00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة التوبة من أول السورة ـ آخر السورة  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الاول)   ||   تأليف : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني

[ 451 ]

سورة التوبة

[ مدنية، وهي مائة وتسع وعشرون آية ] (1) ورد: (لم ينزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة، لان (بسم الله) للامان والرحمة، ونزلت براءة لدفع الامان والسيف) (2). وفي رواية: (الانفال وبراءة سورة واحدة) (3). (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين): هذه براءة من العهد الذي عاهتم به المشركين. (إن قيل: كيف يجوز أن ينقض النبي صلى الله عليه وآله وسلم العهد ؟ أجيب بوجهين: أحدهما: أنه كان مشروطا بأن لا يرفعه الله بالوحي. والثاني: أنهم قد نقضوا، أو هموا بذلك. كذا ورد (4). (فسيحوا في الارض أربعة أشهر). خطاب للمشركين وأمان لهم الى هذه المدة. قال: (أجل الله المشركين الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا الى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا) (5). وفي رواية: (من كانت لعهده مدة فهو الى مدته، ومن * هامش * (1): ما بين المعقوفتين من (ب). (2): مجمع البيان 5 - 6: 2، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه: (ونزلت براءة لرفع الامان بالسيف). (3): العياشي 2: 73، الحديث: 3، عن أحدهما عليهما السلام، وفيه: (الانفال وسورة براءة واحدة). (4): مجمع البيان 5 - 6: 2 - 3. (5): القمي 1: 282، عن أبي الحسن الرضا، عن علي عليهما السلام.

 

[ 452 ]

لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر) (1). ورد: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا بكر مع براءة الى الموسم ليقرأها على الناس، فنزل جبرئيل فقال: لا يبلغ عنك إلا علي، فدعا عليا عليه السلام فأمره أن يركب ناقته العضباء (2) وأن يلحق أبا بكر فيأخذ منه البراءة ويقرأها على الناس بمكة، قال: فقرأها عليهم وقال: لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك إلا من كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمدته الى هذه الاربعة أشهر) (3). وفي رواية أخرى: (ومن لا عهد له فله بقية الاشهر الحرم (4). (واعلموا أنكم غير معجزي الله): لا تفوتونه وإن أمهلكم (وأن الله مخزي الكافرين): مذلهم بالقتل والاسر في الدنيا، والعذاب في الاخرة. (وأذان من الله ورسوله الى الناس) إيذان وإعلام، كالعطاء بمعنى الاعطاء. ورد: (الاذان: أمير المؤمنين عليه السلام) (5). (يوم الحج الاكبر) قال: (هو يوم النحر، والاصغر: العمرة) (6). وفي رواية: (الحج الاكبر: الوقوف بعرفة وجمع ورمي الجمار، والحج الاصغر: العمرة) (7). وفي أخرى: (سمي الاكبر لانها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون، ولم يحج المشركون بعد تلك السنة) (8). (أن الله): بأن الله (بريئ من المشركين ورسوله). عطف على الضمير في * هامش * (1): العياشي 2: 74، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه (من كانت له مدة). (2): العضباء: الناقة المشقوقة الاذن ولقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. القاموس المحيط 1: 109 (عضب). (3): العياشي 2: 73، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): مجمع البيان 5 - 6: 4، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (5): القمي 1: 282، عن علي بن الحسين عليهما السلام. (6): الكافي 4: 290، الحديث 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (7): العياشي 2: 76، الحديث: 17، والكافي 4: 264، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. وليست في الكافي كلمة: (جمع) وهو - بالفتح فالسكون - المشعر الحرام، وهو أقرب الموقفين الى مكة المشرفة و منه حديث آدم عليه السلام: ثم انتهى الى جمع فجمع فيها بين المغرب والعشاء. قيل: سمي به لان الناس يجتمعون فيه ويزدلفون الى الله تعالى، أي: يتقربون إليه بالعبادة والخير والطاعة. وقيل: لان آدم اجتمع فيها مع حواء فازدلف ودنا منها. وقيل: لانه يجتمع فيه المغرب والعشاء. مجمع البحرين 4: 315 (جمع). (8): علل الشرائع 2: 442، الباب: 188، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 453 ]

(برئ) ولا تكرير فيه، لان الاول كان إخبارا بثبوت البراءة وهذا إخبار بإعلامها الناس. (فإن تبتم) من الكفر والغدر (فهو خير لكم وإن توليتم) عن التوبة (فاعلموا أنكم غير معجزي الله): غير سابقين الله، ولا فائتين بأسه وعذابه (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم). (إلا الذين عاهدتم) استثناء (من المشركين) واستدراك (ثم لم ينقصوكم شيئا) من شروط العهد، ولم ينكثوا ولم يقتلوا منكم، ولم يضروكم قط (ولم يظاهروا): ولم يعاونوا (عليكم أحدا) من أعدائكم (فأتموا إليهم عهدهم الى مدتهم إن الله يحب المتقين). (فإذا انسلخ): انقضى (الاشهر الحرم) التي أبيح للناكثين ان يسيحوا فيها. ورد: (هي يوم النحر الى عشر مضين من ربيع الاخر) (1). (فاقتلوا المشركين) الناكثين (حيث وجدتموهم): واحبسوهم وحيلوا بينهم وبين المسجد الحرام (واقعدوا لهم كل مرصد): كل ممر وطريق ترصدونهم به، لئلا يبسطوا في البلاد (فإن تابوا) عن الشرك (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم). (وإن أحد من المشركين استجارك): استأمنك وطلب منك جوارك (فأجره): فأمنه (حتى يسمع كلام الله) ويتدبره ويطلع على حقيقة الامر، فإن معظم الادلة فيه (ثم أبلغه مأمنه) إن لم يسلم.. القمي: اقرأ عليه وعرفه، ثم لا يتعرض له حتى يرجع الى مأمنه (2). (ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) ما الايمان وما حقيقة ما تدعوهم إليه، فلا بد من أمانهم حتى يسمعوا ويتدبروا. * هامش * (1): العياشي 2: 77، الحديث: 22، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): القمي 1: 283.

 

[ 454 ]

(كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) مع إضمارهم الغدر والنكث (إلا الذين عاهدتم) منهم (عند المسجد الحرام) ولم يظهر منهم نكث فتربصوا أمرهم (فما استقاموا لكم) على العهد (فاستقيموا لهم) على الوفاء (إن الله يحب المتقين). (كيف وإن يظهروا عليكم): يظفروا بكم (لا يرقبون فيكم): لا يراعون فيكم (إلا): قرابة أو حلفا (ولا ذمة): عهدا أو حقا (يرضونكم بأفواههم) بوعد الايمان و الطاعة والوفاء بالعهد (وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون): متمردون، لا عقيدة تزعهم (1) ولا مروة تردعهم، وإنما خص الاكثر لما يوجد في بعضهم من التعفف عما يثلم العرض، والتفادي (2) عن الغدر. (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا) وهو اتباع الاهواء والشهوات (فصدوا عن سبيله): فعدلوا عنه وصرفوا غيرهم (إنهم ساء ما كانوا يعملون). (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولائك هم المعتدون). (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الايات لقوم يعلمون). (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر). وضع الظاهر موضع المضمر، إشعارا بأنهم صاروا بذلك ذوي الرياسة والتقدم في الكفر أحقاء بالقتل. (إنهم لا أيمان لهم) على الحقيقة وإلا لما طعنوا ولم ينكثوا. وورد: بكسر الهمزة (3). يعني لا عبرة بما أظهروه من الايمان. (لعلهم ينتهون) أي: ليكن غرضكم (4) في المقاتلة أن ينتهوا عما هم عليه، لا إيصال الاذية بهم، كما هو طريقة المؤذين، وهذا * هامش * (1): الوزع: الكف، ووزعته عن الامر: منعته عنه وحبسته. القاموس المحيط 3: 96، والمصباح المنير 2: 377 (وزع). (2): تفادى من كذا: إذا تحاماه وانزوى عنه. الصحاح 6: 2453 (فدى). (3): راجع: مجمع البيان 5 - 6: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): في (ألف): (غرضهم) وهو تصحيف.

 

[ 455 ]

من غاية كرم الله وفضله. ورد: (نزلت في أصحاب الجمل في أخبار كثيرة) (1). وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: (عذرني الله من طلحة والزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته، والله ما قوتل أهل هذه الاية منذ نزلت حتى قاتلتهم: (وإن نكثوا) (الاية) (2). (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم) التي حلفوها مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين، على أن لا يعاونوا عليهم فعاونوا (وهموا بإخراج الرسول) حين تشاوروا في أمره بدار الندوة كما سبق ذكره (3). (وهم بدءوكم أول مرة) بالمعاداة والمقاتلة (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين). (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين). (ويذهب غيظ قلوبهم) لما لقوا منهم من المكروه، وقد أنجز الله هذه المواعيد كلها، والاية من دلائل النبوة. (ويتوب الله على من يشاء). إخبار بأن بعضهم يتوب عن كفره، وقد كان ذلك أيضا. (والله عليم حكيم). (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله، ولا المؤمنين وليجة): بطانة (4) يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم. يعني: لا تتركوا على ما أنتم عليه ولم يتبين المخلصون منكم. أراد بنفي العلم نفي المعلوم، و (لما) دلت على أنه متوقع. قال: (يعني بالمؤمنين آل محمد عليهم السلام، والوليجة: البطانة (5). وفي رواية: (الوليجة: الذي يقام دون ولي الامر، والمؤمنون في هذا * هامش * (1): أنظر: القمي 1: 283، ومجمع البيان 5 - 6: 11، والعياشي 2: 78، الحديث: 23 و 25. (2): العياشي 2: 79، الحديث: 28. (3): في ذيل الاية: 30 من سورة الانفال. (4): بطانة الرجل: دخلاؤه وأهل سره ممن يسكن إليهم ويثق بمودتهم. مجمع البحرين 6: 214 (بطن). (5): القمي 1: 283، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 456 ]

الموضع هم الائمة الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم) (1). (والله خبير بما تعملون). (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله): شيئا من المساجد فضلا عن المسجد الحرام (شاهدين على أنفسهم بالكفر): بإظهار الشرك ونصب الاصنام حول البيت. روي: (أن المسلمين عيروا أسارى بدر، ووبخ علي عليه السلام العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقطيعة الرحم، فقال العباس: تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا، فقالوا: أولكم محاسن ؟ قالوا: نعم، إنما نعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني (2)، فنزلت (3). (أولائك حبطت أعمالهم) التي هي العمارة والسقاية والحجابة وفك العناة، التي يفتخرون بها بما قارنها من الشرك (وفي النار هم خالدون). (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله): إنما يستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، والعمارة يتناول بناءها، ورم ما استرم منها، وكنسها وتنظيفها وتنويرها بالسرج (4)، وزيارتها للعبادة والذكر ودرس العلم، وصيانتها عما لم تبن لم كحديث الدنيا. ورد: (إن بيوتي في الارض المساجد، وإن زواري فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره) (6) (فعسى أولائك أن يكونوا من المهتدين). (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين). في قراءتهم عليهم * هامش * (1): الكافي 1: 508، الحديث: 9 عن أبي محمد العسكري عليه السلام. (2): العاني: الاسير. القاموس المحيط 4: 369 (عنا). (3): جوامع الجامع 2: 44، والبيضاوي 3: 63، والكشاف 2: 179، مع تفاوت يسير. (4): في (ألف): (بالسراج). (5): في (ب) و (ج): (مما). (6): من لا يحضره الفقيه 1: 154، الحديث 721، مع اختلاف، والبيضاوي 3: 63، والكشاف 2: 179. (*)

 

[ 457 ]

السلام: (سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام) (1). قال: (نزلت في علي والعباس وشيبة، قال العباس: أنا افضل فإني لان سقاية الحاج بيدي. وقال شيبة: أنا افضل لان حجابة البيت بيدي. وقال علي: أنا افضل فإني آمنت قبلكما، ثم هاجرت وجاهدت. فرضوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله) (2). وفي رواية: (ضم بعلي: حمزة وجعفر) (3). (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولائك هم الفائزون). (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم): دائم. (خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم). (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الايمان): اختاروه عليه. قال: (نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، حيث كتب الى قريش بخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد فتح مكة) (4). وفي رواية: (الكفر في الباطن في هذه الاية ولاية الاول والثاني، والايمان ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام) (5). (ومن يتولهم منكم فأولائك هم الظالمون). (قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم): أقرباؤكم (وأموال اقترفتموها): اكتسبتموها (وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره): بعقوبته (والله لا يهدي القوم الفاسقين). القمي: لما أذن أمير المؤمنين عليه السلام بمكة: أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام، جزعت قريش جزعا شديدا وقالوا: ذهبت تجارتنا وضاع * هامش * (1): مجمع البيان 5 - 6: 14، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): القمي 1: 284، عن أبي جعفر عليه السلام، مع زيادة (حمزة). (3): الكافي 8: 203، الحديث: 245، عن أحدهما عليهما السلام. (4): مجمع البيا 5 - 6: 16، عن الصادقين عليهما السلام. (5): العياشي 2: 84، الحديث: 36، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 458 ]

عيالنا وخربت دورنا، فنزلت (1). أقول: في الاية تشديد عظيم، وقل من يتخلص منه. وورد: (لا يجد أحدكم طعم الايمان حتى يحب في الله ويبغض في الله) (2). (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) يعني: مواطن الحرب وهي مواقعها ومواقفها. ورد: (إنها كانت ثمانين) (3). (ويوم حنين) وهو واد بين مكة والطائف (إذ أعجبتكم كثرتكم). قيل: لما التقوا قال رجل من المسلمين: لن نغلب اليوم من قلة، فساءت مقالته رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وورد: (إنه كان أبا بكر) (5). (فلم تغن عنكم) الكثرة (شيئا) من الغنى لما أدركتكم كلمة الاعجاب. (وضاقت عليكم الارض بما رحبت): بسعتها، لا تجدون فيها مفرا تطمئن إليه نفوسكم من شدة الرعب (ثم توليتم مدبرين). (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين). سئل: ما السكينة ؟ فقال: (ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان، أطيب ريحا من المسك، وهي التي أنزلها الله على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحنين فهزم المشركين) (6). وفي رواية: (فتكون مع الانبياء) (7). (وأنزل جنودا لم تروها) يعني الملائكة (وعذب الذين كفروا) قال: (هو القتل) (8). يعني العذاب. (وذلك جزاء الكافرين). * هامش * (1): القمي 1: 284. (2): الكشاف 2: 180، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتراه أيضا في جوامع الجامع 2: 45. (3): معاني الاخبار: 218، باب معنى الكثير من المال، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، والعياشي 2: 84، الحديث: 37، والقمي 1: 285، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام. (4): جوامع الجامع 2: 46. (5): راجع: جوامع الجامع 2: 46، والعياشي 2: 84، الحديث: 38، عن أبي عبد الله عليه السلام، والتفسير الكبير 16: 21. (6): الكافي 5: 257، ذيل الحديث: 3 عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (7): العياشي 2: 84، الحديث: 39، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (8): القمي 1: 288، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 459 ]

القمي: كان سبب غزوة حنين: أنه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فتح مكة ظهر أنه يريد هوازن (1)، وبلغ الخبر هوازن، فتهيئوا وجمعوا الجموع والسلاح، وساقوا معهم أموالهم ونساءهم وذراريهم، ومروا حتى نزلوا بأوطاس (2) 7 فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجتماعهم بأوطاس، فجمع القبائل ورغبهم في الجهاد ووعدهم النصر، وأن الله قد وعده أن يغنمه أموالهم ونساءهم وذراريهم، فرغب الناس وخرجوا على راياتهم، وعقد اللواء الاكبر ودفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام وخرج في اثني عشر ألف رجل (3). ورد: (فلما صلى الغداة انحدر في وادي حنين، وهو واد له انحدار بعيد، وكانت بنو سليم (4) على مقدمته، فخرج عليهم كتائب هوازن من كل ناحية، فانهزمت بنو سليم وانهزم من وراءهم ولم يبق أحد إلا انهزم، وبقي أمير المؤمنين عليه السلام يقاتلهم في نفر قليل، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينادي: يا معشر الانصار ! أين ؟ (5) إلي وأنا رسول الله (6)، فلم يلو (7) أحد عليه فركض نحو علي (8) عليه السلام بغلته، فقد شهر (9) سيفه، فقال: يا عباس اصعد هذا الظرب (10) وناد: يا أصحاب البقرة ويا أصحاب الشجرة، إلى أين تفرون ؟ ! هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم رفع يده فقال: (اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان). * هامش * (1): هوازن قبيلة من قيس بن عيلان، من العدنانية وهم بنو هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. كانوا يقنطون في نجد مما يلي اليمن، ومن أوديتهم: حنين. راجع: معجم قبائل العرب 3: 1231. (2): أوطاس: واد في ديار هوازن. معجم البلدان 1: 281. (3): القمي 1: 285 و 286. (4): بنو سليم: قبيلة عظيمة من قيس بن عيلان من العدنانية تنتسب الى سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. معجم قبائل العرب 2: 543. (5): في المصدر: (إلى أين المفر ؟ ألا أنا رسول الله). (6): في (الف) و (ج): (إلي أنا رسول الله). (7): في (المصباح المنير 2: 256 - لوى): لا يلوي على أحد أي: لا يقف ولا ينتظر، وفي (المفردات: 477 - لوى): فلان لا يلوي على أحد: أذا أمعن في الهزيمة. (8): في (ج): (نحو العباس). (9): في (الف): (وقد شهر)، وفي (ج): (وهو شهر). (10): الظرب: ما نتأ من الحجارة وحد طرفه، أو الجبل المنبسط أو الصغير. القاموس المحيط 1: 103 (ظرب).

 

[ 460 ]

فنزل جبرئيل عليه السلام، فقال: دعوت بما دعا به موسى، حيث فلق الله له البحر ونجاه من فرعون، ثم أخذ كفا من حصى فرماه في وجوه المشركين ثم قال: (شاهت الوجوه). ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد. فلما سمعت الانصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم، وهم يقولون: (لبيك). ومروا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستحيوا أن يرجعوا إليه، ولحقوا بالراية، ونزل النصر من السماء وانهزمت هوازن، وكانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو، وانهزموا في كل وجه، وغنم الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أموالهم ونساءهم وذراريهم (1). هذا ملخص القصة. وورد: (إنه قال رجل من المشركين للمؤمنين وهو أسير في أيديهم: أين الخيل البلق (2) والرجال عليهم الثياب البيض ؟ فإنما كان قتلنا بأيديهم، وما كنا نراكم فيه إلا كهيئة الشامة (3). قالوا: تلك الملائكة (4). (ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) منهم بالتوفيق للاسلام (والله غفور رحيم) يتجاوز عنهم ويتفضل عليهم. (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) لخبث باطنهم (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة): فقرا بسبب منعهم من الحرم، وانقطاع ما كان لكم من قدومهم من المكاسب والمنافع (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء). قيده بالمشية، لينقطع الامال إلى الله تعالى، ولينبه على أنه متفضل في ذلك وأن الغنى الموعود يكون لبعض دون بعض، وفي عام دون عام، وقد أنجز وعده بأن أرسل السماء * هامش * (1): القمي 1: 287، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): البلق جمع الابلق: الذي فيه سواد وبياض. أقرب الموارد 1: 60 (بلق). (3): الشامة: أثر أسود في البدن، يقال لها: الخال، وأثر أسود في الارض (أقرب الموارد 1: 627 - شيم) كأنه أراد بذلك قلتهم وكثرة الملائكة. (4): القمي 1: 288، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 461 ]

عليهم مدرارا، ووفق طائفة من أهل يمن للاسلام، فحملوا الطعام الى مكة ثم فتح عليهم البلاد والغنائم، وتوجه إليهم الناس من أقطار الارض. (إن الله عليم حكيم). (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية): ما يقرر عليهم أن يعطوه، من جزى دينه: إذا قضاه. (عن يد) مواتية (1) غير ممتنعة (وهم صاغرون): أذلاء، يعني: تؤخذ منهم على الصغار والذل. قال: (حتى يجد ذلا لما أخذ منه، فيألم لذلك، فيسلم) (2). (وقالت اليهود عزير ابن الله) إنما قال ذلك بعضهم ولم يقله كلهم. ورد: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طالبهم فيه بالحجة، فقالوا: لانه أحيا لبني إسرائيل التوراة بعد ما ذهبت ولم يفعل بها هذا إلا لانه ابنه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: كيف صار عزير ابن الله دون موسى وهو الذي جاءهم بالتوراة ورأوا منه من المعجزات ما قد علمتم ؟ فإن كان عزير ابن الله لما ظهر من إكرامه من إحياء التوراة، فلقد كان موسى بالنبوة أحق وأولى) (3). (وقالت النصارى المسيح ابن الله) وهو أيضا قول بعضهم. ورد: (إنه صلى الله عليه وآله وسلم طالبهم فيه (4) بالحجة، فقالوا: إن الله لما أظهر على يد عيسى من الاشياء العجيبة ما أظهر، فقد اتخذه ولدا على وجه الكرامة، فقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: فقد سمعتم ما قلته لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه، ثم أعاد ذلك كله فسكتوا) (5). (ذلك قولهم بأفواههم): * هامش * (1): المواتاة: حسن المطاوعة والموافقة. وأصله الهمزة: (المؤاتاة) وخفف وكثر حتى صار يقال بالواو الخالصة. مجمع البحرين 2: 21 (أتا). (2): القمي 1: 288، والكافي 3: 566، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (3): الاحتجاج 1: 17، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): لم يرد كلمة: (في (الف) و (ج). (5): الاحتجاج 1: 18، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 462 ]

لم يأتهم به كتاب وما لهم به حجة (يضاهئون): يضاهي (1) قولهم (قول الذين كفروا من قبل) كالقائلين بأن الملائكة بنات الله (قاتلهم الله) قال: (لعنهم الله، فسمي اللعنة قتالا) (2). (أنى يؤفكون): كيف يصرفون عن الحق. (اتخذوا أحبارهم): علماءهم (ورهبانهم): عبادهم (أربابا من دون الله) بأن أطاعوهم في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله. قال: (أما والله ما دعوهم الى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم الى عبادة أنفسهم لما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون) (3). (والمسيح ابن مريم) بأن أهلوه للعبادة. قال: (أما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا أنه إله، وأنه ابن الله، و طائفة منهم قالوا: ثالث ثلاثة، وطائفة منهم قالوا: هو الله. وأما أحبارهم ورهبانهم فإنهم أطاعوا (4) وأخذوا بقولهم، واتبعوا ما أمروهم به ودانوا بما دعوهم إليه، فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم، وتركهم أمر الله وكتبه ورسله، فنبذوه وراء ظهورهم. قال: وإنما ذكر هذا في كتابنا لكي نتعظ بهم) (5). (وما أمروا إلا ليعبدوا): ليطيعوا (إلها واحدا) وهو الله تعالى، وأما طاعة الرسل وأوصيائهم فهي في الحقيقة طاعة الله لانهم عن الله يأمرون وينهون. (لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون). (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم): بشركهم وتكذيبهم (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) بإعلاء التوحيد وإعزاز الاسلام (ولو كره الكافرون). هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله): ليظهر دين * هامش * (1): ضاهاه: شاكله. القاموس المحيط 4: 358 (ضهى). (2): الاحتجاج 1: 372، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (3): العياشي 2: 87، الحديث: 48، والكافي 2: 398، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفي العياشي: (فكانوا يعبدونهم من حيث لا يشعرون). (4): في المصدر: (أطاعوهم). (5): القمي 1: 289، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 463 ]

الحق على سائر الاديان (ولو كره المشركون). قال: (ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد - عليهم السلام -، فلا يبقى أحد إلا أقر بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم) (1). وقال: (والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالامام إلا كره خروجه، حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن ! في بطني كافر، فاكسرني واقتله) (2). وفي رواية: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه، والولاية هي دين الحق، ليظهره على جميع الاديان عند قيام القائم عليه السلام والله متم ولاية القائم عليه السلام ولو كره الكافرون بولاية علي عليه السلام. قيل: هذا تنزيل ؟. قال: نعم، هذا الحرف تنزيل، وأما غيره فتأويل) (3). وفي رواية: (ليظهره الله في الرجعة) (4). (يا ايها الذين آمنوا إن كثيرا من الاحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل): يأخذونها من الحرام بالرشى في الاحكام وتخفيف الشرايع للعوام (ويصدون عن سبيل الله): عن دينه (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) بإخراج الحقوق (فبشرهم بعذاب أليم) هو الكي (5) بهما، المستوعب للبدن كله. (يوم يحمى عليها): على الكنوز (في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) يعني يقال لهم: هذا ما كنزتم لانتفاع أنفسكم، وكان سبب تعذيبها، فذوقوا وباله. ورد: (لما نزلت، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تبا للذهب، تبا للفضة، يكررها ثلاثا، فشق ذلك على أصحابه، فسأله عمر: أي المال نتخذ ؟ فقال: لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه) (6). وقال: * هامش * (1): مجمع البيان 5 - 6: 25، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): كمال الدين 2: 670، الباب: 58، الحديث: 16، عن أبي عبد الله عليه السلام. (3): الكافي 1: 432، الحديث: 91، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام. (4): العياشي 2: 87، الحديث: 51، عن أبي جعفر عليه السلام. (5): كواه يكويه كيا: أحرق جلده بحديدة ونحوها. القاموس المحيط 4: 386 (كوى). (6): مجمع البيان 5 - 6: 26.

 

[ 464 ]

(الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم) (1). وورد: (إن الله حرم كنز الذهب والفضة وأمر بإنفاقه في سبيل الله) (2). قال: (كان أبو ذر الغفاري يغدو كل يوم وهو بالشام، فينادي بأعلى صوته: بشر أهل الكنوز بكي في الجباه وكي في الجنوب (3) وكي بالظهور (4) أبدا، حتى يتردد الحر في أجوافهم) (5). وورد أيضا: (إنما أعطاكم الله هذه الفضول من الاموال لتوجهوها حيث وجهها الله، ولم يعطوكموها لتكنزوها) (6). وفي رواية: (موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه، حتى يأتيه به، فيستعين به على عدوه، وهو قول الله عز وجل: (والذين يكنزون) الاية (7). وفي أخرى: (إنما عنى بذلك ما جاوز ألفي درهم) (8). وفي أخرى: (ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز، أدى زكاته أم لم يؤد، وما دونهما فهي نفقة) (9). وسئل: في كم تجب الزكاة من المال ؟ فقال: (الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد ؟) فقيل (10): أريدهما جميعا. فقال: (أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة وعشرون، وأما الباطنة فلا تستأثر (11) على أخيك بما هو أحوج إليه منك) (12). (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله): فيما كتبه وأثبته عنده ورآه حكمة وصوابا (يوم خلق السماوات والارض): مذ خلق الاجسام والازمنة (منها * هامش * (1): الخصال 1: 43، الحديث: 37، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (2): 2 و 5 - القمي 1: 289، عن أبي جعفر عليه السلام. (3): في (ب) و (ج): (بالجنوب). (4): في المصدر: (في الظهور). (6): من لا يحضره الفقيه: 2: 31، الحديث: 120، عن أبي عبد اللع عليه السلام. (7): الكافي 4: 61، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام. (8): العياشي 2: 87، الحديث: 53، عن أبي جعفر عليه السلام. (9): مجمع البيان 5 - 6: 26، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (10): في (الف) والمصدر: (فقال). (11): رجل يستأثر على أصحابه أي: يختار لنفسه أشياء حسنة. القاموس المحيط 1: 375 (أثر). (12): الكافي 3: 500، الحديث: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 465 ]

أربعة حرم) يحرم فيها القتال، ثلاثة سرد (1)، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو رجب. (ذلك الدين القيم) أي: تحريم الاشهر الاربعة هو الدين القويم (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) بهتك حرمتها وارتكاب حرامها (وقاتلوا المشركين كافة) قال: (جميعا) (2). (كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين). (إنما النسئ): تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر. كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرموا مكانه شهرا آخر، حتى رفضوا خصوص الاشهر واعتبروا مجرد العدد. وفي قراءتهم عليه السلام: (النسي) (3) كالرمي. (زيادة في الكفر) لانه تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه، فهو كفر آخر ضموه إلى كفرهم. (يضل به الذين كفروا) ضلالا زايدا (يحلونه عاما ويحرمونه عاما). القمي: كان سبب نزولها: أن رجلا من (كنانة) كان يقف في الموسم فيقول: قد أحللت دماء المحلين: - طي وخثعم - في شهر المحرم وأنسأته وحرمت بدله شهر المحرم (4). (ليواطئوا): ليوافقوا (5) (عدة ما حرم الله): عدة الاربعة المحرمة (فيحلوا) بمواطأة العدة (ما حرم الله) من القتال (زين لهم سوء أعمالهم): خذلهم الله، حتى حسبوا قبيح أعمالهم حسنا (والله لا يهدي القوم الكافرين) لعدم قبولهم الاهتداء. (يا ايها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الارض): * هامش * (1): السرد: تتابع بعض حلق الدرع إلى بعض، يقال: سرد فلان الصوم: إذا والاه. مجمع البحرين 3: 68 (سرد). (2): القمي 1: 290، عن أبي جعفر عليه السلام. (3): في مجمع البيان (5 - 6: 28): قرأ أبو جعفر عليه السلام (النسيي) بالتشديد من غير همز، وقرأ جعفر بن محمد عليهما السلام والزهري (النسي) مخففا في وزن الهدي بغير همز. (4): القمي 1: 290. (5): في (ب): (ليتوافقوا). (6): أصله: (تثاقلتم) فأدغمت التاء في الثاء، ثم أدخلت همزة الوصل ليمكن الابتداء بها. مجمع البيان 5 - 6: 30.

 

[ 466 ]

تباطأتم، مخلدين إلى أرضكم والاقامة بدياركم. قيل: ذلك (1) في غزوة تبوك في سنة عشر، بعد رجوعهم من الطائف، استنفروا في وقت قحط وقيظ (2) مع بعد الشقة (3) وكثرة العدو، فشق ذلك عليهم (4). القمي: وذلك لم شاع بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عسكر عظيم، وأن هرقل (5) قد سار في جنوده، وجلب معه القبائل، وقدموا البلقاء (6) أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتهيؤ إلى تبوك - وهي من بلاد البلقاء - وبعث الى القبائل حوله وإلى مكة وإلى من أسلم من خزاعة و مزينة وجهينة، وحثهم على الجهاد، فقدمت القبائل، وقعد عنه قوم من المنافقين وغيرهم (7). (أرضيتم بالحياة الدنيا) وغرورها (من الاخرة): [ بدلها ] (8) (فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة): في جنبها (إلا قليل): مستحقر. (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير). (إلا تنصروه فقد نصره الله): فسينصره كما نصره (إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين): لم يكن معه إلا رجل واحد (إذ هما في الغار): غار ثور، وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة. (إذ يقول لصاحبه) وهو أبو بكر (لا تحزن): لا تخف (إن الله معنا) بالعصمة والمعرفة. ورد: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل يقول لأبي بكر في الغار: اسكن فإن الله معنا، وقد أخذته الرعدة وهو لا يسكن، فلما * هامش * (1): في (ج): (قيل: كان ذلك)، وفي (الف: (قال: كان ذلك). (2): القيظ: صميم الصيف من طلوع الثريا إلى طلوع سهيل. يقال: قاظ يومنا: إذا اشتد حره. القاموس المحيط 2: 412 (قيظ). (3): الشقة - بالضم والكسر -: البعد، والناحية يقصدها المسافر، والسفر البعيد، والمشقة. القاموس المحيط 3: 258، ومجمع البحرين 5: 194 (شقق). (4): البيضاوي 3: 68، والكشاف 2: 189. (5): هرقل - على وزن دمشق - وهرقل - وزان خندف -: إسم ملك الروم. القاموس المحيط 4: 69 (هرقل). (6): البلقاء: كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى. معجم البلدان 1: 489. (7): القمي 1: 290. (8): ما بين المعقوفتين من (ب).

 

[ 467 ]

رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاله، قال له: تريد أن أريك أصحابي من الانصار في مجالسهم يتحدثون، وأريك جعفر وأصحابه في البحر يغوصون ؟ قال: نعم. فمسح بيده على وجهه، فنظر الى الانصار يتحدثون، وإلى جعفر وأصحابه في البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه ساحر) (1). (فأنزل الله سكينته): أمنته التي يسكن إليها القلوب (عليه). في قراءتهم عليهم السلام: (على رسوله. قال: وهكذا تنزيلها) (2). قال: (إنهم يحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى: (ثاني اثنين إذ هما في الغار) ومالهم في ذلك من حجة، فوالله لقد قال الله: (فأنزل سكينته على رسوله) وما ذكره فيها بخير. قيل: هكذا تقرؤونها ؟ قال: هكذا قرأتها) (3). (وأيده بجنود لم تروها) يعني الملائكة. قد سبق فيه كلام في تفسير: (وإذ يمكر بك الذين كفروا) من سورة الانفال (4). (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) قال: (هو الكلام الذي تكلم به عتيق) (5). (وكلمة الله هي العليا) القمي: هو قول رسول الله (6). ويستفاد مما سبق أن كلمتهم ما كانوا يمكرون به من إثباته، أو إخراجه، وكلمة الله نصره وغلبته عليهم. (والله عزيز حكيم). (انفروا خفافا وثقالا) القمي: شبابا وشيوخا، يعني إلى غزوة تبوك (7). (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون). * هامش * (1): الكافي 8: 262، الحديث: 377، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام. (2): المصدر: 378، الحديث: 571، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (3): العياشي 2: 88، الحديث: 58، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (4): في ذيل الاية: 30. (5): العياشي 2: 89، الحديث: 58، عن أبي جعفر عليه السلام. والعتيق: لقب أبي بكر. القاموس المحيط 3: 270، والنهاية 3: 179 (عتق). (6) و (7): القمي 1: 290.

 

[ 468 ]

(لو كان عرضا قريبا) قال: (يقول: غنيمة قريبة) (1). (وسفرا قاصدا): متوسطا (لاتبعوك): لوافقوك (ولكن بعدت عليهم الشقة): المسافة التي تقطع بمشقة (وسيحلفون بالله) أي: المتخلفون، إذا رجعتم من تبوك معتذرين (لو استطعنا): يقولون: لو كان لنا استطاعة العدة، أو البدن (لخرجنا معكم) وهذا إخبار بما سيقع قبل وقوعه. (يهلكون أنفسهم) بإيقاعها في العذاب (والله يعلم إنهم لكاذبون). قال: (كذبهم الله في قولهم: (لو استطعنا لخرجنا معكم) وقد كانوا مستطيعين للخروج) (2). (عفا الله عنك لم أذنت لهم) في القعود حين استأذنوك واعتلوا الاكاذيب، وهلا توقفت (حتى يتبين لك الذين صدقوا) في الاعتذار (وتعلم الكاذبين) قال: (يقول: لتعرف أهل العذر (3) والذين جلسوا بغير عذر) (4). في الجوامع: وهذا من لطيف المعاتبة، بدأه بالعفو قبل العتاب، ويجوز العتاب من الله فيما غيره أولى (5)، لا سيما للانبياء (6). وورد: (إنه مما نزل: بإياك أعني واسمعي يا جارة، خاطب الله بذلك نبيه وأراد [ به ] (7) أمته) (8). (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم) قيل: يعني ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في أن يجاهدوا، وإن الخلص منهم يبادرون إليه ولا يوقفون (9) على الاذن فيه [ عن ] (10) أن يستأذنوا في التخلف عنه، إذ * هامش * (1): القمي 1: 290، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): التوحيد: 351 1، الباب: 56، الحديث: 16، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: (أكذبهم الله). (3): في المصدر: (أهل الغدر). (4): القمي 1: 294، عن أبي جعفر عليه السلام. (5): في المصدر: (فيما غيره منه أولى). (6): جوامع الجامع 2: 57. (7): ما بين المعقوفتين من (ب). (8): عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 202، الباب: 15، ذيل الحديث: 1. (9): في المصدر: (لا يتوقفون)، وفي (ب) و (ج): (ولا يواقفونه). (10): ما بين المعقوفتين من (ب).

 

[ 469 ]

ليس (1) من عادتهم أن يستأذنوك في التخلف، كراهة أن يجاهدوا (2). (والله عليم بالمتقين). (إنما يستذنك) في التخلف (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون): يتحيرون. ورد: (من تردد في الريب سبقه الاولون، وأدركه الاخرون، ووطأته (3) سنابك (4) الشيطان) (5). (ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عدة): أهبة. قال: (يعني بالعدة: النية. يقول: لو كان لهم نية لخرجوا) (6) (ولكن كره الله انبعاثهم): نهوضهم للخروج الى الغزو، لعلمه بأنهم لو خرجوا لكانوا يمشون بالنميمة بين المسلمين (فثبطهم): بطأهم وجبنهم وكسلهم وخذلهم (وقيل اقعدوا مع القاعدين): مع النساء والصبيان وهو إذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم في القعود، وفي هذا دلالة على أن إذنه لم يكن قبيحا، وإن كان الاولى أن لا يأذن لهم، ليظهر للناس نفاقهم. (لو خرجوا فيكم ما زادوكم) بخروجهم (إلا خبالا): فسادا وشرا (ولأوضعوا خلالكم): ولأسرعوا ركائبهم بينكم بالنميمة، أو بالهزيمة (7) (يبغونكم الفتنة): يريدون أن يفتنوكم بإيقاع الخلاف فيما بينكم، والرعب في قلوبكم، وإفساد نياتكم في غزوتكم (وفيكم قوم يسمعون قول المنافقين، ويقبلونه ويطيعونهم، يريد من كان ضعيف الايمان من المسلمين (8). (والله عليم بالظالمين). * هامش * (1): في (ب) و (ج): (أو ليس). (2): البيضاوي 3: 69. (3): في المصدر: (قطعته). (4): سنابك جمع سنبك - كقنفذ -: ضرب من العدو وطرف الحافر. القاموس المحيط 3: 317) وهو كناية عن استيلاء الشيطان. (5): الخصال 1: 233، ذيل الحديث: 74، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (6): العياشي 2: 89، الحديث: 60، عن أبي عبد الله عليه السلام. (7): في (ألف): والهزيمة). (8): جوامع الجامع 2: 59.

 

[ 470 ]

(لقد ابتغوا الفتنة): تشتيت شملك وتفريق أصحابك (من قبل) يعني يوم أحد، أو وقوفهم على الثنية (1) ليلة العقبة ليفتكوا به (2). (وقلبوا لك الامور): دبروا لك الحيل والمكائد، واحتالوا في أبطال أمرك (حتى جاء الحق) وهو يأييدك ونصرك (وظهر أمر الله): وغلب دينه وعلا أهله (وهم كارهون) أي: على رغم منهم. والايتان لتسلية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على تخلفهم، وبيان ما ثبطهم الله لاجله، وهتك أستارهم، وإزاحة اعتذارهم، تداركا لما فات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالمبادرة الى الاذن. (ومنهم من يقول ائذن لي) في القعود (ولا تفتني): ولا توقعني في الفتنة، أي: العصيان والمخالفة، بأن لا تأذن لي، فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت، أو في الفتنة بنساء الروم، كما يأتي ذكره. (ألا في الفتنة سقطوا) أي: إن الفتنة هي التي سقطوا فيها، وهي فتنة التخلف وظهور النفاق (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) أي: بهم، لان آثار إحاطتها بهم معهم، فكأنهم في وسطها. القمي: لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الجد بن قيس) فقال له: يا أبا وهب ! ألا تنفر معنا في هذا العزوة ؟ لعلك أن تحتفد (3) من بنات الاصفر (4). فقال: يا رسول الله، والله، إن قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني، وأخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الاصفر، فلا تفتني وائذن لي أن أقيم، وقال لجماعة من قومه: لا تخرجوا في الحر، فقال ابنه: ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقول ما تقول، ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحر ! والله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرأه الناس الى يوم القيامة، * هامش * (1): الثنية: العقبة أو طريقها، أو الجبل، أو الطريقة فيه أو إليه. القاموس المحيط 4: 311 (ثنى). (2): عن سعيد بن جبير: وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك على الثنية ليلة العقبة ليفتكوا به وهم إثنا عشر رجلا. راجع: جوامع الجامع 2: 59. (3): في المصدر: (أن تستحفد) والاستحفاد: الاستخدام. (4): يعني به الروم، لان أباهم الاول كان أصفر اللون وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم. النهاية 3: 37 (صفر).

 

[ 471 ]

فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك: (ومنهم من يقول ائذن لي) الاية، ثم قال (جد بن قيس) أيطمع محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم، لا يرجع من هؤلاء أحد أبدا (1). (إن تصبك) في بعض غزواتك (حسنة) قال: (غنيمة وعافية) (2). (تسؤهم) لفرط حسدهم (وإن تصبك مصيبة) قال: (بلاء وشدة) (3). (يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل): تبجحوا بانصرافهم، واستحمدوا رأيهم في التخلف (ويتولوا وهم فرحون): مسرورون. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا): ناصرنا ومتولي أمرنا (وعلى الله فليتوكل المؤمنون). (قل هل تربصون بنا): تنتظرون بنا (إلا إحدى الحسنيين): الغنيمة والجنة. (ونحن نتربص بكم) إحدى السوءيين: (أن يصيبكم الله بعذاب من عنده): بقارعة من السماء (أو بأيدينا) وهو القتل على الكفر (فتربصوا) ما هو عاقبتنا (إنا معكم متربصون) ما هو عاقبتكم. ورد: (وكذلك المرأ المسلم البرئ من الخيانة ينتظر إحدى الحسنيين: إما داعي الله، فما عند الله خير له، وإما رزق الله، فإذا هو ذو أهل ومال، ومعه دينه وحسبه) (4). و قال: (التربص انتظار وقوع البلاء بأعدائهم) (5). (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين). (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى): متثاقلين. (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) إذ لا رجاء ثواب لهم * هامش * (1): القمي 1: 291 - 292. (2) و (3) - المصدر: 292، عن أبي جعفر عليه السلام (4): نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 64، الخطبة: 23. (5): الكافي 8: 287، ذيل الحديث: 431، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 472 ]

ولا خوف عقاب. (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) يعني إن ذلك استدراج ووبال لهم، بسبب ما يكابدون (1) لجمعها وحفظها من المتاعب، وما يرون فيها من الشدائد والمصائب، ويشق عليهم إنفاقها في سبيل الله، والزهوق: الخروج بصعوبة. (ويحفلون بالله إنهم لمنكم): لمن جملة المسلمين (وما هم منكم) لكفر قلوبهم (ولكنهم قوم يفرقون): يخافون منكم أن تفعلوا بهم ما تفعلون بالمشركين، من القتل والاسر، فيظهرون الاسلام تقية. (لو يجدون ملجئا) حصنا يلجؤون إليه (أو مغارات): غيرانا (أو مدخلا): موضع دخول. قال: (أسرابا في الارض) (2). (لولوا إليه): لاقبلوا نحوه (وهم يجمحون) يسرعون إسراعا لا يردهم شئ، كالفرس الجموح. (ومنهم من يلمزك): يعيبك (في الصدقات): في قسمتها (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) يعني إن رضاهم وسخطهم لانفسهم، لا للدين. قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي، وهو حرقوص ابن زهير أصل الخوارج. فقال: اعدل يا رسول الله ! فقال: ويلك ! ومن يعدل إذا لم أعدل ؟) الحديث. الى أن قال: (فنزلت) (3). * هامش * (1): في (الف): (يكايدون) بالياء، وهو تصحيف. والمكايدة للشئ: تحمل المشاق فيه. مجمع البحرين 3: 135 (كبد). (2): مجمع البيان 5 - 6: 40، عن أبي جعفر عليه السلام. (3): مجمع البيان 5 - 6: 40، عن أبي سعيد الخدري. (4): المصدر: 41، والعياشي 2: 89، الحديث: 62، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 473 ]

(ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله): ما أعطاهم الرسول من الغنيمة أو الصدقة، وذكر (الله) للتعظيم والتنبيه على أن ما فعله الرسول كان بأمر الله. (وقالوا حسبنا الله): كفانا فضله (سيؤتيهم الله من فضله) صدقة أو غنيمة أخرى (ورسوله إنا الى الله راغبون) في أن يوسع علينا من فضله. وجواب الشرط محذوف، تقديره: لكان خيرا لهم. (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) أي: الزكوات لهؤلاء المعدودين دون غيرهم (فريضة من الله): فرض لهم فريضة (والله عليم حكيم): يضع الاشياء مواضعها. قال: (الفقراء: هم الذين لا يسألون وعليهم مؤونات من عيالهم، والدليل على أنهم هم الذين لا يسألون قول الله عز وجل في سورة البقرة: (للفقراء الذين أحصروا) الى قوله: (لا يسألون الناس إلحافا) (1). والمساكين: هم أهل الزمانة من العميان والعرجان والمجذمين (2)، وجميع أصناف الزمنى من الرجال والنساء والصبيان. والعاملين عليها: هم السعاة والجباة في أخذها وجمعها و حفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها. والمؤلفة قلوبهم: قوم وحدوا الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتألفهم ويعلمهم كيما يعرفوا، فجعل الله لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا. وفي الرقاب: قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ وفي الظهار وقتل الصيد في الحرم وفي الايمان، وليس عندهم ما يكفرون، وهم مؤمنون، فجعل الله لهم سهما في الصدقات ليكفر عنهم. والغارمين: قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله من * هامش * (1): الاية: 273. (2): في المصدر: (المجذمين). (3): في المصدر: حتى يردوها).

 

[ 474 ]

غير إسراف، فيجب على الامام، أن يقضي ذلك عنهم، ويكفيهم (1) من مال الصدقات. وفي سبيل الله: قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون، أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبل الخير، فعلى الامام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يتقوون به (2) على الحج والجهاد. وابن السبيل: أبناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة الله، فيقطع عليهم ويذهب مالهم، فعلى الامام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات. والصدقات تتجزى ثمانية أجزاء، فيعطى كل إنسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاجون إليه بلا إسراف ولا تقتير، يقوم في ذلك الامام، يعمل بما فيه الصلاح) (3). وفي رواية: سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها. قال: (يؤدى عنه من مال الصدقة، إن الله عز وجل يقول في كتابه: (وفي الرقاب) (4). ورد: (سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام، والباقي خاص) (5). يعني خاص بمن يعرف الحق لا يعطى غيره. وورد: (لا تحل الصدقة لبني هاشم إلا في وجهين: إن كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا، وصدقة بعضهم على بعض) (6). (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن): يسمع كل ما يقال له ويصدقه (قل أذن خير لكم). تصديق لهم بأنه أذن، ولكن لا على الوجه الذي ذموه به، بل من حيث إنه يسمع الخير ويقبله. (يؤمن بالله): يصدق به (ويؤمن للمؤمنين): يصدقهم، واللام للفرق بين الايمانين كما يأتي. * هامش * (1) في المصر: (ويفكهم). (2): في المصدر: (حتى ينفقوا به). (3): القمي 1: 298 - 299، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): من لا يحضره الفقيه 3: 74، الحديث: 258، عن أبي عبد الله عليه السلام. (5): الكافي 3: 496، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (6): الخصال 1: 62، الحديث: 88، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهم السلام.

 

[ 475 ]

القمي: كان نزولها: أن عبد الله بن نفيل كان منافقا، وكان يقعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين وينم عليه، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا محمد إن رجلا من المنافقين: ينم عليك وينقل حديثك إلى المنافقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من هو ؟ فقال: الرجل الاسود كثير شعر الرأس، ينظر بعينين كأنهما قدران، وينطق بلسانه شيطان (2). فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبره، فحلف إنه لم يفعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قد قبلت منك فلا تقعد، فرجع إلى أصحابه فقال: إن محمد أذن أخبره الله أني أنم عليه وأنقل أخباره فقبل، وأخبرته أني لم أفعل فقبل، فأنزل الله على نبيه: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين (أي: يصدق الله فيما يقول له، ويصدقك فيما تعتذر إليه في الظاهر و لا يصدقك في الباطن. قوله: (ويؤمن للمؤمنين) يعني المقرين بالايمان من غير اعتقاد) (3). وفي رواية: (يعني يصدق الله ويصدق المؤمنين، لانه كان رؤوفا رحيما بالمؤمنين) (4). (ورحمة) أي: هو رحمة (للذين آمنوا منكم): لمن أظهر الايمان حيث يقبله ولا يكشف سره. وفيه تنبيه على أنه ليس يقبل قولكم جهلا بحالكم، بل رفقا بكم وترحما. (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم). (يحلفون بالله لكم) على معاذيرهم فيما قالوا وتخلفوا. (ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه). توحيد الضمير لتلازم الرضائين. (إن كانوا مؤمنين). القمي: نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين أنهم منهم، لكي يرضوا عنهم (5). * هامش * (1): في المصدر: (الكثير شعر الرأس). (2): في المصدر: (وينطق بلسان شيطان). (3): القمي 1: 300. (4): العياشي 2: 95، الحديث: 83، عن أبي عبد الله عليه السلام. (5): القمي 1: 300.

 

[ 476 ]

(ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله): يشاقق، من الحد، لان كلا من المخالفين في حد غير حد صاحبه (فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم). (يحذر المنافقين أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم) وتهتك عليهم أستارهم (قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون). (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون). القمي: كان قوم من المنافقين لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبوك يتحدثون فيما بينهم ويقولون: أيرى محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن حرب الروم مثل حرب غيرهم ؟. لا يرجع منهم أحد أبدا. فقال بعضهم: ما أخلقه (1) أن يخبر الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بما كنا فيه وبما في قلوبنا، و ينزل عليه بهذا قرآنا يقرأه الناس، وقالوا هذا على حد الاستهزاء. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر: (إلحق القوم فإنهم قد احترقوا، فلحقهم عمار فقال: ما قلتم ؟ قالوا: ما قلنا شيئا، إنما كنا نقول شيئا على حد اللعب والمزاح، فنزلت) (2). وفي رواية: (نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على [ باب ] (3) العقبة، ائتمروا بينهم ليقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض ونلعب، وإن لم يفطن نقتله، وذلك عند رجوعه من تبوك. فأخبره جبرئيل بذلك، وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم، فضربها حتى نحاهم) (4). وورد: (كانت ثمانية منهم من قريش وأربعة من العرب) (5). ويأتي تمام قصتهم عند تفسير قوله تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا) (6) من هذه السورة إن شاء الله. (لا تعتذروا) بما يعلم كذبه (قد كفرتم): قد أظهرتم الكفر (بعد إيمانكم) بعد * هامش * (1): في المصدر: (ما أخلفه). (2): القمي 1: 300. (3): ما بين المعقوفتين من (ب). (4): مجمع البيان 5 - 6: 46، عن أبي جعفر عليه السلام. (5): المصدر: 51، عن أبي جعفر عليه السلام. (6): الاية: 74.

 

[ 477 ]

إظهاركم الايمان (إن نعف عن طائفة منكم) لتوبتهم وإخلاصم (نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين): مصرين على النفاق. وفي رواية في قوله: (لا تعتذروا): (هؤلاء قوم كانوا مؤمنين صادقين ارتابوا وشكوا ونافقوا بعد إيمانهم، وكانوا أربعة نفر. وقوله: (إن نعف عن طائفة منكم) كان أحد الاربعة مختبر بن الحمير (1) فاعترف وتاب، وقال: يا رسول الله أهلكني اسمي، فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عبد الله بن عبد الرحمان، فقال: يا رب اجعلني شهيدا حيث لا يعلم أين أنا، فقتل يوم اليمامة، ولم تعلم أحد أين قتل، فهو الذي عفي عنه) (2). (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض). تكذيب لهم فيما حلفوا: (إنهم لمنكم)، وتحقيق لقوله: (وما هم منكم) (3) (يأمرون بالمنكر): بالكفر والمعاصي (وينهون عن المعروف): عن الايمان والطاعة (ويقبضون أيديهم) شحا (4) بالخيرات والصدقات (نسوا الله): أغفلوا ذكره (فنسيهم): فتركهم عن رحمته وفضله. قال: (يعني نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بطاعته، فنسيهم في الاخرة، أي: لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا، فصاروا منسيين من الخير) (5). وفي رواية: (تركوا طاعة الله، فتركهم) (6). (إن المنافقين هم الفاسقون). (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقين). (كالذين من قبلكم): أنتم مثلهم (كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا * هامش * (1): في (الف): مختير بن الحمير). وفي (ج): مخبر بن حمير). وفي سيرة النبي لابن هشام (168 4) والمغازي (2: 1003): (مخشي بن حمير) و (مخشن بن حمير). (2): القمي 1: 300، عن أبي جعفر عليه السلام. (3): الاية: 56. (4): الشح: البخل والحرص. القاموس المحيط 1: 239 (شح). (5): العياشي 2: 96، الحديث: 86، والتوحيد: 259، الباب: 36، ذيل الحديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام. وفي العياشي: (... فلم يعملوا له بالطاعة، ولم يؤمنوا به وبرسوله، فنسيهم في الاخرة). (6): العياشي 2: 95، الحديث: 85، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 478 ]

وأولادا). بيان لتشبيههم (1) بهم. (فاستمتعوا بخلاقهم): نصيبهم من ملاذ الدنيا (فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم). ذم الاولين باستمتاعهم بحظوظهم الفانية، والتهائهم بها عن النظر في العاقبة والسعي في تحصيل اللذائذ الحقيقية الباقية، تمهيدا لذم المخاطبين لمشابهتهم بهم واقتفائهم أثرهم. (وخضتم): دخلتم في الباطل (كالذي خاضوا): كالخوض الذي خاضوه (أولائك حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة وأولائك هم الخاسرون). (ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح) كيف أغرقوا بالطوفان (وعاد) كيف أهلكوا بالريح (وثمود) كيف أهلكوا بالرجفة (وقوم إبراهيم) كيف أهلك نمرود ببعوض وأهلك أصحابه (وأصحاب مدين)، قوم شعيب كيف أهلكوا بالنار يوم الظلة (2) (والمؤتفكات): أصحاب القرى المؤتفكة. قال: (أولائك قوم لوط ائتفكت عليهم، أي: انقلبت) (3). (أتتهم) كلهم (رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بتعرضها للعقاب بالكفر والتكذيب. (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولائك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم). هي في مقابلة سابقته. (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة): يطيب فيها العيش (في جنات عدن): إقامة وخلود. قال: (عدن: دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النبيين والصديقين والشهداء. يقول الله تعالى: طوبى لمن دخلك) (4). (ورضوان من الله أكبر) يعني وشئ * هامش * (1): في (الف): (لتشبههم). (2): إشارة الى الاية: 189 من سورة الشعراء: فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم). (3): الكافي 8: 181، ذيل الحديث: 202، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): مجمع البيان 5 - 6، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 

[ 479 ]

من رضوانه أكبر من ذلك، لان رضاه سبب كل سعادة، وموجب كل فوز، وبه ينال كرامته التي أكبر أصناف الثواب. (ذلك هو الفوز العظيم) الذي يستحقر دونه كل لذة وبهجة. (يا أيها النبي جاهد الكفار) [ قيل: بالسيف (1). ] (2) (والمنافقين) قال: (بإلزام الفرائض) (3). وفي رواية: إن في قراءتهم عليهم السلام: (جاهد الكفار بالمنافقين قالوا: لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يقاتل المنافقين، ولكن كان يتألفهم، ولان المنافقين لا يظهرون الكفر، وعلم الله بكفرهم لا يبيح قتلهم إذا كانوا يظهرون الايمان) (4). وفي أخرى: (هكذا نزلت، يعني: (والمنافقين). قال: فجاهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكفار وجاهد علي عليه السلام المنافقين، فجاهد علي عليه السلام جهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (5). (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير). (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إيمانهم وهموا بما لم ينالوا). القمي: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة أن لا يردوا هذا الامر في بني هاشم، فهي (كلمة الكفر)، ثم قعدوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة وهموا بقتله، وهو قوله: (وهموا بما لم ينالوا) (6). أقول: قد سبق حديث همهم بقتله عند تفسير قوله تعالى: (إنما كنا نخوض ونلعب). وورد: (لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قال في غدير خم وصاروا (7) بالاخبية (8) مر المقداد * هامش * (1): جوامع الجامع 2: 70، والبيضاوي 3: 74، والكشاف 2: 202. (2): ما بين المعقوفتين من (ج). (3): القمي 1: 301، عن أبي جعفر عليه السلام. (4): مجمع البيان 5 - 6: 50. (5): القمي 2: 377، ذيل الاية: 9 من سورة التحريم، عن أبي عبد الله عليه السلام. (6): القمي 1: 301. (7): في المصدر: (وصار). (8): الاخبية جمع الخباء: من الابنية يكون من وبر أو صوف أو شعر. القاموس المحيط 4: 324 (جنى).

 

[ 480 ]

بجماعة منهم يقولون: إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر أجله، أراد أن يولينا عليا من بعده، أما والله ليعلمن، قال: فمضى المقداد وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: الصلاة جامعة. قال: فقالوا: قد رمانا المقداد، فقوموا نحلف عليه، قال: فجاؤوا حتى جثوا (1) بين يديه، فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، والذي بعثك بالحق والذي أكرمك بالنبوة، ما قلنا ما بلغك، والذي اصطفاك على البشر. قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بسم الله الرحمان الرحيم يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بك يا محمد ليلة العقبة) (2). وفي رواية: (لما أقام عليا يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين: وهم أبو بكر وعمر وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة. قال عمر: أما ترون عينيه كأنهما عينا مجنون - يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الساعة يقوم ويقول: قال لي ربي. قال فنزل جبرئيل وأعلمه بمقالة القوم، فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا، فأنزل الله (يحلفون بالله ما قالوا) (3). (وما نقموا): وما أنكروا وما عابوا (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله). قال: (كانأحدهم يبيع الرؤوس، وآخر يبيع الكراع (4) ويفتل القرامل (5)، فأغناهم الله برسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه) (6). والمعنى: أنهم جعلوا موضع شكر النعمة كفرانها، وكان الواجب عليهم أن يقابلوها بالشكر. (فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا) بالصرار على النفاق (يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والاخرة) بالقتل * هامش * (1): جث: فزع. القاموس المحيط 1: 169، وأقرب الموارد 2: 84 (جث). (2): العياشي 2: 99، الحديث: 90، عن أبي عبد الله عليه السلام. (3): القمي 1: 301، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): الكراع من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس وهو مستدق الساق. وهو اسم يجمع الخيل. القاموس المحيط 3: 81 (كرع). (5): القرامل: صغائر من شعر أو صوف أو أبريسم، تصل به المرأة شعرها. النهاية 4: 51 (قرمل). (6): العياشي 2: 100، ذيل الحديث: 90، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 481 ]

والنار (وما لهم في الارض من ولي ولا نصير) فينجيهم من العذاب. (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين). فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون). قال: (هو ثعلبة بن حاطب بن عمر بن عوف، كان محتاجا فعاهد الله، فلما آتاه بخل به) (1) (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم): فأورثهم البخل نفاقا متمكنا في قلوبهم (الى يوم يلقونه): يلقون الله. قال: (اللقاء هو البعث) (2). (بما أخلفوا ما وعدوه وبما كانوا يكذبون). (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم): ما أسروه في أنفسهم من النفاق (ونجواهم): ما يتناجون به فيما بينهم من المطاعن (وأن الله علام الغيوب). (الذين يلمزون): يعبون (المطوعين): المتطوعين (من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم): إلا طاقتهم، فيتصدقون بالقليل. ورد: (أفضل الصدقة جهد المقل) (3). (فيسخرون منهم): يستهزؤون (سخر الله منهم) قال: (جازاهم جزاء السخرية) (4). (ولهم عذاب أليم). ورد: (آجر أمير المؤمنين عليه السلام نفسه على أن يستقي كل دلو بتمرة بخيارها، فجمع تمرا فأتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعبد الرحمان بن عوف على الباب، فلمزه، أي: وقع فيه، فنزلت) (5). والقمي: نزلت في سالم بن عمير الانصاري، جاء بصاع من تمر من كسب يده وقال: أقرضه ربي، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينثره (6) في الصدقات، فسخر منه المنافقون * هامش * (1): القمي 1: 301، عن أبي جعفر عليه السلام. وفي المصدر ونسخة (الف): (ثعلبة بن خاطب). (2): التوحيد: 267، الباب: 36، الحديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (3): مجمع البيان 5 - 6: 55، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والجهد: الوسع والطاقة ومع المقل أي: قدر ما يحتمله حال القليل المال. النهاية 2: 320 (جهد). (4): عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 126، الباب: 11، ذيل الحديث: 19. وفيه: (يجازيهم جزاء السخرية). (5): العياشي 2: 101، الحديث: 93، عن أبي عبد الله عليه السلام. و (وقع فيه): لامه وعابه، يقال: وقعت بفلان: إذا لمته: ووقعت فيه: إذا عبته وذممته. لسان العرب 8: 405 (وقع). (6): في (الف): (ينثر).

 

[ 482 ]

وقالوا: أراد أن يذكر نفسه ليعطى من الصدقات (1). (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم): لا فرق بين الامرين في عدم الافادة لهم (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم). قيل: السبعون جار في كلامهم مجرى المثل للتكثير (2). وورد: (إن الله قال لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم: (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم (فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم، فأنزل الله: (سواء عليهم أستغفرت لهم) الاية. فلم يستغفر لهم بعد ذلك) (3). (ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين). (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله) بقعودهم عن الغزو (4) خلفه، يقال: أقام خلاف القوم، أي: بعدهم. (وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم في سبيل الله) إيثارا للدعة والخفض (وقالوا لا تنفروا في الحر). قاله بعضهم لبعض، وقد سبق قصة الجد بن قيس في ذلك عند تفسير: (ومنهم من يقول ائذن لي) (5) وهذا تفضيح له. (قل نار جهنم أشد حرا) وقد آثرتموها بهذه المخالفة (لو كانوا يفقهون) أن مآبهم إليها، وأنها كيف هي، ما اختاروها بإيثار الدعة والخفض على طاعة الله. (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) إما على ظاهر الامر، وإما إخبار عما يؤول إليه حالهم في الدنيا والاخرة، يعني: فيضحكون قليلا ويبكون كثيرا، ويجوز أن يكون المراد بالضحك والبكاء، السرور والغم. (جزاء بما كانوا يكسبون) من الكفر والنفاق والتخلف. (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم): فإن ردك الى المدينة وفيها طائفة من * هامش * (1): القمي 1: 302. (2): جوامع الجامع 2: 73، والكشاف 2: 205. (3): العياشي 2: 100، الحديث: 92، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. والاية في المنافقين (63): 6. (4): في (الف): (من الغزو). (5): الاية: 49 من نفس السورة.

 

[ 483 ]

المتخلفين، يعني منافقيهم ممن لم يتب ولم يكن له عذر صحيح في التخلف (فاستأذنوك للخروج) إلى غزوة أخرى بعد تبوك (فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا مي عدوا). إخبار في معنى النهي. (إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين). (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) بأن تدعو له وتستغفر (ولا تقم على قبره) للدعاء له (إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون). قد مر تفسيرها (1)، وهي إما تأكيد، أو تلك في فرقة وهذه في أخرى. (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم): ذووا (2) السعة (وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) لعذر. (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) قال: (مع النساء) (3). (وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) ما في الجهاد وموافقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من السعادة، وما في التخلف عنه من الشقاوة. (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم) يعني: إن تخلف هؤلاء ولم يجاهدوا، فقد جاهد من هو خير منهم (وأولائك لهم الخيرات): منافع الدارين، النصر والغنيمة في الدنيا، والجنة ونعيمها في الاخرة (وأولائك هم المفلحون). (أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذل الفوز العظيم). * هامش * (1): في ذيل الاية: 55 من نفس السورة. (2): في (ب): (ذو السعة). (3): العياشي 2: 103، الحديث: 97، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 484 ]

(وجاء المعذرون): المقصرون، من عذر في الامر: إذا توانى ولم يجد فيه. وحقيقته أن يوهم أن له عذرا فيها يفعل ولا عذر له، أو من (اعتذر) - بالادغام (1) -: إذا مهد العذر، وهم الذين يعتذرون بالباطل (من الاعراب): أهل البدو (ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) في ادعاء الايمان، فلم يجيبوا، ولم يعتذروا (2). (سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) بالقتل والنار. (ليس على الضعفاء ولا على المرضى) كالهرمى والزمنى (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون) لفقرهم (حرج) إثم في التخلف (إذا نصحوا لله ورسوله) بالايمان والطاعة في السر والعلانية (ما على المحسنين من سبيل): لا جناح عليهم و لا عتاب (والله غفور رحيم). (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) يعني معك (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) القمي: سألوا نعلا يلبسونها (3). (تولوا وأعينهم تفيض): 503 سورة يونس [ مكية، وهي مائة وتسع آيات ] 1 بسم الله الرحمن الرحيم * (الر تلك ءايت الكتب الحكيم) *: ذي الحكمة، أو المحكم آياته. * (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) * سابقة وفضلا، سميت قدما لان السبق بها، كما سميت النعمة يدا لانها باليد تعطى، وإضافتها إلى الصدق لتحققها، والتنبيه على أنهم إنما ينالونها بصدق القول والنية. قال: " إن معنى " قدم صدق " شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم " 2. وفي رواية: " هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " 3. أقول: وهذا يرجع إلى ذاك، وفي أخرى: " بولاية أمير المؤمنين عليه السلام " 4. أقول: وهذا لان الولاية من شروط الشفاعة، وهما ملازمتان.

___________________________

1 - مابين المعقوفتين من " ب ".

 2 - مجمع البيان 5 - 6: 89، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 8: 364، الحديث: 554، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - المصدر 1: 422، الحديث 50، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ".

 

[ 485 ]

بالمعاذير الكاذبة (لن نؤمن لكم): لن نصدقكم (قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله): أتتوبون من الكفر (1) أم تثبتون عليه ؟ (ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة) أي: إليه، فوضع الوصف موضع الضمير للدلالة على أنه مطلع على سرهم وعلنهم، لا يفوت عن علمه شئ من ضمائرهم وأعمالهم (فينبئكم بما كنتم تعملون) بالتوبيخ والعقاب. (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم) فلا تعاتبوهم (فأعرضوا عنهم) ولا توبخوهم (إنهم رجس): لا يؤثر فيهم التوبيخ والنصح والعتاب، ولا سبيل إلى تطهيرهم (ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون). (يحلفون لكم لترضوا عنهم) فتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم (فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) ولا ينفعهم رضاكم إذا كان الله ساخطا عليهم. ورد: (من التمس رضا الله بسخط الناس، رضى الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط الناس عليه) (2). القمي: لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تبوك كان أصحابه المؤمنون يتعرضون للمنافقين ويؤذونهم، وكانوا يحلفون لهم أنهم على الحق وليسوا بمنافقين، لكي يعرضوا عنهم. فأنزل الله: (سيحلفون بالله لكم) الاية (3). (الاعراب): أهل البدو (4) (أشد كفرا ونفاقا) من أهل الحضر، لتوحشهم وقساوتهم وجفائهم، ونشوهم في بعد من مشاهدة العلماء وسماع التنزيل (وأجدر ألا يعلموا): وأحق بأن لا يعلموا (حدود ما أنزل الله على رسوله) من الشرايع (والله عليم) بحال * هامش * (1): في (ب) و (ج): (عن الكفر). (2): مجمع البيان 5 - 6: 61، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (3): القمي 1: 302. (4): البدو: البادية والنسبة إليه بدوي. الصحاح 6: 2278 (بدا).

 

[ 486 ]

كل من أهل الوبر والمدر (1) (حكيم) فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم. (ومن الاعراب من يتخذ): يعد (ما ينفق): ما يصرفه في سبيل الله ويتصدق به (مغرما): غرامة وخسرانا، إذ لا يحتسبه عند الله ولا يرجو عليه ثوابا، وإنما ينفق رياء وتقية. (ويتربص بكم الدوائر): دوائر الزمان وعقباته وحوادثه، لينقلب الامر عليكم فيتخلص من الانفاق. (عليهم دائرة السوء). اعتراض بالدعاء عليهم بنحو ما يتربصونه، أو إخبار عن وقوع ما يتربصون عليهم. (والله سميع) لما يقولون عند الانفاق (عليم) بما يضمرون. (ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الاخر ويتخذ ما ينفق قربات): سبب قربات (عند الله وصلوات الرسول): وسبب دعواته، لانه كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة، ويستغفر لهم. (ألا إنها قربة لهم). شهادة من الله لهم بصحة معتقدهم، و تصديق لرجائهم. (سيدخلهم الله في رحمته). وعد لهم. (إن الله غفور رحيم). تقرير لهم. (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار) القمي: هم النقباء وأبو ذر والمقداد وسلمان وعمار، ومن آمن وصدق وثبت على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (2). وفي نهج البلاغة: (لا يقع اسم الهجرة على أحد إلا بمعرفة الحجة في الارض، فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر) (3). (والذين اتبعوهم بإحسان): بالايمان والطاعة الى يوم القيامة (رضي الله عنهم) بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم (ورضوا عنه) بما نالوا من نعمه من الدينية والدنيوية (4) (وأعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك * هامش * (1): أهل الوبر والمدر، أي: أهل البوادي والمدن والقرى، وهو من: وبر الابل، لان بيوتهم يتخذونها منه، والمدر: جمع مدرة وهي البنية. النهاية 5: 144 (وبر). (2): القمي 1: 303. (3): نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 280، الخطبة 189. (4): في (ب): (من النعمة الدينية والدنيوية).

 

[ 487 ]

الفوز العظيم): (وممن حولكم): ممن حول بلدتكم، يعني المدينة (من الاعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق): تمهروا فيه وتمرنوا (لا تعلمهم): لا تعرفهم بأعيانهم، وهو تقرير لمهارتهم فيه، يعني يخفون عليك، مع فطنتك وصدق فراستك لفرط تحاميهم مواقع الشك في أمرهم. (نحن نعلمهم) ونطلع على أسرارهم (سنعذبهم مرتين) قيل: هما ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، عند قبض أرواحهم، وعذاب القبر (1). (ثم يردون إلى عذاب عظيم): عذاب النار. (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم). قال: (نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر) (2). وقد سبقت قصته عند تفسير: (لا تخونوا الله والرسول) من سورة الانفال (3). وفي رواية: (أولائك قوم مؤمنون، يحدثون في إيمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهونها. فأولائك عسى الله أن يتوب عليهم) (4). وفي أخرى: (هم قوم اجترحوا ذنوبا، مثل قتل حمزة وجعفر الطيار، ثم تابوا، ثم قال: ومن قتل مؤمنا لم يوفق للتوبة، إلا أن الله لا يقطع طمع العباد فيه ورجاءهم منه. قال: و (عسى) من الله واجب) (5). (خذ من أموالهم صدقة). القمي: نزلت حين أطلق أبو لبابة وعرض ماله للتصدق (6). (تطهرهم) الصدقة، أو أنت (وتزكيهم بها) أي: تنسبهم إلى الزكاء، والتزكية مبالغة في التطهير وزيادة فيه، أو بمعنى الانماء والبركة في المال. (وصل * هامش * (1): جوامع الجامع 2: 81. (2): القمي 1: 303، ومجمع البيان 5 - 6: 67، عن أبي جعفر عليه السلام. (3): الاية: 27. (4): راجع: العياشي 2: 106، الحديث: 109، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: (أولائك قوم مذنبون يحدثون وإيمانهم من الذنوب...). (5): العياشي 2: 105، الحديث: 106، مرفوعا. (6): القمي 1: 304.

 

[ 488 ]

عليهم): وترحم بالدعاء لهم (إن صلاتك سكن لهم): تسكن إليها نفوسهم و تطمئن بها قلوبهم (والله سميع) يسمع دعاءك لهم (عليم) يعلم ما يكون منهم. ورد: (فإنه كان إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: اللهم صل عليهم) (1). وورد: (إن هذه الاية جارية في الامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (2). وقال: (لما نزلت آية الزكاة: (خذ من أموالهم صدقة) وأنزلت في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مناديه فنادى في الناس: إن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عليهم من الذهب والفضة، وفرض عليهم الصدقة من الابل والبقر والغنم، ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ونادى بهم ذلك (3) في رمضان، وعفا لهم عما سوى ذلك. قال: ثم لم يعرض (4) لشئ من أموالهم، حتى حال عليهم الحول من قابل، فصاموا وأفطروا، فأمر مناديه فنادى في المسلمين: أيها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلاتكم. قال: ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق (5)) (6). (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده) إذا صحت (ويأخذ الصدقات) إذا صدرت عن خلوص النية، يقبلها قبول من يأخذ شيئا ليؤدي بدله. قال: (أي: يقبلها من أهلها ويثيب عليها) (7). وورد: (إن الله يقول: ما من شئ إلا وقد وكلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة، فإني أتلقفها بيدي تلقفا (8)، حتى أن الرجل ليتصدق بالتمرة أو بشق التمرة فأربيها له كما * هامش * (1): مجمع البيان 5 - 6: 68، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (2): العياشي 2: 106: 111، عن أبي عبد الله عليه السلام. (3): في المصدر: (فنادى فيهم بذلك). (4): في المصدر: (لم يفرض) وفي نسخة (ب): لم يتعرض). (5): الطسق - كفلس - مكيال، أو ما يوضع من الخراج على الجربان. أو شبه ضريبة معلومة وكأنه مولد أو معرب. القاموس المحيط 3: 266 (طسق). (6): الكافي 3: 497، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. (7): التوحيد: 3: 162، الباب: 17، ذيل الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. (8): لقفه وتلقفه: تناوله بسرعة. القاموس المحيط 3: 203 (لقف).

 

[ 489 ]

يربي الرجل فلوه (1) وفصيله (2)، فيأتي يوم القيامة وهو مثل أحد وأعظم من أحد) (3). وفي رواية: (ضمنت على ربي أن الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب، وهو قوله تعالى: (ويأخذ الصدقات) (4). (وفي أخرى: (إذا ناولتم السائل شيئا فاسألوه أن يدعو لكم، فإنه يجاب له فيكم، ولا يجاب في نفسه، لانهم يكذبون، وليرد الذي ناوله، يده إلى فيه، فيقبلها، فإن الله عز وجل يأخذها قبل أن تقع في يده، كما قال عز وجل: (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) (5). (وأن الله هو التواب الرحيم). (وقل اعملوا) ما شئتم (فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) خيرا كان أو شرا. قال: (المؤمنون هم الائمة) (6). وفي رواية: (إيانا عنى). (7) وفي أخرى: (ليس هكذا هي، إنما هي والمأمونون، فنحن المأمونون) (8). وورد: (تعرض الاعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلام، أعمال العباد، كل صباح أبرارها و فجارها (9)، فاحذرواها، وهو قول الله عز وجل: (وقل اعملوا) الاية) (10). وفي رواية: (قيل له: ادع الله لي ولاهل بيتي، فقال: أو لست أفعل ؟ والله إن * هامش * (1): الفلو - بالكسر - الجحش والمهر فطما أو بلغا السنة. القاموس المحيط 4: 377 (فلو). (2): الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه. القاموس المحيط 4: 30 (فصل). (3): الكافي 4: 47، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): العياشي 2: 108، الحديث: 118، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن علي بن الحسين عليهما السلام. (5): الخصال 2: 619، ذيل الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (6): الكافي 1: 219، الحديث: 2، والعياشي 2: 109، الحديث: 125، عن أبي عبد الله عليه السلام. (7): الامالي (للطوسي) 2: 23، عن أبي عبد الله عليه السلام. (8): الكافي 1: 424، الحديث: 62، عن أبي عبد الله عليه السلام. (9): الابرار جمع بر - بالفتح - بمعنى البار، والفجار جمع فاجر فيكون قوله عليه السلام: (أبرارها وفجارها) بدل تفصيل للعباد، ويحتمل أن يكون بدل تفصيل لاعمال العباد فيقرآن بالرفع. وفي إطلاق الابرار والفجار على الاعمال تجوز. على أنه يحتمل كون الابرار حينئذ جمع البر - بالكسر - وربما يقرأ الفجار - بكسر الفاء وتخفيف الجيم - جمع فجار مبنيا على الكسر وهو اسم الفجور. أو جمع فجر - بالكسر - وهو ايضا الفجور. مرآة العقول 3: 4. (10): الكافي 1: 219، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 490 ]

أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة. قال: فاستعظمت ذلك، فقال: أما تقرأ كتاب الله عز وجل: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) ؟ قال: هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام) (1). (وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون). (وآخرون مرجون) مؤخرون، موقوف أمرهم، من أرجأته (لامر الله) في شأنهم (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم) بأحوالهم (حكيم) فيما يفعل بهم. قال: (هم قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين، ثم إنهم دخلوا في الاسلام، فوحدوا اله وتركوا الشرك، ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم، فيكونوا من المؤمنين فيجب لهم الجنة، ولم يكونوا على جحودهم، فيكفروا فيجب لهم النار، فهم على تلك الحال، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) (2). (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) مضارة للمؤمنين (وكفرا): وتقوية للكفر الذي كانوا يضمرونه (وتفريقا بين المؤمنين) الذين كانوا يجتمعون للصلاة في مسجد قبا، أرادوا أن يتفرقوا عنه وتختلف كلمتهم (وإرصادا): وإعدادا (لمن حارب الله ورسوله من قبل) يعني أبا عامر الراهب. روي: (أنه كان يقاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزواته، إلى أن هرب إلى الشام ليأتي من قيصر بجنود يحارب بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومات بقنسرين وحيدا) (3). (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى): ما أردنا ببنائه إلا الخصلة الحسنى، و هي الصلاة والذكر والتوسعة على المصلين (والله يشهد إنهم لكاذبون) * هامش * (1): الكافي 1: 219، الحديث: 4، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام. (2): الكافي 2: 407، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. وفيه: (فتجب) في كلا الموضعين. (3): الكشاف 2: 213، والبيضاوي 3: 80.

 

[ 491 ]

في حلفهم. وورد ما ملخصه: (إن المنافقين اتفقوا وبايعوا لابي عامر الراهب - الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفاسق - وجعلوه أميرا عليهم وبخعوا له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة لئلا أتهم إلى أن يتم تدبيركم، وكاتبوا (أكيدر) - صاحب دومة الجندل - ليقصد المدينة، فأوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعرفه ما أجمعوا عليه من أمره وأمره بالمسير إلى تبوك. قال: فلما صح عزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرحلة إلى تبوك، عمد هؤلاء المنافقون فبنوا خارج المدينة مسجدا، وهو مسجد الضرار، يريدون الاجتماع فيه، ويوهمون أنه للصلاة، وإنما كان ليجتمعوا فيه لعلة الصلاة، فيتم تدبيرهم ويقع هناك ما يسهل به لهم ما يريدون، ثم جاء جماعة منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: يا رسول الله إن بيوتنا قاصية عن مسجدك وإنا نكره الصلاة في غير جماعة، ويصعب علينا الحضور، وقد بنينا مسجدا، فچن رأيت أن تقصده وتصلي فيه لنتيمن ونتبرك بالصلاة في موضع مصلاك، فلم يعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما عرفه الله من أمرهم ونفاقهم. قال: وقال: أنا على جناح سفر فأمهلوا حتى أرجع إن شاء الله تعالى ثم أنظر في هذا نظرا يرضاه الله. قال: وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غانما ظافرا، وأبطل الله كيد المنافقين، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإحراق مسجد الضرار، فأنزل الله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) الايات) (1). (لا تقم فيه أبدا) أي: لا تصل فيه أبدا. يقال: فلان يقوم بالليل، أي: يصلي. (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) من أيام وجوده. قال: (يعني مسجد قبا). قيل: أسسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصلى فيه أيام مقامه بقبا (3). (أحق أن * هامش * (1): تفسير الامام عليه السلام: 482 و 483 و 488، عن أبي الحسن الاول عليه السلام. (2): الكافي 3: 296، الحديث: 2، والعياشي 2: 111، الحديث: 135، عن أبي عبد الله عليه السلام، والحديث: 136، عن الصادقين عليهما السلام. (3): البيضاوي 3: 81، والكشاف 2: 114.

 

[ 492 ]

تقوم فيه): أولى بأن تصلي فيه. قال: (يعني من مسجد النفاق) (1). (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) قال: (بالماء عن الغائط والبول) (2). (والله يحب المتطهرين). ورد: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لاهل قبا: ماذا تفعلون في طهركم ؟ فإن الله قد أحسن عليكم الثناء ! قالوا: نغسل أثر الغائط. فقال: أنزل الله فيكم: (والله يحب المتطهرين) (3). (أفمن أسس بنيانه): بنيان دينه (على تقوى من الله ورضوان): على قاعدة محكمة، هي الحق الذي هو التقوى من الله، وطلب مرضاته بالطاعة (خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار): على قاعدة، هي أضعف القواعد وأقلها بقاء، وهو الباطل والنفاق، الذي مثله كمثل شفا جرف هار في قلة الثبات. والشفا: الشفير. وجرف الوادي: جانبه الذي يتحفر (4) أصله بالماء وتجرفه السيول. والهار: الهائر الذي أشفى على السقوط والهدم. (فانهار به في نار جهنم) لما جعل الجرف الهار مجازا عن الباطل قيل: (فانهار به في نار جهنم). والمعنى: فهوى به الباطل في نار جهنم، فكأن المبطل أسس بنيانا على شفير جهنم، فطاح به إلى قعرها. قال: (مسجد الضرار، الذي أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم) (5). (والله لا يهدي القوم الظالمين) الى ما فيه صلاح ونجاة. (لا يزال بنيانهم الذي بنوا) يعني مسجد الضرار (ريبة في قلوبهم): سبب شك وازدياد نفاق في قلوبهم لا يضمحل أثره، ثم لما هدمه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، رسخ ذلك في قلوبهم وازداد، بحيث لا يزول رسمه (6) عنها. (إلا أن تقطع قلوبهم) قطعا بحيث لا يبقى لها قابلية الادراك والاضمار، وفي قراءتهم عليهم السلام: (إلى * هامش * (1): العياشي 2: 111، الحديث: 136، عن الصادقين عليهما السلام. (2) مجمع البيان 5 - 6: 73، عن الصادقين عليهما السلام. (3): المصدر، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (4): في (ب): (ينحفر). (5): القمي 1: 305، عن أبي جعفر عليه السلام. (6): في (الف): (لا يزال وسمه).

 

[ 493 ]

أن تقطع) (1). القمي: يعني حتى تقطع (2) قلوبهم (3). (والله عليم) بنياتهم (حكيم) فيما أمر بهدم بنائهم. (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة). تمثيل لاثابة الله إياهم بالجنة على بذل أنفسهم وأموالهم في سبيله. (يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى) أي: لا أحد أوفى (بعهده من الله فاستبشرا ببيعكم الذي بايعتم به) فافرحوا به غاية الفرح إذ بعتم فانيا بباق وزائلا بدائم. (وذلك هو الفوز العظيم). (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) أي: هم التائبون. وفي قراءتهم عليهم السلام: (التائبين) الى قوله: (والحافظين) على أنها صفة للمؤمنين. سئل عن العلة في ذلك فقال: اشترى من المؤمنين التائبين العابدين) (4). قال: (لما نزلت هذه الاية: (إن الله اشترى) قام رجل فقال: يا نبي الله أرأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم، أشهيد هو ؟ فأنزل الله على رسوله: (التائبون) الاية، فبشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المجاهدين من المؤمنين، الذين هذه صفتهم وحليتهم، بالشهادة والجنة. وقال: التائبون من الذنوب، العابدون: الذين لا يعبدون إلا الله ولا يشركون به شيئا، الحامدون: الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء، السائحون الصائمون الراكعون الساجدون: الذين يواظبون على الصلوات الخمس، الحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها والخشوع فيها وفي أوقاتها، الآمرون بالمعروف بعد ذلك والعاملون به، والناهون عن المنكر والمنتهون عنه. * هامش * (1): جوامع الجامع 2: 86، عن أبي عبد الله عليه السلام. (2): في المصدر: (حتى تنقطع). (3): القمي 1: 305. (4): الكافي 1: 377، الحديث: 569، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 494 ]

قال: فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة) (1). والقمي: نزلت الاية في الائمة، لانه وصفهم بصفة لا تجوز في غيرهم، فالآمرون بالمعروف: هم الذين يعرفون المعروف كله، صغيره وكبيره ودقيقه وجليله، والناهون عن المنكر: هم الذين يعرفون المنكر كله، صغيره وكبيره، والحافظون لحدود الله: هم الذين يعرفون حدود الله، صغيرها وكبيرها ودقيقها وجليلها. ولا يجوز أن يكون بهذه الصفة غير الائمة عليهم السلام (2). وفي رواية: سئل عن قوله: (إن الله اشترى). فقال: (يعني في الميثاق ثم قرئ عليه: (التائبون) (3)، فقال: إذا رأيت هؤلاء، فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم، يعني في الرجعة) (4). (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم) بموتهم على الشرك، أو بوحي من الله (أنهم أصحاب الجحيم). (وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه). ورد: إنه سأل: (ما يقول الناس في قول الله: (وما كان استغفار إبراهيم لابيه) فقيل: يقولون: إن (5) إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له. قال: ليس هو هكذا، إن أبا إبراهيم وعده أن يسلم فاستغفر له، فلما تبين له أنه عدو لله، تبرأ منه) (6). وفي رواية: (لما مات تبين له أنه عدو لله، فلم يستغفر له) (7). القمي: إن إبراهيم قال لابيه: إن لم * هامش * (1): الكافي 5: 15، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (2): القمي 1: 306. (3): في المصدر: (ثم قرأت عليه: (التائبون العابدون) فقال أبو جعفر عليه السلام: لا ولكن اقرأها: (التائبين العابدين). (4): العياشي 2: 112، الحديث: 140، عن أبي جعفر عليه السلام. (5): لم ترد كلمة (ان) في (ب) و (ج). (6): العياشي 2: 114، الحديث: 146، عن أبي عبد الله عليه السلام. (7): المصدر، الحديث: 148، مضمرا.

 

[ 495 ]

تعبد الاصنام استغفرت لك، فلما لم يدع الاصنام تبرأ منه (1). أقول: ويؤيده قوله تعالى: (إلا قول إبراهيم لابيه لأستغفرن لك) (2) فنحمل الرواية الاولى على وقوع الوعد من كلا الطرفين. (إن إبراهيم لأواه حليم). ورد: (الأواه: هو الدعاء) (3). وفي رواية: (الأواه: المتضرع إلى الله في صلاته، وإذا خلا في قفر من الارض، وفي الخلوات) (4). (وما كان الله ليضل): ليخذل (قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) قال: (حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه) (5). (إن الله بكل شئ عليم) يعلم أمرهم في الحالين. (إن الله له ملك السماوات والارض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير) لا تتأتى ولاية ولا نصر إلا من الله، فتوجهوا بشراشركم إليه، وتبرؤوا عما عداه. (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار). في قراءتهم عليهم السلام: (لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين) (6). قال: (هكذا نزلت) (7). وفي رواية: قيل له: إن العامة تقرأ: (لقد تاب الله على النبي) فقال: ويلهم ! وأي ذنب كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى تاب الله منه ؟ إنما تاب الله به على أمته) (8). (الذين اتبعوه في ساعة العسرة). القمي: في قصة تبوك، هم أبو ذر وأبو خيثمة بن وهب، الذين تخلفوا ثم لحقوا * هامش * (1): القمي 1: 306. (2): الممتحنة (60): 4. (3): الكافي 2: 466، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. (4): القمي 1: 306، عن أبي جعفر عليه السلام. (5): الكافي 1: 163، الحديث: 3، العياشي 2: 115، الحديث: 150، والتوحيد: 411، الباب: 64، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام. (6): مجمع البيان 5 - 6: 80، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام. (7): القمي 1: 297، عن أبي عبد الله عليه السلام. (8): الاحتجاج 1: 98، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 

[ 496 ]

برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر في عذر تخلف أبي ذر: أن جمله كان أعجف (1)، فلحق بعد ثلاثة أيام حاملا ثيابه على ظهره، لوقوف جمله عليه في بعض الطريق (2)، قيل: (العسرة): حالهم في غزوة تبوك، كان يعتقب العشرة على بعير واحد، وكان زادهم الشعير المسوس والتمر المدود والاهالة السنخة (3)، وبلغت الشدة بهم أن اقتسم التمرة اثنان، وربما مصها الجماعة، وكانوا في حمارة (4) القيظ، وفي الضيقة الشديدة من القحط وقلة الماء (5). (من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم) عن الثبات على الايمان ومن اتباع الرسول في تلك الغزوة. القمي: وكان الكفار خمسة و عشرين ألف رجل، والمؤمنون خمسة وعشرين رجلا (6). (ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم). (وعلى الثلاثة الذين خلفوا). في قراءتهم عليهم السلام: (خالفوا. قال: إنما نزل: خالفوا، ولو خلفوا لم يكن عليهم عتب) (7). القمي: في قصة تبوك، وقد كان تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوم من المنافقين وقوم من المؤمنين مستبصرين، لم يعثر عليهم في نفاق، منهم: كعب بن مالك الشاعر، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية الواقفي، فلما بلغهم إقبال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ندموا، فلما وافوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلموا عليه فلم يرد عليهم السلام وأعرض عنهم، وسلموا على إخوانهم فلم يردوا * هامش * (1): عجف الفرس عجفا، من باب تعب: ضعف. المصباح المنير 2: 48 (عجف). (2): القمي 1: 294 و 297. (3): ساس وسوس الطعام: وقع فيه السوس (دود يقع في الصوف والطعام) فهو المسوس والمسوس. وداد الطعام ودود: صار فيه الدود فهو المدود والمدود. والاهالة - بكسر الهمزة - الشحم المذاب و قيل: دهن يؤتدم به، وقيل الدسم الجامد. والسنخة: المتغيرة الريح، يقال: سنخ الدهن: إذا فسد و تغيرت ريحه (راجع: القاموس ومجمع البحرين والصحاح). (4): حمارة - بتخفيف الميم وشدة الراء -: شدة الحر. (القاموس المحيط 2: 14 - حمر) وفي نسخة (ب) و (ج) حمازة - بالزاء - وهي الشدة. القاموس المحيط 2: 180 (حمز). (5): جوامع الجامع 2: 296. (7): المصر: 297 وفيه: (عيب) بدل (عتب).

 

[ 497 ]

عليهم، فبلغ ذلك أهليهم فقطعوا كلامهم، فخرجوا إلى ذناب (1) جبل بالمدينة، فكانوا يصومون وأهلوهم يأتونهم بالطعام، فيضعونه ناحية ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم، فبقوا على هذه الحالة أياما كثيرة، يبكون بالليل والنهار ويدعون الله أن يغفر لهم، فلما طال عليهم الامر حلفوا أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب اله عليه، فبقوا على هذه ثلاثة أيام، حتى نزلت توبتهم (2). هذا ملخص قصتهم. (حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت) أي: مع سعتها، وهو مثل لحيرتهم في أمرهم، كأنهم لا يجدون في الارض موضع قرار، وذلك حيث لم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا إخوانهم ولا أهلوهم، فضاقت المدينة عليهم حتى خرجوا منها (وضاقت عليهم أنفسهم) حيث حلفوا أن لا يكلم بعضهم بعضا، فتفرقوا (وظنوا): وعلموا (أن لا ملجأ من الله): من سخط الله (إلا إليه ثم تاب عليهم) لما عرف صدق نياتهم. قال: (هي الاقالة) (3). (ليتوبوا): ليعودوا الى حالتهم الاولى (إن الله هو التواب الرحيم) لمن تاب، ولو عاد في اليوم مائة مرة. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين). ورد: (إيانا عنى) (4). وفي رواية: (الصادقون هم الائمة، والصديقون بطاعتهم) (5). وفي أخرى: (لما نزلت هذه الاية قال سلمان: يا رسول الله عامة هذه الاية أم خاصة ؟ فقال: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي عليه السلام وأوصيائي من بعده إلى * هامش * (1): الذناب - بكسر الذال -: عقب كل شئ. الصحاح 1: 128 (ذنب). (2): القمي 1: 296. (3): معاني الاخبار: 215، باب: توبة الله عز وجل على الخلق، الحديث: 7 1 عن أبي عبد الله عليه السلام. (4): الكافي 1: 208، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. (5): المصدر، الحديث: 2، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 

[ 498 ]

يوم القيامة) (1). وفي قراءتهم عليهم السلام: (من الصادقين) (2). (ماكان لأهل المدينة ومن حولها من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) بل عليهم أن يصحبوه على البأساء والضراء، و يكابدوا معه الشدائد برغبة ونشاط، كما فعله أبو ذر وأبو خيثمة. (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ): شئ من العطش (ولا نصب): تعب (ولا مخمصة): مجاعة (في سبيل الله): في طريق الجهاد (ولا يطؤون): ولا يدوسون (3) بأرجلهم وبحوافر خيولهم وأخفاف رواحلهم (موطئا): موضعا (يغيظ الكفار) وطأهم إياه، ويضيق صدورهم بتصرفهم في أرضهم (ولا ينالون من عدو نيلا) بقتل، أو أسر 7 أو نهب (إلا كتب لهم به عمل صالح) واستوجبوا الثواب عند الله (إن الله لا يضيع أجر المحسنين). (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا): أرضا في مسيرهم (إلا كتب لهم ليجزيهم الله) جزاء (أحسن ما كانوا يعملون). (وما كان المؤمنون لينفروا كافة): وما استقام لهم أن ينفروا جميعا، لنحو غزو وطلب علم، كما لا يستقيم لهم أن يثبطوا (4) جميعا. (فلولا نفر من كل فرقة منهم): فهلا نفر من كل جماعة كثيرة، كقبيلة وأهل بلدة (طائفة): جماعة قليلة (ليتفقهوا في الدين): ليتكلفوا الفقاهة فيه، ويتجشموا مشاق تحصيلها. (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) عما ينذرون منه. قال: (أمرهم أن ينفروا الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلام ويختلفوا إليه فيتعلموا، ثم يرجعون الى قومهم فيعلموهم) (5). وفي * هامش * (1): كمال الدين 1: 278، الباب: 24، الحديث: 25. عن أمير المؤمنين عليه السلام. (2): مجمع البيان 5 - 6: 80، عن أبي عبد الله عليه السلام. (3): الدوس: الوطء بالرجل. القاموس المحيط 2: 225 (دوس). (4): في (ج): (أن يتثبطوا). (5): علل الشرايع 1: 85، الباب: 79، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 499 ]

رواية: (كان هذا حين كثر الناس، فأمرهم الله أن ينفر منهم طائفة ويقيم طائفة للتفقه، و أن يكون الغزو نوبا) (1). أقول: يعني يبقى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم طائفة للتفقه وإنذار النافرة، فيكون النفر للغزو، والقعود للتفقه. وورد: (تفقهوا في الدين، فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي، إن الله يقول في كتابه: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) (2). (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) قال: (الديلم) (3). والقمي: يجب على كل قوم أن يقاتلوا من يليهم ممن يقرب من الامام، ولا يجوزوا ذلك الموضع (4). (وليجدوا فيكم غلظة): شدة وصبرا على القتال. القمي: أي: غلظوا لهم القول والقتل (5). (واعلموا أن الله مع المتقين) بالحراسة والاعانة. (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم): فمن المنافقين (من يقول) إنكارا واستهزاء: (أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) بزيادة العلم الحاصل من تدبر السورة، وانضمام الايمان بها وبما فيها (وهم يستبشرون) بنزولها، لانه سبب زيادة كمالهم وارتفاع درجاتهم. وقد سبق لزيادة الايمان ونقصانه بيان في أوائل سورة الانفال (6). (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم) قال يقول: (شكا الى شكهم) (7). (وماتوا وهم كافرون). * هامش * (1): مجمع البيان 5 - 6: 83، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): الكافي 1: 31، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام. (3): العياشي 2: 118، الحديث: 163، عن أبي عبد الله عليه السلام. (4) و (5): القمي 1: 307. (6): في ذيل الاية: 4. (7): العياشي 2: 118، الحديث: 164، عن أبي جعفر عليه السلام.

 

[ 500 ]

(أو لا يرون أنهم يفتنون): يبتلون بأصناف البليات. القمي: يمرضون (1). (في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون). (وإذا ما أنزلت سورة نظر يعضهم إلى بعض): تغامزوا بالعيون، إنكارا لها وسخرية، أو غيظا لما فيها من عيوبهم. (هل يراكم من أحد) أي: يقولون: هل يراكم أحد من المسلمين إن قمتم وانصرفتم، فإنا لا نصبر على استماعه، وترامقوا يتشاورون في تدبير الخروج والانسلال فإن لم يرهم أحد قاموا، وأن يرهم أحد أقاموا، (ثم انصرفوا): تفرقوا، مخافة الفضيحة (صرف الله قلوبهم) عن الايمان والانشراح به بالخذلان. القمي: عن الحق إلى الباطل، باختيارهم الباطل على الحق (2). قيل: وهو يحتمل الدعاء والاخبار (3). (بأنهم قوم لا يفقهون). (لقد جاءكم رسول من أنفسكم). القمي: مثلكم في الخلقة (4). وفي قراءتهم عليهم السلام: (من أنفسكم، أي: من أشرفكم) (5). (عزيز عليه): شديد شاق (ما عنتم): عنتكم ولقاؤكم المكروه. والقمي: ما أنكرتم وجحدتم (6). (حريص عليكم): على إيمانكم وصلاح شأنكم جميعا (بالمؤمنين رؤوف رحيم). (فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم). قال: (أي: الملك العظيم) (7). ورد: (رسول من أنفسكم). قال: فينا. (عزيز عليه ما عنتم). قال: فينا. (حريص عليكم) قال: فينا. (بالمؤمنين رؤوف رحيم). قال: شركنا المؤمنين في هذه الرابعة، وثلاثة لنا) (8). وفي رواية: (فلنا ثلاثة أرباعها ولشيعتنا * هامش * (1)، (2)، (4) و (6): القمي 1: 308. (3): البيضاوي 3: 85. (5): جوامع الجامع 2: 94. (7): التوحيد: 321، الباب: 50، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (8): العياشي 2: 118، الحديث: 165، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 

[ 501 ]

ربعها) (1). وفي أخرى: (هكذا أنرل الله: لقد جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم) (2). * هامش * (1): العياشي 2: 118، الحديث: 166، عن أبي جعفر عليه السلام. (2): الكافي 8: 378، الحديث: 570، عن أبي عبد الله عليه السلام. القيمة) * أيحسبون أن لايجازوا عليه ؟ * (إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون) *. * (وما تكون في شأن) *: في أمر * (وماتتلوا منه) *: من الشأن * (من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه) *: تخوضون فيه وتندفعون. القمي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قرأ هذه الاية بكى بكاء شديدا 3. * (ومايعزب عن ربك) *: وما يبعد ومايغيب عن علمه * (من مثال ذرة) *: مايوازن نملة صغيرة، أوهباء * (في الارض ولافى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتب مبين) *. * (ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم) * من لحوق مكروه * (ولاهم يحزنون) * بفوات مأمول. * (الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *. بيان لاولياء الله، أو استيناف خبره ما بعده. قال: " هم نحن وأتباعنا ممن تبعنا من بعدنا، طوبى لنا وطوبى لهم، وطوباهم أفضل من طوبانا. قيل: ما شأن طوباهم أفضل من طوبانا ؟ ألسنا نحن وهم على أمر ؟ قال: لا، إنهم حملوا ما لم تحملوا، وأطاقوا ما لم تطيقوا " 4. وفي رواية: " طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون " 5. وفي أخرى: " هم

___________________________

1 - الانعام (6): 138.

 2 - الانعام (6): 139.

 3 - القمي 1: 313.

 4 - العياشي: 2: 124، الحديث: 30، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5 - كمال الدين 2: 357، الباب: 33، الحديث: 54، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 22216260

  • التاريخ : 3/02/2025 - 22:46

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net