00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الأعراف 

القسم : أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية   ||   الكتاب : مراجعات قرآنية ( اسئلة شبهات وردود)   ||   تأليف : السيد رياض الحكيم

سورة الأعراف

 

((كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِين))(2) 

س 312 ـ ما هو وجه الحرج المذكور في الآية؟

ج ـ باعتبار عظم المسؤولية الملقاة على النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) بتبليغه كتاب الله تعالى، وما يتوقعه من معارضة المشركين وغيرهم ومواجهتم له.

 

 ((وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون*وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ))(8 ـ 9)

 

س 313 ـ إذا كان الوزن هو الحق، فكيف يتعدد فيكون بعضها ثقيلاً وبعضها خفيفاً؟

ج ـ الوزن هو المقياس، ففي يوم القيامة يكون المقياس هو العدل من دون شائبة ظلم وإجحاف، ولذلك قال تعالى: ((وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ))، وأما الموازين فالمقصود منها الموزونات من الأعمال الصالحة، وهي التي تكون ثقيلة أو خفيفة تبعاً لأفعال أصحابها في الحياة الدنيا.

 

س 314 ـ ما معنى ظلمهم بآيات الله تعالى؟

ج ـ كأنّ الظلم هنا مضمّن معنى الإنكار والجحود، فكأنه قال: (بآياتنا يجحدون) أي بسبب جحودهم بها. 

 

((وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ))(11) 

س 315 ـ أليس خلق الله أبا البشرية آدم بعد تصويره فيكف يقول: ((خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ))؟

ج ـ بما أن المادة التي خُلق منها آدم هي الطين، فكانت هذه المرحلة قبل التصوير، ومن بعدها كان نفخ الروح فيه والأمر الفعلي للملائكة بالسجود.

 

((قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ))(12) 

س 316ـ كيف قال ((مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ)) مع أن ابليس امتنع من السجود لا من عدم السجود؟

ج ـ كأنّ المنع هنا مضمّن السبب، أي ما الذي أوجب عدم السجود؟ ولعلّ النكتة البلاغية في ذلك أن الذي تحقق بالفعل هو عدم السجود لا السجود، فكان من المناسب السؤال عن المبرّر لعدم السجود، واستخدم لفظة المنع باعتبار أن جواب إبليس تضمّن ذكر المانع لـه من السجود. وهذه اللفتات البلاغية تزيد من روعة الكلام وبلاغته.

 

((فَدلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ))(22) 

س 317 ـ ما هو الوجه في غُرور ابليس؟

ج ـ المقصود من الغرور هنا الخديعة، كما تقول غرّني فلان أي خدعني.

 

س 318 ـ ما هي العلاقة بين الأكل من الشجرة وظهور السوءة؟

ج ـ السوءة كباقي أعضاء الجسم، وإنما اعتبرت سوءة وعورة بحيث يستحيي الإنسان من كشفها، باعتبارها محلاً لخروج الفضلات وكذلك كونها الأعضاء التناسلية، والذي يبدو من الروايات وغيرها أن هذه الشجرة تختلف بطبيعتها عن شجر الجنّة، فلعلّ آدم وحواء بعد الأكل من تلك الثمرة أحسّا بتفعيل تلك الأعضاء، فأصابهما الحياء من كشفها، فسعيا إلى التغطية من ورق الجنّة، وعلى هذا الوجه يكون ظهور السوءة بمنى الإحساس بأنّ هذه الأعضاء عورة ينبغي سترها بعد أن لم تكن كذلك قبل الأكل من الشجرة، فكان جوّ الجنّة حاجباً ومانعاً من تفعيل هذه الأعضاء، فأزاله أبليس باغوائه، فكأنه رفع ذلك الحاجب وأبرز العورة.

 

((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ))(34) 

س 319 ـ إذا حلّ الأجل فلا يعقل تقدّمه حتى يصح نفيه؟

ج ـ يبدو أن المقصود حلول الأجل بالمعنى العرفي لا حلولـه بالدقة العقلية، كما تقول (حلّ وقت مجئ الحجيج) إذا كان قريباً. وكأن المنظور في الآية الكريمة حثّ الأمم على تحمّل مسؤوليتها، قبل فوات الفرصة، لأن لكلّ أُمة أمداً محدّداً، فاذا قرب ذلك الأمد تفوت الفرصة على الأمة.

 

((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ)) (37) 

س 320 ـ ما هو نصيبهم من الكتاب؟

ج ـ هو العذاب الذي تضمّنه الكتاب، كما في قولـه تعالى ((وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ)).

 

(( قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ))(38) 

س 321 ـ كيف ينسجم مضاعفة العذاب للإتباع مع قولـه تعالى ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)) (1)؟

ج ـ لعلّ المقصود من الضعف شدة العذاب ومضاعفته عما كان يخطر في بالهم، فان ما يواجههم من العذاب فوق ما يتصورونه، وليس المقصود مضاعفة العذاب الذي يستحقونه.

 

((وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ))(46) 

س 322 ـ من هم أصحاب الأعراف؟

ج ـ اختلف المفسرون في ذلك على أقوال:

(منها) انّهم من استوت حسناتهم وسيئاتهم، يكونون في المنطقة الفاصلة بين الجنّة والنار.

(ومنها) انّهم ذووا مقامات شامخة كالأنبياء والأئمة، وقيل الملائكة يكونون على الأعراف، وهو مرتفَع يشرف على الجنّة والنار، ويشهد لهذا الرأي مجموعة من النصوص(2)، وكذلك اهتمام القرآن بهم، وطبيعة الخطاب المحكي عنهم ((وَنَادَى أَصْحَابُ الأعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُون* أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُون))(3).

 

((وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ))(50) 

س 323 ـ لماذا خصّ الماء بالذكر مع أن أهل النار فاقدون لكل شيء؟

ج ـ لأن أهم ما يطلبه الداخل في النار والمحترق فيها هو الماء.

 

((هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ)) (53).

س 324 ـ ما معنى انتظار تأويله؟

ج ـ التأويل هنا بمعنى مآل الوعد الإلهي وتطبيقه على الأرض الواقع.

 

((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ))(54) 

س 325 ـ كيف نفترض وجود اليوم قبل خلق السموات والأرض مع أنه متفرّع على وجود الأرض والشمس؟

ج ـ ذكر اللغويون أن من معاني اليوم الوقت، قال ابن منظور: (( وقد يراد باليوم الوقتُ مطلقاً)) (4).

وعلى هذا فيكون المعنى أنّ الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أوقات أي ست مراحل. وربما يكون المقصود من الأيام الستة مقدارها. والله العالِم.

 

س 326 ـ ما معنى الاستواء على العرش؟

ج ـ ذكر العلماء أن العرش هو عالم التكوين، لأنه هو مساحة مُلك الله تعالى، فهو تعالى أحاط واستولى على عالم التكوين، كما ان استواء المَلِك على العرش كناية عن سيطرته على مُلك بلده.

 

س 327 ـ ما هو الفرق بين الخلق والأمر؟

ج ـ الخلق إيجاد الشيء من العدم، والأمر إدارة شؤونه، وكل ذلك بيد الله تعالى فهو الخالق والمدبّر. 

 

((إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)) (56)  

س 328 ـ لماذا لم يتبع خبر ((إِنَّ)) اسمها في التأنيث، فيقول: (إِنَّ رحمت الله  قَرِيبة) وليس: ((إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ...))؟

 ج ـ هذا جائز لعدة وجوه..

الأول: ان الوصف الذي يكون على وزن ((فعيل)) اذا وقع وصفاً او خبراً للمؤنث يجوز الحاق التاء به ويجوز عدم الحاقها(5).

الثاني: ان المضاف قد يكتسب حكم المضاف إليه اذا صح الاستغناء عنه، فالرحمة تكتسب حكم التذكير من المضاف إليه ((لفظ الجلالة)) فيكون خبرها مذكّراً(6).

 

((قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِين))(71) 

س 329 ـ ما هو الرجس الواقع عليهم من الله؟

ج ـ الرجس هنا بمعنى العذاب، فبعد أن أصرّوا على الكفر صار عذابهم محتوماً فكأنه قد وقع عليهم. 

 

((قَالَ الملأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ))(110) 

س330 ـ ان موسى (عليه السلام) دعاهم إلى عبادة الله، فكيف اتهموه بأنه يريد أن يـخـرجهم من أرضهم؟

ج ـ يبدو أن الهدف من هذا الاتهام إثارة حفيظة العامة وتأليبهم على موسى (عليه السلام)، لتصوير الخلاف بينه وبين فرعون مصلحياً للسيطرة على الحكم والملك لا عقائدياً، وبما أن فرعون من الأقباط وموسى من بني إسرائيل ـ الجماعة المسحوقة والمستضعفة ـ فمن الطبيعي أن يلتفّ الأقباط حول فرعون وعبادته ويعارضوا دعوة موسى، لاصطدامها بمصلحتهم ومصيرهم. ومن ناحية اُخرى يوفر هذا الاتهام ذريعة لفرعون للبطش بمن يؤمن بدعوة موسى(عليه السلام)، باعتباره خائناً لقومه ووطنه وقد أكدّ ذلك خطاب فرعون للسحرة ـ بعد أن آمنوا بالله تعالى ـ: ((قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)) (7)، كما يفعل كل الطغاة حينما يوحون أنّ معارضتهم خيانة عظمى للأُمة والوطن.

 

((وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ))(138). 

س331 ـ لماذا طلبوا أن يجعل لهم إلهاً مع أنّهم كانوا مؤمنين بالإله، وإذا كانوا معجبين بفكرة تعدّد الآلهة فكان المفروض أن يطلبوا أن يجعل لهم آلهة لا إلهاً واحداً؟

ج ـ إن هؤلاء لم يستوعبوا تجرّد الإله عن المادة، فكانوا يطلبون إلهاً مادياً يشاهدونه، وقد بقيت هذه الاُمنية في أنفسهم حتى أن أكابرهم وعلماءهم أبرزوها في مناجاتهم لله تعالى في الميقات فقالوا ((أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً )) (النساء: 153).

والحقيقة أن هذه المشكلة لا تقتصر على بني اسرائيل، بل الأُمم الاخرى أيضاً تعيش وهم الإله المادي الملموس، حتّى ان اتباع الأديان التوحيدية لم يلبثوا طويلاً بعد رحيل أنبيائهم حتى انحرفوا، فتشوّهت فكرة الإله عندهم.

ومن هنا نعرف عظمة الإسلام وأهمية جهود العلماء المسلمين، خاصة الدور المتميز لآل البيت(عليهم السلام)، ومن بعدهم تلامذتهم ورواد مدرستهم الذين تمكنوا من تثبيت فكرة التوحيد ناصعة لدى الأُمة.

 

((وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِين))(143). 

س332 ـ كيف يطلب موسى (عليه السلام) رؤية الله تعالى مع أنه سبحانه منزّه عن الجسم والرؤية؟ ولماذا لم يعاقبه الله تعالى كما عاقب النخبة من بني اسرائيل بالصاعقة عندما قالوا: ((أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ))(النساء: 153)؟

ج ـ 1 ـ هناك فرق بين عدم التجسيم واستحالة مطلق الرؤية، كما نلاحظ أن النائم يرى في منامه مشاهِد غير مادية، ـ يطلق عليها الفلاسفة عالم المثال ـ ولا دليل على أن موسى (عليه السلام) طلب خصوص الرؤية المألوفة للأجسام، بل لعلّ هدفه مجرَّد زيارة الوضوح والتجلّي، وهي تتحقق بأي نحوٍ من أنحاء الرؤية، ولو من خلال عوالم أخرى غير مادية. والله العالم.

2 ـ الفرق بين موسى (عليه السلام) وأولئك النخبة من بني اسرائيل ان موسى (عليه السلام) لم يربط إيمانه برؤية الله تعالى، بينما أولئك تعنتوا في طلبهم وعلقوا ايمانهم برؤيته تعالى فقالوا: ((... لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً...)) (8). ولعلّه لذلك عاقبهم الله ولم يعاقب موسى (عليه السلام).

 

((وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأ لْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ))(145).

س333 ـ ما هو الأحسن الذي اُمر بنو اسرائيل بالأخذ به؟

ج ـ ليس المقصود انتقاء بعض تعاليم التوراة دون غيرها، بل حيث كانت التوراة تتضمن الموعظة من خلال الإشارة إلى ممارسات وقصص الأُمم السالفة الإيجابية منها والسلبية، فيفترض ببني اسرائيل الاعتبار بذلك من خلال الاقتداء بالمؤمنين وتجنّب ممارسات الفاسقين، وهذا هو معنى الأحسن الذي يأخذونه في مقابل النموذج السيء الذي يتجنّبونه.

 

س334 ـ ما هي دار الفاسقين؟

ج ـ لعلّه إشارة إلى تمكينهم من دخول الأرض المقدسة حيث كان يحكمها العمالقة الكافرون بالله آنذاك. 

 

((وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين* قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))(150 ـ 151) 

س335 ـ أليس غضب موسى على أخيه ينافي عصمته؟

ج ـ كلاّ، فانّ من الطبيعي أن يسائل القائدُ نائبه عندما يجد انحرافاً في قومه عند غيبته، ومن الطبيعي أن ينعكس غضبه من سلوك قومه على حالته النفسية عند مساءلة أخيه الذي حمّله مسؤولية رعايتهم في غيابه، ولم يصدر من موسى (عليه السلام) اعتداء أو تفسيق لأخيه حتى ينافي عصمته.

 

س336 ـ ألا يعني دعاؤه بالمغفرة له ولأخيه صدور المعصية منهما؟

ج ـ كلاّ، لأن المغفرة هي الستر ،وهي كما تتعلق بالمعصية تتعلق بغيرها من مواطن الضعف الإنساني التي يرغب الإنسان بسترها وتجاوزها، ومن الواضح هنا أن موسى وهارون لم يصدر منهما ذنب في قضية عبادة العجل حتى يطلبا غفرانه، إذ موسى(عليه السلام) لم يكن حاضراً بينهم، وهارون استنفذ طاقته في ردعهم، لكنهم استضعفوه وكادوا يقتلونه. 

 

((وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا...))(160). 

س337 ـ لماذا لم يذكّر العدد ويأت بمعدود مفرد فيقول: ((اثني عشر سبطاً))، وليس ((اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا)) كما هي القاعدة المعروفة؟

ج ـ المعدود ـ الذي يسميه النحاة التمييز ـ ليس هو ((أسباطاً)) كما قد يتوهّم، بل المعدود محذوف وهو ((فرقة))، وبما انّ المعدود مؤنث، ألحق التاء مكرّرةً بالعدد ((اثنتي عشرة)).

وأمّا ((أسباطاً)) فهي جمع ((سِبط)) بمعنى ((قبيلة)) خاص في أحفاد اسحاق، قال ابن منظور: ((قالوا: والصحيح أن الأسباط في ولد اسحاق بن ابراهيم بمنزلة القبائل في ولد اسماعيل عليهم السلام، فولد كلّ ولد من ولد اسماعيل قبيلة، وولد كل ولد من ولد اسحاق سِبط. وإنّما سمّي هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد اسماعيل وولد اسحاق..))(9).

وعلى هذا الأساس تعرب ((أسباط)) بدلاً من ((اثنتي عشرة)) وليست تمييزاً حتى تكون بصيغة المفرد، والمعنى ((وقطّعناهم أسباطاً)) للإشارة الى انّ هذا التقطيع الى اثنتي عشرة فرقة على اساس انتساب أفراد كل فرقة إلى سبط خاص من أسباط اسحاق(عليه السلام)، وليس عشوائياً. 

 

((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ))(173) 

س338 ـ كيف أخذ الله هؤلاء الذرية وكيف أشهدهم على أنفسهم؟

ج ـ هناك عدة آراء للعلماء والمفسرين، أهمها قولان:

القول الأول: ان الأية الكريمة اشارت إلى ما تضمنته النصوص المروية في العديد من المصادر الحديثية(10) من الله تعالى أخرج ذرية آدم ـ في عالم الذر أو ما قبل النشاة الدنيوية ـ.

القول الثاني: ان مضمون الآية اشارة إلى خلق البشرية من الأصلاب وتكاملهم واقامة الحجة عليهم من خلال تزويدهم بالعقل القادر على ادراك الحقيقة ومعرفة ربهم.

 

((وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ))(181). 

س339 ـ مَن هذه الاُمة الذين يحملون لواء الحق ويحكمون به؟

ج ـ ليس المقصود من الأُمة عشيرة أو شعباً معيّناً، بل الجماعة الذين تجمعهم العقيدة أو الموقف، وهم ـ في الآية ـ الدعاة إلى الله تعالى وفي مقدمتهم الأنبياء والرسل وأوصياؤهم، كما قال تعالى ((وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)) إشارة إلى الجماعة المؤمنة الرسالية من بني إسرائيل، فهم أمة في مقابل غيرهم.

 

س340 ـ كيف أشهد الله ذرية آدم على أنفسهم؟

ج ـ فسّر ذلك بعض المفسرّين بعالم الذّر، وانه تعالى قد أقام الحجة على البشرية ـ ذرية آدم ـ قبل خلقهم المادي وأشهدهم على ذلك، واستدلّ هؤلاء بمجموعة من النصوص التي تتحدث عن ذلك العالم وتلك الشهادة فيه.

بينما حمل آخرون الآية على الإشارة إلى طبيعة خلق الإنسان ومنحه العقل الذي يؤهله لتمييز الحق من الباطل ومعرفة ربه، وأنه يكون الحجة عليه رغم الظروف التي يعيشها بعض الناس في المجتمعات والاُسر الكافرة، فانها لا تحجب عقولـهم عن إدراك الحقيقة وقيام الحجة عليهم.

 

(( ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إلاّ بَغْتَةً))(187). 

س341 ـ ما معنى ثقل الساعة في السموات والأرض؟

ج ـ باعتبار ما يقترن بها من أحداث وأهوال تنعكس على السموات والأرض، كما تقول هذا اليوم عصيب، باعتبار ما اقترن به من حوادث.

 

((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِين *فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ))(189 ـ 190) 

س342 ـ من هذان الزوجان اللذان جعلا لله شريكاً بعد أن أنعم عليهما بالولد؟

ج ـ قد لا تكون الآية مشيرة إلى شخصين معيّنين، وإنما هي إشارة إلى موقف كثير من الناس الذين يلحّون على الله تعالى في حاجاتهم متعهّدين آنذاك بشكره تعالى، ثمّ بعد أن يستجاب دعاؤهم ينكصون وينسون ربّهم أو يجحدونه، كما تحدثت آيات اُخرى عن الذين يدعون ربّهم عند الشدّة ويشـركون به بعد رفعها مثل قولـه تعالى ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ))(11).

 

((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))(194) 

س343 ـ كيف جعل الذين يدعونهم عباداً مع أنها أصنام جامدة؟

ج ـ كأن المقصود من الـ((عِبَاد)) معناها الاشتقاقي، لأن التعبّد في اللغة التذلّل، يقال طريق معبّد أي مسلوك مذلّل، فيكون في الآية إشارة إلى أنّ هذه الأصنام مخلوقة وذليلة لا تملك أمراً ولا نفعاً ولا ضرّاً، فلا تستحق العبادة.

 

((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ))(199) 

س344 ـ ما معنى العفو والعرف؟

ج ـ قيل: العفو هو المتيسّر والفاضل من نفقتهم، أي لا تثقل عليهم بالضريبة، وقيل: انه يشمل قبول عذرهم من دون محاسبة وتدقيق، والعرف هو المعروف.

  

ــــــــــــــــــ

(1) سورة الأنعام: 160.

(2) يراجع تفسير العياشي: 2 / 21 ـ 22 وغيره.

(3) سورة الأعراف: 48، 49.

(4) لسان العرب: 12 / 650.

(5) يراجع شرح ابن عقيل على الألفية 2/431.

(6) يراجع شرح ابن عقيل على الألفية 2/50.

(7) سورة الأعراف:123.

(8) سورة البقرة: 55.

(9) لسان العرب 7/310.

(10) يراجع الكافي: 2/ 12 ـ 13 باب فطرة الخلق على التوحيد، وسنن الترمذي: 5 / 266- 267.

(11) سورة العنكبوت: 65.

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335945

  • التاريخ : 28/03/2024 - 19:11

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net