00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الضحى 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر)   ||   تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي

93 - سورة الضحى

مكية في قول ابن عباس الضحاك، وهي إحدى عشرة آية بلا خلاف

بسم الله الرحمن الرحيم

(والضحى(1) والليل إذا سجى(2) ما ودعك ربك وما قلى(3) وللآخرة خير لك من الاولى(4) ولسوف يعطيك ربك فترضى(5) ألم يجدك يتيما فئاوى(6) ووجدك ضالا فهدى(7) ووجدك عائلا فأغنى(8) فأما اليتيم فلا تقهر(9) وأما السائل فلا تنهر(10) وأما بنعمة ربك فحدث(11))

احدى عشرة آية.

روي أن عروة ابن الزبير قرأ (ما ودعك ربك بالتخفيف من قولهم: ودع يدع أي ترك يترك، وهو قليل، لان سيبويه قال: استغنوا ب‍ (ترك) عن (ودع) فلم يستعملوه. والباقون بالتشديد.

هذا قسم من الله تعالى بالضحى، وهو صدر النهار، وهو الضحى المعروف - في قول قتادة - وقال الفراء: هو النهار كله من قولهم: ضحى فلان للشمس إذا ظهر لها. وفي التنزيل (وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى)(1).

___________________________________

(1) سورة 20 طه آية 119

[368]

وقوله (والليل إذا سجى) قسم آخر، وقال الحسن: معنى (سجى) غشي بظلامه وقال قتادة: معنى (سجى) سكن وهذا من قولهم: بحر ساج أي ساكن، وبه قال الضحاك، يقال: سجا يسجو سجوا إذا هدئ وسكن، وطرف ساج قال الاعشى:

فما ذنبنا ان جاش بحر ابن عمكم * وبحرك ساج لا يواري الدعا مصا(1)

وقال الراجز:

يا حبذا القمراء والليل الساج * وطرق مثل ملاء النساج(2)

وقوله (ما ودعك ربك وما قلى) جواب القسم.

وقيل: إنه لما تأخر عنه الوحي خمس عشرة ليلة، قال قوم من المشركين: ودع الله محمدا وقلاه، فانزل الله تعالى هذه السورة تكذيبا لهم وتسلية للنبي صلى الله عليه واله، لانه كان اغتم بانقطاع الوحي عنه - ذكره ابن عباس وقتادة والضحاك - ومعنى (ما ودعك) ماقطع الوحي عنك، ومعنى (قلى) أبغض - في قول ابن عباس والحسن وابن زيد - والقالي المبغض يقال: قلاه يقلاه قلا إذا ابغضه. والعقل دال على انه لا يجوز ان يقلا الله احدا من أنبيائه، والتقدير ما قلاك، فحذف الكاف لدلالة الكلام عليه، ولان روس الاي بالياء، فلم يخالف بينها، ومثله (فآوى، وفهدى، وفأغنى) لان الكاف في جميع ذلك محذوفة، ولما قلناه.

وقوله (وللاخرة خير لك من الاولى) خطاب للنبي صلى الله عليه واله يقول الله تعالى له إن ثواب الاخرة والنعيم الدائم فيها خير لك من الاولى يعني من الدنيا، والكون فيها لكونها فانية.

قال ابن عباس: له في الجنة الف قصر من اللؤلؤ ترابه المسك، وفيه من كل ما يشتهي على اعم الوصف.

___________________________________

(1) تفسير القرطبي 20 / 91 وديوانه 100.

(2) مجاز القرآن 2 / 302 واللسان (سحى) والكامل 204

[369]

وقوله (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وعد من الله له أن يعطيه من النعيم والثواب وفنون النعم ما يرضى النبي صلى الله عليه واله به ويؤثره. ثم عدد عليه النعمة في دار الدنيا فقال (ألم يجدك يتيما فآوى) ومعناه تقريره على نعم الله عليه حين مات أبوه وبقي يتيما فآواه بأن سخر له عبدالمطلب أولا، ولما مات عبدالمطلب آواه إلى إبي طالب، وسخره للاشفاق عليه والحنين على حفظه ومراعاته.

وقوله (ووجدك ضالا فهدى) قيل في معناه أقوال: احدها - وجدك لا تعرف الحق فهداك اليه بأن نصب لك الادلة وارشدك اليها حتى عرفت الحق، وذلك من نعم الله.

وثانيها - وجدك ضالا عما أنت عليه الان من النبوة والشريعة، فهداك اليها.

وثالثها - وجدك في قوم ضلال أي فكأنك واحد منهم.

ورابعها - وجدك مضلولا عنك فهدى الخلق إلى الاقرار بنبوتك والاعتراف بصدقك فوجدك ضالا بمعنى مضلول كما قيل ماء دافق بمعنى مدفوق، وسر كاتم بمعنى مكتوم.

وخامسها - أنه لما هاجر إلى المدينة ضل في الطريق، وضل دليله فأرشدهم الله إلى الطريق الواضح حتى وصلوا فاذا قيل: السورة مكية أمكن أن يقال: المراد بذلك الاستقبال والاعلام له أنه يكون هذا على وجه البشارة له به، ولم يكن فعلا له معصية، لانه ليس ذهابا عما كلف.

وقوله (ووجدك عائلا فاغنى) فالعائل الفقير، وهو ذو العيلة من غير جدة عال يعيل عيلة إذا كثر عياله وافتقر قال الشاعر:

[370]

وما يدرى الفقير متى غناه * وما يدري الغني متى يعيل(1)

أي متى يفتقر.

وقيل ان ذكر النعم من المنعم يحسن على وجهين: احدهما - التذكير للشكر وطلب الزيادة منها فهذا جود وكرم. والاخر - عند كفر المنعم عليه، فهذا التذكير على الوجه الاول.

وقوله (فاما اليتيم فلا تقهر) أي لا تقهره لظلمه بأخذ ماله فكذلك من لا ناصر له لا تغلظ في أمره، والخطاب متوجه إلى النبي صلى الله عليه واله وهو نهي لجميع المكلفين وقيل: معناه لا تقهره على ماله.

وقوله (وأما السائل فلا تنهر) فالانتهار هوالصياح في وجه السائل الطالب للرفد، يقال: نهره وانتهره بمعنى واحد، وهو متوجه إلى جميع المكلفين.

وقوله (وأما بنعمة ربك فحدث) معناه اذكر نعم الله واظهرها وتحدث بها.

وقد قيل: من شكر النعمة الحديث بها.

فان قيل: في هذا ونظائره مما عدده الله على خلقه من النعم وامتنائه عليهم كيف يمنن الله تعالى على خلقه بالنعم وذلك من فعل النجل، لان الواحد منا لو من على غيره بما يسدي اليه كان مقبحا؟ ! قبل: إنما يقبح الامتنان إذا كان الغرض الازراء بالنعم عليه والتفضيل به، فاما إذا كان الغرض تعريف النعمة وتعديدها وإعلامه وجوهها ليقابلها بالشكر فيستحق به الثواب والمدح، فانه نعمة اخرى وتفضل آخر يستحق به الشكر فبطل ما قالوه.

___________________________________

(1) مجاز القرآن 2 / 302 وقد مر في 3 / 109 و 5 / 235

[371]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21404362

  • التاريخ : 20/04/2024 - 06:13

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net