00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة آل عمران 

القسم : أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية   ||   الكتاب : مراجعات قرآنية ( اسئلة شبهات وردود)   ||   تأليف : السيد رياض الحكيم

سورة آل عمران

 

((نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَان))( 3 ـ 4) 

س 119 ـ ما هو الفرقان؟ وإذا كان المقصود منه القرآن فلماذا ذكره مرتين؟

ج ـ قد يكون المقصود منه كلّ ما يفرّق بين الحق والباطل، فينطبق على غير القرآن أيضاً، كما في قولـه تعالى ((وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) (1).

ويمكن أن يكون إشارة إلى القرآن أو إلى الآيات المحكمة منه، وإنما ذكره لكي لا يتوهّم أنّ دور القرآن مجرّد تصديق ما قبله من الكتب، فيكون ذلك ذريعةً لأهل الكتاب لعدم الإيمان به والاكتفاء بما عندهم، فأكد هنا أنه فرقان بين الحق والباطل. وفي الحديث عن عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: ((هو كلّ أمر محكم، والكتاب هو جملة القرآن الذي يصدّق فيه من كتاب قبله من الأنبياء)) (2). 

 

((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)) (7)  

س 120 ـ ما معنى المحكم والمتشابه من الآيات؟

ج ـ الآيات المتشابهة هي التي تنافي بظاهرها بعض المفاهيم أو الأحكام الإسلامية التي دلت عليها الأدلة المعتبرة ـ سواء كان القرآن الكريم نفسه أم السنّة أم حكم العقل اليقيني ـ فتوجب وقوع الإنسان في الالتباس وسوء الفهم مما يفتح المجال للمنحرفين كي يبثّوا سمومهم ويثيروا الشبهات حول القرآن الكريم أو الإسلام وبعض تعاليمه، وفي مقابلها الآيات المحكمة التي لا إشكال في التمسك بظواهرها.

وقد أمر الله تعالى المسلمين أن يتعاملوا مع الآيات المتشابهة بالوعي والمسؤولية، فيجتنبون تأويلات المنحرفين، و يؤمنون بها إجمالاً موكلين تحديد معانيها التفصيلية لله سبحانه، ولو من خلال من خصّهم بتعليمها.

ورغم وجود الآيات المتشابهة فانّ القرآن يبقى كتاب هداية للبشر، لأن الآيات المحكمة والنصوص التفسيرية المعتبرة وافية بذلك، ولذلك وصفت المحكمات بأنها أُم الكتاب، فانّ الاُم هو الأصل الذي يكون منه الشيء(3). 

 

((رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)) (9)  

س 121 ـ كيف ينفي الريب عن يوم القيامة وقد ارتاب فيه بل أنكره كثير من البشر؟

ج ـ لعلّه باعتبار أنه ليس محلاّ للريب، فلا ينبغي الريب فيه بعد أن قامت الحجج على أنّه ميعاد الله. أو لكون هذا من ضمن حديث المؤمنين، ولا ريب عندهم في يوم القيامة.

 

((قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)) (13)  

س 122 ـ ما هي الآية في ذلك؟ ومن هو المقصود في هذا الخطاب؟

ج ـ ذكر بعض المفسرين أن المخاطبين هم اليهود الذين نقضوا العهد مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) استهواناً منهم بالمسلمين وبقوتهم، فذكّرهم الله تعالى بانتصار المسلمين ـ رغم قلتهم ـ على المشركين في بدر رغم أن هؤلاء كانوا أكثر منهم عُدّة وعدداً. وفي ذلك تحذير لهؤلاء اليهود ناقضي العهد.

 

((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (18) 

س 123 ـ لماذا كرّر ((لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)) في الآية؟

ج ـ الثانية بيان للحقيقة وتصديق شهادة الله تعالى المتقدمة، مثل قولـه تعالى:((قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)) (4)، فان قولـه ((وَالْحَقَّ أَقُولُ)) التزامه بقبول الحق تأكيداً للقول المتقدم.

 

((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى...))(36). 

س 124 ـ ما الفائدة من ذكر ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)) مع وضوح ذلك؟

ج ـ ليس الغرض بيان الاختلاف بين الذّكر والأُنثى، وانمّا الإشارة إلى أن نذرها بجعل جنينها خادماً للمسجد كان اعتماداً على توقعها أن يكون ذكراً، فلمّا تبيّن أنّه أنثى لم يمكن تطبيق النذر ـ بناءً على ما روي من اختصاص مثل هذا النذر بالذكور في شريعتهم ـ.

 

((هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)) (38). 

س 125 ـ ما هو وجه الارتباط بين ما شاهده زكريّا من فضل الله على مريم وبين رغبته بالذريّة؟

ج ـ إمّا لكون الرعاية الإلهية المتمّيزة لمريم قد أكّدت رغبته في الولد الصالح، أو أن ما شاهده من النعمة الإعجازية بإنزال المائدة على مريم، قد حفّزه على الدعاء بالولد الصالح ـ رغم يأسه من قبل، بسبب شيخوخته هو وزوجته ـ عسى أن يستجيب الله دعاءه كما أنزل المائدة على مريم.

 

((قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء)) (40). 

س 126 ـ بعد أن دعا الله بالولد وجاءته البشارة كيف يستبعد ذلك؟

ج ـ قد يكون ذلك من باب مجرّد التعجب عندما فوجئ بالبشارة، وقد يكون استفساراً عن كيفية ذلك، وأنّه هل يكون من زوجته هذه أو غيرها، أو هل يكون ذلك في حالة الشيخوخة أو يرجعهما الله شابين.

 

((قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)) (41). 

س 127 ـ كيف يكون الصوم بترك الكلام آية وعلامة؟

ج ـ ليس المقصود أنه كان منهيّاً عن الكلام وأنّه ترك الكلام باختياره، وإلاّ لكان المناسب أن تكون (لا) ناهية، والفعل بعدها مجزوماً لا منصوباً، بل المقصود أنّه عاجز تكويناً عن الكلام المرتبط بالشؤون الدنيويّة خلال هذه الأيام، فكان عجزه عن الكلام خلال هذه الفترة علامة وآية.

 

س 128 ـ إذا كان عاجزاً عن الكلام فيكف يؤمَر بالذِّكر والتسبيح؟

ج ـ يمكن أن يكون الأمر بالذِّكر والتسبيح في غير هذه الأيام الثلاثة، أو انّه كان عاجزاً عن الكلام في شؤونه الدنيوية وقادراً على الذكر والتسبيح. وفي الحديث عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ زكريا لمّا دعا ربّه أن يهب له ذكراً فنادته الملائكة بما نادته به أحبّ أن يعلم أن ذلك الصوت من الله، أوحى إليه أنّ آية ذلك أن يُمسَك لسانُه عن الكلام ثلاثة أيام، قال: فلما أمسك لسانه ولم يتكلم علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله. وذلك قول الله: ((رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا)) (5).

 

((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)) (42). 

س 129 ـ لماذا تكرر ذكر الاصطفاء في الآية؟

ج ـ حيث ان الأول غير متعدٍّ والثاني متعدٍّ بحرف الجر ولعلّ الاصطفاء الأول إشارة إلى قبولها لخدمة بيت الله رغم كونها أنثى كما قال تعالى: ((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ)) بينما الاصطفاء الثاني تمييزها على النساء بولادة عيسى (عليه السلام) من دون بعل.

 

س 130 ـ إلا يدل اصطفاء مريم على نساء العالمين على تفضيلها على فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي ورد في حقها أنها سيدة نساء العالمين؟

ج ـ الاصطفاء لا يدل على التفضيل من جميع الجهات، لأن الاصطفاء هو الاختيار (6) والتمييز، فاختيارها وتمييزها بولادة عيسى (عليه السلام) من دون بعل لا يدل على أنها أفضل مقاماً من نساء العالمين، وقد استعمل الاصطفاء في القرآن بمعنى الاختيار لا التفضيل كما في قولـه تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ)) (7) وقولـه تعالى: ((قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي)) فالمنظور فيه تمييزه على الناس واختياره من بينهم بالرسالة والكلام من دون نظر إلى بيان فضله عليهم.

ولو فُرض أن المقصود من اصطفاء مريم وتفضيلها، فيراد منه تفضيلها على نساء عالمها، فهو نظير ما جاء في سورة الأنعام ـ بعد ذكر إبراهيم (عليه السلام) وذريته: ((وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)) (8) فانه ليس المقصود تفضل كل واحد من هؤلاء على كل فرد من العالمين من أول الخلق إلى نهايته بمن فيهم غيرهم من الأنبياء كالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) بل مجرد تفضيل كل نبي منهم على العالَمين في زمانه فاختاره الله للنبوة من بينهم. والله العالم. فكذلك مريم إنما فضلت على نساء عالمها.

وقد أشارت العديد من النصوص إلى تفضيل الزهراء (عليها السلام) على مريم(9).

ومما يدل على تفضيل الزهراء (عليها السلام) على مريم وغيرها من النساء، ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((فاطمة سيدة نساء العالمين وأهل الجنة)) (10) حيث تجتمع كل النساء الصالحات في الجنة وسيّدتهن فاطمة(عليها السلام).

ومن خلال ما ذكرنا يتصح الموقف من الآيات التي تتحدث عن تفضيل بني اسرائيل على العالمين، بأن المقصود تفضيلهم على الأمم في زمانهم، لا على كل البشرية والملائكة. 

 

 ((إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ...)) (55). 

س 131ـ كيف تنسجم هذه الآية مع ما هو معروف بين المسلمين من أنّ عيسى (عليه السلام) حيّ ولم يمت بعد؟

ج ـ أشار القرآن الكريم وأكدت النصوص الكثيرة الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن عيسى (عليه السلام) رفع إلى السماء ولم يمت، مما يشهد أن الوفاة هنا ليست بمعنى الموت، بل قد تكون بمعنى الاستيفاء ويكون قولـه: ((رَافِعُكَ)) بياناً لكيفية الاستيفاء، أو تكون هذه الوفاة نظير وفاة النائم كما في قولـه تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَار))(11) وإلاّ فلو كان المسلمون قد فهموا من الآية الموت لا سألوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن التوفيق بين الأمرين، وتناقله الرواة، لأهميته ومعايشة المسلمين للنصارى.

ومما يشهد بأنّ الوفاة هنا ليست بمعنى الموت ما أكدته الآية الكريمة من رفع عيسى (عليه السلام) إلى السماء ((وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)) فانّ رفع جسد الميت ليس رفعاً لشخصه، لأن الإنسان هو الروح، كما يشير إليه قولـه تعالى: ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)).

وأجاب البعض أن الوفاة هي الموت الذي سوف يصيب عيسى (عليه السلام) بعد نزوله إلى الأرض مع الإمام المهدي (عليه السلام)، ولا يضّر تقديمه على الرفع في قولـه: (( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)) لأن الواو لا تدلّ على الترتيب كما نصّ عليه علماء العربية.

لكن هذا الجواب لا ينسجم مع قولـه تعالى ـ حكايةً عن الحوار بين الله تعالى وعيسى يوم القيامة: ((وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)) حيث يبدو أن الوفاة المذكورة مقترنة برفعه إلى السماء لا موته بعد ذلك.

 

((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) (59). 

س 132 ـ كيف شبّه عيسى بآدم المخلوق من التراب مع أنّ عيسى لم يـخلق كذلك؟

ج ـ وجه التشبيه في عدم الخلق العادي، وإن اختلف كل منهما عن الآخر في خصوصية معيّنة.

 

س 133 ـ لماذا قال: ((ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) مع أن ذلك قد مضى فيفترض أن يقول: (كن فكان)؟

ج ـ إنه حكاية عن وقت خلقه، أي عندما قال له ((كن)) يكون في ذلك الحال.

 

((هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) (66-67) 

س 134 ـ ما الذي حاجوا به وكان لهم به علم؟

ج ـ جاء في سبب النزول أنّ هناك محاججة جرت بين اليهود والنصارى في بعض مسائل العقيدة ومنها دين إبراهيم (عليه السلام) وعندما أصر كل منهم على موعظة احتكموا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بخصوص إبراهيم (عليه السلام)، فأشارت الآية الكريمة إلى أنه يفترض أن يقتصر احتجاجكم على ما تعرفونه ولا يتعداه إلى الرجم بالغيب فيما لا تعرفون مثل طبيعة دين إبراهيم (عليه السلام).

 

س 135 ـ كيف يكون إبراهيم مسلماً مع أنه عاش قبل رسالة الإسلام؟

ج ـ الإسلام يراد منه التسليم لله سبحانه، لأن إبراهيم كان مستقيماً ومسلّماً لله سبحانه، وجاءت تسمية الدين الإسلامي بذلك على هذا الأساس، باعتبار أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمسلمين مستسلمون لله تعالى ولشريعته وتعاليمها، في مقابل المشركين، لذلك قال سبحانه ـ بعد هذه الآية ـ ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)).

 

((وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))(72). 

س 136ـ كيف يؤثر ذلك على موقف المسلمين وإيمانهم بحيث طمع أهل الكتاب في رجوعهم عن الإسلام؟

ج ـ لأنهم بإيمانهم أول النهار يوهمون المسـلمين بأنّهم جادّون في البحث عن الحقيقة ومستعدون للخضوع والإيمان بدين الحق، فلّما يكفرون فيما بعد ـ بحجة انكشاف خطئهم في ذلك ـ يوجب ذلك تشكيك المسلمين بعقيدتهم ومراجعتهم لها، خصوصاً أنّ هناك قناعة عامّة بأن أهل الكتاب يعرفون أوصاف خاتم الأنبياء. 

 

((... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) (75). 

س 137ـ ما هو الكذب الذي كذبوا به على الله؟

ج ـ نسبتهم لله تعالى أنه يجوّز الخيانة مع غير المنتسبين لدينهم كذبٌ على الله، لأنّ الله يأمر بالوفاء بالعهد ونبذ الخيانة مع كل شخص كما قال ـ رداً عليهم ـ ((بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)).

 

((وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))(81-82). 

س 138ـ ما معنى أن يؤخذ العهد من الأنبياء بالإيمان بمن بعدهم والتصديق به ونصرته خصوصاً أنه لم يعهد اجتماع الأنبياء في عصر واحد ومكان واحد؟

ج ـ يبدو ـ عند التمعن في الآية ـ أن الخطاب والعهد للأمم، وإنما أضيف الميثاق إلى النبييّن باعتبارهم هم الذين يباشرون أخْذَ الميثاق من أُممهم ولذلك قال: ((... لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ...)) حيث الحديث كله مع الأمم، والمعنى أنّ هناك ميثاقاً لله ـ بواسطة أنبيائه ـ على الأمم أن يصدّقوا بالرسول الذي تنطبق دعوته مع تعاليم نبيّهم وأن ينصروه وأن كل أمة قد أقرّت بهذا الميثاق الذي أخذه عليهم نبيهم، فمن التزم به كان من المهتدين ومن تولّى عنه فهو من الفاسقين.

 

((أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))(83) 

س 139ـ كيف ينطبق ذلك مع ما هو معروف من أنّ أكثر الأنس والجن غير مؤمنين؟

ج ـ لعلّ المقصود من الإسلام ما يعمّ التسليم والانقياد التكويني، فالمؤمن منقاد لله تعالى وخاضع له طوعاً أيضاً، والكافر خاضع له تكويناً فقط.

 

((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ))(85). 

س 140ـ كيف ينسجم ذلك مع قولـه تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ... وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)) (البقرة:62)؟

 ج ـ نص الآية الأولى:((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)) وهي تشير إلى أن الأديان السماوية في صراط واحد، وانّ المؤمنين بها في عصور شرعيتها قبل نسخها آمنون ومرضيون لدى الله سبحانه، ولا تشمل الآية المعاندين منهم المصرّين على التزام الدين المنسوخ، ولذلك حفل القرآن الكريم بذمّ اليهود بسبب اصرارهم على دينهم وعدم ايمانهم برسالة الاسلام، مما أوجب حقد اليهود ومؤامراتهم المتتالية على النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) والمسلمين، حتى بات ذلك من الحقائق التاريخية، ولو كانوا قد فهموا من الآية ـ المدنية ـ مدحهم وشرعية موقفهم لاحتجوا بها على النبي والمسلمين مع ان ذلك لم يحدث. ولذلك آمن العديد من اليهود والنصارى بالإسلام، كما دعى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) نصارى نجران للإسلام والمباهلة.

 

((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ))(90). 

س 141ـ كيف ينسجم مدلول الآية مع ما ورد من النصوص الكثيرة بقبول التوبة الصادقة من كل تائب؟

ج ـ عدم قبول توبتهم إما باعتبار أن توبتهم صورية وليست حقيقية، ولذلك وصفهم بالضاّلين، أو باعتبارها ناقصة، حيث لم يلتزموا بلوازمها مثل إبراز توبتهم أمام من أغروهم ليكفوا عن متابعتهم في ضلالهم. فانّ بعض الناس يتظاهرون أمام اتباعهم بما لا يعتقدون به حفاظاً على مكانتهم الاجتماعية أو عناداً وتكبراً عن الاعتراف بالخطأ. نعوذ بالله تعالى من ذلك.

 

((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ)) (91). 

س 142ـ ما هي فائدة الواو في قولـه: (( وَلَوِ افْتَدَى بِهِ)) مع أنّ الكـلام يتمّ من دونها؟

ج ـ لعلّ ذلك باعتبار ان ما يقدّمه الكافر لا ينحصر فرضه بالفداء، بل قد يكون من الخيرات والصدقات التي يبذلها في الحياة الدنيا، فأشارت الآية الكريمة إلى أن ما يبذلـه ـ بأي وجه كان ـ لا يُقبل حتى إذا كان على سـبيل الفداء. 

 

((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)) (96). 

س 143ـ كيف وصف البيت الحرام بأنه أوّل بيت مع أنّ الذي بناه هو إبراهيم (عليه السلام) وقد سبقه كثير من الأنبياء؟

 ج ـ ليس هناك دليل على جعل أماكن للعبادة ـ بيوت الله ـ في الأديان السابقة، على أنه توجد بعض النصوص الدالة على اقتران وضع بيت الله الحرام للعبادة بدحو الأرض، فيكون أول بيت في الأرض وضع للعبادة.

 

س 144 ـ لماذا قال بكة، مع أنّ اسمها المعروف (مكة)؟

ج ـ لفظ "بكة" مأخوذ من البك وهو الزحام، وصار من أسماء (مكة) باعتبار أن الناس يزدحمون فيها.

ويبدو من بعض النصوص أن "بكة" في الأصل اسم لموضع البيت ـ حيث يشتد الزحام ـ ففي الحديث عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: ((إن بكة موضع البيت، وانّ مكة الحرم، وذلك قولـه: ((وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)) )) (12) وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: ((مكة جملة القرية، وبكة موضع الحجر الذي تبك الناس بعضهم بعضاَ)) (13). 

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)) (100). 

س 145 ـ لماذا خصّ التحذير بإطاعة بعض أهل الكتاب، مع أنهم جميعاً يشتركون في أن إطاعتهم توجب الارتداد عن الإسلام؟

ج ـ ليس المقصود إطاعتهم ومتابعتهم في عقيدتهم، لأنّ المسلم لا يتابع الكافر في عقيدته، وهذا واضح يعرفه كل مسلم، وإنّما الآية تشير إلى الفتن والإثارات التي كان يثيرها بعض اليهود في أوساط المسلمين بهدف تمزيق الصف الإسلامي، حيث روي انّ شاس بن قيس اليهودي لم يُرق له التآلف بين الأوس والخزرج تحت راية الإسلام، فحاول تذكيرهم بخلافاتهم وحروبهم في الجاهلية وإثارة بعضهم على بعض، وقرأ لهم بعضاًَ مما قيل من الشعر في تلك الحروب، حتى تنازع الحاضرون في المجلس من الطرفين، وتداعوا للسلاح وكادت تقع الفتنة فيما بينهم، فنزلت الآية لتحذيرهم من مثل هذا اليهودي، لأنّ متابعته تُعيدهم إلى عصبية الجاهلية وإلى الكفر.

 

((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)) (106). 

س 146ـ كيف يقول:(( أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُم)) مع أن أكثر الكافرين ـ المسودّة وجوههم ـ لم يسبق إيمانهم؟

ج ـ صحيح انّ سواد الوجه يعم كل الكافرين ولا يختص بالمرتّدين، لكن الآيات السابقة تتحدث عن مجتمع المسلمين وتحذّرهم من آفات الاختلاف والتفرق والارتداد، فمن الطبيعي ـ حين تحذّرهم من عاقبة الارتداد ـ أن تذكرّهم بالمشهد الذي يواجه المرتدّين الذين سبق انتسابهم للمجتمع الإيماني، أما طبيعة الحوار والمصير الذي يواجه باقي الكافرين فليست الآية بصدد الحديث عنه.

 

((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ...)) (110).  

 

س 147ـ لماذا قال: ((كُنتُمْ))ولم يقل ((انتم خير أمة...)) مع أن الخطاب للصدر الأول من المسلمين؟

ج ـ باعتبار أن مواقف وسلوك بعضهم اختلفت من فترة لأخرى، فبعض من كان في مكة أو في بداية الهجرة معروفاً بصموده وإيمانه وجهاده تزلزل فيما بعد وتأثر بإغراءات الحياة الدنيا، ولذلك وردت آيات العتاب والتحذير، وكذلك النصوص الكثيرة من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)في التعريض والطعن ببعضهم.

 

((لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ))(111). 

س 148 ـ ما معنى قولـه: ((لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى))مع أن الأذى ضرر أيضاً؟

ج ـ المقصود أن خططهم ومكائدهم تفشل ولا تضرّكم، نعم توجب الغمّ والإيذاء النفسي لكم، والأذى يحصل من الكلام المؤذي من دون أن يترتب عليه ضرر، كما قال الله تعالى: ((وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا)) (14) والآية تشير إلى اليهود وما كانوا يسبّبونه من المتاعب والغم للمسلمين من دون أن ينجحوا في الإيقاع بهم.

 

س 149ـ كيف يـخبر الله سبحانه عن هزيمة اليهود في الحرب مع المسلمين مع أنهم انتصروا عليهم واحتلوا فلسطين وغيرها من أراضيهم في هذا العصر؟

ج ـ الآية الكريمة تحدثت عن المسلمين المؤمنين حقاً بربّهم والملتزمين بتعاليم دينهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أما الذين تخلّوا عن مبادئهم وانهزموا في داخلهم قبل أن يهزمهم عدوّهم فهم بعيدون عن خطاب الآية.

 

((ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ...)) (112). 

س 150ـ كيف استثنى حالتهم في الإسلام من الذلة، مع أنهم أذلاء يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون؟

ج ـ لعلّ المقصود من حبل الله وحبل الناس العهد الذي جرى بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وطوائف اليهود عند هجرة الرسول والمهاجرين إلى يثرب، حيث ابتنى على رعايتهم واحترامهم، إلاّ أنهم لم يحترموا ذلك العهد كما هو معروف.

ولو فرضنا الآية ناظرةً إلى عقد الذمّة لليهود في الإسلام فانّ سلوك المسلمين معهم جرى على مداراتهم ـ على غرار باقي أهل الكتاب ـ بخلاف الأُمم الأخرى التي بالغت في قتلهم وإذلالهم، فكان اليهود الذين عاشوا في كنف المسلمين أعزاء بالنسبة إلى حالة قومهم مع الأمم الأخرى.

 

((لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)) (113). 

س 151ـ أليست هذه الآية وما بعدها تدلّ على مدح هذا الفريق من أهل الكتاب وأنهم من الصالحين رغم عدم إيمانهم برسالة الإسلام؟

ج ـ كلاّ، لأنّ هذه الأمة القائمة هي الثلة ـ من اليهود ـ التي استمسكت بالحق على طول الخط وآمنت بالإسلام ولم يمنعها تغيّر الدين الحق من المحافظة على الاستقامة والخضوع للدين الجديد، ولذلك وصفهم بأنهم ((أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ))، وهم المؤمنون الذين أشار إليهم ـ قبل هذه الآية ـ قولـه تعالى: ((مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)).

وكأنّ الهدف من مدح هذه الفئة المؤمنة من اليهود أن لا يُتوهّم أنّ الآيات السابقة التي ذمّت اليهود تعنيهم كشعب لا ينفك عن تلك الممارسات والخصال الذميمة وكذلك المصير القاتم الذي يواجههم، بينما المقصود منها ذمّ المعاندين منهم ـ وهم الأغلب ـ دون الثابتين على الحق، وهم المؤمنون منهم بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)، كما قال تعالى: ((وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ...)) (15) فسماهم أهل الكتاب بملاحظة حالتهم السابقة بالرغم من كونهم الآن مسلمين مؤمنين بما أُنزل من الآيات إلى باقي إخوانهم المسلمين.

 

((مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) (117).  

س 152ـ كيف شبّه نفقة الكفار بالريح، مع أنّها إنما تشبه الحرث الذي أهلكته الريح؟

ج ـ هذا من التشبيه المركب ـ كما علماء البلاغة ـ والمقصود منه تشبيه حالة بحالة لا مفردة بمفردة، حيث شبهت الآية الكريمة حالة نفقة الكافرين وتلفها وعدم جدواها بما يحدث حين تهب العواصف الباردة والثلجية من تلف حرث الظالمين وضياع جهدهم، وهو من التشبيه البليغ، وليس المقصود هنا تشبيه النفقة بالريح.

 

((إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ)) (124، 125). 

س 153ـ اختلفت أعداد الملائكة التي ذكرتها الآيات الكريمة ففي سورة الأنفال: ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)) وهنا ذكر ثلاثة آلاف، وخمسة آلاف، فيكف يرتفع التناقض؟

ج ـ الذي يبدو من خلال مراجعة الآيات الكريمة أنّ الله سبحانه أمدّ المسلمين في بدر بألف من الملائكة ـ كما ورد في سورة الأنفال ـ بينما خطاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) للمسلمين عن إمدادهم بثلاثة آلاف كان في غزوة أُحُد، وأما الوعد الإلهي بإمدادهم بخمسة آلاف فهو عقيب غزوة أُحُد بعد انسحاب المشركين من المعركة ـ واحتمال معاودتهم القتال ـ حيث وعد الله المسـلمين ـ إن صبروا واتقوا ـ أن يمدّهم بخمسة آلاف من الملائكة، إن عاد المشركون للقتال من فورهم.

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (130). 

س 154ـ لماذا خص النهي بالزيادة الربوية المضاعَفة، بينما الحرمة تشمل الزيادة التي هي أقل من ذلك أيضاً؟

ج ـ إما من باب تأكيد النهي عن هذا النحو من الربا، أو للإشارة إلى الطبيعة التصاعدية الفاحشة للزيادة الربوية.

 

((وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)) (131). 

س 155ـ لماذا خصّ الكافرين بالذكر مع أنّ غيرهم يدخل النار أيضاً؟

ج ـ لعلّ ذلك باعتبار أنهم الفئة الغالبة والبارزة من بين أهل النار، لتلبسّهم بأفحش الذنوب وهو الكفر.

 

((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ)) (135). 

س 156 ـ ما الفائدة في قولـه: ((فَعَلُواْ فَاحِشَةً)) مع أنه داخل في ظلم النفس؟

ج ـ ذكر بعض المفسّرين في سبب نزول الآية أنّ أحد الصحابة تعدّى على حرمة إحدى المسلمات فقالت له: اتق الله، فتركها وندم وأتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وذكر ذلك، وعلى هذا فيكون النص على الفاحشة للإشارة إلى الحادثة، ثم جاء التعميم لكل ذنب بقولـه: ((أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ)).

 

((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)) (144). 

س 157 ـ هل انقلب المسلمون على أعقابهم حتى يستحقوا هذا التوبيخ؟

ج ـ لعلّه إشارة إلى الهزيمة العامة وانهيار جلّ المسلمين بعد أن اشيع مقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في واقعة اُحُد، أو إشارة إلى ما ذكره المؤرخون والمفسّرون من أنّ بعض ضعاف العقيدة فَكّروا في طلب الأمان من أبي سفيان وتزلزلت عقيدتهم بدينهم بعد انتشار الإشاعة بمقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في تلك المعركة(16).

 

س 158ـ ما هو ارتباط قولـه: ((وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)) بانقلاب بعض المسلمين على أعقابهم؟

ج ـ باعتبار أن ثبات من ثبت من المسلمين في معركة اُحُد ولم يتلوّث بالفتنة التي أصابت الآخرين عقيب انتشار إشاعة مقتل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان تعبيراً عن شكرهم وعرفانهم لنعمة الإيمان، فانطبق عليهم وصف الشاكرين. 

 

((وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ...)) (152). 

س 159 ـ ما معنى: ((إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ))؟

ج ـ الحسّ هو القتل على نحو الاستئصال والإفناء، وهو إشارة إلى النصر السريع الذي كان للمسلمين في بداية معركة اُحُد قبل أن يعصي الرماة أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) ويتركوا مواضعهم في الجبل طلباً للغنيمة.

 

س 160 ـ لماذا خلت الآية من جواب الشرط مع أنّ (( إذا)) شرطية تحتاج إلى ذلك؟

ج ـ يمكن أن يكون جواب الشرط محذوفاً، لكونه مفهُوماً من سياق الآية، أي حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم أمْرَ الرسول ابتلاكم الله.

ويمكن أن تكون (( إذا)) ظرفية مجرّدة من معنى الشرط ـ كما ذكر ذلك النحويون ـ ويكون معنى الآية ولقد صدقكم الله وعده حيث تقتلونهم بإذنه إلى حين فشلِكم وعصيانكم... الخ.

 

((وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) (170). 

 

س 161 ـ كيف قال: ((لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ)) مع أنّ من مات بعدَهم لاحق بهم؟

ج ـ إما أن يكون المقصود أنهم لم يستشهدوا في تلك المعركة ـ عقيب استشهاد أولئك ـ بل ماتوا فيما بعد، أو أن المقصود أنهم لم يلحقوا الشهداء في مقامهم الرفيع.

 

((وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء)) (177). 

س 162 ـ لماذا لم يرفع ((الصابرين)) مع أنه معطوف على المرفوع فيقول: ((... وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء...)) وليس ((الصابرين))؟

ج ـ المنصوب هنا ليس معطوفاً على المرفوع، وانّما هو منصوب على المدح ـ كما يسميه النحاة ـ فهو مفعول به لفعل محذوف تقديره أعني أو أمدح، وهو مألوف عند العرب بل في موارد طول النعوت وتعدّدها يكون ذلك مفضلاً عندهم، قال أبو علي: والأحسن في هذه الأوصاف التي تقطّعت للرفع من موصوفها والمدح أو الغض منهم والذم أن يخالَف بإعرابها، ولا تُجعل كلها جارية على موصوفها، ليكون ذلك دلالةً على هذا المعنى...(17).

ومن ذلك قول الشاعر ـ انشده الفراء ـ:

إلى الملكِ القرمِ وابنِ الهمام            وليـثَ الكتيـبة في المـزدحم

وذا الـرأي حين تغمّ الأمور           بذاتِ الصـليل وذات اللجـم

 

فنصب ((ليثَ)) و((ذا الرأي)) على المدح.

ومثله أيضاً قول الشاعر:

فليتَ التي فيها النجوم تواضعت على كل غثٍّ منهم وسـمين

غيوثُ الحيا في كـل محـل ولـزبة اسودُ الثرى يحمينَ كلَّ عرين

فرفع ((غيوث)) و((اُسود)) مع انّهما وصفان في المعنى للمجرور.

 

 ((... وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء...)) (179). 

س 163 ـ كيف خصّ ذلك ببعض الرسل مع أنّ الكل يشتركون في تميّزهم بالرسالة كما قال تعالى: ((اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ))؟

ج ـ كأنّ الملحوظ في تلك الآية التمييز في علم الغيب، فأنّه خاص ببعض الرسل الذين يجتبيهم الله لذلك ويميّزهم ببعض مراتب علم الغيب.

 

((ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ)) (182). 

س 164 ـ ((ظلاّم)) بصيغة المبالغة بمعنى كثير الظلم أو عظيمه، ونفي ذلك عن الله لا يعني عدم صدور الظلم العادي منه أحياناً؟

ج ـ بما انّ عذاب الله تعالى في غاية الشدة (شديد العقاب) ولا يقتصر على شخص أو عدد محدود من الناس، فهو يدور مدار الظلم الفاحش ـ إن لم يكن عن استحقاق ـ والعدل ـ إن كان عن استحقاق ـ ولا يتصوّر أن يكون ظلماً عادياً، فمع نفي الظلم الفاحش عنه تعالى يثبت كونه عادلاً، وأنّ عقابه عن استحقاق من الناس.

 

((فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ)) (184). 

س 165ـ كيف جعل تكذيب الرسل جواباً للشرط مع كونه متقدماً على تكذيب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، وقد ذكر علماء العربية أن جواب الشرط يجب أن يتأخر عن فعل الشرط؟

ج ـ جواب الشرط هنا ليس تكذيب الرسل، وإنّما الإخبار القرآني بذلك ـ لأن ((قد)) للتحقيق والإثبات ـ وهو متأخر عن تكذيبهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، كما تقول: إذا أضاء الجوّ فقد طلعت الشمس، فجواب الشرط ثبوت طلوع الشمس لا نفس طلوعها، لأن طلوع الشمس متقدّم على الإضاءة وسبب لها فلا يكون جواباً للشرط، ولذلك لا يصح أن تقول: إذا أضاء الجوّ طلعت الشمس، من دون إضافة ((قد)) لجواب الشرط.

 

((إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (199). 

س 166ـ كيف يكون الله ((سَرِيعُ الْحِسَابِ)) مع أنّ حسابه مؤجَّل إلى يوم القيامة؟

ج ـ بما انّ الله سبحانه سرمدي له الخلود المطلق فما هو مؤجَّل وبعيد بالنسبة إلينا قريب وسريع بالنسبة إليه.

 

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (200). 

س 167 ـ لماذا قال: ((اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ))؟

ج ـ وردت عدّة نصوص في توضيح ذلك، منها ما روي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: معناه اصبروا على المصائب وصابروا على عدوّكم ورابطوا عدوّكم(18). 

 

ــــــــــــــــــ

(1) سورة البقرة: 53.

(2) تفسير العياشي: 185.

(3) لمعرفة المزيد حول المحكم والمتشابه يراجع كتابنا (علوم القرآن دروس منهجية)

(4) سورة ص: 84 ـ 85.

(5) تفسير العياشي: 1/196.

(6) لسان العرب: 14/463.

(7) سورة البقرة: 132.

(8) يراجع الآيات (83 ـ 86) سورة الأنعام.

(9) يراجع كتاب مأساة الزهراء: 1/ 41.

(10) يراجع الجامع الصحيح: 3/ 35. وغيره.

(11) سورة الأنعام: 60.

(12) تفسير العياشي:1/210.

(13) المصدر:1/210.

(14) آل عمران: 186.

(15) آل عمران: 199.

(16) يراجع الكشاف: 1/ 422- 423.

(17) مجمع البيان 1/475.

(18) مجمع البيان:2/918.

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21404272

  • التاريخ : 20/04/2024 - 05:47

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net