00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية ( 5 ـ 10 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 5 - 10

 [ ولا تؤتوا السفهآء أمولكم التى جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا(5) ]

أنه جاء رجل فقال: يا أميرالمؤمنين إني يوجع بطني(1) فقال: ألك زوجة؟ قال: نعم، قال: استوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتربه عسلا، ثم اسكب عليه من ماء السماء، ثم اشربه، فإني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه: " ونزلنا من السماء ماء مباركا "(2) وقال " يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس "(3) وقال " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " وإذا اجتمعت البركة والشفاء والهني، والمرئ شفيت إن شاء الله تعالى، فقال ففعل ذلك فشفي(4).

ولا تؤتوا السفهاء أمولكم: قيل: نهي للاولياء عن أن يؤتوا الذين لا رشد لهم أموالهم، فيضيعوها.

وإنما أضاف المال إلى الاولياء، لانها في تصرفهم وتحت ولايتهم، وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة.

وقيل: نهي لكل أحد أن يعمد إلى ما خوله الله من المال فيعطي امرأته وأولاده ثم ينظر إلى أيديهم.

وإنما سماهم سفهاء، استخفافا بعقلهم، واستهجانا لجعلهم قواما على أنفسهم، وهو أوفق لما بعده من قوله: " التي جعل الله لكم قياما "(5).

___________________________________

(1) في النسخة - أ -: (إني اجد يوجع في بطني) وما في المتن من المصدر.

(2) ق: 9.

(3) النحل: 69.

(4) مجمع البيان: ج 3 ص 7 في تفسيره لآية 4 من سورة النساء.

وفي تفسير العياشي: ج 1 ص 219 ح 18 وألفاظهما مختلفة باختلاف يسير فلاحظ.

(5) من قوله: قيل: نهي للاولياء، إلى هنا مقتبس من تفسير (البيضاوي): ج 1 ص 204، لا حظ تفسيره لآية 5 من سورة النساء. (*)

[360]

وفي مجمع البيان: اختلف في المعنى بالسفهاء على أقوال: أحدها أنهم النساء والصبيان، ورواه أبوالجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وثالثها أنه عام في كل سفيه، من صبي أو مجنون أو محجور عليه للتبذير، وقريب منه ما روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: إن السفيه شارب الخمر ومن جرى مجراه.

وقيل: عنى بقوله: " أموالكم " (أموالهم).

وقد روى أنه سئل الصادق (عليه السلام) عن هذا، فقيل: كيف يكون أموالهم أموالنا؟ فقال: إذا كنت أنت الوارث له، انتهى(1).

فعلى هذا يمكن الحمل على عموم النهي عن إيتاء المال إلى السفهاء، وإرادة العموم من إضافة الاموال، بإرادة ما يشمل أموالهم أو مالهم الولاية فيه. وفي الاخبار ما يدل عليه(2).

وفي تفسير العياشي: عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) في قوله الله: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "، قال: من لا تثق به(3).

عن إبراهيم بن عبدالحميد قال: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " قال: من لا يثق به(4).

عن إبراهيم بن عبدالحميد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " قال: كل من يشرب المسكر فهو سفيه(5).

عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله (عزوجل): " ولا تؤتوا السفهاء اموالكم " قال: هم اليتامى ولا تعطوهم أموالهم حتى تعرفوا منهم الرشد قلت: فكيف يكون أموالهم أموالنا؟ فقال: إذا كنت أنت الوارث لهم(6).

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 2 ص 7 تلخيص مما ذكره (قدس سره) في معنى الآية.

(2) قد أشار إلى الاخبار في التبيان: ج 2 ص 112 في تفسيره لاية 5 من سورة النساء.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 220 ح 20.

(4) لم نعثر عليه في العياشي، والظاهر أنه اشتباه من الناسخ، انظر الرواية التي قبلها والتي بعدها.

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 220 ح 22.

(6) تفسير العياشي: ج 1 ص 220 ح 23. (*)

[361]

وفي قرب الاسناد للحميري: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة بن زياد قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لابيه: يا أبه إن فلانا يريد اليمن، أفلا ازوده بضاعة يشتري بها عصب اليمن؟(1) فقال له: بابني، لا تفعل، قال: فلم؟ قال: فإنها إذا ذهبت لم تؤجر عليها ولم يخلف عليك، لان الله تعالى يقول: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " فأي سفيه بعد النساء أسفه من شارب الخمر(2).

وفي من لا يحضره الفقيه: سئل أبوجعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "؟ قال: لا تؤتوها شراب الخمر ولاالنساء، ثم قال: وأي سفيه أسفه من شارب الخمر(3).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): إذا حدثتكم بشئ فاسألوني من كتاب الله، ثم قال في بعض حديثه: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال، فقيل له: يابن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ قال: إن الله (عزوجل) يقول: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس "(4)، وقال: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما "، وقال: " لا تسألوا عن أشياء ان تبدلكم تسؤكم "(5)(6).

___________________________________

(1) العصب: برود يمنية يعصب غزلها: أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ، يقال: برد عصب وبرود عصب بالتنوين والاضافة، وقيل: هي برود مخططة، والعصب: الفتل، والعصاب الغزال (النهاية: ج 3 ص 245).

(2) قرب الاسناد: ص 131 س 5.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 168 باب 120 كراهية الوصية إلى المرأة ح 2.

(4) النساء: 114.

(5) المائدة: 101.

(6) (إذا حدثتكم بشئ فاسألوني من كتاب الله) أي فسألوني عن موضعه ومأخذه من كتاب الله.

وفيه تنبيه على أن كل شئ كان أو يكون أو كائن فهو في القرآن، لانه برهان كل علم، ودليل (*)

[362]

كل شئ، ونور كل حق، وصراط كل غائب، وشاهد كل حكم، وضياء كل صدق، فكل فعل لا يطابقه فهو باطل، وكل قول لا يوافقه فهو كاذب، وكل من تمسك برأيه فهو خاسر (ثم قال في بعض حديثه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن القيل والقال) وهما إما فعلان ماضيان خاليان عن الضمير، جاريان مجرى الاسماء مستحقان للاعراب وإدخال حرف التعريف عليهما، أو مصدران، يقال: قلت قولا وقيلا وقالا وقالة.

والمقصود أنه نهى (صلى الله عليه وآله وسلم) عن فضول ما يتحدث به المتحدثون وزوائد ما يتكلم به المتجالسون، مثل الخوض في أخبار الناس وحكاية أقوالهم وأفعالهم، ونقل أحداث الزمان ووقائعها، مما لا يجدي نفعا، ولا يورث حكمة، فإن ذلك يوجب فساد القلب ورينه وميله إلى أمثال تلك المزخرفات واشتغاله عن تعلم مالابد منه من العلوم الدينية والمعارف اليقينية. وقيل: القال، الابتداء، والقيل الجواب.

وقيل: نهى عن كثرة الكلام مبتدئا ومجيبا.

وقيل: نهى عن الاقوال التي توقع الخصومة بين الناس بما يحكى لبعض عن بعض.

وقيل: نهى عن المناظرة في العلم والمجادلة في البحث، فإن المناظرة لقصد الغلبة في العلم والمفاخرة بالفضل تورث النفاق والعداوة والاخلاق المهلكة والذنوب المردية والآفات الكثيرة.

والاحسن التعميم وإرادة جميع هذه الامور، فإن كلها مذموم عقلا ونقلا.

(وفساد المال) أي نهى عن فعل ما يوجب فساده، مثل صرفه في غير الجهات المشروعة، وترك ضبطه وحفظه، وإعطاء الدين دون إشهاد أو وثيقة بغير الموثوق به، وإيداعه عند الخائن وأمثال ذلك.

وأما تحسين الطعام والثياب وتكثيرها وتوسيع الدار فليس من إفساد المال للموسع عليه.

وإفساد المال مذموم قطعا، لان المال الحلال مكسبه ضيق جدا وفساده يوجب هلاك النفس وتضييع العيال، أوالتعرض لما في أيدي الناس، ولان الله تعالى إنما أعطاه ليصرف في وجوه البر وأبواب الخير، فمن أفسده كان كم ضاد الحق وعاداه، وبالجملة في حفظه مصلحة للدين والدنيا.

(وكثرة السوال) عن امور لا يحتاجون إليها، سواء كانت من الامور الدنيوية أو الدينية كما مر أن مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتى يسقط عليك منها شئ.

وفيه حث على ترك الالحاح في السؤال، وأن رجلا سأل علي بن الحسين (عليه السلام) عن مسائل فأجاب، ثم عاد ليسأل عن مثلها، فقال (عليه السلام): مكتوب في الانجيل، لا تطلبوا علم مالا تعلمون، ولما تعملوا بما علمتم، وقد نقل أن بعض أهل العلم سئل عن شئ فأجابه، فقيل له فإن كان كذا فأجابه، ثم قيل له فإن كان كذا، فقال: هذه سلسلة متصلة باخرى.

إنما قال ذلك، لكراهة الاستكثار في الاستفهام، وذلك مذموم خصوصا من الجاهل الذى لا يقدر على إدراك حقائق الاشياء كما هي، ومعرفة اصول العقائد كما (*)

[363]

التي جعل الله لكم قيما: تقومون بها وتتعيشون، أي جنسه كذلك.

سمي ما به القيام قياما للمبالغة. وقرأ نافع وابن عامر " قيما " بمعناه، كعوذ بمعنى عياذ.

وقرأ " قواما " وهو ما يقام به.

وارزقوهم فيها واكسوهم: واجعلوا الاموال مكانا لرزقهم وكسوتهم.

بأن تتجروا فيها وتحصلوا من نفعها ما يحتاجون.

وقولوا لهم قولا معروفا: عدة حسنة تطيب بها نفوسهم.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال: فالسفهاء النساء والولد، إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة

___________________________________

ينبغي، وفهم غوامض المسائل من أحوال المبدأ والمعاد والجبر والقدر والتفويض وأمثال ذلك فإن وغوله في ذلك يوجب حيرته وضلالته وكفره.

(فقيل له: يابن رسول الله أين هذا من كتاب الله) سئل سائل عن مدارك هذه الامور الثلاثة ومواضعها من كتاب الله تعلما وتفهما، (قال: إن الله تعالى يقول: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " هذا مأخذ للاول، والنجو السربين الاثنين، والمعروف كل ما يستحسنه الشرع ولا ينكره العقل، وقد فسر هنا بالقمض وإغاثة الملهوف وصدقة التطوع وغير ذلك (وقال: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " نهى الاولياء عن أن يؤتوا السفهاء الذين لا رشد لهم أموالهم، فينفقونها فيما لا ينبغي (وقال: " لا تسألوا عن أشياء ان تبدلكم تسؤكم ") والمعنى: لا تسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تكاليف شاقة عليكم إن حكم بها عليكم وكلفكم بها تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها (ثم نقل قصة سراقة بن مالك في الحج، وقصة بني إسرائيل في البقرة، وقصة موسى والخضر، وما قاله ابن عباس حين الخطبة) إلى أن قال: وقال بعض أصحابنا: يندرج في هذا النهي تكلم أكثر المتكلمين الذين يخضون في البحث عن صفات الله وأفعاله وآياته وكلماته بمجردا اعتقاده ورأيه، أو باتباعه من اشتهر في هذه الصنعة، فإن من أراد أن يعرف خواص أسرار المبدأ والمعاد بهذه الصنعة المسماة بعلم الكلام فهو في خطر عظيم، إذ طريق معرفة الله والسبيل إلى عجائب ملكوته وأسرار كتبه ورسله شئ آخر، ومن تمسك بغيره فهو في حجاب كثيف وخطر شديد (تلخيص من شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 2 ص 342 إلى 348).

الكافي: ج 1 ص 60 كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة،. ح 5. (*)

[364]

[ وابتلوا اليتمى حتى إذا بلغوا النكاح فإن‌ء‌انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أمولهم ولا تأكلوهآ إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا(6) ]

وولده سفيه مفسد، لا ينبغي له أن يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعله الله له قياما، يقول: معاشا، قال: " وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا " والمعروف العدة(1).

وابتلوا اليتمى: اختبروهم قبل البلوغ، بتتبع أحوالهم في صلاح الدين، والتهدي إلى ضبط المال وحسن التصرف.

حتى إذا بلغوا النكاح: حدا يتأتى منهم النكاح، وهو كناية عن البلوغ، لانه يصلح للنكاح عنده، وهو أن يحتلم أو يستكمل خمس عشرة سنة في الرجال، والحيض واستكمال تسع سنين في النساء.

فإن‌ء‌انستم منهم رشدا: فإن أبصرتم منهم رشدا. وقرئ (احستم) بمعنى أحسستم.

وفي من لايحضره الفقيه: عن الصادق (عليه السلام): أيناس الرشد حفظ المال(2).

وفي مجمع البيان عن الباقر (عليه السلام): الرشد العقل وإصلاح المال(3).

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 131 في تفسيره لقوله تعالى: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ".

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 164 باب 113 انقطاع يتم اليتيم ح 7.

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 9 في نقل المعنى لقوله تعالى: " فإن آنستم منهم رشدا " قال بعد نقل الاختلاف في معنى الرشد: والاقوى أن يحمل على أن المراد به العقل وإصلاح المال على ما قاله ابن عباس والحسن، وهوالمروي عن الباقر (عليه السلام). (*)

[365]

فادفعوا إليهم أمولهم: من غير تأخير عن حد البلوغ.

ونظم الآية: أن الشرطية جواب إذا المتضمنة معنى الشرط، والجملة غاية الابتلاء، فكأنه قيل: وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغهم واستحقاقهم دفع أموالهم إليهم بشرط إيناس الرشد منهم.

وفيه دلالة على أنه لا يدفع إليهم أموالهم مالم يؤنس منهم الرشد.

وفي تفسر علي بن إبراهيم: عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية: قال: من كان في يده مال بعض اليتامى، فلا يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح ويحتلم، فإذا احتلم وجب عليه الحدود وإقامة الفرائض، ولا يكون مضيعا ولا شارب خمر ولا زانيا، فإذا انس منه الرشد دفع إليه المال واشهد عليه، وإن كانوا لا يعلمون أنه قد بلغ فإنه يمتحن بريح إبطه أو نبت عانته، فإذا كان ذلك فقد بلغ، فيدفع إليه ماله إذا كان رشيدا، ولا يجوز له أن يحبس عنه ماله ويعتل عليه أنه لم يكبر بعد(1).

وفي من لا يحضره الفقيه: وفي رواية أحمد بن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبدالله بن المغيرة، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال في تفسير هذه الآية: إذا رأيتموهم يحبون آل محمد فارفعوهم درجة(2).

ولا تأكلوهآ إسرافا وبدارا أن يكبروا: قيل: أي مسرفين ومبادرين كبرهم، أو لاسرافكم ومبادرتكم كبرهم(3).

والاولى مسرفين في المال ومبادرين في الاسراف خوف أن يكبروا ويأخذوا المال.

ومن كان غنيا فليستعفف: من أكلها.

ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف: بقدر حاجته واجرة سعيه.

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 131 س 12 في تفسيره لقوله تعالى: " وابتلوا اليتامى ".

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 165 باب 113 انقطاع يتم اليتيم ح 108 .

(3) نقله في أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 204 عند تفسيره لقوله تعالى: " ولا تأكلوها إسرافا وبدارا ". (*)

[366]

وفي تفسير العياشي: عن رفاعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: " فليأكل بالمعروف " قال: كان أبي يقول إنها منسوخة(1).

واعلم أن من يلي شيئا لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه وهو يصلح أموالهم بما نحتاج إليه، فله اجرة علمه مساوية لاجرة مثله، سواء كان قدر كفايته أم لا، وإن لم يكن قدر كفايته فحينئذ جاز له أن يأخذ قدر الكفاية من مال اليتيم على جهة القرض ثم يرد عليه ما أخذ إذا وجد.

يدل عليه ما رواه في الكافي: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " قال: من كان يلي شيئا لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه، وهو يتقاضى أموالهم(2) و يقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف، وإن كانت ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه فلا يرزأن(3) من أموالهم شيئا(4).

قوله: " بقدر " أي بقدر عمله " ولا يسرف " أي لا يزيد على اجرة عمله.

وما رواه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): سألني عيسى بن موسى عن القيم للايتام في الابل وما يحل له منها؟ فقلت: إذا لاط حوضها(5) وطلب ضالتها،

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 222 ح 33.

(2) التقاضي بالدين مطالبته، والمراد: أن القيم يطالب بديونهم التي في ذمة الناس من أموالهم (كذا في الهامش).

(3) في الحديث: إني لا أرزأ من فيئكم در هما، أي لا أنقص شيئا ولا درهما (مجمع البحرين: ج 1 ص 183 لغة رزأ).

(4) الكافي: ج 5 ص 129 كتاب المعيشة، باب ما يحل لقيم مال اليتيم منه ح 1.

(5) لاط حوضها: طينها، وهنأ جربانها، أي طلاها بالهناء، وهو القطران، والجرب داء معروف، والنهك النقص منه (كذا في الهامش). (*)

[367]

وهنأ جرباها(1) فله أن يصيب من لبنها، في غير نهك لضرع(2) ولا فساد لنسل(3).

احمد بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله (عزوجل): " ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " فقال: ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم فإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا(4).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

ووفي مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام): من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على جهة القرض، ثم يرد عليه ما أخذ إذا وجد(5). والمراد مازاد على اجرة عمله.

وما رواه العياشي في تفسيرة: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: " ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف "، قال: ذلك إذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترف لنفسه، فليأكل بالمعروف من مالهم(6).

وما رواه عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في هذه الآية: هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ما شية ويشغل فيها نفسه، فليأكل بالمعروف، وليس له ذلك في الدنانير والدراهم التي عنده موضوعة(7).

___________________________________

(1 و 2) قال في النهاية ج 5 ص 277: في حديث ابن عباس (إن كنت تلوط حوضها) أي تطينه وتصلحه، وأصله من اللصوق وقال: هنأت البعير أهنأه، إذا طليته بالنهاء، وهو القطران، ومنه حديث ابن عباس في مال اليتيم: إن كنت تهنأ جربانها، أي تعالج جرب ابله بالقطران، وقال فيه: غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب، أي غير مبالغ فيه، يقال: نهكت الناقة نهكا حلبها، إذا لم يبق في ضرعها لبنا (مرآة العقول في شرح الحديث).

(3) الكافي: ج 5 ص 130 كتاب المعيشة، باب ما يحل لقيم مال اليتيم منه، ح 4.

(4) الكافي: ج 5 ص 130 كتاب المعيشة، باب ما يحل لقيم مال اليتيم منه، ح 5.

(5) مجمع البيان: ج 2 ص 9 في نقل المعنى لآية 6 من سورة النساء، وتمامه (عن سعيد بن جبير ومجاهد وأبي العالية والزهري وعبيدة السلماني وهو مروي عن الباقر (عليه السلام).

(6) تفسير العياشي: ج 1 ص 222 ح 32 وفيه: (فلا يحترث) بدل (فلا يحترف).

(7) تفسير العياشي: ج 1 ص 222 ح 31. (*)

[368]

[ للرجال نصيب مما ترك الولدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الولدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا(7) ]

وأما ما رواه في الكافي: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الفضل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في هذه الآية: ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإن كان ذلك المال قليلا فلا يأكل منه شيئا(1).

فالمراد بالمعروف، اجرة مثل عمله، وذلك إذا كان في عمله إصلاح لاموالهم.

والمراد بكون أموالهم قليلا، كونها قدرا لا يزيد بالاصلاح ولا أثر لعمله فيها.

فإذا دفعتم إليهم أمولهم فأشهدوا عليهم، بأنهم قبضوا، فإنه أنفى للتهمة وأبعد من الخصومة، ووجوب الضمان.

وكفى بالله حسيبا: محاسبا، فلا تخالفوا ما امرتم به، ولا تجاوزوا ما حد لكم.

للرجال نصيب مما ترك الولدان والاقربون وللنسآء نصيب مما ترك الولدان والاقربون: يريد به المتوارثين بالقرابة. مما قل منه أو كثر: بدل " مما ترك " بإعادة العامل.

نصيبا مفروضا: أي واجبا.

نصب على أنه مصدر مفيد للنوع لمحذوف(2)، أي نصب نصيبا مفروضا، أو حال من الضمير في الظرف.

أو على الاختصاص بمعنى أعني نصيبا مقطوعا واجبا. وفيه دلالة على أن بإعراض الوارث لا يسقط من حقه شئ.

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 130 كتاب المعيشة، باب ما يحل لقيم مال اليتيم منه، قطعة من ح 5.

(2) رد على البيضاوي حيث جعله مصدرا مؤكدا - منه (كذا في الهامش). (*)

[369]

[ وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتمى والمسكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا(8) وليخش الذين لوتركوا من خلفهم ذرية ضعفا خافوا عليهم فليتقوا الله واليقولوا قولا سديدا(9) ]

نقل أن أوس بن الصامت الانصاري خلف زوجته أم كحة وثلاث بنات، فزوى ابنا عمه سويد وعرفطة، أو قتادة وعرفجة ميراثه عنهن على سنة الجاهلية، فإنهم ما كانوا يورثون النساء والاطفال، ويقولون: إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة، فجاء‌ت ام كحة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجد الفضيخ، فشكت إليه، فقال لها: ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله، فنزلت، فبعث إليها: لا تفرقا من مال أوس شيئا، فإن الله قد جعل لهن نصيبا(1).

وإذا حضر القسمة أو لوا القربى: ممن لا يرث.

واليتمى والمسكين فارزقوهم منه: فاعطوهم شيئا من المقسوم، تطييبا لقلوبهم وتصدقا عليهم.

والضمير في " منه " لما ترك، أو مادل عليه القسمة.

وقولوا لهم قولا معروفا: وهو أن تدعوا لهم، وتستقلوا ما تعطونهم، ولا تمنوا عليهم.

في مجمع البيان: أن المروي عن الباقر (عليه السلام): أنها محكمة غير منسوخة(2).

___________________________________

(1) نقله في أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 205 عند تفسيره لآية 7 من سورة النساء.

وتمامة: (ولم يبين حتى تبين، فنزل " يوصيكم الله " فأعطى ام كحة الثمن والبنات الثلثين والباقي ابني العم).

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 11 عند تفسيره لآية 8 من سورة النساء. (*)

[370]

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: نسختها آية الفرائض(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: هي منسوخة بقوله: " يوصيكم الله "(2).

والجمع بين الاخبار: بأنها منسوخة بحسب دلالته على الوجوب، وغيره منسوخة بحسب دلالته على الاستحباب فإن الوجوب: الامر بالفعل مع المنع من النقيض، فنسخ باعتبار جزئه الاخير.

وليخش الذين لوتركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم: " لو " بما في حيزه صلة الموصول، وفي تعليق الامر إشارة إلى المقصود منه والعلة فيه، وبعث على الترحم، وأن يحب لاولاد غيره ما يحب لاولاده.

قيل: أمر للاوصياء بأن يخشوا الله ويتقوه في أمر اليتامى، فيفعلوا بهم ما يحبون أن يفعل بذراريهم الضعاف بعد وفاتهم، أو للحاضرين المريض عند الايضاء، بأن يخشوا ربهم، أو يخشوا على أولاد المريض ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولادهم، فلا يتركوه أن يضربهم بصرف المال عنهم.

أو للورثة بالشفقة على من حضر القسمة من ضعفاء الاقارب واليتامى والمساكين، متصورين أنهم لوكانوا أولادهم بقوا خلفهم ضعافا مثلهم، هل يجوزون حرمانهم؟ ! أو للمؤمنين بأن ينظروا للورثة، فلا يسرفوا في الوصية(3). فليتقوا الله: في أمر اليتامى.

واليقولوا: لهم، أو للمريض، أو لحاضري القسمة، أو في الوصية.

قولا سديدا: مثل ما يقولون لاولادهم بالشفقة وحسن الادب، أو ما يصده عن الاسراف في الوصية وتضييع الورثة، ويذكروه التوبة وكلمة الشهادة، أو عذرا جميلا ووعدا حسنا، أو في الوصية مالا يؤدي إلى تضييع الورثة.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 223 ح 36.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 132 عند تفسيره لآية 8 من سورة النساء.

(3) من قوله (لو بما في حيزه) إلى هنا مقتبس من تفسير (البيضاوي): ج 1 ص 205، لا حظ تفسيره لآية 9 من سورة النساء. (*)

[371]

وفي عيون الاخبار في باب ماكتب به الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وحرم أكل مال اليتيم لعلل كثيرة من وجوه الفساد أول ذلك أنه إذا أكل الانسان مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله إذ اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا عليم بشأنه ولاله من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة مع ما خوف الله تعالى، وجعل من العقوبة في قوله تعالى: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله ".

ولقول أبي جعفر (عليه السلام): إن الله تعالى وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة ففي تحريم مال اليتيم استغناء اليتيم واستقلاله بنفسه والسلامة للعقب أن يصيبه ما أصابه لما وعد الله تعالى فيه من العقوبة مع مافي ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا(1).

وفي كتاب ثواب الاعمال: أبي (رحمه الله) قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن سماعة بن مهران قال: سمعته يقول: إن الله (عزوجل) وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: أما أحد هما فعقوبة الآخرة بالنار وأما عقوبة الدنيا فهو قوله (عزوجل): " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا " يعني بذلك ليخش إن أخلفه في ذريته كما صنع هو بهؤلاء اليتامى(2).

حدثني محمد بن الحسن قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حكيم، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: دخلنا عليه فابتدأ فقال: من أكل مال اليتيم سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه فإن الله

___________________________________

(1) عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 90 ب 33 في ذكر ما كتب به الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان.

(2) ثواب الاعمال: ص 278، عقاب أكل مال اليتيم، ح 2. (*)

[372]

[ إن الذين يأكلون أمول اليتمى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا(10) ]

(عزوجل) يقول في كتابه: " وليخش الذين لو تركوا " الآية(1).

وفي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن أبي نجران، عن حماد بن حكيم، عن عبدالاعلى مولى آل سام، قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام) مبتدئا: من ظلم يتيما سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه قال: قلت: هو يظلم فيسلط الله عليه عقبه وعلى عقب عقبه؟ فقال: فإن الله (عزوجل) يقول: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا "(2).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أباالحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون في يده مال لايتام فيحتاج إليه فيمد يده فيأخذه وينوي أن برده؟ فقال: لا ينبغي له أن يأكل إلا بقصد فإن كان من نيته أن لا يرده عليهم فهو بالمنزل الذي قال الله (عزوجل): " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما "(3).

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ذبيان بن حكيم الازدي، عن علي ابن المغيرة قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): إن لي ابنة أخ يتيمة فربما اهدي لها الشئ فآكل منه ثم اطعمها بعد ذلك الشئ من مالي فأقول: يا رب هذا بذا، فقال: لا بأس(4).

إن الذين يأكلون أمول اليتمى ظلما: ظالمين أو على وجه الظلم، أو بالظلم.

___________________________________

(1) ثواب الاعمال: ص 278، عقاب أكل مال اليتيم، ح 3.

(2) الكافي: ج 2 ص 332 ح 13.

(3 و 4) الكافي: ج 5 ص 128 و 129 باب أكل مال اليتيم ح 3 و 6. وفيه (إلا القصد لا يسرف). (*)

[373]

إنما يأكلون في بطونهم: مل‌ء بطونهم.

نارا: قيل: ما يجر إلى النار ويؤول إليها.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما اسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النار وتخرج من أدبارهم فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما(1).

وفي اصول الكافي: علي بن محمد، عن بعض اصحابنا، عن آدم بن إسحاق، عن عبدالرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): إن آكل مال اليتيم يجئ يوم القيامة والنار تلتهب في بطنه حتى تخرج لهيب النار من فيه، يعرفه أهل الجمع أنه آكل مال اليتيم(2)(3).

وفي مجمع البيان: سئل الرضا كم أدنى مايدخل به آكل مال اليتيم تحت الوعيد في هذه الآية؟ فقال: قليله وكثيره واحدا إذا كان من نيته أن لايرد إليهم(4).

وروي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سيبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا، فقيل له، يا رسول الله من هؤلاء؟ فقرأ هذه الآية(5).

وفي تفسير العياشي: عن أبي عبدالله (عليه السلام) أو أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن رجل أكل مال اليتيم هل له توبة؟ قال: يرد به إلى أهله،

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 132 في تفسيره لآية 10 من سورة النساء.

(2) اليتم معروف، وقد يطلق على آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل على شيعتهم أيضا كمادلت عليه بعض الروايات، ولا يبعد التعميم هنا (شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 8 ص 92).

(3) الكافي: ج 2 ص 31 كتاب الايمان والكفر، باب آخر منه وفيه أن الاسلام قبل الايمان، باب بدون عنوان، قطعة من ح 1.

(4 و 5) مجمع البيان: ج 3 ص 13 عند تفسيره لآية 10 من سورة النساء. (*)

[374]

قال: ذلك بإن الله يقول: " إن الذين يا كلون اموال اليتامى " الآية(1).

عن عمر، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الكبائر؟ فقال: منها أكل مال اليتيم ظلما، وليس في هذا بين أصحابنا إختلاف والحمدلله(2).

عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم در هما ونحن اليتيم(3).

عن أبي إبراهيم قال: سألته عن الرجل يكون للرجل عنده المال إما ببيع أو بقرض فيموت ولم يقضيه إياه فيترك أيتاما صغارا فيبقى لهم عليه فلا يقضيهم أيكون ممن يأكل مال اليتيم ظلما؟ قال: إذا كان ينوي أن يؤدي إليهم فلا(4).

عن محمد بن مسلم، عن أحد هما (عليهما السلام) قال: قلت: في كم يجب لآكل مال اليتيم النار؟ قال: في در همين(5).

والمراد من ذكر درهمين، المبالغة في القلة، لا التحديد بهما.

وسيصلون سعيرا: سيد خلون نارا، أي نار.

وقرأ ابن عياش، عن عاصم بضم الياء مخففا، وقرأ به مشددا، تقول: صلى النار، قاسى حرها، وصليته، شويته، وصيلته ألقيته فيها، والسعير فعيل بمعنى مفعول، من سعرت النار إذ ألهبتها.

وفي كتاب الاحتجاج: بإسناده إلى الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حديث طويل، وفيه خطبة الغدير، وفيها قال (صلى الله عليه و آله وسلم) بعد أن ذكر عليا وأولاده (عليهم السلام): إلا أن أعداء‌هم الذين يصلون سعيرا(6).

وفي كتاب ثواب الاعمال: أبي (رحمه الله) قال: حدثني عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب،

___________________________________

(1 و 2 و 3 و 4 و 5) تفسير العياشي: ج 1 ص 224 و 225 و 223 ح 41 و 46 و 48 و 45 و 40.

(6) الاحتجاج: ج 1 ص 63، احتجاج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير على الخلق كلهم وفي غيره في الايام بولاية علي بن أبي طالب ومن بعده من ولده من الائمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين (س 8. (*)

[375]

عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن في كتاب علي (عليه السلام) أن آكل مال اليتيم سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده في الدنيا ويلحقه وبال ذلك في الآخرة أما في الدنيا فإن الله (عزوجل) يقول: " وليخش الذين لوتركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا الله وليقولوا قولا سديدا " وأما في الآخرة فإن الله (عزوجل) يقول: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا "(1).

ومن من لا يحضره الفقيه: وقال الصادق (عليه السلام): إن آكل مال اليتيم سيلحقه وبال ذلك في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإن الله (عزوجل) يقول: " وليخش الذين لوتركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله " وأما في الآخرة فإن الله (عزوجل) يقول: " إن الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا "(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه السلام): إنه لما نزلت " إن الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " أخرج كل من كان عنده يتيم وسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إخراجهم فأنزل الله (تبارك وتعالى): " ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خيرو إن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح "(3).

وفي اصول الكافي: علي بن محمد، عن بعض اصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبدالرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام): حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): وأنزل في مال اليتيم من أكله ظلما: " إن الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " وذلك أن آكل مال اليتيم يجئ يوم القيامة والنار تلتهب في

___________________________________

(1) ثواب الاعمال: ص 277 - 278 عقاب آكل مال اليتيم ح 1.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 173 ح 3652.

(3) تفسير القمي: ج 1 ص 72. (*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338000

  • التاريخ : 29/03/2024 - 08:01

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net