00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النساء من أول السورة ـ آخر السورة  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الاول)   ||   تأليف : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني

[ 191 ]

سورة النساء

[ مدنية، وهي مائة وست وسبعون آية ] (1) بسم الله الرحمن الرحيم (يأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس وحدة). هي آدم. (وخلق منها زوجها). هي حواء. قال: " إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين - فخلق منها آدم، وفضل فضلة من الطين، فخلق منها حواء " (2). وفي رواية: " إنها خلقت من باطنه، ومن شماله، ومن الطينة التي فضلت من ضلعه الايسر " (3). أقول: لعل تأويل الضلع الايسر الجهة التي تلي الدنيا، فإنها أضعف من الجهة التي تلي العقبى، ولذلك تكون جهة الدنيا في الرجال أنقص من جهة العقبى، وبالعكس منهما في النساء. (وبث منهما): نشر (رجالا كثيرا ونساء). قال: " إن الله عز وجل أنزل على آدم حوراء من الجنة، فزوجها أحد ابنيه، وتزوج الآخر ابنة الجان، فما كان في الناس من جمال كثير، أو حسن خلق، فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء خلق، فهو من ابنة

___________________________

1 - ما بين المعقوفتين من " ب ".

 2 - العياشي 1: 216، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " فضلت فضلة " 3 - علل الشرايع 2: 471، الباب: 222، الحديث: 33، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 192 ]

الجان " (1). (واتقوا الله الذى تساءلون به) قيل: يعني يسأل بعضكم بعضا، فيقول: أسألك بالله (2). (والارحام) قال: " واتقوا الارحام أن تقطعوها " (3). وقال: " هي أرحام الناس، إن الله عز وجل أمر بصلتها وعظمها، ألا ترى أنه جعلها معه " (4). يعني قرنها باسمه في الامر بالتقوى. (إن الله كان عليكم رقيبا) قال: " حفيظا " (5). (وءاتوا اليتمى أمولهم) يعني إذا بلغوا، وآنستم منهم رشدا، كما في الآية الاخرى (6). (ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب): ولا تستبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم، بأن تتعجلوا الحرام من أموالهم قبل أن يأتيكم الرزق الحلال الذي قدر لكم. و قيل: كانوا يأخذون الرفيع من أموالهم ويجعلون مكانه الخسيس (7)، فنهوا عنه. (ولا تأكلوا أمولهم إلى أمولكم): مضمومة إليها يعني فيما زاد على قدر أجره، لقوله " فليأكل بالمعروف " (8) (إنه كان حوبا كبيرا): ذنبا عظيما. (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء). ما ذكره المفسرون في سبب نزوله ونظم محصوله لا يخلو من تعسف. وورد: " إنه من إسقاط المنافقين من القرآن، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن " (9).

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 3: 240، الحديث: 1137، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكشاف 1: 493.

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 3، عن أبي جعفر عليه السلام، والدر المنثور 2: 424.

 4 - العياشي 1: 217، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - القمي 1: 130، عن أبى الجارود، وتفسير فرات الكوفي: 101، والدر المنثور 2: 424، عن ابن عباس.

 6 - الآية: 6.

 7 - مجمع البيان 3 - 4: 3.

 8 - النساء (4): 6.

 9 - الاحتجاج 1: 377، عن أمير المؤمنين عليه السلام. وجدير بالذكر أن من المسلم عند الشيعة الامامية عدم تحريف القرآن لا بالزيادة ولا بالنقصان، انظر: البيان في تفسير القرآن - لآية الله العظمى السيد الخوئي ره -: 215. (*)

 

[ 193 ]

(مثنى وثلث وربع): ثنتين ثنتين، وثلاث ثلاث، وأربع أربع، تخيير في العدد لكل أحد إلى أربع. ورد: " إذا جمع الرجل أربعا فطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلق. وقال: لا يجمع الرجل ماءه في خمس " (1). (فإن خفتم الاتعدلوا) بين هذه الاعداد، قال: " يعني في النفقة " (2). (فوحدة): فانحكوا واحدة وذروا الجمع (أو ما ملكت أيمنكم) وإن تعددن، لخفة مؤنهن وعدم وجوب القسم بينهن، وفي حكمهن المتعة. فورد: " إنها ليست من الاربع ولا من السبعين وإنهن بمنزلة الاماء، لانهن مستأجرات لا تطلق ولا ترث ولا تورث " (3). (ذلك أدنى): أقرب (ألا تعولوا): تميلوا أو تعيلوا. (وءاتوا النساء صدقتهن): مهورهن (نحلة): عطية عن طيب نفس، بلا توقع عوض. ورد: " من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها فهو عند الله زان " (4). (ان طبن لكم عن شئ منه): وهبن لكم عن طيب نفس (فكلوه هنيا مريا): سائغا من غير غص (5). (ولا تؤتوا السفهآء أمولكم التى جعل الله لكم قيما): تقومون بها وتنتعشون (وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا): عدة جميلة تطيب بها نفوسهم. قال: " السفيه من لا تثق به " (6). وفي رواية: " شراب الخمر والنساء " (7). وفي أخرى: " النساء والولد، قال إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة وولده سفيه مفسد،

___________________________

1 - الكافي 5: 429، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر: 363، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - راجع: الكافي 5: 451، الاحاديث: 1، 4، 5 و 7، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

 4 - من لا يحضره الفقيه 3: 252، الحديث: 1200، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - يقال: غصصت بالماء أغص غصصا إذا شرقت به، أو وقف في حلقك فلم تكد تسيغه. النهاية 3: 370، ومجمع البحرين 4: 176، ولسان العرب 7: 60 (غصص).

 6 - العياشي 1: 220، الحديث: 20، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - من لا يحضره الفقيه 4: 168، الحديث:: 586، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " شارب الخمر ". (*)

 

[ 194 ]

لا ينبغي له أن يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعله الله له قياما، يقول: معاشا، قال: والمعروف العدة " (1). (وابتلوا اليتمى): اختبروهم قبل البلوغ بتتبع أحوالهم في الدين وحسن التصرف في المال (حتى إذا بلغوا النكاح): حدا يتأتى منهم النكاح (فإن ءانستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أمولهم). قال: " إيناس الرشد: حفظ المال " (2). وفي رواية: " الرشد: العقل وإصلاح المال " (3). وفي أخرى: " من كان في يده مال بعض اليتامى، فلا يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح ويحتلم، فإذا احتلم ووجب (4) عليه الحدود، وإقامة الفرائض، ولا يكون مضيعا، ولا شارب خمر، ولا زانيا، فإذا آنس منه الرشد دفع إليه المال، وأشهد عليه. وإن كانوا لا يعلمون أنه قد بلغ فإنه يمتحن بريح إبطه أو نبت عانته، فإذا كان ذلك فقد بلغ، فيد فع إليه ماله إذا كان رشيدا، ولا يجوز له أن يحبس عنه ماله ويعتل عليه أنه لم يكبر بعد " (5). (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا): مسرفين ومبادرين كبرهم. (ومن كان غنيا فليستعفف) من أكلها (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف): بقدر حاجته وأجرة سعيه. قال: " من كان يلي شيئا لليتامى، وهو محتاج ليس له ما يقيمه، وهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدر، ولا يسرف، فإن كانت ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه، فلا يرز أن (6) من أموالهم شيئا " (7). وفي

___________________________

1 - القمي 1: 131، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - من لا يحضره الفقيه 4: 164، الحديث: 575، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 9، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - في المصدر: " فإذا احتلم وجب عليه الحدود ".

 5 - القمي 1: 131، عن أبى عبد الله عليه السلام.

 6 - في الحديث: " إني لا أرزا من فيئكم درهما " أي: لا أنقص شيئا ولا درهما. مجمع البحرين 1: 183 (رزأ).

 7 - الكافي 5: 129، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 195 ]

رواية: " المعروف هو القوت، وإنما عنى الوصي أو القيم في أموالهم وما يصلحهم " (1). وفي أخرى: " ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا " (2). وفي أخرى: " هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ماشية، ويشغل فيها نفسه، فليأكل بالمعروف، وليس له ذلك في الدنانير والدراهم التي عنده موضوعة " (3). وفي أخرى: " من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على جهة القرض، ثم يرد عليه ما أخذ إذا وجد " (4). وفي أخري: " كان أبي يقول: إنها منسوخة " (5). (فإذا دفعتم إليهم أمولهم فأشهدوا عليهم) بأنهم قبضوها، فإنه أنفى للتهمة، وأبعد من الخصومة (وكفى بالله حسيبا). (للرجال نصيب مما ترك الولدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الولدان والاقربون). يعني بهم المتوارثين بالقرابة. (مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا): واجبا. قيل: كانت العرب في الجاهلية يورثون الذكور دون الاناث، فرد الله سبحانه عليهم (6). (وإذا حضر القسمة): قسمة التركة (أولوا القربى) ممن لا يرث (واليتمى والمسكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) بأن تلطفوا لهم في القول وتعتذ روا إليهم. قال: " نسختها آية الفرائض " (7). وفي رواية: سئل أمنسوخة هي ؟ قال: " لا، إذا حضروك فأعطهم " (8). أقول: نسخ الوجوب لا ينافي بقاء الجواز والاستحباب.

___________________________

1 - الكافي 5: 130، الحديث: 3، والعياشي 1: 221، الحديث: 30، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - العياشي 1: 222، الحديث: 31، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 3 - 4: 9، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - العياشي 1: 222، الحديث: 33، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 10، عن قتاده وابن جريح وابن زيد.

 7 - العياشي 1: 222، الحديث: 34، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - المصدر: 223، الحديث: 35، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 196 ]

(وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعفا خافوا عليهم): أمر بأن يخشوا الله، ويتقوه في أمر اليتامى، فيفعلوا بهم ما يحبون أن يفعل بذراريهم الضعاف بعد وفاتهم. ورد: " من ظلم يتيما سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه، ثم تلا هذه الآية " (1). (فليتقوا الله) في أمر اليتامى (وليقولوا) لهم (قولا سديدا) مثل ما يقولون لاولادهم بالشفقة وحسن الادب. (إن الذين يأكلون أمول اليتمى ظلما إنما يأكلون في بطونهم): ملاء بطونهم (نارا): ما يجر إلى النار (وسيصلون سعيرا). صلي النار: مقاساة حرها، وصليته: شويته. والاصلاء: الالقاء فيها. وسعر النار: إلهابها. ورد: " لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النار وتخرج من أدبارهم. فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " (2). (يوصيكم الله): يأمركم ويعهد إليكم ويفرض عليكم (في أولدكم): في شأن ميراثهم (للذكر مثل حظ الانثيين) إذا اجتمع الصنفان. قال: " لانهن يرجعن عيالا عليهم (3). ولما جعل الله لهما من الصداق، (4) ولانه ليس عليها جهاد ولا نفقة، ولا معقلة، وعد غيرها " (5). أقول: استفاد أصحابنا من قوله سبحانه: " مثل حظ الانثيين " أن للبنتين الثلثان، كما ذكره في الكافي (6). (فإن كن نساء): ليس معهن ذكر (فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) المتوفى منكم (وإن كانت وحدة فلها النصف ولابويه): ولابوي المتوفى (لكل وحد منهما السدس

___________________________

1 - العياشي 1: 223، الحديث: 37، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - القمي 1: 132، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 7: 84، الحديث: 1، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 4 - من لا يحضره الفقيه 4: 253، الحديث: 815، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - المصدر، الحديث: 816، والكافي 7: 85، الحديث: 2 و 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - الكافي 7: 96، ذيل الحديث: 3. (*)

 

[ 197 ]

مما ترك إن كان له ولد) ذكرا كان أو أنثى، واحدا كان أو أكثر (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث) مما ترك (فإن كان له إخوة فلامه السدس). الاخوة تقع على الاثنين فصاعدا. والاختان بمنزلة أخ واحد، ولهذا ورد: " لا تحجب الام عن الثلث، و إن الاخوة والاخوات لا يرثون مع الابوين، وإن الوجه فيه أن الاب ينفق عليهم فوفر نصيبه " (1). (من بعد وصية يوصى بها أو دين). " أو " لا يوجب الترتيب. قال: " إنكم تقرؤون في هذه الآية الوصية قبل الدين، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالدين قبل الوصية " (2). (أآباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله). مصدر مؤكد. (إن الله كان عليما) بالمصالح والرتب (حكيما) فيما قضى وقدر. يعني لا تعلمون من أنفع لكم من أصولكم وفروعكم، في عاجلكم وآجلكم، ممن يورثكم ويرثكم، أمن أوصى منهم فعرضكم للثواب بإمضاء وصيته ؟ أم من لم يوص فوفر عليكم مالا ؟ أو من أوصيتم له فوفرتم عليه ؟ أم لم توصوا له فحر متموه ؟ فتحروا (3) فيهم ما وصاكم الله به، ولا تعمدوا إلى تبديل الوصية، أو تفضيل بعض وحرمان بعض، فهو اعتراض مؤكد لامر القسمة وتنفيذ الوصية. (ولكم نصف ما ترك أزوجكم إن لم يكن لهن ولد) من بطونهن أو من أصلاب بنيهن أو بطون بناتهن وإن سفل، ذكرا كان أو أنثى، منكم أو من غيركم. (فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين)

___________________________

1 - راجع: الكافي 7: 91 - 92، الاحاديث: 1 و 4، والتهذيب 9: 282، الحديث: 1019، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 15، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 3 - التحري: القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشئ بالفعل والقول. النهاية 1: 375، ومجمع البحرين 1: 98 (حرا). (*)

 

[ 198 ]

وتستوي الواحدة والعدد منهن في الربع والثمن (وإن كان رجل يورث كللة). لهذا الكلام وجوه من الاعراب لا يتفاوت بها الحكم. قال: " الكلالة من ليس بولد ولا والد " (1). وأريد بها هنا: " من يكون أخا أو أختا من الام خاصة " (2). كذا ورد. (أو امرأة) تورث كلالة (وله): ولكل واحد منهما (أخ أو أخت) يعني من الام (فلكل وحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضآر) لورثته بالوصية بالزيادة على الثلث أو بقصد أو بقصد الاضرار دون القربة أو بإقرار دين لا يلزمه. (وصية من الله والله عليم) بالمضار وغيره (حليم) لا يعاجل بعقوبته. إن قيل: إذا نقصت التركة عن السهام أو زادت، فما الحكم فيه ؟ قلنا: النقص إنما يقع على البنات والاخوات، لان كل واحد من الابوين والزوجين له سهمان أعلى وأدنى، وليس للبنت والبنتين والاخوات لولا ذلك إلا سهم واحد، فإذا دخل النقص عليهما استوى ذووا السهام في ذلك، والزايد يزاد على من كان يقع عليه النقص إذا نقصت. كذا ورد (3) عن أئمتنا عليهم السلام، وأجمع أصحابنا عليه (4). (تلك) إشارة الى ما تقدم من الاحكام في أمر اليتامى والوصايا والمواريث. (حدود الله): شرايعه المحدودة التي لا يجوز تجاوزها (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها وذلك الفوز العظيم). (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خلدا فيها وله عذاب مهين).

___________________________

1 - الكافي 7: 99، الحديث: 2 و 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 227، الحديث: 58، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الوسائل 17: 425، باب " كيفية إلقاء العول ومن يدخل عليه النقص ".

 4 - المبسوط 4: 74. (*)

 

[ 199 ]

(والتى يأتين الفحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا). (والذان يأتينها منكم فاذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما). قال: " هي منسوخة والسبيل: الحدود " (1). وفي رواية: " جعل السبيل: الجلد والرجم " (2). (إنما التوبة على الله) أي: قبول التوبة الذي أوجبه الله على نفسه بمقتضى وعده. (للذين يعملون السوء بجهلة): متلبسين بها سفها. فإن ارتكاب الذنب والمعصية سفه وجهل. قال: " كل ذنب عمله العبد وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، فقد حكى الله سبحانه قول يوسف لاخوته: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون " (3). فنسبهم إلى الجهل، لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله " (4). (ثم يتوبون من قريب) قيل: أي: قبل حضور الموت، لقوله تعالى: " حتى إذا حضر أحدهم الموت " سماه قريبا، لان أمد الحياة قريب، أو قبل أن يشرب في قلوبهم حبه، فيطبع عليها، فيتعذر عليهم الرجوع (5). [ وورد: " من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته " (6) ] (7). (فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما): يعلم إخلاصهم في التوبة (حكيما): لا يعاقب التائب (8). (ولسيت التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت

___________________________

1 - العياشي 1: 227، الحديث: 60، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - المصدر، الحديث: 61، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - يوسف (12): 89.

 4 - العياشي 1: 228، الحديث: 62، ومجمع البيان 3 - 4: 22، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - البيضاوي 2: 74.

 6 - الكافي 2: 440، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - ما بين المعقوفتين ليس في " ب " و " ج ".

 8 - في " ب " و " ج ": وأما ما ورد: " أنه من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته " محمول على التفضل، فإن وجوب القبول غير التفضل به. (*)

 

[ 200 ]

الن). قال: " ذلك إذا عاين أمر الآخرة " (1). (ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا): هيأنا (لهم عذابا أليما). (يأيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها). قال: " كان في الجاهلية في أول ما أسلموا إذا مات حميم (2) الرجل وله امرأة، ألقى الرجل ثوبه عليها، فورث نكاحها بصداق حميمه كما يرث ماله، فنزلت " (3). وفي رواية: " نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده لا حاجة له إليها وينتظر موتها حتى يرثها " (4). (ولا تعضلوهن): لا تحبسوهن إضرارا بهن (لتذهبوا ببعض ماء اتيتموهن). قال: " الرجل يكون له المرأة فيضربها حتى تفتدي منه فنهى الله عن ذلك " (5). وفي رواية: " أمر الله بتخلية سبيلها إذا لم يكن له فيها حاجة وأن لا يمسكها إضرارا بها حتى تفتدي ببعض مالها " (6). (إلا أن يأتين بفحشة مبينة) كالنشوز وسوء العشرة وعدم التعفف، قال: " كل معصية " (7). وورد: " إذ قالت له: لا أغتسل لك في جنابة ولا أبر لك قسما ولاوطئن فراشك من تكرهه، حل له أن يخلعها وحل له ما أخذ منها " (8). (وعاشروهن بالمعروف) بالانصاف في الفعل والاجمال في القول (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا). يعني فاصبروا عليهن ولا تفارقوهن لكراهة الانفس، فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأحمد، وأحبت ما هو بخلافه. (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج): تطليق امرأة وتزويج أخرى (وءاتيتم

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 1: 79، الحديث: 335، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الحميم: القريب في النسب، مجمع البحرين 6: 50 (حمم).

 3 - القمي 1: 134، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 3 - 4: 24، عن أبي جعفر عليه السلام. وفي " الف ": " لا حاجة إليها ".

 5 - العياشي 1: 229، ذيل الحديث: 65، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 و 7 - مجمع البيان 3 - 4: 24. عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - الكافي 6: 139، باب الخلع، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت، وفي معناه أخبار أخر في هذا الباب. (*)

 

[ 201 ]

إحدهن قنطارا) قال: " ملا مسك ثور ذهبا " (1). (فلا تأخذوا منه): من القنطار (شيئا أتأخذونه بهتنا وإثما مبينا). إنكار وتوبيخ. قيل: كان الرجل إذا أراد جديدة بهت التي تحته بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها، ليصرفه إلى تزوج الجديدة، فنهوا عن ذلك (2). (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض): وقد باشر تموهن (وأخذن منكم ميثقا غليظا): عهدا وثيقا. قال: " هو العهد المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " (3). وفي رواية: " أخذ تموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله " (4). وفي أخرى: " الميثاق: الكلمة التي عقد بها النكاح، والغليظ هو ماء الرجل يفضيه إليها " (5). (ولا تنكحوا ما نكح أآباؤكم من النساء). " الآباء يشمل (6) الاجداد ". كذا ورد (7). (إلا ما قد سلف) في الجاهلية فإنكم معذورون فيه (إنه كان فحشة ومقتا و ساء سبيلا). ورد: " إن رجلا مات فألقى ابنه ثوبه على امرأة أبيه فورث نكاحها على ما كان في الجاهلية، ثم تركها لا يدخل بها ولا ينفق عليها، فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت " (8). (حرمت عليكم أمهتكم وبناتكم وأخوتكم وعمتكم وخلتكم وبنات الاخ وبنات الاخت) يعني نكاحهن. والامهات يشملن من علت، وكذا العمات الخالات. والبنات يشملن من سفلت، وكذا بنات الاخ وبنات الاخت. والاخوات

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 417، عن الصادقين عليهما السلام.

 2 - البيضاوي 2: 75.

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 26، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - معاني الاخبار: 212، الحديث: 1، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 5 - الكافي 5: 560، الحديث: 19، والعياشي 1: 229، الحديث: 68، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - في " الف ": " يشتمل ".

 7 - العياشي 1: 230، الحديث: 69، عن أبي جعفر عليه السلام، مع اختلاف في المضمون.

 8 - مجمع البيان 3 - 4: 24، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 202 ]

يشملن الوجوه الثلاثة. (وأمهتكم التى أرضعنكم وأخوتكم من الرضعة). سماها أما وأختا. وورد: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (1). وفي رواية: " الرضاع لحمة كلحمة النسب " (2) فعم التحريم. (وأمهت نسائكم) وإن علون (وربئبكم التى في حجوركم) وإن سفلن (من نسائكم التى دخلتم بهن) أي: دخلتم معهن في الستر (3)، وهو كناية عن الجماع. (فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم). ورد: " إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذ دخل بالام، فإذا لم يدخل بالام فلا بأس أن يتزوج بالابنة، وإذا يتزوج الابنة فدخل بها أو لم يدخل بها فقد حرمت عليه الام. وقال: الربائب حرام، كن في الحجر أو لم يكن " (4). وسئل: عن الرجل يتزوج المرأة متعة، أيحل له أن يتزوج ابنتها ؟ قال: " لا " (5). وعن الرجل يكون له الجارية يصيب منها، أله أن ينكح ابنتها ؟ قال " لا. هي مثل قول الله عز وجل " وربائبكم اللاتى في حجوركم " " (6). (وحلئل أبنآئكم الذين من أصلبكم) احتراز عن المتبنى لا عن أبناء الولد (7)، فيشملونهم وإن سفلوا، فقد ورد: " حرمة حليلتي الحسنين عليهما السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنهما ابناه لصلبه " (8). وورد: " الرجل إذا نظر إلى الجارية بشهوة ونظر إلى ما يحرم لغيره لم تحل لابنه ولا لابيه " (9). (وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف) فإنه مغفور (إن الله

___________________________

1 - الكافي 5: 442، الحديث: 9، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - كلمات المحققين " رسالة الرضاعية للقطيفي ": 193، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 3 - في " الف ": " في السر ".

 4 - التهذيب 7: 273، الحديث: 1166، عن أبي جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام، وفيه " الربائب عليكم حرام ".

 5 - الكافي 5: 422، الحديث: 2، عن أبي الحسن عليه السلام.

 6 - المصدر: 433، الحديث: 12، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - في " ب " و " ج ": " لا أبناء الولد ".

 8 - الكافي 8: 318، الحديث: 501، عن أبي جعفر عليه السلام.

 9 - من لا يحضره الفقيه 3: 260، الحديث: 1235، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت في العبارة. (*)

 

[ 203 ]

كان غفورا رحيما). (والمحصنت من النساء): اللاتي أحصنهن التزويج أو الازواج. وبكسر الصاد: أحصن فروجهن. قال: " هو ذوات الازواج " (1). (إلا ما ملكت أيمنكم) قال: " اللاتي سبين ولهن أزواج كفار " (2). فإنهن حلال للسابين. " واللاتي أشترين ولهن أزواج فإن بيعهن طلاقهن " (3). " واللاتي تحت العبيد، فيأمرهم مواليهم بالاعتزال ويستبرؤونهن ثم يمسونهن بغير نكاح " (4). (كتب الله عليكم): كتب الله عليكم تحرير هؤلاء كتابا (وأحل لكم ما وراء ذلكم): ما سوى المذكورات. وخرج عنه بالسنة ساير محرمات الرضاع. " والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها بغير إذنها ". كما ورد (5). (أن تبتغوا بأمولكم): أن تصرفوا أموالكم في مهورهن، أو أثمانهن (محصنين غير مسفحين). الاحصان: العفة، والسفاح: الزنا. (فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن). سمي أجرا، لانه في مقابلة الاستمتاع. (فريضة) مصدر مؤكد. قال: " إنما نزلت " فما استعمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن " " (6) وورد: " إنه قرأه الباقر عليه السلام " (7). وروته العامة أيضا عن جماعة من الصحابة (8). (ولا جناح عليكم فيما ترضيتم به من بعد الفريضة) من زيادة في المهر أو الاجل، أو نقصان فيهما، أو غير ذلك مما لا يخالف الشرع. قال: " لا بأس بأن تزيدها أو تزيدك إذا انقطع الاجل فيما بينكما، تقول: استحللتك بأجل آخر برضا منها، ولا تحل لغيرك حتى

___________________________

1 - العياشي 1: 233، ذيل الحديث: 81، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 31، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 3 - الكافي 5: 483، الاحاديث: 1، 2، 3 و 4، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

 4 - العياشي 1: 232، الحديث: 80، والكافي 5: 481، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - الكافي 5: 424، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - المصدر: 449، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - العياشي 1: 234، الحديث: 87، عن أبي جعفر عليه السلام.

 8 - الدر المنثور 2: 484. (*)

 

[ 204 ]

تنقضي عدتها، وعدتها حيضتان " (1). (إن الله كان عليما) بالمصالح (حكيما) فيما شرح من الاحكام. قال: " المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنة من رسول الله " (2). وكان علي يقول: " لولا ما سبقني به بنو (3) الخطاب ما زنى إلا شفى " (4). بالفاء يعني إلا قليل. أراد به نهي عمر عن المتعة وتمكن نهيه من قلوب الناس. (ومن لم يستطع منكم طولا) قال: " غنى " (5). (أن ينكح المحصنت المؤمنت) يعني الحرائر (فمن ما ملكت أيمنكم من فتيتكم المؤمنت). قال: " لا ينبغي أن يتزوج الحر المملوكة اليوم، إنما كان ذلك حيث قال الله: " ومن لم يستطع منكم طولا ". و الطول: المهر. ومهر الحرة اليوم مهر الامة أو أقل " (6). (والله أعلم بإيمنكم) فاكتفوا بظاهر الايمان، فإنه العالم بالسرائر وبتفاضل ما بينكم في الايمان، فرب أمة تفضل الحرة فيه. (بعضكم من بعض): انتم ومماليككم متناسبون. نسبكم من آدم ودينكم الاسلام. (فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن بالمعروف): بغير مطل وضرار ونقصان (محصنت): عفايف (غير مسفحت): غير مجاهرات بالزنا (ولا متخذت أخد ان): أخلا في السر (فإذآ أحصن) بالتزويج (فإن أتين بفحشة فعليهن نصف ما على المحصنت) يعني الحرائر (من العذاب) يعني الحد، كما قال: " وليشهد عذابهما طائفة " (7) (ذلك) يعني نكاح الاماء (لمن خشى العنت منكم):

___________________________

1 - العياشي 1: 233، الحديث: 86، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكافي 5: 449، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - في " الف " و " ج " والمصدر: " بني الخطاب " وفي بعض النسخ: " ابن الخطاب ". راجع: المستدرك 14: 447، الحديث: 2.

 4 - الكافي 5: 448، الحديث: 2. وفي بعض النسخ: " إلا شقي " - بالقاف والياء المشددة - يقول ابن إدريس في السرائر: 312: إلا شفى - بالشين المعجمة والفاء - ومعناه: إلا قليل. والدليل عليه حديث ابن عباس ذكره الهروي في الغريبين: ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلى شفى. لان الشفى عند أهل اللغة: القليل بلا خلاف بينهم....

 5 - مجمع البيان 3 - 4: 33، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - الكافي 5: 360، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - النور (24): 2. (*)

 

[ 205 ]

لمن خاف الاثم الذي يؤدي إليه غلبة الشهوة. و " العنت " يقال لكل مشقة وضرر. (وأن تصبروا خير لكم) من نكاح الاماء (والله غفور رحيم). (يريد الله ليبين لكم) ما خفي عنكم من مصالحكم ومحاسن أعمالكم (ويهديكم سنن الذين من قبلكم) من الانبياء وأهل الحق لتقتدوا بهم (ويتوب عليكم): ويرشدكم إلى ما يمنعكم عن المعاصي (والله عليم) بها (حكيم) في وضعها. (والله يريد أن يتوب عليكم). كرره للتأكيد والمقابلة. (ويريد الذين يتبعون الشهوت): أهل الباطل (أن تميلوا) عن الحق بموافقتهم في استحلال المحرمات (ميلا عظيما). (يريد الله أن يخفف عنكم) فلذلك شرع لكم الشريعة الحنيفية السمحة السهلة، و رخص لكم في المضائق (وخلق الانسن ضعيفا): لا يصبر عن الشهوات ولا يحتمل مشاق الطاعات. (يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل) قال: " الربا والقمار والبخس والظلم " (1). (إلا أن تكون تجرة عن تراض منكم) يعني ما حل من الشراء والبيع. قال في كلام له: " ولا يأكل من أموال الناس إلا وعنده ما يؤدي إليهم حقوقهم - ثم تلا هذه الآية - ثم قال: ولا يستقرض على ظهره إلا وعنده وفاء " (2). (ولا تقتلوا أنفسكم) قال: " لا تخاطروا بنفوسكم بالقتال فتقاتلوا من لا تطيقونه " (3). وفي رواية: " كان المسلمون يدخلون على عدوهم في المغازات فيتمكن منهم عدوهم فيقتلهم كيف يشاء فنهاهم الله " (4). وورد: " في الجباير تكون على الكسير في برد يخاف على نفسه إذا أفرغ الماء على جسده في الجنابة والوضوء، فقرأ

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 37، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكافي 5: 95، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 37، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " في القتال ".

 4 - العياشي 1: 237، ذيل الحديث: 103، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 206 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ولا تقتلوا أنفسكم " الآية " (1). أقول: ويشمل ارتكاب كل ما يؤدي إلى الهلاك. (إن الله كان بكم رحيما) وإنما نهاكم عن قتل أنفسكم لفرط رحمة بكم. (ومن يفعل ذلك): ما سبق من المنهيات (عدونا وظلما): إفراطا في التجاوز و إتيانا بما لا يستحقه (فسوف نصليه نارا): ندخله فيها (وكان ذلك على الله يسيرا): لا عسر فيه ولا صارف عنه. (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) قال: " لا تسألون عنها " (2). (وندخلكم مدخلا كريما). يحتمل المكان والمصدر، فتحت الميم أو ضممته. قال: " الكبائر ما أو عد الله عليه النار " (3). وفي رواية: " والكبائر السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين، وأكل الربوا، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف " (4). وفي أخرى: بدل الثلاث الوسطى بغيرها (5). (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض). قال: " لا يقل أحدكم: ليت ما أعطى فلان من المال والنعمة، أو المرأة الحسناء كان لي، فإن ذلك يكون حسدا، ولكن يجوز أن يقول: اللهم أعطني مثله " (6). وورد: " من تمنى شيئا وهو لله رضى لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه " (7). (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) فاطلبوا الفضل بالعمل، لا بالحسد والتمني (وسئلوا الله من فضله) أي: لا تتمنوا ما

___________________________

1 - العياشي 1: 236، الحديث: 102، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 - التوحيد: 407، الباب: 63، الحديث: 6، عن الكاظم عليه السلام، مع تفاوت في العبارة، وإليك نصه: " من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ".

 3 - العياشي 1: 239، الحديث: 114، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكافي 2: 276، الحديث: 2، عن أبي الحسن عليه السلام، وفيه: "... وقذف المحصنات ".

 5 - راجع المصدر: 278 و 285، الاحاديث: 8 و 21، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 40، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - الخصال 1: 4، الحديث: 7، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 207 ]

للناس واسألوا الله مثله من خزائنه التي لا تنفد. وورد: " من لم يسأل الله من فضله افتقر " (1). (إن الله كان بكل شئ عليما) فهو يعلم ما يستحقه كل أحد. (ولكل جعلنا مولى مما ترك الولدان والاقربون) قيل: أي: لكل واحد من الرجال والنساء جعلنا مما ترك، ورثة، هم أولى بميراثه، يرثون مما ترك الوالدان و الاقربون الموروثون، أو لكل جعلنا مما ترك، ورثة، هم الوالدان والاقربون (2). و قال: " إنما عنى بذلك أولى الارحام في المواريث، ولم يعن أولياء النعمة فأولاهم بالميت أقربهم إليه من الرحم التي تجره إليها " (3). (والذين عقدت أيمنكم فاتوهم نصيبهم) قيل: كان الرجل يعاقد الرجل، فيقول: دمي دمك وهدمي هدمك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتعقل عني وأعقل عنك، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف، فنسخ بقوله " وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض " (4). والقمي: ما في معناه (5). وورد: " إذا والى الرجل الرجل فله ميراثه وعليه معقلته " (6). يعني دية جناية خطإه. وفي رواية: " عنى بذلك الائمة عليهم السلام، بهم عقد الله عز وجل أيمانكم " (7). (إن الله كان على كل شئ شهيدا). تهديد على منع نصيبهم. (الرجال قومون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض). يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية، بسبب تفضيله - عز وجل - الرجال على النساء بكمال العقل، و حسن التدبير، ومزيد القوة في الاعمال والطاعات. (وبما أنفقوا من أمولهم) في

___________________________

1 - الكافي 2: 467، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 41، وتفسير البغوي 1: 421.

 3 - الكافي 7: 76، الحديث، 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 3 - 4: 42. والآية في الانفال (8): 75.

 5 - القمي 1: 137.

 6 - الكافي 7: 171، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - العياشي 1: 240، الحديث: 120، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (*)

 

[ 208 ]

نكاحهن كالمهر والنفقة. قال: " فضلهم عليهن كفضل الماء على الارض، فالماء يحيي الارض وبالرجال تحيى النساء، ولولا الرجال ما خلقت النساء، ثم تلا هذه الآية " (1). (فالصلحت قنتت) قال: " مطيعات " (2). (حفظت للغيب) في أنفسهن وأموال أزواجهن. ورد: " ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله " (3). (بما حفظ الله): بحفظ الله إياهن (والتى تخافون نشوزهن): ترفعهن عن طاعتكم و عصيانهن لكم (فعظوهن) بالقول (واهجروهن في المضاجع) إن لم تنجع العظة. قال: " يحول ظهره إليها " (4). (واضربوهن) إن لم تنفع الهجرة، ضربا غير شديد، لا يقطع لحما ولا يكسر عظما. قال: " الضرب بالسواك " (5). (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) بالتوبيخ والايذاء (إن الله كان عليا كبيرا) فاحذروه فإنه أقدر عليكم منكم على من تحت أيديكم. (وإن خفتم شقاق بينهما) أي: الاختلاف، كأن كل واحد في شق، أي: جانب. (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدآ إصلحا يوفق الله بينهما). قال: " الحكمان يشترطان إن شاءا فرقا، وإن شاءا جمعا، وليس لهما أن يفرقا حتى يستأمراهما " (6). (إن الله كان عليما خبيرا) فيعلم كيف يرفع الشقاق ويوقع الوفاق. (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالولدين إحسنا): وأحسنوا بهما إحسانا (وبذي القربى): وبصاحب القرابة (واليتمى والمسكين والجار ذى القربى): الذي قرب جواره (والجار الجنب): البعيد. ورد: " حد الجوار أربعون دارا من كل

___________________________

1 - علل الشرايع 2: 512، الباب: 286، الحديث: 1، عن حسن بن علي عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 2 - القمي 1: 137، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الكافي 5: 327، الحديث: 1، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن النبي عليهم السلام.

 4 و 5 - مجمع البيان 3 - 4: 44، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - الكافي 6: 146، الاحاديث: 1، 2 و 3، عن الصادق والكاظم عليهما السلام. (*)

 

[ 209 ]

جانب " (1). " وإن حسن الجوار يزيد في الرزق والعمر " (2). " وإنه ليس كف الاذى، بل الصبر على الاذى " (3). (والصاحب بالجنب). قيل: من صحبكم وحصل بجنبكم لرفاقة في أمر حسن، كتزوج وتعلم وصناعة وسفر (4). (ابن السبيل): المسافر و الضيف (وما ملكت أيمنكم): العبيد والاماء. والقمي: يعني الاهل والخادم (5). (إن الله لا يحب من كان مختالا): متكبرا يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم (فخورا) يتفاخر عليهم. (الذين يبخلون) بما منحوا به (ويأمرون الناس بالبخل). ورد: " ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من ماله، وأعطى الباينة في قومه، إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله، ولم يعط الباينة في قومه، وهو يبذر فيما سوى ذلك " (6). أقول: الباينة: العطية. سميت بها لانها أبينت من المال. (ويكتمون مآ ءاتهم الله من فضله) من الغنى والعلم حيث ينبغي الاظهار. (و أعتدنا للكفرين): لهم (عذابا مهينا). وضع الظاهر موضع المضمر إشعارا بأن من هذا شأنه فهو كافر لنعمة الله، فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والاخفاء. (والذين ينفقون أمولهم رئآء الناس). شاركهم مع البخلاء في الذم والوعيد، لاشتراكهما في عدم الانفاق على ما ينبغي. (ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر) ليتحروا بالانفاق مراضيه وثوابه (ومن يكن الشيطن له قرينا فسآء قرينا). نبه به على أن

___________________________

1 - الكافي 2: 669، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - راجع: المصدر: 666، الحديث: 3، و 667، الحديث: 7 و 8، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - المصدر: 667، الحديث: 9، عن موسى بن جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير في العبارة.

 4 - البيضاوي 2: 86، والكشاف 1: 526.

 5 - القمي 1: 138.

 6 - من لا يحضره الفقيه 2: 34، الحديث: 141، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه: " النائبه " بدل: " الباينه ". (*)

 

[ 210 ]

الشيطان قرينهم يحملهم على ذلك ويزينه لهم، كقوله: " إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " (1). (وماذا عليهم لو ءامنوا بالله واليوم الاخر وأنفقوا مما رزقهم الله) يعني في طاعة الله. توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة. (وكان الله بهم عليما). وعيد لهم. (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما). (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك) يا محمد (على هؤلاء شهيدا). قال: " نزلت في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، في كل قرن منهم إمام شاهد عليهم ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم شاهد علينا " (2). (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا). قال: " ختم على الافواه فلا تكلم، وتكلمت الايدي وشهدت الارجل، وأنطقت الجلود بما عملوا، فلا يكتمون الله حديثا " (3). (يأيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلوة): لا تقوموا إليها (4) (وأنتم سكرى) من نحو نوم أو خمر (حتى تعلموا ما تقولون): حتى تنتبهوا وتفيقوا. ورد: " لا تقم إلى الصلاة متكاسلا، ولا متناعسا، ولا متثاقلا، فإنها من خلال النفاق، وقد نهى الله عزوجل أن تقوموا إلى الصلاة وأنتم سكارى. قال: سكر النوم " (4). وفي رواية: " منه سكر النوم " (5). وهي تفيد التعميم لغير النوم. وفي أخرى: " يعني سكر النوم يقول: بكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم وسجودكم وتكبيركم، وليس كما يصف كثير من الناس، يزعمون أن المؤمنين يسكرون من الشراب، والمؤمن

___________________________

1 - الاسراء (17): 27.

 2 - الكافي 1: 190، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " إمام منا شاهد عليهم ".

 3 - العياشي 1: 242، الحديث: 133، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 4 - الكافي 3: 299، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير في العبارة.

 5 - من لا يحضره الفقيه 1: 303، الحديث: 1389، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 211 ]

لا يشرب مسكرا ولا يسكر " (1) وفي أخرى: " ان المراد به سكر الشراب ثم نسختها تحريم الخمر " (2). أقول: لما كانت الحكمة تقتضي تحريم الخمر متدرجا، كما سبق بيانه في سورة البقرة (3)، وكان قوم من المسلمين يصلون سكارى منها، قبل استقرار تحريمها، نزلت هذه الاية وخوطبوا بمثل هذا الخطاب، ثم لما ثبت تحريمها واستقر وصاروا ممن لا ينبغي أن يخاطبوا بمثله، لان المؤمنين لا يسكرون من الخمر بعد أن حرمت عليهم، جاز أن يقال: الآية منسوخة بتحريم الخمر. بمعنى عدم حسن خطابهم بمثله بعد ذلك، لا بمعنى جواز الصلاة مع السكر، ثم لما عم الحكم ساير ما يمنع من حضور القلب، جاز أن يفسر بسكر النوم ونحوه تارة، وأن يعم الحكم أخرى، فلا تنافي بين هذه الروايات. (ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا). قال: " الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، فإن الله يقول: " ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا " " (4) أقول: المستفاد من مجموع هذه الروايات أن الله سبحانه أطلق ملفوظ الصلاة ومقدرها على معنيين: أحدهما إقامة الصلاة، بقرينة قوله " حتى تعلموا ما تقولون "، والآخر موضع الصلاة، بقرينة قوله: " إلا عابري سبيل ". ومثل هذا يسمى في صناعة البلاغة بالاستخدام. والمفسرون لما لم يتفطنوا لهذه الدقيقة وراموا حملهما على معنى واحد تكلفوا في معنى الآية بما لا ينبغي. (وإن كنتم مرضى أو على سفر أوجآء أحد منكم من الغائط). كناية عن الحدث،

___________________________

1 - العياشي 1: 242، الحديث: 137، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 51، عن موسى بن جعفر عليهما السلام.

 3 - ذيل الاية: 219.

 4 - علل الشرايع 1: 288، الباب: 210، الحديث: 1، والعياشي 1: 243، الحديث: 138، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 212 ]

إذ الغائط: المكان المنخفض من الارض. كانوا يقصدون للحدث مكانا منخفضا يغيب فيه أشخاصهم عن الرائي. (أو لمستم النساء). قال: " هو الجماع، ولكن الله ستير يحب الستر، ولم يسم كما تسمون " (1). (فلم تجدوا ماء) متعلق بكل من الجمل الاربع، ويشمل عدم التمكن من استعماله، فإن الممنوع منه كالمفقود. (فتيمموا صعيدا طيبا): فتعمدوا ترابا طاهرا. قال: " الصعيد: الموضع المرتفع والطيب: الموضع الذي ينحدر عنه الماء " (2). (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) " يعني بعض وجوهكم وبعض أيديكم، فإن الباء فيه للتبعيض ". كذا ورد (3). وورد في صفة التيمم: " فضرب بيديه على الارض فنفضهما (4)، ثم مسح على جبينه، ثم مسح كفيه إحداهما على ظهر الاخرى " (5). وفي رواية: " التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين " (6). وينبغي حملها على الاولوية. وورد: " إنه سواء من الوضوء و الجنابة والحيض " (7). أقول: وزيد في المائدة " منه " (8) أي من ذلك الصعيد، فاستفيد منه اشتراط علوق التراب بالكف، وعدم جواز التيمم بالحجر غير المغبر. (إن الله كان عفوا غفورا) فلذلك يسر الامر عليكم ورخص لكم. (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتب): حظا يسيرا من علم

___________________________

1 - الكافي 5: 555، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " فلم يسم... ".

 2 - معاني الاخبار: 283، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 3: 30، الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - نفضت الثوب والشجر أنفضه نفضا: إذا حركته لينتفض. الصحاح 3: 1109 (نفض).

 5 - العياشي 1: 244، الحديث: 144، والكافي 3: 61، الحديث: 1، و 62، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت في العبارة.

 6 - التهذيب 1: 210، الحديث: 609، عن الرضا عليه السلام.

 7 - المصدر: 212، الحديث: 617، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - الآية: 6. (*)

 

[ 213 ]

التوراة (يشترون الضللة): يستبد لونها بالهدى، بعد حصوله لهم بالمعجزات الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وآله وسلم المبشر (1) به في التوراة. (و يريدون أن تضلوا السبيل). (والله أعلم) منكم (بأعدآئكم وكفى بالله وليا) يلي أمركم (وكفى بالله نصيرا) يعينكم فثقوا به واكتفوا به عن غيره. (من الذين هادوا) قوم (يحرفون الكلم عن مواضعه): يميلونها عنها بتبديل كلمة مكان أخرى، كما حرفوا في وصف محمد صلى الله عليه وآله وسلم " أسمر ربعة " (2) عن موضعه في التوراة ووضعوا مكانه (3) " آدم طوال " (4). (ويقولون سمعنا) قولك (وعصينا) أمرك (واسمع غير مسمع) يعني (5): واسمع منا ندعوا عليك بلا سمعت، أو اسمع، غير مجاب إلى ما تدعو إليه، كذا قيل (6). (ورعنا): انظرنا نكلمك أو نفهم كلامك، يعنون به السب. فإن " راعنا " سب في لغتهم. (ليا بألسنتهم) فتلا بها وصرفا للكلام إلى ما يشبه السب حيث وضعوا " راعنا " المشابه لما يتسابون به موضع " انظرنا " و " غير مسمع " موضع " لا أسمعت مكروها ". (وطعنا في الدين): استهزاء به وسخرية (ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم): وأعدل وأسد (ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا). (يأيها الذين أوتوا الكتب ءامنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس

___________________________

1 - في " ب " و " ج ": " وأنه المبشر ".

 2 - الاسمر: من شبه لونه لون الحنطة والادم: من اشتد سمرته. والربعه: من ليس بطويل ولا قصير. " منه في الصافي 1: 456 ".

 3 - في " ب ": " في مكانه ".

 4 - آدم، جمعه: ألادم كأحمرو حمر، وهي في الناس السمرة الشديدة. النهاية 1: 32 (أدم). والطول - بالضم -: الطويل. " منه في الصافي 1: 457 ".

 5 - في " ب " و " ج ": " يعنون ".

 6 - البيضاوي 2: 90، والكشاف 1: 530. (*)

 

[ 214 ]

وجوها) قال " نطمسها عن الهدى " (1). (فنردها على أدبارها) قال: " في ضلالتها بحيث لا تفلح (2) أبدا " (3). والطمس: إزالة الصورة ومحو التخطيط. (أو نلعنهم): نخزيهم بالمسخ (كما لعنآ أصحب السبت وكان أمر الله مفعولا). (إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك): الكبائر فما سواها (لمن يشآء) تفضلا عليه وإحسانا. قال: " لو أن المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب. ثم قال: من قال لا إله إلا الله بإخلاص فهو برئ من الشرك، ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " من شيعتك ومحبيك يا علي " (4). وورد: " إن أدنى ما يكون الانسان به مشركا أن ابتدع رأيا فأحب عليه أو أبغض " (5). (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما): ارتكب ما يستحقر دونه الآثام. و الافتراء كما يطلق على القول يطلق على الفعل. (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم). قال: " نزلت في اليهود والنصارى، حيث قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " (6). (بلى الله يزكى من يشآء) لانه العالم بما ينطوي عليه الانسان دون غيره (ولا يظلمون فتيلا): أدنى ظلم. وهو الخيط الذي في شق النواة (7)، يضرب به المثل في الحقارة. (انظر كيف يفترون على الله الكذب) في زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه وأزكياء عنده (وكفى به إثما مبينا). 1 و 3 - مجمع البيان 3 - 4: 55، عن أبي جعفر عليه السلام. 2 - في جميع النسخ: يفلح، ما أثبتناه من المصدر. 4 - من لا يحضره الفقيه 4: 295، الحديث: 892، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام. 5 - العياشي 1: 246، الحديث: 150، عن أبي عبد الله عليه السلام. 6 - مجمع البيان 3 - 4: 58، عن أبي جعفر عليه السلام. 7 - النواة: إسم لخمسة دراهم وهو في الاصل: عجمة التمرة. " النهاية 5: 131 (نوا)، ولسان العرب 15: 350 (نوى). (*)

 

[ 215 ]

(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتب يؤمنون بالجبت والطغوت). الجبت في الاصل اسم صنم، فاستعمل في كل ما عبد من دون الله. والطاغوت يطلق على الشيطان وعلى كل باطل من معبود أو غيره. (ويقولون للذين كفروا): لاجلهم وفيهم (هؤلاء أهدى من الذين ءامنوا سبيلا). قال: " يقولون لائمة الضلال والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم " (1). والقمي: نزلت في اليهود حين سألهم مشركوا العرب: أديننا أفضل أم دين محمد ؟ قالوا: بل دينكم أفضل (2). (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا). (أم لهم نصيب من الملك) قال: " يعني الامامة والخلافة " (3). (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا). قال: " نحن الناس الذين عنى الله " (4). أقول: لعل التخصيص لاجل أن الدنيا خلقت لهم، والخلافة حقهم، فلو كانت الاموال في أيديهم لا نتفع بها سائر الناس، ولو منعوا عن حقوقهم لمنع ساير الناس، فكأنهم كل الناس. وقد ورد: " نحن الناس ووشيعتنا أشباه الناس وساير الناس نسناس " (5) والنقير: النقطة التي في وسط النواة. (أم يحسدون الناس على مآ ءاتهم الله من فضله). قال: " نحن الناس المحسدون على ما آتانا الله من الامامة " (6). وفي رواية: " الناس: النبي وآله " (7). (فقد ءاتينآ ءال إبراهيم الكتب والحكمة وءاتينهم ملكا عظيما) قال: " يعني جعل منهم الرسل والانبياء والائمة، فكيف يقرون في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد ؟ " (8). وقال: " الكتاب: النبوة. والحكمة: الفهم والقضاء. والملك العظيم:

___________________________

1 - الكافي 1: 205، الحديث: 1، والعياشي 1: 246، الحديث: 153، عن أبي جعفر عليه السلام 2 - القمي 1: 140.

 3، 4 و 6 - الكافي 1: 205، الحديث: 1، والعياشي 1: 264، الحديث: 153، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - الكافي 8: 244، الحديث: 339، عن علي بن الحسين، عن حسين بن علي عليهم السلام.

 7 - مجمع البيان 3 - 4: 61، عن أبي جعفر عليه السلام.

 8 - الكافي 1: 206، الحديث: 5، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 216 ]

الطاعة المفروضة " (1). (فمنهم من ءامن به ومنهم من صد عنه): أعرض ولم يؤمن (وكفى بجهنم سعيرا). يعني إن لم يعجلوا بالعقوبة فقد كفا هم ما أعدلهم من سعير جهنم. (إن الذين كفروا بايتنا). القمي: الآيات: أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام (2). (سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلنهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب). سئل: ما ذنب الغير ؟ فقال: " هي هي، وهي غيرها ثم مثل بلبنة كسرت ثم ردت (3) في ملبنها " (4). (إن الله كان عزيزا): لا يمتنع عليه ما يريده (حكيما): يعاقب على وفق حكمته. (والذين ءامنوا وعملوا الصلحت سند خلهم جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها أبدا لهم فيها أزوج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا): دائما لا تنسخه (5) الشمس. (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامنت إلى أهلها). قال: " الخطاب للائمة، أمر كل منهم أن يؤدي إلى الامام الذي بعده ويوصي إليه " (6). ثم هي جارية في ساير الامانات. وفي رواية: " إنها في كل من ائتمن أمانة من الامانات، أمانات الله: أوامره ونواهيه، وأمانت عباده: فيما يأتمن بعضهم بعضا من المال وغيره " (7). وورد: " لا تنظروا إلى طول

___________________________

1 - الكافي 1: 206، الحديث: 3، والقمي 1، 140، عن أبي عبد الله عليه السلام، والعياشي 1: 248، الحديث: 159 و 160، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - القمي 1: 141.

 3 - في جميع النسخ: " رد " وما اثبتناه من المصدر.

 4 - الاحتجاج 2: 104، عن أبي عبد الله عليه السلام. واللبنة - بفتح اللام وكسر الباء - التي بينى بها، وهو المضروب من الطين مربعا. والملبن - بكسر الميم وفتح الباء - قالب اللبن. لسان العرب 13: 375 (لبن).

 5 - في " الف ": " لا ينسخه ".

 6 - الكافي 1: 276، الاحاديث 2، 3، 4، 5 و 6، عن أبي الحسن الرضا وأبي عبد الله عليهما السلام، و مجمع البيان 3 - 4: 63، ومعاني الاخبار: 107، باب: عنى الامانات التي...

 7 الحديث: 1، عن موسى بن جعفر عليه السلام.

 7 - مجمع البيان 3 - 4: 63، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 217 ]

ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شئ اعتاده، فلو تركه استوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته " (1). (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل). قال: " إيانا عنى " (2). يعني العدل الذي في أيديكم. وفي رواية " إذا ظهرتم " (3). (إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا). (يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم). قال: " إيانا عنى خاصة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا " (4). وفي حديث جابر: " لما نزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن أولوا الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال: هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي محمد وكنيي (5)، حجة الله في أرضه وبقيته في عباده إبن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله على يديه مشارق الارض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر: فقلت له: يا رسول الله فهل لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال: إي والذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس، وإن تجلاها (6) سحاب، يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله، فاكتمه إلا عن

___________________________

1 - الكافي 2: 105، الحديث: 12 عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الكافي 1: 276، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - العياشي 1: 247، الحديث: 154، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكافي 1: 276، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - في " الف " و " ب ": " كنيتي ".

 6 - في المصدر: " تجللها " أي: تعلوها وتعمها ولعله الانسب. (*)

 

[ 218 ]

أهله " (1). (فإن تنزعتم) أيها المأمورون (في شئ) من أمور الدين (فردوه): فراجعوا فيه. (إلى الله): إلى محكم كتابه (والرسول) " بالسؤال عنه في زمانه، و بالاخذ بسنته، والمراجعة إلى من أمر بالمراجعة إليه بعده، فإنه (2) رد إليه " (3). كذا ورد في تفسير الآية. وفي رواية: " نزلت: فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول و إلى أولي الامر منكم " (4). وفي أخرى: " تلا هذه الاية هكذا: فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولى الامر منكم " (5). قال: " هكذا نزلت وكيف يأمرهم الله بطاعة ولاة الامرو يرخص في منازعتهم، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: أطيعوا الله " (6). (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر) فإن الايمان يوجب ذلك. (ذلك خير وأحسن تأويلا) من تأويلكم بلا رد. (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بمآ أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطن أن يضلهم ضللا بعيدا). القمي: نزلت في الزبير بن العوام، نازع رجلا من اليهود في حديقة، فقال الزبير: نرضى بابن شيبة اليهودي، وقال اليهودي: نرضى بمحمد. فأنزل الله (7). وورد: " أيما رجل كان بينه وبين أخ مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله " ألم تر " الآية " (8). وفي رواية: " من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه

___________________________

1 - كمال الدين 1: 253، الباب: 23، الحديث: 3.

 2 - في " ب " و " ج ": " فإنها ".

 3 - نهج البلاغة (للصبحى الصالح): 182 من خطبة: 125.

 4 - القمي 1: 141، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " فرجعوه إلى الله ".

 5 و 6 - الكافي 8: 184، الحديث، 212، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 7 - القمي 1: 141، وفيه: " ترضى " بدل " نرضى " في موضعين.

 8 - الكافي 7: 411، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 219 ]

ثابتا، لانه أخذ بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به. قيل: كيف يصنعان ؟ قال: انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فارضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله " (1). (وإذا قيل لهم تعالوا إلى مآ أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنفقين يصدون عنك صدودا). القمي: هم أعداء آل محمد، جرت فيهم هذه الآية (2). (فكيف) يكون حالهم ؟ (إذا أصبتهم مصيبة): نالتهم من الله عقوبة (بما قدمت أيديهم) من التحاكم إلى غيرك وإظهار السخط لحكمك (ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا) بالتحاكم إلى غيرك (إلا إحسنا): تخفيفا عنك (وتوفيقا) بين الخصمين بالتوسط ولم نرد مخالفتك. (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم) من الشرك والنفاق (فأعرض عنهم): لا تعاقبهم. قال: " فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء، وسبق لهم العذاب " (3). (وعظهم و قل لهم في أنفسهم): خاليا بهم، فإن النصيحة في السر أنجع (4). (قولا بليغا) يؤثر فيهم، كتخويفهم بالقتل والاستيصال إن ظهر نفاقهم. (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله). نبه به على أن الذي لم يرض بحكمه كافر، وإن أظهر الاسلام. (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) بالنفاق (جاءوك) تائبين (فاستغفروا الله) مخلصين (واستغفر لهم الرسول) بأن اعتذروا إليه حتى انتصب لهم شفيعا (لو جدوا الله توابا رحيما).

___________________________

1 - الكافي 1: 67، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير في العبارة.

 2 - القمي 1: 142.

 3 - الكافي 8: 184، الحديث: 211، عن موسى بن جعفر عليه السلام.

 4 - قد نجع فيه الخطاب والوعظ والدواء، أي: دخل وأثر. الصحاح 3: 1288 (نجع). (*)

 

[ 220 ]

(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم): فيما اختلف بينهم و اختلط (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت): ضيقا مما حكمت به (ويسلموا تسليما): وينقادوا لك انقيادا بظاهرهم وباطنهم. ورد: " لقد خاطب الله أمير المؤمنين في كتابه في قوله: " ولو أنهم إذ ظلموا " إلى قوله: " فيما شجر بينهم ". قال: فيما تعاقدوا عليه، لئن أمات الله محمدا لا يردوا (1) هذا الامر في بني هاشم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت عليهم من القتل أو العفو ويسلموا تسليما " (2). والقمي: " جاؤوك يا علي. قال: هكذا نزلت " (3). (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من ديركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا) قال " يعني أهل الخلاف " (4). (ما يوعظون به): " في علي. قال: هكذا نزلت " (5). (لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) لايمانهم (وإذا لاتينهم من لدنآ أجرا عظيما). (ولهدينهم صرطا مستقيما) يصلون بسلوكه جناب القدس ويفتح عليهم أبواب الغيب. فإن: " من عمل بما علم، ورثه الله علم ما لم يعلم " (6). (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبين والصديقين): الذين صدقوا في أقوالهم وأفعالهم (والشهداء): المقتول أنفسهم وأبدانهم بالجهاد الاكبر والاصغر (والصلحين): الذين صلحت حالهم واستقامت طريقتهم (وحسن أولئك رفيقا).

___________________________

1 - في المصدر: " ألا يردوا ".

 2 - الكافي 1: 391، الحديث: 7، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - القمي 1: 142، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكافي 8: 184، الحديث: 210، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 1: 424، الحديث: 60، عن أبي جعفر عليه السلام، والعياشي 1: 256، الحديث: 188، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - البحار 40: 128، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 221 ]

(ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما). قال: " أعينونا بالورع، فإنه من لقي الله - عز وجل - منكم بالورع كان له عند الله فرجا، إن الله يقول: " ومن يطع الله " وتلا الآية، ثم قال: فمنا النبي ومنا الصديق والشهداء والصالحون " (1). وفي رواية: " لقد ذكركم الله في كتابه فقال: " أولئك مع الذين أنعم الله " الآية، فرسول الله في الآية: النبيون، و نحن في هذا الموضع: الصديقون والشهداء، وأنتم: الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله " (2). (يأيها الذين ءامنوا خذوا حذركم): تيقظوا واستعدوا للاعداء. والحذر: الحذر. قال: " خذوا أسلحتكم، سمى الاسلحة حذرا لان بها يتقى المحذور " (3). (فانفروا): فاخرجوا إلى الجهاد، وتأويله إلى الخيرات كلها. (ثبات): جماعات متفرقة، جمع ثبة. (أو انفروا جميعا): مجتمعين كوكبة (4) واحدة ولا تتخاذلوا. (وإن منكم لمن ليبطئن). يحتمل اللازم والمتعدي، وهم المنافقون. (فإن أصبتكم مصيبة) كقتل وهزيمة (قال) المبطئ: (قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا): حاضرا. قال: " لو قال هذه الكلمة أهل الشرق والغرب لكانوا بها خارجين من الايمان، ولكن الله قد سماهم مؤمنين بإقرارهم " (5). (ولئن أصبكم فضل من الله) كفتح وغنيمة (ليقولن) تحسرا (كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يليتنى): يا قوم ليتني (كنت معهم فأفوز فوزا عظيما). نبه بالاعتراض على ضعف عقيدتهم، وأنهم إنما تمنوا مجرد المال. (فليقتل في سبيل الله الذين يشرون): يبيعون (الحيوة الدنيا بالاخرة) يعني:

___________________________

1 - الكافي 2: 78، الحديث: 12، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكافي 8: 35، ذيل الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 3 - 4: 73، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكوكبة: الجماعة. القاموس المحيط 1: 129 (الكوكب).

 5 - القمي 1: 143، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 222 ]

المخلصين الباذلين أنفسهم في طلب الآخرة. (ومن يقتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما). قال: " فوق كل بربر حتى يقتل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر " (1). (وما لكم لا تقتلون في سبيل الله والمستضعفين): وفي سبيل المستضعفين وخلاصهم (من الرجال والنساء والولدن الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا). قيل: هم الذين أسلموا بمكة وصدهم المشركون عن الهجرة، فبقوا بين أظهرهم يلقون منهم الاذى، فكانوا يدعون الله بالخلاص ويستنصرونه (2). وفي رواية: " نحن أولئك " (3). (الذين ءامنوا يقتلون في سبيل الله والذين كفروا يقتلون في سبيل الطغوت فقتلوا أولياء الشيطن إن كيد الشيطن كان ضعيفا). (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) عن القتال (وأقيموا الصلوة وءاتوا الزكوة) واشتغلوا بما أمرتم به. قيل: ذلك حين كانوا بمكة، وكانوا يتمنون أن يؤذن لهم فيه (4). وورد: " يعني كفوا ألسنتكم " (5). وقال: " أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا وتدخلوا الجنة " (6). وفي أخرى: " أنتم والله أهل هذه الآية " (7). (فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله): يخشون الكفار أن يقتلوهم، كما يخشون الله أن ينزل عليهم بأسه (أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب). قال: " كفوا أيديكم " مع الحسن، "

___________________________

1 - الخصال 1: 9، الحديث: 31، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 2 - الكشاف 1: 543.

 3 - العياشي 1: 257، الحديث: 193، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - الكشاف 1: 543.

 5 - الكافي 2: 114، الحديث: 8، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 و 7 - الكافي 8: 279، ذيل الحديث: 434، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 223 ]

كتب عليهم القتال " مع الحسين، " إلى أجل قريب ": إلى خروج القائم، فإن معه الظفر " (1). (قل متع الدنيا قليل) سريع التقضي (والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا): ولا تنقصون أدنى شئ من ثوابكم فلا ترغبوا عنه. (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة): في قصور مجصصة أو مرتفعة (وإن تصبهم حسنة): نعمة كخصب (يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة): بلية كقحط (يقولوا هذه من عندك) يطيروا بك (قل كل من عند الله) يبسط و يقبض حسب إرادته (فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) فيعلموا أن الله هو الباسط القابض، وأفعاله كلها صادرة عن حكمة وصواب. (مآ أصابك) يا إنسان (من حسنة): من نعمة (فمن الله) تفضلا وامتنانا، فإن كل ما يأتي به العبد من عبادة فلا يكافي صغرى نعمة من أياديه. (وما أصابك من سيئة): من بلية (فمن نفسك)، لانها السبب فيها لاستجلابها بالمعاصي، وهو لا ينافي قوله: " قل كل من عند الله "، فإن الكل من عنده إيجادا وإيصالا، غير أن الحسنة إحسان وامتحان، والسيئة مجازاة وانتقام. قال الله تعالى: " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " (2) قال: " كما أن بادي النعم من الله - عز وجل - نحلكموه (3)، فكذلك الشر من أنفسكم وإن جرى به قدره " (4). وورد: " إن " الحسنات " في كتاب الله على وجهين: أحدهما: الصحة والسلامة والسعة في الرزق، والآخر: الافعال، كما قال: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " (5) وكذلك السيئات، فمنها الخوف والمرض والشدة، ومنها الافعال التي يعاقبون عليها " (6). (وأرسلنك للناس

___________________________

1 - العياشي 1: 258، ذيل الحديث: 195، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " فإن معه النصر والظفر ".

 2 - الشورى (42): 30.

 3 - نحله: أعطاه ووهبه من طيب نفس بلا توقع عوض. مجمع البحرين 5: 478 (نحل).

 4 - التوحيد: 368، الباب: 20، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الانعام (6): 160.

 6 - القمي 1: 144، عن الصادقين عليهما السلام. (*)

 

[ 224 ]

رسولا وكفى بالله شهيدا) على ذلك، فما ينبغي لاحد أن يخرج من طاعتك. (من يطع الرسول فقد أطاع الله) لانه في الحقيقة مبلغ، والآمر والناهي هو الله. روي: أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله. فقال المنافقون: لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه، ما يريد إلا أن نتخذه ربا، كما اتخذت النصارى عيسى، فنزلت " (1). (ومن تولى): أعرض عن طاعته (فما أرسلنك عليهم حفيظا): تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب. (ويقولون) إذا أمرتهم بأمر (طاعة): أمرنا طاعة (فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم): دبروا ليلا (غير الذى تقول): خلاف ما قلت أو خلاف ما قالت من القبول وضمان الطاعة. (والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا): يكفيك شرهم. (أفلا يتدبرون القرءان): يتأملون معانيه ويتبصرون ما فيه (ولو كان من عند غير الله): من كلام البشر، كما زعموه (لوجدوا فيه اختلفا كثيرا) من تناقض المعنى، وتفاوت النظم، وخروج بعضه عن الفصاحة وعن مطابقته الواقع إلى غير ذلك. (وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف): مما يوجب الامن أو الخوف (أذاعوا به): أفشوه. قيل: كان قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أخبرهم الرسول بما أوحي إليه من وعد بالظفر أو تخويف من الكفرة أذاعوه، وكانت إذاعتهم مفسدة (2). (ولو ردوه): ردوا ذلك الامر (إلى الرسول وإلى أولى الامر

___________________________

1 - البيضاوي 2: 103، والكشاف 1: 546.

 2 - البيضاوي 2: 104، والكشاف 1: 547. (*)

 

[ 225 ]

منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) قيل: أي يستخرجون تدبيره بتجاربهم وأنظارهم (1). قال: " يعني آل محمد وهم الذين يستبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام وهم حجة الله " (2). (ولولا فضل الله عليكم ورحمته). قال: " الرحمة: رسول الله، والفضل: علي بن أبي طالب " (3). وفي رواية: " فضل الله: رسوله، ورحمته: الائمة عليهم السلام " (4). (لا تبعتم الشيطن) بالكفر والضلال (إلا قليلا) وهم أهل البصائر النافذة. (فقتل في سبيل الله) إن تركوك وحدك (لا تكلف إلا نفسك) فتقدم إلى الجهاد وإن لم يساعدك أحد، فإن الله ينصرك، لا الجنود. قال: " إن الله كلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يكلف أحدا من خلقه، كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه، ولم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله ولا بعده، ثم تلا هذه الآية " (5). قيل: نزلت في بدر الصغرى حين تثاقلت الناس عن الخروج (6)، كما سبق (7). (وحرض المؤمنين) إذ ما عليك في شأنهم إلا التحريض. (عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) وقد كف، بأن بدا لابي سفيان وقال: هذا عام مجدب كما مر ذكره (8). (والله أشد بأساو أشد تنكيلا): أشد عقوبة من كفار قريش. تهديد وتقريع لمن لم يتبعه. (من يشفع شفعة حسنة): راعى بها حق مسلم، إما بدفع شر عنه أو جلب

___________________________

1 - البيضاوي 2: 104، والكشاف 1: 547.

 2 - العياشي 1: 260، الحديث: 206، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، وفيه: " وهم الحجة لله على خلقه ".

 3 - المصدر: 261، الحديث: 209. عن موسى بن جعفر عليه السلام.

 4 - المصدر: 260، الحديث: 207، عن الصادقين عليهما السلام، وفيه: " ورحمته ولاية الائمة عليهم السلام ".

 5 - الكافي 8: 274، الحديث: 414، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 83، والكشاف 1: 548.

 7 و 8 - في ذيل الآية: 173 من سورة آل عمران. (*)

 

[ 226 ]

خير إليه، إبتغاء لوجه الله، ومنها الدعاء للمؤمن. (يكن له نصيب منها): ثوابا لها (و من يشفع شفعة سيئة) وهي ما كان خلاف ذلك، ومنها الدعاء على المؤمن. (يكن له كفل منها): نصيب من وزرها، مساولها في القدر، فإن الكفل: النصيب والمثل. (وكان الله على كل شئ مقيتا): مقتدرا وحفيظا يعطي على قدر الحاجة. قال: " من أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو دل على خير، أو أشار به، فهو شريك، ومن أمر بسوء، أو دل عليه، أو أشار به فهو شريك " (1). وفي رواية: " من دعا لاخيه المسلم يظهر الغيب أستجيب له وقال له الملك: ولك مثلاه، فذلك النصيب " (2). (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منهآ أوردوهآ). القمي: السلام وغيره من البر (3). وورد: " إذا عطس أحدكم قولوا: يرحمكم الله، ويقول هو: يغفر الله لكم ويرحمكم. قال الله " وإذا حييتم بتحية " الآية " (4) وقال " السلام تطوع والرد فريضة " (5). " ومن تمام التحية للمقيم: المصافحة، وتمام التسليم على المسافر: المعانقة " (6). و " الرد بالاحسن في السلام أن يضيف: " ورحمة الله "، فإن قالها المسلم أضاف: " وبركاته "، وهي النهاية فيرد بالمثل، والاول عشر حسنات والثاني عشرون والثالث ثلاثون " (7). كذا ورد. (إن الله كان على كل شئ حسيبا). (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيمة لاريب فيه ومن أصدق من الله حديثا). (فما لكم في المنفقين فئتين): تفرقتم فيهم فرقتين، ولم تتفقوا على كفرهم.

___________________________

1 - الخصال 1: 138، الحديث: 156، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 2 - جوامع الجامع 1: 275.

 3 - القمي 1: 145.

 4 - الخصال 2: 633، ذيل الحديث الطويل أربعمأة، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 2: 644، باب التسليم، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 6 - المصدر: 646، الحديث: 14، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - المصدر: 645، الحديث: 9، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت. (*)

 

[ 227 ]

قال: " نزلت في قوم قدموا من مكة وأظهروا الاسلام، ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك، ثم سافروا إلى اليمامة، فاختلف المسلمون في غزوهم، لاختلافهم في إسلامهم وشركهم " (1). (والله أركسهم بما كسبوا): ردهم في الكفر بأن خذلهم فارتكسوا (أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) إلى الهدى. (ودوالو تكفرون كما كفروا فتكونون سوآء). قال: " إن لشياطين الانس حيلة ومكرا وخدايع ووسوسة بعضهم إلى بعض، يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النصرة (2) في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الانس من أهله، إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحق في الشك والانكار والتكذيب، فيكونون سواء كما وصف الله تعالى في كتابه: " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " " (3). (فلا تتخذوا منهم أولياء) وإن آمنوا (حتى يهاجروا في سبيل الله) هجرة صحيحة هي لله لا لغرض من أغراض الدنيا (فإن تولوا) عن الهجرة المستقيمة مع الايمان (فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا). (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثق). استثناء من قوله " فخذوهم واقتلوهم " أي: إلا الذين ينتهون إلى قوم عاهدوكم، ويفارقون محاربتكم قال: " هو هلال بن عويم الاسلمي (4)، واثق عن قومه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال في موادعته: على أن لا تحيف يا محمد من أتانا، ولا نحيف من أتاك (5). فنهى الله سبحانه أن يعرض لاحد عهد

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 86، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 2 - في المصدر: " من النظر ".

 3 - الكافي 8: 11، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، في رسالته إلى جماعة الشيعة.

 4 - في المصدر: " هلال بن عويمر السلمي ".

 5 - في " الف " و " ج ": " لا نحيف يا محمد من أتانا ولا تحيف من أتاك ". والحيف: الظلم والجور. مجمع البيان 5: 42 (حيف). (*)

 

[ 228 ]

إليهم ". (1) (أو جاءوكم حصرت صدورهم): ضاقت. قال: " هو الضيق " (2). (أن يقتلوكم أو يقتلوا قومهم). قال: " نزلت في بني مدلج، جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: إنا قد حصرت صدورنا أن نشهد أنك رسول الله فلسنا معك ولا مع قومنا عليك، فواعدهم إلى أن يفرغ من العرب، ثم يدعوهم، فإن أجابوا وإلا قاتلهم " (3). (ولو شآء الله لسلطهم عليكم) بأن قوى قلوبهم، وبسط صدورهم وأزال الرعب عنهم. (فلقتلوكم) ولم يكفوا عنكم (فإن اعتزلوكم فلم يقتلوكم): فإن لم يتعرضوا لكم (وألقوا إليكم السلم): الاستسلام والانقياد (فما جعل الله لكم عليهم سبيلا): فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم. قال: " كانت السيرة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا يقاتل إلا من قاتله، ولا يحارب إلا من حاربه وأراده، وقد كان نزل في ذلك من الله " فإن اعتزلوكم " الآية. حتى نزلت عليه سورة براءة وأمر بقتل المشركين من اعتزله، ومن لم يعتزله، إلا الذين قد كان عاهدهم يوم فتح مكة إلى مدة " (4) الحديث، ويأتي تمامه (5). (ستجدون ءاخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم). قال: " نزلت في عيينة بن حصين الفزاري، أجدبت بلادهم، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووادعه على أن يقيم ببطن نخل ولا يتعرض له، وكان منافقا ملعونا، وهو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاحمق المطاع " (6). (كل ما ردوا إلى الفتنة): دعوا إلى الكفر، وإلى قتال المسلمين (أركسوا فيها): عادوا إليها، وقلبوا فيها أقبح قلب (فإن لم يعتزلوكم): لم يعتزلوا قتالكم (ويلقوا إليكم السلم): ولم يستسلموا لكم (ويكفوا أيديهم)

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 88، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 262، الحديث: 216، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 8: 327، الحديث: 504، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - القمي 1: 281 - 282، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - في ذيل الآية: 2 من سورة التوبة.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 89، عن أبي عبد الله عليه السلام، والقمي 1: 147. (*)

 

[ 229 ]

ولم يكفوا أيديهم عن قتالكم (فخذوهم): فأسروهم (واقتلوهم حيث ثقفتموهم): حيث تمكنتم منهم (وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطنا مبينا): حجة واضحة في التعرض لهم بالقتل والسبي، لظهور عداوتهم وكفرهم وغدرهم. (وما كان لمؤمن): وما صح لمؤمن، وليس من شأنه (أن يقتل مؤمنا) بغير حق (إلا خطا) لانه في عرضة الخطأء. قال: " هو الرجل يضرب ولا يتعمد القتل، أو رمى فأصاب رجلا " (1). وقال: " نزلت في عياش بن أبي ربيعة، أخي أبي جهل لامه، كان أسلم وقتل بعد إسلامه مسلما وهو لم يعلم بإسلامه " (2). (ومن قتل مؤمنا خطا فتحرير رقبة مؤمنة) قال: " مقرة قد بلغت الحنث " (3). وسئل: كيف تعرف المؤمنة ؟ قال: " على الفطرة " (4). (ودية مسلمة إلى أهله): مؤداة إلى أولياء المقتول. (إلا أن يصدقوا): يتصدقوا عليه بالدية. سمى العفو عن الدية صدقة، حثا عليه وتنبيها على فضله. و ورد: " كل معروف صدقة " (5). (فإن كان من قوم عدولكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة). قال " يلزم قاتله كفارة لقتله " (6). وورد: " في رجل مسلم في أرض الشرك، فقتله المسلمون، ثم علم به الامام بعد. فقال: يعتق مكانه رقبة مؤمنة، وذلك قول الله - عز وجل - " فإن كان من قوم عدو لكم " الآية " (7). قال: " وليس عليه دية " (8). (وإن كان من قوم) كفرة (بينكم

___________________________

1 - العياشي 1: 266، الحديث: 229، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 90 عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " وهو لا يعلم إسلامه ".

 3 - الكافي 7: 462، الحديث: 15، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 263، الحديث: 220، عن أبي الحسن عليه السلام.

 5 - الخصال 1: 134، الحديث: 145، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 91، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - من لا يحضره الفقيه 4: 110، الحديث: 373، والعياشي 1: 266، الحديث: 230، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - العياشي 1: 262، الحديث: 217، و 263، الحديث 218، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 230 ]

وبينهم ميثق): عهد (فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد) رقبة (فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما). قال: " إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الاول، فإن عليه أن يعيد الصيام، وإن صام الشهر الاول وصام من الشهر الثاني شيئا، ثم عرض له ما له فيه عذر، فعليه أن يقضي " (1). أقول: يعني يقضي ما بقي عليه. (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خلدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدله عذابا عظيما). قال: " فجزاؤه جهنم إن جازاه " (2). سئل: عن المؤمن، يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة ؟ فقال: " إن كان قتله لايمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو لسبب شئ من أشياء الدنيا (3) فإن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه، أعطاهم الدية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكينا، توبة إلى الله عز وجل " (4). (يأيها الذين ءامنوا إذا ضربتم في سبيل الله): سافرتم للغزو (فتبينوا): فاطلبوا بيان الامر وميزوا بين الكافر والمؤمن. وعلى قراءة: " فتثبتوا " (5): توقفوا وتأنوا حتى تعلموا من يستحق القتل. المعنيان متقاربان، يعني: لا تعجلوا في القتل لمن أظهر إسلامه ظنا منكم بأنه لا حقيقة لذلك. (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم): الانقياد. وفي قراءة الصادق عليه السلام، يعني: لمن حياكم بتحية السلام. (لست مؤمنا) وإنما فعلت ذلك خوفا من القتل (تبتغون

___________________________

1 - الكافي 4: 139، الحديث: 7، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - معاني الاخبار: 380، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - في المصدر: " من أمر الدنيا ".

 4 - الكافي 7: 276، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - مجمع البيان 3 - 4: 94. (*)

 

[ 231 ]

عرض الحيوة الدنيا): تطلبون ماله الذي هو حطام سريع الزوال، وهو الذي يبعثكم على العجلة وترك التثبت. (فعند الله مغانم كثيرة) تغنيكم عن قتل أمثاله لماله (كذلك كنتم من قبل): أول ما دخلتم في الاسلام وتفوهتم بالشهادتين فحقنت (1) بها دماؤكم وأموالكم من غير أن تعلم مواطأة قلوبكم ألسنتكم. (فمن الله عليكم) بالاشتهار بالايمان والاستقامة في الدين (فتبينوا). تأكيد لتعظيم الامر وترتيب الحكم على ما ذكر من حالهم. (إن الله كان بما تعملون خبيرا). القمي: نزلت في أسامة بن زيد حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله في خيل إلى بعض اليهود ليدعوهم إلى الاسلام، وكان رجل من اليهود يقال له " مرداس " في بعض القرى، فلما أحس بالخيل، جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل، فأقبل يقول: أشهد أن لا إله الا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فمر به أسامة، فطعنه فقتله، فلما رجع إلى رسول الله أخبره بذلك، فقال: أفلا شققت (2) الغطاء عن قلبه ؟ لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت، فحلف أسامة أن لا يقاتل أحدا شهد الشهادتين، فتخلف عن أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه " (3). (لا يستوى القعدون) عن الحرب (من المؤمنين غير أولى الضرر): الاصحاء (والمجهدون في سبيل الله بأمولهم وأنفسهم فضل الله المجهدين بأمولهم وأنفسهم على على القعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى). روي: " نزلت من دون استثناء في جماعة تخلفوا يوم تبوك، فجاء عبد الله بن أم مكتوم وكان أعمى، وهو يبكي، فقال: يا رسول الله كيف بمن لا يستطيع الجهاد ؟ فنزل " غير أولي الضرر " " (4)، وورد: " لقد خلفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، وهم الذين صحت نياتهم،

___________________________

1 - في " ب " و " ج ": " فحصنت ".

 2 - في المصدر: " فلا شققت ".

 3 - القمي 1: 148.

 4 - مجمع البيان 3 - 4: 96 - 97. (*)

 

[ 232 ]

ونصحت جيوبهم (1)، وهوت أفئدتهم إلى الجهاد، وقد منعهم من المسير ضرر أو غيره " (2). (وفضل الله المجهدين على القعدين أجرا عظيما). (درجت منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما). روي: " أن الله فضل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة، بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمر " (3). (إن الذين توفهم الملئكة). يحتمل الماضي والمضارع. (ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم): في أي شئ من أمر دينكم ؟ (قالوا كنا مستضعفين في الارض): يستضعفنا أهل الشرك بالله، في أرضنا وبلادنا، بكثرة عددهم وقوتهم، ويمنعوننا من الايمان بالله واتباع رسوله. (قالوا ألم تكن أرض الله وسعة فتها جروا فيها): فتفارقوا من يمنعكم من الايمان إلى قطر آخر، كما فعل المهاجرون إلى المدينة والحبشة. (فأولئك مأوهم جهنم وساءت مصيرا). قيل: نزلت في ناس من مكة أسلموا و لم يهاجروا حين كانت الهجرة واجبة (4). والقمي: نزلت فيمن اعتزل أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يقاتل معه. " مستضعفين " أي: لم نعلم مع من الحق، " أرض الله واسعة " أي: دين الله وكتاب الله واسع، فتنظروا فيه (5). أقول: هذا تأويل وذاك تفسير. ورد: " لا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها أذنه ووعاها قلبه " (6). (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدن لا يستطيعون حيلة) " يدفعون بها

___________________________

1 - رجل ناصح الجيب: لا غش فيه. تقي القلب. القاموس المحيط 1: 261، والصحاح 1: 411 (نصح).

 2 - جوامع الجامع 1: 281، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 3 - مجمع البيان 4 - 3: 97.

 4 - البيضاوي 2: 111.

 5 - القمي: 1: 149.

 6 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 280، من خطبة: 189. (*)

 

[ 233 ]

الكفر ". كذا ورد (1). (ولا يهتدون سبيلا) قال: " إلى الايمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر، الصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان " (2). وقال: " البلهاء في خدرها (3)، والخادم، تقول لها: صلي فتصلي لا تدري إلا ما قلت لها، و الجليب (4) الذي لا يدري إلا ما قلت له، والكبير الفاني، والصغير " (5). وفي رواية: " لا يستطيعون حيلة إلى النصب فينصبون، ولا يهتدون سبيلا إلى الحق، فيد خلون فيه، هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله عنها، ولا ينالون (6) منازل الابرار " (7). (فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا). (* ومن يهاجر): يفارق أهل الشرك (في سبيل الله): في منهاج دينه (يجد في الارض مرغما كثيرا): متحولا من الرغام، وهو التراب ومخلصا من الضلال. (وسعة) في الرزق وإظهار الدين. (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما). روي: " لما نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين وهو " جندب بن ضمرة " وكان بمكة، فقال: والله ما أنا ممن استثنى الله، إني لاجد قوة، وإني لعالم بالطريق، وكان مريضا شديد المرض، فقال لبنيه: والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها، فإني أخاف أن أموت فيها، فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ التنعيم مات، فنزلت " (8).

___________________________

1 و 2 - الكافي 2: 404، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الخدر - بالكسر - ستر أعد للجارية البكر في ناحية البيت، والجمع: خدور. وجارية مخدرة: إذا ألزمت الخدر. " مجمع البحرين 3: 283 - خدر " وفي الحديث: " عليك بالبلهاء ! قلت: وما البلهاء ؟ قال: ذوات الخدود العفائف ". مجمع البحرين 6: 343 (بله).

 4 - الجليب: الذى يجلب من بلد إلى آخر. " منه قده في الصافي 1: 455 ".

 5 - معاني الاخبار: 203، الحديث: 10، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - في " الف ": " لا ينازلون منازل الابرار ".

 7 - معاني الاخبار: 201، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - المجمع 3 - 4: 100. (*)

 

[ 234 ]

(وإذا ضربتم في الارض): سافرتم (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوة) بتنصيف الرباعيات. قيل: كأنهم ألقوا الاتمام وكان مظنة لان يخطر ببالهم أن عليهم نقصانا في التقصير، فرفع عنهم الجناح لتطيب نفوسهم بالقصر ويطمأنوا إليه (1). قال: " التقصير في السفر واجب كوجوب التمام في الحضر " (2). وفي رواية: " فرض المسافر ركعتان غير قصر " (3). (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) في أنفسكم أو دينكم، وهذا الشرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت، فإن القصر ثابت في حال الامن أيضا. (إن الكفرين كانوا لكم عدوا مبينا): ظاهر العداوة. (وإذا كنت فيهم): في أصحابك الضاربين في الارض، الخائفين عدوهم أن يغتروهم (فأقمت لهم الصلوة) بأن تؤمهم (فلتقم طائفة منهم): من أصحابك (معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم) يحرسونكم (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم): تحرزهم وتيقظهم (وأسلحتهم). ورد في بيان صلاة الخوف: " أن طائفة تقوم بإزاء العدو، وأخرى خلف الامام، يصلي بهم ركعة، ثم يقومون فيمثل (4) الامام قائما حتى يتم من خلفه صلاتهم وينصرفوا إلى العدو، فيجئ الطائفة الاولى، فيصلي بهم الامام ركعة (5) الثانية ويسلم، ثم يقوم

___________________________

1 - البيضاوي 2: 113.

 2 - من لا يحضره الفقيه 1: 278، الحديث: 1266، والعياشي 1: 271، الحديث: 254، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الدر المنثور 2: 657، والعياشي 1: 271، الحديث: 254 و 255، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

 4 - مثل الرجل يمثل مقولا: إذا انتصب قائما. مجمع البحرين 5: 471 (مثل).

 5 - في " ج " و " ب ": " ركعته الثانية ". (*)

 

[ 235 ]

من خلفه فيتمون صلاتهم " (1). (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة وحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم) رخصة لهم في وضعها إذا ثقل عليهم أخذها. (وخذوا حذركم) كيلا يهجم عليكم العدو. (إن الله أعد للكفرين عذابا مهينا). (فإذا قضيتم الصلوة): فرغتم منها وأنتم محاربوا عدوكم (فاذكروا الله قيما وقعودا وعلى جنوبكم): ادعوا الله في هذه الاحوال، لعل الله ينصركم على عدوكم ويظفركم بهم. (فإذا اطمأننتم): فإذا استقررتم في أوطانكم (فأقيموا الصلوة): فأتموا الصلاة التي أذن لكم في قصرها وتخفيفها حال السفر والخوف، وأتموا حدودها. (إن الصلوة كانت على المؤمنين كتبا موقوتا) قال: " مفروضا " (2). (ولا تهنوا في ابتغآء القوم): لا تضعفوا في طلبهم (إن تكونوا تألمون) مما ينالكم من الجراح منهم (فإنهم يألمون) أيضا مما ينالهم من ذلك (كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون) من إظهار الدين واستحقاق الثواب، فأنتم أولى وأحرى على حربهم و قتالهم، منهم على قتالكم. (وكان الله عليما) بمصالح خلقه (حكيما) في تدبيره إياهم. القمي: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما رجع من وقعة أحد ودخل المدينة، نزل عليه جبرئيل، فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم، ولا يخرج معك إلا من به جراحة، فأقبلوا يضمدون (3) جراحاتهم ويداوونها، فنزلت " ولا تهنوا " الآية، وقوله (4) " إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله " إلى قوله " شهداء "، فخرجوا على ما بهم من

___________________________

1 - الكافي 3: 455، الحديث: 1 عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت في العبارة.

 2 - من لا يحضره الفقيه 1: 125، الحديث: 601، عن أبي عبد الله عليه السلام، والعياشي 1: 273، الحديث: 259، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - ضمد الجرح يضمده ويضمده وضمده: شده بالضمادة وهي العصابة. القاموس المحيط 1: 321 (ضمد).

 4 - عطف على: " ولا تهنوا " أي: ونزلت " ولا تهنوا " الآية ونزلت: " إن يمسسكم " الآية. (*)

 

[ 236 ]

الالم والجراح (1). (إنآ أنزلنا إليك الكتب بالحق لتحكم بين الناس بمآ أرك الله): بما عرفك وأوحى به إليك. قال: " ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله وإلى الائمة عليهم السلام، ثم تلا هذه الآية. قال: وهي جارية في الاوصياء " (2). (ولا تكن للخائنين): لاجلهم والذب عنهم (خصيما) للبراء. (واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما). القمي ما ملخصه: إن بني أبيرق: بشيرا ومبشرا وبشرا - وكانوا منافقين - نقبوا على عم قتادة بن النعمان، فأخرجوا طعاما و سيفا ودرعا، فشكى قتادة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال بنو أبيرق: هذا عمل لبيد بن سهل، وكان لبيد مؤمنا، فخرج عليهم بالسيف وقال: أترمونني بالسرق وأنتم أولى به مني ؟ وأنتم المنافقون تهجون رسول الله وتنسبون الهجاء إلى قريش، فداروه، ثم جاء رجل من رهط بني أبيرق - وكان منطيقا بليغا - إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن قتادة عمد إلى أهل بيت منا، أهل شرف وحسب ونسب، فرماهم بالسرق، فاغتم رسول الله وعاتب قتادة عتابا شديدا، فاغتم قتادة، وكان بدريا، فنزلت الآيات (3). (ولا تجدل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما). (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون): يدبرون و يزورون بالليل (ما لا يرضى من القول): من رمي البرئ. (وكان الله بما يعملون محيطا). (هأنتم هؤلاء جدلتم عنهم في الحيوة الدنيا فمن يجدل الله عنهم يوم القيمة أم من يكون عليهم وكيلا): محاميا عنهم يحميهم عن (4) عذاب الله.

___________________________

1 - القمي 1: 124 - 125.

 2 - الكافي 1: 267، الحديث: 8، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 1: 150 - 151.

 4 - في " ب " و " ج ": " من عذاب الله ". (*)

 

[ 237 ]

(ومن يعمل سوءا): قبيحا يسوءبه غيره (أو يظلم نفسه) بما يختص به، ولا يتعداه (ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما). قال: " من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة " (1). ثم تلا الآية. (ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما). (ومن يكسب خطية): ذنبا على غير عمد (أو اثما): ذنبا تعمده (ثم يرم به بريا فقد احتمل بهتنا وإثما مبينا). (ولولا فضل الله عليك ورحمته) بإعلام ما هم عليه بالوحي (لهمت طائفة منهم أن يضلوك) عن القضاء بالحق، مع علمهم بالحال. وليس القصد فيه إلى نفي همهم بل إلى نفي تأثيره فيه. (وما يضلون إلا أنفسهم) لان وباله عليهم (وما يضرونك من شئ) فإن الله عاصمك وناصرك (وأنزل الله عليك الكتب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما). ورد: " إن أناسا من رهط بشير الادنين قالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكلمه في صاحبنا ونعذره، فإن صاحبنا برئ، فلما أنزل الله. " يستخفون من الناس " (2) الآية، أقبلت رهط بشير، فقالت: يا بشير استغفر الله وتب من الذنب. فقال: والذي أحلف به ما سرقها إلا لبيد، فنزلت " ومن يكسب خطيئة " (3) الآية. ثم إن بشيرا كفر ولحق بمكة. وأنزل الله في النفر الذين أعذروا بشيرا وأتوا النبي ليعذروه: " ولولا فضل الله عليك " الآية. ونزل في بشير وهو بمكة: " ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى " (4) الآية. " (5).

___________________________

1 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 494، الحكمة: 135، والخصال 1: 202، الحديث: 16، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - النساء (4): 108.

 3 - النساء (4): 112.

 4 - النساء (4): 115.

 5 - القمي 1: 152، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 238 ]

وورد في تأويل " إذ يبيتون ": " فلان وفلان والجراح " (1). وفي رواية: " المغيرون الكلم عن مواضعه بعد فقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاقامة أود (2) باطلهم، كما فعلته اليهود والنصارى من تغيير التوراة والانجيل " (3). (لا خير في كثير من نجوهم إلا من أمر بصدقة أو معروف) قال: " القرض " (4). (أو إصلج بين الناس) بأن يستمع (5) من الرجل كلاما يبلغه، فتخبث نفسه (6)، فتلقاه، فتقول: سمعت من فلان فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه. ورد: " ثلاث يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين الناس " (7). وورد: " إن الله فرض عليكم زكاة جاهكم، كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيديكم " (8). (ومن يفعل ذلك ابتغآء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما). (ومن يشاقق الرسول): يخالفه (من بعد ما تبين له الهدى): ظهر له الحق (ويتبع غير سبيل المؤمنين): ما هم عليه من الدين الحنيفي (نوله ما تولى): نجعله واليا لما تولى من الضلال بأن نخذله ونخلي بينه وبين ما اختاره (ونصله جهنم وساءت مصيرا). القمي: نزلت في بشير (9) كما مر. (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشآء). كرره لقصة بشير أو

___________________________

1 - الكافي 8: 334، الحديث: 525، عن أبي الحسن عليه السلام. والجراح: هو أبو عبيدة الجراح، كما في المصدر.

 2 - الاود: العوج. أقام أوده: أي عوجه. مجمع البحرين 3: 9 (أود).

 3 - الاحتجاج 1: 371، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 4 - الكافي 4: 34، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - في " الف " و " ج ": " بأن تسمع ".

 6 - الخبيث، ضد الطيب، يقال: خبث الشئ خبثا - من باب قرب - وخباثة: ضد طاب. مجمع البحرين 2: 251 (خبث).

 7 - الخصال 1: 87، الحديث: 20، عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 8 - القمي 1: 152، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 9 - القمي 1: 152، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 239 ]

للتأكيد. (ومن يشرك بالله فقد ضل ضللا بعيدا). (إن يدعون من دونه): ما يعبدون من دون الله (إلا إنثا) قيل: يعني اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى وإساف ونائلة، كان لكل حي صنم يعبدونه ويسمونه أنثى بني فلان (1). روي (2): " كان في كل واحدة منهن شيطانة أنثى تتراءى للسدنة (3)، وتكلمهم، وذلك من صنيع إبليس، وهو الشيطان الذي ذكره الله ولعنه " (4). (وإن يدعون إلا شيطنا مريدا) لانه الذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها. والمريد: الخارج عن الطاعة. (لعنه الله): أبعده عن الخير (وقال) أي: الشيطان (لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا): قدر لي وفرض، قاله عداوة وبغضا. روي: " في هذه الآية من بني آدم تسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة " (5). وفي رواية: " من كل ألف واحد لله وسايرهم للنار ولابليس " (6). (ولاضلنهم) عن الحق (ولا منينهم) الاماني الباطلة، كطول العمر، وأن لا بعث ولا عقاب (ولامرنهم فليبتكن ءاذان الانعم). قيل: كانوا يشقون آذانها إذا ولدت خمسة أبطن والخامس ذكر، وحرموا على أنفسهم الانتفاع بها (7). وفي رواية: " ليقطعن الاذن من أصلها " (8). (ولامرنهم فليغيرن خلق الله). قال: " يريد دين الله وأمره، ويؤيده قوله سبحانه: " فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم " " (9). ولعله يندرج فيه كل تغيير لخلق الله من دون إذن من الله،

___________________________

1 - البيضاوي 2: 117.

 2 - في " ب ": " ورد مقطوعا "، وفي " ج ": " ورد ".

 3 - السدنة جمع سادن - بكسر الدال -: خادم الكعبة أو بيت الصنم. القاموس المحيط 4: 235 (سده).

 4 - مجمع البيان 3 - 4: 112، عن أبي حمزة الثمالي في تفسيره.

 5 و 6 - المصدر: 113، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 7 - الكشاف 1: 564.

 8 - مجمع البيان 3 - 4: 113، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - المصدر، عن أبي عبد الله عليه السلام، والآية في سورة الروم (30): 30. (*)

 

[ 240 ]

كفقئهم (1) عين الفحل الذي طال مكثه عندهم وإعفائه عن الركوب، وخصاء العبيد وكل مثلة، ولا ينافيه التفسير بالدين والامر، لان ذلك كله داخل فيهما. (ومن يتخذ الشيطن وليا من دون الله) بأن يؤثر طاعته على طاعة الله (فقد خسر خسرانا مبينا) إذ ضيع رأس ماله وبدل مكانه من الجنة بمكانه من النار. (يعدهم) مالا ينجز (ويمنيهم) ما لا ينالون (وما يعدهم الشيطن إلاغرورا) وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر. وهذا الوعد إما بالخواطر الفاسدة أو بلسان أوليائه. ورد: " لما نزلت هذه الآية: " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " (2)، صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته، فاجتمعوا إليه فقالوا: يا سيدنا لم دعوتنا ؟ قال: نزلت هذه فمن لها ؟ قام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا. قال: لست لها. فقام آخر، فقال مثل ذلك، فقال: لست لها. فقال الوسواس الخناس: انا لها. قال: بماذا ؟ قال: أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار. فقال: أنت لها. فوكله بها إلى يوم القيامة " (3). (أولئك مأوهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا): معدلا ومهربا. (والذين ءامنوا وعملوا الصلحت سند خلهم جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا). تأكيد بليغ. (ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتب). القمي: ليس ما تتمنون أنتم ولا أهل الكتاب، يعني أن لا تعذبوا بأعمالكم (4). (من يعمل سوءا يجز به) عاجلا أو آجلا. ورد: " إن الله تعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل

___________________________

1 - الفقؤ - بالهمزة -: الشق، يقال: فقأت عينه أي: شققتها. مجمع البحرين 1: 332 (فقا).

 2 - آل عمران (3): 135.

 3 - الامالي (للصدوق): 376، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - القمي 1: 153، وفيه: " بأفعالكم ". (*)

 

[ 241 ]

ذلك به ابتلاه بالحاجة. فإن لم يفعل ذلك به شدد عليه الموت، ليكافيه بذلك الذنب " (1). (ولا يجدله): لنفسه (من دون الله وليا): من يواليه (ولا نصيرا) يدفع عنه العذاب. (ومن يعمل من الصلحت): بعضها (من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) بنقص شئ من الثواب. (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله): أخلص نفسه له (وهو محسن): آت بالحسنات. وورد: " الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " (2). (واتبع ملة إبرهيم) التي هي دين الاسلام والمتفق على صحتها. يعني اقتدى بدينه وبسيرته وطريقته (حنيفا): مايلا عن سائر الاديان (واتخذ الله إبرهيم خليلا). قال: " لانه لم يرد أحدا ولم يسأل أحدا قط غير الله " (3). وفي رواية: " لكثرة سجوده على الارض " (4). وفي أخرى: " لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته " (5). وفي أخرى: " لاطعامه الطعام وصلاته بالليل والناس نيام " (6). وفي أخرى: " إن الخليل مشتق من الخلة والخلة إنما معناها الفقر والفاقة، فقد كان خليلا إلى ربه فقيرا، وإليه منقطعا، وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا، وذلك أنه لما أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق، فبعث الله إلى جبرئيل، فقال له: أدرك عبدي، فجاءه فلقيه في الهواء، فقال: كلفني ما بدالك، فقد بعثني الله لنصرتك. فقال: بل حسبي الله ونعم الوكيل، إني لا أسأل غيره ولا حاجة لي إلا إليه، فسماه خليله أي: فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عما سواه. قال: وإذا جعل معنى ذلك من الخلة، وهو أنه

___________________________

1 - الكافي 2: 444، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 116، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 3 - علل الشرايع 1: 34، الباب: 32، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام.

 4 - المصدر، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - المصدر، الحديث: 3، عن علي بن محمد العسكري عليهما السلام.

 6 - المصدر، الحديث: 4، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 242 ]

قد تخلل معانيه، ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كان معناه العالم به وبأموره، ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله " (1). أقول: لا تنافي بين هذه الاخبار لاشتراكها في معنى انقطاعه إلى الله واستغنائه عما سواه، وإنه الموجب لخلته إياه. (ولله ما في السموت وما في الارض) خلقا وأمرا، ملكا وملكا (2)، فهو مستغن عن جميع خلقه، وجميع خلقه محتاجون إليه. (وكان الله بكل شئ محيطا) علما وقدرة. (ويستفتونك): يسئلونك الفتوى، أي: تبيين الحكم (في النساء): في ميراثهن. قال: " سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن النساء، مالهن من الميراث ؟ فأنزل الله الربع والثمن " (3). (قل الله يفتيكم فيهن): يبين لكم ما سألتم في شأنهن (وما يتلى عليكم في الكتب): ويفتيكم أيضا ما يقرأ عليكم من القرآن (في يتمى النساء التى لا تؤتونهن): لا تعطونهن (ما كتب لهن) من الميراث. قال: " كان أهل الجاهلية لا يورثون الصغير ولا المرأة، وكانوا يقولون: لا نورث إلا من قاتل ودفع عن الحريم. فأنزل الله آيات الفرايض التي في أول السورة، وهو معنى قوله: " لا تؤتونهن ما كتب لهن " " (4). (وترغبون أن تنكحوهن) عن نكاحهن. القمي: إن الرجل كان في حجره اليتيمة، فتكون دميمة (5) ساقطة، يعني حمقاء، فيرغب الرجل أن يتزوجها ولا يعطيها مالها، فينكحها غيره من أجل مالها ويمنعها النكاح ويتربص بها الموت ليرثها، فنهى الله عن ذلك (6)

___________________________

1 - الاحتجاج 1: 19، عن حسن بن علي العسكري، عن أبي عبد الله، عن النبي عليهم السلام.

 2 - في " ب ": " وملكا وملكا ".

 3 - القمي 1: 154، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 3 - 4: 118، عن أبي جعفر عليه السلام، مع تفاوت.

 5 - الدميمة: القبيحة المنظر، يقال: دم الرجل دمامة: قبح منظره وصغر جسمه. مجمع البحرين 6: 64 (دمم).

 6 - القمي 1: 154. (*)

 

[ 243 ]

(والمستضعفين): ويفتيكم في المستضعفين (من الولدن): من الصبيان الصغار أن تعطوا حقوقهم، فإن فيما يتلى عليكم: " واتوا اليتامى أموالهم " (1) كما سبق (2). (وأن تقوموا): ويفتيكم في أن تقوموا (لليتمى بالقسط) في أنفسهم وفي أموالهم (وما تفعلوا من خير) في أمر النساء واليتامى وغير ذلك (فإن الله كان به عليما). وعد لمن آثر الخير في ذلك. (وإن امرأد خافت من بعلها): توقعت لما ظهر لها من المخايل (3) (نشوزا): تجافيا عنها، وترفعا عن صحبتها، وكراهة لها، ومنعا لحقوقها (أو إعراضا) بأن يقل مجالستها ومحادثتها (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا). قال: " هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها، فيقول لها: أريد أن أطلقك، فتقول له: لا تفعل، إني أكره أن يشمت بي، ولكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت، وما كان سوى ذلك من شئ فهو لك، ودعني على حالتي، قال: هذا هو الصلح " (4). (والصلح خير) من الفرقة وسوء العشرد. (وأحضرت الانفس الشح) (5) لكونها مطبوعة عليه، فلا تكاد المرأة تسمح بإعراض الزوج عنها وتقصيره في حقها، ولا الرجل يسمح بأن يمسكها ويقوم بحقها على ما ينبغي إذا كرهها أو أحب غيرها. القمي: وأحضرت الشح، فمنها من اختارته، ومنها من لم تختره (6). (وإن تحسنوا) في العشرة (وتتقوا) النشوز والاعراض ونقص الحق (فإن الله كان بما تعملون خبيرا). (ولنن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) قال: " أن تسووا بينهن في المحبة والمودة

___________________________

1 - النساء (4): 2.

 2 - في تفسير الآية: 2 من هذه السورة.

 3 - المخايل، جمع المخيلة، وهي ما يوقع في الخيال، ويعنى به الامارات. وخلت الشئ خيلا ومخيلة: ظننته. مجمع البحرين 5: 368 (خيل).

 4 - الكافي 6: 145، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الشح: البخل مع حرص، فهو أشد من البخل، لان البخل في المال، وهو في مال ومعروف. مجمع البحرين 2: 379 (شحح).

 6 - القمي 1: 155، وفيه: " ما " بدل " من " في الموضعين. (*)

 

[ 244 ]

بالقلب " (1). وفي رواية: " التسوية في كل الامور من جميع الوجوه " (2). (ولو حرصتم) كل الحرص فإن ذلك ليس إليكم، ولا تملكونه ولا تكلفونه ولا تؤاخذون به. روي: " إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقسم بين نسائه ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " (3). (فلا تميلوا كل الميل) بترك المستطاع ولاجور على المرغوب عنها (فتذروها كامطقة) التي ليست ذات بعل ولا أيما (4). ورد: " إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقسم بين نسائه في مرضه، فيطاف به بينهن، وإن عليا عليه السلام كان له امرأتان، فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الاخرى " (5). (وإن تصلحوا) ما تفسدون من أمورهن (وتتقوا) فيما يستقبل (فإن الله كان غفورا رحيما) يغفر لكم ما مضى. (وإن يتفرقا يغن الله لكا من سعته) ببدل أو سلو (6)، ويرزقه من فضله (وكان لله وسعا حكيما). (ولل ما في السموت وما في الارض) لا يتعذر عليه الابغناء بعد الفرقة والايناس بعد الوحشة. (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتب من قبلكم وإياكم إن اتقوا الله). قال: " في هذه الآية قد جمع الله ما يتواصى به المتواصون، من الاولين والآخرين، في خصلة واحدة، وهي التقوى، وفيه جماع كل عبادة صالحة، وبه وصل من وصل إلى الدرجات العلى " (7). (وإن تكفروا فإن لله ما في السموت وما في الارض) لا يتضرر

___________________________

1 - الكافي 5: 363، ذيل الحديث: 1، والعياشي 1: 279، الحديث: 285، والقمي 1: 155، ومجمع البيان 3 - 4: 121، عن أبي عبد الله عليه السلام مع تفاوت.

 2 - مجمع البيان 3 - 4: 121، عن الصادقين عليهما السلام.

 3 - المصدر، والدر المنثور 2: 712.

 4 - الايم، فيما يتعارقه أهل اللسان: الذي لازوج له، من الرجال والنساء. يقال: رل أيم، سوآء كان تزوج من قيل أو لم يتزوج، والمرأة أيم، أيضا، بكرات كانت أو ثيبا. وإنما قيل للمرأة " أيم " ولم يقل " أيمة "، لان أكر ذلك للنساءء، فهو كالمستعار.. مجمع البحرين 6: 16 (أيم) 5 - مجمع البيان 3 - 4: 121، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام.

 6 - السلوة والسلوة: رخاء العيش. يقال: هو في سلوة من العيش، أي: في نعمة ورفاهية ورغد. مجمع البحرين 1: 233، ولسان العرب 14: 396 (سلا).

 7 - مصباح الشريعة: 163، الباب: 77، في الوصية، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 245 ]

بكفرانكم وعصيانكم، كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم، وإنما وصاكم لرحمته لا لاجته. (وكان الله غنيا) عن اخلق وعبادتهم (حميدا) في ذاته، حمد أولم يحمد. (ولله ما في السموت وما في الارض) كل يدل بحاجته على غناه، وبما فاض عليه من الوجود والكمال على كونه حميدا (وكفى بالله وكيلا): حافظا للجميع، لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما. (إن يشأ يذهبكم): يفنكم (أيها الناس ويأت باخرين) مكانكم (وكان الله على ذلك قديرا). روي: " لما نزلت هذه الآى ة ضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده على ظهر سلمان - رضي الله عنه - وقال: هم، قوم هذا، يعني عجم الفرس " (1). (من كان يريد ثواب الدنيا) كمن يجاهد للغنيمة (فعند الله ثواب الدنيا والاخرة) فليطلب الثوابين جميعا من عند الله تعالى، وما باله يكتفي بأخسهما ويدع أشرفهما، على أنه لو طلب الاشرف لم يخطئه الاخس. ورد: " من كانت الآخرد همته، كفاه الله همته (2) من الدنيا " (3). (وكان الله سميعا بصيرا) عالما بالاغراض، فيجازي كلا بنيته. (يأيها الذين ءامنوا كونوا اقومين بالقسط): مواظبين على العدل، مجتهدين في إقامته (شهداء لله) بالحق، تقيمون شهادتكم لوجه الله (ولو على أنفسكم): ولو كانت الشهادة على أنفسكم بأن تقروا عليها (أو الولدين والاقربين إن يكن) المشهود عليه أو المشهود له (4) (غنيا أو فقيرا) فلا تمتنعوا عن إقامة الشهادة للغني على الفقير، لاستغناء المشهود له وفقر المشهود عليه، ولا عن إقامة الشهادة للفقير على

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4، والبيضاوي 2: 122.

 2 - في " ب ": " همه ".

 3 - الخصال 1: 129، الباب: 3، الحديث: 133، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه: " همه " في الموضعين.

 4 - في " الف ": " المشهود أو المشهود عليه ". (*)

 

[ 246 ]

الغني، تهاونا بالفقير وتوقير ا للغني، أو خشية منه، أو حشمة له (فالله أولى بهما): بالغني والفقير وأنظر لهما (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا): لان تعدلوا عن الحق، من العدول، أو لاجل أن تعدلوا في الشهادة، من العدل. نهى عن متابعة الهوى في إقامتها، كمراعاة صداقد، أو عداوة، أو وحشة، أو عصبية، أؤ غير ذلك. (وإن تلوا) قال: " تبدلوا الشهادة " (1). (أو تعرضوا) قال: " تكتموها " (2). وفي رواية: " إن تلو والامر، إو تعرضوا عما أمرتم به " (3). (فإن الله كان بما تعملون خبيرا). (يأيها الذين ءامنوا) بألسنتهم وظاهرهم (ءامنوا) بقلوبكم وباطنكم (بالله ورسوله) [ يعني محمد صلى الله عليه وآله وسلم ] (4) (والكتب الذى نز على رسوله) [ أي: القران ] (5) (والكتب الذى أنزل من قبل) [ أي: التوراة والانجيل، أو الجنس ] (6) (ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الاخر) يعني بشي من ذلك (فقد ضل ضللا بعيدا). (إن الذين ءامنوا ثم كفروا ثم ءامنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا) حتى لم يبق فيهم من الايمان شئ. قال: " نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا برسول الله صلى الله عليه وآه وسلم في أول الامر، ثم كفروا حين عرضت عليهم الا ولاية، حيث قال 6 من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لامير المؤم نين عليه السلام حيث قالوا له بأمر الله وأمر رسول فبايعوه، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ " (7). والقمي: آمنوا إقرارا لا تصديقا (8).

___________________________

1 و 2 - ممع البيان 3 - 4: 124، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الكافي 1: 421، الحديث: 45، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4، 5 و 6 ما بين المعقوقات من " ب ".

 7 - العياشي 1: 281، الحديث: 289، والكافي 1: 420، الحديث: 42، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - القمي 1: 156. (*)

 

[ 247 ]

في الموضعين. وفي رواية: " نزلت في ابن أبي سرح (9 1، الذي بعثه عثمان إلى مصر " (2). (لم يكن الله لغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) إلى الجنة لان بصائرهم عميت عن الحق، فلا يتأتى منهم الرجوع إليه. (بشر المنفقين بأن لهم عذابا أليما). (الذين يتخذون الكفرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا) وقد كتبها لاوليائه. القمي: نزلت في بني أمية حيث حالفوا على أن لا يردوا الامر في بني هاشم (3). (وقد نزل عليكم في الكتب): القرآن (أن): أن ه (إذا سمعتم ءايت الله يكفر بها ويتهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم). ورد في تفسيرها: " إذا سمعت الرجل يجحد الحق وكذب به ويقع (4) في إهله، فقم من نده ولا تقاعده " (5). " انكم إذا مثلهم " في الكفر، إن رضيتم به وإلا ففي الاثم، لقدرتكم على الانكار أو الاعراض. (إن الله جامع المنفقين والكفرين) القاعدين والمقعود معهم (في جهنم جميعا). (الذين يتربصون بكم): ينتظرون وقوع أمر بكم (فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم): مظاهرين لكم، فاسهموا لنا فيما غنمتم (وإن كان للكفرين نصيب)

___________________________

1 - هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم قبل الفتح وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسمل، وكان يكتب له، ثم ارتد مشركا وسار إلى قريش بمكة، فلما كان يوم فتح مكة، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتله أينما وجد، حتى لحق أستار الكعبد، ففر إلى عثمان بن عفان فغيبه حتى أتى به إلى رسول الله وأسلم ثانيا. وولاه عثمان في زمانه مصر، سنة خمس وعشرين. وفتح إفريقية، فأعطاه عثمان جميع ما أفاء الله على المسلمين من فتح إفريقية بالمغرب. وهو أخو عثمان من الرضاع. وأسوأ أحواله خاتمته، حيث شهد صفين مع معاوية، على ما قيل. " راجع: تنقيح المقال 1: 281 ".

 2 - العياشي 1: 280، الحديث: 287، عن الصادقين عليهما لسلام، وفيه: " عبد الله بن أبي سرح ".

 3 - القمي 1: 156، وفيه: " خالفوا نبيهم على أن... ".

 4 - وقع في الناس وقيعة: اغتابهم. مجمع البحرين 4: 408 (وقع).

 5 - الكافي 2: 377، الحديث: 8، عن أبي عبد الله لعيه السلام، والعياشي 1: 281، الحديث: 290، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (*)

 

[ 248 ]

من الحرب (قالوا) للكافرين (ألم نستحوذ عليكم): ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم. والاستحواذ: الاستيلاء. (ونمنعكم من المؤمنين) بأن أخذلناهم عنكم، بتخييل ما ضعفت به قلوبهم، وتوانينا (1) في مظاهرتهم، وكنا عيونا لكم حتى انصرفوا عنكم وغلبتموهم، فأشركونا فيما أصبتم. سمي ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا، لخسد حظهم. (فالله يحكم بينكم يوم القيمد) بالحق (ولن يجعل الله لكفرين على المؤمنين سبيلا). قال: " يعني لن يجعل الله لكافر على مؤمن حجة " (2). (إن المنفقين يخدعون الله وهو خدعهم). سبق تفسيره (3). (وإذا قاموا إلى الصلوة قاموا كسالى): متثاقلين كالمكره على الفعل (يرآءون الناس) ليخالوهم مؤمنين (ولا يذكرون الله إلا قليلا) إذ المراثي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه. ورد: " من ذكر الله في السر، فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله عز وجل: " يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا " " (4). (مذبذ بين بين ذلك): مرددين بين الايمان والكفر، من الذبذبة وهو جعل الشئ مضطربا، وأصله: الذب بمعنى الطرد. (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء): يظهرون الايمان كما يظهره المؤمنون، ولكن لا يضمرونه كما يضمرون، ويضمرون الكفر كما يضمرونه (5) الكافرون، ولكن لا يظهرونه كما يظهرون. (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا). (يأيها الذين امنوا لا تتخذ والكفرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطنا مبينا): حجة واضحة، فإن مولاة الكافرين دليل النفاق. (إن المتفقين في الدرك الاسفل من النار): في قعر جهنم، فإن للنار دركات

___________________________

1 - توانى في الامر: ترفق. مجمع البحرين 1: 465 (ونا).

 2 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 204، الباب: 46، ذيل الحديث: 5.

 3 - ذيل الآية: 9، من سورد البقرة.

 4 - الكافي 2: 501، الحديث: 2، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5 - في " ب " و " ج ": " كما يضمره ". (*)

 

[ 249 ]

متداركة، بعضها تحت بعض، كما أن للجنة درجات متدرجة، بعضها فوق بعض. (ولن تجد لهم نصيرا) يخرجهم منه. (إلا الذين تابوا وأصلحوا) ما أفسدوا (واعتصموا بالله): وثقوا به وتمسكوا بدينه (وأخلصوا دينهم لله): لا يريدون بطاعتهم إلا وجهه (فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما). (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم وكان الله شاكر عليما). (لا يحب الله الجهر بالسؤء من القول) قال: " لا يحب الله الشتم في الانتصار " (1). (إلا من ظلم) قال: " فلا بأس له أن ينتصر ممن (2) ظلمه، بما يجوز الانتصار به في الدين " (3). (وكان الله سميعا عليما). (إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سؤء) مع قدر تكم على الانتقام، من دون جهر بالسوء من القول، وهو المقصود ذكره، وما قبله تمهيد له، ولذا رتب عليه قوله: (فإن الله كان عفوا قديرا) وهو حث للمظلوم على العفو، بعد ما رخص له في الانتصار، حملا على مكالم الاخلاق. (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله (ويقولون نؤمن ببعض): ببعض الانبياء (ونكفر ببعض) كاليهود والنصارى (ويريدون أن يتخذوا بين ذلك): بين الايمان والكفر (سبيلا) إلى الضلالة. القمي: هم الذين أقروا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنكروا بأمير المؤمنين عليه السلام (4). (أولئك هم الكفرون حقا وأعتدنا للكفرين عذابا مهينا). (والذين ءامنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم) بل آمنوا بجميعهم

___________________________

1 - 1 و 3، مجمع البيان 3 - 4: 131، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - في " الف ": " 2 من ".

 4 - القمي 1: 157. (*)

 

[ 250 ]

(أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما). (يسئلك أهل الكتب أن تنزل عليهم كتبا من السماء). روي: " إن كعب بن الاشرف وجماعة من اليهود قالوا: يا محمد " إن كنت نبيا، فأتنا بكتاب من السماء جملة، كما أتى موسى بالتوراة جملد، فنزلت " (1). (فد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصعقة بظلمهم) وهو تعنتهم وسؤالهم المستحيل (ثم اتخذوا العجل): عبدوه (من بعد ما جاء تهم البينت): المعجزات الباهرات (فعفونا عن ذلك) لسعة رحتمنا (وءاتينا موسى سلطنا مبينا): حجة بينة تبين عن صدقه. (ورفعنا فوقهم الطور): الجبل (بميثقهم) ليقبلوه (وقلنا لهم) على لسان موسى (ادخلوا الباب سجدا): باب حطة (وقلنا لهم لا تعدوا في السبت): لا تتجاوزوا في يوم السبت ما ابيح لكم إلى ما حرم عليكم (وأخذنا منهم ميثقا غليظا) على ذلك. (فيما نقضهم ميثقهم) يعني: فخالفوا ونقضوا، ففعلنا بهم ما فعلنا بسبب نقضهم، و " ما " مزيدة للتأكيد. (وكفرهم بأيت الله وقتلهم الانبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف): أو عية للعلوم أو في أكنة، كما سبق تفسيره (2). (بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا). (وبكفرهم) بعيسى (وقولهم على مريم بهتنا عظيما) يعني: نبتها إلى الزنا. ورد: " إن رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا مريم ابنة عمران عليهما السلام إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف " (3). (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله) يعنون رسول الله بزعمه.

___________________________

1 - مجمع البيان 3 - 4: 133.

 2 - ذيل الآية: 88 من سورد البقرة.

 3 - الامالي (للصدوق): 91، المجلس الثاني والعشرون، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 251 ]

(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم). قيل: إنما ذمهم بما دل عليه الكلام من جرأتهم على الله، وقصدهم قتل نبيه المؤيد بالمعجزات القاهرة وبتجحجحهم (9 1 به، لا لقولهم هذا على حسب حسبانهم (2). وقد سبق ذكر هذه القصمة في آل عمران (3). (وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه). قيل: قال بعضهم: كان كاذبا فقتلنا حقا، وتردد آخرون، فقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا، وقال من سمع منه إن الله يرفعني إلى السماء: رفع إلى السماء، وقال قوم: صلب الناسوت وصعد اللاهوت (4). (ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا). (بل رفعه الله إليه). رد وإنكار لقتله. ورد: " إن لله بقاعا في سماواته، فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله يقول في قصة عيسى بن مريم: " بل رفعه الله إليه " (5). (وكان الله عزيزا حكيما). (وإن من أهل الكتب إلا ليؤمنن به قبل موته). قال: " إنه ينزل قبل يوما لقيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا غيره، إلا آمن به قبل موته، ويصلي خلف المهدي عليه السلام " (6). وفي رواية: " ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل موت الكتابي " (7). ورد: " ليس من أحد من جميع الاديان يموت إلا رآى رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام حقا، من الاولين والآخرين " (8). (ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا). (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبت إحلت لهم) قال: " يعني لحوم الابل

___________________________

1 - جححجح: افتخر. المعجم الوسيط 1: 107 (جححجح). وفي " ب ": " بتبجحهم " وهي بمعناه.

 2 - البيضاوي 2: 127 - 128.

 3 - ذيل الآيات: 35 إلى 55.

 4 - البيضاوي 2: 128.

 5 - من لا يحضره الفقيه 1: 127، ذيل الحديث: 4، وعلل الشرايع 1: 133، الباب: 113، ذيل الحديث: 1، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

 6 - القمي 1: 158، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - مجمع البيان 3 - 4: 137 - 138.

 8 - العياشي 1: 284، الحديث: 303، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 252 ]

والبقر والغنم " (1). (وبصدهم عن سبيل الله كثيرا). (وأخذهم الربوا وقد نهوا عنه وأكلهم أمول الناس بالبطل وأعتدنا للكفرين منهم عذبا أليما). (لكن الرسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بمآ أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلوة). قيل: يعني ويؤمنون بالمقيمين، يعني الأنبياء (2). وقيل: بل نصب بالمدح (3). (والمؤتون الزكوة والمؤمنون بالله واليوم الاخر أولئك سنوتيهم أجرا عظيما). (إنا أوحينا إليك كما أو حينا إلى نوح والنبين من بعده) قال: " إني أو حيث إليك، كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، فجمع له كل وحي " (4). ورد: " أعطيت السور الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الانجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة " (5)، (6). (وأوحينا إلى إبرهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسلهن وءاتينا داود زبورا). (ورسلا): وأرسلنا رسلا (قد قصصنتهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك

___________________________

1 - الكافي 5: 306، الحديث: 0، والعياشي 1: 284، الحديث: 304، والقمي 1: 185، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 و 3 - مجمع البيان 3 - 4: 140، والتفسير الكبير 11: 106، والبيضاوي 2: 129.

 4 - العياشي 1: 285، الحديث: 305، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

 5 - الكافي 2: 601، الحديث: 10، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه: " الطوال " مكان: " الطول ".

 6 - السبع الطول: البقرة، وآل عمران 7 والنساء والمائدة، والانعام، والاعراف، والانفال مع التوبة، لانها تدعى القرينتين، لذلك لم يفصل بينهما بسم الله الرحمن الرحيم. وإنما سميت هذه السور الطول، لانها أطول سور القران. وأما المثاني، فهي السورة التالية للسبع الطول، وأولها سورة يونس، وآخرها النحل. وإنما سميت مثاني، لانها ثنت الطول، أي: تلتها، فكان الطول هي المبادئ، والمثاني لها ثواني. وأما الماؤون، فهي كل سورد تكون نحوا من مائة آيد، أو فويق ذلك، أو دوينهه. وهي سبع أولها سورة بني إسرائيل وآخرها المؤمنون. وقيل: أن المائين ما ولى السبع الطول، ثم المثاني بعدها، وهي التي يقصر عن المائين ويزيد على المفصل. وسميت مثاني، لان المائين مبادلها. وأما المفصل، فما بعد الحواميم من قصار السور إلى آخر القرآن، طوالها من سورد محمد إلى النبأ، ومتوسطاته منه إلى الضحى، وقصاره منه إلى آخر القرآن. وسميت مفصلا، لكثرة الفصول بين سورها ببسم الله الرحمن الرحيم. " راجع: مجمع البيان 1 - 2: 14، ومرآة العقول 12: 481 - 482 ". (*)

 

[ 253 ]

وكلم الله موسى تكليما). قال: " كان بين آدم ونوح من الانبياء مستخفين ومستعلنين، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من استعلن من الانبياء، وهو قول الله عز وجل: " ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك " يعني: لم يسم المستخفين، كما سمى المستعلنين من الانبياء " (1). (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) فيقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولا، فينبهنا ويعلمنا ما لم نكن نعلم (وكان الله عريزا حكيما). (لوكن الله يشهد بمآ أنزل إليك). قيل: لما نزلت " إنا أوحينا إليك " قالا: ما نشهد لك بهذا، فنزلت (2). (أنزله بعلمه) بأنك مستأهل له (والملئكة يشهدون) أضا (وكفى بالله شهيدا) وإن لم يشهد غيره. (إن الذين كفروا وظلموا) جمعوا بينهما (لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا). (إلا طريق جهنم خلدين فيآ أبدا وكان ذلك على الله يسيرا). ورد: " نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم " (4). والقمي: إن الصادق عليه السلام. قرأها هكذا (5).

___________________________

1 - كمال الدين 1: 215، الباب: 22، ذيل الحديث: 2، والعياشي 1: 285، الحديث: 306، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - البيضاوي 2: 130.

 3 - في " ج ": لانهم جمعوا ".

 4 - العياشي 1: 258، الحديث: 307، والكافي 1: 424، الحديث: 59، عن أبي جعفر عليه السلام. وفي الكافي: " إن الذين ظلموا آل محمد حقهم ".

 5 - القمي 1: 159. (*)

 

[ 254 ]

(يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فامنوا خير لكم): يكن الايمان خيرا لكم (وإن تكفروا فإن لله ما في السموت والارض وكان الله عليما حكيما). (يأهل الكتب لا تغلوا في دينكم). غلت اليهود في حط عيسى، حتى رموه بأنه ولد لغير رشدة (1)، والنصارى في رفعه، حتى اتخذوه إلها. (ولا تقولوا على الله إلا الحق) يعني: تنزيهه عن الشريك والصاحبة والولد (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقهآ إلى مريم وروح منه) قال: " روح مخلوقة خلقها الله في ادم وعيسى " (2). وفي رواية: " مخلوقان اختراهما (3) واصطفاهما " (4). - فامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلثة) الآلهة ثلاثة: لله، والمسيح، ومريم، كما يدل عليه قوله تعالى: ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " (5). (انتهوا) عن التثليث (خير لكم): يكن الانتهاء خيرا (إنما الله إله وحد) وحدة حقيقية، لا يتطرق إليها نحو من أنحاء الكثرة والتعدد أصلا (سبحنه أن يكون له ولد له ما في السموت ما في الارض وكفى بالله وكيلا). تنبيه على غناه عن الولد، فإن الحاجة إليه ليكون وكيلا لابيه، والله سبحانه قائم بحفط الاشياء، كاف في ذلك، مستغن عمن يخلفه أو يعينه. (لن يستنكف المسيح): لن يأنف (أن يكون عبد الله) لان عبودية الله شرف يباهى به، وإنما المذلة في عبودية غيره. روي: " إن وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لم تعيب صاحبنا ؟ قال: ومن صاحبكم ؟ قالوا: عيسى، قال: وأي شئ أقول ؟ قالوا: تقول: إنه عبد الله. قال: إنه ليس بعار أن يكون عبد لله. قالوا: بلى. فنزلت (6). (ولا الملئكة

___________________________

1 - يقال: هذا ولد رشدة إذا كان لنكاح صحيح، كما يقال في ضده: ولد زنية. النهاية 2: 225 (رشد).

 2 - الكافي 1: 133، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " هي روح الله مخلوقة... ".

 3 - في " ب ": " خلقهما ".

 4 - التوحيد: 172، الباب: 27، الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - المائدة (5): 116.

 6 - مجمع البيان 3 - 4: 146، والبيضاوي 2: 131. (*)

 

[ 255 ]

المقربون ومن يستنكف عن بعاديه ويستكبر): وترفع (1) عنها. الاستكبار دون الاستنكاف، وإنما يتسعمل حيث لا استحقاق، بخلاف التكبر، فإنه قد يكون باستحقاق، كما هو في الله سبحانه. (فسيحشرهم إليه جميعا). (فأما الذين ءامنوا الصلحت فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا). (يأيها الناس قد جائكم برهن من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا). (فأما الذين ءامنوا بالله واعصموا به فسيد خلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما). قال: " البرهان: محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والنور: علي عليه السلام، والصراط المستقيم: علي عليه السلام " (2). والقمي: النور: إامة علي، والاعتصام: التمسك بولايته، وولاية الائمة عليهم السلام بعده (3). (يستفتونك) أي: في الكلالة، كما يدل عليه الجواب، وقد سبق تفسيرها (4). روي: " إن جابر بن عبد الله كان مريضا، فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن لي كلالة فكيف أصنع في مالي ؟ فنزلت " (5). (قل الله يفتيكم في الكللة إن أامرؤ أهلك ليس له ولد وله أخت) قال: " أخت لام وأب أو أخت لاب " (6). (فلها نصف ما ترك وهو يرثها) أي والمرء يرث أخته جميع مالها إن كانت الاخت هي الميتة. (إن لم يكن لها ولد) ولا والد، لان الكلام في ميراث الكلالة، ولما ثبت أن الاخوة لا يرثون مع الاب. (فإن كانتا اثنتين). الضمير لمن يرث بالاخوة. (فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا

___________________________

1 - في " ج " " يترفع ".

 2 - العياشي 1: 285، الحديث: 308، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 1: 159.

 4 - ذيل الآية: 12 من هذه السورة.

 5 - البيضاوي 2: 132، والدر المنثور 2: 753.

 6 - الكافي 7: 101، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 256 ]

ونساء فللذ كر مثل حظ الانثيين). قال: " إذا مات الرجل وله أخت، تأخذ نصف الميراث بالآية، كما تأخذ البنت لو كانت، والنصف الباقي يرد عليها بالرحم، إذا لم يكن للميت وارث أقرب منها، فإن كان موضع الاخت أخ، أخذ الميراث كله بالآية، لقول الله تعالى " وهو يرثها إن لم يكن لها ولد " فإن كانت (1) أختين أخذتا الثلثين بالآية، والثلث الباقي بالرحم، وإن كانوا إخوة رجالا ونساء " فللذكر مثل حط الانثيين " وذلك كله إذا لم يكن للميت ولد وأبوان أو زوجة " (2). (يبين الله لكم أن تضلوا): كراهة أن تضلوا (والله بكل شئ عليم) قيل: هي آخر آية نزلت في الاحكام (3).

___________________________

1 - الكافي: " كانتا ".

 2 - القمي 1: 159، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه: " إذا لم يكن للميت ولد أو أبوان أو زوجة ". وفي " الف ": "... ولد وأبوان وزوجة ".

 3 - البيضاوي 2: 132، والكشاف 1: 589. (*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336384

  • التاريخ : 28/03/2024 - 22:09

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net