00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة البقرة من آية 124 ـ آخر السورة  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الاول)   ||   تأليف : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني

[ 65 ]

(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس): مرجعا ومحل عود (وأمنا) قال: " من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط الله، ومن دخله من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم " (1). (واتخذوا من مقام إبراهم مصلى) هو الحجر الذي عليه أثر قدمه. قال: " يعني بذلك ركعتي طواف الفريضة " (2). (وعهدنا إلى إبرهم وإسمعيل أن طهرا بيتى) قال: " نحيا عنه المشركين " (3). (للطائفين والعكفين والركع السجود). قال: " وينبغي للعبد أن لا يدخله إلا وهو طاهر قد غسل عنه العرق ولاذى وتطهر " (4). (وإذ قال إبرهم رب اجعل هذا بلدا ءامنا وارزق أهله من الثمرت) قال: " من ثمرات القلوب، أي: حببهم إلى الناس لينتابوا إليهم (5) ويعودوا " (6). أقول: ويؤيد هذا قوله عليه السلام في سورته: " فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " (7). وفي رواية: " لما دعا بذلك، أمر الله بقطعة من الاردن (8) فسارت بثمارها حتى طافت بالبيت ثم أمرها أن تنصرف إلى هذا الموضع المسمى بالطائف، ولذلك سمي الطائف " (9). (من ءامن منهم بالله واليوم الاخر). قال: " إيانا عنى بذلك وأولياءه وشيعة وصيه " (10). (قال ومن كفر) أرزقه أيضا (فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب

___________________________

1 - الكافي 4: 226، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - التهذيب 5: 138، الحديث: 126، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - القمي 1: 59، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - علل الشرايع 2: 411، الباب: 151، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - انتابهم انتيابا: أتاهم مرة بعد أخرى. القاموس المحيط 1: 140 (النوب).

 6 - القمي 1: 62، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - إبراهيم (14): 37.

 8 - الاردن كالاحمر: ضرب من الخز. القاموس المحيط 4: 229 (الردن).

 9 - علل الشرايع 2: 442 - 443، الباب: 189، الحديث: 2، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 10 - العياشي 1: 59، الحديث: 96، عن علي بن الحسين عليهما السلام. (*)

 

[ 66 ]

النار وبئس المصير) عذاب النار. قال: " عنى بذلك من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته " (1). (وإذ يرفع إبرهم القواعد من البيت وإسمعيل ربنا تقبل منآ إنك أنت السميع) لدعائنا (العليم) بنياتنا. (ربنا واجعلنا مسلمين): منقادين مخلصين (لك ومن ذريتنا): واجعل بعض ذريتنا (أمة): جماعة يأمون، أي يقصدون ويقتدى بهم (مسلمة لك). قال: " هم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " (2). وفي رواية: " بنو هاشم " (3). (وأرنا مناسكنا): عرفنا متعبداتنا (وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم). (ربنا وابعث فيهم): في الامة المسلمة (رسولا منهم) قال: " يعني من تلك الامة " (4). عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أنا دعوة أبي إبراهيم " (5). (يتلوا عليهم ءايتك ويعلمهم الكتب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم). (ومن يرغب عن ملة إبرهم إلا من سفه نفسه): من استهانها وأذلها واستخف بها. قيل: بكسر الفاء متعد وبضمها لازم (6). ورد: " ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها براء " (7). (ولقد اصطفينه في الدنيا وإنه في الاخرة لمن الصلحين).

___________________________

1 - العياشي 1: 59، الحديث: 96، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

 2 - الكافي 5: 14، الحديث: 1، والتهذيب 6: 128، الحديث: 224، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 و 4 - العياشي 1: 60 - 61، الحديث: 101، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - القمي 1: 62.

 6 - راجع: البيضاوي 1: 189.

 7 - المحاسن للبرقي 1: 147، الباب: 16، الحديث: 54، عن علي بن الحسين عليه السلام، وفيه وفي " ج ": " برآء ". (*)

 

[ 67 ]

(إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العلمين). (ووصى بها) أي: بالملة، أو بهذه الكلمة أعني كلمة: " أسلمت لرب العالمين ". (إبرهم بنيه ويعقوب): ووصى بها يعقوب أيضا بنيه (يبنى إن الله اصطفى لكم الدين): دين الاسلام (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون). (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) إنكار، يعني ما كنتم حاضرين (إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى). أراد به تقرير هم على التوحيد والاسلام، وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما. (قالوا نعبد إلهك وإله أآبائك إبرهم وإسمعيل وإسحق). عد إسماعيل من آبائه، لان العرب تسمي العم والجد أبا، لوجوب تعظيمهما كتعظيمه. وفي الحديث: " عم الرجل صنو أبيه " (1). (إلها وحدا). تصريح بالتوحيد (ونحن له مسلمون). (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم): لكل أجر عمله، ولا ينفعكم انتسابكم إليهم (ولا تسئلون عما كانوا يعملون): لا تؤاخذون بسيئاتهم، كما لا تثابون بحسناتهم. (وقالوا كونوا هودا أو نصرى تهتدوا) قالت اليهود: كونوا هودا، وقالت النصارى: كونوا نصارى (قل بل ملة إبرهم): بل نكون أهل ملة إبراهيم متبعين له (حنيفا): مائلا عن كل دين إلى دين الحق. قال: " الحنيفية هي الاسلام " (2). (وما كان من المشركين) يعني إبراهيم. تعريض بأهل الكتابين، فإنهم كانوا يدعون اتباع ملة إبراهيم، وهم مع ذلك كانوا على الشرك. (قولوا ءامنا بالله). قال: " عنى بالخطاب عليا وفاطمة والحسن والحسين

___________________________

1 - سنن الدار قطني 2: 123. والصنو: الاخ الشقيق والابن والعم. النخلتان فما زاد في الاصل الواحد كل واحد منهما صنو. القاموس المحيط 4: 355 (الصنو).

 2 - البرهان 1: 156، الحديث: 1، والعياشي 1: 61، الحديث: 103، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 68 ]

وجرت بعدهم في الائمة " (1). (وما أنزل إلينا) يعني القرآن (وما أنزل إلى إبرهم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط) يعني الصحف. " والاسباط ": حفدة يعقوب. (وما أوتى موسى وعيسى) يعني التوراة والانجيل (وما أوتى النبيون) جملة، المذكورون منهم وغير المذكورين. (من ربهم لا نفرق بين أحد منهم) كاليهود، نؤمن ببعض ونكفر ببعض (ونحن له): لله (مسلمون). (فإن ءامنوا) قال: " أي: ساير الناس " (2). (بمثل مآ ءامنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق) قال: " في كفر " (3). أقول: وأصله المخالفة والمناواة، فإن كل واحد من المتخالفين في شق غير شق الآخر. (فسيكفيكهم الله). تسلية وتسكين للمؤمنين ووعد لهم بالحفظ والنصر على ناواهم. (وهو السميع) لاقوالكم (العليم) بإخلاصكم. (صبغة الله): صبغنا الله صبغته، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها. قال: " هي الاسلام " (4). وفي رواية: " صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق " (5). (ومن أحسن من الله صبغة): لا صبغة أحسن من صبغته (ونحن له عبدون) تعريض بهم، أي: لا نشرك به كشرككم. (قل أتحاجوننا في الله): أتجادلوننا في شأن الله واصطفائه نبيا من العرب ؟ قيل: إن أهل الكتاب قالوا: الانبياء كلهم منا، وديننا أقدم، وكتابنا أسبق، فلو كنت نبيا لكنت منا، فنزلت (6). (وهو ربنا وربكم): لا اختصاص له بقوم دون قوم، يصيب برحمته من

___________________________

1 - الكافي 1: 415 - 416، الحديث: 19، والعياشي 1: 62، الحديث: 107، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 62، الحديث: 107، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 218، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الكافي 2: 14، الحديث: 2، ومجمع البيان 1 - 2: 219، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الكافي 1: 422 - 423، الحديث: 53، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - راجع: البيضاوي 1: 194. (*)

 

[ 69 ]

يشاء (ولنآ أعملنا ولكم أعملكم) فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا (ونحن له مخلصون): موحدون، نخلصه (1) بالايمان والطاعة دونكم. (أم تقولون إن إبرهم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط كانوا هودا أو نصرى قل ءأنتم أعلم أم الله) وقد نفى الله عن إبراهيم اليهودية والنصرانية، حيث قال: " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا " (2). (ومن أظلم ممن كتم شهدة عنده من الله) إنكار، قيل: يعني لا أحد أظلم من أهل الكتاب، حيث كتموا شهادة الله لابراهيم بالحنيفية، والبراءة من اليهودية والنصرانية، أو منا لو كتمنا هذه الشهادة، وفيه تعريض بكتمانهم شهادة الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة في كتبهم وغيرها (3). (وما الله بغفل عما تعملون) وعيد لهم. (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون). لعل المراد بالامة هناك الانبياء، وهنا أسلاف اليهود والنصارى، أو الخطاب هناك لليهود، وها هنا لنا، فلا تكرار. (سيقول السفهآء من الناس) يريد المنكرين لتغيير القبلة، وفائدة تقديم الاخبار به توطين النفس وإعداد الجواب. (ما ولهم): ما صرفهم (عن قبلتهم التى كانوا عليها) قال: " يعني بيت المقدس " (4). (قل لله المشرق والمغرب) قال: " يملكهما. وتكليفه التحول إلى جانب، كتحويله لكم إلى جانب آخر " (5). (يهدى من يشآء إلى صرط مستقيم). " هو مصلحهم ومؤديهم بطاعته إلى جنات النعيم، أية جهة يعرف صلاحكم في استقبالها، في أي وقت يأمركم به ". كذا ورد (6).

___________________________

1 - كذا في النسخ، ولعل الاصح: " نخلص له ".

 2 - آل عمران (3): 67.

 3 - راجع: البيضاوي 1: 194.

 4 و 5 - تفسير الامام عليه السلام: 493 - 494، ومجمع البيان 1 - 2: 222 - 223.

 6 - المصدر: 493، والاحتجاج 1: 44، عن أبي الحسن العسكري عليه السلام. (*)

 

[ 70 ]

(وكذلك جعلنكم أمة وسطا) القمى: أئمة عدلا وواسطة بين الرسول والناس (1). (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) يعني يوم القيامة. قال: " نحن الامة الوسط، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه وسمائه " (2). وفي رواية: " إن الله تعالى إيانا عنى بقوله: " لتكونوا شهداء على الناس " فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء الله على خلقه، وحجته في أرضه، ونحن الذين قال الله: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " (3). وفي أخرى: " ظننت أن الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين ؟ أفترى أن من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الامم الماضية ؟ كلا، لم يعن الله مثل هذا من خلقه، يعني الامة التي وجبت لها دعوة إبراهيم، " كنتم خير أمة أخرجت للناس " (4)، هم الائمة (5) الوسطى وهم خير أمة أخرجت للناس " (6). (وما جعلنا القبلة التى كنت عليها) يعني بيت المقدس (إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه): يرتد عن دينه آلفا لقبلة آبائه. قال: " يعني إلا لنعلم ذلك منه وجودا بعد أن علمناه سيوجد، وذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة، فأراد الله أن يبين متبع (7) محمد ممن خالفه باتباع القبلة التي كرهها، ومحمد يأمر بها، ولما

___________________________

1 - القمي 1: 63.

 2 - العياشي 1: 62، الحديث: 110، والبرهان 1: 159، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام، كلمة: " وسمائه " ليست في المصدر.

 3 - شواهد التنزيل 1: 92.

 4 - آل عمران (3): 110.

 5 - في المصدر: " وهم الامة الوسطى "، وفي نسخة " ألف و " ج ": " وهم الائمة الوسطى ".

 6 - العياشي 1: 63، الحديث: 114، والبرهان 1: 160، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - في المصدر: " متبعي محمد ". (*)

 

[ 71 ]

كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس، أمرهم بمخالفتها والتوجه إلى الكعبة، ليتبين من يوافق محمدا فيما يكرهه، فهو مصدقه وموافقه " (1). (وإن كانت لكبيرة) يعني الصلاة إلى بيت المقدس في ذلك الوقت (إلا على الذين هدى الله) وعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء، ليبتلي طاعته في مخالفة هواه (وما كان الله ليضيع إيمنكم) يعني صلاتكم. قال: " نزلت حين قال المسلمون: أرأيت صلاتنا التي كنا نصلي إلى بيت المقدس ما حالنا فيها وحال من مضى من أمواتنا ؟ قال: فسمى الصلاة إيمانا " (2). (إن الله بالناس لرءوف رحيم). (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضها). قال: " إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة سنة بمكة، وتسعة عشر شهرا بالمدينة، ثم عيرته اليهود، فقالوا له: إنك تابع لقبلتنا، فاغتم لذلك غما شديدا، فلما كان في بعض الليل خرج يقلب وجهه في آفاق السماء، فلما أصبح صلى الغداة، فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل بهذه الآية، ثم أخذ بيده فحول وجهه إلى الكعبة، وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال " (3). قيل: إنما كان يتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة، لانها كانت قبلة أبيه إبراهيم، وأقدم القبلتين، وأدعى للعرب إلى الايمان، ولمخالفة اليهود (4). (فول وجهك شطر المسجد الحرام): نحوه. وإنما ذكر المسجد اكتفاء بمراعاة الجهة. (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). خص الرسول بالخطاب تعظيما له

___________________________

1 - الاحتجاج 1: 46 - 45، عن أبي محمد العسكري عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 63، الحديث: 115، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - من لا يحضره الفقيه 1: 178، الحديث: 843، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - البيضاوي 1: 197. (*)

 

[ 72 ]

وإيجابا لرغبته، ثم عم (1) تصريحا بعموم الحكم جميع الامكنة وسائر الامة، وتأكيدا لامر القبلة، وتحضيضا للامة على المتابعة. (وإن الذين أوتوا الكتب ليعلمون أنه الحق من ربهم) قيل: لعلمهم بتخصيص كل شريعة بقبلة ولتضمن كتبهم أنه يصلي إلى القبلتين (2). (وما الله بغفل عما يعملون). وعد ووعيد للفريقين. (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتب بكل ءاية): برهان وحجة (ما تبعوا قبلتك)، لان المعاند لا تنفعه الدلالة (وما أنت بتابع قبلتهم). قطع لاطماعهم. (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) لتصلب كل بما هو فيه. (ولئن اتبعت أهواءهم من بعدما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظلمين). من قبيل: إياك أعني واسمعي يا جارة. (الذين ءاتينهم الكتب) يعني: علماءهم (يعرفونه): يعرفون محمدا بنعته وصفته ومبعثه ومهاجره وصفة أصحابه في التوراة والانجيل (كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون). (الحق من ربك) قال: " أنك الرسول إليهم " (3). (فلا تكونن من الممترين): الشاكين. (ولكل وجهة): ولكل قوم قبلة وملة وشرعة ومنهاج يتوجهون إليها (هو موليها): الله موليها إياهم (فاستبقوا الخيرت): الطاعات، وفي رواية: " الولاية " (4). (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا) قيل: أينما متم في بلاد الله يأت بكم الله إلى المحشر (5). وورد: " إنها نزلت في أصحاب القائم، وإنهم المفتقدون من فرشهم ليلا

___________________________

1 - في " ج ": " عمم ".

 2 - البيضاوي 1: 198.

 3 - الكافي 2: 283، الحديث: 16، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 4 - الكافي 8: 313، الحديث: 487، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - البيضاوي 1: 199. (*)

 

[ 73 ]

فيصبحون بمكة، وبعضهم يسير في السحاب نهارا، نعرف اسمه (1) واسم أبيه وحليته ونسبه " (2). (إن الله على كل شئ قدير). (ومن حيث خرجت) للسفر في البلاد (فول وجهك شطر المسجد الحرام) إذا صليت (وإنه للحق من ربك): وإن التوجه إلى الكعبة للحق الثابت المأمور به من ربك (وما الله بغفل عما تعملون). (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). التكرير لتأكيد أمر القبلة، لان النسخ من مظان الفتنة والشبهة، ولانه ينوط بكل واحد ما لم ينط بالآخر، فاختلفت فوائدها. (لئلا يكون للناس عليكم حجة) كحجة يهود بأن المنعوت في التوراة قبلته الكعبة، وبأنه يجحد ديننا ويتبع قبلتنا، وكحجة المشركين بأنه يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته. (إلا الذين ظلموا منهم). قيل: إلا الحجة الداحضة من المعاندين بأنه ما تحول إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده، أو بداله فرجع إلى قبلة آبائه، ويوشك أن يرجع إلى دينهم (3). (فلا تخشوهم) فإن مطاعنهم لا تضركم (واخشوني) فلا تخالفوا ما أمرتكم به (ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون). قال: " تمام النعمة دخول الجنة " (4). وفي رواية: " الموت على الاسلام " (5). (كمآ أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم ءايتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتب الحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون). (فاذكروني) بالطاعة (أذكركم) بالثواب. ورد: " إن الله لم يذكره أحد من عباده

___________________________

1 - في المصدر: يعرف باسمه.

 2 - كمال الدين 2: 672، الباب: 58، الحديث: 24، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - البيضاوي 1: 200.

 4 - كنز العمال 2: 17، الحديث: 2965.

 5 - راجع: البيضاوي 1: 201. (*)

 

[ 74 ]

المؤمنين إلا ذكره بخير، فأعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته " (1). وورد: " ذكر الله لاهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه " (2). (واشكروا لى) ما أنعمت به عليكم (ولا تكفرون) بجحد النعم وعصيان الامر. قال: " أريد بالكفر كفر النعم " (3). ورد: " شكر كل نعمة الورع عما حرم الله " (4). (يأيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلوة إن الله مع الصبرين). " هذا لمن استقبل البلايا بالرحب، وصبر على سكينة ووقار، وهو صبر الخواص ". كذا ورد (5). (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموت بل أحياء ولكن لا تشعرون). قال: " المؤمن إذا قبضه الله صير روحه في قالب كقالبه في الدنيا، فيأكلون ويشربون، فإذا قدم عليهم القادم، عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا " (6). (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الامول والانفس والثمرت وبشر الصبرين) بالجنة. " هذا لمن صبر كرها ولم يشك إلى الخلق ولم يجزع بهتك ستره وهو صبر العوام ". كذا ورد (7). (الذين إذا أصبتهم مصيبة). قال: " كل شئ يؤذي المؤمن فهو له مصيبة " (8). (قالوا إنا لله). قال: " إقرار على أنفسنا بالملك " (9). (وإنآ إليه رجعون). قال: " إقرار على أنفسنا بالهلك " (10). ورد: " ما من عبد يصاب بمصيبة فيسترجع عند ذكره المصيبة

___________________________

1 - الكافي 8: 7 و 401، عن أبي عبد الله عليه السلام في رسالته إلى جماعة الشيعة.

 2 - القمي 2: 150، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - الكافي 2: 390، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الخصال 1: 14، الحديث: 50، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5 و 7 - مصباح الشريعة: 186، الباب: 88، في الصبر، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - الكافي 3: 245، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - البيضاوي 1: 202، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 9 و 10 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 485، الحكمة: 99. (*)

 

[ 75 ]

ويصبر حين تفجأه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وكلما ذكر مصيبة فاسترجع عند ذكرها غفر الله له كل ذنب فيما بينهما " (1). (أولئك عليهم صلوت من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). (إن الصفا والمروة). هما علما جبلين بمكة (من شعائر الله): من أعلام مناسكه (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما). قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شرط في عمرة القضاء أن يرفعوا الاصنام من الصفا والمروة ثلاثة أيام حتى يسعى، فتشاغل رجل عن السعي حتى انقضت الايام وأعيدت الاصنام، فشكى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت. يعني: لا جناح عليه أن يطوف بهما وعليهما الاصنام " (2). وفي رواية: " إن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بينهما شئ صنعه المشركون، فنزلت " (3). (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم). (إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينت والهدى من بعد ما بينه للناس في الكتب) قال: " كأحبار اليهود الكاتمين للآيات الشاهدة على أمر محمد وعلي - عليهما السلام ونعتهما وحليتهما، وكالنواصب الكاتمين لما نزل في علي " (4). (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون). قال: " كل من يتأتى منه اللعن حتى أنفسهم، فإنهم يقولون: لعن الله الظالمين " (5). (إلا الذين تابوا) قال: " من كتمانهم " (6). (وأصلحوا) قال: " أعمالهم وما كانوا أفسدوه " (7). (وبينوا) ما كتموا (فأولئك أتوب عليهم) بالقبول والمغفرة (وأنا التواب الرحيم): المبالغ في قبول التوبة وإفاضة الرحمة.

___________________________

1 - الكافي 3: 224، الحديث: 5، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - البرهان 1: 169، الحديث: 3، والكافي 4: 435، الحديث: 8، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع اختلاف يسير.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 240، والبرهان 1: 169، الحديث: (4)، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4، 5، 6 و 7 - تفسير الامام عليه السلام: 571 - 570. (*)

 

[ 76 ]

(إن الذين كفروا وما تواوهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملئكة والناس أجمعين) قال: " استقر عليهم البعد من الرحمة " (1). (خلدين فيها) قال: " في اللعنة في نار جهنم " (2). (لا يخفف عنهم العذاب) قال: " يوما ولا ساعة " (3). (ولاهم ينظرون): يمهلون. (وإلهكم إله وحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم). (إن في خلق السموت والارض) قال: " أي: بلا عمد من تحتها يمنعها من السقوط، ولا علاقة من فوقها تحبسها من الوقوع عليكم، وأنتم أيها العباد والاماء أسرائي في قبضتي، الارض من تحتكم لا منجا لكم منها أين هربتم، والسماء من فوقكم لا محيص لكم عنها أين ذهبتم، فإن شئت أهلكتكم بهذه، وإن شئت أهلكتكم بتلك، ثم ما في السماوات من الشمس المنيرة في نهاركم لتنتشروا في معايشكم، ومن القمر المضئ لكم في ليلكم لتبصروا في ظلماتها، وإلجائكم بالاستراحة في الظلمة إلى ترك مواصلة الكد الذي ينهك أبدانكم " (4). (واختلف اليل والنهار) قال: " المتتابعين الكارين (5) عليكم بالعجائب التي يحدثها ربكم في عالمه، من إسعاد وإشقاء، وإعزاز وإذلال، وإغناء وإفقار، وصيف وشتاء، وخريف وربيع، وخصب وقحط، وخوف وأمن " (6). (والفلك التى تجرى في البحر بما ينفع الناس) قال: " التي جعلها الله مطاياكم، لا تهدأ (7) ليلا ولا نهارا،

___________________________

1 - تفسير الامام عليه السلام: 572، وفيه: " يوجب الله تعالى لهم البعد من الرحمة ".

 2 و 3 - المصدر: 572.

 4 - المصدر: 575. وينهك أبدانكم أي: يدنف ويضني. الصحاح 4: 1613 (نهك).

 5 - كر عليه الليل والنهار: عادا مرة بعد أخرى. وفي المصدر: " الكادين " - بالدال المهملة - من الكد بمعنى الشدة والالحاح في الطلب فتكون كناية عن عدم تخلفهما. وما في المتن أبلغ وأنسب بالمقام.

 6 - تفسير الامام عليه السلام: 575.

 7 - لا تهدأ: أي: لا تسكن. والمطايا جمع للمطية وهي الناقة التي يركب مطاها: أي ظهرها. النهاية 5: 249، و 4: 340 (هدأ - مطا). (*)

 

[ 77 ]

ولا تقتضيكم (1) علفا ولا ماء، وكفاكم بالرياح مؤنة تسييرها بقواكم التي لا تقوم لها لو ركدت عنها الرياح، لتمام مصالحكم ومنافعكم وبلوغكم الحوائج لانفسكم " (2). (وما أنزل الله من السماء من ماء) قال: " وابلا وهطلا ورذاذا، لا ينزل عليكم دفعة واحدة فيغرقكم ويهلك معايشكم، لكنه ينزل متفرقا من علا، حتى يعم الاوهاد والتلال والتلاع " (3). (فأحيا به الارض بعد موتها) قال: " فيخرج نباتها وحبوبها وثمارها " (4). (وبث فيها من كل دابة) قال: " منها ما هي لاكلكم ومعايشكم، ومنها سباع ضارية، حافظة عليكم أنعامكم، لئلا تشذ (5) عليكم خوفا من افتراسها لها " (6). (وتصريف الريح) قال: " المربية لحبوبكم، المبلغة لثماركم، النافية لركود الهواء والاقتار (7) عنكم " (8). (والسحاب المسخر) قال: " المذلل الواقف " (9). (بين السماء والارض) قال: " يحمل أمطارها ويجري بإذن الله ويصبها حيث يؤمر " (10). (لايت لقوم يعقلون) قال: " دلائل واضحات لقوم يتفكرون فيها بعقولهم " (11). (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) من الاصنام والرؤساء الذين

___________________________

1 - في المصدر: " تقضيكم " من تقضى الشئ بمعنى فنى وانصرم ولكن ما في المتن أوفق بالعبارة.

 2 - تفسير الامام عليه السلام: 575 - 576.

 3 - المصدر: 576. الوهد: الارض المنخفضة. والتل من التراب: قطعة منه أرفع قليلا مما حولها والجمع: تلال. والتلعة: ما انهبط من الارض ومسيل الماء. وفي المصدر: القلاع بدل التلاع. والقلاع - بضم القاف - الطين الذي يتشقق إذا نضب عنه الماء وقشر الارض يرتفع عن الكمأة فيدل عليها. " راجع: القاموس المحيط ".

 4 - المصدر: 576.

 5 - في: " ألف ": " يشذ " وفي المصدر " تشد " بالدال المهملة.

 6 - تفسير الامام عليه السلام: 576.

 7 - كأنه جمع القتره بمعنى الغبرة أي: يذهب الاغبرة والابخرة المجتمعة في الهواء الموجبة لكثافتها وتعفنها. قاله المجلسي في البحار 3: 55.

 8 إلى 11 - تفسير الامام عليه السلام: 576. (*)

 

[ 78 ]

يطيعونهم. قال: " هم أئمة الظلم وأشياعهم " (1). (يحبونهم كحب الله). يأتي تفسير محبة الله في آل عمران إن شاء الله (2). (والذين ءامنوا أشد حبا لله) لانهم يرون الربوبية والقدرة لله، لا يشركون به شيئا، فمحبتهم خالصة له. قال: " هم آل محمد " (3). (ولو يرى الذين ظلموا) قال: " باتخاذ الاصنام أندادا لله سبحانه، والكفار والفجار أمثالا لمحمد وعلي " (4). (إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب). جواب " لو " محذوف، أي: لندموا أشد الندم. (إذ تبرأ الذين اتبعوا) قال: " الرؤساء " (5). (من الذين اتبعوا) قال: " الرعايا والاتباع " (6). (ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب) قال: " ففنيت حيلتهم ولا يقدرون على النجاة من عذاب الله بشئ " (7). (وقال الذين اتبعوا) قال: " الاتباع " (8). (لو أن لنا كرة) قال " يتمنون لو كان لهم رجعة إلى دار الدنيا " (9). (فنتبرأ منهم) قال: " هناك " (10). (كما تبرء وامنا) قال: " هنا " (11). (كذلك يريهم الله أعملهم حسرت عليهم وما هم بخرجين من النار). قال: " وذلك أنهم عملوا في الدنيا لغير الله أو على غير الوجه الذي أمر الله، فيرونها لاثواب لها، ويرون أعمال غيرهم التي كانت لله قد عظم الله ثوابها " (12). وفي رواية: " يدع ما له بخلا فينفقه غيره في طاعة الله، فيراه حسرة، أو في معصية الله فكان قد أعانه عليها، فيراه حسرة " (13).

___________________________

1 - العياشي 1: 72، الحديث: 142، والكافي 1: 374، الحديث: 11، والبرهان 1: 172، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - ذيل الآية: 31.

 3 - العياشي 1: 72، الحديث: 143، والبرهان 1: 172، الحديث: 4، عن الصادقين عليهما السلام.

 4 إلى 8 - تفسير الامام عليه السلام: 578.

 9 إلى 12 - المصدر: 578.

 13 - الكافي 4: 42، الحديث: 2، والعياشي 1: 72، الحديث: 144، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 79 ]

(يأيها الناس كلوا مما في الارض حللا طيبا) لكم (ولا تتبعوا خطوت الشيطن) قال: " ما يخطو بكم إليه، ويغريكم به من مخالفة الرسول " (1). قيل: نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الاطعمة والملابس (2). (إنه لكم عدو مبين): ظاهر العداوة. (إنما يأمركم بالسوء) قيل: هو ما أنكره العقل (3). (والفحشاء) قيل: هو ما استقبحه الشرع (4). (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) كاتخاذ الانداد، وتحليل المحرمات وتحريم الطيبات. ورد: " إياك وخصلتين، ففيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم " (5). (وإذا قيل لهم اتبعوا مآ أنزل الله قالوا بل نتبع مآ ألفينا): وجدنا (عليه ءابآءنا) قال: " من الدين والمذهب " (7). (أولؤ كان أآباؤهم لا يعقلون شيئا): جهلة لا يتفكرون في أمر الدين (ولا يهتدون) إلى الحق والصواب. (ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق): يصيح. من نعق الراعي بغنمه: إذا صاح بها (7). (بما لا يسمع إلا دعاء وندآء). قال: " أي: مثلهم في دعائك إياهم إلى الايمان كمثل الناعق في دعائه المنعوق به، من البهائم التي لا تفهم، وإنما تسمع الصوت " (8). أقول: أراد - عليه السلام - أن مثل داعيهم إلى الايمان كمثل داعي البهائم، يعني أنهم لانهما كهم في التقليد لا يلقون آذانهم إلى ما يتلى عليهم، ولا يتأملون فيما يقرر

___________________________

1 - تفسير الامام عليه السلام: 581، وفيه " ويغركم به ".

 2 - راجع: التبيان 2: 72، ومجمع البيان 1 - 2: 252.

 3 و 4 - راجع: البيضاوي 1: 209.

 5 - الكافي 1: 42، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - تفسير الامام عليه السلام: 582.

 7 - راجع: الصحاح 4: 1559 (نعق).

 8 - مجمع البيان 1 - 2: 254: عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 80 ]

معهم، فهم في ذلك كالبهائم التي ينعق عليها فتسمع الصوت ولا تعرف مغزاه وتحس النداء ولا تفهم معناه. (صم بكم عمى) قال: " عن الهدى " (1). (فهم لا يعقلون). (يأيها الذين ءامنوا كلوا من طيبت ما رزقنكم واشكرو الله) قال: " على ما رزقكم منها " (2). أقول: بأن تعتقدوا بأن النعمة من الله، وأن تصرفوا النعمة فيما خلقت لاجله، وتحمدوا الله بألسنتكم. (إن كنتم إياه تعبدون): إن صح أنكم تختصونه بالعبادة وتقرون أنه مولى النعم. (إنما حرم عليكم الميتة) قال: " التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة من حيث أذن الله " (3). (والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله) قال: " ما ذكر اسم غير الله عليه من الذبايح، وهي التي يتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله " (4). (فمن اضطر) قال: " إلى شئ من هذه المحرمات " (5). (غير باغ ولاعاد) قال: " الباغي: الذي يخرج على الامام، والعادي: الذي يقطع الطريق " (6). وفي رواية: " الباغي: الذي يبغي الصيد بطرا ولهوا، لا ليعود به على عياله، والعادي: السارق، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا " (7). (فلا إثم عليه) في تناول هذه الاشياء. (إن الله غفور) قال: " ستار لعيوبكم " (8). (رحيم) قال: " بكم حين أباح لكم في الضرورة ما حرمه في الرخاء " (9).

___________________________

1 - تفسير الامام عليه السلام: 583.

 2 - المصدر: 584. وفي " الف ": " على ما رزقناكم منها ".

 3، 4 و 5 - المصدر: 585.

 6 - الكافي 6: 256، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - من لا يحضره الفقيه 3: 217، ذيل الحديث: 1007، عن محمد بن علي الرضا عليهما السلام.

 8 و 9 - تفسير الامام عليه السلام: 585 - 586. (*)

 

[ 81 ]

(إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتب ويشترون به ثمنا قليلا): " عرضا يسيرا من الدنيا، كمال أو رياسة عند الجهال ". كذا ورد (1). (أولئك ما يأكلون في بطونهم): ملا بطونهم (إلا النار) قال: " بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق " (2). (ولا يكلمهم الله يوم القيمة) قال: " بكلام خير " (3). (ولا يزكيهم) قال: " من ذنوبهم " (4). وقيل: ولا يثني عليهم (5). وإنهما كنايتان عن غضبه تعالى عليهم، وتعريض لحرمانهم عن الزلفى من الله. (ولهم عذاب أليم). (أولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى) في الدنيا (والعذاب بالمغفرة) في الآخرة (فما أصبرهم على النار). قال: " على فعل ما يعلمون أنه يصيرهم إلى النار " (6). (ذلك بأن الله نزل الكتب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتب) قال: " بأن قال بعضهم: إنه سحر، وقال آخر: إنه شعر، وقال آخر: إنه كهانة " (7). (لفى شقاق): خلاف (بعيد) عن الحق. (ليس البر) قال: " الطاعة التي تنالون بها الجنان، وتستحقون بها الغفران والرضوان " (8). (أن تولوا وجوهكم) قال: " بصلواتكم " (9). (قبل المشرق والمغرب). " رد على الذين أكثروا الخوض في أمر القبلة من أهل الكتاب حين حولت، مدعيا كل طائفة أن البر هو التوجه إلى قبلتها، والمشرق قبلة النصارى، والمغرب قبلة اليهود ". كذا ورد (10).

___________________________

1 - تفسير الامام عليه السلام: 585 - 586.

 2، 3 و 4 - المصدر: 586.

 5 - راجع: البيضاوي 1: 211.

 6 - البرهان 1: 175، الحديث: 1 و 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - تفسير الامام عليه السلام: 586 - 587.

 8 و 9 - المصدر: 590، وفيه " بصلاتكم ".

 10 - راجع: تفسير الامام عليه السلام: 589. (*)

 

[ 82 ]

(ولكن البر من ءامن): برمن آمن (بالله واليوم الاخر والملئكة والكتب والنبين وءاتى المال على حبه) قال: " على حبه للمال وشدة حاجته إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر لانه صحيح شحيح " (1). (ذوى القربى واليتمى) قال: " ذوي قرابته (2) الفقراء برا وصدقة، وذوي قرابة النبي الفقراء برا وهدية لا صدقة " (3). وكذا قال في اليتامى. (والمسكين) قال: " مساكين الناس " (4). (وابن السبيل) قال: " المجتاز الذي لا نفقة معه " (5). (والسائلين) قال: " الذين يتكففون " (6). (وفى الرقاب) وفي تخليصها: قال: " المكاتبين، يعينهم ليؤدوا حقوقهم فيعتقوا " (7). (وأقام الصلوة وءاتى الزكوة والموفون بعهدهم إذا عهدوا). عطف على " من آمن ". (والصبرين في البأساء) نصبه على المدح، ولم يعطف، لفضل الصبر على ساير الاعمال. قال: " يعني في محاربة الاعداء، ولا عدو يحاربه أعدى من إبليس " (8). وفي رواية: " نفسه " (9). (والضراء) قال: " الفقر والشدة " (10). (وحين البأس) قال: " عند شدة القتال " (11). (أولئك الذين صدقوا) قال: " صدقوا في إيمانهم، وصدقوا أقاويلهم بأفاعيلهم " (12). (وأولئك هم المتقون) قال: " لما أمروا باتقائه " (13). ورد: " من عمل بهذه الآية فقد استكمل الايمان " (14). (يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) قال: " يعني المساواة وأن

___________________________

1، 3، 4، 5، 6 و 7 - تفسير الامام عليه السلام: 592.

 2 - الضمير في: " قرابته " يرجع إلى المعطى. وفي المصدر: " وآتى قرابة نفسه صدقة وبرا وعلى أي سبيل أراد ".

 8، 10، 11، 12، 13 - تفسير الامام عليه السلام: 594.

 9 - راجع: الكافي 2: 335، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، والبحار 67: 64، الحديث: 1، عن عدة الداعي، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 14 - البيضاوي 1: 213. (*)

 

[ 83 ]

يسلك بالقاتل في طريق المقتول الذي سلكه به لما قتله " (1). ورد: " هي لجماعة المسلمين، ما هي للمؤمنين خاصة " (2). (الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى). قال: " إنها ناسخة لقوله تعالى: " النفس بالنفس " الآية " (3). وإنه " لا يقتل حر بعبد، ولكن يضرب ضربا شديدا ويغرم دية العبد، ولا يقتل الرجل بالمرأة، إلا إذا أدي إلى أهله نصف ديته " (4). (فمن عفى له) أي: الجاني الذي عفي له (من أخيه) الذي هو ولي الدم. قيل: ذكر الاخوة ليعطف عليه " شئ " من العفو (5)، وهو العفو من القصاص دون الدية. (فاتباع): فليكن اتباع من العافي، أي مطالبة بالدية (بالمعروف) بأن لا يظلم الجاني بأخذ الزيادة ولا يعنفه (وأداء) من الجاني (إليه) أي: إلى العافي (بإحسن) " بأن لا يماطله ولا يضاره، بل يشكره على عفوه ". كذا ورد في تفسير هذه الآية (6). (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) إذ لو لم يكن إلا القتل أو العفو، لقلما طابت نفس ولي المقتول بالعفو بلا عوض، فكان قلما يسلم القاتل من القتل. (فمن اعتدى بعد ذلك) بأن يقبل الدية أو يعفو أو يصالح، ثم يجئ بعد، فيمثل أو يقتل (فله عذاب أليم). (ولكم في القصاص حيوة) قال: " لان من هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه فكف لذلك عن القتل، كان حياة للذي هم بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل، وحياة لغيرهما من الناس، إذا علموا أن القصاص واجب، لا يجسرون على القتل مخافة

___________________________

1 و 2 - تفسير الامام عليه السلام: 594.

 3 - المائدة (5): 45، وتمام الآية: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص. الآية ".

 4 - راجع: القمي 1: 65، والعياشي 1: 75، الحديث: 158، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - البيضاوي 1: 214.

 6 - تفسير الامام عليه السلام: 595، ولكن ليست فيه جملة: " بل يشكره على عفوه ". (*)

 

[ 84 ]

القصاص " (1). (يأولى الالبب). قيل: ناداهم للتأمل في حكمة القصاص من استبقاء الارواح، وحفظ النفوس (2). (لعلكم تتقون). (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت): حضر أسبابه وظهر إماراته (إن ترك خيرا): " مالا كثيرا ". كذا ورد (3). (الوصية للولدين والاقربين بالمعروف): بالشئ الذي يعرف العقل أنه لا جور فيه ولا جنف (4). (حقا على المتقين). ورد: " إنها منسوخة بآية المواريث " (5). وحمل على التقية لموافقته مذاهب العامة، ومخالفته لما ورد: " أنه سئل عن الوصية للوارث ؟ فقال: تجوز. ثم تلا هذه الآية " (6). وفي معناه أخبار أخر (7). أقول: نسخ الوجوب لا ينافي بقاء الجواز. وورد: " من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث فقد ختم عمله بمعصية " (8). وفي رواية: " أنه شئ جعله الله لصاحب هذا الامر. سئل: هل لذلك حد ؟ قال: أدنى ما يكون ثلث الثلث " (9). (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم). وعيد للمبدل بغير حق. ورد: " أعط لمن أوصى به له وإن كان يهوديا أو نصرانيا، وأنه يغرمها

___________________________

1 - تفسير الامام عليه السلام: 595، وفيه: " لا يجرؤن " بدل: " لا يجسرون ".

 2 - البيضاوي 1: 215.

 3 - الدر المنثور 1: 174، ومجمع البيان 1 - 2: 267.

 4 - في " ألف ": " ولا حيف " وكلاهما بمعنى واحد وهو الجور والميل عن الحق، ولعل ما أثبتناه أنسب لقول بعض اللغويين: إن الجنف يختص بالوصية، ولكونه متخذا من الآية الآتية.

 5 - العياشي 1: 77، الحديث: 167، ومجمع البيان 1 - 2: 267، عن أحدهما عليهما السلام، 6 - الكافي 7: 10، الحديث: 5، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - الكافي 7: 9، باب: الوصية للوارث، الحديث: 1، 2، 3 و 4، والعياشي 1: 76، الحديث: 164، ومجمع البيان 1 - 2: 267.

 8 - من لا يحضره الفقيه 4: 134، الحديث: 466، والعياشي 1: 76، الحديث: 166، ومجمع البيان 1 - 2: 267. وفي " الف " و " ب ": " بمعصيته ".

 9 - من لا يحضره الفقيه 4: 175، الحديث: 665، والعياشي 1: 77، الحديث: 168، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 85 ]

إذا خالف " (1). (فمن خاف من موص جنفا أو إثما) قال: " ميلا عن الحق بالخطأ أو التعمد " (2). وفي رواية: " إذا اعتدى في الوصية وزاد على الثلث " (3). (فأصلح بينهم): بين الورثة والموصى لهم (فلا إثم عليه) في التبديل، لانه تبديل باطل إلى الحق (إن الله غفور رحيم). ورد: " إن قوله: " فمن بدله " منسوخ بقوله: " فمن خاف ". قال: يعني الموصى إليه إن خاف جنفا من الموصي فيما أوصى به إليه فيما لا يرضى الله به من خلاف الحق، فلا إثم على الموصى إليه أن يرده إلى الحق وإلى ما يرضى الله به من سبيل الخير " (4). وفي رواية: " إن الله أطلق للموصى إليه أن يغير الوصية إذا لم تكن بالمعروف وكان فيها جنف، ويردها إلى المعروف " (5). وفي أخرى: " مثل رجل يكون له ورثة، فيجعل المال كله لبعض ورثته ويحرم بعضها. قال: فالجنف: الميل إلى بعض ورثتك دون بعض، والاثم: أن تأمر بعمارة بيوت النيران واتخاذ المسكر، فيحل للوصي أن لا يعمل بشئ من ذلك " (6). (يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام). قال: " لذة النداء أزال تعب العبادة

___________________________

1 - الكافي 7: 14، الحديث: 1 و 2، والعياشي 1: 77، الحديث 169، عن أبي عبد الله عليه السلام. والظاهر أن جملة: " وأنه يغرمها إذا خالف " ليست ذيل الرواية المذكورة، بل هي مضمون الحديث الآخر المروي في العياشي 1: 77، الحديث: 170.

 2 - مجمع البيان 1 - 2: 269، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - العياشي 1: 78، الحديث: 173، وعلل الشرايع 2: 567، الباب: 369، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 78، الحديث: 172، والكافي 7: 21، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - الكافي 7: 20، الحديث: 1، وفيه: " وكان فيها حيف ".

 6 - القمي 1: 65، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 86 ]

والعناء " (1). وقال: " فيه وفي " كتب عليكم القتال " هذه كلها تجمع الضلال والمنافقين، وكل من أقر بالدعوة الظاهرة " (2). (كما كتب على الذين من قبلكم) قال: " من الانبياء والامم، أولهم آدم " (3). أقول: يعني أنه عبادة قديمة ما أخلى الله أمة من إيجابها عليهم، لم يوجبها عليكم وحدكم. ففيه ترغيب وتطييب. (لعلكم تتقون) المعاصي، فإن الصيام يكسر الشهوة التي هي معظم أسبابها. ورد: " من لم يستطع الباه (4) فليصم، فإن الصوم له وجاء " (5). (أياما معدودت فمن كان منكم مريضا): مرضا يضره الصوم ويعسر، لقوله: " ولا يريد بكم العسر " (6). قال: " هو مؤتمن عليه مفوض إليه، فإن وجد ضعفا فليفطر، وإن وجد قوة فليصم، كان المريض على ما كان " (7). وقال: " كل ما أضربه الصوم، فالافطار له واجب " (8). (أو على سفر). حد السفر وشرايطه في وجوب الافطار يطلب من كتابنا " الوافي " (9). (فعدة من أيام أخر). هذا نص في وجوب الافطار على المريض والمسافر، كما ورد في أخبار كثيرة، حتى قالوا: " الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر،

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 271، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 78، الحديث: 175، عن أبي عبد الله عليه السلام. والآية في نفس السورة: 216.

 3 - راجع: جوامع الجامع 1: 103.

 4 - في " ب " و " ج ": " الباءة ".

 5 - الكافي 2: 180، الحديث: 2، عن أحدهما عليهما السلام، والمقنعة - للمفيد -: 497 باب السنة في النكاح، وفيه: " فليد من الصوم "، والوسائل 7: 300، والوجاء: أن ترض انثيا الفحل رضا شديدا يذهب شهوة الجماع ويتنزل في قطعه منزلة الخصي. وقيل: هو أن توجأ العروق، والخصيتان بحالهما. أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء. النهاية 5: 152 (وجأ).

 6 - البقره (2): 185.

 7 - الكافي 4: 118، الحديث: 3، وفيه: " كان المرض ما كان ".

 8 - من لا يحضره الفقيه 2: 84، الحديث: 374، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - الوافي 11: 309. (*)

___________________________

87 ]

وعليه القضاء (1). (وعلى الذين يطيقونه) قال: " كانوا يطيقونه، فأصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك " (2). وفي رواية: " الذين يطيقونه: الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش " (3). أقول: في الرواية الاولى إشكال، وفي الثانية إجمال، ولعل المراد بهم: الذين يكون الصيام بقدر طاقتهم، ويكونون معه على مشقة وعسر، فإن من كان كذلك، لم يكلفه الله به على الحتم، بل خيره بينه وبين الفدية توسيعا منه جل وعز، ورحمة، وذلك لان الله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها، " والوسع دون الطاقة " كما ورد به النص (4). يدل على ما قلت قوله تعالى: " وأن تصوموا خير لكم " (5)، فإنه يدل على أن المطيق هو الذي يقدر على الصيام حدا في القدرة دون الحد الذى أوجب عليه، فإنه إذا اختار المشقة على السعة كان أعظم أجرا، فحكم الآية باق ليس بمنسوخ كما زعمته قوم، وهذا بعينه معنى الرواية الثانية. (فدية طعام مسكين) يعني إن أفطروا، يتصدقون عن كل يوم بما يجتزي به مسكين. وفي رواية: " مد " (6). (فمن تطوع خيرا) أي: زاد في مقدار الفدية (فهو خير له وأن تصوموا) أيها المطيقون فهو (خير لكم) من الفدية وتطوع الخير (إن كنتم تعلمون) صمتم. (شهر رمضان) أي: الايام المعدودات هي شهر رمضان. ورد: " إنما فرض الله صيام شهر رمضان على الانبياء دون الامم، ففضل الله به هذه الامة، وجعل صيامه فرضا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى أمته " (7). (الذى أنزل فيه القرءان) يعني أنزل بيانه وتأويله

___________________________

1 - الكافي 4: 127، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام، وليست فيه: " وعليه القضاء ".

 2 - الكافي 4: 116، الحديث: 5، ومن لا يحضره الفقيه 2: 84، الحديث: 377، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - العياشي 1: 78 و 79، الحديث: 176 و 179، والكافي 4: 116، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - معالم التنزيل (للبغوي) 1: 274.

 5 - البقره (2): 184.

 6 - العياشي 1: 79، الحديث: 181، والكافي 4: 116، الحديث 4، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - من لا يحضره الفقيه 2: 61، الحديث: 267، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 88 ]

في ليلة القدر منه، وأما تنزيله، فكان من ابتداء بعثة النبي إلى أوان وفاته صلى الله عليه وآله وسلم. كذا يستفاد مما ورد (1). وفي رواية: " نزل القرآن جملة (2) واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثم نزل في طول عشرين سنة " (3). (هدى للناس) أي: أنزل في ليلة القدر بيانه، وتأويل متشابهه ليكون هدى للناس (وبينت من الهدى والفرقان): بتفريق المحكم من المتشابه، وبتقدير الاشياء، وتبيين خصوص الوقايع التي تصيب الخلق في كل سنة إلى ليلة القدر الآتية، وذلك يكون في كل عصر وزمان لصاحب ذلك العصر والزمان. والفرقان: هو المحكم الواجب العمل به، وهو بعينه ما قاله عز وجل في الدخان: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين. فيها يفرق كل أمر حكيم " (4) أي محكم. كذا المستفاد مما ورد (5). (فمن شهد منكم الشهر): فمن حضر في الشهر، ولم يكن مسافرا (فليصمه) قال: " ما أبينها. من شهد فليصمه، ومن سافر فلا يصمه " (6). وورد: " ليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلا في حج، أو عمرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه، وليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه، فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فليخرج حيث شاء " (7). (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر). كرر ذلك، تأكيدا للامر بالافطار، وأنه عزيمة لا يجوز تركه. (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) فلذلك أمركم بالافطار في المرض

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 276، ومعالم التنزيل (للبغوي) 1: 218.

 2 - في " ألف ": " جملا واحدة ".

 3 - العياشي 1: 80، الحديث 184، والكافي 2: 628، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الآية: 3 و 4.

 5 - العياشي 1: 80، الحديث: 185، ومجمع البيان 1 - 2: 276، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - الكافي 4: 126، الحديث: 1، ومن لا يحضره الفقيه 2: 91، الحديث: 404، والتهذيب 4: 216، الحديث: 627، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - التهذيب 4: 216، الحديث: 626، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 89 ]

والسفر (ولتكملوا العدة): عدة أيام الشهر بالصيام (ولتكبروا الله على ما هدئكم): " ولتعظموا الله وتمجدوه على هدايته إياكم. أريد به تكبير صلاة العيد ". كذا ورد (1). وفي رواية: " التكبير عقيب الصلوات الاربع في العيد " (2). (ولعلكم تشكرون) تسهيله الامر لكم. (وإذا سألك عبادي عنى فإنى قريب): فقل لهم: إني قريب. روي: " أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فنزلت " (3). أقول: مثل قربه تعالى مثل معيته، فكما أن معيته ليست بمازجة ومداخلة، ومفارقته ليست بمباينة ومزايلة، فكذلك قربه ليس باجتماع وأين، وبعده ليس بافتراق وبين، وإنما يجد قربه من عبده كأنه يراه، وأما بعد من بعد عنه، مع تساوي نسبة قربه إلى جميع عباده فهو كما أن لك رقيبا وهو حاضر عندك وأنت عنه في عمى، لا تراه ولا تشعر بحضوره. (أجيب دعوة الداع إذا دعان). تقرير للقرب، ووعد للداعي بالاجابة. " ومن لم يجد الاجابة فقد أخل بشرط الدعاء ". كذا ورد (4). (فليستجيبوا لى) إذا دعوتهم للايمان والطاعة، كما أجبتهم إذا دعوني لمهامهم. (وليؤمنوا بى) قال: " وليتحققوا أني قادر على إعطائهم ما سألوه " (5). (لعلهم يرشدون) قال: " لعلهم يصيبون الحق ويهتدون إليه " (6). (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم). كناية عن المواقعة، لانه قلما يخلو

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 1: 331، الحديث: 1488، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 2 - الكافي 4: 166، الحديث 1، والعياشي 1: 82، الحديث: 193 و 195، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الدر المنثور 1: 194، ومجمع البيان 1 - 2: 278.

 4 - الكافي 2: 486، الحديث: 8، ومصباح الشريعة: 133، الباب: 62، في الدعاء، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 و 6 - مجمع البيان 1 - 2: 280، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 90 ]

من رفث (1)، وهو الافصاح بما يجب أن يكنى عنه. (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن). بيان لسبب الاحلال وهو قلة الصبر عنهن وكثرة مخالطتهن. (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) من الخيانة، أي تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب (فتاب عليكم وعفا عنكم). ورد: " كان الاكل محرما في شهر رمضان بالليل بعد النوم، والنكاح حراما بالليل والنهار، فنام رجل قبل أن يفطر، وحضر حفر الخندق، فأغمي عليه، وكان قوم من الشبان ينكحون بالليل سرا، فنزلت " (2). (فالن بشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) قيل: من الولد أو من الاباحة بعد الحظر (3)، فإن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه. (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر) قال: " بياض النهار من سواد الليل " (4). وفي رواية: " هو الفجر الذي لاشك فيه " (5). وفي أخرى: " ليس هو الابيض صعداء، إن الله لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، وتلا هذه الآية " (6). وسئل: آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك ؟ قال: " كل حتى لا تشك " (7). (ثم أتموا الصيام إلى اليل ولا تبشروهن وأنتم عكفون في المسجد): معتكفون فيها. والاعتكاف أن يحبس نفسه في الجامع للعبادة. (تلك حدود الله): حرمات الله

___________________________

1 - الرفث - محركة -: كلام متضمن لما يستقبح ذكره من ذكر الجماع ودواعيه وجعل في الآية كناية عن الجماع. " المفردات: رفث ". وعن الازهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2: 241 (رفث).

 2 - مجمع البيان 1 - 2: 280، والعياشي 1: 83، الحديث: 197، والقمي 1: 66، عن أبي عبد الله عليه السلام، والدر المنثور 1: 197.

 3 - الكشاف 1: 338. وفي " ألف ": " من الولد أو الاباحة بعد الحظر ".

 4 - العياشي 1: 84، الحديث: 203، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - من لا يحضره الفقيه 2: 82، الحديث: 364، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - التهذيب 2: 37، ذيل الحديث: 66، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - التهذيب 4: 318، الحديث: 37، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 91 ]

ومناهيه (فلا تقربوها). ورد: " إن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه، فمن رتع (1) حول الحمى، يوشك أن يقع فيه " (2). (كذلك يبين الله ءايته للناس لعلهم يتقون). (ولا تأكلوا أموالكم بينكم): لا يأكل بعضكم مال بعض (بالبطل): " بالوجه الذي لم يشرعه الله كالقمار، وكاليمين الكاذبة، والدين الذي ليس له ما يؤديه ". كذا ورد (3). (وتدلوا بها إلى الحكام): ولا تلقوا أمرها إلى الحكام (لتأكلوا) بالتحاكم (فريقا): طائفة (من أمول الناس بالاثم): بما يوجب إثما كشهادة الزور، واليمين الكاذبة (وأنتم تعلمون) أنكم مبطلون. قال: " هو أن يعلم الرجل أنه ظالم، فيحكم له القاضي، فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي حكم له " (4). وقال: " قد علم الله أنه يكون حكام يحكمون بغير الحق فنهى أن يتحاكم إليهم " (5). (يسئلونك عن الاهلة): عن زيادتها ونقصانها (قل هي موقيت للناس و الحج): معالم يوقت بها الناس عباداتهم ومزارعهم ومتاجرهم ومحال ديونهم وعدد نسائهم. وورد: " لصومهم وفطرهم وحجهم " (6). (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها). قال: " كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها، وإنما يدخلون ويخرجون من نقب ينقبونه (7) في مؤخرها، ويعدون ذلك برا فنهوا عن التدين بها " (8).

___________________________

1 - رتع: أكل وشرب ما شاء في خصب وسعة. " القاموس المحيط 3: 28 - رتع ". ورتع حول الحمى أي: يطوف به ويدور حوله.

 2 - الكشاف 1: 340، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 3 - الكافي 5: 122، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، ومجمع البيان 1 - 2: 282، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 85، الحديث: 206، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام.

 5 - القمي 1: 67، عن أبي الحسن الاول عليه السلام.

 6 - التهذيب 4: 166، الحديث: 472، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - في " الف ": " ينقبون ".

 8 - مجمع البيان 1 - 2: 284، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 92 ]

(ولكن البر من اتقى) قال: " ما حرم الله " (1). (وأتوا البيوت من أبوبها) قال: " يعني أن يأتي الامر من وجهه أي أمر كان " (2). أقول: ومنه أخذ أحكام الدين عن أمير المؤمنين وعترته الطيبين، لانهم أبواب مدينة علم النبي - صلوات الله عليه وعليهم أجمعين - كما قال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها ولا يؤتى المدينة إلا من بابها " (3). وقال علي عليه السلام: " قد جعل الله للعلم أهلا وفرض على العباد طاعتهم بقوله: " وأتوا البيوت من أبوابها ". والبيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الانبياء، وأبوابها أوصياؤهم " (4). (واتقوا الله) في تغيير أحكامه (لعلكم تفل‍ تفلحون). (وقتلوا في سبيل الله الذين يقتلونكم): جاهدوا لاعلاء كلمته. ورد: " إنها ناسخة لقوله: " كفوا أيديكم " " (5). (ولا تعتدوا) بابتداء القتال والمفاجاة به من غير دعوة، وبالمثلة، وقتل من نهيتم عن قتله من النساء والصبيان والمشايخ والمعاهدين. (إن الله لا يحب المعتدين). (واقتلوهم حيث ثقفتموهم). ورد: " إنها ناسخة لقوله تعالى: " ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم " " (6). (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) يعني مكة، وقد فعل ذلك بمن لم يسلم منهم يوم الفتح. (والفتنة أشد من القتل). قيل: معناه شركهم في الحرم، وصدهم إياكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه (7). (ولا تقتلوهم عند

___________________________

1 - الصافي 1: 208، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 86، الحديث: 211، ومجمع البيان 1 - 2: 284، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 284، والقمي 1: 68.

 4 - الاحتجاج 1: 369، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5 - مجمع البيان 1 - 2: 285. والاية في سورة النساء (4): 77.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 285، المروي عن أئمتنا عليهم السلام. والآية في سورة الاحزاب (33): 48.

 7 - راجع: البيضاوي 1: 223. (*)

 

[ 93 ]

المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه): لا تفاتحوهم بالقتال وهتك حرمة الحرم (فإن قتلوكم فاقتلوهم) فلا تبالوا بقتالهم ثمة، فإنهم هم الذين هتكوا حرمته (كذلك جزاء الكفرين) يفعل بهم ما فعلوا (فإن انتهوا) عن القتال والشرك (فإن الله غفور رحيم) يغفر لهم ما قد سلف. (وقتلوهم حتى لا تكون فتنة) قال: " شرك " (1). (ويكون الدين) أي: الطاعة والعبادة (لله) وحده (فإن انتهوا) عن الشرك والقتال (فلا عدون إلا على الظلمين) فلا تعتدوا على المنتهين. سمى الجزاء باسم الابتداء، للمشاكلة وازدواج الكلام كقوله: " وجزاء سيئة سيئة مثلها " (2). (الشهر الحرام بالشهر الحرام). " قاتلهم المشركون في عام الحديبية في ذي القعدة، واتفق خروجهم لعمرة القضاء فيه، فكرهوا أن يقاتلوهم لحرمته، فنزلت، أي: هتكه بهتكه فلا تبالوا به ". كذا ورد (3). وفى رواية: " إذا ابتدأ المشركون باستحلال الشهر، جاز للمسلمين قتالهم فيه " (4). (والحرمت قصاص) يعني: كل حرمة يجري فيه القصاص، فلما هتكوا حرمة شهركم فافعلوا بهم مثله. والحرمة: ما يجب أن يحافظ عليها. (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم). فذلكة وتأكيد. (واتقوا الله) في الانتصار، فلا تعتدوا إلى ما لم يرخص لكم (واعلموا أن الله مع المتقين) فيحرسهم ويصلح شأنهم. (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) بالاسراف، وتضييع وجه

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 287، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الشورى (42): 40.

 3 - البيضاوي 1: 223، وتفسير الطبري 2: 114.

 4 - العياشي 1: 86، الحديث: 215. (*)

 

[ 94 ]

المعاش، وبمعصية السلطان وبكل ما يؤدي إلى الهلاك. ورد: " لو أن رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله، ما كان أحسن ولا وفق، ثم تلا هذه الآية " (1). وورد أيضا: " طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله ودخل في نهيه، ثم تلا هذه الآية " (2). (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) قال: " يعني المقتصدين " (3). (وأتموا الحج والعمرة لله): ائتوا بهما تامين كاملين بشرائطهما وأركانهما ومناسكهما لوجه الله خالصا. ورد: " هما مفروضان " (4). وورد: " يعني بتمامهما: أدائهما واتقاء ما يتقي المحرم فيهما " (5). وفي رواية: " أقيموهما إلى آخر ما فيهما " (6). (فإن أحصرتم): " منعكم خوف أو مرض بعدما أحرمتم ". كذا ورد (7). (فما استيسر من الهدى): فعليكم إذا أردتم التحلل من الاحرام ما تيسر من الهدي تبعثون به. ورد: " يعني شاة وضع على أدنى القوم قوة، ليسع القوي والضعيف " (8). (ولا تحلقوا رءوسكم): لا تحلوا (حتى يبلغ الهدى محله) يعني: مكانه الذي يجب أن ينحر فيه. (فمن كان منكم مريضا): مرضا يحوجه إلى الحلق (أو به أذى من رأسه) كجراحة أو قمل (ففدية): فعليه فدية إن حلق (من صيام أو صدقة أو نسك) أي: دم. ورد: " إن الصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين، والنسك شاة " (9). (فإذآ أمنتم فمن تمتع بالعمرة): استمتع وانتفع بعد التحلل من عمرته باستباحة ما كان محرما

___________________________

1 و 3 - الكافي 4: 53، الحديث: 7، والعياشي 1: 87، الحديث: 217، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الامالي (للصدوق): 277. المجلس الرابع والخمسون، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 4 - الكافي 4: 265، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام، والعياشي 1: 88، الحديث: 224، عن أبي العباس.

 5 - العياشي 1: 87، الحديث: 220، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 290، عن أمير المؤمنين وعلي بن الحسين عليهما السلام.

 7 - المصدر، المروي عن أئمتنا عليهم السلام.

 8 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 120، الباب: 34، ذيل الحديث: 1.

 9 - العياشي 1: 90، الحديث: 231، والكافي 4: 358، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 95 ]

عليه (إلى الحج): إلى أن يحرم بالحج (فما استيسر من الهدى): فعليه دم استيسره. قال: " شاة " (1). (فمن لم يجد) الهدي (فصيام ثلثة أيام في الحج): في وقته وأيام الاشتغال به. ورد: " يعني في ذي الحجة " (2). (وسبعة إذا رجعتم) إلى أهاليكم. " فإن بداله الاقامة بمكة نظر مقدم أهل بلاده فإن ظن أنهم قد دخلوا فليصم ". كذا ورد (3). (تلك عشرة كاملة). " لا تنقص عن الاضحية الكاملة ". كذا ورد (4). (ذلك) أي: التمتع (لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام): " من كان منزله على أزيد من ثمانية عشر ميلا منه ". كذا ورد (5). [ وفي رواية (6): " حده ثمانية وأربعون ميلا " ] (7). (واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب) (الحج أشهر معلومت) يعني: وقت إحرامه ومناسكه، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة. ورد: " ليس لاحد أن يحج فيما سواهن، ومن أحرم بالحج في غيرها فلا حج له " (8). (فمن فرض فيهن الحج) " بأن لبى أو أشهر أو قلد ". كذا ورد (9). (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج): في أيامه. قال: " الرفث: الجماع، والفسوق: الكذب والسباب، والجدال: قول لا والله وبلى والله " (10). و " في الجدال شاة، وفي الفسوق

___________________________

1 - الكافي 4: 487، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 93، الحديث: 240، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكافي 4: 509، الحديث: 8.

 4 - المصدر: 510، الحديث: 15.

 5 - المصدر: 300، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 93، الحديث: 247، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - ما بين المعقوفتين ليس في " ألف ".

 8 - الكافي 4: 321، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام، و 322، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - العياشي 1: 94، الحديث: 254، والكافي 4: 289، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 10 - العياشي 1: 95، الحديث: 256، والكافي 4: 338، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 96 ]

بقرة، وفي الرفث فساد الحج " (1). (وما تفعلوا من خير يعلمه الله). حث على البر. (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى). قيل: كانوا يحجون من غير زاد، فيكونون كلا على الناس، فأمروا أن يتزودوا ويتقوا الابرام والتثقيل (2) على الناس (3). (واتقون يأولى الالبب). (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم): تجارة. ورد: " كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج فرفع عنهم الجناح " (4). وفي رواية: " فضلا أي: مغفرة " (5). (فإذآ أفضتم): دفعتم أنفسكم بكثرة (من عرفت). قال: " ومضيتم إلى مزد لفة " (6). (فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هدكم): بإزاء هدايته إياكم. قال: " لدينه والايمان برسوله " (7). (وإن كنتم): وإنه كنتم. (من قبله لمن الضالين). قال: " الضالين عن دينه قبل أن يهديكم لدينه " (8). (ثم أفيضوا): ثم لتكن إفاضتكم (من حيث أفاض الناس) قال: " أي: من عرفات " (9). ورد: " إن قريشا كانوا لا يقفون بعرفات، ولا يفيضون منه، ويقولون: نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه، فيقفون بالمشعر ويفيضون منه، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ويفيضوا منه كسائر الناس " (10).

___________________________

1 - الكافي 4: 339، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - في " ألف ": " والثقل ".

 3 - راجع: الكشاف 1: 347، والبيضاوي 1: 225.

 4 - مجمع البيان 1 - 2: 295. لكنه نقله بلفظ: " قيل " عن ابن عباس ومجاهد والحسن وعطا. ثم يقول: وهو المروي عن أئمتنا.

 5 - المصدر: عن أبي جعفر عليه السلام.

 6، 7 و 8 - تفسير الامام عليه السلام: 605.

 9 - البيضاوي 1: 227.

 10 - مجمع البيان 1 - 2: 296، عن أبي جعفر عليه السلام، والعياشي 1: 97، الحديث: 266، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 97 ]

أقول: وعلى هذا فمعنى " ثم " الترتيب في الرتبة كما في قولك: أحسن إلى الناس ثم لا تحسن إلى غير كريم. وفي رواية: " إن قوله: " فإذا أفضتم " متأخر عن قوله: " ثم أفيضوا " " (1). وعلى هذا يكون " ثم " بمعناه الظاهر. وفي أخرى: " إن المراد بقوله: " ثم أفيضوا " الافاضة من المشعر إلى منى " (2). وعلى هذا فلا إشكال. (واستغفروا الله) من جاهليتكم في تغيير المناسك. (إن الله غفور رحيم). قال: " للتائبين " (3). (فإذا قضيتم منسككم فاذكروا الله كذكركم ءابآءكم). ورد: " كانوا إذا فرغوا من الحج، يجتمعون هناك، يعدون مفاخر آبائهم ومآثرهم، فأمرهم الله أن يذكروه مكان ذكر آبائهم في هذا الموضع " (4). (أو أشد ذكرا) قال: " بأن يزيدوا فيذكروا نعم الله سبحانه وآلاءه ويشكروا نعماءه، لان آباءهم وإن كانت لهم عليهم أياد ونعم، فنعم الله عليهم أعظم وأياديه عندهم أفخم، ولانه تعالى هو المنعم بتلك المآثر والمفاخر على آبائهم وعليهم " (5). (فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا) منحتنا (6) (في الدنيا) خاصة (وماله في الاخرة من خلق): نصيب وحظ، لان همه مقصور على الدنيا. قال: " لا يعمل للآخرة عملا ولا يطلب فيها خيرا " (7). (ومنهم من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة) كالصحة والامن وورد: " السعة في

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 296.

 2 و 3 - تفسير الامام عليه السلام: 605.

 4 و 5 - مجمع البيان 1 - 2: 297، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - المنح: العطاء. يقال: منحته منحا أي: أعطيته. والاسم: المنحة - بالكسر - وهي العطية. مجمع البحرين 2: 415 (منح).

 7 - تفسير الامام عليه السلام: 606. (*)

 

[ 98 ]

المعاش وحسن الخلق " (1). (وفى الاخرة حسنة) كالرحمة والزلفة. وورد: " رضوان الله والجنة " (2). وفي رواية: " في الدنيا المرأة الصالحة، وفي الآخرة الحوراء " (3). (وقنا عذاب النار) بالمغفرة والعفو. وورد: " امرأة السوء " (4). أقول: كل ذلك أمثلة للمراد بها، فلا تنافي بينها. (أولئك لهم نصيب مما كسبوا) قال: " من ثواب ما كسبوا - قال: - في الدنيا وفي الآخرة " (5). (والله سريع الحساب). قال " يحاسب الخلايق كلهم في مقدار لمح البصر " (6). قال: " لانه لا يشغله شأن عن شأن، ولا محاسبة عن محاسبة، فإذا حاسب واحدا فهو في تلك الحال محاسب للكل يتم حساب الكل بتمام حساب الواحد، وهو كقوله تعالى: " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " (7). (واذكروا الله في أيام معدودت). " يعني: أيام التشريق. وذكر الله فيها: التكبير المعهود عقيب الصلوات المعهودة ". كذا ورد (8). (فمن تعجل) النفر من منى (في يومين) بعد يوم النحر (فلا إثم عليه ومن تأخر) حتى رمى في اليوم الثالث (فلا إثم عليه) قال: " يرجع مغفورا له لا إثم عليه ولا ذنب له " (9). (لمن اتقى). قال: " نفي الاثم إنما هو لمن اتقى الله عز وجل " (10). وفي رواية: " اتقى الكبائر " (11).

___________________________

1 و 2 - الكافي 5: 76، الحديث: 2، والعياشي 1: 98، الحديث: 274 و 275، ومجمع البيان 1 - 2: 297، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 و 4 - البيضاوي 1: 229، عن علي عليه السلام.

 5 - تفسير الامام عليه السلام: 606.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 298.

 7 - تفسير الامام عليه السلام: 606. والآية في سورة لقمان (31): 28.

 8 - العياشي 1: 99، الحديث: 276 إلى 279، وجوامع الجامع 1: 113، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - من لا يحضره الفقيه 2: 289، الحديث: 1427، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 10 - المصدر: 288، الحديث: 1417، عن أبي جعفر عليه السلام.

 11 - القمي 1: 70، والكافي 4: 522، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 99 ]

وفي أخرى: " اتقى الكبر وهو أن يجهل الحق ويطعن على أهله " (1). وفي أخرى: " اتقى الصيد في إحرامه " (2). وفي أخرى: " اتقى الصيد حتى ينفر أهل منى النفر الاخير " (3). وفي أخرى: " اتقى ما حرم الله عليه في إحرامه " (4). وفي رواية: " يعني من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، لمن اتقى الكبائر يعني تأخر موته " (5). و ورد: " أنتم والله هم. إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يثبت على ولاية علي إلا المتقون " (6). وفي رواية: " إنما هي لكم والناس سواد وأنتم الحاج " (7). (واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) فيجازيكم بما تعملون. والحشر: الجمع وضم المتفرق. (ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا): يروقك ويعظم في قلبك (ويشهد الله على ما في قلبه) قال: " بأن يحلف لك بأنه مؤمن مخلص مصدق لقوله بعمله " (8). (وهو ألد الخصام): شديد العداوة والجدال للمسلمين. (وإذا تولى) قال: " أدبر وانصرف عنك " (9). وقيل: ملك الامر وصار واليا (10). (سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل) قال: " بظلمه وسوء سيرته " (11). ورد: " إن الحرث هنا: الدين، والنسل: الناس " (12). (والله لا يحب الفساد).

___________________________

1 - الكافي 4: 252، الحديث: 2، ومعاني الاخبار: 242، الحديث: 5 و 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - مجمع البيان 1 - 2: 299، والعياشي 1: 99، الحديث: 280، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - من لا يحضره الفقيه 2: 288، الحديث: 1415، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 99، الحديث: 280، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - الكافي 4: 522، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 100، الحديث: 285، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - الكافي 4: 523، الحديث: 12، عن أبي عبد الله عليه السلام. وسواد الناس: عوامهم.

 8 و 9 - تفسير الامام عليه السلام: 617.

 10 - مجمع البيان 1 - 2: 300، عن ضحاك.

 11 - العياشي 1: 101، الحديث: 290، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 12 - القمي 1: 71، ومجمع البيان 1 - 2: 300، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 100 ]

(وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم): حملته الانفة وحمية الجاهلية على الاثم الذي يؤمر باتقائه لجاجا، " فيزداد إلى شره شرا ويضيف إلى ظلمه ظلما ". كذا ورد (1). (فحسبه جهنم ولبئس المهاد). (ومن الناس من يشرى نفسه): يبيعها ببذلها لله (ابتغآء مرضات الله): طلبا لرضاه، قال: " فيعمل بطاعته ويأمر الناس بها " (2). وردت في عدة أخبار عامية وخاصية: " إنها نزلت في علي عليه السلام، حين بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهرب النبي إلى الغار " (3). وفي رواية: " إن المراد بها الرجل يقتل على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " (4). يعني: هي عامة وإن نزلت خاصة. (والله رءوف بالعباد). قال: " أما الطالبون لرضا ربهم فيبلغهم أقصى أمانيهم ويزيدهم عليها ما لم تبلغه آمالهم، وأما الفاجرون فيرفق في دعوتهم إلى طاعته ولا يقطع ممن علم أنه سيتوب عنه ذنبه عظيم كرامته " (5). (يأيها الذين ءامنوا دخلوا في السلم). قال: " في المسالمة إلى دين الاسلام " (6). أقول: يعني في الاستسلام والطاعة. وفي رواية: " في ولايتنا " (7). (كآفة): جميعا (ولا تتبعوا خطوت الشيطن) بالتفرق والتفريق. و في رواية: " بولاية فلان وفلان " (8). أقول: لا تنافي بين التفسيرين في الكلمتين، فإن الولاية ركن الطاعة أو المعصية وبها يتم الاسلام.

___________________________

1 - تفسير الامام عليه السلام: 617.

 2 - المصدر: 621.

 3 - راجع من الخاصة: مجمع البيان 1 - 2: 301، والعياشي 1: 101، الحديث: 292، والبرهان 1: 206، ومن العامة: الجامع لاحكام القرآن 2: 21،، والتفسير الكبير (للفخر الرازي) 5 - 6: 223.

 4 - مجمع البيان 1 - 2: 301: مرويا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 5 و 6 - تفسير الامام عليه السلام: 621.

 7 - الكافي 1: 417، الحديث: 29، والعياشي 1: 102، الحديث: 297، عن أبي جعفر عليه السلام.

 8 - العياشي 1: 102، الحديث: 294، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 101 ]

(إنه لكم عدو مبين). (فإن زللتم) عن الدخول في السلم (من بعد ما جاء تكم البينت فاعلموا أن الله عزيز): غالب لا يعجزه الانتقام منكم (حكيم) لا ينتقم إلا بالحق. (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) يعني أمره وبأسه (في ظلل من الغمام والملئكة). وفي رواية: " هكذا نزلت: إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام " (1). وفي أخرى: " يعني يأتيهم الله في ظلل من الغمام ويأتيهم الملائكة كما كانوا اقترحوا عليك اقتراحهم المحال " (2). ويستفاد من بعضها أن المراد به الرجعة وخروج القائم. (وقضى الامر): وأتم أمر إهلاكهم وفرغ منه. وفي الرواية الاخيرة: " قضاء الامر: الوسم على خرطوم الكافر " (3). (وإلى الله ترجع الامور). (سل بنى إسرءيل كم ءاتينهم من ءاية بينة) " فمنهم من آمن ومنهم من جحد ومنهم من أقر ومنهم من بدل " كذا قرأه (4) الصادق عليه السلام (5). (ومن يبدل نعمة الله): آياته التي هي سبب الهدى والنجاة الذين هما أجل النعم، بجعلهما سبب الضلالة وزيادة الرجس. (من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب). (زين للذين كفروا الحيوة الدنيا): حسنت في أعينهم وأشربت محبتها في قلوبهم، حتى تهالكوا عليها (ويسخرون من الذين ءامنوا) من فقراء المؤمنين الذين لا حظ لهم منها (والذين اتقوا) من المؤمنين (فوقهم يوم القيمة) لانهم في عليين وفي الكرامة، وهم في سجين وفي الندامة (والله يرزق من يشآء) في الدارين (بغير حساب): بغى تقدير فيوسع في الدنيا استدراجا تارة وابتلاء أخرى ويعطي أهل الجنة ما

___________________________

1 - التوحيد: 163، الباب: 20، الحديث: 1، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام.

 2 - تفسير الامام عليه السلام: 629، وفيه: " وتأتيهم الملائكة ".

 3 - العياشي 1: 103، الحديث: 303، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - في " ب " و " ج ": " كذا قراءة ".

 5 - الكافي 8: 290، الحديث: 440، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 102 ]

لا يحصى. (كان الناس) قال: " قبل نوح " (1). (أمه وحدة) قال: " على الفطرة لا مهتدين ولا كافرين، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله. أما تسمع إبراهيم يقول: " لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين " أي ناسيا للميثاق " (2). (فبعث الله النبين مبشرين ومنذرين) قال: " لليتخذ عليهم الحجة " (3). (وأنزل معهم الكتب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) ثم اختلفوا بعد البعث على الرسل، في الايمان بهم والكفر، ثم في الكتاب بعد الايمان، كما قال: (وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينت). جعلوا نزول الكتاب الذي أنزل لازالة الخلاف، سببا في شدة الاختلاف. (بغيا): حسدا وظلما (بينهم) لحرصهم على الدنيا (فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق). بيان ل‍ " ما ". (بإذنه والله يهدى من يشآء إلى صراط مستقيم). (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة). استبعاد للحسبان وتشجيع للمؤمنين على الصبر والثبات مع الذين اختلفوا عليهم وعداوتهم لهم. (ولما يأتكم): متوقع إتيانه منتظر (مثل الذين خلوا من قبلكم) حالهم التي هي مثل في الشدة (مستهم البأساء والضراء) من القتل والخروج عن الاهل والمال (وزلزلوا): وأزعجوا إزعاجا شديدا بما أصابهم من الشدايد (حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله) استبطاء له، لتناهي الشدة واستطالة المدة، بحيث تقطعت حبال الصبر. (ألا إن نصر الله قريب). فقيل لهم ذلك، إسعافا لهم إلى طلبتهم من عاجل النصر. ورد: " فما تمدون أعينكم ألستم آمنين ؟ لقد كان من قبلكم ممن هو على ما أنتم عليه، يؤخذ، فيقطع يده

___________________________

1 - العياشي 1: 104، الحديث: 306، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر، الحديث: 309، عن أبي عبد الله عليه السلام. والآية في سورة الانعام (6): 77.

 3 - العياشي 2: 164، الحديث: 81، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 103 ]

ورجله ويصلب، ثم تلا هذه الآية " (1). (يسئلونك ماذا ينفقون قل مآ أنفقتم من خير): من مال (فللولدين والاقربين واليتمى والمسكين وابن السبيل). سئل عن المنفق، فأجاب ببيان المصرف، لانه أهم، إذ النفقة لا يعتد بها إلا إذا وقعت موقعها. قيل: وكان السؤال متضمنا للمصرف أيضا (2)، وإن لم يذكر في الآية. (وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم) يعلم كنهه ويوفي ثوابه. (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا) في الحال (وهو خير لكم) في العاقبة. وهكذا أكثر ما أمر نابه، فإن الطبع يكرهه وهو مناط صلاحنا وسبب فلاحنا (وعسى أن تحبوا شيئا) في الحال (وهو شر لكم) في المآل. وهكذا أكثر ما نهينا عنه، فإن النفس تحبه وتهواه وهو يفضي بنا إلى الردى. وإنما ذكر " عسى " لان النفس إذا ارتاضت ينعكس الامر عليها. (والله يعلم) ما هو خير لكم (وأنتم لا تعلمون). (يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه). قيل: قتل المسلمون مشركا في غرة رجب، وهم يظنونه من جمادي الآخرة، فقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام، فسئل، فنزلت (3). (قل قتال فيه كبير): عظيم. تم الكلام ثم ابتدأ وقال: (وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله): ولكن ما فعلوا بك من الصد عن الاسلام والكفر بالله وبالمسجد وإخراجك والمؤمنين منه، أعظم وزرا عند الله من القتل الذي وقع في الشهر الحرام. (والفتنة) يعني الكفر وساير ما فعلوا

___________________________

1 - الخرايج والجرايح 3: 1155، الحديث: 61، عن علي بن الحسين عليهما السلام.

 2 - مجمع البيان 1 - 2: 309، والكشاف 1: 356، والبيضاوي 1: 233.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 312، والكشاف 1: 356، والبيضاوي 1: 234. (*)

 

[ 104 ]

(أكبر من القتل ولا يزالون يقتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعملهم في الدنيا) لما يفوتهم من ثمرات الاسلام (و) في (الاخرة) لما يفوتهم من الثواب (وأولئك أصحب النارهم فيها خلدون). (إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم). (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير). ورد: " إن الخمر رأس كل إثم ومفتاح كل شر " (1). (ومنفع للناس) كالطرب وكسب المال وغيرهما (وإثمهما أكبر من نفعهما) أي: المفاسد التي تنشأ منهما أعظم من المنافع المتوقعة منهما. " هي أول آية نزلت في الخمر من الاربع التي كل متأخرة منها أغلظ وأشد في التحريم من التي قبلها، ليوطن الناس أنفسهم عليه (2) ويسكنوا إلى نهي الله فيها، وليكون أصوب لهم إلى الانقياد وأقرب لنفارهم ". كذا ورد (3). ويأتي ألفاظه مع تمام الكلام في الخمر في " المائدة " (4) إن شاء الله. (ويسئلونك ماذا ينفقون): ما قدر الانفاق ؟ (قل العفو) قال: " الوسط " (5). وفي رواية: " ما يفضل عن قوت السنة " (6). أقول: العفو نقيض الجهد وهو أن ينفق ما تيسر له بذله. ورد: " يأتي أحدكم بماله كله يتصدق به ويجلس يتكفف الناس، إنما الصدقة عن ظهر غنى " (7). أقول: يعني ما

___________________________

1 - الكافي 6: 402، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والحديث 9، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - كذا في النسخ ولعل الصواب: " عليها ".

 3 - الكافي 6: 406 - 407، الحديث: 2، عن بعض أصحابنا مرسلا.

 4 - ذيل الآية: 91.

 5 - الكافي 4: 52، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 316، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - راجع: الدر المنثور 1: 608، وسنن الدارمي 1: 391، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (*)

 

[ 105 ]

أبقى غنى. ورد: " إنها نسخت بآية الزكاة " (1). (كذلك يبين الله لكم الايت لعلكم تتفكرون). (في الدنيا والاخرة ويسئلونك عن اليتمى). ورد: " لما نزلت: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " (2). وفي رواية: " وآتوا اليتامى أموالهم "، كرهوا مخالطة اليتامى فشق ذلك عليهم، فشكوا، فنزلت " (3). (قل إصلاح لهم): مشاركتهم لاصلاحهم (خير) من مجانبتهم (وإن تخالطوهم فإخونكم) في الدين، ومن حق الاخ أن يخالط. ورد: " تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم وتخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثم تنفقه " (4). (والله يعلم المفسد من المصلح ولو شآء الله لاعنتكم): لحملكم على العنت، وهي المشقة، ولم يجوز لكم مداخلتهم (إن الله عزيز حكيم). (ولا تنكحوا المشركت): لا تزوجوهن (حتى يؤمن ولامة) مملوكة (مؤمنة خير من مشركة) حرة (ولو أعجبتكم) المشركة بجمالها أو مالها (ولا تنكحوا المشركين): لا تزوجوا منهم المؤمنات (حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن) مملوك (خير من مشرك) حر (ولو أعجبكم) جماله أو ماله أو حاله (أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين ءايته للناس لعلهم يتذكرون). ورد: " إن هذه الآية منسوخة النصف " (5). يعني نسخ نصفها الاول بقوله تعالى: " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ". كما يأتي في المائدة (6). (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى): مستقذر يؤذي من يقربه، نفرة منه له

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 316، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - القمي 1: 72، عن أبي عبد الله عليه السلام. والآية في سورة النساء (4): 10.

 3 - مجمع البيان: 3 - 4: 4. والآية في سورة النساء (4): 2 4 - الكافي 5: 130، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - القمي 1: 73.

 6 - ذيل الاية: 5. (*)

 

[ 106 ]

(فاعتزلوا النساء في المحيض): فاجتنبوا مجامعتهن (ولا تقربوهن) بالجماع (حتى يطهرن): ينقطع الدم عنهن. وعلى قراءة التشديد: يغتسلن. ورد: " ليأتها حيث شاء، ما اتقى موضع الدم " (1). (فإذا تطهرن): اغتسلن (فأتوهن من حيث أمركم الله) قال: " فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله " (2). أقول: يعني المأتى الذي أمركم به وحلله لكم. وإنما استفيد طلب الولد من لفظة " من ". (إن الله يحب التوبين) من الذنوب (ويحب المتطهرين) بالماء والمتنزهين عن الاقذار. ورد: " كانوا يستنجون بالكراسف (3) والاحجار، ثم أحدث الوضوء، يعني الاستنجاء بالماء، وهو خلق كريم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصنعه فنزلت " (4). (نساؤكم حرث لكم): مواضع حرث (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: " متى شئتم في الفرج " (5). وفي رواية: " أي ساعة شئتم " (6). وفي أخرى: " إن اليهود كانت تقول: إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول، فأنزل الله: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ": من خلف أو قدام خلافا لليهود، ولم يعن في أدبارهن " (7). (وقدموا لانفسكم) ما يدخر لكم من العمل الصالح. وقيل: هو طلب الولد (8). وقيل: التسمية على الوطي (9). (واتقوا الله واعلموا أنكم ملقوه وبشر المؤمنين): من صدقك وامتثل أمرك.

___________________________

1 - التهذيب 1: 154، الحديث: 436، والاستبصار 1: 128، الحديث: 437، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - التهذيب 7: 414، الحديث: 1657، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الكراسف جمع كرسف وهو القطن. لسان العرب 9: 297 (كرسف).

 4 - الكافي 3: 18، الحديث: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - القمي 1: 73، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 111، الحديث: 335، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - المصدر، الحديث: 333، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 8 و 9 - مجمع البيان 1 - 2: 321، والكشاف 1: 362. (*)

 

[ 107 ]

(ولا تجعلوا الله عرضة لا يمنكم). العرضة: ما يعترض دون الشئ فيحجز عنه، والمعرض للامر. والمعنى على الاول: لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير، فيكون المراد بالايمان الامور المحلوف عليها. وعليه ورد في تفسيرها: " إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين أن لا أفعل " (1). وعلى الثاني: لا تجعلوا الله معرضا لايمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف. وعليه ورد: " لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين، فإن الله يقول:... وتلا الآية " (2). (أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس). بيان للايمان، أي الامور المحلوف عليها من الخيرات على الاول، وعلة للنهي على الثاني. أي: أنهاكم عنه إرادة بركم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس فإن الحلاف مجترئ على الله تعالى والمجترئ على الله تعالى لا يكون برا متقيا ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين، ولذلك ذمه الله في قوله: " ولا تطع كل حلاف مهين " (3). (والله سميع) لايمانكم (عليم) بنياتكم. (لا يؤاخذكم الله) بالعقوبة والكفارة (باللغو في أيمنكم): " بالساقط الذي لا عقد معه، بل يجري على عادة اللسان لمجرد التأكيد ". كذا ورد (4). (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم): بما واطأت فيها قلوبكم ألسنتكم وعزمتموه، كقوله تعالى: " بما عقدتم الايمان " (5) فإن كسب القلب هو العقد والنية والقصد. (والله غفور حليم). (للذين يؤلون من نسائهم): يحلفون على أن لا يجامعوهن مضارة لهن. والايلاء: الحلف. وتعديته ب‍ " على "، ولكن لما ضمن هذا القسم معنى البعد عدى ب‍ " من " (تربص أربعة أشهر): انتظارها والتوقف فيها، فلا يطالبوا بشئ. (فإن فآءو): رجعوا إليهن بالحنث وكفارة اليمين وجامعوا مع القدرة ووعدوها مع العجز،

___________________________

1 و 2 - العياشي 1: 112، الحديث: 340.

 3 - القلم (68): 10.

 4 - مجمع البيان 1 - 2: 323، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، والكشاف 1: 363، عن الشافعي.

 5 - المائدة (5): 89. (*)

 

[ 108 ]

(فإن الله غفور رحيم) لا يتبعهم بعقوبة. (وإن عزموا الطلق فإن الله سميع) لطلاقهم (عليم) بضميرهم. قال: " الايلاء: أن يحلف الرجل على امرأته أن لا يجامعها، فإن صبرت عليه فلها أن تصبر، وإن رفعته إلى الامام أنظره أربعة أشهر، ثم يقول له بعد ذلك: إما أن ترجع إلى المناكحة، وإما أن تطلق فإن أبى حبسه أبدا " (1). وفي رواية: " فإن مضت الاربعة أشهر قبل أن يمسها فسكتت ورضيت فهو في حل وسعة " (2). (والمطلقت) يعني: المدخول بهن من ذوات الاقراء، لما دلت الآيات والاخبار أن حكم غيرهن خلاف ذلك. (يتربصن): ينتظرن (بأنفسهن): بقمعها وحملها على التربص (ثلثة قروء) فلا يتزوجن فيها. ورد: " القرء جمع الدم بين الحيضتين (3)، والقروء: الاطهار، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها " (4). (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) " من الولد ودم الحيض استعجالا في العدة وإبطالا لحق الرجعة ". كذا ورد (5). (إن كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن أحق بردهن) إلى النكاج والرجعة إليهن (في ذلك): في زمان التربص. (إن أرادوا إصلحا) ولم يريدوا مضارتهن (ولهن) حقوق عليهم (مثل الذى عليهن) في الاستحقاق لا في الجنس (بالمعروف): بالوجه الذي لا ينكر في الشرع ولا في عادات الناس.

___________________________

1 - القمي 1: 73، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - الكافي 6: 131، الحديث: 4، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وفيه: فإن مضت الاربعة الاشهر ".

 3 - الكافي 6: 99، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - المصدر: 88، الحديث: 9، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - مجمع البيان 1 - 2: 326، عن أبي عبد الله عليه السلام، والقمي 1: 74، والظاهر أن ما في المتن هو مضمون الحديث والمستفاد منه، كما يظهر بعد التأمل والمراجعة. (*)

 

[ 109 ]

(وللرجال عليهن درجة): زيادة في الحق وفضيلة بقيامهم عليهن. ورد: " لها عليه أن يشبع بطنها ويكسو جثتها وإن جهلت غفر لها " (1). " وله عليها أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تتصدق من بيته إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه " (2). (والله عزيز) يقدر على الانتقام ممن خالف الاحكام (حكيم) يشرعها لحكم ومصالح. (الطلق مرتان) " أي: التطليق الرجعي اثنتان، فإن الثالثة باين ". كذا ورد (3). سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أين الثالثة ؟ فقال: " فتسريح بإحسان " (4). (فإمساك بمعروف) بالمراجعة وحسن المعاشرة (أو تسريح بإحسن) بأن لا يراجعها أو يطلقها الثالثة بعد الرجعة (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن) من المهر (شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود الله) أي: فيما يلزمهما من وظايف الزوجية (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) نفسها. يعني: لا جناح عليه في الاخذ، ولا عليها في الاعطاء. ورد: " إذا قالت جملة: " لا أطيع لك أمرا " مفسرا أو غير مفسر، حل له ما أخذ منها وليس له عليها رجعة " (5). (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظلمون). (فإن طلقها) قال: " يعني: التطليقة الثالثة " (6). (فلا تحل له) يعني: تزويجها (من بعد): من بعد هذا الطلاق (حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها) الزوج الثاني (فلا جناح عليهما أن يتراجعا): يرجع كل منهما إلى الآخر بالزواج (إن ظنا أن يقيما

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 3: 279، الحديث: 1327، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر: 277، الحديث: 1314، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - راجع: البرهان 1: 221، الحديث: 2 و 4، والتبيان 2: 243، عن عروة وقتادة، ومعالم التنزيل (للبغوي) 1: 206، عن عروة بن الزبير، وجامع البيان (للطبري) 2: 277، عن السدي.

 4 - راجع: مجمع البيان 1 - 2: 329، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 5 - من لا يحضره الفقيه 3: 339، الحديث: 1633، عن أبي جعفر عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 330، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 110 ]

حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون). (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن): قاربن آخر عدتهن، فإن البلوغ قد يطلق على الدنو، كما يطلق على الوصول. والاجل يطلق على منتهى المدة، كما يطلق على المدة. (فأمسكوهن بمعروف): راجعوهن بما يجب لها من القيام بموجبها (1) من غير طلب ضرار بالمراجعة (أو سرحوهن بمعروف): خلوهن حتى تنقضي عدتهن، فيكن أملك بأنفسهن (ولا تمسكوهن ضرارا): ولا تراجعوهن إرادة الاضرار بهن من غير رغبة فيهن (لتعتدوا): لتظلموهن بتطويل المدة عليهن في حبالكم أو إلجائهن إلى الافتداء. ورد: " كان الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها، يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى الله عن ذلك " (2). (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) بتعريضها للعقاب. (ولا تتخذوا ءايت الله هزوا): لا تستخفوا بأوامره ونواهيه (واذكروا نعمت الله عليكم) بما أباحه لكم من الازواج والاموال (وما أنزل عليكم من الكتب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شئ عليم). (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن): انقضت عدتهن (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزوجهن إذا ترضوا بينهم بالمعروف): لا تمنعوهن ظلما. والعضل: الحبس والتضييق. كانوا لا يتركونهن يتزوجن من شئن، فنزلت. (ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الاخر ذلكم أزكى لكم): أنفع (وأطهر) من دنس الآثام (والله يعلم وأنتم لا تعلمون). (والولدت يرضعن أولدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود

___________________________

1 - في " ب " و " ج ": " بمواجبها ".

 2 - من لا يحضره الفقيه 3: 323، الحديث: 1567، والعياشي 1: 119، الحديث: 378، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 111 ]

له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار ولدة) زوجها (ولده): بسبب ولدها، بأن تترك إرضاعه تعنتا أو غيظا على أبيه وسيما بعد ما ألفها الولد، أو تطلب منه ما ليس بمعروف، أو تشغل قلبه في شأن الولد، أو تمنع نفسها منه خوف الحمل، لئلا يضر بالمرتضع. (ولا مولود له) أي: لا يضار المولود له أيضا امرأته (بولده): بسبب ولده، بأن ينزعه منها ويمنعها من إرضاعه إن أرادته، وسيما بعد ما ألفها، أو يكرهها عليه، أو يمنعها شيئا مما وجب عليه، أو يترك مواقعتها خوف الحمل إشفاقا على المرتضع. ورد المعنى الاخير في الموضعين في سبب النزول (1)، ولا يتفاوت المعنى على المعلوم والمجهول في " لاتضار " غير أنه يتعاكس على اللفظتين. وورد: " إذا طلق الرجل امرأته وهي حبلى، أنفق عليها حتى تضع حملها، وإذا وضعته أعطاها أجرها ولا يضارها، إلا أن يجد من هو أرخص أجرا منها، فإن هي رضيت بذلك الاجر فهي أحق بابنها حتى تفطمه " (2). (وعلى الوارث): " وارث المولود له بعد موته ". كذا ورد (3). (مثل ذلك) قال: " مثل ما على الوالد " (4). ورد: " إن أجر رضاع الصبي مما يرث من أبيه وأمه " (5). (فإن أرادا فصالا): فطاما عن الرضاع قبل الحولين (عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا) المراضع (أولدكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم) إلى المراضع) مآ ءاتيتم): ما أردتم إيتاءه إياهن وشرطتم لهن (بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير). (والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا

___________________________

1 - راجع: مجمع البيان 1 - 2: 335، عن الصادقين عليهما السلام.

 2 - الكافي 6: 103، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 335، والبيضاوي 1: 245.

 4 - العياشي 1: 121، الحديث: 383.

 5 - من لا يحضره الفقيه 3: 309، الحديث: 1487، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (*)

 

[ 112 ]

بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن) من التعرض للخطاب وساير ما حرم عليهن للعدة (بالمعروف والله بما تعملون خبير). (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) المعتدات، بأن يقول لها ما يوهم أنه يريد نكاحها، حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه، ولا يصرح بالنكاح. (أو أكننتم في أنفسكم): أو سترتم وأضمرتم في قلوبكم، فلم تذكروه بألسنتكم (علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا): خلوة، كأن يقول لها قبل انقضاء عدتها: أو اعدك بيت آل فلان. يريد أن يرغبها في نفسه في الخلوة. كانوا يتكلمون في الخلوة المواعد بها بما يستهجن، كالرفث أو التعريض به ونحو ذلك، فنهوا عن ذلك. كذا يستفاد مما ورد (1). (إلا أن تقولوا قولا معروفا): " بأن يعرض فيها بالخطبة على وجهها وحلها ولا يصرح بها ". كذا ورد (2). (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتب): ما كتب وفرض من العدة (أجله): منتهاه (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) من العزم على ما لا يجوز (فاحذروه واعلموا أن الله غفور) لمن عزم ولم يفعل (حليم) لا يعاجلكم بالعقوبة. (لا جناح عليكم): لا تبعة عليكم من مهر أو وزر (إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن): ما لم تجامعوهن (أو تفرضوا): إلا أن تفرضوا (لهن فريضة) أي: تسموا مهرا. وذلك أن المطلقة غير المدخول بها إن سمي لها مهر، فلها نصف المسمى، وإلا فليس لها إلا المتعة. كذا ورد (3). (ومتعوهن): أعطوهن من مالكم ما يتمتعن به (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره): مقداره الذي يطيقه (متعا بالمعروف): تمتعا

___________________________

1 - العياشي 1: 123، الحديث: 394، عن أبي عبد الله عليه السلام، والقمي 1: 77.

 2 - الكافي 5: 435، الحديث: 3، عن أبي الحسن عليه السلام.

 3 - الكافي 6: 106، الحديث: 3، ومن لا يحضره الفقيه 3: 326، الحديث: 1579، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 113 ]

بالوجه الذي يستحسنه الشرع والمروة (حقا على المحسنين). ورد: " إن الغني يمتع بدار أو خادم، والوسط يمتع بثوب، والفقير بدرهم أو خاتم " (1). وفي رواية: " نحو ما يمتع مثلها من النساء " (2). وورد: " يمتع قبل أن يطلق وأنها فريضة " (3). (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح). قال: " هو ولي أمرها " (4). وقال: " يعني الاب والذي توكله المرأة وتوليه أمرها، من أخ أو قرابة أو غيرهما " (5). وقال: " الولي يأخذ بعضا ويدع بعضا وليس له أن يدع كله " (6). (وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم): أن يتفضل بعضكم على بعض ولا يستقصي. ورد: " سيأتي زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك. ثم تلا هذه الآية " (7). (إن الله بما تعملون بصير). (حفظوا على الصلوت): داوموا عليها في مواقيتها بأداء أركانها. ورد: " لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس، فإذا ضيعهن تجرأ عليه، فأدخله في العظائم " (8). (والصلوة الوسطى) بينها خصوصا. قال: " هي صلاة الظهر، وهي وسط النهار ووسط صلاتين بالنهار " (9) وفي رواية: " هي الجمعة يوم الجمعة

___________________________

1 - من لا يحضره الفقيه 3: 327، الحديث: 1582.

 2 - التهذيب 8: 142، الحديث: 493، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - المصدر: 141، الحديث: 489 و 490، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 125، الحديث: 404، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - التهذيب 6: 215، الحديث: 507، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 125، الحديث: 407، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 45، الباب: 31، الحديث: 168، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه: " ولم يؤمن بذلك ".

 8 - الكافي 3: 269، الحديث: 8، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. و " ذعرا من المؤمن " أي: خائفا منه. والذعر - بالضم -: الخوف. و - بالتحريك -: الدهش من الحياء. لسان العرب 4: 306 (ذعر).

 9 - الكافي 3: 271، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 114 ]

والظهر ساير الايام " (1). وفي قراءتهم عليهم السلام: " والصلاة الوسطى وصلاة العصر " (2). (وقوموا لله) في الصلاة (قنتين). قال: " هو إقبال الرجل على صلاته ومحافظته، حتى لا يلهيه ولا يشغله عنها شئ " (3). وفي رواية: " مطيعين راغبين " (4). وفي أخرى: " هو الدعاء " (5). وورد: " نزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فقنت فيها " (6). (فإن خفتم) " من لص أو سبع أو غير ذلك ". كذا ورد (7). (فرجا لا أو ركبانا): فصلوا راجلين أو راكبين. قال: " يكبر ويؤمي إيماءا " (8). (فإذآ أمنتم فاذكروا الله): صلوا صلاة الامن أو اشكروه على الامن (كما علمكم): مثل ما علمكم أو شكرا يوازي تعليمكم (ما لم تكونوا تعلمون). (والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا وصية لازوجهم): يوصون وصية من قبل أن يحتضروا (متعا إلى الحول) بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولا كاملا، أي: ينفق عليهن من تركته (غير إخراج): ولا يخرجن من مساكنهن. ورد: " هي منسوخة، نسختها " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " (9)، ونسختها آية (10) الميراث " (11). أقول: يعني نسخت المدة بآية التربص، والنفقة بآية الميراث. وآية التربص وإن كانت متقدمة في التلاوة فهي متأخرة في النزول. (فإن خرجن) من منزل أزواجهن (فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 343، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 و 3 - القمي 1: 79، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 و 6 - العياشي 1: 127، الحديث: 416، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - المصدر: 128، الحديث: 420، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 و 8 - الكافي 3: 457، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - البقرة (2): 234.

 10 - النساء (4): 12.

 11 - العياشي 1: 129 الحديث: 426. (*)

 

[ 115 ]

معروف) كالتزين والتعرض للازواج (والله عزيز): يننقم ممن خالفه (حكيم): يراعي مصالحهم. (وللمطلقت متع بالمعروف حقا على المتقين). تعميم بعد ذكر بعض الافراد، وحمل على الاستحباب، لما ورد من اختصاص الوجوب بذلك (1). وورد: " إن متاعها بعد ما تنقضي عدتها، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره - قال: - وكيف يمتعها في عدتها ؟ وهي ترجوه ويرجوها ويحدث الله بينهما ما يشاء " (2). (كذلك يبين الله لكم ءايته لعلكم تعقلون): تفهمونها وتستعملون العقل فيها. (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديرهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحيهم). تعجيب وتقرير. ورد: " هم أهل مدينة من مدائن الشام وكانوا سبعين ألف بيت، هربوا من الطاعون، فمروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون، فنزلوا بها، فأماتهم الله من ساعتهم جميعا وصاروا رميما يلوح (3)، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: " حزقيل " فبكى واستعبر وقال: يا رب لو شئت لاحييتهم الساعة كما أمتهم، فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك. فأوحى الله إليه أن قل: كذا وكذا فقاله - وكان الاسم الاعظم - فعادوا أحياءا، ينظر بعضهم إلى بعض يسبحون الله ويكبرونه ويهللونه. فقال " حزقيل " عند ذلك: أشهد أن الله على كل شئ قدير " (4). هذا ملخص القصة. (إن الله لذو فضل على الناس) حيث يبصرهم ما يعتبرون به (ولكن أكثر الناس لا يشكرون): لا يعتبرون.

___________________________

1 - راجع: مجمع البيان 1 - 2: 345 - 346، ومن لا يحضره الفقيه 3: 328، الحديث: 1588، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكافي 6: 105، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - أي: يظهر للناس عظامهم المندرسة من غير جلدو لحم " مرآة العقول 26: 102 ".

 4 - الكافي 8: 198 - 199، الحديث: 237، عن الصادقين عليهما السلام. (*)

 

[ 116 ]

(وقتلوا في سبيل الله) فإن الفرار من الموت غير مخلص عنه (واعلموا أن الله سميع) لما يقوله المخلفون والسابقون (عليم) بما يضمرونه. (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا): مقرونا بالاخلاص من حلال طيب (فيضعفه له أضعافا كثيرة) لا يقدرها إلا الله. ورد: " لما نزلت " من جاء بالحسنة فله خير منها " (1)، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم زدني، فأنزل الله: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: زدني فنزلت. فعلم أن الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى " (3). (والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون) قال: " يمنع ويوسع " (4). أقول: يعني فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم. ورد: " إنها نزلت في صلة الامام " (5). (ألم تر إلى الملا من بنى إسرءيل من بعد موسى إذ قالوا لنبى لهم) قال: " هو إشموئيل، وهو بالعربية إسماعيل " (6). (ابعث لنا ملكا نقتل في سبيل الله). قال: " كان الملك في ذلك الزمان هو الذي يسير بالجنود، والنبي يقيم له أمره وينبئه بالخبر من عند ربه " (7). (قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقتلوا): أن تجبنوا ولا تفوا (قالوا وما لنآ ألا نقتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديرنا وابنائنا) بالسبي والقهر على نواحينا (فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظلمين). تهديد لمن تولى. (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا

___________________________

1 - النمل (27): 89.

 2 - الانعام (6): 160.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 349، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - التوحيد: 161، الباب: 17، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - من لا يحضره الفقيه 2: 42، الحديث: 189، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 350، عن أبي جعفر عليه السلام.

 7 - العياشي 1: 132، الحديث: 437، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 117 ]

ونحن أحق بالملك منه) وراثة ومكنة (ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفه عليكم وزاده بسطة): فضيلة وسعة (في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشآء والله وسع) يوسع على الفقير ويغنيه (عليم) بمن يليق بالملك. (وقال لهم نبيهم إن ءاية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة): أمنة وطمأنينة (من ربكم وبقية مما ترك ءال موسى وءال هرون تحمله الملئكة إن في ذلك لاية لكم إن كنتم مؤمنين). ورد: " إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم، وكان فيهم نبي ينهاهم فلم يطيعوه، فسلط الله عليهم جالوت، وهو من القبط، فأذاهم (1) وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم واستعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيهم وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله. وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت، والملك والسلطان في بيت آخر، لم يجمع الله النبوة والملك في بيت. كانت النبوة في ولد " لاوي " والملك في ولد " يوسف " وكان طالوت من ولد " بن يامين " أخي يوسف لامه، ولم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة، وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم، إلا أنه كان فقيرا، فعابوه بالفقر. وكان التابوت الذي أنزل الله على موسى، فوضعته فيه أمه، فألقته في اليم وكان في بني إسرائيل يتبركون به (2). فلما حضر موسى الوفاة، وضع فيه الالواح [ ودرعه ] (3) وما كان عنده من آيات النبوة و أودعه يوشع وصيه، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف مادام التابوت

___________________________

1 - في المصدر: " فأذلهم ".

 2 - في المصدر: " فكان في بني إسرائيل معظما يتبركون به ".

 3 - ما بين المعقوفتين ليس في المصدر. (*)

 

[ 118 ]

بينهم. فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم. فلما سألوا النبي وبعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل معهم، رد الله عليهم التابوت " (1). وقال: " السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان. وكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفار، فإن تقدم التابوت رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب، ومن رجع عن التابوت كفر وقتله الامام " (2). وقال: " والبقية رضراض الالواح فيها العلم والحكمة " (3). وفي رواية: " وعصا موسى " (4). وفي أخرى: " والطست الذي يغسل فيه قلوب الانبياء " (5). وقد مر لها معنى أعم من ذلك كله. (فلما فصل طالوت بالجنود): انفصل بهم عن بلده (قال إن الله مبتليكم): مختبركم (بنهر فمن شرب منه فليس منى) قال: " فليس من حزب الله " (6). (ومن لم يطعمه): لم يذقه (فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده). استثناء من قوله: " فمن شرب منه " ومعناه: الرخصة في اغتراف الغرفة باليد. قال: " لما وردوا النهر، أطلق الله لهم أن يغترف كل واحد منهم غرفة " (7). (فشربوا منه إلا قليلا منهم) قال: " إلا ثلثمأة وثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف ومنهم من لم يشرب " (8). وفي رواية: " القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا

___________________________

(1) القمي 1: 81 - 82: عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - المصدر: 82، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 3 - الكافي 8: 317، الحديث: 500، والعياشي 1: 133، الحديث: 440، عن أبي جعفر عليه السلام. والرضراض: الفتات، من رضرضه إذا كسره وفرقه ورضراض الالواح: مكسوراتها. " منه قدس سره في الصافي 1: 253 ". وفي العياشي: " رضاض " وهي بمعناه.

 4 - مجمع البيان 1 - 2: 353، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - العياشي 1: 133، الحديث: 442، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، وفيه: " الطست التي تغسل فيها قلوب الانبياء ".

 6 و 7 - القمي 1: 83، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 8 - العياشي 1: 134، الحديث: 443، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 119 ]

ثلثمأة وثلاثة عشر " (1). قال: " وكان الذين شربوا منه ستين ألفا " (2). وروي: " أن من اقتصر على الغرفة كفته لشربه وإداوته، ومن لم يقتصر غلب عطشه واسودت شفته ولم يقدر أن يمضي. وهكذا الدنيا لقاصد الآخرة " (3). (فلما جاوزه هو): تخطى النهر طالوت (والذين ءامنوا معه) يعني: القليل من أصحابه، ورأوا كثرة عدد جنود جالوت (قالوا): قال الذين اغترفوا: (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون): يتيقنون (أنهم ملقوا الله) وهم الذين لم يغترفوا: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصبرين). (ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكفرين). (فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وءاته الله الملك والحكمة وعلمه مما يشآء). ورد: " أوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يسوى (4) عليه درع موسى، وهو رجل من ولد " لاوي بن يعقوب " اسمه: " داود بن آسي ". قال: فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى، فاستوت عليه. وقتل داود جالوت واجتمعت بنو إسرائيل على داود، وأنزل الله عليه الزبور، وعلمه صنعة الحديد ولينه له " (5). (ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض) قال: " بدفع الهلاك بالبر عن الفاجر " (6). (لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العلمين). ورد: " إن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من

___________________________

1 - القمي 1: 83، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.

 3 - البيضاوي 1: 255. والاداوة - بالكسر - إناء صغير من جلد يتخذ للماء. وإداوة الشئ وأداوته: آلته. لسان العرب 14: 25 (أدا).

 4 - في المصدر: " من يستوي ".

 5 - راجع: القمي 1: 82، والعياشي 1: 135، الحديث: 445، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - مجمع البيان 1 - 2: 357، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (*)

 

[ 120 ]

شيعتنا، ولو اجتمعوا على ترك الصلاة لهلكوا. ثم ذكر الزكاة والحج، ثم تلا هذه الآية وقال: فو الله ما نزلت إلا فيكم ولا عني بها غيركم " (1). (تلك ءايت الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين). (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجت وءاتينا عيسى ابن مريم البينت وأدينه بروح القدس ولو شآء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاء تهم البينت ولكن اختلفوا فمنهم من ءامن ومنهم من كفر ولو شآء الله ما اقتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) منن الحذ لان والعصمة عدلا وفضلا. (يأيها الذين ءامنوا أنفقوا مما رزقتكم من قبل أن يأتي يوم) لا تقدرون على تدارك ما فرطتم. ولعل المراد به يوم الموت، كما مر في قوله: " واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا " (2). وذلك لان الشفاعة ثابتة يوم القيامة. (لا بيع فيه) فتتحصلون ما تنفقونه أو تفتدون (3) به من العذاب. (ولاخلد) حتى تعينكم عليه أخلاؤكم أو يسامحونكم به (ولا شفعة) حتى تتكلوا على شفعاء يشفعون لكم في حط ما في ذممكم (4) (والكفرون هم الظلمون)، حيث بلغ ظلمهم بأنفسهم الغاية. (الله لا إله إلا هو): هو المستحق للعبادة لا غير (الحى): العليم القدير (القيوم): الدائم القيام بتدبير الخلق. وحفظه (لا تأخذه سنة): نعاس (ولا نوم) بالطريق الاولى. وهو تأكيد للنوم المنفي ضمنا. والجملة نفي للتشبيه، وتأكيد لكونه حيا قيوما. (له ما في السموت وما في الارض): يملكهما ويملك تدبيرهما.

___________________________

1 - العياشي 1: 135، الحديث: 446، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 2 - في ذيل الآية: 48.

 3 - في " الف ": " وتفتدون ".

 4 - في " ج ": " ذمتكم ". (*)

 

[ 121 ]

تأكيد لقيوميته واحتجاج على تفرده بالالوهية. (من ذاالذى يشفع عنده إلا بإذنه). بيان لكبرياء شأنه وأنه لا أحد يساويه أو يدانيه، يستقل بأن يدفع ما يريده شفاعة واستكانة، فضلا أن يعاوقه عناد أو مناصبة. (يعلم ما بين أيديهم) قال: " ما كان " (1). (وما خلفهم) قال: " وما لم يكن بعد " (2). (ولا يحيطون بشئ من علمه): من معلوماته بأن يعلموه كما هو (إلا بما شآء) القمي: " إلا بما يوحي إليهم " (3). (وسع كرسيه السموت والارض) قال: " علمه " (4). وفي رواية: " العرش هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا منهم " (5). وفي أخرى: " العرش في وجه هو جملة الخلق، والكرسي وعاؤه " (6). (ولا يؤده): ولا يثقله (حفظهما): حفظه إياهما (وهو العلى) عن الانداد والاشباه (العظيم): المستحقر بالاضافة إليه كل ما سواه. (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى): تميز الايمان من الكفر، واتضح أن الايمان رشد يوصل إلى السعادة الابدية، وأن الكفر غي يؤدي إلى الشقاوة السرمدية، فلا حاجة إلى الاكراه. أو إخبار في معنى النهي، مختص بأهل الكتاب، إذا أدوا الجزية. ورد: " لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان الله بولاية إمام عادل من الله " (7). وعلى هذا يكون المعنى: لا إكراه في التشيع. فهو إخبار في معنى النهي من دون تخصيص. (فمن يكفر بالطغوت) قال: " الشيطان " (8). وفي رواية: " كل ما عبد من دون الله

___________________________

1، 2 و 3 - القمي 1: 84، عن الرضا عليه السلام.

 4 - التوحيد: 327، الباب: 52، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 و 6 - معاني الاخبار: 29، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - الكافي 1: 375، الحديث: 7، والعياشي 1: 138، الحديث: 460، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - مجمع البيان 1 - 2: 364، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 122 ]

من صنم أو صاد عن سبيل الله " (1). (ويؤمن بالله) وحده (فقد استمسك بالعروة الوثقى). قال: " هي الايمان بالله وحده لا شريك له " (2). وفي رواية: " هي مودتنا أهل البيت " (3). (لا انفصام لها): لا انقطاع لها (والله سميع) بالاقوال (عليم) بالنيات. (الله ولى الذين ءامنوا): متولي أمورهم (يخرجهم من الظلمت) قال: " ظلمات الذنوب " (4). (إلى النور) قال: " نور التوبة والمغفرة، لولايتهم كل إمام عادل من الله " (5). (والذين كفروا أولياؤهم الطغوت يخرجونهم من النور) قال: " نور الاسلام الذي كانوا عليه " (6). (إلى الظلمت) قال: " ظلمات الكفر، لولايتهم كل إمام جائر ليس من الله، فأوجب الله لهم النار مع الكفار " (7). قال: " وذلك لان الكافر لا نور له حتى يخرج منه " (8). (أولئك أصحب النارهم فيها خلدون). (ألم تر إلى الذى حاج إبرهم في ربه). تعجيب من محاجة نمرود وحماقته. (أن ءاته الله الملك): لان آتاه: أي: أبطر (9) إيتاؤه الملك وحمله على المحاجة، أو المراد وضع المحاجة موضع الشكر على إيتائه الملك. (إذ قال إبرهم ربى الذى يحى ويميت قال أنا أحى وأميت) بالعفو عن القتل والقتل. ورد: " إن ابراهيم قال له: أحي من قتلته إن كنت صادقا " (10). وكان ذلك بعد إلقائه إياه في النار. (قال إبرهم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب). عدل إلى مثال أجلى، دفعا للمشاغبة (11). (فبهت الذى كفر): فصار مبهوتا، وعلى قراءة المعلوم:

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 364، عن أبي عبد الله عليه السلام، والبيضاوي 1: 260، والدر المنثور 2: 22.

 2 - الكافي 2: 14، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - نور الثقلين 1: 263، الحديث: 1054، عن أبي جعفر عليه السلام.

 4 إلى 8 - العياشي 1: 138، الحديث: 460، والكافي 1: 375، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 9 - أبطره: أدهشه وجعله بطرا والبطر: سوء احتمال الغنى والطغيان عند النعمة. القاموس المحيط 1: 388، ومجمع البحرين 3: 226 (بطر).

 10 - مجمع البيان 1 - 2: 367، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 11 - المشاغبة: المخاصمة. مجمع البحرين 2: 91 (شغب). (*)

 

[ 123 ]

فغلبه. والقمي: أي انقطع، وذلك أنه علم أن الشمس أقدم منه (1). (والله لا يهدى) بمحجة (2) المحاجة وسبيل النجاة وطريق الجنة (القوم الظلمين) الذين ظلموا أنفسهم بالامتناع عن قبول الهداية. ورد: " خالف إبراهيم قومه وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمهم " (3). (أو كالذى مر على قرية) قال: " هو إرميا النبي " (4). وفي رواية: " عزير " (5). (وهى خاوية على عروشها): " ساقطة حيطانها على سقوفها، وأهلها موتى، والسباع تأكل الجيف، ففكر في نفسه ساعة ". كذا ورد (6). (قال أنى يحى هذه الله بعد موتها): كيف يحيي ؟، أو متى يحيي ؟ اعترافا بالعجز عن معرفة طريق الاحياء، واستعظاما لقدرة المحيي. أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد بصيرة. (فأماته الله مائة عام ثم بعثه): أحياه. (قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم). ورد: " إنه أماته غدوة وبعثه عشية قبل الغروب، وكان أول ما أحيا الله منه عينيه في مثل غرقى البيض، ثم أوحى إليه: " كم لبثت " قال: " لبثت يوما " فلما أن نظر إلى الشمس لم تغب، قال: " أو بعض يوم " (7). (قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه): لم يتغير بمرور السنين. (وانظر إلى حمارك) قال: " كيف تفرقت عظامه ونخرت وتفتتت " (8). (ولنجعلك ءاية للناس) أي: وفعلنا ذلك لنجعلك آية، قال: " حجة " (9). (وانظر

___________________________

1 - القمي 1: 86.

 2 - في " ألف " و " ج ": " لمحجة ".

 3 - العياشي 1: 139، الحديث: 464، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - مجمع البيان 1 - 2: 370، عن أبي جعفر عليه السلام، والقمي 1: 86، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - مجمع البيان 1 - 2: 370، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - راجع: القمي 1: 90، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 7 - العياشي 1: 141، الحديث: 466، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - جوامع الجامع 1: 142. والتفتت: التكسر. لسان العرب 2: 65، ومجمع البحرين 2: 212 (فتت).

 9 - كمال الدين 1: 30. (*)

 

[ 124 ]

إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما). قال: " كيف نرفع بعضها إلى بعض " (1). " فجعل ينظر إلى عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض ويرى العروق كيف تجري " (2). (فلما تبين له) ما تبين (قال أعلم) قال: " فلما استوى قائما قال: أعلم " (3). (أن الله على كل شئ قدير). وفي رواية: " فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفطرة تجتمع إليه، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من هاهنا وهاهنا، ويلتزق بها حتى قام وقام حماره، فقال: " أعلم أن الله على كل شئ قدير " " (4). (وإذ قال إبرهم رب أرنى كيف تحى الموتى). ورد: " لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والارض، التفت فرآى جيفة على ساحل البحر نصفها في الماء ونصفها في البر، تجئ سباع البحر فتأكل ما في الماء، ثم ترجع فيشد (5) بعضها على بعض، فيأكل بعضها بعضا، وتجئ سباع البر فتأكل منها، فيشد بعضها على بعض، فيأكل بعضها بعضا. فعند ذلك تعجب إبراهيم مما رآى وقال: " رب أرني كيف تحيي الموتى " ؟ قال: كيف تخرج ما تناسل التي أكل بعضها بعضا ؟ " (6). (قال أولم تؤمن) بأني قادر على الاحياء ؟ قال له ذلك ليجيب بما أجاب، فيعلم السامعون غرضه. (قال بلى ولكن ليطمئن قلبى) قال: " يعني حتى أرى هذا كما رأيت الاشياء كلها " (7). ورد: " كان على يقين ولكنه أراد من الله الزيادة في يقينه " (8). وفي رواية: " إن الله أوحى إليه أني متخذ من

___________________________

1 - جوامع الجامع 1: 143.

 2 و 3 - العياشي 1: 141، الحديث: 466، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - القمي 1: 90 - 91، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 - الشد - بالفتح -: الحملة في الحرب. القاموس المحيط 1: 316 (شد).

 6 و 7 - الكافي 8: 305، الحديث: 473، والعياشي 1: 142، الحديث: 469 عن أبي عبد الله عليه السلام.

 8 - المحاسن (للبرقي): 247، الباب: 29، الحديث: 249، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. (*)

 

[ 125 ]

عبادي خليلا، إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفسه أن ذلك الخليل، فقال: " رب أرني كيف تحيي الموتى ؟ قال: أولم تؤمن ؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي " على الخلة " (1). (قال فخذ أربعة من الطير فصرهن): أملهن واضممهن (إليك) لتتأملها وتعرف شأنها، لئلا يلتبس عليك بعد الاحياء (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا) قال: " فقطعهن وأخلطهن، كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضا فخلط " (2)، الحديث. وفي رواية: " فأخذ نسرا وبطا وطاووسا وديكا، فقطعهن وخلطهن، ثم جعل على كل جبل من الجبال - التي كانت حوله وكانت عشرة - منهن جزءا، وجعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن، ووضع عنده حبا وماءا، فتطايرت تلك الاجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الابدان، وجاء كل بدن حتى انظم إلى رقبته ورأسه، فخلى إبراهيم عن مناقيرهن فطرن، ثم وقعن فشربن من ذلك الماء، والتقطن من ذلك الحب وقلن: يا نبي الله أحييتنا، أحياك الله، فقال إبراهيم: بل الله يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير " (3). وفي تعيين الطيور أخبار أخر (4). (واعلم أن الله عزيز) لا يعجز عما يريده (حكيم) في كل ما يفعله ويذره. (مثل الذين ينفقون أمولهم في سبيل الله كمثل حبة): باذر حبة (أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضعف لمن يشآء) قال: " لمن أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله " (5). وورد: " إذا أحسن العبد المؤمن عمله، ضاعف الله له عمله بكل حسنة

___________________________

1 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 198، الباب: 15، الحديث: 1.

 2 - الكافي 8: 305، الحديث: 473، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 198، الباب: 15، الحديث: 1.

 4 - راجع: العياشي 1: 142، الحديث: 470 و 471، ومجمع البيان 1 - 2: 373، والقمي 1: 91.

 5 - القمي 1: 92، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 126 ]

سبعمأة ضعف وذلك قول الله: " والله يضاعف لمن يشاء " (1). (والله وسع) لا يضيق عليه ما يتفضل به من الزيادة (عليم) بنية المنفق وقدر إنفاقه. (الذين ينفقون أمولهم في سبيل الله ثم لا يتبعون مآ أنفقوا منا ولا أذى). المن: الاعتداد بالاحسان على من أحسن إليه. والاذى: التطاول عليه بما أنعم عليه. (لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). (قول معروف): رد جميل (ومغفرة): تجاوز عن السائل أو مغفرة من الله (خير من صدقة بتبعهآ أذى والله غنى) عن صدقة المان والموذي (حليم) لا يعاجله بالعقوبة. (يأيها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقتكم بالمن والاذى). قال: " نزلت في عثمان وجرت في معاوية وأتباعهما " (2). (كالذى): كإبطال المنافق الذي (ينفق ماله رئآء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الاخر): لا يريد به رضا الله ولا ثواب الآخرة (فمثله) في إنفاقه (كمثل صفوان): حجر أملس (عليه تراب فأصايه وابل): مطر عظيم القطر (فتركه صلدا): نقيا من التراب (لا يقدرون على شئ مما كسبوا): لا ينتفعون بما فعلوه ولا يجدون ثوابه (والله لا يهدى القوم الكفرين) إلى الخير والرشاد. (ومثل الذين ينفقون أمولهم ابتغآء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم) القمي: " عن المن والاذى " (3). أقول: يعني ويوطنون أنفسهم على حفظه مما يفسده من المن والاذى والرياء، بعد ابتغائهم به مرضاة الله. ورد: " إنها نزلت في علي عليه السلام " (4).

___________________________

1 - العياشي 1: 146، الحديث: 478، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر 1: 147، الحديث: 482، عن الصادقين عليهما السلام.

 3 - القمي 1: 91، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 148، الحديث: 485، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 127 ]

(كمثل جنة) أي: مثل نفقتهم في الزكاء كمثل بستان (بربوة): في موضع مرتفع (أصابها وابل فاتت أكلها): ثمرتها (ضعفين): مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل. قال: " يتضاعف ثمرها كما يتضاعف أجر من أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله " (1). (فإن لم يصبها وابل فطل): فمطر صغير القطر يكفيها لكرم منبتها. والطل يقال لما يقع بالليل على الشجر والنبات. والمعنى أن نفقات هؤلاء زاكية عند الله لا تضيع بحال، وإن كانت تتفاوت باعتبار ما ينضم إليها من الاحوال. (والله بما تعملون بصير) من الاخلاص والرياء. (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجرى من تحتها الانهر له فيها من كل الثمرت وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار): ريح عاصف تنعكس من الارض إلى السماء، مستديرة كعمود (فيه نار فاحترقت). قال: " من أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله ثم امتن على من تصدق عليه، كان كمن قال الله: " أيود أحدكم " قال: الاعصار: الريح، فمن امتن على من تصدق عليه كان كمن كان له جنة كثيرة الثمار، وهو شيخ ضعيف له أولاد ضعفاء، فتجئ ريح أو نار فتحرق ماله كله " (2). (كذلك يبين الله لكم الايت لعلكم تتفكرون) فيها فتعتبرون بها. (يأيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبت ما كسبتم): من حلاله وجياده (ومما أخرجنا لكم من الارض): ومن طيبات ما أخرجنا لكم من الحبوب والثمار والمعادن. قال: " كان القوم قد كسبوا مكاسب (3) في الجاهلية، فلما أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدقوا بها، فأبى الله إلا أن يخرجوا من طيب ما كسبوا " (4). (ولا تيمموا

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 378، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - القمي 1: 92، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - في المصدر: " مكاسب سوء ".

 4 - الكافي 4: 48، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " من أطيب ما كسبوا ". (*)

 

[ 128 ]

الخبيث): ولا تقصدوا الردي (منه تنفقون ولستم باخذيه): وحالكم أنكم لا تأخذونه في حقوقكم لرداءته: (إلا أن تغمضوا فيه): إلا أن تتسامحوا فيه. ورد: " إنها نزلت في قوم كانوا يأتون بردي التمر، فيدخلونه في تمر الصدقة " (1). (واعلموا أن الله غنى) عن إنفاقكم، وإنما أمركم به لانتفاعكم (حميد) بقبوله وإثابته. (الشيطن يعدكم الفقر) في الانفاق في وجوه البر، وفي إنفاق الجيد من المال (ويأمركم بالفحشاء) ويغريكم على البخل، ومنع الزكوات إغراء الآمر للمأمور. والعرب تسمى البخيل فاحشا. (والله يعدكم) في الانفاق (مغفرة منه) لذنوبكم وكفارة لها (وفضلا): وخلفا أفضل مما أنفقتم في الدنيا والآخرة (والله وسع): واسع الفضل لمن أنفق (عليم) بإنفاقه. (يؤتى الحكمة من يشآء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا). الحكمة تحقيق العلم وإتقان العمل. وفي رواية: " طاعة الله ومعرفة الامام " (2). وفي أخرى: " معرفة الامام واجتناب الكبائر التي أوجب [ الله ] (3) عليها النار " (4). وفي أخرى: " المعرفة والفقه في الدين - قال: - فمن فقه منكم فهو حكيم " (5). وفي أخرى: " الحكمة ضياء المعرفة وميراث التقوى وثمرة الصدق، ولو قلت: ما أنعم الله على عباده بنعمة أنعم وأعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة لقلت، ثم تلا هذه الآية " (6). أقول: والكل يرجع إلى ما فسرناها به أولا. (وما يذكر إلا أولوا الالبب): ذووا العقول الخالصة عن شوائب الوهم. وفي

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 380، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه: " يأتون بالحشف ".

 2 - الكافي 1: 185، الحديث: 11، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - الزيادة من المصدر و " ب ".

 4 - العياشي 1: 151، الحديث: 497، عن أبي جعفر عليه السلام.

 5 - المصدر، الحديث: 498، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " التفقه في الدين ".

 6 - مصباح الشريعة: 198، الباب: 95، في الحكمة، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " للقلب ". (*)

 

[ 129 ]

الرواية الاخيرة قال: " أي: لا يعلم ما أودعت وهيأت في الحكمة إلا من استخلصته لنفسي وخصصته بها. والحكمة هي الكتاب (1)، وصفة الحكيم الثبات عند أوايل الامور، والوقوف عند عواقبها وهو هادي خلق الله إلى الله " (2). وفي أخرى: " ما من بيت ليس فيه شئ من الحكمة إلا كان خرابا. ألا فتفقهوا وتعلموا ولا تموتوا جهلاء " (3). (وما أنفقتم من نفقة) قليلة أو كثيرة، سر أو علانية، في حق أو باطل (أونذرتم من نذر) في طاعة أو معصية (فإن الله يعلمه) فيجازيكم عليه (وما للظلمين) الذين ينفقون في المعاصي وينذرون فيها أو يمنعون الصدقات ولا يوفون بالنذور (من أنصار): من ينصرهم من الله ويمنع عنهم العقاب. (إن تبدوا الصدقت) قال: " يعني الزكاة المفروضة " (4). (فنعما هي): فنعم شيئا إبداؤها (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) قال: " يعني النافلة، إنهم كانوا يستحبون إظهار الفرائض وكتمان النوافل " (6). (ويكفر عنكم من سيئاتكم و الله بما تعملون خبير). ترغيب في الاخفاء ومجانبة الرياء. (ليس عليك هدهم ولكن الله يهدى من يشآء وما تنفقوا من خير): من مال (فلا نفسكم) فلا تمنوا به على من تنفقونه عليه ولا تؤذوه (وما تنفقون إلا ابتغآء وجه الله): إلا لطلب ما عنده. فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يتوجه بمثله إلى الله ؟ (وما تنفقوا من خير يوف إليكم) ثوابه أضعافا مضاعفة (وأنتم لا تظلمون): لا تنقصون ثواب نفقتكم. (للفقراء): اعمدوا للفقراء (الذين أحصروا في سبيل الله) أحصرهم الجهاد

___________________________

1 - في المصدر: " النجاة "، وفي بعض النسخ: " الكتاب ".

 2 - مصباح الشريعة: 198، الباب: 95، في الحكمة، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 382، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 4 و 6 - الكافي 4: 60، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام. (*)

 

[ 130 ]

(لا يستطيعون) لاشتغالهم به (ضربا في الارض): ذهابا فيها للكسب. ورد: " إنها نزلت في أصحاب الصفة " (1). قيل: كانوا نحوا من أربع مائة من فقراء المهاجرين، يسكنون صفة المسجد، يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والعبادة وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2). (يحسبهم الجاهل) بحالهم (أغنياء من التعفف): من أجل تعففهم عن السؤال (تعرفهم بسيمهم) من صفرة الوجه ورثاثة الحال (لا يسئلون الناس إلحافا): إلحاحا، وهو أن يلازم المسئول حتى يعطيه (وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم). (الذين ينفقون أمولهم باليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم ولاهم يحزنون). قال: " نزلت في علي عليه السلام، كانت معه أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا، وبدرهم علانية " (3). وفي رواية " نزلت في النفقة على الخيل " (4). ولا منافاة بينهما. وورد: " إنها ليست من الزكاة " (5). (الذين يأكلون الربوا لا يقومون) إذا بعثوا من قبورهم (إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطن): إلا كقيام المصروع (من المس) أي: الجنون (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربوا): قاسوا أحدهما بالآخر (وأحل الله البيع وحرم الربوا). إنكار لتسويتهم وإبطال للقياس. (فمن جاءه موعظة من ربه) قال: " الموعظة: التوبة " (6). (فانتهى):

___________________________

1 - مجمع البيان 1 - 2: 387، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - الكشاف 1: 398، ومجمع البيان 1 - 2: 387.

 3 - مجمع البيان 1 - 2: 388، عن الصادقين عليهما السلام، والعياشي 1: 151، الحديث: 502، عن أبي إسحاق.

 4 - من لا يحضره الفقيه 2: 188، الحديث: 852، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 5 - العياشي 1: 151، الحديث: 501، والكافي 3: 499، الحديث: 9، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 152، الحديث: 505، عن أبي عبد الله عليه السلام، والكافي 2: 432، الحديث: 2، عن أحدهما عليهما السلام. (*)

 

[ 131 ]

فاتعظ وامتنع منه (فله ما سلف): لا يؤاخذ بما مضى منه ولا يسترد منه. قال: " كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا، فإنه يقبل منهم، إذا عرف منهم التوبة " (1). (وأمره إلى الله) يحكم في شأنه (ومن عاد) بعد ما تبين له تحريمه مستخفا به. سئل: الرجل يأكل الربا وهو يرى أنه حلال ؟ قال: " لا يضره حتى يصيبه متعمدا " (2). (فأولئك أصحب النارهم فيها خلدون). (يمحق الله الربوا): يذهب بركته ويهلك المال الذي يدخل فيه. (ويربى الصدقت): يضاعف ثوابها. ورد: " ليس شئ إلا وقد وكل به ملك غير الصدقة، فإن الله يأخذه بيده ويربيه (3) كما يربي أحدكم ولده حتى تلقاه يوم القيامة وهي مثل أحد " (4). (والله لا يحب كل كفار): مصر على تحليل المحرمات (أثيم): منهمك في ارتكابه. (إن الذين ءامنوا وعملوا الصلحت وأقاموا الصلوة وءاتوا الزكوة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربوا): واتركوا بقايا ما شرطتم على الناس منه (إن كنتم مؤمنين). (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله): فأعلموا بها. ورد: " درهم ربا أشد عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم " (5). (وإن تبتم فلكم رءوس أمولكم لا تظلمون) المديونين بأخذ الزيادة (ولا تظلمون) بالمطل (6) والنقصان منها.

___________________________

1 - الكافي 5: 145، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 2 - المصدر: 144، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. وفيه: " أنه له حلال ".

 3 - كذا في جميع النسخ والمصدر، ولعل الاصح: " يأخذها بيده ويربيها ".

 4 - العياشي 1: 153، الحديث: 510، والبحار 93: 127، عن أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 5 - الكافي 5: 144، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 6 - المطل: التسوف بالعدة والدين. القاموس المحيط 4: 52 (مطل). (*)

 

[ 132 ]

(وإن كان ذو عسرة): إن وقع في غرمائكم ذو إعسار (فنظرة إلى ميسرة): فإنظار إلى وقت يسار (وأن تصدقوا) بالابراء (خير لكم): أكثر ثوابا من الانظار (إن كنتم تعلمون) قال: " إن كنتم تعلمون أنه معسر فتصدقوا عليه بمالكم عليه " (1). ورد: " من أنظر معسرا كان له على الله في كل يوم صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه " (2). (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله): تأهبوا لمصيركم إليه (ثم توفى كل نفس ما كسبت) من خير أو شر (وهم لا يظلمون) بنقص ثواب أو تضعيف عقاب. (يأيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين): إذا تعاملتم نسيئة (إلى أجل مسمى): معلوم (فاكتبوه) لانه أوثق وأدفع للنزاع (وليكتب بينكم كاتب بالعدل) لا يزيد على ما يجب ولا ينقص (ولايأب كاتب أن يكتب كما علمه الله) الكتابة (فليكتب وليملك الذى عليه الحق) لانه المقر المشهود عليه. والاملال: الاملاء. (وليتق الله ربه ولا يبخس منه): ولا ينقص من الحق (شيئا فإن كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا). قال: " السفيه هو الذي يشتري الدرهم بأضعافه، والضعيف: الابله " (3). وفي رواية: " السفيه: شارب الخمر، والضعيف: الذي يأخذ واحدا باثنين " (4). وفي أخرى: " ضعيفا في بدنه لا يقدر أن يمل، أو ضعيفا في فهمه وعلمه لا يقدر أن يمل ويميز الالفاظ التي هي عدل عليه وله من الالفاظ التي هي جور عليه أو على حميمه " (5). (أو لا يستطيع أن يمل هو) قال: " بأن يكون مشغولا في مرمة لمعاش أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم، فإن تلك الاشغال التي لا ينبغي للعاقل أن يشرع في غيرها " (6). (فليملل وليه)

___________________________

1 و 2 - الكافي 4: 35، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 3 - التهذيب 9: 182، الحديث: 731، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - العياشي 1: 155، الحديث: 521، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 5 و 6 - تفسير الامام عليه السلام: 634، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (*)

 

[ 133 ]

قال: " يعني النائب عنه والقيم بأمره " (1). (بالعدل). قال: " أن لا يحيف على المكتوب له ولا على المكتوب عليه " (2). (واستشهدوا شهيدين من رجالكم): المسلمين (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء). قال: " يعني ممن ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقظه فيما يشهد به وتحصيله وتمييزه، فما كل صالح مميز، ولا محصل، ولا كل محصل مميز صالح " (3). (أن تضل إحدهما) بأن تنساها. من قولهم: " ضل الطريق ": إذا لم يهتد. (فتذكر إحدهما الاخرى). قال: " إذا ضلت إحداهما عن الشهادة ونسيتها ذكرتها الاخرى، فاستقامتا في أداء الشهادة " (4). ورد: " عدل الله شهادة امرأتين بشهادة رجل، لنقصان عقولهن ودينهن " (5). (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا). قال: " إذا دعاك الرجل تشهد له على دين أو حق لم ينبغ لك أن تقاعس عنه " (6). وفي رواية: " هي قبل الشهادة ومن يكتمها بعد الشهادة " (7). (ولا تسئموا): ولا تملوا (أن تكتبوه صغيرا) كان الحق (أو كبيرا إلى أجله): إلى وقت حلوله الذي أقربه المديون. (ذلكم أقسط عند الله): أعدل (وأقوم للشهدة: وأثبت لها وأعون على إقامتها (وأدنى ألا ترتابوا): وأقرب في أن لا تشكوا في جنس الدين وقدره وأجله وشهدائه (إلا أن تكون تجرة حاضرة تديرونها بينكم): تتبايعون يدا بيد. (فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد).

___________________________

1 و 2 - تفسير الامام عليه السلام: 634، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 3 - المصدر: 672، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 4 و 5 - المصدر: 675، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 6 - العياشي 1: 156، الحديث: 523، عن أبي الحسن موسى عليه السلام، مع تفاوت يسير.

 7 - المصدر، الحديث: 526 و 527، عن أبي عبد الله عليه السلام. (*)

 

[ 134 ]

يحتمل البناءين. وهو نهي لهما عن ترك الاجابة والتحريف والتغيير في الكتابة والشهادة، أو نهي عن الضرار بهما، مثل أن يعجلا عن مهم، ويكلفا الخروج عما حد لهما، أو لا يعطى الكاتب جعلة والشهيد مؤنة مجيئه حيث كان. (وإن تفعلوا) الضرار وما نهيتم عنه (فإنه فسوق بكم): خروج عن الطاعة لاحق بكم. (واتقوا الله) في مخالفة أمره ونهيه (ويعلمكم الله) أحكامه المتضمنة لمصالحكم (والله بكل شئ عليم). كرر لفظة " الله " في الجمل الثلاث لاستقلالها. (وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهن): فالذي يستوثق به رهان. وهي جمع رهن. (مقبوضة). قال: " لا رهن إلا مقبوضا " (1). أقول: لا يختص الارتهان بالسفر، ولكن السفر لما كان مظنة لاعواز الكتب والاشهاد، أمر المسافر بأن يقيم الارتهان مقام الكتاب والاشهاد على سبيل الارشاد إلى حفظ المال. (فإن أمن بعضكم بعضا فليود الذى اؤتمن) أي: الذي عليه الحق (أمنته). سمى الدين أمانة لايتمانه عليه بترك الارتهان منه. (وليتق الله ربه) في الخيانة وإنكار الحق (ولا تكتموا الشهدة). خطاب للشهود. (ومن يكتمها) مع علمه بالمشهود به وتمكنه من أدائها (فإنه ءاثم قلبه) قال: " كافر قلبه " (2). (والله بما تعملون عليم). تهديد. (لله ما في السموت وما في الارض وإن تبدوا ما في أنفسكم) من خير أو شر (أو تخفوه) سوى الوسوسة وحديث النفس مما لا يدخل تحت الاختيار، كما ورد به الاخبار (3). (يحاسبكم به الله). قال: " وبما في الصدور يجازي العباد " (4). (فيغفر لمن

___________________________

1 - التهذيب 7: 176، الحديث: 779، عن أبي جعفر عليه السلام.

 2 - من لا يحضره الفقيه 3: 35، الحديث: 115، عن أبي جعفر عليه السلام.

 3 - راجع: الكافي 2: 463، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والوسائل 5: 345، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 4 - نهج البلاغة (للصبحي الصالح): 103، الخطبة: 75. (*)

 

[ 135 ]

يشآء) مغفرته (ويعذب من يشآء) تعذبيه (والله على كل شئ قدير). (ءامن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه). شهادة ونص من الله على صحة إيمانه. (والمؤمنون). إما استيناف، أو عطف على الرسول وما بعده استيناف. (كل ءامن بالله وملئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) أي يقولون ذلك. والمراد نفي الفرق في التصديق. (وقالوا سمعنا): أجبنا (وأطعنا) أمرك (غفرانك): اغفر غفرانك (ربنا وإليك المصير) قال: " يعني المرجع في الآخرة " (1). (لا يكلف الله نفسا) قال: " فيما افترض الله عليها " (2). (إلا وسعها): إلا ما دون طاقتها فضلا ورحمة. ورد: " ما أمر العباد إلا بدون سعتهم، وكل شئ أمر الناس بأخذه فهم متسعون له، وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم " (3). (لهاما كسبت) من خير (وعليها ما اكتسبت) من شر (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا): حملا ثقيلا. يأصر صاحبه، أي يحبسه في مكانه. يعني به التكاليف الشاقة. (كما حملته على الذين من قبلنا) يعني به: " ما كلف به بني إسرائيل من قتل الانفس وقطع موضع النجاسة وغير ذلك ". كما ورد مفصلا (4). (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) من العقوبات النازلة بمن قبلنا (واعف عنا): وامح ذنوبنا (واغفر لنا): واستر عيوبنا ولا تفضحنا بالمؤاخذة (وارحمنا): وتعطف بنا وتفضل علينا (أنت مولنا): سيدنا، ونحن عبيدك (فانصرنا على القوم الكفرين) بالقهر لهم والغلبة عليهم بالحجة. فإن من حق المولى أن ينصر مواليه على الاعداء.

___________________________

1 - الاحتجاج 1: 328، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

 2 - العياشي 1: 160، الحديث: 533، عن أحدهما عليهما السلام.

 3 - التوحيد: 347، الباب: 56، الحديث: 6، عن أبي عبد الله عليه السلام.

 4 - الاحتجاج 1: 328، عن أمير المؤمنين عليه السلام. (*)

 

[ 136 ]

ورد: " إن هذه الآية مشافهة الله لنبيه في ليلة المعراج. قال صلى الله عليه وآله وسلم: فقلت أنا مجيبا عني وعن أمتي: " والمؤمنون " إلى قوله: " وإليك المصير ". فقال الله: " لا يكلف الله... إلى قوله: " ما اكتسبت ". فقلت: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال الله: لا أؤاخذك. فقلت: " ربنا ولا تحمل علينا إصراكما حملته على الذين من قبلنا " فقال الله: لا أحملك. فقلت: " ربنا ولا تحملنا " إلى آخر السورة. فقال الله: قد أعطيتك ذلك لك ولامتك. قال الصادق عليه السلام: ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين سأل لامته هذه الخصال " (1).

___________________________

1 - راجع: القمي 1: 95، عن أبي عبد الله عليه السلام.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21334176

  • التاريخ : 28/03/2024 - 12:14

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net