من سورة يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول من قرأ سورة يوسف عليه السلام [ في كل يوم أو ] في كل ليلة بعثه الله يوم القيمة وجماله على جمال يوسف عليه السلام، ولا يصيبه يوم القيمة ما يصيب الناس من الفزع وكان جيرانه من عباد الله الصالحين، - ثم قال: ان يوسف كان من عباد الله
الصالحين - واومن في الدينا ان يكون زانيا او فحاشا(1) .
2 - عن مسعدة بن صدقة قال: قال جعفر بن محمد عليه السلام: قال والدى عليه السلام: و الله انى لاصانع بعض ولدى واجلسه على فخذى، وأكثر له المحبة واكثر له الشكر، وان الحق لغيره من ولدى، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف واخوته، وما أنزل الله سورة يوسف الا أمثالا لكى لا يحسد بعضنا بعضا كما حسد بيوسف اخوته، وبغوا عليه فجعلها حجة (رحمة خ) على من تولانا، ودان بحبنا، وجحد اعدائنا على من نصب لنا الحرب والعداوة(2).
3 - عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: الانبياء على خمسة أنواع، منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة، فيعلم ما عنى به، ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف وابراهيم، ومنهم من يعاين، ومنهم من ينكت في قلبه ويوقر في اذنه.(3)
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 242. البحار ج 19: 70. الصافى ج 1: 862.
(2) البرهان ج 2: 245. البحار ج 15 (ج 4): 24.
(3) البرهان ج 2: 246. البحار ج 5: 15.
[167]
4 - عن أبى خديجة عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: انما ابتلى يعقوب بيوسف انه ذبح كبشا سمينا ورجل من أصحابه يدعى بقوم محتاج لم يجد ما يفطر عليه فأغفله ولم يطعمه، فابتلى بيوسف، وكان بعد ذلك كل صباح مناديه ينادى: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب، فاذا كان المساء نادى: من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب(1).
5 - عن أبى حمزة الثمالى قال: صليت مع على بن الحسين صلوات الله عليه الفجر بالمدينة في يوم الجمعة، فدعا مولاة له يقال، لها وشيكة(2) وقال لها: لا يقفن على بابى اليوم سائل الا أعطيتموه، فان اليوم الجمعة فقلت: ليس كل من يسئل محق جعلت فداك؟ فقال: يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسئلنا محقا فلا نطعمه ونرده، فينزل بنا اهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، اطعموهم اطعموهم ثم قال: ان يعقوب كان كل يوم يذبح كبشا يتصدق منه ويأكل هو وعياله، وان سائلا مؤمنا صواما قواما له عند الله منزلة مجتازا غريبا اعتر(3) بباب يعقوب عشية جمعة عند أوان افطاره، فهتف ببابه: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه جهلوا(4) حقه و لم يصدقوا قوله، فلما أيس منهم أن يطعم وتغشاه الليل استرجع واستعبر(5) و شكى جوعه إلى الله وبات طاويا(6) وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله، و بات يعقوب وآله شباعا بطانا وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم. قال: فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت عبدى ذلة
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 246: الصافى ج 1: 822.
(2) وفى نسخة (الفتيكة) وفى رواية الصدوق في العلل (سكينة).
(3) اعتره: اتاه للمعروف.
(4) وفى رواية العلل (قد جهلوا).
(5) استعبر: جرت عبرته. والعبرة: الدمعة.
(6) اى جائعا.
[168]
استجررت بها غضبى، واستوجبت بها أدبى ونزول عقوبتى وبلواى عليك وعلى ولدك يا يعقوب، اما علمت ان أحب أنبيائى إلى واكرمهم على من رحم مساكين عبادى، وقربهم اليه وأطعمهم وكان لهم مأوى وملجئا، يا يعقوب أما رحمت ذميال(1) عبدى المجتهد في عبادى، القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء امس لما اعتر ببابك عند أوان افطاره، يهتف بكم: اطعموا السائل الغريب المجتاز فلم تطعموه شيئا، واسترجع واستعبر وشكا ما به إلى، وبات طاويا حامدا صابرا وأصبح لى صائما، وبت يا يعقوب وولدك ليلكم شباعا وأصبحتم وعندكم فضلة من طعامكم، وما علمت يا يعقوب انى بالعقوبة والبلوى إلى أوليائى أسرع منى بها إلى أعدائى، وذلك منى حسن نظر لاوليائى، واستدراج منى لاعدائى، اما وعزتى لانزلن بك بلواى ولاجعلنك وولدك غرضا لمصابى ولاؤدبنك بعقوبتى، فاستعدوا لبلائى و ارضوا بقضائى واصبروا للمصائب.
قال ابوحمزة: فقلت لعلى بن الحسين عليه السلام: متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: في تلك الليلة التى بات فيها يعقوب وولده شباعا، وبات فيها ذميال جايعا رائها (2) فأصبح فقصها على يعقوب من الغد فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف الرؤيا مع ما أوحى الله اليه ان استعد للبلاء، فقال ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على اخوتك فانى أخاف أن يكيدوك، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على اخوته، فقال على بن الحسين عليه السلام فكان أول بلوى نزلت بيعقوب وآله الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا التي رآها، قال: واشتد رقة يعقوب على يوسف وخاف أن يكون ما أوحى الله اليه من الاستعداد للبلاء انما ذلك في يوسف فاشتدت رقته عليه، وخاف أن ينزل به البلاء في يوسف من بين ولده فلما أن رأوا اخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف من اكرامه وايثاره اياه عليهم اشتد ذلك عليهم، وابتدء البلاء فيهم، فتآمروا(3) فيما بينهم وقالوا: ان يوسف
___________________________________
(1) اسم ذلك الرجل.
(2) اى مضطربا.
(3) اى تشاوروا.
[169]
وأخاه أحب إلى ابينا منا ونحن عصبة، اقتلوا يوسف أو القوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين، اى تتوبون فعند ذلك قالوا: (يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) قال يعقوب: (انى ليحزننى أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون) حذرا منه عليه أن يكون البلوى من الله على يعقوب في يوسف، وكان يعقوب مستعدا للبلوى في يوسف خاصة قال: فغلبت قدرة الله وقضاؤه، ونافذ أمره في يعقوب ويوسف واخوته، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف واخوته، فدفعه اليهم وهو لذلك كان (1) متوقع البلاء من الله في يوسف خاصة لموقعه من قلبه وحبه له.
فلما خرجوا به من منزله لحقهم مسرعا فانتزعه من أيديهم فضمه اليه واعتنقه وبكى، ثم دفعه اليهم وهو كاره فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ثم لا يدفعه اليهم، فلما أمعنوا به مالوا به إلى غيضة أشجار(2) فقالوا: نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئاب الليلة، فقال كبيرهم: (لا تقتلوا يوسف) ولكن (ألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة ان كنتم فاعلين) فانطلقوا به إلى الجب فألقوه في غيابت الجب وهم يظنون انه يغرق فيه، فلما صار في قعر الجب ناداهم: يا ولد رومين اقرؤا يعقوب منى السلام فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تفرقوا من هاهنا حتى تعلمون انه قد مات، قال: فلم يزالوا بحضرته حتى آيسوا (فرجعوا إلى أبيهم عشاءا يبكون قالوا يا ابانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب) فلما سمع مقالتهم استرجع(3) واستعبر وذكر ما أوحى الله اليه من الاستعداد للبلاء، فصبر وأذعن للبلوى وقال لهم: (بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل) وما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل ان أرى تأويل رؤياه الصادقة، قال أبو حمزة: ثم انقطع ما قال على بن الحسين عند هذا الموضع.(4)
___________________________________
(1) وفى رواية العلل (كاره) وكأنه الظاهر.
(2) الغيضة: مجتمع الشجر في مغيض ماء اى مدخله في الارض.
(3) اى قال: انا لله وانا اليه راجعون.
(4) البحار ج 5: 185. البرهان ج 2: 246. الصافى ج 1: 822 مختصرا.
[170]
6 - عن مسمع أبى سيار عن أبى عبدالله عليه السلام قال لما ألقى يوسف في الجب نزل عليه جبرئيل فقال له: يا غلام ما تصنع هاهنا؟ من طرحك في هذا الجب؟ فقال: اخوتى لمنزلتى من أبى حسدونى ولذلك في هذا الجب طرحونى، فقال له جبرئيل: أتحب أن تخرج من هذا الجب؟ فقال: ذلك إلى اله ابراهيم واسحق ويعقوب، فقال له جبرئيل: فان اله ابراهيم واسحق ويعقوب يقول لك(1) قل اللهم انى اسئلك بان لك الحمد لا اله الا انت المنان بديع السموات والارض، ذوالجلال والاكرام أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن تجعل لى من امرى فرجا ومخرجا وترزقنى من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب) فقالها يوسف، فجعل الله له من الجب يومئذ فرجا، ومن كيدالمرأة مخرجا وأتاه ملك مصر من حيث لم يحتسب(2) ومن رواية اخرى عنه وترزقنى من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب(3) .
7 - عن زيد الشحام عن ابى عبدالله عليه السلام في قول الله (لتنبئنهم بأمرهم هذا و هم لا يشعرون) قال: كان ابن سبع سنين.(4).
8 - عن جابر بن عبدالله الانصارى في قول الله (انى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين) قال: في تسمية النجوم هو الطارق وخوبان والريان وذو الكنفان(5) ووابس (قابس خ) ووثاب وعمروان(6) وفيلق وفصيح
___________________________________
(1) وفى نسخة البرهان (امرك أن تقول اللهم اه).
(2) البحار ج 5: 178. البرهان ج 2: 247. الصافى ج 1: 825.
(3) البرهان ج 2: 247. الصافى ج 1: 825.
(4) البرهان ج 2: 247. البحار ج 5: 191.
(5) وفى رواية الخصال (جوبان) وفى نسخة منه (حربان) وعن العرائس للثعلبى (جريان) مكان (حوبان) (والذبال) وفى رواية تفسير القمى (الذيال) وفى نسخة البرهان (امان) بدل (الريان). وفى تفسير القمى (ذوالكتفين) وفى البرهان (ذوالكتاف) عوض (ذوالكنفان).
(6) وفى البرهان (عروان). وفى تفسير القمى وعن العرائس والخصال (عمودان).
[171]
والصرح(1) والبدوع(4) والضياء والنور يعنى الشمس والقمر وكل هذه النجوم محيطة بالسماء.(3) .
9 - عن أبى جميلة عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لما أوتى بقميص يوسف إلى يعقوب فقال: اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص، قال: و كان به نضح من دم(4) .
10 - عن أبى حمزة قال: ثم انقطع ما قال على بن الحسين عند هذا الموضع(5) فلما كان من غد غدوت اليه فقلت له: جعلت فداك انك حدثتنى امس حديث يعقوب وولده، ثم قطعته، فما كان من قصة يوسف بعد ذلك؟ فقال: انهم لما أصبحوا قالوا : انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف مات ام هو حى؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب السيارة قد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه، فلما جذب دلوه اذا هم بغلام متعلق بدلوه، فقال لاصحابه: يا بشرى هذا غلام، فلما أخرجه أقبل اليه اخوة يوسف، فقالوا هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب، وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية، ثم قالوا له: اما ان تقر لنا بانك عبد لنا فنبيعك من بعض اهل هذه السيارة أو نقتلك، فقال لهم يوسف: لا تقتلونى واصنعموا ما شئتم فأقبلوا به إلى السيارة فقالوا: هل منكم أحد يشترى منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما وكان اخوتهم فيه من الزاهدين، وسار به الذى اشتراه حتى
___________________________________
(1) وفى الخصال (الصدح) وفى نسخة (الصوح) وفى اخرى (الضروج) وعن العرائس (الضروح) .
(2) وفى البرهان (الفروع) وفى تفسير القمى (القروع) وعن العرائس (الفرع) وفى الخصال (ذوالقرع).
(3) البرهان ج 2: 247. الصافى ج 1: 820.
(4) البرهان ج 2: 247. البحار ج 5: 191. الصافى ج 1: 823.والنضح: الرش.
(5) قد مضى صدر هذا الحديث تحت رقم(5) وقد وقع الفصل بينهما باحاديث و قد ذكره الصدوق رحمه الله في العلل من غير فصل.
[172]
ادخل مصر فباعه الذى اشتراه من البدو من ملك مصر، وذلك قول الله (وقال الذى اشتراه من مصر لامراته اكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا)(1).
11 - عن الحسن عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) قال: كانت عشرين درهما(2).
12 - عن ابى الحسن الرضا عليه السلام مثله وزاد فيه: البخس النقص، وهى قيمة كلب الصيد اذا قتل كانت ديته عشرين درهما(2).
13 - عن عبدالله بن سليمان عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: قد كان يوسف بين أبويه مكرما ثم صار عبدا حتى بيع بأخس وأوكس الثمن(4) ثم لم يمنع الله ان بلغ به حتى صار ملكا(5) .
14 - عن ابن حصين عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) قال: كانت الدراهم ثمانية عشر درهما(6) .
15 - وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام قال: كانت الدراهم عشرين درهما وهى قيمة كلب الصيد اذا قتل، والبخس النقص(7).
16 - قال أبوحمزة: قلت لعلى بن الحسين: ابن كم كان يوسف يوم القى في الجب؟ فقال: ابن سبع(8) سنين، قلت: فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ قال: مسيرة ثمانية عشر يوما، قال: وكان يوسف من أجمل أهل زمانه فلما راهق (9) يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه، فقال لها: معاذ الله انا من اهل بيت لا يزنون، فغلقت الابواب عليها وعليه وقالت لا تخف وألقت نفسها عليه فأفلت(10) هاربا إلى
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 247 الصافى ج 1: 824 ويأتى تمام الحديث تحت رقم 16 و 20 ايضا فانتظر .
(2 - 3) البحار ج 5: 191. البرهان ج 2: 247. الصافى 1: 824.
(4) الاوكس: الانقص.
(5 - 7) البحار ج 5: 191. البرهان ج 2: 247.
(8) وفى حديث العلل (تسع) بدل (سبع).
(9) راهق الغلام: قارب الحلم.
(10) اى تخلص منها.
[173]
الباب ففتحه وألحقته فجذبت قميصه من خلفه، فأخرجته منه وأفلت يوسف منها في ثيابه(1).
17 - عن بعض أصحابنا عن أبى عبدالله قال: فلما همت به وهم بها قالت كما أنت، قال: ولم؟ قالت: حتى اغطى وجه الصنم لا يرانا، فذكر الله عند ذلك وقد علم ان الله يراه ففر منها هاربا(2).
18 - عن محمد بن قيس عن أبى عبدالله قال: سمعته يقول: ان يوسف لما حل سراويله راى مثال يعقوب قائما عاضا على اصبعه(3) وهو يقول له: يا يوسف
___________________________________
(1 - 2) البحار ج 5: 185 - 191. البرهان ج 2: 248.
(3) عض على اصبعه: امسكه باسنانه. ثم لا يخفى ان الرواية محمولة على التقية بدلالة الخبر الآتى والا ففيها ما يخالف عقائد الامامية وان شئت تفصيل الكلام في ذلك فراجع تنزيه الانبياء 60 - 68. والبحار ج 5: 198 - 200 ولقد أجاد المحقق المحدث العارف الفيض قدس سره في الصافى في ما أفاده في المقام ولا بأس بذكر كلامه قدس سره الشريف قال بعد نقل شطر من الروايات في الباب ما لفظه: وقد نسبت العامة خذلهم الله إلى يوسف في هذا المقام امورا ورووا بها روايات مختلفه لا يليق للمؤمن نقلها فكيف باعتقادها؟ ! ونعم ما قيل: ان الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف والمرأة وزوجها والنسوة والشهود ورب العالمين وابليس، وكلهم قالوا ببراءة يوسف عن الذنب فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب. اما يوسف فقوله (هى راودتنى عن نفسى) وقوله (رب السجن احب إلى مما يدعوننى اليه) واما المرأة فلقولها (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) وقالت (الان حصحص الحق انا راودته عن نفسه) واما زوجها فلقوله (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم) واما النسوة فلقولهن (امرأة العزيز تراود فتيها عن نفسه قد شغفها حبا انا لنريها في ضلال مبين) وقولهن (حاش لله ما علمنا عليه من سوء) واما الشهود قوله تعالى (شهد شاهد من اهلها) الاية واما شهادة الله بذلك فقوله عز من قائل (كذلك لنصرف عنه السوء و - الفحشاء انه من عبادنا المخلصين) واما اقرار ابليس بذلك فلقوله (فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين) فأقر بانه لا يمكنه اغواء العباد المخلصين وقد قال الله تعالى (انه من عبادنا المخلصين) فقد أقر ابليس بانه لم يغوه وعند هذا نقول ان هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف الفضيحة ان كانوا من اتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته، وان كانوا من أتباع ابليس وجنوده فليقبلوا اقرار ابليس بطهارته.
[174]
قال: فهرب ثم قال أبوعبدالله: لكنى والله ما رأيت عورة أبى قط، ولا راى أبى عورة جدى قط ولا راى جدى عورة أبيه قط، قال: وهو عاض على اصبعه، فوثب فخرج الماء من ابهام رجله(1) .
19 - عن بعض أصحابنا عن ابى جعفر عليه السلام قال: أى شئ يقول الناس في قول الله عزوجل: (لولا أن رأى برهان ربه)؟ قلت: يقولون راى يعقوب عاضا على اصبعه فقال: لا ليس كما يقولون، فقلت: فأى شئ رأى؟ قال: لما همت به وهم بها قامت إلى صنم معها في البيت، فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف: ما صنعت؟ قال: طرحت عليه ثوبا استحيى أن يرانا، قال: فقال يوسف: فأنت تستحيى من صنمك وهو لا يسمع ولا يبصر ولا أستحى أنا من ربى؟(2) نرجع إلى حديث ابى حمزة: وأفلت يوسف منها في ثيابه (والفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من اراد بأهلك سوءا الا أن يسجن او عذاب اليم) قال: فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف: واله يعقوب ما أردت بأهلك سوءا هى راودتنى عن نفسى، فسل هذا الصبى أينا راود صاحبه عن نفسه؟ قال: وكان عندها صبى من اهلها زائر(3) [ في المهد فقال: هذا طفل لم ينطق؟ فقال: كلمه ينطقه الله فكلمه فأنطق الله ] لها فأنطق الله الصبى بفصل القضاء، فقال للملك: انظر أيها الملك إلى القميص فان كان مقدودا من قدامه فهو راودها، وان كان مقدودا من خلفه فهى التى راودته عن نفسه، وصدق وهى من الكاذبين، فلما سمع الملك كلام
___________________________________
(1 - 2) البحار ج 5: 191. البرهان ج 2: 248.
(3) اى باك.
[175]
الصبى وما اقتص به أفزعه ذلك فزعا شديدا، فدعا بالقميص فنظر اليه فلما رأى القميص مقدودا من خلفه قال لها: (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم) وقال ليوسف (اعرض عن هذا) فلا يسمعه منك أحد واكتمه فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قال نسوة منهم: (امرأة العزيز تراود فتيها عن نفسه) فبلغها ذلك فارسلت اليهن وهيئت لهن طعاما ومجلسا ثم اتتهن بأترج وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت ليوسف: اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن ما قلن فقالت لهن: فهذا الذى لمتننى في حبه؟ قال: فخرج النسوة من عندها فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صواحبها تسئله الزيارة فأبى عليهن: وقال (رب الا تصرف عنى كيدهن اصب اليهن واكن من الجاهلين) فلما اذاع امر يوسف وامر امرأة العزيز والنسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع من قول الصبى ما سمع ليسجنن يوسف، فحبسه في السجن ودخل مع يوسف في السجن فتيان، فكان من قصتهما وقصة يوسف ما قصه الله في كتابه، قال أبوحمزة: ثم انقطع حديث على بن الحسين عند ذلك.
(1) .
20 - عن محمد بن مروان عن رجل عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان يوسف خطب امرأة جميلة كانت في زمانه، فردت عليه ان عبدالملك اياى يطلب، قال: فطلبها إلى أبيها، فقال له أبوها: ان الامر أمرها، قال: فطلبها إلى ربه وبكى، قال: فأوحى الله اليه: انى قد زوجتكها ثم ارسل اليها انى أريد أن أزوركم، فأرسلت اليه: ان تعال، فلما دخل عليها أضاء البيت لنوره، فقالت: ما هذا الا ملك كريم، فاستسقى فقامت إلى الطاس لتسقيه، فجعل يتناول الطاس من يدها فتناوله فاها فجعل يقول لها: انتظرى ولا تعجلى، قال: فتزوجها(2) .
21 - عن العباس بن هلال قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: ان يوسف النبى قال له السجان: انى لاحبك فقال له يوسف: لا تقل هكذا فان عمتى
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 248. البحار 5: 185.
(2) البرهان ج 2: 253. البحار ج 5: 191.
[176]
أحبتنى فسرقتنى، وان ابى أحبنى فحسدنى اخوتى فباعونى، وان امرأة العزيز أحبتنى فحبستنى(1) .
22 - عن ابن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال جاء جبرئيل إلى يوسف في السجن قال: قل في دبر كل صلوة فريصة (اللهم اجعل لى فرجا ومخرجا وارزقنى من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب)(2) .
23 - عن طربال عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لما امر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله علم تأويل الرؤيا، فكان يعبر لاهل السجن رؤياهم وان فتيين ادخلا معه السجن يوم حبسه، فلما باتا أصبحا فقالا له: انا رأينا رؤيا فعبرها لنا، فقال: و ما رأيتما؟ فقال أحدهما: (انى ارانى احمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه) وقال الآخر: انى رأيت ان اسقى الملك خمرا ففسر لهما رؤياهما على ما في الكتاب، ثم قال للذى ظن انه ناج منهما اذكرنى عند ربك، قال: ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله: فيدعوه فلذلك قال الله: (فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين) قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف من أراك الرؤيا التى رأيتها؟ فقال: أنت يا ربى، قال: فمن حببك إلى ابيك؟ قال: أنت يا ربى: قال: فمن وجه السيارة اليك؟ فقال: انت يا ربى، قال: فمن علمك الدعاء الذى دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا؟ قال: أنت يا ربى، قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال: انت يا ربى، قال: فمن انطق لسان الصبى بعذرك؟ قال: أنت يا ربى، قال: فمن صرف عنك كيد امرأة العزيز والنسوة؟ قال: أنت يا ربى؟ قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا ربى، قال: فكيف استغثت بغيرى ولم تستغث بى وتسئلنى ان أخرجك من السجن، واستغثت وأملت عبدا من عبادى ليذكرك إلى مخلوق من خلقى في قبضتى ولم تفزع إلى؟ البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا إلى عبد.
قال ابن أبى عمير قال ابن أبى حمزة: فمكث في السجن عشرين سنة(3).
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 254. البحار ج 5: 178. الصافى ج 1: 831.
(2) البرهان ج 2: 254. البحار ج 5: 191.
[177]
24 - سماعة(1) عن قول الله (اذكرنى عند ربك) قال: هو العزيز(2) .
25 - ابن أبى يعفور عن أبى عبدالله عليه السلام (قال الآخر انى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا) قال: احمل فوق رأسى جفنة فيها خبر تأكل الطير منها(3) .
26 - عن يعقوب بن شعيب عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال الله ليوسف: ألست الذى حببتك إلى أبيك وفضلتك على الناس بالحسن؟ أولست الذى سقت اليك السيارة وانقذتك واخرجتك من الجب؟ أولست الذى صرفت عنك كيد النسوة؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك أو تدعو مخلوقا دونى؟ فالبث لما قلت في السجن بضع سنين(4) .
27 - عن عبدالله بن عبدالرحمن عمن ذكره عنه قال: لما قال للفتى: اذكرنى عند ربك أتاه جبرئيل فضربه برجله حتى كشط له عن الارض السابعة(5) فقال له: يا يوسف انظر ماذا ترى؟ قال: أرى حجرا صغيرا ففلق الحجر فقال: ماذا ترى؟ قال: أرى دودة صغيرة، قال: فمن رازقها؟ قال: الله، قال: فان ربك يقول: لم انس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الارض السابعة، أظننت انى أنساك حتى تقول للفتى: (اذكرنى عند ربك)؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين ! قال: فبكى يوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان، قال: فتأذى به أهل السجن، فصالحهم على أن يبكى يوما ويسكت يوما فكان في اليوم الذى يسكت أسوء حالا(6) .
28 - عن هشام بن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ما بكى أحد بكاء ثلثة، آدم ويوسف وداود، فقلت: ما بلغ من بكائهم؟ قال: اما آدم فبكا حين أخرج من الجنة وكان رأسه في باب من ابواب السماء فبكى حتى تأذى
___________________________________
(1) كأن سماعة سئل عنهم عليه السلام عن الاية فأجابوه بما في الحديث.
(2 - 4) البحار ج 5: 192. البرهان ج 2: 254.
(5) كشط الغطاء عن الشئ: كشفه عنه.
(6) البحار ج 5: 192. البرهان ج 2: 254 الصافى ج 1: 834.
[178]
به أهل السماء، فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته، واما داود فانه بكى حتى هاج العشب من دموعه، وانه كان ليزفر زفرة فيحرق ما نبت من دموعه، واما يوسف فانه كان يبكى على أبيه يعقوب وهو في السجن فتأذى به أهل السجن، فصالحهم على أن يبكى يوما ويسكت يوما(1).
29 - عن شعيب العقر قوفى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ان يوسف أتاه جبرئيل فقال: يا يوسف ان رب العالمين يقرؤك السلام ويقول لك: من جعلك أحسن خلقه قال: فصاح ووضع خده على الارض، ثم قال: أنت يارب، قال: ثم قال له: ويقول لك: من حببك إلى أبيك دون اخوتك؟ قال: فصاح ووضع خده على الارض، ثم قال: أنت يارب، قال: ويقول لك: من اخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ قال: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: انت يارب، قال: فان ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فالبث في السجن بضع سنين. قال: فلما انقضت المدة اذن له في دعاء الفرج ووضع خده على الارض ثم قال : اللهم ان كانت ذنوبى قد أخلقت وجهى عندك فانى أتوجه اليك بوجه آبائى الصالحين ابراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب، قال: ففرج الله عنه قال: فقلت له: جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال: ادع بمثله اللهم ان كانت ذنوبى قد أخلقت وجهى عندك فانى أتوجه اليك بوجه نبيك نبى الرحمة صلى الله عليه واله وعلى وفاطمة والحسن و الحسين والائمة عليهم السلام(2).
30 - عن يعقوب بن يزيد رفعه عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: (فلبث في السجن بضع سنين) قال سبع سنين(3) .
31 - عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام قال: رأت فاطمة في النوم كان الحسن والحسين ذبحا أو قتلا، فاحزنها ذلك، قال: فاخبرت به رسول الله صلى الله عليه واله فقال:
___________________________________
(1 - 3) البحار ج 5: 192. البرهان ج 2: 254 - 255 الصافى ج 1: 834 - 835. وفى نسخة البرهان (تسع) بدل (سبع) في الحديث الاخير.
[179]
يا رؤيا فتمثلت بين يديه قال: ارأيت فاطمة هذا البلاء؟ قالت: لا فقال: يا أضغاث أنت ارأيت فاطمة هذا البلاء؟ قالت: نعم يا رسول الله، قال فما أردت بذلك؟ قالت: أردت ان أحزنها، فقال لفاطمة: اسمعى ليس هذا بشئ(1) 32 - عن أبان عن محمد بن مسلم عنهما(2) قالا ان رسول الله صلى الله عليه واله قال: لو كنت بمنزلة يوسف حين أرسل اليه الملك يسئله عن رؤياه ما حدثته حتى اشترط عليه أن يخرجنى من السجن وعجبت لصبره عن شأن امرأة الملك حتى أظهر الله عذره(3) .
33 - عن ابن ابى يعفور قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقرأ سبع سنابل(4) خضر(5) .
34 - عن حفص بن غياث عن أبى عبدالله عليه السلام قال: كان سنين (سبق خ) يوسف الغلاء الذى أصاب الناس ولم يمر (يتمن خ ل) الغلاء لاحد قط، قال: فأتاه التجار فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا فقالوا: نأخذ كذا بكذا فقال: خذوا وأمر فكالوهم فحملوا ومضوا حتى دخلوا المدينة، فلقيهم قوم تجار فقالوا لهم: كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا وأضعفوا الثمن، قال: فقدموا اولئك على يوسف، فقالوا بعناه فقال: اشتروا كيف تأخذون قالوا: بعنا كما بعت كذا بكذا فقال: ما هو كما تقولون ولكن خذوا فأخذوا ثم مضوا حتى دخلوا المدينة، فلقيهم آخرون فقالوا كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا، واضعفوا الثمن، قال: فعظم الناس ذلك الغلاء وقالوا: اذهبوا بنا حتى نشترى قال: فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا فقالوا: بعنا كما بعت، فقال: وكيف بعت؟ قالوا: كذا بكذا، فقال: ما هو كذلك ولكن خذوا، قال: فأخذوا ورجعوا إلى المدينة فأخبروا الناس فقالوا فيما بينهم: تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء، قال: فذهبوا إلى يوسف فقالوا له: بعنا، فقال:
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 255.
(2) وفى البرهان (عن احدهما).
(3) البحارج 5: 192. البرهان ج 2: 255. الصافى ج 1: 837.
(4) وفى البرهان (سنبلات).
(5) البرهان ج 2: 255. البحار ج 5: 192.
[180]
اشتروا، فقالوا: بعنا كما بعت، قال: وكيف بعت قالوا: كذا بكذا بالحط من السعر فقال: ما هو هكذا ولكن خذوا، قال: وذهبوا إلى المدينة فلقيهم الناس فسألوهم بكم اشتريتم؟ فقالوا: كذا بكذا بنصف الحط الاول، فقال الآخرون: اذهبوا بنا حتى نشترى فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا فقال: اشتروا، فقالوا: بعنا كما بعت، فقال: وكيف بعت؟ فقالوا: كذا بكذا بالحط من النصف، فقال: ما هو كما تقولون. ولكن خذوا، فلم يزالوا يتكاذبون حتى رجع السعر إلى الامر الاول كما أراد الله.(1) .
35 - عن محمد بن على الصيرفى عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) بالياء(2): يمطرون ثم قال: أما سمعت قوله (وانزلنا من المعصرات ماءا ثجاجا).(3) .
36 - عن على بن معمر عن أبيه عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) مضمومة، ثم قال: (وأنزلنا من المعصرات ماءا ثجاجا).(4) .
37 - عن سماعة قال: سألته عن قول الله (ارجع إلى ربك فاسئله ما بال النسوة) قال: يعنى العزيز(5) .
38 - عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا عن الرضا عليه السلام قال: قال له رجل: أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت اليه من المأمون وكأنه أنكر ذلك عليه فقال ابوالحسن: يا هذا أيهما افضل: النبى او الوصى؟ فقال: لا بل النبى عليه السلام قال: فأيهما افضل مسلم أو مشرك؟ قال: لا بل مسلم، قال: فان العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف نبيا، وان المأمون مسلم وانا وصى؟ ويوسف سأل العزيز ان يوليه حتى قال: استعملنى على خزائن الارض انى حفيظ عليم، والمأمون اجبرنى على ما انا فيه(6)
___________________________________
(1) البحار ج 5: 192. البرهان ج 2: 255.
(2) في البحار (بضم الياء).
(3 - 5) البحار ج 5: 192. البرهان ج 2: 255. الصافى ج 1: 386.
(6) البرهان ج 2: 256. البحار ج 5: 183.
[181]
39 - قال: وقال في قوله: (حفيظ عليم) قال: حافظ لما في يدى، (عليم) عالم بكل لسان(1).
40 - قال سليمان قال سفيان: قلت لابى عبدالله: [ ما ] يجوز ان يزكى الرجل نفسه ! قال: نعم اذا اضطر اليه، اما سمعت قول يوسف: (اجعلنى على خزائن الارض انى حفيظ عليم) وقول العبد الصالح: (انا لكم ناصح امين)(2).
41 - عن الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال: ملك يوسف مصر وبراريها لم يجاوزها إلى غيرها(3).
42 - عن ابى بصير قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يحدث قال: لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى ابيضت عيناه من الحزن، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله، قال: وكان يمتار القمح(4) من مصر لعياله في السنة مرتين للشتاء والصيف، وانه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت فلما دخلوا على يوسف وذلك بعد ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف ولم يعرفه اخوته لهيبة الملك وعزته فقال لهم: هلموا بضاعتكم قبل الرفاق، وقال لفتيانه: عجلوا لهؤلاء الكيل واوفوهم، فاذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم ولا تعلموهم بذلك ففعلوا ثم قال لهم يوسف: قد بلغنى انه كان لكم أخوان لابيكم فما فعلا؟ قالوا: اما الكبير منهما فان الذئب اكله، واما الصغير فخلفناه عند ابيه وهو به ضنين(5) وعليه شفيق، قال: فانى احب ان تأتونى به معكم اذا جئتم لتمتارون (فان لم تأتونى به فلا كيل لكم عندى ولا تقربون قالوا سنراود عنه اباه وانا لفاعلون).
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 256. البحار ج 5: 183.
(2) البرهان ج 2: 256. الصافى ج 1: 938.
(3) البرهان ج 2: 257. البحار ج 5: 192.
(4) امتار لعياله: أتاهم بميرة وهى طعام يمتاره الانسان اى يجلبه من بلد إلى بلد. والقمح البر.
(5) الضنين: البخيل، اى هو بختص به يحفظه عن غيره.
[182]
فلما رجعوا إلى ابيهم فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم فيه(1) قالوا: يا ابانا ما نبغى هذه بضاعتنا قد ردت الينا وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير، (فأرسل معنا اخانا نكتل وانا له لحافظون قال هل آمنكم عليه الا كما أمنتكم على اخيه من قبل) فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة اشهر بعثهم يعقوب، وبعث معهم بضاعة يسيرة وبعث معهم ابن ياميل واخذ عليهم بذلك موثقا من الله لتأتننى به الا ان يحاط بكم اجمعين، فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف، فقال لهم معكم ابن ياميل؟ قالوا: نعم هو في الرحل قال لهم: فأتونى فأتوه به وهو في دار الملك، فقال: ادخلوه وحده فأدخلوه عليه، فضمه يوسف اليه وبكى، وقال له: انا اخوك يوسف فلا تبتئس بما ترانى اعمل، واكتم ما اخبرتك به ولا تحزن ولا تخف، ثم اخرجه اليهم وامر فتيته ان يأخذوا بضاعتهم، ويعجلوا لهم الكيل، فاذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل ففعلوا به ذلك وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا، فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم: (قال ايتها العير انكم لسارقون قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين قالوا فما جزائه ان كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) قال (فبدا بأوعيتهم قبل وعاء اخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه قالوا ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل).
فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا (قالوا يا ايها العزيز ان له أبا شيخا كبيرا) وقد اخذ علينا موثقا من الله لنرد به اليه، (فخذ أحدنا مكانه انا نريك من المحسنين) ان فعلت (قال معاذ الله أن نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده) فقال كبيرهم: انى لست ابرح الارض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى، ومضى اخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب فقال لهم: فأين ابن ياميل؟ قالوا: ابن ياميل سرق مكيال الملك فاخذه الملك بسرقته فحبس فسل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك
___________________________________
(1) وفى البرهان (في رحالهم).
[183]
فاسترجع واستعبر واشتد حزنه حتى تقوس ظهره(1) .
43 - ابوحمزة عن أبى بصير عنه ذكر فيه ابن يامين ولم يذكر ابن ياميل(2) .
44 - عن أبان الاحمر عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لما دخل اخوة يوسف عليه وقد جاءوا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد ثم قال: يمتار كل واحد منكم مع أخيه لامه على الخوان، فجلسوا وبقى أخوه قائما فقال له: مالك لا تجلس مع اخوتك؟ قال: ليس لى منهم اخ من امى، قال: فلك أخ من امك زعم هؤلاء ان الذئب أكله؟ قال: نعم، قال: فاقعد وكل معى، قال: فترك اخوته الاكل وقالوا: انا نريد أمرا ويأبى الله الا أن يرفع ولد يامين علينا، قال: ثم حين فرغوا من جهازهم أمر أن يوضع الصاع في رحل أخيه، فلما فصلوا نادى مناد: (ايتها العير انكم لسارقون) قال: (فرجعوا فقالوا ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك) إلى قوله (جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) يعنون السنة التى تجرى فيها أن يحبسه (فبدأ باوعيتهم قبل وعاء اخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه فقالوا ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل) قال الحسن بن على الوشاء فسمعت الرضا عليه السلام يقول: يعنون المنطقة(3) فلما فرغ من غدائه، قال: ما بلغ من حزنك على أخيك؟ قال: ولدلى عشرة اولاد فكلهم شققت لهم اسما من اسمه، قال: فقال له: أريك حزنت عليه حيث اتخذت النساء من بعده، قال: ايها العزيز ان لى أبا شيخا كبيرا صالحا فقال: يا بنى تزوج لعلك [ ان ] تصيب ولدا يثقل الارض بشهادة ان لا اله الا الله.
قال ابو محمد عبدالله بن محمد هذا من رواية الرضا(4).
45 - عن على بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبيه عن ابى عبدالله عليه السلام قال:
___________________________________
(1 - 2) البحار ج 5: 193. البرهان ج 2: 257. الصافى ج 1: 841.
(3) سيأتى قصة المنطقة في حديث اسمعيل بن همام ورواه الصدوق رحمه الله في العلل و العيون ايضا وفى سنده العياشى رحمه الله فراجع.
(4) البحار ج 5: 193. البرهان ج 2: 258. الصافى ج 1: 843.
[184]
وقد كان هيأ لهم طعاما، فلما دخلوا اليه قال: ليجلس كل بنى ام على مائدة قال: فجلسوا وبقى ابن يامين قائما، فقال له يوسف: ما لك لا تجلس؟ قال له: انك قلت ليجلس كل بنى أم على مائدة وليس لى منهم ابن ام، فقال يوسف: اما كان لك ابن ام؟ قال له ابن يامين: بلى، قال يوسف: فما فعل؟ قال زعم هؤلاء ان الذئب أكله، قال: فما بلغ من حزنك عليه؟ قال: ولد لى احد عشر ابنا كلهم اشتق له اسم من اسمه، فقال له يوسف: اراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده؟ قال له ابن يامين: ان لى ابا صالحا، وانه قال، تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية يثقل الارض بالتسبيح فقال له: تعال فاجلس معى على مائدتى، فقال اخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف و اخاه، حتى ان الملك قد اجلسه معه على مائدته(1).
46 - عن جابر بن يزيد عن أبى جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك لم سمى امير المؤمنين امير المؤمنين؟ قال لانه يميرهم العلم(2) اما سمعت كلام الله (ونمير أهلنا)(3).
47 - عن أبى بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا خير فيمن لا تقية له، و لقد قال يوسف: (ايتها العير انكم لسارقون) وما سرقوا(4).
48 - وفى رواية أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال: التقية من دين الله، ولقد قال يوسف (ايتها العير انكم لسارقون) ووالله ما كانوا سرقوا شيئا وما كذب(5).
49 - وفى رواية اخرى عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال: قيل له وأنا عنده: ان سالم بن حفصة يروى عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج، فقال: ما يريد سالم منى أيريد أجئ بالملئكة، فو الله ما جاء بهم النبيون ولقد قال ابراهيم (انى سقيم) ووالله ما كان سقيما وما كذب، ولقد قال ابراهيم (بل فعله كبيرهم) وما فعله كبيرهم وما كذب، ولقد قال يوسف (ايتها العير انكم لسارقون) والله ما كانوا سرقوا وما كذب(6).
___________________________________
(1) البحار ج 5: 193. البرهان ج 2: 258. الصافى ج 1: 843.
(2) يقال فلان يمير اهله: اذا حمل اليهم اقواتهم من غير بلدهم.
(3 - 6) البحار ج 5: 193. البرهان ج 2: 258.
[185]
50 - عن رجل من اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته عن قول الله في يوسف: (ايتها العير انكم لسارقون) قال: انهم سرقوا يوسف من أبيه، الا ترى انه قال لهم حين قالوا (واقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك) ولم يقولوا سرقتم صواع الملك، انما عنى سرقتم يوسف من ابيه(1).
51 - عن أبى حمزة الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: صواع الملك طاس الذى يشرب فيه(2).
52 - عن محمد بن أبى حمزة عمن ذكره عن ابى عبدالله عليه السلام قال قوله: (صواع الملك) قال: كان قدحا من ذهب وقال: كان صواع يوسف اذ كيل به(3) قال (لعن الله الخوان لا تخونوا به) بصوت حسن(4).
53 - عن اسمعيل بن همام قال: قال الرضا عليه السلام: في قول الله (ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) قال: كانت لاسحق النبى منطقة(5) يتوارثها الانبياء والاكابر، فكانت عند عمة يوسف، وكان يوسف عندها وكانت تحبه فبعث اليها ابوه ان ابعثيه إلى وارده اليك، فبعثت اليه ان دعه عندى الليلة لاشمه ثم ارسله اليك غدوة، فلما اصبحت اخذت المنطقة فربطتها في حقوه(6) والبسته قميصا وبعثت به اليه، وقالت: سرقت المنطقة فوجدت عليه، وكان
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 258. البحار ج 5: 186. الصافى ج 1: 844.
(2) البرهان ج 2: 258. البحار ج 5: 193. الصافى ج 1: 845.
(3) وفى الصافى (اذا كيل كيل به) من دون الزيادة.
(4) البرهان ج 2: 258. البحار ج 5: 193. الصافى ج 1: 845.
قال المجلسى رحمه الله وجدت في كتاب الفهرست لابى غالب الزرارى ما هذا لفظه: أبوحمزة البطائنى اسمه سالم روى عنه ان صاع يوسف كان يصوت بصوت حسن واحد واثنان.
(5) المنطقة: ما يشد به الوسط وتسمى بالحياصة وبالفارسية (كمربند).
(6) الحقو: موضع شد الازار وهو الخاصرة.
[186]
اذا سرق احد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة فأخذته فكان عندها(1).
54 - عن الحسن بن على الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كانت الحكومة في بنى اسرائيل اذا سرق احد شيئا استرق به، وكان يوسف عند عمته وهو صغير و كانت تحبه، وكانت لاسحق منطقة ألبسها يعقوب، وكانت عند أخته، وان يعقوب طلب يوسف ان ياخذه من عمته، فاغتمت لذلك وقالت له: دعه حتى ارسله اليك، فأرسلته و أخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب، فلما أتى يوسف أباه جاءت فقالت: سرقت المنطقة؟ ففتشته فوجدتها في وسطه، فلذلك قال اخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه، فقال لهم يوسف: ما جزاؤ من وجدنا في رحله؟ قالوا: جزاؤه بإجراء السنة التى تجرى فيهم فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه، فلذلك قال اخوة يوسف (ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل) يعنون المنطقة فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم(2) عن الحسن بن على الوشاء عن الرضا عليه السلام وذكر مثله.
55 - عن الحسين بن أبى العلاء عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ذكر بنى يعقوب قال كانوا اذا غضبوا اشتد غضبهم حتى يقطر جلودهم دما أصفر، وهم يقولون خذ احدنا مكانه يعنى جزاؤه فأخذ الذى وجد الصاع عنده(3 56 - عن هشام بن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: لما استيأس اخوة يوسف من أخيهم قال لهم يهودا(4) - وكان أكبرهم - (لن ابرح الارض حتى يأذن لى أبى او يحكم الله لى وهو خير الحاكمين) قال: ورجع إلى يوسف يكلمه في أخيه فكلمه حتى
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 259. البحار ج 5: 182. الصافى ج 1: 846. وفى رواية الصدوق رحمه الله في العلل والعيون (فكان عبده) مكان (فكان عندها).
(2) البرهان ج 2: 259. البحار ج 5: 178.
(3) البرهان ج 2: 259. البحار ج 5: 193.
(4) وفى بعض النسخ (يهوذا) بالذال في المواضع.
[187]
ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا، وكان اذا غضب قامت شعرة في كتفه وخرج منها الدم(1) قال: وكان بين يدى يوسف ابن له صغير معه رمانة من ذهب، وكان الصبى يلعب بها، قال: فأخذها يوسف، من الصبى فدحرجها نحو يهودا، قال وحبا الصبى(2) نحو يهودا، ليأخذها فمس يهودا فسكن يهودا ثم عاد إلى يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وقامت الشعرة وسال منها الدم، فأخذ يوسف الرمانة من الصبى فدحرجها نحو يهودا وحبا الصبى نحو يهودا فسكن يهودا فقال يهودا: ان في البيت معنا لبعض ولد يعقوب قال: فعند ذلك قال لهم يوسف (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه اذ أنتم جاهلون).
وفى رواية هشام بن سالم عنه قال: لما أخذ يوسف أخاه اجتمع عليه اخوته فقالوا له: خذ أحدنا مكانه وجلودهم تقطر دما اصفر وهم يقولون: خذ أحدنا مكانه، قال: فلما أن ابى عليهم وأخرجوا من عنده، قال لهم يهودا: قد علمتم ما فعلتم بيوسف فلن ابرح الارض حتى يأذن لى ابى أو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين، قال فرجعوا إلى ابيهم وتخلف يهودا قال: فدخل على يوسف فكلمه في اخيه حتى ارتفع الكلام بينه وبينه، وغضب وكان على كتفه شعرة اذا غضب قامت الشعرة فلا يزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب، قال: فكان بين يدى يوسف ابن له صغير في يده رمانة من ذهب يلعب بها فلما رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم اخذ الرمانة من يدى الصبى ثم دحرجها نحو يهودا واتبعها الصبى ليأخذها فوقعت يده على يهودا قال: فذهب غضبه، قال: فارتاب يهودا ورجع الصبى بالرمانة إلى يوسف، ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب وقامت الشعرة فجعلت تقذف بالدم فلما راى يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا واتبعها الصبى ليأخذها، فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه، قال: فقال يهودا: ان في البيت لمن ولد يعقوب حتى صنع ذلك ثلث مرات(3)
___________________________________
(1) في المحكى عن بعض نسخ البحار زيادة وهى هذه (وكان لا يسكن حتى يمسه بعض ولد يعقوب).
(2) اى دنا نحوه.
(3) البرهان ج 2: 259. البحار ج 5: 193. الصافى ج 1: 847.
[188]
57 - عن جابر قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: رحمك الله ما الصبر الجميل؟ فقال: ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس، ان ابراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان (1) عابد من العباد في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه ابراهيم فوثب اليه فاعتنقه، ثم قال: مرحبا بخليل الرحمن، قال يعقوب: انى لست بابراهيم ولكنى يعقوب بن اسحق بن ابراهيم، فقال له الراهب: فما بلغ بك ما رأى من الكبر؟ قال: الهم والحزن والسقم فما جاوز صغير الباب(2) حتى أوحى الله اليه: ان يا يعقوب شكوتنى إلى العباد فخر ساجدا عند عتبة الباب يقول: رب لا اعود فأوحى الله اليه: انى قد غفرتها لك فلا تعودن إلى مثلها، فما شكى شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا الا انه قال يوما: (انما اشكو بثى وحزنى إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون)(3) .
58 - عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال: قال له بعض اصحابنا: ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال: حزن سبعين ثكلى حرى(4).
59 - وبهذا الاسناد عنه قال: قيل له: كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد اخبره جبرئيل انه لم يمت وانه سيرجع اليه؟ فقال: انه نسى ذلك(5).
60 - [ عن محمد بن سهل البحرانى ] عن بعض اصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام قال: البكاؤن خمسة: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلى بن الحسين عليهم السلام واما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، وحتى قيل له: (تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا او تكون من الهالكين)(6).
___________________________________
(1) قال المجلسى رحمه الله في بيان الحديث بعث ابراهيم يعقوب عليه السلام بعد كبر يعقوب غريب، ولعله كان بعد فوت ابراهيم وكان البعث على سبيل الوصية وفى بعض النسخ (ان الله بعث) وهو الصواب.
(2) وقال رحمه الله وقوله: صغير الباب لعله من اضافة الصفة إلى الموصوف اى الباب الصغير اى باب البيت دون باب الدار ورواه في كتاب التمحيص عن جابر وفيه فما جاوز عتبة الباب (انتهى).
اقول: وفى بعض نسخ الكتاب كنسخة البرهان (عتبة الباب) ايضا مكان صغير الباب.
(3 - 6) البرهان ج 2: 264. البحار ج 5: 194.
[189]
61 - عن اسمعيل بن جابر عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان يعقوب أتى ملكا بناحيتهم يسئله الحاجة، فقال له الملك: أنت ابراهيم؟ قال: لا، قال: وانت اسحق بن ابراهيم؟ قال: لا، قال: فمن انت؟ قال: انا يعقوب بن اسحق قال: فما بلغ بك ما ارى من حداثة السن قال: الحزن على ابنى يوسف قال: لقد بلغ بك الحزن يا يعقوب كل مبلغ، فقال: انا معشر الانبياء اسرع شئ البلاء الينا ثم الامثل فالامثل من الناس، فقضى حاجته فلماجاوز [ صغير ] بابه هبط عليه جبرئيل فقال له: يا يعقوب ربك يقرئك السلام ويقول لك: شكوتنى إلى الناس فعفر وجهه في التراب(1) وقال: يا رب زلة اقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا، ثم عاد اليه جبرئيل فقال: يا يعقوب ارفع رأسك ان ربك يقرئك السلام ويقول لك: قد أقلتك فلا تعود تشكونى إلى خلقى، فما رؤى ناطقا بكلمة مما كان فيه حتى اتاه بنوه فصرف وجهه إلى الحائط فقال (انما اشكو بثى و حزنى إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون)(2).
62 - في حديث آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة فلما دخل عليه و كان اشبه الناس بابراهيم قال له: أنت ابراهيم خليل الرحمن؟ قال: لا (الحديث)(3).
63 - الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: (انما اشكو بثى وحزنى إلى الله) منصوبة(4) .
64 - عن حنان بن سدير [ عن ابيه ] قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: أخبرنى عن يعقوب حين قال: (اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه) أكان علم انه حى وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من الحزن؟ قال: نعم علم انه حى، قال: وكيف علم؟ قال: انه دعى في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه تربال(5) وهو ملك الموت، فقال له تربال: ما حاجتك يا يعقوب؟ قال: أخبرنى عن الارواح تقبضها مجتمعة
___________________________________
(1) عفره في التراب: مرغه ودلكه.
(2 - 3) البحار ج 5: 194. البرهان ج 2: 264.
(4) البرهان ج 2: 264.
(5) وفى بعض النسخ (تريال) وفى آخر (قوبال).
[190]
أو متفرقة؟ قال: بل متفرقة روحا روحا، قال: فمر بك روح يوسف؟ قال: لا قال: فعند ذلك علم انه حى، فقال لولده: (اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه)(1) وفى خبر آخر: عزرائيل وهو ملك الموت وذكر نحوه عنه(2) 65 - عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام عاد إلى الحديث الاول(3) قال: و اشتد حزنه يعنى يعقوب حتى تقوس ظهره وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتى احتاجوا حاجة شديدة، وفنيت ميرتهم، فعند ذلك قال يعقوب لولده: (اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون)، فخرج منهم نفر وبعث معهم ببضاعة يسيرة وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده، وأوصى ولده أن يبدو بدفع كتابه قبل البضاعة فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفى الكيل من يعقوب بن اسحق بن ابراهيم خليل الله صاحب نمرود الذى جمع لابراهيم الحطب والنار ليحرقه بها، فجعلها الله بردا وسلاما وأنجاه منها أخبرك ايها العزيز انا أهل بيت قديم لم يزل البلاء الينا سريعا من الله ليبلونا بذلك عند السراء والضراء وان مصائب تتابعت على منذ عسرين سنة أولها انه كان لى ابن سميته يوسف وكان سرورى من بين ولدى وقرة عينى وثمرة فؤادى، وان اخوته من غير امه سألونى ان أبعثه معهم يرتع ويلعب، فبعثته معهم بكرة وانهم جاؤنى عشاءا يبكون وجاؤنى على قميصه بدم كذب فزعموا ان الذئب أكله فاشتد لفقده حزنى وكثر على فراقه بكائى حتى ابيضت عيناى من الحزن، وانه كان له أخ من خالته، وكنت به معجبا وعليه رفيقا وكان لى أنيسا وكنت اذ ذكرت يوسف ضممته إلى صدرى فيسكن بعض ما أجد في صدرى، وان اخوته ذكروا لى انك ايها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم ان يأتوك به، وان لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا، فرجعوا
___________________________________
(1 - 2) البرهان ج 2: 264. البحار ج 5: 186. الصافى ج 1: 849 .
(3) وهو ما تقدم تحت رقم 42.
[191]
إلى فليس هو معهم وذكروا انه سرق مكيال الملك، ونحن أهل بيت لا نسرق، وقد حبسته وفجعتنى به، وقد اشتد لفراقه حزنى حتى تقوس لذلك ظهرى، وعظمت به مصيبتى مع مصائب متتابعات على فمن على بتخلية سبيله واطلاقه من محبسه(1) وطيب لنا القمح وأسمح لنا في السعر(2) وعجل بسراح آل يعقوب.
فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له: يا يعقوب ان ربك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك التى كتبت بها إلى عزيز مصر؟ قال يعقوب: انت بلوتنى بها عقوبة منك وأدبا لى، قال الله: فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيرى؟ قال يعقوب: اللهم لا، قال: أفما استحييت منى حين شكوت مصائبك إلى غيرى ولم تستغث بى وتشكو ما بك إلى؟ فقال يعقوب: استغفرك يا الهى وأتوب اليك، وأشكو بثى وحزنى اليك، فقال الله تبارك وتعالى: قد بلغت بك يا يعقوب و بولدك الخاطئين الغاية في أدبى، ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إلى عند نزولها بك واستغفرت وتبت إلى من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديرى اياها عليك ولكن الشيطان أنساك ذكرى فصرت إلى القنوط من رحمتى، وانا الله الجواد الكريم أحب عبادى المستغفرين التائبين الراغبين إلى فيما عندى، يا يعقوب أنا راد اليك يوسف وأخاه ومعيد اليك ما ذهب من مالك [ ولحمك ودمك ] وراد اليك بصرك و مقوم لك ظهرك وطب نفسا وقر عينا وان الذى فعلته بك كان أدبا منى لك فأقبل أدبى.
قال: ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة، (فقالوا يا ايها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا) بأخينا ابن يامين وهذا كتاب أبينا يعقوب اليك في امره يسئلك تخلية سبيله، وان تمن به عليه، قال: فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب(3) حتى بلت دموعه القميص الذى
___________________________________
(1) وفى بعض النسخ (من محبسك).
(2) سمح بكذا: جاد.
(3) انتخب: تنفس شديدا. بكى شديدا.
[192]
عليه، ثم أقبل عليهم فقال: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف) من قبل (وأخيه) من بعد (قالوا ءانك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخى قد من الله علينا قالوا تالله لقد آثرك الله علينا) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم). وفى رواية اخرى عن أبى بصير عن أبى جعفر نحوه(1).
66 - عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابنا قال: لما قال اخوة يوسف: (يا ايها العزيز مسنا وأهلنا الضر) قال: قال يوسف لا صبر على ضر آل يعقوب، فقال عند ذلك:) هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه) إلى آخر الآية(2).
67 - عن أحمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: سئلته عن قوله: (و جئنا ببضاعة مزجاة) قال: المقل(3) وفى هذه الرواية (وجئنا ببضاعة مزجئة) قال: كانت المقل، وكانت بلادهم بلاد المقل، وهى البضاعة(4).
68 - عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال: كتب يعقوب النبى إلى يوسف: عن يعقوب بن اسحق ذبيح الله بن ابراهيم خليل الله إلى عزيز مصر اما بعد فأنا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا الينا، ابتلى جدى ابراهيم فالقى في النار، ثم ابتلى أبى اسحق بالذبح، فكان لى ابن وكان قرة عينى، وكنت اسر به فابتليت
___________________________________
(1) البحار ج 5: 195. البرهان ج 2: 265. الصافى ج 1: 852.
(2) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 195.
(3) اى المراد من البضاعة المقل. وهو الكندر الذى تدخن به اليهود وحبه يجعل في الدواء، وصمغ شجرة.
(4) البرهان ج 2: 266. الصافى ج 1: 850 البحار ج 5: 195. وفيه بعد نقل الحديث: بيان: قال البيضاوى مزجاة: رديئة او قليلة ترد وتدفع رغبة عنها من ازحبيته: اذا دفعته وقيل كانت دراهم زيوفا (وهو جمع الزائف: الردى المردود لغش فيه) وقيل صوفا وسمنا وقيل صنوبر وحبة الخضراء وقيل: الاقط وسويق المقل (انتهى) وفى رواية اخرى لعله عليه السلام قرأ (مزجاة) بتشديد الجيم أو (مزجية) بكسر الجيم وتشديد الياء ولم ينقل في القراءة الشاذة غير المشهورة.
[193]
بان أكله الذئب، فذهب بصرى حزنا عليه من البكاء، وكان له أخ وكنت اسر اليه بعده فأخذته في سرق، وانا أهل بيت لم نسرق قط ولا يعرف لنا السرق(1) فان رأيت ان تمن على به فعلت، قال: فلما أوتى يوسف بالكتاب فتحه وقرأه، فصاح ثم قام فدخل منزله فقرأ وبكى ثم غسل وجهه، ثم خرج إلى اخوته ثم عاد فقرئه فصاح وبكى ثم قام فدخل منزله فقرئه وبكي ثم غسل وجهه وعاد إلى اخوته فقال (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه اذ أنتم جاهلون) وأعطاهم قميصه وهو قميص ابراهيم وكان يعقوب بالرملة(2) فلما فصلوا بالقميص من مصر قال يعقوب (انى لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله انك لفى ضلالك القديم)(3) .
69 - عن المفضل بن عمر عن أبى عبدالله عليه السلام قال: ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للامام بامامته، كما اقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا (تالله لقد آثرك الله علينا)(4) .
70 - عن أخى مرازم عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله: (ولما فصلت العير) قال وجد يعقوب ريح قميص ابراهيم حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين(5) .
71 - عن مفضل الجعفى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: اتدرى ما كان قميص يوسف؟ قال: قلت لا قال: ان ابراهيم لما أوقدوا النار له أتاه جبرئيل من ثياب الجنة فألبسه اياه، فلم يضره معه حر ولا برد، فلما حضر ابراهيم الموت جعله في تميمة(6) وعلقه على اسحق وعلق اسحق على يعقوب فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه، وكان في عضده(7) حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرج يوسف
___________________________________
(1) وفى نسخة البحار (ولا نعرف بالسرق).
(2) قال الحموى: الرملة واحدة الرمل: مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت الان، وكانت رباطا للمسلمين.
(3 - 5) البحار ج 5: 195. البرهان ج 2: 266.
(6) التميمة: خزرة او ما يشبهها كان الاعراب يضعونها على أولادهم للوقاية من العين ودفع الارواح.
(7) وفى رواية القمى في التفسير (في عنقه)
[194]
القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله (انى لاجد ريح يوسف لولا ان تفندون) فهو ذلك القميص الذى أنزل من الجنة قلت: جعلت فداك فالى من صار ذلك القميص؟ فقال إلى: اهله ثم قال: كل نبى ورث علما أو غيره قد انتهى إلى محمد صلى الله عليه وآله(1).
72 - عن ابراهيم بن أبى البلاد عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: كان القميص الذى أنزل به على ابراهيم من الجنة في قصبة من فضة أو حديه، وكان اذا لبس كان واسعا كبيرا، فلما فصلوا بالقميص ويعقوب بالرملة، قال يعقوب: (انى لاجد ريح يوسف) عنى ريح الجنة حتى فصلوا بالقميص لانه كان في الجنة(2).
73 - عن محمد بن اسمعيل بن بزيع رفعه باسناد له قال: ان يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشرة ليال، وكان يعقوب ببيت المقدس ويوسف بمصر، وهو القميص الذى نزل على ابراهيم من الجنة، فدفعه ابراهيم إلى اسحق واسحق إلى يعقوب، ودفعه يعقوب إلى يوسف عليه السلام(3) 74 - عن نشيط بن صالح البجلى قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: أكان اخوة يوسف صلوات الله عليه أنبياء، قال: لا ولا بررة أتقياء، وكيف وهم يقولون لابيهم يعقوب: (تالله انك لفى ضلالك القديم)(4).
75 - عن سليمان بن عبدالله الطلحى قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام ما حال بنى يعقوب هل خرجوا من الايمان؟ فقال: نعم، قلت له: فما تقول في آدم؟ قال: دع آدم(5).
76 - عن بعض أصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان بنى يعقوب بعد ما صنعوا بيوسف أذنبوا فكانوا انبياء؟ !(6).
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 178.
(2) البرهان ج 2: 266. البحار 5: 186.
(3 - 4) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 196. الصافى ج 1: 855.
(5) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 189. الصافى ج 1: 856.
(6) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 195. وقال المجلسى رحمه الله: استفهام على الانكار.
[195]
77 - عن نشيط عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته أكان ولد يعقوب أنبياء؟ فقال: لا ولا بررة اتقياء، كيف يكون كذلك وهم يقولون ليعقوب (تالله انك لفى ضلالك القديم)(1).
78 - عن مقرن(2) عن ابى عبدالله عليه السلام قال: كتب عزيز مصر إلى يعقوب اما بعد فهذا ابنك يوسف اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة، واتخذته عبدا، وهذا ابنك ابن يامين أخذته قد سرق واتخذته عبدا، قال: فما ورد على يعقوب شئ أشد عليه من ذلك الكتاب، فقال للرسول: مكانك حتى اجيبه فكتب اليه يعقوب: اما بعد فقد فهمت كتابك بأنك أخذت ابنى بثمن بخس واتخذته عبدا، وانك اتخذت ابنى ابن يامين وقد سرق(3) فاتخذته عبدا، فانا أهل بيت لا نسرق ولكنا أهل بيت نبتلى وقد ابتلى أبونا ابراهيم بالنار فوقاه الله، وابتلى أبونا اسحق بالذبح فوقاه الله، وانى قد ابتليت بذهاب بصرى وذهاب ابنى، وعسى الله ان يأتينى بهم جميعا، قال: فلما ولى الرسول عنه رفع يده إلى السماء ثم قال: يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خيرا كله ائتنى بروح منك وفرج من عندك، قال: فهبط عليه جبرئيل فقال ليعقوب: الا اعلمك دعوات يرد الله بها بصرك، ويرد عليك ابنك(4) فقال: بلى، فقال: قل: يا من لا يعلم احد كيف هو وحيث هو وقدرته الا هو، يا من سد الهواء بالسماء وكبس الارض على الماء(5) واختار لنفسه أحسن الاسماء، ءاتنى بروح منك، وفرج من عندك.
فما انفجر عمود الصبح حتى أتى بالقميص فطرح على وجهه فرد الله عليه بصره ورد عليه ولده(6).
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 195.
(2) وفى نسخة البرهان (حمران) بدل (مقرن).
(3) وفى المحكى عن تفسير القمى (قد وجدت متاعى عنده) مكان (قد سرق).
(4) وفى نسخة (ابنيك) وفى اخرى (ولديك).
(5) قال الطريحى: في الدعاء) يا من كبس الارض على الماء اى أدخلها فيه من قولهم كبس رأسه في ثوبه: أخفاه وأدخله فيه أو جمعها فيه.
(6) البرهان ج 2: 266. البحار ج 5: 195.
[196]
79 - عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام عاد إلى الحديث الاول الذى قطعناه(1) (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم اذهبوا بقميصى هذا) الذى بلته دموع عينى (فالقوه على وجه أبى يرتد بصيرا) لو قد شم بريحي (واتونى بأهلكم أجمعين) وردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم وجهزهم بجميع ما يحتاجون اليه، فلما فصلت عيرهم من مصر، وجد يعقوب ريح يوسف، فقال لمن بحضرته من ولده: (انى لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون) قال: وأقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا و سرورا بما رأوا من حال يوسف والملك الذى أعطاه الله، والعز الذى صاروا اليه في سلطان يوسف، وكان مسيرهم من مصر إلى بلد يعقوب تسعة ايام، فلما أن جاء البشير القى القميص على وجهه فارتد بصيرا وقال لهم: ما فعل ابن ياميل؟ قالوا اخلفناه عند أخيه صالحا، قال: فحمد الله يعقوب عند ذلك وسجد لربه سجدة الشكر، ورجع اليه بصره وتقوم له ظهره، وقال لولده: تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم، فساروا إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف ياميل(2) فأحثوا السير فرحا وسرورا، فصاروا تسعة أيام إلى مصر.(3) .
80 - عن محمد بن ابى عمير عن بعض أصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله: (سوف استغفر لكم ربى) فقال: أخرهم إلى السحر قال: يا رب انما ذنبهم فيما بينى وبينهم، أوحى الله انى قد غفرت لهم(4) .
81 - عن محمد بن مسلم عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله: (استغفر لكم ربى) قال: أخره إلى السحر ليلة الجمعة(5)
___________________________________
(1) وهو ما تقدم تحت رقم 42 وقد اورد قطعة منه تحت رقم 65 ايضا.
(2) يظهر من هذا الخبر وبعض ما مر ويأتى من الاخبار ان أخى يوسف لم يكن من ام يوسف بل من خالته وانما دعاه اخا من امه مجازا كما تجوز في قوله (ورفع أبويه) وهو قول جماعة من المفسرين والمورخين كما قاله المجلسى رحمه الله وسيأتى تحت رقم 84 ما فيه التصريح على انه لم يكن اخاه من امه.
(3) البرهان ج 2: 267. البحار ج 5: 196.
(4 - 5) البرهان ج 2: 271. البحار 5: 196. الصافى ج 1: 855.
[197]
82 - عن محمد بن سعيد الازدى صاحب موسى بن محمد بن الرضا عن موسى قال لاخيه: ان يحيى بن اكثم كتب اليه يسئله عن مسائل، فقال اخبرنى عن قول الله: (ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا) أسجد يعقوب وولده ليوسف؟ قال: فسألت أخى عن ذلك، فقال: اما سجود يعقوب وولده ليوسف فشكرا لله، لاجتماع شملهم ألا ترى انه يقول في شكر ذلك الوقت: (رب قد آتيتنى من الملك و علمتنى من تأويل الآحاديث) الاية(1).
83 - عاد إلى الحديث الاول(2) عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال: فساروا تسعة ايام إلى مصر، فلما دخلوا على يوسف في دار الملك اعتنق اباه فقبله وبكى، ورفعه ورفع خالته على سرير الملك، ثم دخل منزله فأدهن فاكتحل ولبس ثياب العز والملك ثم خرج اليهم، فلما رأوه سجدوا جميعا له اعظاما له وشكرا لله، فعند ذلك قال: (ياابت هذا تأويل رؤياى من قبل) إلى قوله: (بينى وبين اخوتى) قال: ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا يكتحل ولا يتطيب ولا يضحك، ولا يمس النساء(3) حتى جمع الله ليعقوب شمله، جمع بينه وبين يعقوب واخوته(4).
84 - عن الحسن بن اسباط قال: سألت ابا الحسن في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف؟ قال: في احد عشر ابنا له، فقيل له: أسباط، قال: نعم، وسألته عن يوسف وأخيه اكان اخاه لامه أم ابن خالته؟ فقال ابن خالته(5) .
85 - عن ابن أبى عمير عن بعض اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله: (و رفع أبويه على العرش) قال: العرش السرير، وفى قوله: (وخروا له سجدا) قال: كان سجودهم ذلك عبادة لله.(6)
___________________________________
(1) البرهان ج 2: 271. البحار ج 5: 178.
(2) اى ماتقدم تحت رقم 42 وقطعة منه تحت رقم 65 و 79.
(3) قال الفيض رحمه الله: لعل المرار بنفى مسه النساء عدم مسهن للالتذاذ والشهوة فلا ينافى ما سبق انه كان له ابن يلعب برمانة بين يديه حين خاصمه اخوه في اخيه فلعله انما مسهن لتثقيل الارض بتسبيح الولد كما مضى في اعتذار اخيه في مثله.
(4 - 6) البرهان ج 2: 271. البحار ج 5: 196.
[198]
86 - عن محمد بن بهروز عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: ان يعقوب قال ليوسف حيث التقيا: أخبرنى يا بنى كيف صنع بك؟ فقال له يوسف: انطلق بى، فاقعدت على رأس الجب فقيل لى انزع القميص فقلت لهم: انى اسئلكم بوجه أبى الصديق يعقوب لا تبدوا عورتى ولا تسلبونى قميصى، قال: فاخرج على فلان السكين، فغشى على يعقوب فلما أفاق قال له يعقوب: حدثنى كيف صنع بك؟ فقال له يوسف: انى أطالب يا ابتاه لما كففت فكف(1).
87 - عن محمد بن مسلم قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر بعد ما جمع الله يعقوب شمله، وأراه تأويل رؤيا يوسف الصادقة؟ قال: عاش حولين، قلت: فمن كان يومئذ الحجة لله في الارض يعقوب أم يوسف؟ فقال: كان يعقوب الحجة وكان الملك ليوسف، فلما مات يعقوب حمل يوسف عظام يعقوب في تابوت إلى ارض الشام، فدفنه في بيت المقدس ثم كان يوسف بن يعقوب الحجة.(2) .
88 - عن اسحق بن يسار عن أبى عبدالله عليه السلام انه قال: ان الله بعث إلى يوسف وهو في السجن يا ابن يعقوب ما اسكنك مع الخطائين؟ قال: جرمى، قال: فاعترف بجرمه. فاخرج فاعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله(3) فقال له: ادع بهذا الدعاء يا كبير كل كبير يا من لا شريك له ولا وزير، يا خالق الشمس والقمر المنير، يا عصمة المضطر الضرير، يا قاصم كل جبار مبير (عنيد خ) يا مغنى البائس الفقير يا جابر العظم الكسير يا مطلق المكبل(4) الاسير اسئلك بحق محمد وآل محمد أن تجعل لى من أمرى فرجا ومخرجا وترزقنى من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، قال: فلما أصبح دعاه الملك فخلى سبيله، وذلك قوله: (وقد احسن بى اذ أخرجنى من السجن)(5)
___________________________________
(1 - 2) البرهان ج 2: 272. البحار ج 5: 196 و 190.
(3) هذا ايضا مما يحمل على التقية لما فيه من مخالفة المذهب وقد مر تفصيل الكلام في ذلك ذيل حديث 18 فراحع.
(4) المكبل: المقيد بالكبل وهو القيد.
(5) البرهان ج 2: 272 البحار ج 5: 196
[199]
89 - عن عباس بن يزيد قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في أهل بيته اذا قال: أحب يوسف ان يستوثق لنفسه، قال: فقيل بماذا يا رسول الله؟ قال لما عزل له عزيز مصر عن مصر لبس ثوبين جديدين او قال: نظيفين، وخرج إلى فلاة من الارض،(1) فصلى ركعات فلما فرغ رفع يده إلى السماء فقال: (رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الاحاديث فاطر السموات والارض أنت وليى في الدنيا والاخرة) قال: فهبط اليه جبرئيل فقال له: يا يوسف ما حاجتك؟ فقال: رب (توفنى مسلما والحقنى بالصالحين) فقال أبوعبدالله عليه السلام: خشى الفتن(2).
90 - عن زرارة قال: سالت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله (وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون) قال: من ذلك قول الرجل: لا وحياتك(3).
91 - عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام (وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون) قال: كانوا يقولون: نمطر نبؤ كذا ونبؤ كذا [ لاعطى ](4) ومنهم انهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما يقولون(5) .
92 - عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: شرك لا يبلغ به الكفر(6) .
93 - عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال: شرك طاعة، قال الرجل لا والله وفلان ولو لا الله لوكلت فلان والمعصية منه(7) .
94 - ابوبصير عن أبى اسحق قال: هو قول الرجل لولا الله وانت ما فعل بى كذا و كذا ولولا الله وأنت ما صرف عنى كذا وكذا، واشباه ذلك(8) .
95 - عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال شرك طاعة وليس بشرك عبادة والمعاصى التى تركبون مما أوجب الله عليها النار شرك طاعة اطاعوا الشيطان وأشركوا بالله في طاعته، ولم يكن بشرك عبادة، فيعبدون مع الله غيره(9).
___________________________________
(1) لفلاة: القفر. الصحراء الواسعة لا ماء فيها.
(2) البرهان ج 2: 272. البحار ج 5: 196.
(3) البرهان ج 1: 274. البحار ج 15 (ج 3): 6. الصافى ج 1: 860.
(4) ما بين المعقفتين ليس في نسخة البحار.
(5 - 9) البرهان ج 2: 274. البحار ج 15 (ج 3): 6.
[200]
96 - عن مالك بن عطية عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله: (وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون) قال: هو الرجل يقول: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان لاصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالى، الا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه، قال: قلت: فيقول: لولا ان الله من على بفلان لهلكت؟ قال: نعم لا بأس بهذا(1).
97 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليه السلام قالوا: سألناهما، فقالا: شرك النعم(2).
98 - عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: شرك طاعة وليس شرك عبادة في المعاصى التى يرتكبون فهى شرك طاعة، أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا في الله في الطاعة غيره، وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير الله(3).
99 - عن اسمعيل الجعفى قال: قال أبوجعفر عليه السلام: (قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى) قال: فقال: على بن أبيطالب عليه السلام خاصة، والا فلا أصابنى شفاعة محمد عليه وآله السلام(4) 100 - عن على بن اسباط عن أبى الحسن الثانى قال: قلت: جعلت فداك انهم يقولون في الحداثة (في حداثة سنك خ ل) قال ليس شئ يقولون، ان الله تعالى يقول (قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى) فوالله ما كان تبعه الا على وهو ابن تسع سنين(5) [ ومضى أبى الا ] وانا ابن تسع سنين، فما عسى أن يقولوا قال: ثم كانت امارات فيها وقبلها أقوام، الطريقان في العاقبة سواء، الظاهر مختلف، هو رأس اليقين ان الله يقول في كتابه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك) إلى قوله (ويسلموا
___________________________________
(1 - 3) البرهان ج 2: 274 البحار ج 15 (ج 3): 6. الصافى ج 1: 860.
(4) البرهان ج 2: 175. البحار ج 9: 94.
(5) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البرهان ورواية الكلينى والصدوق قدس سرهما لكن في الاصل (سبع) بدل (تسع) في الموضعين.
[201]
تسليما)(1) تسليما)(1) .
101 - عن سلام بن المستنير عن أبى جعفر عليه السلام قوله: (قل هذه سبيلى) إلى (أنا ومن اتبعنى) قال: على، وزاد قال: رسول الله صلى الله عليه واله وعلى والاوصياء من بعدهما(2) .
102 - عن ابى بصير عن أبيجعفر وأبى عبدالله عليهما السلام في قوله تعالى (حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا) مخففة قال: ظنت الرسل ان الشياطين تمثل لهم على صورة الملائكة(3).
103 - عن ابن شعيب عن أبى عبدالله عليه السلام قال: وكلهم الله إلى أنفسهم أقل من طرفة عين(4).
104 - عن يعقوب عن ابى عبدالله عليه السلام قال: اما أهل الدنيا فقد أظهروا الكذب وما كانوا الامن الذين وكلهم الله إلى أنفسهم ليمن عليهم(5).
105 - عن محمد بن هارون عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ما علم رسول الله ان جبرئيل من عند الله الا بالتوفيق(6).
106 - عن زرارة قال قلت لابى عبدالله عليه السلام كيف لم يخف رسول الله صلى الله عليه واله فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان قال: فقال: ان الله اذا اتخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة والوقار، فكان [ الذى ] يأتيه من قبل الله مثل الذى يراه بعينه(7).
___________________________________
(21) البرهان ج 2: 275. البحار ج 9: 94.
(3 - 4) البرهان ج 2: 276. البحار ج 6: 361. الصافى ج 1: 861.
(5) البرهان ج 2: 276.
(6) البرهان ج 2: 276. البحار ج 6: 360. وفى نسخة البرهان (الا يأتى هو (بدل) الا بالتوفيق).
(7) البحار ج 6: 361. البرهان ج 2: 276.
[202]
|