* (سورة الحديد) *
[ مكية أو مدنية وآياتها تسع وعشرون ] بسم الله الرحمن الرحيم (1) * (سبح لله ما في السماوات والارض) * أي نزهه كل شئ فاللام مزيدة وجئ بما دون من تغليبا للاكثر * (وهو العزيز) * في ملكه * (الحكيم) * في صنعه (2) * (له ملك السماوات والارض يحيي) * بالانشاء * (ويميت) * بعده * (وهو على كل شئ قدير) * (3) * (هو الاول) * قبل كل شئ بلا بداية * (والآخر) * بعد كل شئ بلا نهاية * (والظاهر) * بالادلة عليه * (والباطن) * عن إدراك الحواس * (وهو بكل شئ عليم) * (4) * (هو الذي خلق السماوات والارض في ستة أيام) * من أيام الدنيا أولها الاحد وآخرها الجمعة * (ثم استوى على العرش) *
______________________________
= وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الاضاحي بلفظ: ذبح رجل قبل الصلاة فنزلت، وأخرج الطبراني في الاوسط عن عائشة أن ناسا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا أن ناسا كانوا يقولون لو أنزل في كذا، فأنزل الله (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله). (*)
[ 719 ]
الكرسي استواء يليق به * (يعلم ما يلج) * يدخل * (في الارض) * كالمطر والاموات * (وما يخرج منها) * كالنبات والمعادن * (وما ينزل من السماء) * كالرحمة والعذاب * (وما يعرج) * يصعد * (فيها) * كالاعمال الصالحة والسيئة * (وهو معكم) * بعلمه * (أين ما كنتم والله بما تعملون بصير) * (5) * (له ملك السماوات والارض وإلى الله ترجع الامور) * الموجودات جميعها (6) * (يولج الليل) * يدخله * (في النهار) * فيزيد وينقص الليل * (ويولج النهار في الليل) * فيزيد وينقص النهار * (وهو عليم بذات الصدور) * بما فيها من الاسرار والمعتقدات (7) * (آمنوا) * داوموا على الايمان * (بالله ورسوله وأنفقوا) * في سبيل الله * (مما جعلكم مستخلفين) * من مال من تقدمكم وسيخلفكم فيه من بعدكم، نزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك * (فالذين آمنوا منكم وأنفقوا) * إشارة إلى عثمان رضي الله عنه * (لهم أجر كبير) * (8) * (وما لكم لا تؤمنون) * خطاب للكفار، أي لا مانع لكم من الايمان * (بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ) * بضم الهمزة وكسر الخاء وبفتحها ونصب ما بعده * (ميثاقكم) * عليه، أي أخذه الله في عالم الذر حين أشهدهم على أنفسهم (ألست بربكم قالوا بلى) * (إن كنتم مؤمنين) * أي مريدين الايمان به فبادروا إليه (9) * (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات) *
______________________________
أسباب نزول الآية 2 وأخرج عنه قال كانوا يجهرون له بالكلام ويرفعون أصواتهم فأنزل الله (لا ترفعوا أصواتكم) الآية. أسباب نزول الآية 3 وأخرج أيضا عن محمد ابن ثابت بن قيس بن شماس قال لما نزلت هذه الآية (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) قعد ثابت ابن قيس في الطريق يبكي فمر به عاصم بن عدي ابن العجلان فقال ما يبكيك ؟ قال هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت في وأنا صيت رفيع الصوت فرفع عاصم ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا به فقال: أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة، قال رضيت ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله (إن الذين يغضون أصواتهم) الآية. (*)
[ 720 ]
آيات القرآن * (ليخرجكم من الظلمات) * الكفر * (إلى النور) * الايمان * (وإن الله ربكم) * أي في إخراجكم من الكفر إلى الايمان * (لرؤوف رحيم) * (10) * (وما لكم) * بعد إيمانكم * (ألا) * فيه إدغام نون أن في لام لا * (تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والارض) * بما فيهما فتصل إليه أموالكم من غير أجر الانفاق بخلاف ما لو أنفقتم فتؤجرون * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح) * لمكة * (وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا) * من الفريقين، وفي قراءة بالرفع مبتدأ * (وعد الله الحسنى) * الجنة * (والله بما تعملون خبير) * فيجازيكم به (11) * (من ذا الذي يقرض الله) * بإنفاق ماله في سبيل الله * (قرضا حسنا) * بأن ينفقه لله * (فيضاعفه) * وفي قراءة فيضعفه بالتشديد * (له) * من عشر إلى أكثر من سبعمائة كما ذكر في البقرة * (وله) * مع المضاعفة * (أجر كريم) * مقترن به رضا وإقبال (12) اذكر * (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم) * أمامهم * (و) * يكون * (بأيمانهم) * ويقال لهم * (بشراكم اليوم جنات) * أي ادخلوها * (تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم) * (13) * (يوم يقول المنافقون والمنافقات الذين آمنوا انظرونا) * أبصرونا وفي قراءة بفتح الهمزة وكسر الظاء: أمهلونا * (نقتبس) * نأخذ القبس والاضاءة * (من نوركم قيل) * لهم استهزاء بهم * (ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا) * فرجعوا * (فضرب بينهم) * وبين المؤمنين * (بسور) * قيل هو سور الاعراف * (له باب باطنه فيه الرحمة) * من جهة المؤمنين * (وظاهره) * من جهة المنافقين * (من قبله العذاب) *
______________________________
أسباب نزول الآية 4 قوله تعالى (إن الذين ينادونك) الآيتين، أخرج الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرقم قال جاء ناس من العرب إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادون يا محمد يا محمد فأنزل الله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) الآية، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن مدحي زين وإن شتمي شين فقال النبي صلى الله عليه وسلم
[ 721 ]
(14) * (ينادونهم ألم نكن معكم) * على الطاعة * (قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم) * بالنفاق * (وتربصتم) * بالمؤمنين الدوائر * (وارتبتم) * شككتم في دين الاسلام * (وغرتكم الاماني) * الاطماع * (حتى جاء أمر الله) * الموت * (وغركم بالله الغرور) * الشيطان (15) * (فاليوم لا يؤخذ) * بالياء والتاء * (منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم) * أولى بكم * (وبئس المصير) * هي (16) * (ألم يأن) * يحن * (للذين آمنوا) * نزلت في شأن الصحابة لما أكثروا المزاح * (أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل) * بالتشديد والتخفيف * (من الحق) * القرآن * (ولا يكونوا) * معطوف على تخشع * (كالذين أوتوا الكتاب من قبل) * هم اليهود والنصارى * (فطال عليهم الامد) * الزمن بينهم وبين أنبيائهم * (فقست قلوبهم) * لم تلن لذكر الله * (وكثير منهم فاسقون) * (17) * (اعلموا) * خطاب للمؤمنين المذكورين * (أن الله يحيي الارض بعد موتها) * بالنبات فكذلك يفعل بقلوبكم يردها إلى الخشوع * (قد بينا لكم الآيات) * الدالة على قدرتنا بهذا وغيره * (لعلكم تعقلون) * (18) * (إن المصدقين) * من التصدق أدغمت التاء في الصاد، أي الذين تصدقوا * (والمصدقات) * اللاتي تصدقن وفي قراءة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق والايمان * (وأقرضوا الله قرضا حسنا) * راجع إلى الذكور والاناث بالتغليب وعطف الفعل على الاسم في صلة أل لانه فيها حل محل الفعل، وذكر القرض بوصفه بعد التصدق تقييد له * (يضاعف) * وفي قراءة يضعف بالتشديد، أي قرضهم * (لهم ولهم أجر كريم) *
______________________________
= ذاك هو الله فنزلت (إن الذين ينادوك) الآية مرسل له شواهد مرفوعة من حديث البراء وغيره عند الترمذي بدون نزول الآية، وأخرج ابن جرير نحوه عن الحسن وأخرج أحمد بسند صحيح عن الاقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فلم يجبه فقال يا محمد إن حمدي لزين وإن ذمي لشين فقال ذلك الله. (*)
[ 722 ]
(19) * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) * المبالغون في التصديق * (والشهداء عند ربهم) * أي والشهداء على المكذبين من الامم * (لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا) * الدالة على وحدانيتنا * (أولئك أصحاب الجحيم) * النار. (20) * (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة) * تزيين * (وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد) * أي الاشتغال فيها، وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة * (كمثل) * أي هي في إعجابها لكم واضمحلالها كمثل * (غيث) * مطر * (أعجب الكفار) * الزراع * (نباته) * الناشئ عنه * (ثم يهيج) * ييبس * (فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) * فتاتا يضمحل بالرياح * (وفي الآخرة عذاب شديد) * لمن آثر عليها الدنيا * (ومغفرة من الله ورضوان) * لمن لم يؤثر عليها الدنيا * (وما الحياة الدنيا) * ما التمتع فيها * (إلا متاع الغرور) *. (21) * (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض) * لو وصلت إحداهما بالاخرى والعرض: السعة * (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) *. (22) * (ما أصاب من مصيبة في الارض) * بالجدب * (ولا في أنفسكم) * كالمرض وفقد الولد * (إلا في كتاب) * يعني اللوح المحفوظ * (من قبل أن نبرأها) * نخلقها، ويقال في النعمة كذلك * (إن ذلك على الله يسير) *. (23) * (لكيلا) * كي ناصبة للفعل بمعنى أن، أي أخبر تعالى بذلك لئلا * (تأسوا) * تحزنوا * (على ما فاتكم ولا تفرحوا) * فرح بطر بل فرح شكر على النعمة * (بما آتاكم) * بالمد أعطاكم وبالقصر جاءكم منه * (والله لا يحب كل مختال) * متكبر بما أوتي * (فخور) * فخور به على الناس.
______________________________
أسباب نزول الآية 6 وأخرج ابن جرير وغيره عن الاقرع أيضا أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أخرج إلينا فنزلت قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق) أخرج أحمد وغيره بسند جيد عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الاسلام فأقررت به ودخلت فيه ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الاسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته فترسل إلي الا بان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة فلما جمع الحارث الزكاة وبلغ = (*)
[ 723 ]
(24) * (الذين يبخلون) * بما يجب عليهم * (ويأمرون الناس بالبخل) * به لهم وعيد شديد * (ومن يتول) * عما يجب عليه * (فإن الله هو) * ضمير فصل وفي قراءة بسقوطه * (الغني) * عن غيره * (الحميد) * لاوليائه. (25) * (لقد أرسلنا رسلنا) * الملائكة إلى الانبياء * (بالبينات) * بالحجج القواطع * (وأنزلنا معهم الكتاب) * بمعنى الكتب * (والميزان) * العدل * (ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد) * أخرجناه من المعادن * (فيه بأس شديد) * يقاتل به * (ومنافع للناس وليعلم الله) * علم مشاهدة، معطوف على ليقوم الناس * (من ينصره) * بأن ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره * (ورسله بالغيب) * حال من هاء ينصره، أي غائبا عنهم في الدنيا، قال ابن عباس: ينصرونه ولا يبصرونه * (إن الله قوي عزيز) * لا حاجة له إلى النصرة لكنها تنفع من يأتي بها. (26) * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) * يعني الكتب الاربعة: التوراة والانجيل والزبور والفرقان فإنها في ذرية إبراهيم * (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) *. (27) * (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الانجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية) * هي رفض النساء واتخاذ الصوامع * (ابتدعوها) * من قبل أنفسهم * (ما كتبناها عليهم) * ما أمرناهم بها * (إلا) * لكن فعلوها * (ابتغاء رضوان) * مرضاة * (الله فما رعوها حق رعايتها) * إذ تركها كثير منهم وكفروا بدين عيسى ودخلوا في دين ملكهم وبقي على دين عيسى كثير منهم فآمنوا بنبينا * (فآتينا الذين آمنوا) * به * (منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) *.
______________________________
= الا بان احتبس الرسول فلم يأته فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة فدعا سروات قومه فقال لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد وقت وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما عندي من الزكاة وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلف ولا أدري حبس رسوله إلا من سخطه فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة ما كان عنده فلما أن سار الوليد فرق فرجع فقال إن الحارث منعني الزكاة وأراد = (*)
[ 724 ]
(28) * (يا أيها الذين آمنوا) * بعيسى * (اتقوا الله وآمنوا برسوله) * محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى * (يؤتكم كفلين) * نصيبين * (من رحمته) * لايمانكم بالنبيين * (ويجعل لكم نورا تمشون به) * على الصراط * (ويغفر لكم والله غفور رحيم) *. (29) * (لئلا يعلم) * أي أعلمكم بذلك ليعلم * (أهل الكتاب) * التوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم * (أن) * مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والمعنى أنهم * (لا يقدرون على شئ من فضل الله) * خلاف ما في زعمهم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه * (وأن الفضل بيد الله يؤتيه) * يعطيه * (من يشاء) * فأتي المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما تقدم * (والله ذو الفضل العظيم) *.
|