00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الأحزاب 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة الأحزاب

(33) سورة الأحزاب ثلاث وسبعون آية (73) مدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا أيها النبي) نداء تعظيم (اتق الله) اثبت على تقواه (ولا تطع الكافرين والمنافقين) قالوا له ارفض ذكر آلهتنا وندعك وربك فنزلت (إن الله كان عليما) بالصواب (حكيما) في التدبير .

(واتبع ما يوحى إليك من ربك) أي القرآن (إن الله كان بما تعملون خبيرا).

(وتوكل على الله) في أمرك (وكفى بالله وكيلا) حافظا .

(ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) لأنهما إن اتحدا في الفعل فأحدهما فضلة لا حاجة إليها وإن اختلفا فيه اتصف الشخص بالضدين في وقت واحد (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم) والظهار قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي (وما جعل أدعياءكم) جمع دعي وهو من يدعي ابنا لغير أبيه (أبناءكم) إذ كانوا يسمون زيد بن حارثة: ابن محمد، ونفي القلبين وأمومة المظاهرة تمهيدا لذلك أي كما لم يجعل قلبين في جوف ولا زوجة أما لم يجعل الدعي ابنا لمن تبناه، والغرض رفع قالة الناس عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين تزوج زينب بعد أن طلقها زيد بن حارثة أنه تزوج امرأة ابنه (ذلكم) النسب (قولكم بأفواهكم) لا حقيقة له (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل) سبيل الحق .

(ادعوهم لآبائهم) انسبوهم إليهم (هو أقسط) أعدل (عند الله فإن لم تعلموا ءاباءهم فإخوانكم) فهم إخوانكم (في الدين ومواليكم) وأولياؤكم فيه فقولوا: أخي ومولاي (وليس عليكم جناح) إثم (فيما أخطأتم به) من ذلك قبل النهي أو لسبق اللسان (ولكن ما) أي فيما (تعمدت قلوبكم) الجناح (وكان الله غفورا) للمخطىء (رحيما) بالعفو عن العامد إن شاء .

(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) في أمور الدين أو الدنيا (وأزواجه أمهاتهم) كأمهاتهم في التحريم (وأولوا الأرحام) ذوو القرابات (بعضهم أولى ببعض) في الإرث نسخ التوارث بالهجرة والموالاة في الدين (في كتاب الله) في حكمه أو اللوح المحفوظ أو القرآن (من المؤمنين والمهاجرين) أي الأقارب بالقرابة أولى بالإرث من المؤمنين بالإيمان والمهاجرين بالهجرة (إلا) لكن (أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) بوصية جائز (كان ذلك) المذكور (في الكتاب) اللوح أو القرآن (مسطورا) مثبتا .

(وإذ) واذكر إذ (أخذنا من النبيين ميثاقهم) عهودهم بتبليغ الرسالة (ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم) خصوا بالذكر لفضلهم وقدم نبينا لأفضليته (وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) شديدا أو مؤكدا باليمين .

(ليسئل) الله (الصادقين عن صدقهم) الأنبياء عن تبليغ الرسالة (و أعد للكافرين عذابا أليما).

[398]

(يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود) من الكفار (فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) ملائكة (وكان الله بما تعملون بصيرا).

(إذ جاءوكم) بدل من إذ جاءتكم (من فوقكم ومن أسفل منكم) من أعلى الوادي ومن أسفله (وإذ زاغت الأبصار) مالت عن مقرها دهشا وشخوصا (وبلغت القلوب الحناجر) فزعا إذ عند شدته تنتفخ الرئة فيرتفع القلب إلى الحنجرة وهي منتهى الحلقوم (وتظنون بالله الظنونا) المختلفة فظن المخلصون النصر وأن الله مبتليهم فخافوا أضعف الاحتمال والمنافقون وضعفة القلوب ما حكى عنهم .

(هنالك ابتلي المؤمنون) اختبروا فتبين المخلص الثابت من غيره (وزلزلوا) أزعجوا (زلزالا شديدا) من الفزع .

(وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) ضعف يقين (ما وعدنا الله ورسوله) بالنصر والفتح (إلا غرورا) وعدا باطلا .

(وإذ قالت طائفة منهم) ابن أبي وأضرابه (يا أهل يثرب) هي المدينة أو أرضها (لا مقام) موضع قيام (لكم) هاهنا (فارجعوا) إلى منازلكم في المدينة وكانوا مع النبي خارجها (ويستأذن فريق منهم النبي) للرجوع (يقولون إن بيوتنا عورة) غير حصينة (وما هي بعورة) بل حصينة (إن) ما (يريدون) بذلك (إلا فرارا) من القتال .

(ولو دخلت) المدينة أو بيوتهم (عليهم من أقطارها) نواحيها أي لو دخلها هؤلاء العساكر أو غيرهم بنهب وسبي (ثم سئلوا الفتنة) الشرك وقتال المسلمين (لأتوها) لأعطوها (وما تلبثوا بها) بالفتنة أو المدينة (إلا) زمانا (يسيرا).

(ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار) عند فرارهم بأحد أن لا يفروا (وكان عهد الله مسئولا) عن الوفاء به .

(قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت) حتف الأنف (أو القتل) إذ لا بد لكم من أحدهما (وإذا) وإن نفعكم الفرار فرضا (لا تمتعون) بالدنيا (إلا) تمتيعا أو زمانا (قليلا).

(قل من ذا الذي يعصمكم) يمنعكم (من الله إن أراد بكم سوءا) ضرا (أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا) ينفعهم (ولا نصيرا) يدفع الضر عنهم .

(قد يعلم الله المعوقين منكم) المبطئين عن الرسول (والقائلين لإخوانهم هلم) أقبلوا (إلينا) وبين في الأنعام (ولا يأتون البأس) القتال (إلا) إتيانا أو زمانا (قليلا) رياء وتثبيطا .

(أشحة) بخلاء (عليكم) بالمعاونة والنفقة في سبيل الله

[399]

(فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت) سكراته (فإذا ذهب الخوف) وحيزت الغنائم (سلقوكم) خاصموكم (بألسنة حداد) ذربة طلبا للغنيمة (أشحة على الخير) الغنيمة (أولئك لم يؤمنوا) باطنا (فأحبط الله أعمالهم) الباطلة أي أظهر بطلانها (وكان ذلك) الإحباط (على الله يسيرا) هينا .

(يحسبون) أي هؤلاء لجبنهم (الأحزاب لم يذهبوا) منهزمين وقد ذهبوا فانصرفوا إلى المدينة خوفا (وإن يأت الأحزاب) كرة أخرى (يودوا) يتمنوا (لو أنهم بادون في الأعراب) خارجون إلى البدو وكائنون في الأعراب (يسئلون عن أنبائكم) أخباركم (ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا) رياء .

(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) أي هو قدوة يحسن التأسي به في الثبات في الحرب وغيره (لمن كان يرجوا الله) يأمل ثوابه ويخاف عقابه (واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) أي المقتدي بالرسول هو الراجي المواظب على الذكر .

(ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) في الوعد (وما زادهم) ما رأوا (إلا إيمانا) بوعد الله (وتسليما) لأمره .

(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) من الثبات مع الرسول (فمنهم من قضى نحبه) نذره قاتل حتى قتل كحمزة (ومنهم من ينتظر) الشهادة كعلي (وما بدلوا) العهد (تبديلا) كما بدل المنافقون .

(ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء) إذا لم يتوبوا (أو يتوب عليهم) إن تابوا (إن الله كان غفورا رحيما) لمن تاب .

(ورد الله الذين كفروا) أي الأحزاب (بغيظهم لم ينالوا خيرا) ظفرا (وكفى الله المؤمنين القتال) بعلى والريح والملائكة (وكان الله قويا) على ما يريد (عزيزا) غالبا على أمره .

(وأنزل الذين ظاهروهم) وعاونوا الأحزاب (من أهل الكتاب) قريظة (من صياصيهم) حصونهم (وقذف في قلوبهم الرعب) الخوف (فريقا).

(تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم

[400]

أرضهم) مزارعهم (وديارهم) قلاعهم (وأموالهم) من صامت وناطق (وأرضا لم تطئوها) خيبر أو فارس والروم (وكان الله على كل شيء قديرا) فيفعل ما شاء .

(يا أيها النبي قل لأزواجك) وكن تسعا وسألنه ثياب زينة وزيادة نفقة فنزلت (إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا).

(وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة) أي الجنة (فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) نعيم الجنة .

(يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة) ظاهر قبحها (يضاعف لها العذاب ضعفين) أي مثلي عذاب غيرهن إن الذنب منهن أقبح لزيادة النعمة ونزول الوحي في بيوتهن وليس العالم كغيره (وكان ذلك على الله يسيرا).

(ومن يقنت منكن) يدم على الطاعة (لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين) مثلي أجر غيرهن (وأعتدنا لها رزقا كريما) في الجنة زيادة .

(يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) كجماعة واحدة من جماعات النساء في الفضل (إن اتقيتن) معصية الله ورسوله (فلا تخضعن بالقول) كالمربيات (فيطمع الذي في قلبه مرض) ريبة (وقلن قولا معروفا) حسنا غير لين .

(وقرن في بيوتكن) بالكسر من قرن يقرن وقرىء بالفتح وهو لغة فيه (ولا تبرجن) لا تظهرن زينتكن للرجال (تبرج الجاهلية الأولى) تبرجا مثل تبرج النساء الجاهلية القديمة وهو زمان ولادة إبراهيم أو ما بين آدم ونوح والأخرى ما بين عيسى ومحمد وقيل الأولى جاهلية الكفر والأخرى جاهلية الفسق في الإسلام وروي أنها صفراء بنت شعيب خرجت على يوشع (وأقمن الصلوة وءاتين الزكوة وأطعن الله ورسوله) في أوامره ونواهيه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الذنب (أهل البيت) بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) نداء أو مدح (ويطهركم) من جميع المآثم .

(تطهيرا) أجمع المفسرون على نزولها في أهل العباء، وبه روايات مستفيضة (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) من القرآن الجامع بين الأمرين (إن الله كان لطيفا) في تدبير خلقه (خبيرا) بمصالحه .

(إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين) الدائمين على الطاعة (والقانتات والصادقين والصادقات) في قولهم وفعلهم (والصابرين والصابرات) على البلاء والطاعات

[401]

(و الخاشعين) المتواضعين (والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات) بما فرض عليهم أو الأعم (والصائمين والصائمات) المفروض أو الأعم (والحافظين والحافظات) عن الحرام (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات) بقلوبهم وألسنتهم (أعد الله لهم مغفرة) لذنوبهم (وأجرا عظيما) على طاعتهم .

(وما كان) ما صح (لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون) بالياء والتاء (لهم الخيرة) أن يختاروا (من أمرهم) خلاف مختار الله ورسوله وفيه رد على من جعل الإمامة بالاختيار (ومن يعص الله فقد ضل ضلالا مبينا).

(وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) بالتوفيق للإسلام (وأنعمت عليه) بالعتق وهو زيد بن حارثة كان من سبي الجاهلية اشتراه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبل مبعثه وأعتقه وتبناه (أمسك عليك زوجك) زينب (واتق الله) في مفارقتها ومضارتها (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) وهو نكاحها إن طلقها أو ما أعلمك الله من أنه سيطلقها وتتزوجها (وتخشى الناس) أن يعيروك به (والله أحق أن تخشاه) والعتاب على الأخفاء مخافة الناس وإظهار ما يخالف ضميره في الظاهر إذ كان الأولى أن يصمت أو يقول: أنت وشأنك (فلما قضى زيد منها وطرا) حاجة وطابت منها نفسه وطلقها وانقضت عدتها (زوجناكها) وكانت تفتخر بأن الله تولى نكاحها، وعن أهل البيت زوجتكها (لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله) الذي يريده (مفعولا) مكونا كتزويج زينب .

(ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله) قسم أو أوجب (له سنة الله) سن نفي الحرج سنة (في الذين خلوا من قبل) من الأنبياء ووسع لهم في النكاح (وكان أمر الله قدرا مقدورا) قضاء مقضيا .

(الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله) قيل تعريض بعد تصريح (وكفى بالله حسيبا) كافيا للمخاوف أو محاسبأ .

(ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) فليس أبا زيد فلا يحرم عليه نكاح مطلقته (ولكن رسول الله) والرسول أبو أمته في وجوب تعظيمهم له أو نصحه لهم وليس بينه وبينهم ولادة وزيد منهم (وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) ومنه أنه لا نبي بعده .

(يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) على كل حال وبكل ما هو أهله .

(وسبحوه بكرة وأصيلا) أول النهار وآخره .

[402]

(هو الذي يصلي عليكم) يرحمكم (وملائكته) يطلبون لكم الرحمة والمغفرة (ليخرجكم من الظلمات) عن الجهل بالله (إلى النور) إلى معرفته أو من الكفر إلى الإيمان (وكان بالمؤمنين رحيما) يشعر بإرادة الرحمة من الصلاة .

(وتحيتهم يوم يلقونه) عند الموت أو البعث أو في الجنة (سلام) بشارة بالسلامة من كل شر (وأعد لهم أجرا كريما) هو الجنة .

(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا) على أمتك بطاعتهم ومعصيتهم (ومبشرا) للمطيع بالجنة (ونذيرا) للعاصي بالنار .

(وداعيا إلى الله) إلى توحيده وطاعته (بإذنه) بأمره أو بتيسيره (وسراجا منيرا) تتجلى به ظلمات الضلال .

(وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) زيادة على ما يستحقونه من الثواب .

(ولا تطع الكافرين والمنافقين) تهييج له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ودع أذاهم) إيذاءهم إياك وأعرض عنه أو إيذاءك إياهم بقتل أو ضرر حتى تؤمر به (وتوكل على الله) فهو كافيك (وكفى بالله وكيلا) مفوضا إليه الأمور .

(يا أيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) تجامعوهن (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) تستوفون عددها (فمتعوهن) أي إذا لم تفرضوا لهن مهرا إذ مع فرضه لا يجب لها المتعة كما مر في البقرة (وسرحوهن) خلوا سبيلهن إذ لا عدة لكم عليهن (سراحا جميلا) من غير إضرار .

(يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي ءاتيت أجورهن) مهورهن (وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك) قيل كانت الهجرة شرطا في الحل ثم نسخ (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) أي وأحللنا لك امرأة مؤمنة تهب لك نفسها بلا مهر إن اتفق ذلك (إن أراد النبي أن يستنكحها) يطلب نكاحها (خالصة لك من دون المؤمنين) إيذان بأنه مما خص به لنبوته وباستحقاقه الكرامة لأجلها (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم) من الأحكام في العقد الدائم والمنقطع (وما ملكت أيمانهم) من الإماء بشراء وغيره أنه كيف ينبغي أن يفرض (لكيلا يكون عليك حرج) ضيق في باب النكاح متصل بخالصة وبينهما اعتراض لبيان أن المصلحة اقتضت مخالفة حكمه لحكمهم في ذلك (وكان الله غفورا) لمن يشاء (رحيما) بالتوسعة لعباده .

(ترجي) تؤخر (من تشاء منهن) من أزواجك فلا تضاجعها (وتؤوي) تضم (إليك من تشاء) وتضاجعها أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء (ومن ابتغيت) طلبت (ممن عزلت) تركتها (فلا جناح عليك) في ذلك كله (ذلك) التفويض إلى مشيئتك

[403]

(أدنى) أقرب إلى (أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيتهن) لاستوائهن في هذا الحكم (كلهن) تأكيد من فاعل يرضين (والله يعلم ما في قلوبكم) فلا تسروا ما يسخطه (وكان الله عليما) بخلقه (حليما) لا يعاجل بالعقوبة .

(لا يحل) بالياء والتاء (لك النساء) المحرمات في سورة النساء (من بعد) بعد النساء اللاتي أحللناهن لك بالآية السابقة (ولا أن تبدل بهن من أزواج) منع من فعل الجاهلية كان الرجلان منهم يتبادلان فينزل كل منهما عن زوجته للآخر (ولو أعجبك حسنهن) حسن المحرمات عليك (إلا) لكن (ما ملكت يمينك) فيحل وقيل لا يحل لك النساء بعد التسع وهن في حقه كالأربع في حقنا، وعن الصادق (عليه السلام) إنما عنى اللاتي حرمن عليه في آية النساء ولو كان الأمر كما يقولون لكان قد حل لكم ما لم يحل له (وكان الله على كل شيء رقيبا) حفيظا .

(يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) إلا وقت الإذن أو إلا مأذونا لكم (إلى طعام) فادخلوا حينئذ (غير ناظرين إناه) منتظرين إدراكه مصدر أنى يأني أي لا تدخلوا قبل نضجه فيطول لبثكم (ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا) بالخروج (ولا مستأنسين لحديث) يحدث بعضكم بعضا عطف على ناظرين أو مقدر بلا تمكثوا (إن ذلكم كان يؤذي النبي) لتضيقكم عليه وعلى أهله المنزل (فيستحي منكم) أن يخرجكم (والله لا يستحي من الحق) أي لا يترك بيان الحق وهو إخراجكم (وإذا سألتموهن) أي نساء النبي (متاعا) مما يحتاج إليه (فاسألوهن) المتاع (من وراء حجاب) ستر (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) من خواطر الريبة (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) بشيء حيا وميتا (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) بعد وفاته أو فراقه ومن دخل بها أو غيرها (إن ذلكم) الإيذاء والنكاح (كان عند الله) ذنبا (عظيما).

(إن تبدوا شيئا) في نكاحهن (أو تخفوه) في قلوبكم (فإن الله كان بكل شيء عليما) فيجازيكم به وفيه تهديد بليغ .

(لا جناح عليهن في ءابائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن) أن لا يحتجبن به عنهم ولم يذكر العم والخال لأنهما كالوالدين أو الأخوين (ولا نسائهن) أي المؤمنات أو كل النساء (ولا ما ملكت أيمانهن) من الإماء أو ما يعمها والعبد كما مر في النور (واتقين الله) فيما كلفتنه (إن الله كان على كل شيء شهيدا) لا يغيب عنه شيء .

(إن الله وملائكته يصلون على النبي) يثنون عليه ويعظمونه (يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ومفادها وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة ويحتمل وجوبها في التشهد والتسليم عليه في حياته أو أريد به الانقياد لأمره .

(إن الذين يؤذون الله

[404]

ورسوله) بارتكاب ما لا يرضيان به من كفر ومعصية (لعنهم الله في الدنيا والآخرة) أبعدهم عن رحمته (وأعد لهم عذابا مهينا) ذا إهانة وهو النار .

(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) بغير ذنب يوجب إيذاءهم (فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) بينا .

(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) يرخين على وجوههن وأبدانهن بعض ملاحفهن الفاضل من التلفع (ذلك أدنى) أقرب إلى (أن يعرفن) أنهن حرائر (فلا يؤذين) بتعرض أهل الريبة لهن كتعرضهم للإماء (وكان الله غفورا رحيما) بإرشاده إلى ما فيه المصالح .

(لئن لم ينته المنافقون) عن نفاقهم (والذين في قلوبهم مرض) ضعف إيمان أو فجور عما لهم فيه (والمرجفون في المدينة) بأخبار السوء كقولهم قتل سراياكم وأتاكم عدوكم من الرجفة الزلزلة سمي بها الخبر الكاذب لتزلزله (لنغرينك بهم) لنأمرنك بقتالهم وإجلائهم (ثم لا يجاورونك فيها) في المدينة (إلا) زمانا (قليلا).

(ملعونين أينما ثقفوا) وجدوا (أخذوا وقتلوا تقتيلا).

(سنة الله) أي سن الله ذلك سنة (في الذين خلوا من قبل) من الأمم الماضية في منافقيهم المرجفين للمؤمنين (ولن تجد لسنة الله تبديلا) عما جرت عليه .

(يسئلك الناس عن الساعة) متى تقوم استهزاء أو امتحانا (قل إنما علمها عند الله) استأثر به (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا) شيئا قريبا أي توجد في وقت قريب .

(إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا) نارا تلهب .

(خالدين) مقدرا خلودهم (فيها أبدا لا يجدون وليا) يمنعهم منها (ولا نصيرا) يدفعها عنهم .

(يوم تقلب وجوههم في النار) تصرف من جهة إلى جهة أو من حال إلى حال أو تنكس رءوسهم (يقولون يا) للتنبيه (ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) فلا نعذب .

(وقالوا) أي الأتباع منهم (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا) وهم قادتهم في الكفر (فأضلونا السبيلا) سبل الحق .

(ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب) مثلي عذابنا إذ ضلوا وأضلوا (والعنهم لعنا كبيرا) عدده .

(يا أيها الذين ءامنوا لا تكونوا) مع نبيكم (كالذين ءاذوا موسى فبرأه الله مما قالوا) أي مضمونه وهو رميهم إياه ببرص فأظهر الله لهم براءته واتهامهم له بقتل هارون

[405]

(و كان عند الله وجيها) ذا جاه وقدر .

(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله) في إيذاء رسوله وغيره (وقولوا قولا سديدا) قاصدا إلى الحق .

(يصلح لكم أعمالكم) يتقبلها أو يوفقكم بلطفه للأعمال الصالحة (ويغفر لكم ذنوبكم) باستقامتكم بالقول والعمل (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) ظفر ببغيته .

(إنا عرضنا الأمانة) هي الطاعة المعلق بها الفوز فإنها واجبة الأداء كالأمانة (على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها) أي هي لعظمتها بحيث لو عرضت على هذه العظام وكان لها شعور لأبين حملها (وأشفقن) خفن (منها وحملها الإنسان) مع ضعفه أي جنسه باعتبار الغالب (إنه كان ظلوما) حيث لم يؤدها (جهولا) بعظمة شأنها أو أريد بالأمانة ما يعم الطاعة الطبيعية والاختيارية .

(ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) الخائنين الأمانة (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات) المؤدين للأمانة (وكان الله غفورا) للمؤمنين (رحيما) بهم.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336028

  • التاريخ : 28/03/2024 - 19:44

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net