00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (34 - 44) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 34 - 44

[ ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(34) إذ قالت امرأت عمرن رب إنى نذرت لك ما في بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم(35) ] الارض وجعل حجة وخليفة عصم لقوله عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين "(1).

وفيه في باب مجلس آخر للرضا (عليه السلام) عند المأمون في عصمة الانبياء (عليهم السلام) حديث طويل وفيه يقول (عليه السلام): وكان ذلك من آدم قبل النبوة، ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار، وانما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الانبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة قال الله تعالى: " وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى " وقال عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين "(2) ذرية بعضها من بعض: حال، أو بدل من الآلين، أو منهما ومن نوح. أي أنهم ذرية واحدة منشعبة بعضها من بعض، أو بعضها من بعض في الدين.

والذرية: الولد، فعلية من الذرء، أو فعولة من الذرء، ابدلت همزتها ياء ثم قلبت الواو ياء وادغمت.

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن الفضل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) في حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): فلما قضى محمد (صلى الله عليه وآله) نبوته واستكملت

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 192 باب 14.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 196 باب 15. (*)

[65]

أيامه، أوحى الله عزوجل إليه أن يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإني لم أقطع العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الانبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم.

وذلك قوله عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم "(1).

وفي روضة الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد ابن الفضل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله(2).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس، عن هشام [ بن الحكم ] في حديث بريه(3) [ أنه ] لما جاء معه إلى أبي عبدالله (عيه السلام) فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فحكى له هشام الحكاية(4)، فلما فرغ قال أبوالحسن لبريه: يا برية كيف علمك بكتابك؟ قال: أنا به عالم، ثم قال: كيف ثقتك بتأويله؟ قال: ما أو ثقني بعلمي فيه، قال: فابتدأ أبوالحسن (عليه السلام) يقرأ الانجيل، فقال برية: إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة، أو مثلك، قال: فقال: فآمن برويه وحسن إيمانه، وآمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبدالله (عليه السلام) فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى (عليه السلام) وبين بريه، فقال أبوعبدالله (عليه السلام): " ذرية

___________________________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة: ج 1 ص 217 الباب الثاني والعشرون، اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام) وإن الارض لا تخلو من حجة ح 2.

(2) الكافي: ج 8 ص 117 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة، ح 92.

(3) في بعض نسخ الكافي (بريهة) في المواضع كلها، وهو جاثليق من جثالقة النصارى، والحديث طويل وتمامه في كتاب التوحيد للصدوق (قدس سره): ص 270 باب 37 الرد على الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد ح 1، والبحار: ج 10 ص 234 باب 16 احتجاجات موسى بن جعفر (عليه السلام)، ح 1.

(4) أي ماجرى بينه وبين بريهة من الاحتجاج. (*)

[66]

بعضها من بعض والله سميع عليم " فقال بريه: أنى لكم التوراة والانجيل وكتب الانبياء؟ قال: هي عندنا وراثة من عندهم نقرأها كما قرأوها ونقولها كما قالوا: إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ، فيقول: لا أدري(1).

وفي تفسير العياشي: عن أحمد بن محمد، عن الرضا، عن أبي جعفر (عليه السلام): من زعم أنه قد فرغ من الامر فقد كذب، لان المشيئة لله في خلقه يريد ما يشاء ويفعل ما يريد قال الله عزوجل: " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " آخرها من أولها وأولها من آخرها، فإذا اخبرتم بشئ منها بعينه أنه كائن وكان في غيره منه، فقد وقع الخبر على ما أخبرتم عنه(2).

أبوعمر والزبيري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت [ له ]: ما الحجة في كتاب الله إن آل محمد هم أهل بيته؟ قال: قول الله تبارك وتعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد هكذانزلت على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

ولا يكون الذرية من القوم إلا نسلهم من أصلا بهم، وقال: اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور(3) وآل عمران وآل محمد(4).

وفي كتاب المناقب لا بن شهر آشوب: أن عليا (عليه السلام) قال لابنه الحسن (عليه السلام): اجمع الناس، فاجتمعوا، فأقبل فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه وتشهد، ثم قال: أيها الناس إن الله اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا على خلقه، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصة الله من حقه في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة " ولتعلمن نبأه بعد حين "(5)، ثم نزل وجمع بالناس وبلغ أباه فقبل بين عينيه، ثم قال: بأبي وأمى " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم "(6).

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 227 كتاب الحجة، باب إن الائمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عندالله (عزوجل).

ح 1.

(2) تفسير العياشي. ح 1 ص 169 ح 32.

(3) سبأ: 13.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 169 ح 35.

(5) ص: 88.

(6) مناقب آل طالب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 11 باب إمامة أبي محمد الحسن بن علي، فصل في علمه وفصاحته. (*)

[67]

ومما جاء في معنى الاصطفاء ما رواه في شرح الآيات الباهرة عن الشيخ الطوسي " رحمه الله " قال: روى أبوجعفر القلانسي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن يونس بن حباب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أقوام إذا ذكروا آل إبراهيم وآل عمران استبشروا وإذا ذكروا آل محمد اشمأزت قلوبهم، والذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولاية علي بن أبي طالب (عليهما السلام)(1).

وفي روضة الكافي: علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمروبن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " توقد من شجرة مباركة " فأصل الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام) وهو قول الله عزوجل: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " وهو قول الله عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم "(2) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي أمالي الصدوق (رحمه الله) بإسناده إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال محمد بن أشعث بن قيس الكندي للحسين (عليه السلام): يا حسين بن فاطمة أية حرمة لك من رسول الله ليس لغيرك؟ فتلا الحسين (عليه السلام) هذه الآية: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض " الآية [ ثم ] قال: والله إن محمدا لمن آل إبراهيم، والعترة الهادية لمن آل محمد(3).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

والله سميع عليم: بأقوال الناس وأعمالهم، فيصطفي من له المصلحة في اصطفائه.

___________________________________

(1) لا يوجد عندنا هذا الكتاب، ورواه الشيخ الطوسي في أماليه: ج 1 ص 140 الجزء الخامس، بسند آخر.

(2) الكافي: ج 8 ص 381 تفسير آيات من القرآن ح 574.

(3) الامالي للصدوق: ص 134 المجلس الثلاثون ح 1. (*)

[68]

قيل: أو " سميع بقول امرأة عمران " عليم " بنيتها.

إذا قالت امرأت عمرن رب إني نذرت لك ما في بطنى: فينتصب به " إذ " أو بإضمار اذكر.

وهذه حنة بنت فاقوذا جدة عيسى.

وأما ماروي في اصول الكافي: عن أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعا، عن محمد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) أنه قال لرجل نصراني: أما أم مريم فاسمها مرثا، وهي وهيبة بالعربية(1).

فمحمول على تعدد الاسم، وسيأتي في الخبر: أن اسمها حنة.

وقيل: كانت لعمران بن يصهر بنت اسمها مريم، أكبر من هارون وموسى وهو المراد، وزوجته.

ويرده كفالة زكريا، فإنه كان معاصرا لا بن ماثان، وتزوج ابنته ايشاع، وكان يحيى وعيسى ابني خالة من الاب(2). محررا: معتقا لخدمته لا أشغله بشئ، أو مخلصا للعبادة. ونصبه على الحال.

نقل أنها كانت عاقرا عجوزا فبينا هي في ظل شجرة إذ رأت طائرا يطعم فرخه، فحنت إلى الولد وتمنته، فقالت: اللهم إن لك علي نذرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس، فيكون من خدمه، فحملت بمريم وهلك عمران.

وكان هذا النذر مشروعا عندهم في الغلمان، فلعلها بنت الامر على التقدير، أو طلب ذكرا(3).

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 479 كتاب الحجة، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، قطعة من ح 4.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 157 تفسير آية 35 من سورة آل عمران.

(3) أنوار التنزيل: ج 1 ص 157 تفسير آية 35 من سورة آل عمران. (*)

[69]

[ فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثا والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالانثا وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطن الرجيم(36) ]

فتقبل منى: ما نذرته.

إنك أنت السميع: لقولي. العليم: بنيتي.

فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى: الضمير لما في بطنها، وأنثه لانه كان مؤنثا، أو لان انثى حال عنه، والحال وصاحبها واحد بالذات، أو على تأويل مؤنث كالنفس، ولفظه خبر، ومعناه تحسر.

والله أعلم بما وضعت: استئناف من الله تعظيما لموضوعها.

وقرأ عامر وأبوبكر عن عاصم ويعقوب (وضعت) على أنه من كلامها تسلية لنفسها، أي ولعل لله فيه سرا، أو الانثى كانت خيرا. وقرئ (وضعت) على خطاب الله تعالى لها.

وفي اصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم،: عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن الله أوحى إلى عمران: أني واهب [ لك ] ذكرا سويا مباركا، يبرئ الاكمه والابرص ويحيى الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي ام مريم، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلاما " فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى " ولا تكون البنت رسولا، يقول الله (عزوجل): " والله أعلم بما وضعت " فلما وهب الله [ تعالى ] مريم عيسى، كان هو الذي يشربه عمران ووعده إياه، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا

[70]

فكان في ولده أو ولده، فلا تنكروا ذلك(1).

وليس الذكر كالانثى: واللام فيهما للعهد، أي ليس الذكر الذي طلبت كالانثى التي وهبت، فيكون بيانا لقوله " والله أعلم بما وضعت " أو للجنس بمعنى وليس الذكر والانثى سواء فيما نذرت، فيكون من قولها.

وفي تفسير العياشي: عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله تعالى: " إني نذرت لك ما في بطني محررا " المحرر يكون في الكنيسة لا يخرج منها، فلما وضعتها انثى " قالت رب إني وضعتها انثى " " وليس الذكر كالانثى " والانثى تحيض فتخرج من المسجد، والمحرر لا يخرج من المسجد(2).

وإني سميتها مريم: عطف على ما سبق من قولها، وما بينهما اعتراض، وإنما ذكرت ذلك لربها تقربا إليه وطلبا لان يعضبها ويصلحها حتى يكون فعلها مطابقا لا سمها، فإن مريم في لغتهم: العابدة.

وإنى أعيذهابك: اجيرها بحفظك.

وذريتها من الشيطان الرجيم: المطرود، من الرجم بمعنى الطرد بالحجارة.

وفي تفسير العياشي: عن سعد الاسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لقي إبليس عيسى بن مريم فقال، هلى نالني من حبائلك شئ؟ قال: جدتك التي قالت: " رب إنى وضعتها انثى " إلى " الشيطان الرجيم "(3).

وفي أمالي الشيخ: بإسناده إلى أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه تزويج فاطمة الزهراء (عليها السلام) وما أكرمه به النبي (صلى الله عليه وآله) وفيه يقول (عليه السلام): ثم أتاني فأخذ بيدي فقال: قم بسم الله، وقل: على بركة الله وماشاء الله لا قوة إلا بالله توكلت على الله، ثم جاء بي

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 535 كتاب الحجة، أبواب التاريخ، باب في أنه إذا قيل في الرجل شئ فلم يكن فيه، وكان في ولده أو ولد ولده فإنه هو الذي قيل فيه، ح 1.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 170 ح 37.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 171 ح 40. (*)

[71]

[ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يمريم أنى لك هاذا قالت هو من عندالله إن الله يرزق من يشآء بغير حساب(37) ]

حتى أقعدني عندها (عليها السلام) ثم قال: اللهم أنهما أحب خلقك إلي فأحبهما وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظا أني اعيذ هما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم(1).

فتقبلها ربها: فرضي بها في النذر مكان الذكر.

بقبول حسن: بوجه يقبل به النذائر، وهو إقامتها مقام الذكر، وتقبلها عقيب ولادتها قبل أن تكبر وتصلح للسدانة.

قال البيضاوي: روي أن حنة لما ولدتها لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الاحبار وقالت: دونكم هذه النذيرة، فتنافسوا فيها، لانها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم، فإن بني ماثان كانت رؤوس بني إسرائيل وملوكهم، فقال زكريا: أنا أحق بها، لان عندي خالتها، فأبوا إلا القرعة، وكانوا سبعة وعشرين، فانطلقوا إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم، فطفا قلم زكريا ورسبت أقلامهم فتكفلها [ زكريا ](2).

ويجوز أن يكون مصدرا على تقدير مضاف، أي بذي قبول حسن، وأن يكون " تقبل " بمعنى استقبل، كتقصي وتعجل، أي فأخذها في أول أمرها حين ولدت بقبول حسن.

___________________________________

(1) الامالي: ج 1 ص 38 س 19 الجزء الثاني عشر.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 158 في تفسير قوله تعالى: " فتقبلها ربها بقبول حسن ". (*)

[72]

وأنبتها نباتا حسنا: مجاز عن تربيتها بما يصلحها في جميع أحوالها.

وكفلها زكريا: شدد الفاء حمزة والكسائي وعاصم، وقصروا زكريا غير عاصم في رواية ابن عياش على أن الفاعل هوالله وزكريا مفعول، وخفف الباقون ومدوا زكريا مرفوعا.

كلما دخل عليها زكريا المحراب: أي الغرفة التي بني لها، أو المسجد، أو أشرف مواضعه ومقدمه سمي به، لانه محل محاربة الشيطان. وجد عندها رزقا: جواب " كلما " وناصبه.

وفي تفسير العياشي: وفي رواية حريز عن أحدهما (عليهما السلام) قال: نذرت مافي بطنها للكنيسة، أن تخدم العباد، وليس الذكر كالانثى في الخدمة، قال: فشبت، وكانت تخدمهم وتناولهم حتى بلغت، فأمر زكريا أن يتخذ لها حجابا دون العباد، وكان يدخل عليها فيرى عندها ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء فهنالك دعا وسأل ربه أن يهب له ذكرا فوهب له يحيى(1).

قال يمريم أنى لك هذا: من أين لك هذا الرزق الآتي في غير أوانه، والابواب مغلقة عليك؟ قالت هو من عندالله: فلا تستبعد.

إن الله يرزق من يشاء بغير حساب: بغير تقدير لكثيرته، أو بغير استحقاق تفضلا به، وهو يحتمل أن يكون من كلامها، وأن يكون من كلام الله.

وفي تفسير العياشي: عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا، قال: المحرر للمسجد إذا وضعته وادخل المسجد فلم يخرج من المسجد أبدا، فلما ولدت مريم " قالت رب إني وضعتها انثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالانثى وإني سميتها مريم وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم " فساهموا عليها (فساهم عليها النبيون خ ل)، فأصاب القرعة زكريا، وهو زوج اختها، وكفلها، وأدخلها المسجد، فلما بلغت ما يبلغ النساء

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 170 ح 38. (*)

[73]

من الطمث، وكانت أجمل النساء، فكانت تصلي فيضي، المحراب لنورها، فدخل عليها زكريا، فإذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، فقال: " أني لك هذا قالت هو من عندالله هنالك دعا زكريا ربه " قال: " وإني خفت الموالي من ورائي "(1) إلى ما ذكر الله من قصة يحيى وزكريا(2).

وفيه أيضا عن سيف، عن نجم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن فاطمة (عليها السلام) ضمنت لعلي (عليه السلام) عمل البيت والعجن(3) والخبز وقم البيت(4)، وضمن لها علي (عليه السلام) ما كان خلف الباب [ من ] نقل الحطب وأن يجئ بالطعام، فقال لها يوما: يا فاطمة هل عندك شئ؟ قالت: لا والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام إلا شئ نقربك به(5)، قال: أفلا أخبرتني؟ قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهاني أن أسألك شيئا، فقال: لا تسألي ابن عمك شيئا، إن جائك بشئ عفوي وإلا فلا تسأليه قال: فخرج (عليه السلام) فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا، ثم أقبل به وقد أمسى فلقي مقداد بن الاسود فقال للمقداد: ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: الجوع والذي عظم حقك يا أميرالمؤمنين، قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): ورسول الله (صلى الله عليه وآله) حي؟ قال: ورسول الله (صلى الله عليه وآله) حي، قال: فهو أخرجني وقد استقرضت دينارا، وسنؤثرك(6) به، فدفعه إليه، فأقبل فوجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا، وفاطمة تصلي وبينهما شئ مغطى، فلما فرغت اختبرت(7) ذلك الشئ، فإذا جفنة من خبز ولحم، قال: يا فاطمة أنى لك هذا؟ قالت: " هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا احدثك بمثلك، ومثلها؟ قال: بلى، قال: مثل زكريا إذا دخل على مريم المحراب، فوجد عندها رزقا، قال: يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عندالله إن الله

___________________________________

(1) مريم: 5.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 170 ح 36.

(3) العجين: المصدر.

(4) قم الشئ قما كنسه (لسان العرب: ج 12 ص 493 لغة قمم).

(5) ثلاثة ايام شئ نفريك به المصدر.

(6) سأوثرك: المصدر.

(7) احضرت: المصدر. (*)

[74]

يرزق من يشاء بغير حساب، فأكلوا منها شهرا، وهي الجفنة التي يأكل منها القائم (عليه السلام)، وهي عندنا(1).

وفي شرح الآيات الباهرة نقل الشيخ أبوجعفر الطوسي (رحمه الله) في كتاب مصباح الانوار يحذف الاسناد قال: روي عن أبي سعيد الخدري قال: أصبح علي (عليه السلام) ذات يوم فقال لفاطمة (عليهما السلام): هل عندك شئ نغتذيه؟ فقالت: لاوالذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ماأصبح الغداة عندي إلا شئ اوثرك به على نفسي وعلى ابني الحسن والحسين، فقال أميرالمؤمنين (عليه السلام): يا فاطمة ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم شيئا، فقالت: يا أبا الحسن إني لاستحيي من إلهي أن تكلف نفسك ما لا تقدر عليه، فخرج علي (عليه السلام) من عندها واثقا بالله وبحسن الظن به فاستقرض دينارا فأخذه ليشتري به ما يصلحهم فعرض له المقداد بن الاسود (رضوان الله عليه)، وكان يوما شديد الحر وقد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته، فلما رآه أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنكر شأنه فقال له: يا مقداد ما أزعجك الساعة من رحلك؟ فقال: يا أبا الحسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي، فقال: يا أخي لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك، فقال: يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن نخلي سبيلي، ولا تكشفني عن حالتي، فقال: يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك، فقال: يا أبا الحسن أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمد بالنبوة واكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد وقد تركت عيالي جياعا، فلما سمعت بكاهم لم تحملني الارض خرجت مهموما راكبا رأسي، هذه حالتي وقصتي، قال: فانهملت عينا علي بالبكاء حتى بلت دموعه كريمته، فقال: احلف بالذي حلفت به أن ما أزعجني إلا الذي أزعجك، وقد اقترضت دينارا، فها كه، اوثرك به على نفسي، فدفع إليه الدينار ورجع فدخل المسجد فسلم فرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام، وقال: يا أبا الحسن هل عندك عشاء تعشيناه، فتقبل معك، فمكث أمير المؤمنين (عليه السلام) مطرقا لا يحير جوابا حياء

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 171 ح 41. (*)

[75]

من رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وكان قد عرفه الله ما كان من أمر الدينار ومن أين وجهه بوحي من الله يأمره أن يتعشى عند علي تلك الليلة، فلما نظر إلى سكوته قال: يا أبا الحسن مالك لا تقول: لا، فأنصرف عنك، أو نعم، فأمضي معك، فقال: حبا وكرامة، اذهب بنا، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد أمير المؤمنين وانطلقا حتى دخلا على فاطمة (صلوات الله وعليهم أجمعين) وهي في محرابها، قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخانا، فلما سمعت كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرجت من مصلاها وسلمت عليه، وكانت أعز الناس عليه، فرد عليها السلام، ومسح يده على رأسها، وقال: يا بنتاه كيف أمسيت يرحمك الله؟ قالت: بخير، قال: عشينا رحمك الله وقد قعد، فأخذت الجفنة ووضعتها بين يدي رسول الله وعلي (صلى الله عليه وآلهما)، فلما نظر أمير المؤمنين إلى الطعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا، فقالت له فاطمة: سبحان الله ما أشح نظرك وأشده، فهل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجب به السخطة منك؟ فقال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبت اليوم، أليس عهدي بك وأنت تحلفي بالله مجتهدة انك ما طعمت طعاما منذ يومين؟ فنظرت إلى السماء وقالت: إلهي تعلم ما في سمائك وأرضك اني لم أقل إلا حقا، فقال لها: يا فاطمة أنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه، ولم أشم مثل ريحه قط، ولم آكل أطيب منه؟ قال: فوضع النبي (صلى الله عليه وآله) كفه المبارك على كتف على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهزها، ثم هزها ثلاث مرات، [ ثم ] قال: يا علي هذا بدل دينارك، هذا أجر دينارك من عندالله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، تم استعبر باكيا، وقال: الحمد لله الذي أبى لكما أن يخرجكما من الدنيا حتى يجريك يا علي مجرى زكريا، ويجريك يافاطمة مجرى مريم بنت عمران، وهو قوله تعالى: " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب "(1).

___________________________________

(1) لا يوجد لدينا كتاب الآيات الباهرة، ونقله الشيخ في مصباح الانوار في الباب الحادي عشر في مناقب الزهراء وفضلها (مخطوط) بحار الانوار: ج 43 ص 59 تاريخ سيدة النساء، باب 3 مناقبها وبعض أحوالها (عليهما السلام)، ح 51. تفسير فرات بن إبراهيم: ص 21، مع اختلاف يسير فيهما.

[76]

[ هنا لك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعآء(38) فنادته الملئكة وهو قائم يصلى في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصلحين(39) ]

هنا لك دعا زكريا ربه: في ذلك المكان أو في ذلك الوقت. وهنا، وثم، وحيث، تستعار للزمان.

لما رأى كرامة مريم ومنزلتها من الله، أو لما رأى الفواكه في غير أوانها تنبه لجواز ولادة العاقر من الشيخ، فسأل ربه. قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة: كما وهبتها لحنة العجوز العاقر. إنك سميع الدعآء: مجيبه.

وفي عيون الاخبار: بإسناده إلى الريان بن شبيب قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرم فقال: يابن شبيب أصائم أنت؟ فقلت: لا، فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا (عليه السلام) ربه عزوجل، فقال: " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " فاستجاب الله له، وأمر الملائكة فنادت زكريا " وهو قائم يصلي في المحراب أن اله يبشرك بيحيى مصدقا " فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله تعالى استجاب الله تعالى له، كما استجاب لزكريا (عليه السلام)(1).

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 299 باب 28 فيما جاء عن الامام علي بن موسى عليهما السلام من الاخبار المتفرقة، قطعة من ح 58. (*)

[77]

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن رجل عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أراد أن يحبل له، فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود، ثم يقول: اللهم إني أسألك بما سألك به زكريا (عليه السلام)، إذا قال: " رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين "(1) هب لي ذرية طيبة انك سميع الدعاء، اللهم باسمك استحللتها وفي أمانتك اخذتها، فإن قضيت في رحمها ولدا، فاجعله غلاما ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا، ولا شركا(2).

وفي مجمع البيان: روى الحارث بن المغيرة قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): إني من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد، فقال ادع الله وأنت ساجد " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين " قال: فقلت: فولد علي والحسين(3).

فنادته الملئكة: أي من جنسهم، كقولهم: زيد يركب الخيل، فإن المنادى ملك، وقرأ حمزة والكسائي: فنادته بالامالة والتذكير.

وهو قائم يصلي في المحراب: أي قائما في الصلاة، " يصلي " صفة " قائم "، أو خبر آخر، أو حال أخرى، أو حال عن الضمير في قائم.

وفي من لا يحضره الفقيه: وقال الصادق (عليه السلام): إن طاعة الله عزوجل خدمته في الارض، وليس شئ من خدمته يعدل الصلاة، فمن ثم نادت الملائكة زكريا وهو قائم يصلي في المحراب(4).

أن الله يبشرك بيحيى: أي بأن الله.

وقرأ نافع وحمزة وابن عامر بالكسر على إرادة القول، أو لان النداء نوع منه.

وقرأ

___________________________________

(1) الانبياء: 89.

(2) الكافي: ج 3 ص 482 كتاب الصلاة، باب صلاة من أراد أن يدخل بأهله ومن أراد أن يتزوج ح 3.

وأورده أيضا في ج 6 ص 8 كتاب العقيقة، باب الدعاء في طلب الولد ح 3.

(3) مجمع البيان: ج 7 - 8 ص 60 في بيان آية 89 من سورة الانبياء.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 208 باب 30 فضل الصلاة ح 623. (*)

[78]

حمزة والكسائي يبشرك من الابشار، ويحيى أعجمي، وإن جعل عربيا، فمنع صرفه للتعريف ووزن الفعل.

مصدقا: حال من (يحيى).

بكلمة من الله: أي بعيسى، سمي بذلك لانه وجد بأمره تعالى من دون أب، أو كتاب الله، سمي بها تسميته للكل باسم جزئه. وسيدا: يسود قومه ويفوقهم بالعصمة، لانه كان نبيا.

وحصورا: مبالغافي حبس النفس عن الشهوات والملاهي.

ونقل: أنه مربصبيان فدعوه إلى اللعب، فقال: ماللعب خلقت(1).

وفي مجمع البيان: حصورا لا يأتي النساء، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السلام)(2).

ونبيا من الصلحين: ناشئا منهم، أو كائنا من عداد من لم يأت كبيرة ولا صغيرة.

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى محمد بن إسماعيل القرشي، عمن حدثه، عن إسماعيل بن أبي رافع، عن أبيه أبي رافع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وقد ذكر عيسى بن مريم (عليهما السلام) -: فلما أراد الله أن يرفعه أوحى إليه أن استودع نورالله وحكمته وعلم كتابه شمعون بن حمون الصفا، خليفته على المؤمنين، ففعل ذلك، فلم يزل شمعون في قومه يقوم بأمر الله عزوجل ويهتدي بجميع مقال عيسى (عليه السلام) في قومه من بني إسرائيل ويجاهد الكفار، فمن أطاعه وآمن به وبما جاء به كان مؤمنا، ومن جحده وعصاه كان كافرا حتى استخلص ربنا تبارك وتعالى وبعث في عاده نبيا من الصالحين وهو يحيى بن زكريا، فمضى شمعون وملك عند ذلك أرد شير بن بابكان أربع عشرة سنة وعشرة أشهر، وفي ثماني سنين من ملكه قتلت اليهود يحيى بن زكريا (عليه السلام) فلما

___________________________________

(1) أنوار التنزيل: ج 1 ص 159 في تفسير آية 39 من سورة آل عمران.

(2) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 438 في بيان معنى آية 39 من سورة آل عمران. (*)

[79]

[ قال رب أنى يكون لى غلم وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشآء(40) قال رب اجعل لئ اية قال‌ء‌ايتك ألاتكلم الناس ثلثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والابكر(41) ]

أراد الله عزوجل أن يقبضه أوحى إليه أن يجعل الوصية في ولد شمعون ويأمر الحواريين وأصحاب عيسى بالقيام معه، ففعل ذلك، وعندها ملك سابور بن أردشير ثلاثين سنة حتى قتله الله، وعلم الله ونوره وتفصيل حكمته في ذرية يعقوب ابن شمعون ومعه الحواريون من أصحاب عيسى (عليه السلام)، وعند ذلك ملك بختنصر مائة سنة وسبعا وثمانين سنة، وقتل من اليهود سبعين ألف مقاتل على دم يحيى بن زكريا، وخرب بيت المقدس، وتفرقت اليهود في البلدان(1).

قال رب أنى يكون لى غلم: استبعادا من حيث العادة، أو استعظاما وتعجبا، أو استفهاما عن كيفية حدوثه.

وقد بلغنى الكبر: أدركني كبر السن.

قال البيضاوي: وكان له تسع وتسعون سنة، ولا مرأته ثمان وتسعون(2).

وامر أتى عاقر: لا تلد، من العقر وهو القطع، لانها ذات عقر من الاولاد.

قال كذلك الله يفعل ما يشآء: " كذلك الله " مبتدأ مؤخر وخبر مقدم للقرينة أي الله على مثل هذه الصفة.

و " يفعل ما يشاء " بيان له، أي ما يشاء من العجائب، وهو أنشاء الولد من شيخ

___________________________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة: ص 225 س 11 الباب الثاني والعشرون اتصال الوصية من لدن آدم، ح 20.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 159، في تفسير آية 40 من سورة آل عمران. (*)

[80]

فان وعجوز عاقر. و " كذلك " خبر مبتدأ محذوف، أي الامر كذلك.

و " الله يفعل ما يشاء " جملة اخرى لبيان أنه يفعل ما يريده من العجائب، أي أنت وزوجك كبير وعاقر، والله يفعل ما يشاء من خلق الولد.

ويحتمل أن يكون " كذلك " مفعولا مطلقا ل‍ " يفعل " ويكون ذلك إشارة إلى ما تعجب منه، أي الله يفعل ما يشاء من العجائب مثل ذلك الفعل، أي إنشاء الولد من الفاني والعاقر، أو إشارة إلى ما بينه من حالتهما، أي الذي يفعل ما يشاء من خلق الولد كما أنت عليه وزوجك من الكبر والعقر.

قال رب اجعل لئ اية: علامة أعلم بها أن ذلك الصوت من الله، ويكون عبادة يتدارك بها مادخله من تلك الهبة، وذلك لانه إذا جعل له آية وأوحى إليه الآية من الله عبادة وشكرا للموهبة يعلم أن صوت الملائكة بأمر الله ووحيه، ويخضع لله تعالى شكرا لنعمه.

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبدلله (عليه السلام) قال: إن زكريا لما دعا ربه أن يهب له ولدا فنادته الملائكة بما نادته به أحب أن يعلم أن ذلك الصوت من الله، فأوحى إليه أن آية ذلك يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام.

قال: فلما أمسك لسانه ولم يتكلم، علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله، وذلك قول الله: " رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا "(1).

وعن حماد، عمن حدثه، عن أحدهما (عليه السلام) قال: لما سأل ربه أن يهب له ذكرا فوهب له يحيى، فدخله من ذلك، فقال: " رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " فكان يومى برأسه، وهو الرمز(2).

قال‌ء‌ايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام: أي الله أوحى أليه أن آيتك وعبادتك ألا تكلم الناس في ثلاثة أيام وتخلص المدة لذكر الله شكره قضاء لحق النعمة.

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 172 ح 43.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 172 ح 44. (*)

[81]

إلا رمزا: إشارة برأسك، وأصله التحرك، ومنه الراموز للبحر، والاستثناء منقطع، وقيل: متصل، والمراد بالكلام مادل على الضمير.

هذا إذا قرأ (يمسك) في الخبر الاول على البناء للفاعل وإرجاع ضميره إلى زكريا.

وأما إذا قرأ على البناء للمفعول، أو يجعل فاعل الامساك هو الله سبحانه، فالحل مانقله البيضاوي من أن المعنى: " اجعل لي آية " علامة أعرف بها الحبل لاستقبله بالبشاشة والشكر وتزيح مشقة الانتظار، " قال " آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام " أي لا تقدر على تكليم الناس ثلاثا(1).

وقرئ رمز كخدم جمع رامز، ورمز كرسل جمع ورمز كرسل جمع رموز على أنه حال منه ومن الناس بمعنى مترامزين كقوله: متى ماتلقني فردين ترجف * روانف اليتيك وتستطار(2) واذكر ربك كثيرا: في أيام الامساك عن الكلام مع الناس، وهو مؤكد لما قبله، مبين للغرض منه.

قال البيضاوي: وتقييد الامر بالكثير، يدل على أنه ليس للتكرار(3).

وفيه أنه لعل التقييد لتأكيد ما يفيده الامر، فلا يدل على المدعي.

وسبح بالعشى: من الزوال إلى الغروب، وقيل: من العصر أو الغروب إلى ذهاب صدر الليل.

والابكار: من طلوع الفجر إلى الضحى.

وقرئ بفتح الهمزة جمع بكر كسحر وأسحار.

___________________________________

(1) أنوار التنزيل: ج 1 ص 159 في تفسير آية 41 من سورة آل عمران.

(2) لعنترة يخاطب عمارة بن زياد العبسي، لما قال لقومه: ليتني لقيته فأرحتكم منه وأعلمتكم أنه عبد.

قال متى تلاقني حال كوننا منفردين عن غيرنا، تخف مني فترتعد أطراف اليتيك، فارتعادها كناية عن الخوف، وتستطارا مؤكد بالنون الخفيفة المنقلبة الفا، والفاعل ضمير المخاطب، كان الخوف يطيره (تلخيص من هامش الكشاف: ج 1 ص 361 في هامش تفسير آية 41 من سورة آل عمران.

(3) أنوار التنزيل: ج 1 ص 160 في تفسير آية 41 من سورة آل عمران. (*)

[82]

[ وإذ قالت الملئكة يمريم إن الله اصطفك وطهرك واصطفك على نسآء العلمين(42) يمريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الركعين(43) ]

وإذقالت الملئكة يمريم إن الله اصطفك وطهرك واصطفك على نسآء العلمين: قال البيضاوي: كلموها شفاها كرامة لها، ومن أنكر الكرامة زعم أن ذلك كان معجزة لزكريا، أو أرها صا لنبوة عيسى (عليه السلام) فإن الاجماع على أنه تعالى لم يستنبئ امرأة لقوله: " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا "(1) وقيل: ألهموها انتهى(2).

ويمكن أن يقال من قبل منكر الكرامة: لا يكون الكرامة لمن لم يكن فيه نص بالكرامة، وأما من حصل له التخصيص بالتنصيص كمريم وفاطمة (صلوات الله عليهما) فهو بمنزلة الاستثناء والمقصود أنه لا يجوز الكرامة لمن سواه كوقوع المعجزة للانبياء والائمة فإنهم يتخصصون بها، ولا يلزم من وقوع شئ لاحد جواز وقوعه لكل أحد شرعا وإن لم يمتنع عليه عقلا، والمجوز وقوعه لكل أحمد بوقوعه لبعض، التبس عليه معنى الجواز قتبصر.

قيل: الاصطفاء الاول تقبلها من امها ولم يقبل قبلها أنثى وتفريغها للعبادة، وإغناؤها برزق الجنة عن الكسب، والثاني هدايتها وإرسال الملائكة إليها، وتخصيصها بالكرامات السنية كالولد من غير أب وتبرئتها عما قذفته اليهود بإنطاق

___________________________________

(1) يوسف: 109، والنحل: 43.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 160 في تفسيره لقوله تعالى " وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك " الآية من سورة آل عمران.

[83]

الطفل، وجعلها وابنها آية للعالمين(1).

والاظهر أن الاصطفاء الاول، اصطفاء‌ها من ذرية الانبياء، والثاني اصطفاء‌ها لولادة عيسى (عليه السلام) من غير فحل وتطهيرها، طهرها من أن بكون في آبائها وامهاتها وفي نفسها سفاح.

و قيل: وتطهيرها مما يستقذر من النساء.

وينافيه ظاهر ما سبق في الخبر من قوله: فلما بلغت ما يبلغ النساء من الطمث.

وأما ما رواه العياشي في تفسيره عن الحكم بن عيينة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله في الكتاب: " إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين " اصطفاها مرتين، والاصطفاء إنما هو مرة واحدة، قال: فقال: يا حكم إن لهذا تأويلا وتفسيرا، فقلت له: ففسره لنا أبقاك الله، فقال: يعني اصطفاء‌ه إياها أولا من ذرية الانبياء المصطفين المرسلين، وطهرها [ من ] أن يكون في ولادتها من آبائها وامهاتها سفاحا، واصطفاها بهذا في القرآن " يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " شكرا لله(2).

فالظاهر أن السائل قد خفي عليه الاصطفاء الاول، وانحصر الاصطفاء عنده في الثاني، وسأل فبينه (عليه السلام) له وسكت عن الثاني لظهوره عنده.

وفي مجمع البيان: و " واصطفاك على نساء العالمين " أي [ على نساء ] عالمي زمانك، لان فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيدة نساء العالمين، وهو قول أبي جعفر (عليه السلام).

وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: فضلت خديجة على نساء امتي كما فضلت مريم على نساء العالمين، وقال أبوجعفر (عليه السلام) معنى الآية: واصطفاك من ذرية الانبياء وطهرك من الفساح واصطفاك لولادة عيسى من غير فحل وزوج(3).

___________________________________

(1) من قوله: قيل إلى هنا من كلام البيضاوي لا حظ تفسيره للآية السابقة.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 173 قطعة من ح 47.

(3) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 440 في بيان معنى آية 42 من سورة آل عمران. (*)

[84]

يمريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الركعين: قيل امرت بالصلاة في الجماعة بذكر أركانها مبالغة في المحافظة عليها، وقدم السجود على الركوع إما لكونه كذلك في شريعتهم، أو للتنبيه على أن الواو لا توجب الترتيب، أو ليقترن " اركعى " بالراكعين، للايذان بأن من ليس في صلاتهم ركوع ليسوا مصلين(1).

وقيل: يحتمل أن يكون في زمانها من كان يقوم ويسجد في صلاته ولا يركع، وفيه من يركع، فامرت بأن تركع مع الراكعين ولا تكون مع من لا يركع(2).

وقيل: المراد بالقنوت إدامة اطاعة، كقوله: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما(3)، وبالسجود الصلاة كقوله: وادبار السجود(4) وبالركوع الخشوع والاخبات(5).

وفى كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: إنما سميت فاطمة (عليها السلام) محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإن الله عزوجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها وسيدة نساء الاولين والآخرين(6).

وفي اصول الكافي: بإسناده إلى علي بن محمد الهرمزي عن ابي عبدالله الحسين بن على (عليهما السلام) قال: لما قبضت فاطمة (عليها السلام) دفنها أميرالمؤمنين (عليه السلام) سرا وعفا على موضع قبرها ثم قال: فحول وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله عني، والسلام عليك عن ابنتك

___________________________________

(1) أنوار التنزيل: ج 1 ص 160 في تفسيره لقوله تعالى " يا مريم اقنتي.." من سورة آل عمران.

(2) تفسير الكشاف: ج 1 ص 362 في تفسيره لقوله تعالى " واركعي مع الراكعين " من سورة آل عمران.

(3) الزمر: 9.

(4) ق: 40.

(5) أنوار التنزيل: ج 1 ص 160 في تفسيره لقوله تعالى " يا مريم اقنتي. " من سورة آل عمران.

(6) علل الشرائع: ج 1 ص 182 باب 146 العلة التي من أجهلا سميت فاطمة محدثة، ح 1. (*)

[85]

وزائرئك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي(1). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي نهج البلاغة: من كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية جوابا: ومنا خير نساء العالمين، ومنكم حمالة الحطب(2).

وفي من لا يحضره الفقيه: روى المعلى بن محمد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عبدالله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن عليا وصيي.

خليفتي، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي(3)، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي أمالي الصدوق (رحمه الله): باسناده إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أيما امرأة صلت في اليوم والليلة خمس صلوات وصامت شهر رمضان وحجت بيت الله الحرام وزكت مالها وأطاعت زوجها ووالت عليا دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة، وأنها سيدة نساء العالمين، فقيل له: يا رسول الله أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال (عليه السلام):: ذاك لمريم بنت عمران، وأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، وأنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين وينادونها بما نادت به الملائكة مريم، فيقولون: يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين(4)، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وبإسناده إلى الاصبغ بن نباتة قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبة: أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني، فإن الفراق قريب، أنا إمام البرية

___________________________________

(1) الكافي: ج 1 ص 458 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام)، ح 1.

(2) نهج البلاغة: ص 387، رقم(28) ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية جوابا، صبحي الصالح.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 174 كتاب الوصية، باب الوصية من لدن آدم ح 5402. وأيضا أورده في ج 4 باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، ص 420 ح 5920.

(4) الامالي للصدوق: المجلس الثالث والسبعون ص 393 قطعة من ح 18. (*)

[86]

[ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلمهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون(44) ]

ووصي خير الخليقة وزوج سيدة نساء هذه الامة(1).

ذلك: أي ما ذكرنا من قصص زكريا ويحيى ومريم.

من أنبآء الغيب نوحيه إليك: من الغيوب التي لم تعرفها إلا بالوحي.

وما كنت لديهم إذ يلقون أقلمهم: قيل: أقداحهم للاقتراع في نهر أردن.

وقيل: أقلامهم التي كانوا يكتبون التوارة تبركا(2).

والمراد تقرير كونه وحيا على سبيل التهكم بمنكريه، فإن طريق معرفة الوقائع المشاهدة والسماع، وعدم السماع معلوم لا شبهة فيه عندهم، فبقي أن يكون الابهام باحتمال العيان، ولا يظن به عاقل.

ليعلموا. أيهم يكفل مريم: معمول لما دل عليه " يلقون أقلامهم ".

وفي كتاب الخصال: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أول من سوهم [ عليه ] مريم بنت عمران، وهو قول الله تعالى: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " والسهام ستة(3).

وفي من لا يحضرة الفقيه مثله(4). وما كنت لديهم إذ يختصمون: تنافسا في كفالتها.

___________________________________

(1) الامالي للصدوق: المجلس الثامن والثمانون ص 484 قطعة من ح 9.

(2) أنوار التنزيل: ج 1 ص 160 في تفسير آية 44 من سورة آل عمران.

(3) الخصال: ص 156 باب الثلاثة، أول من سوهم عليه، قطعة من ح 198.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 51 باب الحكم بالقرعة، قطعة من ح 3388. (*)

[87]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21332452

  • التاريخ : 28/03/2024 - 10:52

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net