية. ورد: (إن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب، إما لخير فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، ثم تلا هذه الاية، ثم قال: فمن أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة) (2). (وأرض الله واسعة) فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان في وطنه، فليهاجر إلى حيث تمكن منه (إنما يوفى الصابرون) على مشاق الطاعة، من احتمال البلاء ومهاجرة الأوطان لها (أجرهم بغير حساب): أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب. قال: (إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان، ولم ينشر لهم ديوان، ثم تلا هذه الاية) (3). وورد: (إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من أنتم ؟ فيقولون: نحن أهل الصبر. فيقال: على ما صبرتم ؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، ونصبر عن معاصي الله. فيقول الله عزوجل: صدقوا أدخلوهم الجنة. وهو قول الله:) إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب () (4). (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين): موحدا له. (وأمرت لاءن أكون أول المسلمين): مقدمهم في الدنيا والاخرة.

__________________________

1) - الكافي 1: 20، ذيل الحديث: 12، عن موسى بن جعفر، عن حسن بن علي عليهم السلام، القمي 2: 246.

 2) - الامالي(للشيخ الطوسي) 1: 25، الامالي(للشيخ المفيد): 262، قطعة من حديث: 3 عن أمير المؤمنين عليه السلام. 3) - مجمع البيان 7 - 8: 492، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 4) - الكافي 2: 75، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1082 ]

(قل إني أخاف إن عصيت ربي) بترك الإخلاص (عذاب يوم عظيم). (قل الله أعبد مخلصا له ديني) امتثالا لأمره تعالى. (فاعبدوا ما شئتم من دونه) تهديد وخذلان لهم. (قل إن الخاسرين): الكاملين في الخسران (الذين خسروا أنفسهم وأهليهم) قال: (غبنوا) (1). (يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين). (لهم من فوقهم ظلل من النار): أطباق منها تظلهم (ومن تحتهم ظلل). قيل: هي ظلل للاخرين (2). (ذلك يخوف الله به عباده) ليجتنبوا ما يوقعهم فيه (يا عباد فاتقون) ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي. (والذين اجتنبوا الطاغوت): البالغ غاية الطغيان (أن يعبدوها وأنابوا إلى الله): وأقبلوا إليه بشراشرهم عما سواه (لهم البشرى) بالثواب على ألسنة الرسل وعلى ألسنة الملائكة، عند حضور الموت. قال: (أنتم هم، ومن أطاع جبارا فقد عبده) (3). (فبشر عباد). (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه): يميزون بين الحق والباطل، ويؤثرون الأفضل فالأفضل. ورد: (هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه، لا يزيد فيه ولا ينقص منه) (4). (أولئك الذين هداهم الله) لدينه (وأولئك هم أولوا الألباب). (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) بالسعي في دعائه إلى الإيمان، إنكار واستبعاد لإنقاذ من حق عليه الكلمة، لأنه كالواقع في النار. (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها

__________________________

1) - القمي 2: 248، عن أبي جعفر عليه السلام. 2) - الكشاف 3: 392، البيضاوي 5: 25. 3) - مجمع البيان 7 - 8: 493، عن أبي عبد الله عليه السلام. 4) - الكافي 1: 51، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1083 ]

الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد). قال: (تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب ملك موكل به) (1) الحديث. (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض): عيونا وركايا (ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج: يثور عن منبته بالجفاف (فتراه مصفرا) من يبسه (ثم يجعله حطاما): فتاتا (إن في ذلك لذكرى): لتذكيرا بأنه لا بد من صانع حكيم دبره وسواه، وبأنه مثل الحياة الدنيا فلا يغتروا بها (لأولى الألباب) إذ لا يتذكر به غيرهم. (أفمن شرح الله صدره للاسلام) حتى تمكن فيه بيسر (فهو على نور من ربه). خبره محذوف، دل عليه ما بعده. قال: (إن النور إذا وقع في القلب انفسح له وانشرح. قالوا: يا رسول الله فهل لذلك علامة يعرف بها ؟ قال: التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله) (2). (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله): من أجل ذكره، وهي أشد تأبيا عن قبوله من القاسي عنه بسبب آخر، ف (من) هنا أبلغ من (عن). (أولئك في ضلال مبين مبين). روي: (إن الأولى نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وحمزة، والثانية في أبي لهب وولده) (3). (الله نزل أحسن الحديث) يعني القرآن (كتابا متشابها): يشبه بعضه بعضا في الإعجاز وتجاوب النظم وصحة المعنى، والدلالة على المنافع العامة. (مثاني): (يثنى

__________________________

1) - الكافي 8: 97، قطعة من حديث: 69، القمي 2: 246، عن أبي جعفر عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 2) - روضة الواعظين 2: 448، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 3) - تفسير ابن جزي: 624.(*)

[ 1084 ]

فيه القول) أي: يتكرر. كذا ورد (2) في أحد وجوه تسمية فاتحة الكتاب بها. ويجوز أن يكون جمع مثن من الثناء، وإنما وصف الواحد بالجمع لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل. وإن جعل (مثاني) تمييزا ل‍ (متشابها)، يكون المعنى: متشابهة تصاريفه. قيل: الفائدة في التكرير والتثنية: أن النفوس تنفر عن النصيحة والمواعظ، فما لم يكرر عليها عودا بعد بدء لم يرسخ فيها (2). (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم): تنقبض وتشمئز خوفا مما فيه من الوعيد، وهو مثل في شدة الخوف. ورد: (إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تتحات عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها) (3). (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله): تطمئن إليه بالرحمة وعموم المغفرة (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد) يخرجه من الضلال. (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة): يجعل وجهه درعه يقي به نفسه، لأن يديه مغلولتان إلى عنقه، فلا يقدر أن يتقي إلا بوجهه. وخبره محذوف، أي: كمن هو آمن منه. (وقيل للظالمين) أي: لهم، وضع الظاهر موضعه، تسجيلا عليهم بالظلم، وإشعارا للموجب لما يقال لهم: (ذوقوا ما كنتم تكسبون) أي: وباله. (كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون: من الجهة التي كانت لا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها. (فأذاقهم الله الخزى): الذل، كالمسخ والخسف والقتل والسبي والإجلاء (في

__________________________

1) - العياشي 1: 22، الحديث: 17، عن أبي عبد الله عليه السلام، العياشي 2: 294، الحديث: 34، عن أحدهما عليهما السلام. 2) - الكشاف 3: 395. 3) - مجمع البيان 7 - 8: 495، زاد المسير 7: 13، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.(*)

[ 1085 ]

الحياة الدنيا ولعذاب الاخرة) المعد لهم (أكبر) لشدته ودوامه (لو كانوا يعلمون) لاعتبروا به واجتنبوا عنه. (ولقد ضربنا للناس في هذا القران من كل مثل لعلهم يتذكرون): يتعظون به. (قرانا عربيا غير ذي عوج): لا اختلال فيه بوجه ما (لعلهم يتقون). (ضرب الله مثلا) للمشرك والموحد (رجلا فيه شركاء متشاكسون): متنازعون مختلفون (ورجلا سلما لرجل): خالصا لواحد ليس لغيره عليه سبيل. نزلت في أبي بكر وأصحابه وأمير المؤمنين عليه السلام وشيعته. (فإن أمير المؤمنين كان سلما لرسول الله صلى الله عليه وآله وأبا بكر كان يجمع المتفرقون ولايته، وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض). كذا ورد (1). أقول: الوجه في ذلك: أن شيعة أمير المؤمنين عليه السلام كانوا أهل نص من الله ورسوله، ولا اختلاف فيه، ولذلك، اعتقدوه مفترض الطاعة. وأبو بكر لم يكن سلما لله ورسوله، لافي أمر الأمارة ولا فيما يبتني عليه من الأحكام، وكان أصحابه أصحاب آراء، وهي مما يجري فيه الاختلاف. (هل يستويان مثلا): صفة وحالا (الحمد لله): لا يشاركه في الحمد سواه، لأنه المنعم بالذات (بل أكثرهم لا يعلمون) فيشركون به غيره لفرط جهلهم. (إنك ميت وإنهم ميتون): فإن الكل بصدد الموت. (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون): يخاصم بعضكم بعضا فيما دار بينكم في الدنيا. (فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه) القمي: يعني بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله من الحق (3). (أليس في جهنم مثوى): مقام (للكافرين).

__________________________

1) - الكافي 8: 224، الحديث: 283، عن أبي جعفر عليه السلام. 2) - القمي 2: 249.(*)

[ 1086 ]

(والذي جاء بالصدق) قال: (محمد) (1). (وصدق به) قال: (أمير المؤمنين عليه السلام) (2). (أولئك هم المتقون). (لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين). (ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا) فضلا عن غيره (ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون) فيعد لهم محاسن أعمالهم بأحسنها، في زيادة الأجر وعظمه، لفرط إخلاصهم فيها. (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه). قيل: قالت قريش: إنا نخاف أن تخبلك (3) آلهتنا لعيبك إياها (4). والقمي: يقولون لك: اعفنا من علي، ويخوفونك بأنهم يلحقون بالكفار (5). (ومن يضلل الله فما له من هاد). (ومن يهد الله فما له من مضل) إذ لا راد لفعله (أليس الله بعزيز ذي انتقام). (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبى الله) في إصابة الخبر ودفع الضر. روي: (إنه صلى الله عليه وآله سألهم فسكتوا، فنزل ذلك) (6). (عليه يتوكل المتوكلون) لعلمهم بأن الكل منه. (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم): على حالكم (إني عامل) على مكانتي (فسوف تعلمون).

__________________________

(1) -(2) - مجمع البيان 7 - 8: 498، عن أئمة الهدى عليهم السلام، القمي 2: 249.

(3) - الخبل: الفساد، وقد خبله وخبله، واختبله: إذا أفسد عقله أو عضوه. الصحاح 4: 1682(خبل).

(4) - الكشاف 3: 398، البيضاوي 5: 28.

(5) - القمي 2: 249.

(6) - الكشاف 3: 399، البيضاوي 5: 28.(*)

[ 1087 ]

(من يأتيه عذاب يخزيه)، من المغلوب في الدارين، فإن خزي أعدائه دليل غلبته وقد أخزاهم الله يوم بدر. (ويحل عليه عذاب مقيم): دائم، وهو عذاب النار. (إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس): لمصالحهم في معاشهم ومعادهم (بالحق) متلبسا به (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل) لتجبرهم على الهدى، وإنما عليك البلاغ. (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) أي: يقبضها عن الأبدان بأن يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا، وذلك عند الموت، أو ظاهرا لا باطنا، وهو في النوم. (فيمسك التي قضى عليها الموت): لا يردها إلى البدن (ويرسل الأخرى) أي: النائمة إلى بدنها عند اليقظة (إلى أجل مسمى) هو الوقت المضروب لموته (إن في ذلك لايات) على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته (لقوم يتفكرون). ورد: (ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس، فإن أذن الله في قبض الروح أجابت الروح النفس، وإن أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح، وهو قوله سبحانه: (الله يتوفى الأنفس) الاية، فما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل، وما رأت فيما بين السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان ولا تأويل له) (1). (أم اتخذوا): بل اتخذ قريش (من دون الله شفعاء) تشفع لهم عند الله (قل أو لو كانوا): أيشفعون ولو كانوا (لا يملكون شيئا ولا يعقلون). (قل لله الشفاعة جميعا): لا يشفع أحد إلا بإذنه (له ملك السموات والأرض) لا يملك أحد أن يتكلم في أمره دون إذنه (ثم إليه ترجعون). (وإذا ذكر الله وحده) دون آلهتهم (اشمأزت): انقبضت ونفرت (قلوب الذين)

__________________________

(1) - مجمع البيان 7 - 8: 501، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1088 ]

لا يؤمنون بالاخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون. قال: (إذا ذكر الله وحده (بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد) اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة، وإذا ذكر الذين (لم يأمر الله بطاعتهم) إذا هم يستبشرون () (1). (قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون): فأنت وحدك تحكم بيني وبينهم، فإني تحيرت في كفرهم، وعجزت في عنادهم وشدة شكيمتهم. (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة. وعيد شديد، وإقناط كلي لهم من الخلاص (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون). زيادة مبالغة فيه، وهو نظير قوله:) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين (2) في الوعد. (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون): وأحاط بهم جزاؤه. (فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا): أعطيناه إياها تفضلا (قال إنما أوتيته على علم): على علم مني بوجوه كسبه، أو بأني سأعطاه لما لي من استحقاقه. كذا قيل (3). (بل هي فتنة): امتحان له أيشكر أم يكفر (ولكن أكثرهم لا يعلمون) ذلك. (قد قالها الذين من قبلهم) يعني هذه الكلمة، قارون قاله ورضي به قومه. (فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون). (فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا) بالعتو (من هؤلاء) المشركين

__________________________

1) - الكافي 8: 304، الحديث: 471، عن أبي عبد الله عليه السلام. 2) - السجدة(32): 17. 3) - الكشاف 3: 402، البيضاوي 5: 30.(*)

[ 1089 ]

(سيصيبهم سيئات ما كسبوا) كما أصاب أولئك، وقد أصابهم، فإنهم قحطوا سبع سنين، وقتل ببدر صناديدهم. (وما هم بمعجزين): فائتين. (أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون). (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم): أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف في المعاصي (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. قال: (والله ما أراد بهذا غيركم) (1). والقمي: نزلت في شيعة علي بن أبي طالب خاصة (2). وورد: (ما في القرآن آية أوسع منها) (3). (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون). (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون). (أن تقول نفس): كراهة أن تقول (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله): في حقه وطاعته وقربه. قال: (جنب الله علي عليه السلام، وهو حجة الله على الخلق يوم القيامة) (4). وفي رواية: (في ولاية علي) (5). ورد: (نحن جنب الله) (6).

__________________________

(1) - الكافي 8: 35، قطعة من حديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - القمي 2: 250.

(3) - مجمع البيان 7 - 8: 503، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(4) - المناقب 3: 273، عن السجاد والباقر والصادق عليهم السلام.

(5) - المصدر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

(6) - كمال الدين 1: 206، الباب: 21، الحديث: 20، عن أبي جعفر عليه السلام، القمي 2: 251، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1090 ]

وفي أخرى: (ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان، إذا أردت أن تصف قربه منه) (1) (وإن كنت لمن الساخرين): المستهزئين بأهله، يعني فرطت وأنا ساخر. (أو تقول لو أن الله هداني) بالإرشاد إلى الحق (لكنت من المتقين) الشرك والمعاصي. (أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) في العقيدة والعمل، و (أو) للدلالة على أنه لا يخلو من هذه الأقوال، تحيرا أو تعللا بما لا طائل تحته. (بلى قد جاءتك اياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين). رد من الله عليه لما تضمنه قوله (لو أن الله هداني)، من معنى النفي. القمي: يعني بالايات الائمة عليهم السلام (2). (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة). قال: (من ادعى أنه إمام وليس بإمام. قيل: وإن كان علويا فاطميا ؟ قال: وإن كان علويا فاطميا) (3). (أليس في جهنم مثوى): مقام (للمتكبرين). (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم): بفلاحهم (لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون). (الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل): يتولى التصرف فيه. (له مقاليد السموات والأرض): مفاتيحها، لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها. (والذين كفروا بايات الله أولئك

__________________________

(1) - الاحتياج 1: 376، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(2) - القمي 2: 251.

(3) - المصدر، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1091 ]

هم الخاسرون. قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون. روي: (إنهم قالوا: استلم بعض آلهتنا نؤمن بإلهك، فنزلت) (1). (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين). (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) القمي: هذه مخاطبة للنبي والمعني لأمته (2). وورد: (يعني: إن أشرك في الولاية غيره، (بل الله فاعبد) يعني بالطاعة، (وكن من الشاكرين (بأن عضدتك بأخيك وابن عمك) (3). (وما قدروا الله حق قدره): ما قدروا عظمته في أنفسهم حق تعظيمه، حيث وصفوه بما لا يليق به. قال: (لما شبهه العادلون بالخلق المبعض، المحدود في صفاته، ذي الأقطار والنواحي المختلفة في طبقاته، وكان عزوجل الموجود بنفسه لا بأداته، انتفى أن يكون قدروه حق قدره، فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد، وارتفاعها عن قياس المقدرين له بالحدود من كفرة العباد:) وما قدروا الله حق قدره () (4). وقد مر فيه حديث آخر في الأنعام (5). (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) قال: (يعني ملكه لا يملكها معه أحد) (6).

__________________________

(1) - جوامع الجامع 414، الكشاف 3: 407، البيضاوي 5: 32.

(2) - القمي 2: 251.

(3) - الكافي 1: 427، الحديث: 76، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(4) - التوحيد: 55، الباب: 2، قطعة من حديث: 13، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين عليهما السلام.

(5) - ذيل الاية: 91.

(6) - التوحيد: 161، الباب: 17، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1092 ]

(والسموات مطويات بيمينه) قال: (يعني بقدرته وقوته) (1). قيل: هو تنبيه على عظمته وحقارة المخلوقات العظام التي تتحير فيها الأوهام، بالإضافة إلى قدرته، ودلالة على أن تخريب العالم أهون شئ عليه (2). (سبحانه وتعالى عما يشركون). (ونفخ في الصور) يعني المرة الأولى (فصعق من في السموات ومن في الأرض): خروا ميتين (إلا من شاء الله). روي: (هم جبرئيل وميكائيل واسرافيل وملك الموت) (3). وفي رواية: (هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش) (4). (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون): قائمون من قبورهم يقلبون أبصارهم. (وأشرقت الأرض بنور ربها). قال: (رب الأرض إمام الأرض. قيل: فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال: إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر، ويجتزؤون بنور الإمام) (5). (ووضع الكتاب) للحساب (وجئ بالنبيين والشهداء) القمي: الشهداء: الأئمة (6). (وقضى بينهم): بين العباد (بالحق وهم لا يظلمون). (ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون). (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا): أفواجا متفرقة بعضها في أثر بعض، على تفاوت أقدامهم في الضلالة والشرارة. (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى

__________________________

(1) - التوحيد: 162، الباب: 17، ذيل الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - البيضاوي 5: 32.

(3) - مجمع البيان 7 - 8: 508، جامع البيان(للطبري) 24: 20، الكشاف 3: 161، البيضاوي 4: 122.

(4) - المصدر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(5) - القمي 2: 253، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(6) - المصدر.(*)

[ 1093 ]

ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين): كلمة الله بالعذاب، وهو الحكم عليهم بالشقاوة، وأنهم من أهل النار. (قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين). قد مر بيان أبواب جهنم في سورة الحجر (1). (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة) إسراعا بهم إلى دار الكرامة راكبين (زمرا): على تفاوت مراتبهم في الشرف وعلو الطبقة (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) حذف جواب (إذا) للدلالة على أن لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف، وأن أبواب الجنة تفتح لهم قبل مجيئهم منتظرين. (وقال لهم خزنتها سلام عليكم): لا يعتريكم بعد مكروه (طبتم): طهرتم من دنس المعاصي. والقمي: أي طاب مواليدكم، لأنه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد (2). (فادخلوها خالدين). ورد: (أحسنوا الظن بالله، واعلموا أن للجنة ثمانية أبواب، عرض كل باب منها مسيرة أربعمائة سنة) (3). (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده) بالبعث والثواب (وأورثنا الأرض) قال: (يعني أرض الجنة) (4). (نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين) الجنة. (وترى الملائكة حافين): محدقين (من حول العرش يسبحون بحمد ربهم): ذاكرين له بوصفي جلاله وإكرامه تلذذا به. وفيه إشعار بأن منتهى درجات العليين، وأعلى لذائذهم هو الاستغراق في صفات الحق سبحانه. (وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) أي: على ما قضى بيننا بالحق، والقائلون هم المؤمنون.

__________________________

(1) - ذيل الاية: 44.

(2) - القمي 2: 254.

(3) - الخصال 2: 408، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه:(مسيرة أربعين سنة).

(4) - القمي 2: 254، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337886

  • التاريخ : 29/03/2024 - 06:54

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net