00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النساء من آية ( 1 ـ 4 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

سورة النساء

(بسم الله الرحمن الرحيم)

[ يأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس وحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء لون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا(1) ]

وهي مائة وست وسبعون آية في كتاب ثواب الاعمال: بإسناده عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال: من قرأ سورة النساء في كل جمعة أمن من ضغطة القبر(1).

وفي مصباح الكفعمي: عن النبي (صلى الله عليه وآله): من قرأها فكأنما تصدق على كل من ورث ميراثا واعطي من الاجر كمن اشترى محررا وبرأ من الشرك وكان في مشيئة الله من الذين تجاوز عنهم(2).

يأيها الناس: خطاب يعم بني آدم.

اتقوا ربكم: في كتاب المناقب لابن شهر آشوب: أبوحمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال: قرابة الرسول وسيدهم أميرالمؤمنين، امروا بمودتهم فخالفوا ما امروا به(3).

___________________________________

(1) ثواب الاعمال: ص 105 (ثواب من قرأ سورة النساء في كل جمعة).

(2) مصباح الكفعمي: ص 439.

(3) لم نعثر عليه في المناقب ورواه في تفسير نور الثقلين: ج 1 ص 429 ح 3 نقلا عن المناقب. (*)

[338]

الذى خلقكم من نفس وحدة: هي آدم (عليه السلام).

وخلق منها زوجها: عطف على " خلقكم " أي خلقكم من شخص واحد وخلق منها امكم حواء من فضل طينتها، أو على محذوف، تقديره من نفس واحدة خلقها وخلق منها زوجها.

في كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى زرارة، في حديث طويل، قال: ثم سئل (عليه السلام) عن خلق حواء، وقيل له: إن اناسا عندنا يقولون: إن الله (عزوجل) خلق حواء من ضلع آدم الايسر الاقصى؟ قال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، يقول من يقول هذا، إن الله (تبارك وتعالى) لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه، وجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام، يقول: إن آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه، ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم.

ثم قال: إن الله (تبارك وتعالى) لما خلق آدم من طين أمر الملائكة فسجدوا له، والقى عليه السبات، ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقلبت تتحرك، فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها، نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ فقالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم عند ذلك: يا رب من هذا الخلق الحسن الذي آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال الله: يا آدم هذه أمتي حواء أفتحب أن تكون معك فتؤنسك وتحدثك وتأتمر لامرك؟ فقال: نعم يارب، ولك علي بذلك الشكر والحمد ما بقيت، فقال الله (تبارك وتعالى) فاخطبها إلي فإنها أمتي، وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة، وألقى الله عليه الشهوة، وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ، فقال: يا رب إني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال: رضائي أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي، فقال: قد شئت ذلك وقد زوجتكها فضمها إليك، فقال لها آدم (عليه السلام) إلي فاقبلي، فقالت له: لابل أنت فاقبل إلي، فأمر الله (عزوجل) آدم أن يقوم إليها، فقام، ولولا ذلك لكن النساء يذهبن حتى

[339]

يخطبن على أنفسهن، فهذه قصة حواء (صلوات الله عليها)(1).

وفي تفسير العياشي: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال: خلقت حواء من قصيرا جنب آدم، والقصيرا هو الضلع الاصغر، وأبدل الله مكانه لحما(1).

وقيل في الجمع بين الخبرين: كونها مخلوقة من ضلعه الايسر إشارة إلى أن الجهة الجمسانية في النساء أقوى منها في الرجال، والجهة الروحانية الملكية بالعكس من ذلك، وذلك لان اليمين مما يكنى به عن عالم الملكوت الروحاني، والشمال مما يكنى به عن عالم الملك الجسماني، فالطين عبارة عن مادة الجسم، واليمين عبارة عن مادة الروح، ولا ملك إلا بملكوت، وهذا هو المعنى بقوله (عليه السلام): (وكلتا يديه يمين) فالضلع الايسر المنقوص من آدم كناية عن نقص الشهوات التي تنشأ من غلبة الجسمية التي هي من عالم الخلق، وهو فضل طينته المستنبطة من باطنه التي صارت مادة لخلق حواء.

فتنه في الحديث على أن جهة الملكوت والامر في الرجال أقوى من جهة الملك والخلق، وبالعكس منهما في النساء، فإن الظاهر عنوان الباطن، وهذا هو السر في هذا النقص في أبدان الرجال بالاضافة إلى النساء، وأسرار الله لا ينالها إلا أهل السر، فالتكذيب في كلام المعصومين (صلوات الله عليهم) إنما يرجع إلى ما فهمته العامة من حمله على الظاهر، دون أصل الحديث(3).

وبث منهما رجالا كثيرا ونساء: بيان لكيفية تولدهم منهما.

والمعنى: ونشر من تلك النفس والروح المخلوق منهما بنين وبنات كثيرة، واكتفى بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء بها، لكونهم أصلا بالنسبة إليهن، وتوصيفهم يدل على توصيفهن وذكر " كثيرا " حملا على الجمع.

وترتيب الامر بالتقوى على هذه القصة، لما فيها من الدلالة على القدرة القاهرة التي من حقها أن تخشى، والنعمة الباهرة التي توجب طاعة مولاها. أو لان المراد به تمهيد الامر

___________________________________

(1) علل الشرائع: ج 1 ص 17 باب 17 علة كيفية بدوالنسل قطعة من ح 1. (*)

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 215 ح 2.

(3) ماذكره المصنف من الجمع مقتبس من تفسير الصافي. ج 1 ص 383، لا حظ تفسيره لقوله تعالى: " وخلق منها زوجها ". (*)

[340]

بالتقوى فيما يتصل بحقوق أهل منزله وبني جنسه على مادلت عليه الآيات التي بعدها.

وقرئ " وخالق " و " باث " على حذف مبتدأ تقديره: وهو خالق وباث.

وفي كتاب العلل: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن بدء النسل من ذرية آدم (عليه السلام) وقيل: إن عندنا اناسا يقولون: إن الله (تبارك وتعالى) أوحى إلى آدم أن يزوج بناته من بنيه، وإن هذا الخلق أصله كله من الاخوة والاخوات؟ فقال (عليه السلام): سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، يقول من يقول هذا، إن الله (عزوجل) جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال، وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطاهر الطيب، والله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له اخته، فلما نزى عليها ونزل كشف له عنها وعلم أنها اخته، أخرج غر موله(1) ثم قبض عليه بأسنانه، ثم قلعه، ثم خر ميتا(2).

وفيه: بإسناده إلى الحسن بن مقاتل، عمن سمع زرارة يقول: سئل أبوعبدالله (عليه السلام) عن بدء النسل من آدم كيف كان؟ وعن بدء النسل من ذرية آدم، وذكر الحديث، وفيه زيادة وهي قوله: وآخر تنكرت له امه ففعل هذا بعينه، فكيف الانسان في انسينه وفضله، غير أن جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه، فضاروا إلى ماترون من الضلال والجهل بالعلم كيف كانت الاشياء الماضية من بدء أن خلق الله ما خلق وما هو كائن أبدا، ثم قال: ويح هؤلاء أين هم عما لا يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز ولافقهاء أهل العراق، فإن الله (عزوجل) أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل آدم بألفي عام، وان كتب الله كلها فيما

___________________________________

(1) في هامش بعض النسخ مالفظه (الغرمول بضم المعجمة وسكون الراء - منه) الغرمول الذكر الضخم الرخو، وقد قيل: الذكر مطلقا (لسان العرب: ج 11 ص 491 حرف اللام).

(2) علل الشرائع: ج 1 ص 16 علة كيفية بدء النسل ح 1. (*)

[341]

جرى القلم في كلها تحريم الاخوات على الاخوة مع ما حرم، وهذا نحن قد نرى فيها هذه الكتب الاربعة المشهورة في هذا العالم، التوراة والانجيل والزبور والفرقان أنزلها الله عن اللوح المحفوظ على رسله (صلوات الله عليهم أجمعين)، منها التوراة على موسى، والزبور على داود، والانجيل على عيسى، والفرقان على محمد (صلى الله عليه و آله وسلم) وعلى النبيين ليس فيها تحليل شئ من ذلك، حقا أقول: ما أراد من يقول هذا وشبهه إلا تقوية حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله.

ثم أنشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم، وكيف كان بدء النسل من ذريته، فقال: إن آدم (عليه السلام) ولد له سبعون بطنا في كل بطن غلام وجارية، إلى أن قتل هابيل، فلما قتل قابيل هابيل جزع آدم على هابيل جزعا قطعه عن إتيان النساء، فبقي لا يستطيع أن يغشى حواء خمسمائة عام، ثم تخلى مابه من الجزع عليه فغشى حواء، فوهب الله شيئا وحده ليس معه ثان، واسم شيث هبة الله، وهو أول وصي اوصي إليه من الآدميين في الارض، ثم ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان، فلما أدركا وأراد الله (عزوجل) أن يبلغ بالنسل ما ترون، وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم الله (عزوجل) من الاخوات على الاخوة أنزل بعد العصر يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها نزلة فأمر الله (عزوجل) آدم أن يزوجها من شيث، فزوجها منه، ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها منزلة، فأمر الله (عزوجل) آدم أن يزوجها من يافث، فزوجها منه، فولد لشيث غلام، وولدت ليافث جارية، فأمر الله (عزوجل) آدم حين أدركا أن يزوج بنت يافث من ابن شيث، ففعل، فولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما، ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من الاخوة والاخوات(1).

وبإسناده إلى القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله (عزوجل) أنزل حوراء من الجنة إلى آدم (عليه السلام)، فزوجها أحد ابنيه، وتزوج الآخر الجن، فولدتا جميعا، فما كان من الناس من جمال

___________________________________

(1) علل الشرائع: ج 1 ص 18 علة باب 17 كيفية بدء النسل ح 2. (*)

[342]

وحسن خلق فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان، وأنكر أن يكون زوج بنيه من بناته(1).

وبإسناده إلى عبدالله بن يزيد بن سلام، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أخبرني عن آدم خلق من حواء، أم خلقت حواء من آدم؟ قال: بل حواء خلقت من آدم، ولوكان آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء، ولم يكن بيد الرجال.

قال: فمن كله خلقت أو من بعضه؟ قال: من بعضه، ولو خلقت من كله لجاز القصاص في النساء كما يجوز في الرجال.

قال: فمن ظاهره أو باطنه؟ قال: بل من باطنه، ولو خلقت من ظاهره لا نكشفت النساء كما ينكشف الرجال، فلذلك صارت النساء مستترات، قال: فمن يمينه أو من شماله؟ قال: بل من شماله، ولو خلقت من يمينه لكان للانثى مثل حظ الذكر من الميراث، فلذلك صار للانثى سهم وللذكر سهمين، وشهادة امر أتين مثل شهادة رجل واحد، قال: فمن أين خلقت؟ قال: من الطينة التي فضلت من ضلعه الايسر، قال: صدقت يا محمد، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(2).

وبإسناده إلى الحسن بن عبدالله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي، عن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): خلق الله (عزوجل) آدم من طبن، ومن فصله وبقيته خلقت حواء(3).

وما في الكافي: عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن خالد بن إسماعيل عن رجل من أصحابنا من أهل الجبل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ذكرت له المجوص وإنهم يقولون: نكاح كنكاح ولد آدم، وإنهم يحاجونا بذلك؟ فقال: أما أنتم فلا يحاجونكم به.

لما

___________________________________

(1) علل الشرائع: ج 1 ص 103 باب 92 عله حسن الخلق رسوء الخلق ح 1.

(2) علل الشرائع: ج 2 ص 470 - 471 باب 222 النوادر ح 33.

(3) علل الشرائع: ج 2 ص 512 باب 286 العلة التي من أجلها فصل الرجال على النساء ح 1. (*)

[343]

أدرك هبة الله قال آدم: يارب زوج هبة الله، فأهبط الله (عزوجل) حوراء، فولدت له أربعة غلمة، ثم رفعها الله (عزوجل)، فلما أدرك ولد هبة الله قال: يا رب زوج ولد هبة الله، فأوحى الله (عزوجل) إليه أن بخطب إلى رجل من الجن وكان مسلما أربع بنات له على ولد هية الله، فزوجهن، فما كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنبوة، وما كان من سفه أو حدة فمن الجن(1).

وما رواه في مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام)، إن حواء امرأة آدم كانت تلد في كل بطن غلاما [ وجارية ](2) فولدت في أول بطن قابيل، وقيل: قابين وتوأمته إقليما بنت آدم، والبطن الثاني هابيل وتوأمته لوزا، فلما أدركوا جميعا أمرالله تعالى آدم أن ينكح قابيل اخت هابيل، وهابيل اخت قابيل فرضي هابيل وأبي قابيل، لان اخته كانت أحسنهما، وقال: ما أمر الله بهذا، ولكن هذا من رأيك، فأمر هما الله أن يقربه قربانا، فرضيا بذلك، وسيأتي باقي الحديث(3).

وما في قرب الاسناد: عن الرضا (عليه السلام): حملت حواء هابيل واختا له في بطن، ثم حملت في البطن الثاني قابيل واختا له في بطن، فزوج هابيل التي مع قابيل، وزوج قابيل التي مع هابيل ثم حدث التحريم بعد ذلك(4). فمحول على الثقية، لانه موافق لمذهب العامة.

والحق ما روي أولا في الفقيه: عن الباقر (عليه السلام): إن الله (عزوجل) أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه، وتزوج الآخر ابنة الجان، فما كان في الناس من جمال كثير وحسن خلق فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء خلق فهو من ابنة الجان(5).

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 569، كتاب النكاح، باب نوادر ج 58.

(2) ما بين المعقوفتين اثبتناه من المصدر لاقتضاء السياق.

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 183 في نقل القصة لقوله تعالى: " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " المائدة. 27.

(4) فرب الاسناد: ص 161 س 12.

(5) الفقيه: ج 3 ص 240 باب 99 بدء النكاح وأصله ح 5. (*)

[344]

وما في بعض الاخبار الماضية، أن الله أنزل الحوراء على هبة الله، لا ينافي ما في هذا الخبر، لامكان الانزال أولا على أول أولاده، ثم أنزلها ثانيا على هبة الله بسؤال آدم.

ولا ينافيه أيضا ما رواه العياشي: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن آدم ولد له أربعة ذكور، فأنزل الله إليهم أربعة من الحور العين، فزوج كل واحد منهم واحدة، فتوالدوا، ثم إن الله رفعهن، وزوج هؤلاء الاربعة، أربعة من الجن، فصار النسل فيهم، فما كان من حلم فمن آدم، وما كان من جمال فمن قبل الحور العين، وما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجن(1).

لاحتمال أن يكون المراد من ولد آدم، ولد هبة الله، لان ولده أولاده، وقد سبق في الخبر، أن الله أنزل على أولاده أربعة من الحور العين.

ويحتمل أن يكون المراد من أربعة من الحور العين على أربعة من أولاد آدم غير من أنزل له أولا، فلا منافاة.

وأما ماروي في كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث رجلا من قريش قال: لما تاب الله على آدم واقع حواء ولم يكن غشيها منذ خلق وخلقت إلا في الارض، وذلك بعد ما تاب الله عليه، قال: وكان آدم يعظم البيت وما حوله من حرمة البيت، وكان إذا أراد أن يغشى حواء خرج من الحرم وأخرجها معه، فإذا جاز الحرم غشيها في الحل، ثم يغتسلان إعظاما منه للحرم، ثم يرجع إلى فناء البيت، فولد لآدم من حواء عشرون ذكرا وعشرون انثى، فولد له في كل بطن ذكر وانثى، فأول بطن ولدت حواء هابيل ومعه جارية يقال لها إقليما، قال: وولدت في البطن الثاني قابيل ومعه جارية يقال لها لوزا.

وكانت لوزا أجمل بنات آدم، قال: فلما أدركوا خاف عليهم آدم من الفتنة فدعاهم إليه وقال: اريد أن انكحك يا هابيل لوزا، وانكحك يا قابيل إقليما، قال قابيل: ما أرضى بهذا، أتنكحني اخت هابيل القبيحة

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 215 ح 5. (*)

[345]

وتنكح هابيل اختي الجميلة؟ قال آدم: فأنا اقرع بينكما، فإن خرج سهمك يا قابيل على لوزا وخرج سهمك يا هابيل إقليما زوجت كل واحد منكما التي يخرج سهمه عليها، قال: فرضيا بذلك فاقترعا قال فخرج سهم هابيل على لوزا اخت قابيل وخرج سهم قابيل على إقليما اخت هابيل، قال: فزوجهما على ما خرج لهما من عندالله، قال: ثم حرم الله نكاح الاخوات بعد ذلك، قال: فقال له القرشي: فأولدا هما؟ قال: نعم قال: فقال القرشي: فهذا فعل المجوس اليوم ! قال: فقال علي ابن الحسين (عليهما السلام): إن المجوس إنما فعلوا ذلك بعد التحريم من الله، ثم قال له علي بن الحسين (عليه السلام): إن المجوس إنما هي شرائع جرت أليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها له؟ فكان ذلك شريعة من شرائعهم، ثم أنزل الله التحريم بعد ذلك(1).

وما روي في كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن المفضل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) أنه قال: لما أكل آدم من الشجرة هبط إلى الارض، فولد له هابيل واخته توأم، وولد له قابيل واخته توأم، ثم ان آدم أمر قابيل وهابيل أن يقربا قربانا، وكان هابيل صاحب غنم، وكان قابيل صاحب زرع، فقرب هابيل كبشا وقرب قابيل مزرعة عالم ينق، وكان كبش هابيل من فضل غنمه، وكان زرع قابيل غير منقى، فتقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل، وهو قول الله " واتل عليهم " الآية(2).

واتقوا الله الذى تسآء‌لون به: أي يسأل بعضكم بعضا به، فيقول: أسألك بالله.

وأصله: تتساء‌لون فادغمت التاء الثانية في السين.

وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بطرحها(2).

___________________________________

(1) الاحتجاج: ج 2 ص 314، احتجاجات الامام السجاد (عليه السلام) س 11.

(2) كمال الدين وتمام النعمة: ج 1 ص 213 باب 22 اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام)، وإن الارض لا تخلو من حجة لله (عزوجل) على خلقه إلى يوم القيامة ح 2 ص 13.

(3) قرئ (تساء‌لون) بالتشديد، و (تساء‌لون) بالتخفيف. فمن قرا (تساء‌لون) بالتشديدأ. غم التاء في (*)السين لقربهما في المخرج. وادغمت التاء في السين ولم تدغم السين في التاء، لان في السين زيادة صوت، لانها لانها من حروف الصفير، وهي الصاد والسين والزاي. وإنما يدغم الانقص صوتا فيما هو الازيد صوتا، ولا يدغم الازيد صوتا فيما هو الانقص صوتا، لانه يؤدي إلى الاحجاف به ويبطل ماله من الفضل على مقاربه.

ومن قرأ (تساء‌لون به) بالتخفيف فإنه حذف إحدى اليائين (البيان في غريب إعراب القرآن لا بن الانباري، غريب إعراب سورة النساء: ص 240).

[346]

والارحام: بالنصب عطفا على " الله " أي اتقوا الله والارحام، فصلوها ولا تقطعوها.

في مجمع البيان: " والارحام " معناه: واتقوا الارحام أن تقطعوها، وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)(1).

وقيل: أو على محل الجار والمجرور، كقولك: مررت بزيد أو عمرو، أي تتساء‌لون بالله وبالارحام، كقولهم: أسألك بالله وبالرحم، أن تفعل كذا.

وقرأ حمزة بالجر عطفا على الضمير المجرور، وهو ضعيف، لانه كبعض الكلمة.

وقرأ بالرفع، على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أي والارحام كذلك، أي مما يتقى، أو يستاء‌ل به.

وقد نبه سبحانه إذ قرن الارحام باسمه في الاتقاء، على أن صلتها بمكان منه.

إن الله كان عليكم رقيبا: حافظا مطلعا.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود.

الرقيب، الحفيظ(2).

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي.

قال: حدثنا الحسن بن الحكم معنعنا عن ابن عباس (رضي الله عنه) في قوله تعالى: " واتقوا الله الذي تساء‌لون به والارحام " قال: نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذوي أرحامه، وذلك أن كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا من كان بسببه ونسبه " إن الله كان عليكم رقيبا " يعني حفيظا(3).

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 3 في نقل المعنى لآية 1 من سورة النساء س 4.

(2) تفسير علي نب إبراهيم: ج 1 ص 130 في تفسيره لآية 1 من سورة النساء س 5.

(3) تفسير فرات الكوفي ط قم: ص 32 س 9. (*)

[347]

وفيه: قال: حدثنا جعفر بن محمد الفزاري معنعنا، عن جعفر بن محمد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنا الله تعالى خلقني وأهل بيتي من طينة لم يخلق منها أحدا غيرنا، فمن صنوا إلينا، فكنا أول من ابتدأ من خلقه، فلما خلقنا فتق بنورنا كل ظلمة، وأحيا بنا كل طينة طيبة، ثم قال الله تعالى: هؤلاء خيار خلقي، وحملة عرشي، وخزان علمي، وسادة أهل الارض، هؤلاء هداة المهتدين، والمهتدى بهم، من جاء‌ني بولايتهم أو جبت لهم جنتي، وأبحتهم كرامتي، ومن جاء‌ني بعداوتهم أو جبت لهم ناري، وبعثت عليهم عذابي، قال (عليه السلام): نحن أصل الايمان بالله وملائكته وتمامه، ومنا الرقيب على خلق الله، وبه سداد أعمال الصالحين، ونحن قسم الله الذي يسأل به، ونحن وصية الله في الاولين، ووصيته في الآخرين، وذلك قوله (جل جلاله): " اتقوا الله الذي تساء‌لون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا "(1).

وفي تفسير العياشي: عن الاصبغ بن نباتة قال: سمعت أميرالمؤمنين (عليه السلام) يقول: إن أحدكم ليغضب فما يرضى حت يدخل به النار، فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمة فليدن منه، فإن الرحم إذا مسها الرحم، استقرت وإنها متعلقة بالعرش، منتقضة انتقاض الحديد(2) فتنادي: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني وذلك قول الله في كتابه: " واتقوا الله " الآية(3).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله (عزوجل): " واتقوا الله " الآية؟ فقال: هي أرحام الناس، إن الله (عزوجل) أمر بصلتها وعظمها، ألا ترى

___________________________________

(1) تفسير فرات الكوفي: ص 35 س 1.

(2) الانقاض صوت كالنقر، وإنقاض الاصابع تصويتها وفرقتها، وأنقض أصابعه، ضرب بها لتصوت (مجمع البحرين: ج 4 ص 232 لغة نقض).

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 217 ح 8 وتمام الحديث (أيما رجل غضب وهو قائم فليلزم الارض من فوره، فإنه يذهب رجز الشيطان). (*)

[348]

أنه جعلها معه(1)(2)(3).

وفي عيون الاخبار: بإسناده إلى الرضا (عليه السلام) قال: إن الله أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة، إلى قوله: وأمر باتقاء الله وصلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله (عزوجل)(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 2 ص 150، كتاب الايمان والكفر، باب صلة الرحم، ح 1.

(2) قوله: (هي أرحام الناس) أي ليس المراد هنا رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما في أكثر الآيات (أمر بصلتها) أي في سائر الآيات أو في هذه الآية على قراء‌ة النصب بالعطف على الله، والامر باتقاء الارحام، أمر بصلتها (وعظمها) حيث قرنها بنفسه (ألاترى أنه جعلها منه) أي قرنها بنفسه.

وعلى قراء‌ة الجر، حيث قررهم على ذلك، حيث كانوا يجمعون بينه تعالى وبين الرحم في السؤال، فيقولون: أنشدك الله والرحم. وربما يقرأ منة بضم الميم وتشديد النون، أي جعلها قوة وسببا لحصول المطالب، أو بالكسر والتشديد، أي أنعم بهما على الخلائق، ولا يخفى ما فيهما من التعسف (مرآة العقول: ج 8 ص 359).

(3) بقي هنا شئ ينبغي الاشارة إليه، وهو تحقيق معنى الرحم، فنقول: قيل: الرحم والقرابة نسبة واتصال بين المنتسبين يجمعها رحم واحد. وهذا يشبه أن يكون دوريا، وقيل: الرحم عبارة عن قرابة الرجل من جهة طرفيه، آبائه وإن علوا وأبنائه وإن سفلوا وما يتصل بالطرفين من الاعمام والعمات، والاخوة والاخوات وأولادهم، وقيل: الرحم التي تجب صلتها كل رحم بين اثنين لو كان ذكرا لم يتناكحا، فعلى هذا لا يدخل أولاد الاعمام وأولاد الاخوال، وقيل: هي عام في كل رحم من ذوي الارحام المعروفين بالنسب محرمات أو غير محرمات، وإن بعدوا، وهذا أقرب إلى الصواب ويدل عليه ما رواه علي بن إبراهيم ج 2 ص 308 في تفسير قوله تعالى: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم " إنها نزلت في بني امية وصدر منه بالنسبة إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ويؤيده روايات اخر.

والظاهر أنه لا خلاف في أن صلة الرحم واجبة في الجملة وأن لها درجات متفاوتة بعضها فوق بعض، وأدناها الكلام والسلام وترك المهاجرة، ويختلف ذلك باختلاف القدرة عليها والحاجة إليها، فمن الصلة ما يجب ومنها ما يستحب، ومن وصل بعض الصلة ولم يبلغ أقصاها، ومن قصر عما ينبغي، أو قصر عما يقدر عليه، هل هو واصل أو قاطع فيه تأمل، والاقرب عدم القطع، لصدق الصلة في الجملة (شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 9 ص 5).

(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 201 باب 26 ماجاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار النادرة في فنون شتى، ح 13، وتمام الحديث: (أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلى ولم يزك، لم (*)يقبل منه صلاته، وأمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله. وأمر باتقاء الله الخ).

[349]

وبإسناده إلى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن علي (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما اسري بي إلى السماء رأيت رحما متلقة بالعرش تشكو رحما إلى ربها ! فقلت لها: كم بينك وبينها من أب؟ فقالت: نلتقي في أربعين أبا(1).

وفي اصول الكافي: بإسناده إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): صلوا أرحامكم ولو بالتسليم، يقول الله (تبارك وتعالى): " واتقوا الله " الآية(2)(3).

وبإسناده إلى الرضا (عليه السلام) قال: إن رحم آل محمد، الائمة (عليهم السلام) المعلقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، ثم هي جارية في أرحام المؤمنين، ثم تلا هذه الآية(4)(5).

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 199، باب 26 ماجاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار النادرة في فنون شتى، ح 5.

(2) الكافي: ج 2 ص 155 كتاب الايمان والكفر باب صلة الرحم ح 22.

(3) قوله: (صلوا أرحامكم ولو بالتسليم) دل على أنه ينبغي المادرة بالسلام على ذوي الارحام، وأن ظن أنهم لا يردون عليه، والقول بأنه لا يسلم عليهم حينئذ، لانه يدخلهم في حرام كما ذهب إليه بعض العامة، ليس بشئ لامكان توبتهم وردهم، فلا يترك تلك الخصلة العظيمة والفضيلة الشريفة لمجرد الظن (شرح اصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 9 ص 15).

(4) الكافي: ج 2 ص 156 كتاب الايمان والكفر، باب صلة الرحم، ح 26.

(5) " إن الرحم معلقة بالعرش " قيل: تمثيل للمعقول بالمحسوس، وإثبات لحق الرحم على أبلغ وجه، وتعلقها بالعرش، كناية عن مطالبة حقها بمشهد من الله، ومعنى ما تدعو به: كن له كما كان لي، وافعل به ما فعل بي من الاحسان والاساء‌ة، وقيل: محمول على الظاهر، إذ لا يبعد من قدرة الله تعالى أن يجعلها ناطقة، كما ورد أمثال ذلك في بعض الاعمال، أنه يقول: أنا عملك.

وقيل: المشهور من تفاسير الرحم: إنها قرابة الرجل من طرفيه، وهي أمر معنوي، والمعاني لا تتكلم ولا تقوم، فكلام الرحم وقيامها وقطعها ووصلها، استعارة لتعظيم حقها وصلة واصلها وإثم قاطعها، ولذا سمي قطعها عقوقا، وأصل العق، الشق، فكأنه قطع ذلك السبب الذي يصلهم.

وقيل: يحتمل أن الذي تعلق بالعرش ملك من الملائكة تكلم بذلك عوضا منها بأمر الله سبحانه، فأقام الله ذلك الملك يناضل (*)

[350]

[ وء‌اتوا اليتمى أمولهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أمولهم إلى أمولكم إنه كان حوبا كبيرا(2) ]

وء‌اتوا اليتمى أمولهم: إذا بلغوا، أو آنستم منهم رشدا، كما في الآية الاخرى.

" اليتامى " جمع يتيم، وهوالذي مات أبوه، من اليتم، وهو الانفراد، ومنه الدرة اليتيمة، إما لانه لما جرى مجرى الاسماء كفارس وصاحب، جمع على يتائم، ثم قلب فقيل يتامى، أو على أنه جمع على يتمى، كأسرى، لانه من باب الآفات، ثم جمع يتمى على تامى، كأسرى و اسارى، ووروده في الآية إما للبلغ على الاصل، أو على الاتساع لقرب عهدهم بالصغر، حثا على أن يدفع إليهم أموالهم أول بلوغهم قبل أن يزول عنهم هذا الاسم إن اونس منهم الرشد، والذلك أمر بابتلائهم صغارا،

___________________________________

(1) عنها، ويكتب ثواب واصلها وإثم قاطعها كما وكل الحفظة بكتب الاعمال.

قوله: (وهي رحم آل محمد) أي التي تعلق بالعرش، هي رحم آل محمد، فالمراد أن الرحم المعلقة بالعرش رحم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذووا قرباه وأهل بيته، وهم الائمة بعده، فإن الله أمر بصلتهم وجعل مودتهم أجر الرسالة لقرابتهم بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا بالناس، ولذا يجب على الناس صلتهم.

أوالمراد به قرابة المؤمنين بالقرابة المعنوية الايمانية فإن حق والذي النسب على الناس لانهما صارا سببين للحياة الظاهرية الدنيوية، وحق ذوي الارحام لاشتراكهما في الانتساب بذلك، والرسول وأميرالمؤمنين (عليهما السلام) أبوا هذه الامة لصيرورتهما سببا لوجود كل شئ، وعلة غائية لجميع الموجودات كما ورد في الحديث القدسي: لولاك لما خلقت الافلاك.

وأيضا صارا سببين للحياة المعنوية الابدية بالعلم والايمان لجميع المؤمنين، ولا نسبة لهذه الحياة بالحياة الفانية الدنيوية، وبهذا السبب صار المؤمنون إخوة، فبهذه الجهة صارت قرابة النبي (صلى الله عليه وآله) قرابتهم وذوي أرحامهم.

وأيضا قال الله تعالى: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم " وفي قراء‌ة أهل البيت (عليهم السلام) (وهو أب لهم) فصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخديجة أبوي هذه الامة، وذريتهما الطيبة ذوي أرحامهم، فبهذه الجهات صاروا بالصلة أولى وأحق مع جميع القرابات (مرآة العقول: ج 8 ص 366). (*)

[351]

أو لغير البلغ، والحكم مقيد، وكأنه قال: وآتوهم إذا بلغوا، ويؤيد الاول ما نقل أن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ طلب المال منه، فمنعه، فنزلت، فلما سمعها العم قال: أطعنا الله ورسوله، نعوذ بالله من الخوب الكبير(1).

ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب: قيل: لا تستبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم.

أو الامر الخبيث، وهو اختزال أموالهم بالامر الطيب الذي هو حفظها، وقيل: ولا تأخذوا الرفيع من أموالهم وتعطوا الخسيس مكانها. والبيضاوي ضعفه بأن هذا تبديل وليس بتبدل(2).

ولا تأكلوا أمولهم إلى أمولكم: ولا تأكلوها مضمومة إلى أموالكم، مسوين بينهما، وهذا حلال والآخر حرام، يعني فيما زاد على أجره، لقوله تعالى: " فليأكل بالمعروف "(3) إنه كان حوبا كبيرا: ذنبا عظيما.

وقرئ حوبا، وهو مصدر حاب يحوب حوبا. وقرئ حابا، كقال، بناء على أنه حوب بفتح الواو(4).

وفي تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أو أبي الحسن (عليه السلام): " انه كان حوبا كبيرا " قال: هو مما يخرج الارض من أثقالها(5).

___________________________________

(1) من قوله (اليتامى) إلى هنا مقتبس من أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 2: 2 في تفسيره لآية 2 من سورة النساء.

(2) من قوله: قيل لا تستبدلوا إلى هنا مقتبس من تفسير (البيضاوي): ج 1 ص 202 فلا حظ.

(3) النساء: 6.

(4) وقرأ الحسن (حوبا) بفتح الحاء، وهو مصدر حاب حوبا، وقرئ: حابا.

ونظير الحوب والحاب: القول والقال والطرد والطرد (الكشاف: ج 1 ص 466).

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 217 ح 11. (*)

[352]

[ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث وربع فإن خفتم ألا تعدلوا فوحدة أو ما ملكت أيمنكم ذلك أدنى ألا تعولوا(3) ]

وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء: قيل: يعني إن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن، فتزوجوا ما طاب لكم من غير هن، إذا كان الرجل يجد يتيمة ذات مال وجمال، فيتزوجها ضنا بها، فربما يجتمع عنده منهن عدد ولا يقدر على القيام بحقوقهن، أو إن خفتم أن لا تعدلوا في حقوق اليتامى فتحرجتم منها، فخافوا أيضا أن لا تعدلوا بين النساء، فانكحوا مقدارا يمكنكم الوفاء بحقه، لان المتحرج من الذنب ينبغي أن يتحرج من الذنوب كلها، على ما نقل أنه لما عظم أمر اليتامى تحرجوا من ولايتهم، وما كانوا يتحرجون من تكثير النساء وإضا عتهن، فنزلت.

وقيل: كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى ولا بتحرجون من الزنا، فقيل لهم: إن خفتم أن لا تعدلوا في أمر اليتامى فخافوا الزنا فانكحوا ما حل لكم(1).

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه يقول (عليه السلام) لبعض الزنادقة: وأما ظهورك على تناكر قوله تعالى: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، ولا كل النساء يتامى.

فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن. وبين القول في اليتامى وبين نكاح

___________________________________

(1) من قوله: قيل: يعني إن خفتم إلى هنا مقتبس من تفسير (البيضاوي): ج 1 ص 202 السطر الاخير ونقل الوجوه المذكورة سائر أرباب التفاسير أيضا ونقلها شيخ الطائفة الحقة في تفسيره التبيان ج 3 ص 103 مسندا بعض الوجوه إلى أصحابنا الامامية، فلا حظ. (*)

[353]

النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن.

وهذا وما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لاهل النظر والتأمل.

ووجد المعطلون وأهل الملل المخالفة للاسلام مساغا إلى القدح في القرآن، ولو شرحت لك كل ما اسقط وحرف وبدل مما يجري هذا المجرى، لطال، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الاولياء ومثالب الاعداء(1)(2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " قال: نزلت مع قوله: " ويستفتونك

___________________________________

(1) الاحتجاج: ج 1 ص 254 احتجاجه (عليه السلام) على زنديق جاء مستدلا عليه بآي من القرآن متشابهة تحتاج إلى التأويل على أنها تقتضي التناقض والاختلاف فيه وعلى أمثاله في أشياء اخرى، س 1.

(2) لا يخفى أن شأن المحدث والمفسر إيراد الاحاديث ونقلها مع قطع النظر عن صحتها وسقمها وضعفها وقوتها فنرى أنهم ينقلون الاحاديث الضعاف والاخبار المتعارضة، بل ربما يوردون الاخبار التي محتاج إلى التأويل ولا يقبلها بظاهرها العقول السليمة والافكار الدقيقة.

بل نقد الاحاديث وتضعيفها وقبولها أوردها من شؤون علماء الرجال وخراريت فنون الاحاديث وحذاق بحار الاخبار، فهم يتغوصون في يم المرويات عن المعصومين وبتوغلون في أسرار آل محمد (صلوات الله عليهم) ويفرقون بين اللآلئ والاخزاف والجواهر العزيزة والاحجار الكريمة.

فاسمع إلى ما نتلوه عليك من كلام خريت فن الحديث شيخ الطائفة الامامية (قدس الله نفسه الزكية) في مقدمته على تفسيره التبيان في هذا المقام.

قال في ج 1 ص 4 ما لفظه: وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضا، لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان منه فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه، وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى وهوالظاهر في الروايات، غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شئ منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، والاولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها لانه يمكن تأويلها، ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين، فإن ذلك معلوم صحته، لا يعترضه أحد من الامة ولا يدفعه إلى آخره.

وراجع أيضا ما أثبتناه في ذيل آية 178 من سورة آل عمران.

ولو رمنا ما كتبه علماؤنا الاعلام في عدم تحريف القرآن وصونه عن الزيادة والنقصان، لطال بنا البحث وفيه خروج عن الغرض. (*)

[354]

في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللائي لا تأتونهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " فنصف الآية في أول السورة ونصفها على رأس المائة وعشرين آية وذلك أنهم كانوا لا يستحلون أن يتزوجوا يتيمة قد ربوها فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فانزل الله (عزوجل): " يستفتونك في النساء " إلى قوله: " مثنى وثلاث ورباع "(1).

وإنما عبر عنهن ب‍ (ما) ذهابا إلى الصفة، أو إجراء لهن مجرى غير العقلاء، لنقصان عقلهن.

وقرئ " تقسطوا " بفتح التاء، على أن (لا) مزيدة، أي إن خفتم أن تجوروا.

مثنى وثلث وربع: أي اثنين، وثلاث ثلاث وأربع أربع، منصوبة على الحال من فاعل طاب، أو مما طاب بالفتحة، لانها غير منصرفة، للعدل والصفة، فإنها بنيت على الصفات، وإن لم تبن اصولها لها.

وقيل: لتكرير العدل، فإنها معدولة باعتبار الصيغة وباعتبار التكرير، لانها اخرجت عن الاوزان الاصلية، وعن التكرير إلى الواحدة، ومعناه التخيير في العدد لكل أحد إلى أربع.

وإنما أتى بهذه الصيغ، وبالواو، دون كلمة أو، إذ لو افردت وقيل: اثنتين وثلاثا وأربعا كان المعنى تجويز الجمع بين هذه الاعداد، دون التوزيع. ولو ذكرت ي‍ (أو) لذهب تجويز الاختلاف في العدد.

وإنما لم يذكر الآحاد، لان المراد نفي الحرج في الزائد.

وفي تفسير العياشي: عن يونس بن عبدالرحمن، عمن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: في كل شئ إسراف إلا في النساء، قال الله تعالى: " فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع(2) وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ليس الغيرة إلا

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 130.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 218 ح 13. (*)

[355]

للرجال، فأما النساء فإنما ذلك منهن حسد، والغيرة للرجال، ولذلك حرم على النساء إلا زوجها وأحل للرجال أربعا، فإن الله أكرم من أن يبتليهن بالغيرة ويحل للرجل معها ثلاثا(1).

والعياشي عنه (عليه السلام): لا يحل لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر(2).

وفي كتاب عيون الاخبار في باب ما كتب به الرضا (عليه السلام) إلى محمد ابن سنان في جواب مسائله في العلل: (وعلة التزويج للرجل أربعة نسوة وتحريم أن تتزوج المرأة أكثر من واحد، لان الرجل إذا تزوج أربع نسوة كان الولد منسوبا إليه، والمرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك لم يعرف الولد لمن هو، إذ هم مشتركون في نكاحها، وفي ذلك فساد الانساب والمواريث والمعارف)(3).

فإن خفتم ألا تعدلوا: بين هذه الاعداد أيضا.

وفي الكافي: عن الصادق (عليه السلام): فإن خفتم أن لا تعدلوا، يعني في النفقة(4).

فواحدة: اي فاختاروا، أو فانكحوا واحدة وذروا الجمع.

وقرئ بالرفع على أنه فاعل فعل محذوف، أي فتكفيكم واحدة، أو فالكافي واحدة.

أو ما ملكت أيمنكم: وإن تعددن، لخفة مؤنهن، وعدم وجوب القسم ببنهن، وفي حكمهن المتعة.

ففي الكافي: عن الصادق (عليه السلام) في غير واحدة من الروايات: إنها ليست من الاربع، ولا من السبعين، وإنهن بمنزلة الاماء، لانها مستأجرات،

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 504 كتاب النكاح، باب غيرة النساء ح 1.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 218 ح 14.

(3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 95 باب 33 في ذكر ما كتب الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل، ح 1.

(4) الكافي: ج 5 ص 363 كتاب النكاح، باب فيما أحله الله (عزوجل) من النساء، قطعة من ح 1. (*)

[356]

[ وء‌اتوا النسآء صدقتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريا(4) ]

لا تطلق ولا ترث ولا تورث، وإن العبد ليس له أن يتزوج إلا حرتين، أو أربع إماء، وله أن يتسرى بإذن مولاه ماشاء(1).

ذلك: أي التقليل منهن، أو اختيار الواحدة، أو التسري.

أدنى ألا تعولوا: أقرب من أن لا تميلوا، يقال: عال الميزان، إذا مال. وعال الحاكم، إذا جار.

وعول الفريضة، الميل عن حدالسهام المسماة.

وقيل: بأن لا يكثر عيالكم، من عال الرجل عياله، إذا مانهم، فعبر عن كثرة العيال بكثرة المؤن على الكناية، ويؤيدة قراء‌ة: أن لا تعيلوا، من أعال الرجل، إذا كثر عياله.

ولعل المراد بالعيال، الازواج، وإن اريد الاولاد، فلان التسري مظنة قلة الولد بالاضافة إلى التزوج، لجواز العزل فيه، كتزوج الواحدة بالاضافة إلى تزوج الاربعة.

وء‌اتوا النسآء صدقتهن: مهور هن. وقرئ بفتح الصاد وسكون الدال على التخفيف.

وبضم الصاد وسكون الدال جمع صدقة كغرفة، وبضمهما على التوحيد، وهو تثقيل صدقة، كظلمة في ظلمة.

نحلة: قيل: عطية، من نحله كذا نحلة إذا أعطاه إياها عن طيب نفس بلا توقع عوض.

ونصبها على المصدر، لانها في معنى الايتاء، أو الحال من الواو، أو الصدقات.

أي آتوهن صدقاتهن ناحلين أو منحولة. وبعضهم فسرها بالفريضة،

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 451 كتاب النكاح باب أنهن بمنزلة الاماء وليست من الاربع، فلا حظ، وص 476 باب ما يحل للمملوك من النساء، فراجع. (*)

[357]

وهو نظر إلى مفهوم الآية، لا إلى موضع اللفظ.

وقيل: تفضلا من الله عليهن، فيكون حالا من الصدقات.

وقيل: ديانة، من قولهم: انتحل فلان كذا، إذا دان به، على أنه مفعول له، أو حال من الصدقات، أي دينا من الله شرعه. قيل: الخطاب للازواج(1).

وفي مجمع البيان: اختلف فيمن خوطب بقوله: " وآتوا النساء " قيل: هم الاولياء، لان الرجل منهم إذا زوج أيمة أخذ صداقها، دونها، فنهاهم الله عن ذلك، وهو المروي عن الباقر (عليه السلام)، رواه أبوالجارود(2).

فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا: الضمير للصداق، حملا على المعنى، أو للايتاء، و " نفسنا " تمييز لبيان الجنس، ولذلك وحدوا المعنى، فإن وهبن لكم شيئا من الصداق عن طيب نفس، لكن جعل العمدة طيب النفس، للمبالغة، وعداه ب‍ " عن " لتضمين معنى التجافي والتجاوز، وقال " منه " بعثا لهن على تقليل الموهوب.

فكلوه هنيئا مريا: فخذوه وانفقوه حلالا بلا تبعة.

والهنئ والمرئ صفتان، من هنؤ الطعام ومرئ، إذا ساغ من غير غص، اقيمتا مقام مصدريهما، أو وصف بهما المصدر، أو جعلتا حالا من الضمير.

وقد يفرق بينهما، بأن الهنئ ما يلذه الانسان، والمرئ ما يحمد عاقبة(3).

وعلى ما روى سابقا من مجمع البيان، الخطاب للاولياء.

وقيل: إن اناسا يتأثمون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئا مما ساق إليها، فنزلت(4).

___________________________________

(1) من قوله: وقيل (بان لا يكثر عيالكم) إلى هنا مقتبس من تفسير (البيضاوي): ج 1 ص 203 فلاحظ.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 7 س 2 في تفسيره لآية 4 من سورة النساء.

(3) مفتبس أيضا من تفسير (البيضاوي): ج 1 ص 204.

(4) رواه في الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ج 2 ص 432 في تفسيره لقوله تعالى: " واتوا النساء صدقاتهن نحلة ". (*)

[358]

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): جعلت فداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به، وقالت له حين دفعته إليه: أنفق منه، فإن حدث بك حدث فما أنفقت منه، فهو لك حلال طيب، فإن حدث بي حدث فما أنفقت منه، فهو حلال طيب، فقال: أعد علي يا سعيد المسألة، فلما ذهبت أعيد عليه المسألة، اعترض فيها صاحبها، وكان معي حاضرا، فأعاد عليه مثل ذلك، فلما فرغ اشار باصبعه إلى صاحب المسألة، فقال يا هذا: إن كنت تعلم أنها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك وبينها وبين الله، فحلال طيب، ثلاث مرات، ثم قال: يقول الله (عزوجل) في كتابه: " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا "(1).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا يرجع الرجل فيما يهب لا مرأته، ولاالمرأة فيما تهب لزوجها، حيز أولم يحز(2).

أليس الله (تبارك وتعالى) يقول: " ولا تأخذوا مما أتيتموهن شيئا "(3) وقال: " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " وهذا يدخل في الصداق والهبة(4).

وفي تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أو أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " قال: يعني بذلك أموالهن التي في أيديهن مما ملكن(5).

وفي مجمع البيان وفي كتاب العياشي: مرفوعا إلى أميرالمؤمنين (عليه السلام):

___________________________________

(1) الكافي: ج 5 ص 136 كتاب المعيشة، باب الرجل يأخذ من مال امرأته والمرأة تأخذ من مال زوجها ح 1.

(2) حازه يجوزه إذا قبضه وملكه واستبد به، أي تفرد به (النهاية: ج 1 ص 459 لغة حوز).

(3) البقرة: 229 والآية الشريفة هكذا: " ولا يحل لكم أن تأخذوا ".

(4) الكافي: ج 7 ص 30 كتاب الوصايا، باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل والهبة والسكنى والعمرى.

قطعة من ح 3.

(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 219 ح 16. (*)

[359]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21398517

  • التاريخ : 18/04/2024 - 04:34

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net