00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النمل 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الرابع)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 58 ]

سورة النمل

مكية عدد آيها ثلاث وتسمعون آية حجازي اربع بصري شامي ثلاث كوفي واختلافها آيتان وأولو بأس شديد حجازي من قوارير غير الكوفي بسم الله الرحمن الرحيم (1) طس في المعاني عن الصادق عليه السلام واما طس فمعناه انا الطالب السميع تلك آيت القرآن وكتاب مبين (2) هدى وبشرى للمؤمنين (3) الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم بالآخرة هم يوقنون (4) ان الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم اعمالهم بأن جعلناها مشتهاة لطبايعهم محبوبة لأنفسهم فهم يعمهون عنها لا يدركون ما يتبعها (5) اولئك الذين لهم سوء العذاب كالقتل والاسر يوم بدر وهم في الاخرة هم الأخسرون اشد الناس خسرانا لفوات المثوبة واستحقاق العقوبة (6) وانك لتلقى القرآن لتؤتاه من لدن حكيم عليم أي حكيم وأي عليم (7) إذ قال موسى لأهله انى انست نارا سأتيكم منها بخبر اي عن حال الطريق لأنه قد ضله أو آتيكم منها بشهاب قبس شعلة نار مقبوسة وقرء بتنوينها والعدتان على سبيل الظن ولذلك عبر عنهما في طه بصيغة الترجي والترديد للدلالة على انه ان لم يظفر بهما جميعا ظفر باحدهما بناء على ظاهر الامر وثقة بالله لعلكم تصطلون رجاء ان تستدفؤا بها

[ 59 ]

(8) فلما جائها نودى ان بورك من في النار من في مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى نودى من شاطئ الواد الايمن في البقعة المباركة ومن حولها ومن حول مكانها وسبحان الله رب العالمين من تمام ما نودي به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبها وللتعجب من عظمة ذلك الأمر (9) يا موسى انه انا الله العزيز الحكيم انا القوي القادر على ما يبعد من الأوهام كقلب العصا حية الفاعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير (10) والق عصاك ونودي ان الق عصاك فلما رآها تهتز تتحرك باضطراب كأنها جآن حية خفيفة سريعة ولى مدبرا ولم يعقب ولم يرجع من عقب المقاتل اذكر بعد ما فر يا موسى لا تخف من غير ثقة بي انى لا يخاف لدى المرسلون (11) الا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فانى غفور رحيم قيل فيه تعريض لموسى بوكزه القبطي والإستثناء منقطع أو متصل وثم بدل مستأنف معطوف على محذوف اي من ظلم ثم بدل ذنبه بالتوبة، والقمي معنى الا من ظلم ولا من ظلم فوضع حرف مكان حرف (12) وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء آفة في المعاني عن الصادق عليه السلام قال من غير برص في تسع آيات في جملتها أو معها على ان التسع هي الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة والحدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم ولمن عدا العصا واليد من التسع ان يعد الأخيرين واحدا ولا يعد الفلق لأنه لم يبعث به الى فرعون كذا قيل الى فرعون وقومه انهم كانوا قوما فاسقين تعليل للارسال (13) فلما جآئتهم آياتنا بأن جاءهم موسى بها مبصرة بينة اسم فاعل اطلق للمفعول اشعارا بأنها لفرط اجتلائها للابصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما تبصر وفي المجمع عن السجاد عليه السلام انه قرء مبصرة بفتح الميم والصاد اي

[ 60 ]

مكانا يكثر فيه التبصرة قالوا هذا سحر مبين واضح سحريته (14) وجحدوا بها وكذبوا بها واستيقنتها انفسهم وقد استيقنتها ظلما لأنفسهم وعلوا ترفعا من الإيمان والإنقياد فانظر كيف كان عاقبة المفسدين وهو الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة (15) ولقد آتينا داود وسليمان علما طائفة من العلم أو علما اي علم وقالا الحمد لله فعلا شكرا له ما فعلا وقال الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين يعم من لم يؤت علما أو مثل علمهما وفيه دليل على فضل العلم وشرف اهله حيث شكراه على العلم وجعلاه اساس الفضل ولم يعتبرا دونه وما اوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما وتحريض للعالم على ان يحمد الله على ما اتاه من فضله وان يتواضع ويعتقد انه وان فضل على كثير فقد فضل عليه كثير (16) وورث سليمان داود الملك والنبوة في الكافي عن الجواد عليه السلام انه قيل له انهم يقولون في حداثة سنك فقال ان الله اوحى الى داود ان يستخلف سليمان عليه السلام وهو صبي يرعى الغنم فأنكر ذلك عباد بني اسرائيل وعلماؤهم فأوحى الله الى داود ان خذ عصا المتكلمين وعصا سليمان واجعلهما في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه اورقت واثمرت فهو الخليفة فأخبرهم داود (عليه السلام) فقالوا قد رضينا وسلمنا وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ تشهيرا لنعمة الله وتنويها بها ودعاء للناس الى التصديق بذكر المعجزة في البصائر عن الصادق عليه السلام انه تلا رجل عنده هذه الآية فقال (عليه السلام) ليس فيها من وانما هي واوتينا كل شئ ان هذا لهو الفضل المبين الذي لا يخفى على حد في الجوامع عن الصادق عليه السلام يعني الملك والنبوة والقمي عنه عليه السلام اعطي سليمان بن داود مع علمه معرفة المنطق بكل

[ 61 ]

لسان ومعرفة اللغات ومنطق الطير والبهائم والسباع وكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية وإذا قعد لعماله وجنوده وأهل مملكته تكلم بالرومية وإذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية والنبطية وإذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية وفي المجمع عنه عن ابيه عليهما السلام قال اعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سبعمأة سنة وستة اشهر ملك اهل الدنيا كلهم من الجن والانس والشياطين والدواب والطير والسباع واعطي علم كل شئ ومنطق كل شئ وفي زمانه صنعت للصنايع العجيبة التي سمع بها الناس وذلك قوله علمنا منطق الطير وفي البصائر عنه عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام لابن عباس ان الله علمنا منطق الطير كما علم سليمان بن داود عليه السلام ومنطق كل دابة في بر وبحر وعنه عليه السلام ان سليمان بن داود (عليه السلام) قال علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ وقد والله علمنا منطق الطير وعلم كل شئ وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام قال ان الإمام لا يخفى عليه كلام احد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شئ فيه الروح ومن لم تكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام وعن الباقر عليه السلام انه وقع عنده زوج ورشان على الحايط فهدلا هديلهما فرد عليهما كلامهما فمكثا ساعة ثم نهضا فلما طارا على الحايط هدل الذكر على الانثى ساعة ثم نهضا فسئل (عليه السلام) ما هذا الطير فقال كل شئ خلقه الله من طير وبهيمة أو شئ فيه روح فهو اسمع لنا واطوع من ابن آدم ان هذا الورشان ظن بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت ترضى بمحمد بن علي (عليه السلام) فرضيا بي فأخبرته انه لها ظالم فصدقها والاخبار في هذا المعنى عنهم عليهم السلام كثيرة

[ 62 ]

(17) وحشر وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون يحبسون القمي عن الباقر عليه السلام يحبس اولهم على آخرهم يعني ليتلاحقوا (18) حتى إذا اتوا على واد النمل القمي قعد على كرسيه وحملته الريح فمرت به على وادي النمل وهو واد ينبت فيه الذهب والفضة وقد وكل به النمل وهو قول الصادق عليه السلام ان لله واديا ينبت الذهب والفضة وقد حماه الله بأضعف خلقه وهو النمل لو رامته النجاتي ما قدرت عليه قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون انهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا (19) فتبسم ضاحكا من قولها في العيون عن الرضا عن ابيه عن آبائه عليهم السلام في قوله عز وجل فتبسم ضاحكا من قولها قال لما قالت النملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده حملت الريح صوت النملة الى سليمان وهو مار في الهواء والريح قد حملته فوقف وقال علي بالنملة فلما أتي بها قال سليمان يا ايتها النملة اما علمت اني نبي الله واني لا اظلم احدا قالت النملة بلى قال سليمان فلم تحذرينهم ظلمي وقلت يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم قالت النملة خشيت ان ينظروا الى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدون غير الله عز وجل ثم قالت النملة انت اكبر ام ابوك داود قال سليمان بل ابي داود قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم ابيك داود عليه السلام قال سليمان ما لي بهذا علم قالت النملة لأن اباك داود (عليه السلام) داوى جرحه بود فسمى داود وانت يا سليمان ارجو ان تلحق بأبيك ثم قالت النملة هل تدري لم سخرت لك الريح من بين ساير المملكة قال سليمان ما لي بهذا علم قالت النملة يعني عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من بين يديك كزوال الريح تبسم ضاحكا من قولها أقول: ولعل النملة ارادت بقولها لأن اباك داود (عليه السلام) داوى جرحه بود ان اسم

[ 63 ]

ابيك كان ذلك فخفف وانما عبرت عنه بهذه العبارة اشارة الى علة التسمية وعلى هذا يزيد حروف اسم ابيه على اسمه وقال رب اوزعنى ان اشكر نعمتك اجعلني ازع شكر نعمتك عندي اي اكفه وارتبطه بحيث لا ينفلت عني ولا انفك عنه التى انعمت على وعلى ولدى ادرج فيه ذكر والديه تكثيرا للنعمة وان اعمل صالحا ترضيه اتماما للشكر واستدامة للنعمة وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين في عدادهم في الجنة في البصائر عن الصادق عليه السلام كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي اجاب ولو كان اليوم احتاج الينا (20) وتفقد الطير وتعرف الطير فلم يجد فيها الهدهد فقال مالى لا ارى الهدهد ام كان من الغائبين القمي وكان سليمان إذا قعد على كرسيه جاءت جميع الطير التي سخرها الله له فتظل الكرسي والبساط بجميع من عليه عن حر الشمس فغاب عنه الهدهد من بين الطير فوقع الشمس من موضعه في حجر سليمان فرفع رأسه وقال كما حكى الله عز وجل (21) لأعذبنه عذابا شديدا كنتف ريشه أو جعله مع ضده في قفص أو لأذبحنه ليعتبر به ابناء جنسه أو لياتينى وقرء بنونين اولهما مفتوحة مشددة بسلطان مبين بحجة تبين عذره والحلف في الحقيقة على الأولين بتقدير عدم الثالث في الكافي عن الكاظم عليه السلام وانما غضب عليه لأنه كان يدله على الماء قال فهذا وهو طائر قد اعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين المردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه وان الله يقول في كتابه ولو ان قرآنا سيرت الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال ويقطع به البلدان ويحيى به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء الحديث (22) فمكث غير بعيد زمانا غير مديد يريد به الدلالة على سرعة رجوعه وقرء بضم الكاف فقال احطت بما لم تحط به يعني حال سبا وفي مخاطبته اياه بذلك تنبيه

[ 64 ]

على انه في ادنى خلق الله من احاط علما بما لم يحط به ليتحاقر إليه نفسه ويتصاغر لديه علمه وجئتك من سبأ بنبأ يقين بخبر محقق وقرء سبأ بفتح الهمزة وبدونها (23) انى وجدت امرئة تملكهم يعني بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان اوتيت من كل شئ يحتاج إليه الملوك ولها عرش عظيم (24) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل سبيل الحق والصواب فهم لا يهتدون إليه (25) الا يسجدوا لله فصدهم لأن لا يسجدوا أو زين لهم ان لا يسجدوا أو لا يهتدون الى ان يسجدوا بزيادة لا كقوله ما منعك ان لا تسجد وقرء بالتخفيف على انها للتنبيه ويا للنداء ومناداه محذوف اي الا يا قوم اسجدوا الذى يخرج الخبأ في السموت والارض ويعلم ما تخفون وما تعلنون وصف له بما يوجب اختصاصه باستحقاق السجود من التفرد بكمال القدرة والعلم حثا على سجوده وردا على من يسجد لغيره والخبأ ما خفى في غيره واخراجه اظهاره وهو يعم اشراق الكواكب وانزال الأمطار وانبات النبات بل الإنشاء فانه اخراج ما في الشئ بالقوة الى الفعل والإبداع فانه اخراج ما في العدم الى الوجود ومعلوم انه يختص بالله سبحانه والقمي في السموات المطر وفي الأرض النبات (26) الله لا اله الا هو رب العرش العظيم الشامل للمخلوقات كلها (27) قال سننظر سنتعرف من النظر بمعنى التأمل اصدقت ام كنت من الكاذبين (28) اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم ثم تول عنهم ثم تنح عنهم الى مكان قريب تتوارى فيه فانظر ماذا يرجعون ماذا يرجع بعضهم الى بعض من القول، القمي قال الهدهد انها في حصن منيع قال سليمان الق كتابي على قبتها فجاء الهدهد فألقى الكتاب في حجرها فارتاعت من ذلك وجمعت جنودها وقال لهم كما حكى الله عز وجل

[ 65 ]

(29) قالت اي بعد ما القي إليها يا ايها الملأ انى القى الى كتاب كريم القمي اي مختوم وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله قال كرم الكتاب ختمه (30) انه من سليمان استيناف كأنه قيل لها ممن هو وما هو فقالت انه اي الكتاب أو العنوان من سليمان وانه وان المكتوب بسم الله الرحمن الرحيم (31) الا تعلوا على واتونى مسلمين مؤمنين أو منقادبن وهذا الكلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع وصفاته والنهي عن الترفع الذي هو ام الرذائل والامر بالإسلام الجامع لامهات الفضائل وليس الامر فيه بالإنقياد قبل اقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فان القاء الكتاب إليها على تلك الحالة من اعظم الأدلة (3 2) قالت يا ايها الملؤ افتوني في امرى اذكروا ما تستصوبون فيه ما كنت قاطعة امرا حتى تشهدون الا بمحضركم كأنها استعطفتهم بذلك ليمالؤها على الإجابة (33) قالوا نحن اولوا قوة بالأجساد والعدد في الاكمال عن الصادق عليه السلام ما يخرج القائم الا في اولي قوة وما يكون اولو قوة الا عشرة آلاف واولو باس شديد بشدة وشجاعة والامر اليك موكول فانظري ماذا تأمرين من المقاتلة والصلح نطعك ونتبع رأيك (34) قالت ان الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها بنهب الأموال وتخريب الديار وجعلوا اعزة اهلها اذلة بالإهانة والاسر وكذلك يفعلون القمي فقال الله تعالى وكذلك يفعلون (35) وانى مرسلة إليهم بهدية فناظرة منتظرة كذا في الإحتجاج عن امير المؤمنين عليه السلام بم يرجع المرسلون من حاله حتى اعمل بحسب ذلك

[ 66 ]

والقمي قالت ان كان هذا نبيا من عند الله كما يدعي فلا طاقة لنا به فان الله عز وجل لا يغلب ولكن سأبعث إليهم بهدية فان كان ملكا يميل الى الدنيا قبلها وعلمت انه لا يقدر علينا فبعثت حقة فيها جوهرة عظيمة وقالت للرسول قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان فأخذ خيطا في فمه ثم ثقبها واخذ الخيط من الجانب الآخر (3 6) فلما جاء سليمان اي الرسول وما اهدت إليه قال اتمدونن بمال وقرء بنون واحدة مشددة على الإدغام فما اتاني الله من النبوة والملك الذي لا مزيد عليه خير مما اتيكم فلا حاجة لي الى هديتكم ولا وقع لها عندي بل انتم بهديتكم تفرحون لأنكم لا تعلمون الا ظاهرا من الحياة الدنيا (37) ارجع ايها الرسول إليهم الى بلقيس وقومها فلناتينهم بجنود لا قبل لهم بها لا طاقة لهم بمقاومتها ولا قدرة بهم على مقاتلتها ولنخرجنهم منها من سبا اذلة بذهاب ما كانوا فيه من العز وهم صاغرون اسراء مهانون القمي فرجع إليها الرسول فأخبرها بذلك وبقوة سليمان فعلمت انه لا محيص لها فخرجت وارتحلت نحو سليمان (38) قال يا ايها الملؤ ايكم ياتيني بعرشها قبل ان ياتوني مسلمين القمي لما علم سليمان باقبالها نحوه قال ذلك قيل اراد بذلك ان يريها بعض ما خصه الله تعالى به من العجائب الدالة على عظيم القدرة وصدقه في دعوى النبوة ويختبر عقلها بأن ينكر عرشها فنظر اتعرفه ام تنكره (39) قال عفريت خبيث مارد من الجن انا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك مجلسك للحكومة قيل وكان يجلس الى نصف النهار وانى عليه على حمله لقوى امين لا اختزل منه شيئا ولا ابدله (40) قال الذى عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك القمي قال سليمان يعني بعد مقالة العفريت اريد اسرع من ذلك فقال آصف بن برخيا

[ 67 ]

انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك فدعا الله عز وجل بالاسم الأعظم فخرج السرير من تحت كرسي سليمان وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن الذي عنده علم من الكتاب قال ذلك وصي اخي سليمان بن داود وفي البصائر والكافي عن الباقر عليه السلام ان اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وانما كان عند اصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت اسرع من طرفة عين وعندنا نحن من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وفي رواية اخرى من البصائر فتكلم به فانخسفت الأرض ما بينه وبين السرير والتقت القطعتان وحول من هذه الى هذه وفي اخرى من الكافي عن الهادي عليه السلام قال فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبا فتناول عرش بلقيس حتى سيره الى سليمان ثم انبسطت الأرض في اقل من طرفة عين وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال ان الأرض طويت له وعن العياشي عن الهادي عليه السلام قال الذي عنده علم من الكتاب فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرفه اصف لكنه (عليه السلام) احب ان يعرف الجن والانس انه الحجة من بعده وذلك من علم سليمان اودعه اصف بأمر الله ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في امامته ودلالته كما فهم سليمان (عليه السلام) في حياة داود (عليه السلام) لتعرف امامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق فلما رآه رأى العرش مستقرا عنده حاصلا بين يديه قال تلقيا للنعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله هذا من فضل ربى تفضل به علي من غير استحقاق ليبلونئ اشكر بأن اراه فضلا من الله بلا حول مني ولا قوة واقوم بحقه ام اكفر بأن اجد نفسي في البين أو اقصر في اداء مواجبه ومن شكر فانما يشكر لنفسه فانه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ومن كفر

[ 68 ]

فان ربى غنى عن شكره كريم بالإنعام عليه ثانيا (41) قال نكروا لها عرشها بتغيير هيئته وشكله ننظر اتهتدى ام تكون من الذين لا يهتدون الى معرفته (42) فلما جائت قيل اهكذا عرشك تشبيها عليها زيادة في امتحان عقلها قالت كانه هو ولم تقل هو هو لاحتمال ان يكون مثله وذلك من كمال عقلها واوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين قيل هي من تتمة كلامها كأنها ظنت انه اراد بذلك اختبار عقلها واظهار معجزة لها فقالت واوتينا العلم بكمال قدرة الله وصحة نبوتك قبل هذه الحالة (43) وصدها ما كانت تعبد من دون الله اي وصدها عبادتها الشمس عن التقدم الى الإسلام انها كانت من قوم كافرين وقرء بفتح الهمزة على البدل اي صدها نشوها بين اظهر الكفار أو على التعليل (44) قيل لها ادخلي الصرح القصر وقيل عرصة الدار فلما راته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال انه ان ما تظنيه ماء صرح ممرد مملس من قوارير من الزجاج قالت رب انى ظلمت نفسي بعبادتي للشمس وقيل بظني بسليمان فانها حسبت انه يغرقها في اللجة واسلمت مع سليمان لله رب العالمين فيما امر به عباده روي انه امر قبل قدومها فبنى قصر صحنه من زجاج ابيض واجري من تحته الماء والقى فيه حيوانات البحر ووضع سريره في صدره فجلس عليه فلما ابصرته ظنت ماء راكدا فكشفت عن ساقيها والقمي وكان قد امر ان يتخذ لها بيتا من قوارير ووضعه على الماء ثم قيل لها ادخلي الصرح وظنت انه ماء فرفعت ثوبها وابدت ساقيها فإذا عليهما شعر كثير فقيل لها انه صرح ممرد من قوارير قالت رب انى ظلمت الآية فتزوجها سليمان وهي بلقيس بنت الشراح الحميرية وقال سليمان للشياطين اتخذوا لها شيئا يذهب هذا الشعر عنها فعملوا الحمامات وطبخوا النورة فالحمامات والنورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس وكذا الأرحيبة التي تدور على الماء

[ 69 ]

(45) ولقد ارسلنا الى ثمود اخاهم صالحا ان اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون القمي عن الباقر عليه السلام قال يقول مصدق ومكذب قال الكافرون منهم أتشهدون ان صالحا مرسل من ربه قال المؤمنون انا بالذي ارسل به مؤمنون قال الكافرون منهم إنا بالذي آمنتم به كافرون وقالوا يا صالح ائتنا باية ان كنت من الصادقين فجاءهم بناقة فعقروها وكان الذي عقرها ازرق احمر ولد زنا (46) قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة بالعقوبة قبل التوبة فانهم كانوا يقولون ان صدق ايعاده تبنا، القمي انهم سألوه قبل ان تأتيهم الناقة ان يأتيهم بعذاب اليم فأرادوا بذلك امتحانه فقال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة يقول بالعذاب قبل الرحمة لولا تستغفرون الله قبل نزوله لعلكم ترحمون بقبولها فانها لا تقبل حينئذ (47) قالوا اطيرنا بك وبمن معك تشأمنا إذ تتابعت علينا الشدائد واوقع بيننا إفتراق منذ اخترعتم دينكم القمي اصابهم جوع شديد فقالوا هذا من شومك وشؤم الذين معك أصابنا هذا وهي الطيرة قال طائركم عند الله قال يقول خيركم وشركم من عند الله بل انتم قوم تفتنون تختبرون بتعاقب السراء والضراء (48) وكان في المدينة تسعة رهط تسعة نفر يفسدون في الارض ولا يصلحون اي شأنهم الافساد الخالص عن شوب الصلاح القمي كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي (49) قالوا قال بعضهم لبعض تقاسموا بالله اي تحالفوا امر مقول أو خبر وقع بدلا لنبيتنه واهله لنباغتن صالحا واهله ليلا ثم لنقولن لوليه لولي دمه وقرء لتبيتنه ولتقولن بالتاء وصيغة الجمع على خطاب بعضهم لبعض ما شهدنا مهلك اهله فضلا ان تولينا اهلاكهم وهو يحتمل المصدر والزمان والمكان وقرء بفتح اللام مع فتح الميم

[ 70 ]

وضمها وانا لصادقون ونحلف انا لصادقون أو والحال انا لصادقون يعنون نوري والقمي يقول لنفعلن (50) ومكروا مكرا بهذه المواضعة ومكرنا مكرا بأن جعلناها سببا لإهلاكهم و هم لا يشعرون بذلك روي انه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلي فيه فقالوا زعم انه يفرغ منا الى فنفرغ منه ومن اهله قبل الثلاث فذهبوا الى الشعب ليقتلوه فوقع عليهم صخرة جبالهم فطبقت عليهم فم الشعب فهلكوا ثمة وهلك الباقون في اماكنهم بالصيحة والقمي فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه وعند صالح ملائكة يحرسونه فلما اتوه قاتلتهم الملائكة في دارصالح رجما بالحجارة فأصبحوا في داره مقتلين واخذت قومه الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين (51) فانظر كيف كان عاقبة مكرهم انا دمرناهم وقرء بفتح الهمزة وقومهم اجمعين (52) فتلك بيوتهم خاوية خالية من خوي البطن إذا خلا أو ساقطة منهدمة من خوي النجم إذا سقط بما ظلموا بسبب ظلمهم ان في ذلك لآية لقوم يعلمون فيتعظون (53) وانجينا الذين آمنوا صالحا ومن معه وكانوا يتقون الكفر والمعاصي فلذلك خصوا بالنجاة (54) ولوطا إذ قال لقومه اتأتون الفاحشة وانتم تبصرون تعلمون خبثها أو يبصرها بعضكم من بعض وكانوا يعلنون (55) ائنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء اللاتي خلقن لذلك بل انتم قوم تجهلون سفهاء (56) فما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون يتنزهون عن افعالنا

[ 71 ]

(57) فانجيناه واهله الا امراته قدرناها من الغابرين قدرنا كونها من الباقين في العذاب وقرء قدرناها بالتخفيف (58) وامطرنا عليهم مطرا فسآء مطر المنذرين مضى مثله (59) قل الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى في الجوامع عنهم (عليه السلام) والقمي قال هم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم الله خير ام ما تشكرون وقرء بالياء الزام لهم وتهكم به وتسفيه لرأيهم (60) امن بل ام من خلق السموات والارض وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة عدل عن الغيبة الى التكلم لتأكيد اختصاص الفعل بذاته كما قال ما كان لكم ان تنبتوا شجرها شجر الحدائق ءاله مع الله اغيره يقرن به ويجعل له شريكا وهو المتفرد بالخلق والتكوين بل هم قوم يعدلون عن الحق وهو التوحيد (61) امن جعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا جارية وجعل لها رواسي جبالا يتكون فيها المعادن وينبع من حضيضها المنابع وجعل بين البحرين العذب والملح حاجزا برزخا وقد مر بيانه في سورة الفرقان ءاله مع الله بل اكثرهم لا يعلمون الحق فيشركون (62) امن يجيب المضطر الذي احوجه شدة ما به الى اللجأ الى الله إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم ءاله مع الله الذي متعكم بهذه النعم قليلا ما تذكرون اي تذكرون الاءه تذكرا قليلا وما مزيدة وقرء بتشديد الذال وبالياء معه القمي عن الصادق عليه السلام قال نزلت في القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله هو والله المضطر إذا صلى في المقام ركعتين ودعا الله عز وجل فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض وفي رواية فيكون أول من يبايعه جبرئيل ثم الثلاثمأة والثلاثة عشر رجلا وقد سبق كلام آخر في هذه الاية في سورة البقرة عند قوله تعالى اجيب دعوة الداع

[ 72 ]

(63) امن يهديكم في ظلمات البر والبحر بالنجوم وعلامات الأرض ومن يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته يعني المطرءاله مع الله يقدر على شئ من ذلك تعالى الله عما يشركون (64) امن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والارض اي بأسباب سماوية وارضية ءاله مع الله يفعل ذلك قل هاتوا برهانكم على ان غيره يقدر على شئ من ذلك ان كنتم صادقين في اشراككم (65) قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب الا الله في نهج البلاغة ان امير المؤمنين عليه السلام اخبر يوما ببعض الامور التي لم يأت بعد فقيل له اعطيت يا امير المؤمنين علم الغيب فضحك (ع) وقال ليس هو بعلم غيب انما هو تعلم من ذي علم وانما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله ان الله عنده علم الساعة الآية فيعلم سبحانه ما في الارحام من ذكر أو انثى وقبيح أو جميل وسخي أو بخيل وشقي أو سعيد ومن يكون للنار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه ودعا لي ان يعيه صدري وتضم عليه جوارحي وما يشعرون ايان يبعثون متى ينشرون (66) بل ادارك تتابع حتى استحكم علمهم في الآخرة القمي يقول علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا وقرء بدون الالف مع تخفيف الدال وتشديدها بل هم في شك منها في حيرة بل هم منها عمون لاختلال بصيرتهم قيل الاضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم (67) وقال الذين كفروا ءاذا كنا ترابا وآباؤنا ائنا لمخرجون من الاجداث أو من الفناء الى الحياة وتكرير الهمزة للمبالغة في الانكار وقرء بحذف الاولى وبحذفهما واننا بالنونين (68) لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل ان هذا الا اساطير الأولين اكاذيبهم التي هي كالاسمار

[ 73 ]

(69) قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين تهديد لهم على التكذيب وتخويف بأن ينزل عليهم مثل ما نزل بالمكذبين قبلهم والتعبير عنهم بالمجرمين ليكون لطفا للمجرمين في ترك الجرائم (70) ولا تحزن عليهم على تكذيبهم واعراضهم ولا تكن في ضيق في حرج صدر وقرء بكسر الضاد مما يمكرون من مكرهم فان الله يعصمك من الناس (71) ويقولون متى هذا الوعد العذاب الموعود ان كنتم صادقين (72) قل عسى ان يكون ردف لكم تبعكم ولحقكم والقمي اي قد قرب من خلفكم بعض الذى تستعجلون حلوله قيل هو عذاب يوم بدر (73) وان ربك لذو فضل على الناس بتأخيره عقوبتهم على المعاصي ولكن اكثرهم لا يشكرون لا يعرفون حق النعمة فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه (74) وان ربك ليعلم ما تكن صدورهم ماتخفيه وما يعلنون من عداوتك فيجازيهم عليه (75) وما من غائبة في السماء والارض خافية فيهما الا في كتاب مبين في الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث وان في كتاب الله لآيات ما يراد بها امر الا ان يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون جعله الله لنا في ام الكتاب ان الله يقول وما من غائبة الآية ثم قال ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فنحن الذين اصطفينا الله واورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ (76) ان هذا القرآن يقص على بنى اسرائيل اكثر الذى هم فيه يختلفون كالتشبيه والنزيه واحوال الجنة والنار وعزير والمسيح (77) وانه لهدى ورحمة للمؤمنين فانهم المشفعون به (78) ان ربك يقضى بينهم بين بني اسرائيل بحكمه اي بحكمته أو بما يحكم به وهو الحق وهو العزيز فلا يرد قضاءه العليم بحقيقة ما يقضي فيه وحكمته

[ 74 ]

(79) فتوكل على الله ولا تبال بمعاداتهم انك على الحق المبين وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره (80) انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء وقرء بالياء المفتوحة ورفع الصم إذا ولوا مدبرين شبهوا بالموتى والصم لعدم انتفاعهم بما يتلى عليهم (81) وما انت بهادي العمى وقرء تهدى العمى عن ضلالتهم حيث ان الهداية لا تحصل الا بالبصر ان تسمع ما يجدي اسماعك الا من يؤمن بآياتنا من هو في علم الله كذلك فهم مسلمون مخلصون (82) وإذا وقع القول عليهم وهو ما وعدوا به من الرجعة عند قيام المهدي عليه السلام كما يأتي بيانه عن قريب اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون وقرء تكلمهم بالتخفيف من الكلم بمعنى الجرح وفي الجوامع عن الباقر عليه السلام قال كلم الله من قرء تكلمهم ولكن تكلمهم بالتشديد والقمي عن الصادق عليه السلام قال انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله الى امير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثم قال له قم يا دابة الأرض فقال رجل من اصحابه يا رسول الله ايسمى بعضنا بعضا بهذا الإسم فقال لا والله ما هو الا له خاصة وهو الدابة الذي ذكره الله في كتابه فقال عز وجل وإذا وقع القول عليهم الآية ثم قال يا علي إذا كان آخر الزمان اخرجك الله في احسن صورة ومعك ميسم تسم به اعداءك فقال رجل لابي عبد الله عليه السلام ان العامة يقولون ان هذه الدابة انما تكلمهم فقال أبو عبد الله كلمهم الله في نار جهنم انما هو يكلمهم من الكلام وعنه عليه السلام قال قال رجل لعمار بن ياسر يا ابا اليقظان ان آية في كتاب الله قد افسدت قلبي وشككتني فقال واية آية هي قال قوله عز وجل وإذا وقع القول عليهم الآية فأية دابة هذه قال عمار والله ما اجلس ولا آكل ولا اشرب حتى اريكها فجاء عمار مع الرجل الى امير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمرا وزبدا فقال يا ابا اليقظان هلم فاقبل عمار وجلس يأكل معه فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل سبحان الله انك حلفت ان لا تأكل ولا

[ 75 ]

تشرب ولا تجلس حتى تريني الدابة قال عمار قد اريتكها ان كنت تعقل وفي المجمع انه روى العياشي هذه القصة بعينها عن ابي ذر ايضا وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام ولقد اعطيت الست علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب واني لصاحب الكرات ودولة الدول واني لصاحب العصا والميسم والدابة التي تكلم الناس في الاكمال عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث بعد ان ذكر الدجال ومن يقتله قال الا ان بعد ذلك الطامة الكبرى قيل وما ذلك يا امير المؤمنين قال خروج دابة الأرض من عند الصفا ومعها خاتم سليمان (عليه السلام) وعصا موسى (عليه السلام) تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقا وتضعه على وجه كل كافر فيكتب هذا كافر حقا حتى ان المؤمن لينادي الويل لك حقا يا كافر وان الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن وددت اني كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما ثم ترفع الدابة رأسها من بين الخافقين باذن الله جل جلاله وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ثم قال عليه السلام لا تسألوني عما يكون بعد هذا فانه عهد الي حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله ان لا اخبر به غير عترتي وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال دابة الأرض طولها ستون ذراعا لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب فتسم المؤمن بين عينيه ويكتب بين عينيه مؤمن وتسم الكافر بين عينيه ويكتب بين عينيه كافر ومعها عصا موسى (عليه السلام) وخاتم سليمان (عليه السلام) فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم انف الكافر بالخاتم حتى يقال يا مؤمن ويا كافر وعن امير المؤمنين عليه السلام انه سئل عن الدابة فقال اما والله ما لها ذنب وان لها للحية (83) ويوم نحشر من كل امة فوجا يعني يوم الرجعة ممن يكذب بآياتنا يعني بالأئمة عليهم السلام فهم يوزعون يحبس اولهم على آخرهم ليتلاحقوا

[ 76 ]

(84) حتى إذا جاؤا الى المحشر قال اكذبتم بآياتى ولم تحيطوا بها علما اماذا كنتم تعملون ام اي شئ كنتم تعملون بعد ذلك وهو للتبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب (85) ووقع القول عليهم حل بهم العذاب الموعود بما ظلموا بسبب ظلمهم وهو التكذيب بآيات الله فهم لا ينطقون بالاعتذار لشغلهم بالعذاب القمي عن الصادق عليه السلام في الحديث الذي مضى في تفسير الدابة اولا قال والدليل على ان هذا في الرجعة قوله ويوم نحشر من كل امة فوجا الآية قال الآيات امير المؤمنين والأئمة عليهم السلام فقال الرجل ان العامة تزعم ان قوله عز وجل ويوم نحشر من كل امة فوجا عنى في يوم القيامة فقال عليه السلام فيحشر الله عز وجل يوم القيامة من كل امة فوجا ويدع الباقين لا ولكنه في الرجعة واما آية القيامة فهي وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا وعنه عليه السلام ليس احد من المؤمنين قتل الا ويرجع حتى يموت ولا يرجع الا من محض الايمان محضا ومن محض الكفر محضا وفي الكافي عنه عليه السلام في قوله بعثنا عليكم عبادا لنا اولى بأس شديد انهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمد صلوات الله عليهم الا قتلوه وقد سبق تمام الحديث في سورة بني اسرائيل فلا حاجة بنا الى اعادته قال في المجمع وقد تظاهرت الأخبار عن ائمة الهدى من آل محمد صلوات الله عليهم في ان الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي عليه السلام قوما ممن تقدم موتهم من اوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويتبهجوا بظهور دولته ويعيد ايضا قوما من اعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في القتل على ايدي شيعته أو الذل والخزي مما يشاهدون من علو كلمته ولا يشك عاقل ان هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله ذلك في الامم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه وصح عن النبي صلى الله عليه وآله قوله سيكون في امتي كل ما كان في بني اسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو ان احدهم دخل حجر ضب لدخلتموه أقول: وقد صنف الحسن بن سليمان الحلي طاب ثراه كتابا في فضائل اهل البيت عليهم السلام أورد فيه اخبارا كثيرة في اثبات الرجعة وتفاصيل احوالها وذكر فيه ان الدابة

[ 77 ]

امير المؤمنين عليه السلام في اخبار كثيرة متوافقة المعاني ونقل اكثرها من كتاب سعد بن عبد الله المسمى بمختصر البصائر ولنورد هنا من كتابه حديثا واحدا ومن اراد سائرها فليراجع إليه وهو ما رواه عن الاصبغ بن نباته ان عبد الله الكوا اليشكري قام الى امير المؤمنين عليه السلام فقال يا امير المؤمنين ان اناسا من اصحابك يزعمون انهم يردون بعد الموت فقال امير المؤمنين (عليه السلام) نعم تكلم بما سمعت ولا تزد في الكلام مما قلت لهم قال قلت لا أؤمن بشئ مما قلتم فقال له امير المؤمنين عليه السلام ويلك ان الله عز وجل ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سميت لهم ثم ردهم الى الدنيا ليسوفوا ارزاقهم ثم اماتهم بعد ذلك قال فكبر على الكوا ولم يهتد له فقال له امير المؤمنين عليه السلام ويلك تعلم ان الله عز وجل قال في كتابه واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني اسرائيل ان ربي قد كلمني فلو انهم سلموا ذلك وصدقوا به لكان خير لهم ولكنهم قالوا لموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة قال الله تعالى فاخذتكم الصاعقة يعني الموت وانتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون افترى يابن الكوا ان هؤلاء قد رجعوا الى منازلهم بعد ما ماتوا فقال ابن الكوا وما ذاك ثم اماتهم مكانهم فقال له امير المؤمنين عليه السلام ويلك أو ليس قد اخبرك في كتابه حيث يقول وظللنا عليكم الغمام وانزلنا عليكم المن والسلوى فهذا بعد الموت إذ بعثهم وايضا مثلهم يا ابن الكوا الملأ من بني اسرائيل حيث يقول الله عز وجل الم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم احياهم وقوله عز وجل في عزير حيث اخبر الله فقال أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها فقال انى يحيى هذه الله بعد موتها فاماته الله واخذه بذلك الذنب مأة عام ثم بعثه ورده الى الدنيا فقال كم لبثت فقال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مأة عام فلا تشك يا ابن الكوا في قدرة الله عز وجل (86) الم يروا انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه بالنوم والقرار والنهار مبصرا قيل اصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الأبصار حالا من احواله المجبول عليها ان ذلك لآيات لقوم يؤمنون (87) ويوم ينفخ في الصور في القرن روي ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عنه

[ 78 ]

فقال قرن من نور التقمه اسرافيل فوصف بالسعة والضيق واختلف في ان اعلاه ضيق واسفله واسع أو بالعكس ولكل وجه وورد ان فيه ثقبا بعدد كل انسان ثقبة فيها روحه ففزع من في السموات ومن في الارض من الهول وعبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه الا من شآء الله ان لا يفزع بأن يثبت قلبه وكل اتوه داخرين صاغرين وقرء بقصر الهمزة وفتح التاء (88) وترى الجبال تحسبها جامدة ثابتة في مكانها وهى تمر مر السحاب في السرعة قيل وذلك لأن اجرام الكبار إذا تحركت في سمت واحد لا تكاد تتبين حركتها صنع الله الذى اتقن كل شئ احكم خلقه وسواه على ما ينبغي انه خبير بما يفعلون عالم بظواهر الافعال وبواطنها فيجازيهم عليها وقرء بالتاء (89) من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون وقرء بالاضافة (90) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في لنار فكبوا فيها وجوههم هل تجزون الا ما كنتم تعملون على ارادة القول القمي قال الحسنة والله ولاية امير المؤمنين عليه السلام والسيئة والله اتباع اعدائه وفي الكافي عن الصادق عن ابيه عن امير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية قال الحسنة معرفة الولاية وحبنا اهل البيت والسيئة انكار الولاية وبغضنا اهل البيت ثم قرء لآية وعن الباقر عليه السلام في قوله تعالى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا قال من تولى الأوصياء من آل محمد صلوات الله عليهم واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم الى آدم (ع) وهو قول الله من جاء بالحسنة فله خير منها ندخله لجنة وفي روضة الواعظين عنه عليه السلام في هذه قال الحسنة ولاية علي وحبه والسيئة عداوته وبغضه ولا يرفع معهما عمل وقد مضى في آخر سورة الانعام حديث في صدر الآيتين (91) انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذى حرمها القمي يعني مكة شرفها الله تعالى في الكافي عن الصادق عليه السلام ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته حتى دعوا رجلا قرأه فإذا فيه انا الله ذو بكة حرمتها يوم خلقت السموات والأرض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة املاك حفا، وعنه عليه السلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر

[ 79 ]

بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال الآ ان الله قد حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرام الله عز وجل الى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلالها ولا تحل لقطتها الا لمنشد فقال العباس يا رسول الله الإذخر فانه للقبر والبيوت فقال رسول الله الا الإذخر وله كل شئ خلقا وملكا وامرت ان اكون من المسلمين المنقادين (92) وان اتلو القرآن وان اواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئا فشيئا فمن اهتدى باتباعه اياي في ذلك فانما يهتدى لنفسه فان منافعه عائدة إليه ومن ضل بمخالفتي فقل انما انا من المنذرين فلا علي من وبال ضلاله شئ إذ ما على الرسول الا البلاغ وقد بلغت (93) وقل الحمد لله على نعمة النبوة وعلى ما علمني ربي ووفقني للعمل به سيريكم آياته إذا رجعتم الى الدنيا ورجعوا فتعرفونها فتعرفون انها آيات الله حين لا تنفعكم المعرفة، القمي قال الآيات امير المؤمنين والأئمة عليهم السلام إذا رجعوا الى الدنيا يعرفهم اعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا قال امير المؤمنين عليه السلام والله ما لله آية اكبر مني وما ربك بغافل عما تعملون فلا تحسبوا ان تأخير عذابكم لغفله من اعمالكم وقرء بالياء وقد مضى ثواب قراءة الطواسين الثلاث




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335879

  • التاريخ : 28/03/2024 - 18:38

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net