00989338131045
 
 
 
 
 
 

 12 ـ آية عائشة التي أكلتها السخلة ! 

القسم : علوم القرآن   ||   الكتاب : تدوين القرآن   ||   تأليف : الشيخ علي الكوراني

12 ـ آية عائشة التي أكلتها السخلة !

من الأحكام الشرعية المتفق عليها بين المسلمين : أن الرضاعة تشبه النسب ، فلو أرضعت امرأة طفلاً لغيرها صارت أماً له وحرمت عليه ، وصارت بناتها أخواته وحرمن عليه .. الخ .

وبعد اتفاق المسلمين على هذا الأصل الذي نص عليه القرآن ، اختلفوا في شروطه ، فقال الأئمة من أهل البيت(ع) : يشترط أن يرضع الطفل من تلك المرأة رضاعاً متصلاً خمس عشرة رضعة ، أو يكون الرضاع بحيث ينبت به لحم الطفل ويشتد عظمه ، وأن لا يكون للطفل غذاء آخر غير الحليب ، وأن يكون الطفل في سن الرضاعة لا أكبر .. فإذا اختلت الشروط فلا أثر للرضاع .

أما المذاهب الأخرى فتساهلوا في شروط الرضاعة، وكان أول المتساهلين في عدد الرضعات عبد الله بن عمر ولا يبعد أن يكون ذلك مذهب أبيه ، فقال إن الرضعة الواحدة توجب التحريم .. قال السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 135 :

( وأخرج عبدالرزاق عن ابن عمر أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يؤثر عن عائشة في الرضاعة لا يحرم منها دون سبع رضعات . قال : الله خير من عائشة إنما قال الله تعالى وأخواتكم من الرضاعة ولم يقل رضعة ولا رضعتين . وأخرج عبد الرزاق عن طاووس أنه قيل له إنهم يزعمون أنه لا يحرم من الرضاعة دون سبع رضعات ثم صار ذلك الى خمس. قال قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم .

وأخرج بن أبي شيبة عن ابن عباس قال : المرة الواحدة تحرم .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : المصة الواحدة تحرم ) انتهى .

أما أم المؤمنين عائشة فقالت : نزل في القرآن آية تحدد الرضاعة بعشر رضعات، ثم نسخت ونزلت آية تكتفي بخمس رضعات وأن تلك الآية كانت حتى توفي النبي(ص) تقرأ في القرآن وكانت مكتوبة عندها على ورقة وموضوعة تحت سريرها، ولكنها انشغلت بوفاة النبي وبعدها فدخلت سخلة وأكلت الورقة !

ولكن التساهل الأكبر الذي به صارت عائشة أشهر المتساهلين في المسألة هو تعميمها الرضاع للكبار ! فيمكن للرجل الكبير أن يرضع من أي امرأة فيكون ابنها ويصير أقاربها أقاربه ومن المحرمات عليه فيدخل عليهن بدون حجاب !

وكانت عائشة تعمل بذلك فترسل الرجل الذي تريده أن يدخل عليها الى إحدى قريباتها فترضعه خمس رضعات فيصير محرماً ويدخل عليها بدون حجاب .. وقد ذكر الرواة أسماء بعض الرجال الذين أرضعتهم عائشة عند أقاربها ليدخلوا عليها بدون حرج. وعُرِفت هذه المسألة في الفقه برضاع الكبير .

والذي يهمنا في بحثنا هو قول عائشة بأن آية الخمس رضعات كانت في القرآن ثم ضاعت ، ولكن نورد ما يتعلق بالمسألتين لتداخل رواياتهما وارتباطها .

قال مسلم في صحيحه ج 4 ص 167 :

( ... عن عبدالله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن !! ) .

ورواه الدارمي في سننه ج 2 ص 157

ورواه ابن ماجة في سننه ج 1 ص 625 وروى بعده ( ... عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم ، ورضاعة الكبير عشراً . ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكلها ) انتهى ، ومعنى الداجن : الحيوان الأهلي الذي يربى في المنزل وكان السائد منه في المدينة الماعز ، ولذلك جعلنا العنوان : أكلتها السخلة . وفي هذه الرواية دليل على أن مرض النبي ووفاته لم يكن في غرفة عائشة وإلا لما دخلتها السخلة ، وبحث ذلك خارج عن موضوعنا .

وروى النسائي في سننه ج 6 ص 100 ( ... عن عبدالله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت كان فيما أنزل الله عز وجل ، وقال الحرث فيما أنزل من القرآن ، عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ من القرآن ! ) .

وقال الترمذي في سننه ج 2 ص 309 :

( قالت عائشة : أنزل في القرآن : عشر رضعات معلومات ، فنسخ من ذلك خمس وصار الى : خمس رضعات معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك.. وبهذا كانت عائشة تفتي وبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وهو قول الشافعي وإسحاق ، وقال أحمد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : لا تحرم المصة ولا المصتان ، وقال : إن ذهب ذاهب الى قول عائشة في خمس رضعات فهو مذهب قوى . وجَبُنَ عنه أن يقول فيه شيئاً . وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم : يحرم قليل الرضاع وكثيره إذا وصل الى الجوف، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وعبد الله بن المبارك ووكيع وأهل الكوفة ) انتهى .

وبذلك يكون هؤلاء الذين ذكرهم الترمذي أكثر تساهلاً من عائشة ! لانهم لم يشترطوا خمس رضعات بل ولا رضعة واحدة واكتفوا بمصة واحدة ! والمقصود ببعض أزواج النبي(ص) غير عائشة في حديث الترمذي هو حفصة لا غير .

وروى أحمد في مسنده ج 1 ص 432 ما يوافق مذهب أهل البيت(ع) فقال: ( عن أبي موسى الهلالي عن أبيه أن رجلاً كان في سفر فولدت امرأته فاحتبس لبنها فجعل يمصه ويمجه فدخل حلقه فأتى أبا موسى فقال حرمت عليك قال فأتى ابن مسعود فسأله فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشر العظم ) .

وقال في ج 6 ص 271 ( ... كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في المهد وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها كانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم من دون الناس ) انتهى .

أما البخاري فلم يرو في صحيحه قصة هذه الآية ولا رضاع الكبير، واكتفى برواية ما حول الموضوع .. فقال في صحيحه ج 3 ص 150 :

( ... عن مسروق أن عائشة رضي الله عنها قالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قال يا عائشة من هذا قلت أخي من الرضاعة قال يا عائشة أنظرن من إخوانكن ! فإنما الرضاعة من المجاعة ) . ورواه في ج 3 ص 149 والنسائي في ج 6 ص 101

وروى البخاري في ج 6 ص 125 ( عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك!! فقالت إنه أخي فقال أنظرن من إخوانكن ! فإنما الرضاعة من المجاعة .

... عن عروة بن الزبير عن عائشة أن أفلح أخاً أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب فأبيت ان آذن له فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذى صنعت فأمرني أن آذن له ) . ورواه في ج 6 ص 160

وقال الحاكم في المستدرك ج 2 ص 163 بعد أن روى حديث رضاع سالم ( هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وفيه أن الشريفة تزوج من كل مسلم) .

وأورد عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 7 ص 458 نحو خمسين رواية تحت عنوان : باب رضاع الكبير يفهم منها أن المجتمع الإسلامي كان يستغرب ذلك بل يستنكره .. قال ( ... عن ابن جريج قال : أخبرني عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكة أن القاسم بن محمد بن أبي بكر أخبره أن عائشة أخبرته أن سهلة بنت سهيل بن عمرو جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ! إن سالم مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا ، وقد بلغ ما يبلغ الرجال ، وعلم ما يعلم الرجال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرضعيه تحرمي عليه ، قال ابن أبي مليكة : فمكثت سنة أو قريباً منها لا أحدث به رهبة له ، ثم لقيت القاسم فقلت : لقد حدثتني حديثاً ما حدثته بعد ، قال : وما هو ؟ فأخبرته ، فقال حدث به عني أن عائشة أخبرتني به !

... فأخذت بذلك عائشة فيمن كانت تريد أن يدخل عليها من الرجال ، فكانت تأمر أم كلثوم ابنة أبي بكر وبنات أخيها يرضعن لها من أحبت أن يدخل عليها من الرجال ، وأبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن أحد من الناس بتلك الرضاعة ، قلن : والله ما نرى الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم به سهلة إلا رخصة في رضاعة سالم وحده ) انتهى .

وقد تكون عائشة اعتمدت على سهلة بنت سهيل بن عمرو .. وسهيل هذا من قادة الأحزاب والمشركين ، وممن كان النبي(ص) يقنت بالدعاء عليه ويلعنه ، وقد أسلم تحت السيف يوم فتح مكة ولكنه بقي الناطق باسم قريش في مواجهة النبي والإسلام .. فمن أين يأتي الصدق والتدين الى بنته ؟!

وقال عبد الرزاق ( ... عن معمر عن الزهري أن عائشة أمرت أم كلثوم أن ترضع سالماً ، فأرضعته خمس رضعات ، ثم مرضت ، فلم يكن يدخل سالم على عائشة .

... أخبرنا ابن جريج قال : سمعت نافعاً يحدث أن سالم بن عبدالله حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت به الى أختها أم كلثوم ابنة أبي بكر ، لترضعه عشر رضعات ، ليلج عليها إذا كبر ، فأرضعته ثلاث مرات، ثم مرضت، فلم يكن سالم يلج عليها، قال زعموا أن عائشة قالت: لقد كان في كتاب الله عزوجل عشر رضعات، ثم رد ذلك الى خمس ، ولكن من كتاب الله ما قبض مع النبي صلى الله عليه وسلم .

... أخبرنا ابن جريج قال : سمعت نافعاً مولى ابن عمر يحدث أن ابنة أبي عبيد امرأة ابن عمر ، أخبرته أن حفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أرسلت بغلام نفيس ( ... ) لبعض موالي عمر الى أختها فاطمة بنت عمر ، فأمرتها أن ترضعه عشر مرات ، ففعلت ، فكان يلج عليها بعد أن كبر ) انتهى .

كما روى عبد الرزاق عدداً من الروايات المخالفة لمذهب عائشة في رضاع الكبير .. قال ( ... عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن النزال عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا رضاع بعد الفصال .

... عن الثوري عن جويبر عن الضحاك عن النزال عن علي قال : لا رضاع بعد الفصال ، وسمعته يقول لمعمر : إنه لم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ، قال معمر : بلى . . . جابر عن أبيهما جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يمين لولد مع يمين والد ، ولا يمين لزوجة مع يمين زوج ، ولا يمين لمملوك مع يمين مالك ، ولا يمين في قطيعة ، ولا نذر في معصية ، ولا طلاق قبل نكاح ، ولا عتاقة قبل ملك ، ولا صمت يوم الى الليل ، ولا مواصلة في الصيام ، ولا يتم بعد حلم ، ولا رضاع بعد الفطام ، ولا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح . ... عن الثوري عن عمرو بن دينار عمن سمع ابن عباس يقول : لا رضاع بعد الفطام . ... عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : لا رضاع إلا لمن أرضع في الصغر ، ولا رضاعة لكبير ) انتهى . ورواه عنه البيهقي في سننه ج 7 ص 461

وقال مالك في الموطأ ج 2 ص 601 :

( عن نافع ، أن عبدالله بن عمر كان يقول : لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر ، ولا رضاعة لكبير .

... عن يحيى بن سعيد ، أنه قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : لا رضاعة إلا ما كان في المهد . وإلا ما أنبت اللحم والدم . وحدثني عن مالك ، عن ابن شهاب ، أنه كان يقول : الرضاعة ، قليلها وكثرت تحرم . والرضاعة من قبل الرجال تحرم . قال يحيى : وسمعت مالكاً يقول : الرضاعة ، قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم . فأما ما كان بعد الحولين ، فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئاً ، وإنما هو بمنزلة الطعام .

... عمرة بنت عبدالرحمن ، عن عائشة زوج النبي(ص) ، أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن ـ عشر رضعات معلومات يحرمن ـ ثم نسخن بـ ـ خمس معلومات ـ فتوفي رسول الله(ص) وهو فيما يقرأ من القرآن . قال يحيى، قال مالك : وليس على هذا العمل ) انتهى .

وقال الشافعي في مسنده ص 416 :

( عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل أن ترضع سالماً خمس رضعات فتحرم بهن . أخبرنا مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت كان فيما أنزل الله في القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ) .

وقال في كتاب الأم ج 5 ص 29 :

( رضاعة الكبير . قال الشافعي رحمه الله تعالى ... فجاءت سهلة بنت سهيل وهي قال الشافعي : فإن قال قائل : ما دل على ما وصفت ؟ قال الشافعي : فذكرت حديث سالم الذي يقال له مولى أبي حذيفة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضعه خمس رضعات يحرم بهن ، وقالت أم سلمة في الحديث وكان ذلك في سالم خاصة وإذا كان هذا لسالم خاصة فالخاص لا يكون إلا مخرجاً من حكم العام ، وإذا كان مخرجاً من حكم العام فالخاص غير العام ولا يجوز في العام إلا أن يكون رضاع الكبير لا يحرم ولا بد إذا اختلف الرضاع في الصغير والكبير من طلب الدلالة على الوقت الذي إذا صار إليه المرضع فأرضع لم يحرم .

قال : والدلالة على الفرق بين الصغير والكبير موجودة في كتاب الله عزوجل ، قال الله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ، فجعل الله عزوجل تمام الرضاع حولين كاملين ) .

... قال الشافعي : فإن قال قائل : فقد قال عروة قال غير عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما نرى هذا من النبي صلى الله عليه وسلم إلا رخصة في سالم . قيل : فقول عروة عن جماعة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غير عائشة لا يخالف قول زينب عن أمها إن ذلك رخصة مع قول أم سلمة في الحديث هو خاصة وزيادة قول غيرها ما نراه إلا رخصة مع ما وصفت من دلالة القرآن وإني قد حفظت عن عدة ممن لقيت من أهل العلم إن رضاع سالم خاص .

فإن قال قائل : فهل في هذا خبر عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما قلت في رضاع الكبير ؟ قيل نعم : أخبرنا مالك عن أنس عن عبدالله بن دينار قال جاء رجل الى ابن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير فقال ابن عمر جاء رجل الى عمر ابن الخطاب فقال كانت لي وليدة فكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها فقالت دونك فقد والله أرضعتها . فقال عمر بن الخطاب أوجعها وائت جاريتك فإنما الرضاع رضاع الصغير .

... قال الشافعي : فجماع فرق ما بين الصغير والكبير أن يكون الرضاع في الحولين فإذا ارضع المولود في الحولين خمس رضعات كما وصفت فقد كمل رضاعه الذي يحرم) انتهى .

وقال في كتاب الأم ج 7 ص 236 :

باب في الرضاع . قال الشافعي : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر سهلة ابنة سهيل أن ترضع سالماً خمس رضعات فيحرم بهن .

قال الشافعي : أخبرنا مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم عن عمرة عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزل الله في القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن !

قال الشافعي : أخبرنا مالك عن نافع أن سالم بن عبدالله أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت به وهو يرضع الى أختها أم كلثوم فأرضعته ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعه غير ثلاث رضعات فلم يكن يدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تكمل له عشر رضعات ...

قال الشافعي : فرويتم عن عائشة أن الله أنزل كتاباً أن يحرم من الرضاع بعشر رضعات ثم نسخن بخمس رضعات وأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهي مما يقرأ من القرآن ، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بأن يرضع سالم خمس رضعات يحرم بهن ، ورويتم أن عائشة وحفصة أمي المؤمنين مثل ما روت عائشة وخالفتموه ، ورويتم عن ابن المسيب أن المصة الواحدة تحرم ، فتركتم رواية عائشة ورأيها ورأى حفصة بقول ابن المسيب وأنتم تتركون على سعيد بن المسيب رأيه برأى أنفسكم مع أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما روت عائشة وابن الزبير ووافق ذلك رأي أبي هريرة . وهكذا ينبغي لكم أن يكون عندكم العمل ) انتهى .

ونحوه في مجموع النووي ج 18 ص 210 و212

وقال السيوطي في الدر المنثور ج2 ص 135 :

( وأخرج مالك وعبدالرزاق عن عائشة قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن .

وأخرج عبدالرزاق عن عائشة قالت لقد كانت في كتاب الله عشر رضعات ثم رد ذلك الى خمس ولكن من كتاب الله ما قبض مع النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن ماجه وابن الضريس عن عائشة قالت كان مما نزل من القرآن ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات .

وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها ) انتهى . وروى البيهقي أكثر ذلك في سننه ج 7 ص 453

وقال ابن قدامة في المغني ج 9 ص 192 :

( مسألة : قال أبوالقاسم رحمه الله ( والرضاع الذي لا يشك في تحريمه أن يكون خمس رضعات فصاعدا ) في هذه المسألة مسألتان : أحدهما ، أن الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدا هذا الصحيح في المذهب وروي هذا عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير وعطاء وطاووس وهو قول الشافعي . وعن أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع وكثيره يحرم . وروي ذلك عن علي وابن عباس ، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن ومكحول والزهري وقتادة والحكم وحماد ومالك والأوزاعي والثوري والليث وأصحاب الرأي وزعم الليث أن المسلمين أجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر به الصائم ... ) .

وقال الكاشاني الحنفي في بدائع الصنائع ج 4 ص 7 :

( ويستوى في الرضاع المحرم قليله وكثيره عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وروى عن عبدالله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهما أن قليل الرضاع لا يحرم وبه أخذ الشافعي فقال لا يحرم إلا خمس رضعات متفرقات واحتج بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان فيما نزل عشر رضعات يحرم ثم صرن الى خمس فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ ...

وأما حديث عائشة رضي الله عنها فقد قيل أنه لم يثبت عنها وهو الظاهر فإنه روي أنها قالت توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما يتلى في القرآن فما الى نسخه ( سبيل ) ولا نسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم . ولا يحتمل أن يقال ضاع شئ من القرآن ولهذا ذكر الطحاوي في اختلاف العلماء أن هذا حديث منكر ، وإنه من صيارفة الحديث ولئن ثبت فيحتمل أنه كان في رضاع الكبير فنسخ العدد بنسخ رضاع الكبير ) انتهى .

وقال ابن حزم في المحلى ج 10 ص 14 :

( قال أبومحمد : وهذان أثران في غاية الصحة والحجة بهما قائمة ، ثم نظرنا فيما احتج به من قال : لا يحرم من الرضاع أقل من خمس رضعات فوجدنا ما رويناه من طريق حماد بن سملة عن يحيى بن سعيد الأنصارى . وعبدالرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق كلاهما عن عمرة عن عائشة أم المؤمنين قالت : نزل القرآن أن لا يحرم إلا عشر رضعات ثم نزل بعد وخمس معلومات هذا لفظ يحيى بن سعيد ، ولفظ عبدالرحمن قالت : كان مما نزل من القرآن ثم سقط لا يحرم من الرضاع إلا عشر رضعات ثم نزل بعد وخمس معلومات ، ومن طريق القعنبي عن مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن ، فتوفي رسول الله(ص) وهن مما يقرأ من القرآن ، وروينا أيضاً معناه من طريق مسلم نا القعنبي ومحمد بن المثنى قال ابن المثنى نا عبدالوهاب بن عبدالمجيد الثقفي ، وقال القعنبي نا سليمان بن بلال ثم اتفق سليمان وعبدالوهاب كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة أم المؤمنين قالت لما نزل في القرآن عشر رضعات معلومات ثم نزل أيضاً خمس معلومات ...

قال أبومحمد : وهذان خبران في غاية الصحة وجلالة الرواة وثقتهم ولا يسع أحداً الخروج عنهما ... لكن لما جاءت رواية الثقات التي ذكرنا بأنه لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان وأنه إنما يحرم خمس رضعات كانت هذه الأخبار زائدة على ما في تلك الآية وفي تلك الأخبار وكانت رواية ابن جريج في حديث أبي حذيفة أرضعيه خمس رضعات هي زائدة .

وقالوا أيضاً : قول الراوي فمات عليه الصلاة والسلام وهو مما يقرأ من القرآن قول منكر وجرم في القرآن ولا يحل أن يجوز أحد سقوط شئ من القرآن بعد موت رسول الله(ص) فقلنا : ليس كما ظنتم إنما معنى قول عبدالله بن أبى بكر في روايته لما ذكرتم ثم أي أنه عليه الصلاة والسلام مات وهو مما يقرأ مع القرآن بحروف الجر يبدل بعضها من بعض ، ومما يقرأ من القرآن الذي بطل أن يكتب في المصاحف وبقي حكمه كالآية الرجم سواء سواء فبطل إعتراضهم المذكور ...

فمن ذلك قلنا إن استنفاد الراضع ما في الثديين متصلاً رضعة واحدة . وأن المصة لا تحرم إلا إذا علمنا أنها قد سدت مسداً من الجوع ) انتهى .

وهكذا وافق ابن حزم عائشة في الخمس رضعات التي أكلت آيتها السخلة ، وزاد عليها أنه اعتبر المصة الطويلة رضعة ، فيكفي عنده خمس مصات متفرقات .

ثم كان من النادرين الذين آنسوا وحدة أم المؤمنين في رضاع الكبير ، فيكفي عنده أن يرضع رجل كبير ولو كان عمره خمسين سنة من امرأة غير محرم عليه ! خمس مصات متفرقات فتصير أمه وتحرم عليه هي وقريباتها !!

قال في ص 19 : ( قال أبومحمد : وقالت طائفة : إرضاع الكبير والصغير يحرم كما ذكرنا قبل عن أبي موسى وإن كان قد رجع عنه ... ومن طريق مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير ؟ فقال : أخبرني عروة بن الزبير بحديث أمر رسول الله(ص) سهلة بنت سهيل بأن ترضع سالماً مولى أبي حذيفة خمس رضعات وهو كبير ففعلت فكانت تراه ابناً لها قال عروة : فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال . ومن طريق عبدالرزاق نا ابن جريج قال : سمعت عطاء بن أبي رباح وسأله رجل فقال : سقتني امرأة من لبنها بعدما كنت رجلاً كبيراً أفأنكحها ؟ قال عطاء لا . قال ابن جريج فقلت له وذلك رأيك قال : نعم كانت عائشة تأمر بذلك بنات أخيها وهو قول الليث بن سعد ...

فهذه أحاديث تدعي زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالى ، وكثير منها بمقاييس إخواننا أحاديث صحيحة على شرط البخاري ومسلم ، أو شرط غيرهما ، أو موثقة .. فهل يمكن لأحد أن يقبلها ويضيف هذه الآيات والزيادات المزعومة في كتاب الله والعياذ بالله بحجة التمسك بالحديث إذا صح سنده !!

أم أن علماء إخواننا يردونها كما نفعل نحن الشيعة ، فيقلدوننا في هذا الموضوع من أجل الحفاظ على كتاب الله تعالى ؟!

أم يبحثون لها عن تأويلات بعيدة لا تقبلها عبارة عربية مستقيمة ؟!




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21337794

  • التاريخ : 29/03/2024 - 06:06

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net