" 97 "
" سورة القدر " " وما فيها من التأويل في فضائل أهل البيت عليهم السلام " (3)
بسم الله الرحمن الرحيم إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدريك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلام هي حتى مطلع الفجر (5) المعنى قوله (إنا أنزلناه) الضمير راجع إلى القرآن، وإن لم يجز له ذكر لان الحال لا يشتبه فيه. وقوله (في ليلة القدر) أي ذات القدر العظيم والخطر الجسيم. ومما ورد في شرف قدرها: 1 - عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا كانت ليلة القدر تنزل الملائكة - الذين هم سكان سدرة المنتهى وفيهم جبرئيل - ومعهم ألوية فتنصب (4) لواء منها على قبري، ولواء في المسجد الحرام، ولواء على بيت المقدس، ولواء على طور
___________________________
(1) سورة القصص: 44.
(2) سورة العنكبوت: 67.
(3) في نسخة " ب " وما ورد في تأويلها من فضائل أهل البيت عليهم السلام.
(4) في نسخة " م " والمجمع: فينصب.
[ 817 ]
سيناء، ولا يدع مؤمنا ولا مؤمنة إلا ويسلم عليه، إلا مدمن الخمر وآكل لحم الخنزير المضمخ بالزعفران (1). وورد أنها الليلة المباركة التي " فيها يفرق كل أمر حكيم " (2). واختلف في أي ليلة هي ؟ والمتفق عليه أنها في رمضان (وأنها) (3) في إحدى الليلتين: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين منه. وقوله (خير من ألف شهر) وهو ملك بني أمية، وضبط ذلك أصحاب التواريخ فكان ألف شهر لا يزيد ولا ينقص. وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها) قيل: إنه جبرئيل عليه السلام. وقيل: إن الروح طائفة من الملائكة يسمون الروح لا يراهم الملائكة إلا في تلك الليلة، وقيل: إنه ملك أعظم من جبرئيل، وهو الذي كان مع النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده مع الائمة عليهم السلام. وقوله (بإذن ربهم - أي بأمر ربهم - من كل أمر) أي بكل أمر يكون في تلك السنة من الرزق والاجل إلى مثلها في السنة الآتية. ثم قال (سلام هي حتى مطلع الفجر) أي هي هذه الليلة من أولها إلى آخرها - مطلع فجرها - " سلام " سالمة من الشرور والبلايا، ومن الشيطان وحزبه. وقيل: سلام على أولياء الله وأهل طاعته، فكلما لقيهم الملائكة سلموا عليهم من الله تعالى. 2 - وروي عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قوله عزوجل (خير من ألف شهر) (هو سلطان بني أمية، وقال: ليلة من إمام عدل خير من ألف شهر) (4) ملك بني أمية.
___________________________
(1) عنه البرهان: 4 / 488 ح 27، وأورده في مجمع البيان: 10 / 520.
(2) سورة الدخان: 4.
(3، 4) ليس في نسخة " ج ".
[ 818 ]
وقال " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) (أي من عند ربهم) (1) على محمد وآل محمد بكل أمر سلام (2). 3 - وروي أيضا (3) عن محمد بن جمهور، عن موسى بن بكر، عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يفرق في ليلة القدر هل هو ما يقدر الله فيها ؟ قال: لا توصف قدرة الله إلا أنه قال (فيها يفرق كل أمر حكيم) (4) فكيف يكون حكيما إلا ما فرق، ولا توصف قدرة الله سبحانه، لانه يحدث ما يشاء. وأما قوله (ليلة القدر خير من ألف شهر) يعني فاطمة سلام الله عليها. وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد عليهم السلام " والروح " روح القدس وهو في فاطمة، سلام الله عليها (من كل أمر سلام) يقول: من كل أمر مسلمة. (حتى مطلع الفجر) حتى يقوم القائم عليه السلام (5). 4 - وفي هذا المعنى ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس الله روحه)، عن رجاله، عن عبد الله بن عجلان السكوني قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وسقف بيتهم عرش رب العالمين، وفي قعر (6) بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي، والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحا ومساء، وفي كل ساعة وطرفة عين، والملائكة لا ينقطع فوجهم، فوج ينزل وفوج يصعد. وإن الله تبارك وتعالى كشط لابراهيم عليه السلام عن السماوات حتى أبصر العرش وزاد في قوة ناظره.
___________________________
(1) ليس في نسخة " ج ".
(2) عنه البحار: 25 / 96 والبرهان: 4 / 487 ح 23.
(3) في نسخة " ج " وفي هذا المعنى.
(4) سورة الدخان: 4.
(5) عنه البحار: 25 / 97 ح 70 والبرهان: 4 / 487 ح 24.
(6) في نسخة " ج " قرب.
[ 819 ]
وإن الله زاد في قوة ناظر (1) محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وكانوا يبصرون (العرش) (2) ولا يجدون لبيوتهم سقفا غير العرش فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن، ومعارج: معراج الملائكة، والروح فوج بعد فوج لا انقطاع لهم. وما من (بيت من) (3) بيوت الائمة منا إلا وفيه معراج الملائكة لقول الله عزوجل " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم بكل أمر سلام ". قال: قلت: " من كل أمر " ؟ قال: بكل أمر. قلت: هذا التنزيل ؟ قال: نعم (4). والمهم في هذا البحث، أن ليلة القدر هل كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وارتفعت ؟ أم هي باقية إلى يوم القيامة ؟ والصحيح أنها باقية إلى يوم القيامة: 5 - لما روي عن أبي ذر (رضي الله عنه) أنه قال: قلت: يا رسول الله ليلة القدر شئ يكون على عهد الانبياء ينزل فيها عليهم الامر، فإذا مضوا رفعت ؟ قال: لا، بل هي إلى يوم القيامة (5). 6 - وجاء في حديث المعراج عن الباقر عليه السلام أنه قال: لما عرج بالنبي صلى الله عليه وآله وعلمه الله سبحانه الاذان والاقامة والصلاة، فلما صلى أمره سبحانه أن يقرأ في الركعة الاولى: الحمد لله (6) والتوحيد وقال له: هذه نسبتي وفي الثانية: بالحمد وسورة القدر، وقال: يا محمد هذه نسبتك، ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة (7). 7 - وعن الصادق عليه السلام أنه قال: إنها باقية إلى يوم القيامة، لانها لو رفعت
___________________________
(1) في البحار: ناظرة.
(2، 3) ليس في نسخة " ج ".
(4) عنه البحار: 25 / 97 ح 71 والبرهان: 4 / 487 ح 25.
(5) عنه البحار: 25 / 97 ح 72 والبرهان: 4 / 488 ح 26.
(6) في نسخة " م " والبحار: بالحمد.
(7) عنه البحار: 25 / 98 ح 73.
[ 820 ]
لارتفع القرآن بأجمعه، لان فيها " تنزل الملائكة والروح " (1). وقال سبحانه بلفظ المستقبل، ولم يقل " نزل " بلفظ الماضي. وذلك حق، لانها لا تجئ لقوم دون قوم، بل لسائر الخلق، فلا بد من رجل تنزل عليه الملائكة والروح فيها بالامر المحتوم في ليلة القدر في كل سنة، ولو لم يكن كذلك لم يكن بكل أمر. ففي زمن النبي صلى الله عليه وآله كان هو المنزل عليه، ومن بعده على أوصيائه أولهم أمير المؤمنين وآخرهم القائم عليهم السلام وهو المنزل عليه إلى يوم القيامة، لان الارض لا تخلو من حجة الله عليها، وهو الحجة الباقية إلى يوم القيامة عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة التامة. 8 - ويؤيد هذا التأويل: ما رواه محمد بن العباس (رحمه الله) (عن أحمد بن القاسم) (2) عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله ع زوجل (خير من ألف شهر) قال: من ملك بني أمية. قال: وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) أي من عند ربهم على محمد وآل محمد بكل أمر سلام (3). 9 - وروى أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: قال لي أبي " محمد ": قرأ علي بن أبي طالب عليه السلام " إنا أنزلناه في ليلة القدر " وعنده الحسن والحسين عليهما السلام. فقال له الحسين عليه السلام: يا أبتاه كأن بها من فيك حلاوة. فقال له: يابن رسول الله وابني إني أعلم فيها ما لا تعلم، إنها لما نزلت (4)
___________________________
(1) عنه البحار: 25 / 98 ح 74.
(2) ليس في نسخة " ج ".
(3) عنه البحار: 25 / 70 ح 59 والبرهان: 4 / 487 ح 20.
(4) في نسخة " م " أنزلت.
[ 821 ]
بعث إلي جدك رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأها علي، ثم ضرب على كتفي الايمن وقال: يا أخي ووصيي وولي (1) أمتي بعدي، وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي، ولولدك من بعدك، إن جبرئيل أخي من الملائكة حدث إلي أحداث أمتي في سنتها، وإنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم عليه السلام (2). ومما جاء في تأويل هذه السورة هو: 10 - ما رواه محمد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمد بن أبي عبد الله (ومحمد ابن الحسن) (3) عن سهل بن زياد (ومحمد بن يحيى) (4) عن أحمد بن محمد (جميعا) (5) عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قال [ والله ] (6) عزوجل: في ليلة القدر (فيها يفرق كل أمر حكيم) (7) [ يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم ] (8) والمحكم ليس بشيئين، إنما هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم الله عزوجل، ومن حكم بما (9) فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الامر تفسير الامور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر (10) نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنه ليحدث لولي الامر سوى ذلك [ كل يوم ] (11) علم من الله عزوجل الخاص والمكنون (و) (12) العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر، ثم قرأ " ولو أنما في الارض
___________________________
(1) في البحار: والى.
(2) عنه البحار: 25 / 70 ح 60 والبرهان: 4 / 487 ح 21.
(3، 4، 5) ليس في نسختي " ج، م ".
(6) من الكافي.
(7) سورة الدخان: 4.
(8) من الكافي.
(9) في الكافي: بأمر.
(10) كذا في الكافي، وفي الاصل: بأمر.
(11) من الكافي، ولفظ " من " ليس فيه، وفي نسخة " أ " في كل يوم من علم الله.
(12) ليس في الكافي.
[ 822 ]
من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم " (1) 11 - وبهذا الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا تلا (إنا أنزلناه في ليلة القدر) يقول: صدق الله، أنزل [ الله ] (2) القرآن في ليلة القدر. (وما ادريك ما ليلة القدر) (3). قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا أدري. قال الله عزوجل (ليلة القدر خير من ألف شهر) ليس فيها ليلة القدر. وقال الله لرسوله صلى الله عليه وآله: هل تدري لم هي خير من ألف شهر ؟ قال: لا. قال: لانها (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) وإذا أذن الله بشئ فقد رضيه. (سلام هي حتى مطلع الفجر) يقول: تسلم (4) عليك يا محمد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون، إلى مطلع الفجر. ثم قال في (بعض) (5) كتابه (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) (6) في " إنا أنزلناه في ليلة القدر ". وقال [ في بعض كتابه ] (7) (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (8) يقول: إن محمدا حين يموت، يقول أهل الخلاف لامر الله عزوجل " مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله " فهذه فتنة أصابتهم خاصة، وبها انقلبوا (9) على أعقابهم، لانهم إن قالوا: لم تذهب، فلا بد أن يكون
___________________________
(1) الكافي: 1 / 248 ح 3 وعنه البحار: 25 / 79 ح 66 والبرهان: 4 / 483 ح 4، وقطعة منه في البحار: 24 / 183 ح 21، والاية الاخيرة من سورة لقمان: 27.
(2) من الكافي.
(3) الاية ليست في نسختي " ج، م ".
(4) كذا في الكافي، وفي الاصل: يسلمون.
(5) ليس في نسختي " ج، م ".
(6) سورة الانفال: 25.
(7) من الكافي.
(8) سورة آل عمران: 144، وفي الكافي " يقول في الاية الاخيرة: ".
(9) في الكافي والبحار: ارتدوا.
[ 823 ]
لله عزوجل فيها أمر، وإذا أقروا بالامر لم يكن له من صاحب بد (1). 12 - (وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي عليه السلام كثيرا ما (2) يقول: ما اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقرأ " إنا أنزلناه في ليلة القدر " بتخشع وبكاء إلا ويقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة ؟ فيقول لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: لما رأت عيني ووعاه قلبي، ولما يلقى (3) قلب هذا من بعدي. فيقولان: وما الذي رأيت ؟ وما الذي يلقى (4) ؟ قال: فيكتب لهما في التراب " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ". قال: ثم يقول لهما: هل بقي شئ بعد قوله عزوجل " من كل أمر " ؟ فيقولان: لا. فيقول: فهل تعلمان من المنزل إليه ذلك الامر ؟ فيقولان: أنت يا رسول الله. فيقول: نعم فيقول: هل تكون (5) (ليلة القدر من بعدي ؟ وهل يتنزل (6) ذلك الامر فيها ؟ فيقولان: نعم. فيقول: فالى من ؟ فيقولان: لا ندري. فيأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله برأسي، ويقول: إن لم تدريا، فادريا: هو هذا من بعدي. قال: وإنهما كانا ليعرفان تلك الليلة (بعد رسول الله صلى الله عليه وآله) من شدة ما تداخلهما من الرعب (7).
___________________________
(1) الكافي: 1 / 248 ح 4 وعنه البحار: 25 / 80 ح 67 والبرهان: 4 / 483 ح 5.
(2) في نسختي " ج، م " وكان علي عليه السلام، وفي البحار: 25 / 71 " وروى عن أبي جعفر الثاني عليه السلام ".
(3، 4) في الكافي " يرى " بدل " يلقى ".
(5) في نسختي " ج، م " يكون.
(6) في نسخة " أ " والكافي: فهل ينزل، وفي نسخة " ب " تنزل.
(7) الكافي: 1 / 249 ح 5، وفيه وفي نسخة " ب " يداخلهما، وعنه البحار: 25 / 80 ح 68 والبرهان: 4 / 483 ح 6، وفي البحار 25 / 71 ح 61 عن الكنز، وأخرجه في البحار: 97 / 21 ح 47 عن بصائر الدرجات: 224 ح 16 عن أحمد بن محمد وأحمد بن اسحاق عن القاسم بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام باختلاف يسير.
[ 824 ]
13 - وروى بهذا الاسناد، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: يا معشر الشيعة، خاصموا بسورة " إنا أنزلناه " تفلجوا (1) فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا. يا معشر الشيعة، خاصموا ب " حم والكتاب المبين إنا أنزلنا في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم " (2) فانها لولاة الامر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. يا معشر الشيعة، إن الله تبارك وتعالى يقول (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (3). فقيل: يا أبا جعفر نذير هذه الامة محمد صلى الله عليه وآله. قال: صدقت. فهل كان (نذير وهو حي) (4) من البعثة في أقطار الارض ؟ فقال السائل: لا. فقال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت بعيثه، أليس نذيره كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عزوجل نذير ؟ [ فقال: بلى. قال: فكذلك لم يمت محمد إلا وله بعيث نذير، قال: ] (5) فان قلت: لا. فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من أمته. فقال السائل: أولم يكفهم القرآن ؟ قال: بلى، إن وجدوا له مفسرا. قال: أو ما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: بلى، ولكن فسره لرجل واحد وفسر للامة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام. قال السائل: يا أبا جعفر كأن هذا أمر خاص لا يحتمله العامة ؟ قال: نعم، أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي ابان (6) أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان
___________________________
(1) الفلج: الظفر والفوز.
(2) سورة الدخان: 1 - 4.
(3) سورة فاطر: 24.
(4) في نسخ " ب، ج، م " بد، وفي نسخة " أ " (له بد وهو حى - خ ل -).
(5) من الكافي.
(6) ابان: أوله، حينه.
[ 825 ]
رسول الله صلى الله عليه وآله مع خديجة مستترا حتى أمر بالاعلان. قال السائل: (أ) (1) ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم ؟ قال: أو ما كتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أظهر أمره ؟ قال: بلى. قال: فكذلك أمرنا " حتى يبلغ الكتاب أجله " (2). 14 - وروي أيضا بهذا الاسناد عنه عليه السلام أنه قال: لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا، ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة، فمن جحد ذلك فقد رد على الله عزوجل علمه لانه لا يقوم الانبياء والرسل والمحدثون إلا أن يكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجة التي تأتيهم مع (3) جبرئيل عليه السلام. [ قال ] (4) قلت: والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة ؟ قال: أما الانبياء والرسل فلا شك في ذلك، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الارض إلى آخر فناء الدنيا من أن يكون على أهل الارض حجة ينزل ذلك الامر في تلك الليلة إلى من احب من عباده (وهو الحجة) (5). وأيم الله لقد نزل الملائكة والروح بالامر في ليلة القدر على آدم. وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي، وكل من بعد آدم من الانبياء قد أتاه الامر فيها ووضعه (6) لوصيه من بعده.
___________________________
(1) ليس في نسخة " أ " والكافي.
(2) الكافي: 1 / 249 ح 6 وعنه البحار: 25 / 80 ح 68 والبرهان: 4 / 483 ح 7 وفى البحار: 25 / 71 ح 62 عن الكنز، والآية الاخيرة من سورة آل عمران: 235.
(3) في نسخة " أ " والكافي: يأتيهم بها بد.
(4) من نسختي " ب، م " والبحار.
(5) ليس في نسخة " أ " والكافي.
(6) في نسخة " أ " والكافي: ووضع، وفي البحار: ووصفه.
[ 826 ]
وأيم الله إنه كان ليؤمر النبي فيما يأتيه من الامر في تلك الليلة من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوص إلى فلان، ولقد قال الله عزوجل في كتابه لولاة الامر [ من ] (1) بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم - إلى قوله - هم الفاسقون) (2) يقول: أستخلفكم (3) لعلمي وديني وعبادتي، بعد نبيكم كما استخلف (4) وصاة آدم من بعد حتى يبعث النبي صلى الله عليه وآله الذي يليه " يعبدونني لا يشركون بي شيئا " يقول: يعبدونني بايمان أن لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك " فأولئك هم الفاسقون ". فقد مكن ولاة الامر بعد محمد صلى الله عليه وآله بالعلم ونحن هم، فاسألونا فان صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين، أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فان له أجلا من ممر الليالي والايام، إذا أتى ظهر الدين وكان الامر واحدا. وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم الله شهداء على الناس ليشهد محمد صلى الله عليه وآله علينا، ولنشهد نحن على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على الناس، أبي الله أن يكون في حكمه اختلاف أو (5) بين أهل علمه تناقض. ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فضل إيمان المؤمن بحمله " إنا أنزلناه " وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها، كفضل الانسان على البهائم، وإن الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها (في الدنيا) (6) لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، ولا أعلم في هذا الزمان جهادا الا * (هامش) (1) من البحار. (2) سورة النور: 55. (3) في نسخة " ج " استخلفنكم. (4) في نسختي " ب، م " استخلفت. (5) في نسخة " ج " و. (6) ليس في نسخة " م ". (*)
[ 827 ]
الحج والعمرة والجوار (1). 15 - محمد بن الحسن الصفار (رحمه الله) في بصائر الدرجات، عن عباد ابن سليمان [ عن محمد بن سليمان ] (2) الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن نطفة الامام من الجنة، فإذا (3) وقع من بطن أمه إلى الارض وقع وهو واضع يديه على الارض رافعا (4) رأسه إلى السماء. قلت: جعلت فداك ولم ذاك ؟ قال: لان مناديا ينادي في (5) جو السماء من بطنان العرش من الافق الاعلى: يا فلان بن فلان تثبت (6) فانك صفوتي من خلقي وعيبة علمي [ لك ولمن تولاك ] (7) أوجبت رحمتي، وفتحت جناتي (8) وأحللت جواري. ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عداك أشد عذابي، وإن أوسعت عليهم في دنياي من سعة رزقي. قال: فإذا انقضى صوت المنادي، أجابه هو " شهد الله أنه لا إله إلا هو - إلى قوله - العزيز الحكيم " (9) فإذا قالها أعطاه (الله) (10) العلم الاول والعلم الآخر، واستحق زيارة الروح في ليلة القدر (11). 16 - وعن الحسن بن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن العباس بن حريش أنه عرضه على أبي جعفر عليه السلام فأقر به.
___________________________
(1) الكافي: 1 / 250 ح 7 وعنه البحار: 25 / 80 ح 68 والبرهان: 4 / 484 ح 7 وفى البحار: 25 / 73 ح 63 عن الكنز، وذيله في الوسائل: 11 / 33 ح 4 عن الكافي.
(2) من البصائر.
(3) في البصائر: وإذا.
(4) في البصائر: يده إلى الارض رافع.
(5) في البصائر: يناديه من.
(6) في البصائر: اثبت.
(7) من البصائر.
(8) في البصائر: جناني.
(9) سورة آل عمران: 18.
(10) ليس في البصائر.
(11) بصائر الدرجات: 223 ح 13 وعنه البحار: 25 / 37 ح 4، ونور الثقلين: 5 / 639 ح 107.
[ 828 ]
قال: وقال (1) أبو عبد الله عليه السلام: إن القلب الذي يعاين ما ينزل في ليلة القدر لعظيم الشأن. قيل (2): كيف ذاك يا أبا عبد الله ؟ قال: يشق (3) والله بطن ذلك الرجل ثم يؤخذ قلبه، فيكتب (4) عليه بمداد النور ذلك (5) العلم، ثم يكون القلب مصحفا للبصر (وتكون الاذن واعية للبصر) (6) ويكون اللسان مترجما للآذان (7) إذا أراد ذلك الرجل علم شئ نظر ببصره وقلبه فكأنه ينظر في كتاب. فقلت (8) له بعد ذلك: فكيف (9) العلم في غيرها ؟ أيشق القلب فيه أم لا ؟ قال عليه السلام: لا يشق ولكن الله يلهم ذلك الرجل بالقذف في القلب حتى يخيل إلى الآذان أنها (10) تكلم (لكم كذا) (11) بما شاء الله (من) (12) علمه والله واسع عليم (13). وذكر علي بن إبراهيم (رحمه الله) بعض ما ذكرناه (14). إعلم أن حاصل هذا التأويل، أن ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، لان الارض لا تخلو من حجة الله سبحانه وتعالى عليها، تنزل فيها عليه الملائكة والروح من عند ربهم من كل (15) أمر إلى الليلة الآتية في (16) السنة المقبلة، من لدن آدم إلى أن بعث الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله، فكان هو الحجة المنزلة عليه، ثم من بعده
___________________________
(1) في البصائر: فقال.
(2) في البصائر: قلت و.
(3) في البصائر: ليشق.
(4) في البصائر: إلى قلبه ويكتب.
(5) في البصائر: فذلك جميع.
(6) ليس في البصائر.
(7) في البصائر: للاذن.
(8) في البصائر: قلت.
(9) في البصائر: وكيف.
(10) في البصائر: الاذن أنه.
(11، 12) ليس في البصائر.
(13) بصائر الدرجات: 223 ح 14 وعنه البحار: 97 / 20 ح 45 ونور الثقلين: 5 / 639 ح 108.
(14) تفسير القمى: 731 - 732، ومن أول ح 15 إلى هنا نقلناه من نسخة " أ ".
(15) في نسختي " ب، م " بكل.
(16) في نسخة " ج " من.
[ 829 ]
أمير المؤمنين ثم الحسن، ثم الحسين، ثم الائمة واحد بعد واحد إلى أن انتهت الحجة إلى القائم. صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين.
|