التفسير الصافي
الفيض الكاشاني
ج 4
[ 2 ]
(هوية الكتاب) الكتاب: تفسير الصافى
المؤلف: فيلسوف الفقهاء المولى محسن الفيض الكاشانى (قدس سره)
الطبعة: الثانية
العدد: 5000 نسخة
القطع: وزيرى
عدد الصفحات مجلدات الخمس: 2288 صفحة
ليتو غراف: آرمان
المطبعة: مؤسسة الهادى - قم المقدسة تاريخ
الطبعة: شهر رمضان 1416 قمرية - 1374 شمسية
الناشر: مكتبة الصدر - بطهران - شارع ناصر خسرو تليفون 397696
السعر: 850 تومان
[ 3 ]
تفسير الصافي
تأليف فيلسوف الفقهاء، وفقيه الفلاسفة، استاذ عصره ووحيد دهره، المولى محسن الملقب به الفيض الكاشاني المتوفى سنة 1091 ه
الجزء الرابع
[ 4 ]
سورة الفرقان
مكية كلها وقال ابن عباس إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدنية من قوله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله غفورا رحيما عدد آيها سبع وسبعون آية بلا خلاف بسم الله الرحمن الرحيم (1) تبارك الذى نزل الفرقان على عبده تكاثر خيره من البركة وهي كثرة الخير وقد سبق تفسير الفرقان في سورة آل عمران ليكون العبد أو الفرقان للعلمين نذيرا للجن والأنس منذرا أو إنذارا كالنكير بمعنى الأنكار (2) الذى له ملك السموت والارض ولم يتخذ ولدا كما زعمه النصارى ولم يكن له شريك في الملك كقول الثنوية وخلق كل شئ فقدره تقديرا القمي عن الرضا عليه السلام قال تدري ما التقدير قيل لا قال هو وضع الحدود من الاجال والأرزاق والبقاء والفناء تدري ما القضاء قيل لا قال هو إقامة العين (3) واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون لأن عبدتهم ينحتونهم ويصورونهم ولا يملكون ولا يستطيعون لانفسهم ضرا دفع ضر ولا نفعا ولا جلب نفع ولا يملكون موتا ولا حيوة ولا نشورا ولا يملكون إماتة أحد وإحيائه أولا وبعثه ثانيا ومن كان كذلك فبمعزل عن الالوهية (4) وقال الذين كفروا إن هذا يعنون القرآن إلا إفك كذب مصروف عن وجهه افتريه إختلقه وأعانه عليه قوم آخرون القمي قالوا هذا الذي يقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله ويخبرنا به إنما يتعلمه من اليهود ويكتبه من علما آلنصارى ويكتب عن رجل يقال له إبن قبيطة ينقله عنه بالغداة والعشي فحكى سبحانه وتعالى قولهم فرد عليهم
[ 5 ]
وعن الباقر (عليه السلام) الأفك الكذب وقوم آخرون يعنون أبا فكيهة وحبرا وعداسا وعابسا مولى حويطب فقد جاؤوا ظلما وزورا (5) وقالوا أساطير الاولين ما سطره المتقدمون اكتتبها كتبها بنفسه أو إستكتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا القمي قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة (6) قل أنزله الذى يعلم السر في السموت والارض لأنه أعجزكم عن آخركم بفصاحته وتضمن أخبارا عن مغيبات مستقبلة وأشياء مكنونة لا يعلمها إلا عالم الأسرار فكيف تجعلونه أساطير الأولين إنه كان غفورا رحيما فلذلك لا يعجل في عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته واستحقاقكم إن يصب عليكم العذاب صبا (7) وقالوا مال هذا الرسول ما لهذا الذي يزعم الرسالة وفيه إستهانة وتهكم يأكل الطعام كما نأكل ويمشى في الاسواق لطلب المعاش كما نمشي والمعنى إن صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا وذلك لعمههم وقصور نظرهم على المحسوسات فإن تميز الرسل ممن عداهم ليس بأمور جسمانية وإنما هو بأحوال نفسانية كما أشار إليه بقوله قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى انما إلهكم إله وحد لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ليعلم صدقه بتصديق الملك (8) أو يلقى إليه كنز فيستظهر به ويستغني عن تحصيل المعاش أو تكون له جنة يأكل منها على سبيل التنزل أي إن لم يلق إليه كنز فلا أقل أن يكون له بستان كما للدهاقين والمياسير فيتعيش بريعه وقرئ نأكل بالنون وقال الظلمون إن تتبعون ما تتبعون إلا رجلا مسحورا سحر فغلب على عقله قيل وضع الظالمون موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم فيما قالوا والقمي عن الباقر عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه الاية هكذا وقال الظالمون لال محمد عليهم السلام حقهم إن يتبعون إلا رجلا مسحورا
[ 6 ]
(9) انظر كيف ضربوا لك الامثل قالوا فيك الأقوال الشاذة واخترعوا لك الأحوال النادرة فضلوا عن الطريق الموصل إلى معرفة خواص النبي صلى الله عليه وآله والتميز بينه وبين المتنبي فخبطوا خبط عشواء فلا يستطيعون سبيلا إلى القدح في نبوتك أو إلى الرشد والهدى والقمي عن الباقر عليه السلام إلى ولاية علي عليه السلام وعلي هو السبيل (10) تبارك الذى إن شآء جعل لك في الدنيا خيرا من ذلك مما قالوه ولكن أخره إلى الاخرة لأنه خير وأبقى جنت تجرى من تحتها الانهر ويجعل لك قصورا وقرئ يجعل بالرفع في الأحتجاج وتفسير الأمام عليه السلام في سورة البقرة عند قوله سبحانه أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل قال الأمام عليه السلام قلت لأبي علي بن محمد عليهما السلام هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم قال مرارا كثيرة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة فابتدأ عبد الله بن أبي امية المخزومي فقال يا محمد لقد أدعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا زعمت أنك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشي في الأسواق كما نمشي وهذا ملك الروم وهذا ملك الفارس لا يبعثان رسولا إلا كثير مال عظيم خطير له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت يا محمد إلا مسحورا ولست بنبي ثم إقترحوا أشياء كثيرة مضى ذكرها في سورة بني إسرائيل ويأتي ذكر بعضها في سورة الزخرف إن شاء الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم أنت السامع لكل صوت والعالم بكل شئ تعلم ما قاله عبادك فأنزل الله عليه يا محمد وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام إلى قوله قصورا مع آيات اخر قد مضت قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عبد الله أما ما ذكرت من إني آكل
[ 7 ]
الطعام كما تأكلون وزعمت أنه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا فإنما الأمر لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو محمود وليس لي ولا لأحد الأعتراض بلم وكيف ألا ترى أن الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا وأعز بعضا وأذل بعضا وأصح بعضا وأسقم بعضا وشرف بعضا ووضع بعضا كلهم ممن يأكل الطعام ثم ليس للفقراء أن يقولوا لم أفقرتنا وأغنيتهم ولا للوضعاء أن يقولوا لم وضعتنا وشرفتهم ولا للزمناء والضعفاء أن يقولوا لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم ولا للأذلاء أن يقولوا لم أذللتنا وأعززتهم ولا لقباح الصور أن يقولوا لم أقبحتنا وجملتهم بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين وله في أحكامه منازعين وبه كافرين ولكن جوابه لهم أنا الملك الخافض الرافع المغني المفقر المعز المذل المصحح المسقم وأنتم العبيد ليس لكم إلا التسليم لي والأنقياد لحكمي فإن سلمتم كنتم عبادا مؤمنين وإن أبيتم كنتم بي كافرين وبعقوباتي من الهالكين ثم أنزل الله عليه يا محمد قل إنما أنا بشر مثلكم يعني آكل الطعام يوحى إلى انما إلهكم إله واحد يعني قل لهم أنا في البشرية مثلكم ولكن ربي خصني بالنبوة كما يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة ثم أجاب عن مقترحاتهم الأخر بما سبق ذكره في سورتي بني إسرائيل والأنعام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأما قولك ما أنت إلا رجل مسحور فكيف أكون كذلك وقد تعلمون إني في صحة التميز والعقل فوقكم فهل جربتم علي مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة خزية أو ذلة أو كذبة أو خيانة أو خطأ من القول أو سفها من الرأي أتظنون أن رجلا يعتصم طول هذه المدة بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته وذلك ما قال الله انظر كيف ضربوا لك الامثل فضلوا فلا يستطيعون سبيلا إلى أن يثبتوا عليك عمى بحجة أكثر دعاويهم الباطلة التي تبين عند التحصيل بطلانها (11) بل كذبوا بالساعة فقصرت أنظارهم على الحطام الدنيوية فظنوا أن الكرامة إنما هي بالمال وطعنوا فيك بفقرك وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا نارا شديدة الأسعار (12) إذا رأتهم إذا كانت بمرئ منهم من مكان بعيد في المجمع عن الصادق عليه السلام والقمي قال من مسيرة سنة سمعوا لها
[ 8 ]
تغيظا وزفيرا صوت تغيظ (13) وإذآ ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين القمي قال مقيدين بعضهم مع بعض دعوا هنالك ثبورا هلاكأ أي يتمنون هلاكأ وينادونه (14) لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا اي يقال لهم ذلك وادعوا ثبورا كثيرا لأن عذابكم انواع كثيرة (15) قل اذلك خير ام جنة الخلد التى وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا (16) لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا كان ما يشاؤون موعودا حقيقا بأن يسئل ويطلب أو سأله الناس بقولهم ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك أو الملائكة بقولهم وأدخلهم جنت عدن (17) ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله يعم كل معبود سواه فيقول أي للمعبودين وقرئ بالنون فيهما ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل لأخلالهم بالنظر الصحيح وإعراضهم عن المرشد النصيح وهو إستفهام تقريع وتبكيت للعبدة (18) قالوا سبحنك تعجبا مما قيل لهم لأنهم إما ملائكة وأنبياء معصومون أو جمادات لا تقدر على شئ أو إشعارا بأنهم الموسومون بتسبيحه وتوحيده فكيف يليق بهم إضلال عبيده أو تنزيها لله عن الأنداد ما كان ينبغى لنآ ما يصح أن نتخذ من دونك من أولياء في المجمع عن الباقر عليه السلام إنه قرأ نتخذ بضم النون وفتح الخاء ولكن متعتهم وآباءهم بأنواع النعم واستغرقوا في الشهوات حتى نسوا الذكر حتى غفلوا عن ذكرك والتذكر لالائك والتدبر في آياتك وكانوا قوما بورا هالكين (19) فقد كذبوكم التفات إلى العبدة بالأحتجاج والألزام على حذف القول والمعنى فقد كذبكم المعبودون بما تقولون في قولكم إنهم آلهة وهؤلاء أضلونا وقرء
[ 9 ]
بالياء أي كذبوكم بقولهم سبحانك ما كان ينبغى لنا فما يستطيعون اي المعبودون وقرء بالتاء على خطاب العابدين صرفا دفعا للعذاب عنكم ولا نصرا فيعينكم عليه ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا وهو النار (20) وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الاسواق جواب لقولهم مال لهذا الرسول ياكل الطعام ويمشى في الاسواق في المجمع عن علي عليه السلام انه قرء يمشون بضم الياء وبفتح الشين المشددة اي يمشيهم حوائجهم أو الناس وجعلنا بعضكم ايها الناس لبعض فتنة ابتلاء ومن ذلك ابتلاء الفقراء بالأغنياء والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإيذاؤهم لهم وهو تسلية للنبي صلى الله عليه وآله على ما قالوه بعد نقضهم اتصبرون علة للجعل اي لنعلم ايكم يصبر وحث على الصبر على ما افتتنوا به وكان ربك بصيرا بمن يصبر وبمن لا يصبر (21) وقال الذين لا يرجون لقاءنا بالخير لكفرهم بالبعث وأصل اللقاء الوصول لولا هلا انزل علينا الملئكة فيخبرونا بصدق محمد أو يكونون رسلا الينا أو نرى ربنا فيأمرنا بتصديقه واتباعه لقد استكبروا في انفسهم في شأنها وعتو وتجاوزوا الحد في الظلم عتوا كبيرا بالغا أقصى مراتبه حيث عاينوا المعجزات القاهرة فأعرضوا عنها واقترحوا لأنفسهم الخبيثة ما سدت دونه مطامح النفوس القدسية (22) يوم يرون الملئكة ملائكة الموت أو العذاب لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا يستعيذون منهم ويطلبون من الله ان يمنع لقاءهم وهي مما كانوا يقولون عند لقاء عدو أو هجوم مكروه (23) وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا في الكافي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال ان كانت اعمالهم لأشد بياضا من القباطي فيقول الله عز وجل له كوني هباء منثورا وذلك انهم كانوا إذا شرع لهم الحرام اخذوه وفي رواية لم يدعوه
[ 10 ]
والقمي عن الباقر عليه السلام قال يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي ثم يقول له كن هباء منثورا ثم قال اما والله انهم كانوا يصومون ويصلون ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام اخذوه وإذا ذكر لهم شئ من فضل امير المؤمنين عليه السلام انكروه قال والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس وفي البصائر عن الصادق عليه السلام انه سئل اعمال من هذه فقال اعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا (24) اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا مكانا يستقر فيه في اكثر الاوقات للتجالس والتحادث واحسن مقيلا مكانا يؤوي إليه للاسترواح قيل تجوز له من مكان القيلولة على التشبيه إذ لا نوم في الجنة وفي الكافي في حديث سؤال القبر عن امير المؤمنين عليه السلام قال ثم يفتحان له بابا الى الجنة ثم يقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم فان الله يقول اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا والقمي عن الباقر عليه السلام بلغنا والله اعلم انه إذا استوى اهل النار الى النار لينطلق بهم قبل ان يدخلوا النار فيقال لهم ادخلوا الى ظل ذى ثلث شعب من دخان النار فيحسبون انها الجنة ثم يدخلون النار افواجا وذلك نصف النهار واقبل اهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار فذلك قول الله عز وجل اصحاب الجنة يومئذ الآية وعن الصادق عليه السلام لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقبل اهل الجنة في الجنة واهل النار في النار (25) ويوم تشقق السماء تتشقق وقرئ بتشديد الشين بالغمام بسبب طلوع الغمام منها قيل هو الغمام المذكور في قوله هل ينظرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام والملئكة ونزل الملئكة تنزيلا وقرء وينزل من الانزال ونصب الملائكة قيل
[ 11 ]
اي في ذلك الغمام بصحائف الأعمال والقمي عن الصادق عليه السلام الغمام امير المؤمنين (26) الملك يومئذ الحق للرحمن الثابت له لأن كل ملك يبطل يومئذ ولا يبقي الا ملكه وكان يوما على الكافرين عسيرا شديدا (27) ويوم يعض الظالم على يديه من فرط الحسرة القمي قال الأول يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا القمي عن الباقر عليه السلام عليا وليا (28) يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا قال يعني الثاني (29) لقد اضلني عن الذكر بعد إذ جآئني قال يعني الولاية وكان الشيطان قال وهو الثاني للانسان خذولا وفي الكافي عن امير المؤمنين عليه السلام في خطبة الوسيلة قال في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع وطال لها الاستماع ولئن تقمصها دوني الاشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فليس ما عليه وردها ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرء كل منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الاشقى على وثوبه يا ليتني لم اتخذك خليلا لقد اضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا فأنا الذكر الذي عنه ضل والسبيل الذي عنه مال والايمان الذي به كفر والقرآن الذي اياه هجر والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب وفي الاحتجاج عنه عليه السلام في احتجاجه على بعض الزنادقة قال ان الله ورى اسماء من اغتروا فتن خلقه وضل واضل وكنى عن اسمائهم في قوله ويوم يعض الظالم على يديه الآيتين (30) وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا بأن تركوه وصدوا عنه
[ 12 ]
(31) وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين كما جعلناه لك فاصبر كما صبروا وكفى بربك هاديا ونصيرا لك عليهم وقد سبق في المقدمة السادسة حديث من الإحتجاج فيه بيان لهذه الآية (32) وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن اي انزل عليه كخبر بمعنى اخبر لئلا يناقض قوله جملة واحدة دفعة واحدة كالكتب الثلاثة كذلك لنثبت به فؤادك اي كذلك انزلناه مفرقا لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه وفهمه ولأنه إذا نزل به جبرئيل حالا بعد حال يثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا وقرأناه عليك شيئا بعد شئ على تؤدة وتمهل في عشرين سنة (33) ولا ياتونك بمثل سؤال عجيب كأنه مثل في البطلان يريدون به القدح في نبوتك الا جئناك بالحق الدامغ له في جوابه واحسن تفسيرا وبما هو احسن بيانا ومعنى من سؤالهم (34) الذين يحشرون على وجوههم الى جهنم اولئك شر مكانا واضل سبيلا في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال ان الذي امشاه على رجليه قادر ان يمشيه على وجهه يوم القيامة (35) ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه اخاه هرون وزيرا يؤازره في الدعوة واعلاء الكلمة (36) فقلنا اذهبا الى القوم الذين كذبوا باياتنا يعني فرعون وقومه فدمرناهم تدميرا اي فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم وفي المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام فدمرانهم على التأكيد بالنون الثقيلة وفي رواية فدمراهم قال وهذا كأنه امر لموسى وهرون ان يدمراهم (37) وقوم نوح لما كذبوا الرسل اغرقناهم بالطوفان وجعلناهم للناس آية عبرة واعتدنا للظالمين عذابا اليما (38) وعادا وثمود وجعلنا عادا وثمود ايضا واصحاب الرس وقرونا واهل
[ 13 ]
اعصار بين ذلك كثيرا لا يعلمها الا الله (39) وكلا ضربنا له الامثال بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين اعذارا وانذارا فلما اصروا اهلكوا كما قال وكلا تبرنا تتبيرا فتناه تفتينا ومنه التبر لفتات الذهب والفضة وفي المعاني والقمي عن الصادق عليه السلام يعني كسرنا تكسيرا وزاد القمي قال هي لفظة بالنبطية في العيون والعلل عن الرضا عن ابيه عن ابيه عن ابيه عن ابيه عن ابيه الحسين ابن علي عليه السلام قال اتى علي ابن ابي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة ايام رجل من اشراف تميم يقال له عمرو فقال يا امير المؤمنين اخبرني عن اصحاب الرس في اي عصر كانوا واين كانت منازلهم ومن كان ملكهم وهل بعث الله إليهم رسولا ام لا وبما إذا اهلكوا فاني اجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا اجد خبرهم فقال علي عليه السلام لقد سئلت عن حديث ما سألني عنه احد قبلك ولا يحدثك به احد بعدي الا عني وما في كتاب الله تعالى آية الا وانا اعرفها واعرف تفسيرها وفي اي مكان نزلت من سهل أو جبل وفي اي وقت من ليل أو نهار وان هنا لعلما جما واشار الى صدره ولكن طلابه يسير وعن قليل تندمون لو فقدتموني كان من قصصهم يا اخا تميم انهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال له شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها على شفيرة عين يقال لها روشاب كانت انبتت لنوح بعد الطوفان وانما سموا اصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الارض وذلك بعد سليمان بن داود وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق وبهم سمي ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر اغزر منه ولا اعذب منه ولا قرى اكثر ولا اعمر منها تسمى احداهن ابان والثانية آذر والثالثة دي والرابعة بهمن والخامسة اسفندار والسادسة فروردين والسابعة اردي بهشت والثامنة خرداد والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادية عشر مهر والثانية عشر شهريور وكانت اعظم مداينهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سادن بن نمرود بن كنعان فرعون ابراهيم (عليه السلام) وبها
[ 14 ]
العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والانهار ولا يشربون منها ولا انعامهم ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد ان ينقص من حياتها ويشربون هم وانعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه اهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من انواع الصور ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونهما قربانا للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبايح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر الى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها ان ترضى عنهم وكان الشيطان يجئ فيحرك اغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي اني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون وانما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من اسماء تلك القرى لقول اهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليه صغيرهم وكبيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج عليه انواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق ويقربون لها الذبايح اضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجئ ابليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والغرف فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما ولياليها بعدد اعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره بعث الله سبحانه إليهم نبيا من بني اسرائيل من ولد يهود بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم الى عبادة الله عز وجل ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح وحضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب ان عبادك ابوا الا تكذيبي والكفر بك وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر فأيبس شجرهم اجمع
[ 15 ]
وارهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم فهالهم ذلك وقطع بهم وصاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم انه رسول اله السماء والارض اليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم الى الهه وفرقة قالت لا بل غضب آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم الى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهائها لكي تغضبوا عليه فتضروا منه فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا انابيب طوالا من رصاص واسعة الافواه ثم ارسلوها في قرار العين الى اعلى الماء واحدة فوق الاخرى مثل اليراع ونزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئر ضيقة المدخل عميقة وارسلوا فيها نبيهم والقموا فاها صخرة عظيمة ثم اخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا نرجوا الان ان ترضى عنا آلهتنا إذا رأت انا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون انين نبيهم وهو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي وعجل بقبض روحي ولا تؤخر اجابة دعوتي حتى مات فقال الله تعالى لجبرئيل يا جبرئيل ايظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وامنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي ان يقوموا لغضبي ويخرجوا من سلطاني كيف وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي واني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك الا بريح عاصفة شديدة الحمرة فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم الى بعض ثم صارت الارض من تحتهم حجر كبريت تتوقد واظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت ابدانهم كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، والقمي الرس نهر بناحية آذربايجان وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال حدها حد الزاني فقالت المرأة ما ذكر الله عز وجل ذلك في القرآن فقال بلى فقالت واين هو قال هن اصحاب الرس والقمي عنه عليه السلام قال دخلت امرأة مع مولاة لها على ابي عبد الله عليه السلام فقالت ما تقول في اللواتي مع اللواتي قال هن في النار إذا كان يوم القيامة اتي
[ 16 ]
بهن فألبسن جلبابا من نار وخفين من نار وقناعا من نار وادخل في اجوافهن وفروجهن اعمدة من نار وقذف بهن في النار فقالت ليس هذا في كتاب الله قال نعم قالت أين هو قال قوله وعادا وثمود واصحاب الرس فهن الرسيات وفي المجمع عنهما عليهما السلام ان سحق النساء كان في اصحاب الرس وبلفظ آخر كان نساؤهم سحاقات (40) ولقد اتوا يعني قريشا مروا مرارا في متاجرهم الى الشام على القرية التي امطرت مطر السوء القمي عن الباقر عليه السلام واما القرية التي امطرت مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط امطر الله عليهم حجارة من سجيل يقول من طين افلم يكونوا يرونها في مرار مرورهم فيتعظون بما يرون فيها من آثار عذاب الله بل كانوا لا يرجون نشورا بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشورا ولا عاقبة فلذلك لم ينظروا ولم يتعظوا فمروا بها كما مرت ركابهم (41) وإذا رأوك ان يتخذونك الا هزوا ما يتخذونك الا موضع هزء اهذا الذي بعث الله رسولا اي يقولون ذلك تهكما واستهزاء (42) ان كاد انه كاد ليضلنا عن آلهتنا ليصرفنا عن عبادتها بفرط اجتهاده في الدعاء الى التوحيد وكثرة ما يورد مما يسبق الى الذهن انها حجج ومعجزات لولا ان صبرنا عليها ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من اضل سبيلا فيه وعيد ودلالة على انه لا يمهلهم وان امهلهم (43) ارايت من اتخذ الهه هواه بأن اطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجة ولا يتبصر دليلا افانت تكون عليه وكيلا حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا فالاستفهام الأول للتقرير والتعجب والثاني للإنكار (44) ام تحسب بل اتحسب ان اكثرهم يسمعون أو يعقلون فتجدي لهم الآيات والحجج فتهتم بشأنهم وتطمع في ايمانهم وهو اشد مذمة مما قبله حتى حق
[ 17 ]
بالإضراب عنه إليه وتخصيص الاكثر لأنه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكبارا أو خوفا على الرياسة ان هم الا كالانعام في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبرهم فيما شاهدوا من الدلائل والمعجزات بل هم اضل سبيلا من الانعام لأنها تنقاد من يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسئ إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون احسان الرحمن من اساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو اعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو اشد المضار ولأنها لو لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا بخلاف هؤلاء ولأن جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدي الى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولأنها غير متمكنة من تحصيل الكمال فلا تقصير منها ولا ذم وهؤلاء مقصرون مستحقون اعظم العقاب على تقصيرهم، القمي قال نزلت في قريش وذلك انه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكة وتفرقوا وكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هواه فعبده وكانوا ينحرون لها النعم ويلطخونها بالدم ويسمونها سعد صخرة وكان إذا اصابهم داء في ابلهم واغنامهم جاؤوا الى الصخرة فيتمسحون بها الغنم والابل فجاء رجل من العرب بابل له يريد ان يتمسح بالصخرة ابله ويتبارك عليها فنفرت ابله وتفرقت فقال الرجل اتيت الى سعد ليجمع شملنا فشتتنا من سعد فما نحن من سعد وما صخر الا صخرة مستودة من الارض لا تهدي لغي ولا رشد ومر به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال: ورب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب (45) الم تر الى ربك الم تنظر الى صنعه كيف مد الظل كيف بسطه القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال الظل ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس قيل وهو اطيب الاحوال فان الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال وظل ممدود ولو شآء لجعله ساكنا ثابتا من السكنى أو غير متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد ثم جعلنا الشمس عليه دليلا فانه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الاجرام فلولاها لما عرف الظل ولا يتفاوت الا بسبب حركتها
[ 18 ]
(46) ثم قبضناه الينا اي ازلناه بايقاع الشعاع موقعه لما عبر عن احداثه بالمد بمعنى التيسير عبر عن ازالته بالقبض الى نفسه الذي هو في معنى الكف قبضا يسيرا قليلا قليلا حسبما ترتفع الشمس لتنتظم بذلك مصالح الكون ويتحصل به ما لا يحصى من منافع الخلق (47) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا شبه ظلامه باللباس في ستره والنوم سباتا راحة للابدان بقطع المشاغل واصل السبت القطع وجعل النهار نشورا ذا نشور اي انتشار ينتشر فيه الناس وفيه اشارة الى ان النوم واليقظة انموذج للموت والنشور وفي الحديث النبوي كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون (48) وهو الذي ارسل الرياح بشرا اي ناشرات للسحاب أو مبشرات على اختلاف القراء كما مضى في سورة الاعراف بين يدى رحمته يعني قدام المطر وانزلنا من السماء ماء طهورا مطهرا أو بليغا في الطهارة وصفه به اشعارا بالنعمة فيه وتتميما للمنة فيما بعده فان الماء الطهور أهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته (49) لنحيي به بلدة ميتا بالنبات وتذكر ميتا لأن البلدة في معنى البلد ونسقيه مما خلقنا انعاما وأناسى كثيرا (50) ولقد صرفناه بينهم قيل صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وساير الكتب أو المطر بينهم في البلدان المختلفة في الأوقات المتغايرة والصفات المتفاوتة من وابل وطل وغيرهما وفي الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله قال ما اتى على اهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها الله عز وجل الا والسماء فيها يمطر فيجعل الله ذلك حيث يشاء ليذكروا ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة في ذلك ويقوموا بشكره ويعتبروا بالصرف عنهم واليهم فابى اكثر الناس الا كفورا الا كفران النعمة وقلة الاكتراث لها وجحودها بأن يقولوا أمطرنا نبؤ كذا من غير ان يروه من الله ويجعلوا الانوار وسايط مسخرات (51) ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا نبيا ينذر اهلها فيخف عليك اعباء النبوة لكن قصرنا الامر عليك اجلالا لك وتعظيما لشأنك وتفضيلا لك على سائر الرسل فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة واظهار الحق
[ 19 ]
(52) فلا تطع الكافرين فيما يريدونك عليه وهو تهييج له وللمؤمنين وجاهدهم به بالقرآن أو تبرك طاعتهم جهادا كبيرا يعني انهم يجتهدون في ابطال حقك فقابلهم بالاجتهاد في مخالفتهم وازاحة باطلهم فان مجاهدة السفهاء بالحجج اكبر من مجاهدة الأعداء بالسيف (53) وهو الذي مرج البحرين خلاهما متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان من مرج دابته إذا خلاها هذا عذب فرات بليغ العذوبة وهذا ملح اجاج بليغ الملوحة في الكافي عنهما عليهما السلام ان الله جل وعز عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب وما جحد ولايتنا جعله الله مرا وملحا اجاجا وجعل بينهما برزخا حاجزا من قدرته وحجرا محجورا قيل تنافرا بليغا أو حدا محدودا وذلك كدجلة تدخل البحر فتشقه فتجري في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها، والقمي يقول حراما محرما ان يغير واحد منهما طعم الآخر (54) وهو الذي خلق من الماء بشرا قيل يعني الذي خمر به طينة آدم (ع) ثم جعله جزء من مادة البشر ليجتمع ويسلسل ويقبل الاشكال بسهولة أو النطفة فجعله نسبا وصهرا فقسمه قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينسب إليهم وذوات صهر اي اناثا يصاهر بهن وكان ربك قديرا حيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا اعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين في الكافي عن الباقر عليه السلام والقمي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال ان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب وخلق زوجته من سنخه فبرأها من اسفل أضلاعه فجرى بذلك الضلع بينهما سبب ونسب ثم زوجها اياه فجرى بينهما بسبب ذلك صهر فذلك قوله نسبا وصهرا فالنسب ما كان بسبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء وفي المجمع عن ابن سيرين نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن ابي طالب عليه السلام زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكانت نسبا وصهرا
[ 20 ]
وفي المعاني عن الباقر عن امير المؤمنين عليهما السلام قال ألا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم انا الصهر يقول الله عز وجل وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وفي الامالي باسناده الى انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال قلت له يا رسول الله علي اخوك قال نعم علي اخي قلت يا رسول الله صف لي كيف علي اخوك قال ان الله عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل ان يخلق آدم بثلاثة آلاف عام واسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه الى ان خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم الى ان قبضه الله تعالى ثم نقله الى صلب شيث فلم يزل ذلك الماء ينقل من ظهر الى ظهر حتى صار في عبد المطلب ثم شقه عز وجل نصفين فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصفه في أبي طالب فانا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر فعلي اخي في الدنيا والآخرة ثم قرء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الذي خلق من الماء بشرا الآية، وفي روضة الواعظين قال رسول الله صلى الله عليه وآله خلق الله عز وجل نطفة بيضاء مكنونة فنقلها من صلب الى صلب حتى نقلت النطفة الى صلب عبد المطلب فجعل نصفين فصار نصفها في عبد الله ونصفها في ابي طالب فأنا من عبد الله وعلي من ابي طالب وذلك قول الله عز وجل وهو الذي خلق الآية (55) ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا يظاهر الشيطان في العداوة والشرك في البصائر عن الباقر عليه السلام انه سئل عنها فقال تفسيرها في بطن القرآن علي هو ربه في الولاية والرب هو الخالق الذي لا يوصف اقول: يعني ان الرب على الإطلاق الغير المقيد بالولاية هو الله الخالق جل ذكره والقمي قد يسمى الانسان ربا كقوله تعالى اذكرني عند ربك وكل مالك لشئ يسمى ربه وقوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا فقال الكافر الثاني وكان علي امير
[ 21 ]
المؤمنين عليه السلام ظهيرا (56) وما ارسلناك الا مبشرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين (57) قل ما اسئلكم عليه على تبليغ الرسالة الذي يدل عليه الا مبشرا ونذيرا من اجر الا من شآء الا فعل من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا ان يتقرب إليه ويطلب الزلفى عنده بالإيمان والطاعة فصور ذلك في صورة الاجر من حيث انه مقصود فعله واستثناء منه قطعا لشبهة الطمع واظهارا لغاية الشفقة (58) وتوكل على الحي الذي لا يموت في استكفائه شرورهم والاغناء من اجورهم فانه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الاحياء الذين يموتون فانهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم وسبح بحمده ونزهه عن صفات النقصان مثنيا عليه بأوصاف الكمال طالبا لمزيد الانعام بالشكر على سوابغه وكفى به بذنوب عباده خبيرا ما ظهر منها وما بطن فلا عليك ان آمنوا أو كفروا (59) الذي خلق السموت والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش قد سبق الكلام فيه في سورة الاعراف ولعل ذكره لزيادة تقرير لكونه حقيقا بأن يتوكل عليه من حيث انه الخالق للكل والمتصرف فيه وتحريص على الثبات والتأني في الأمر فانه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ امره خلق الأشياء على تؤدة وتدرج وقد مضى هذا المعنى في كلامهم عليهم السلام الرحمن خبر للذي ان جعلته مبتدأ ولمحذوف ان جعلته صفة للحي أو بدل من المستكن في استوى فسئل به خبيرا فاسئل عما ذكر من الخلق والاستواء أو عن انه هو الرحمن وفي المجمع روي ان اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما اخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه فسئل به خبيرا والسؤال كما يعدي بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدي بالباء لتضمنه معنى الاعتناء ويجوز ان يكون صلة خبيرا والخبير هو الله سبحانه أو جبرئيل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه كذا قيل أقول: ويحتمل ان يكون المراد بها الرسل المتقدمة فيكون السؤال في عالم
[ 22 ]
الأرواح كقوله تعالى واسئل من قد ارسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقيل الضمير للرحمن والمعنى ان انكروا اطلاقه على الله فسأل عنه من يخبرك من اهل الكتاب لتعرفوا مجئ ما يرادفه في كتبهم (60) وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالواو ما الرحمن قيل لأنهم ما كانوا يطلقونه على الله أو لأنهم ظنوا انه اراد به غيره تعالى، القمي قال جوابه الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان انسجد لما تأمرنا وقرء بالياء وزادهم نفورا عن الإيمان يعني الامر بسجود الرحمن (61) تبارك الذي جعل في السماء بروجا يعني البروج الاثني عشر وقد سبق بيانها في سورة الحجر وجعل فيها سراجا يعني الشمس لقوله وجعل الشمس سراجا وقرء سرجا بضمتين فيشمل الكواكب الكبار وفي الجوامع عنهم عليهم السلام لا تقرء سرجا وانما هي سراجا وهي الشمس وقمرا منيرا مضيئا بالليل في الاهليلجة عن الصادق عليه السلام في كلام له وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا يسبحان في فلك يدور بهما دائبين يطلعهما تارة ويؤفلهما اخرى حتى تعرف عدة الايام والشهور والسنين وما يستأنف من الصيف والربيع والشتاء والخريف ازمنة مختلفة باختلاف الليل والنهار (62) وهو الذي جعل اليل والنهار خلفة يخلف كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي ان يفعل فيه لمن اراد ان يذكر وقرء بالتخفيف أو اراد شكورا في الفقيه عن الصادق عليه السلام كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار قال الله تبارك وتعالى وتلا هذه الآية ثم قال يعني ان يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل وفي التهذيب والقمي عنه عليه السلام ما يقرب منه، وزاد القمي وهو من سر آل محمد المكنون
[ 23 ]
(63) وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا في المجمع عن الصادق عليه السلام هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر والقمي عن الباقر عليه السلام انه قال في هذه الآية الأئمة يمشون على الأرض هونا خوفا من عدوهم وعن الكاظم عليه السلام انه سئل عنه فقال هم الأئمة عليهم السلام يتقون في مشيهم وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انه سئل عنه قال هم الاوصياء مخافة من عدوهم وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما تسليما منكم ومتاركة لكم لا خير بيننا ولا شر (64) والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما في الصلاة وتخصيص البيتوتة لأن العبادة بالليل احمز وابعد من الرياء (65) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما لازما ومنه الغريم لملازمته القمي عن الباقر عليه السلام يقول ملازما لا يفارق أقول: وهو إيذان بأنهم مع حسن مخالفتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون الى الله في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم باعمالهم ولا وثوقهم على استمرار احوالهم (66) انها سآئت مستقرا ومقاما الجملتان يحتملان الحكاية والابتداء من الله (67) والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وقرء بكسر التاء من اقتر وكان بين ذلك قواما القمي الاسراف الانفاق في المعصية في غير حق ولم يقتروا لم يبخلوا عن حق الله عز وجل والقوام العدل والانفاق فيما امر الله به
[ 24 ]
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله من اعطى في غير حق فقد اسرف ومن منع من حق فقد قتر وعن علي عليه السلام ليس في المأكول والمشروب سرف وان كثر وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انما الاسراف فيما افسد المال واضر بالبدن قيل فما الاقتار قال اكل الخبز والملح وانت تقدر على غيره قيل فما القصد قال الخبز واللحم واللبن والخل والسمن مرة هذا ومرة هذا وعنه عليه السلام انه تلا هذه الآية فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده فقال هذا الاقتار الذي ذكره الله في كتابه ثم قبض قبضة اخرى فأرخى كفه كلها ثم قال هذا الاسراف ثم اخذ قبضة اخرى فأرخى بعضها وامسك بعضها وقال هذا القوام (68) والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله اي حرمها بمعنى حرم قتلها الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما جزاء اثم (69) يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا وقرء يضاعف بالرفع وبحذف الالف والتشديد مرفوعا ومجزوما ويتبعه يخلد في الرفع والجزم القمي اثام واد من اودية جهنم من صفر مذاب قدامها حدة في جهنم يكون فيه من عبد غير الله ومن قتل النفس التي حرم الله ويكون فيه الزناة ويضاعف لهم فيه العذاب (70) الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما في الامالي عن الباقر عليه السلام انه سئل عن قول الله عز وجل فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فقال يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه احدا من الناس فيعرفه ذنوبه حتى إذا اقر بسيئاته قال الله عز وجل للكتبة بدلوها حسنات واظهروها للناس فيقول الناس حينئذ ما كان لهذا العبد سيئة واحدة ثم يأمر الله به الى الجنة فهذا
[ 25 ]
تأويل الآية وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة وعن الرضا عن ابيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله حبنا اهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات وان الله ليتحمل من محبينا اهل البيت ما عليهم من مظالم العباد الا ما كان منهم على اضرار وظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات وفي العيون عنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة تجلى الله عز وجل لعبده المؤمن فيقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا ثم يغفر له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ويستر عليه ما يكره ان يقف عليه احد ثم يقول لسيئاته كوني حسنات والقمي عنه عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة اوقف الله عز وجل المؤمن بين يديه وعرض عليه عمله فينظر في صحيفته فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه وترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عز وجل بدلوا سيئاته حسنات واظهروها للناس فيبدل الله لهم فيقول الناس اما كان لهؤلاء سيئة واحدة وهو قوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات والأخبار في هذا المعنى كثيرة وفي حديث ابي اسحاق الليثي عن الباقر عليه السلام الذي ورد في طينة المؤمن وطينة الكافر ما معناه ان الله سبحانه يأمر يوم القيامة بأن تؤخد حسنات اعدائنا فترد على شيعتنا وتؤخذ سيئات محبينا فترد على مبغضينا قال وهو قول الله تعالى فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات ويبدل الله حسنات اعدائنا سيئات وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله ما من جلس قوم يذكرون الله الا نادى لهم مناد من السماء قوموا فقد بدل الله سيئاتكم حسنات (71) ومن تاب وعمل صالحا فانه يتوب الى الله يرجع إليه متابا
[ 26 ]
القمي يقول لا يعود الى شئ من ذلك باخلاص ونية صادقة (72) والذين لا يشهدون الزور في الكافي عن الصادق عليه السلام قال هو الغناء وفي المجمع عنهما عليهما السلام مثله والقمي قال الغناء ومجالس اللهو وإذا مروا باللغو (1) مروا كراما معرضين عنه مكرمين انفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ومن ذلك الاغضاء عن الفحشاء والصفح عن الذنوب والكناية مما يستهجن التصريح به في المجمع عن الباقر عليه السلام هم الذين إذا ارادوا ذكر الفرج كنوا عنه وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه قال لبعض اصحابه اين نزلتم قالوا على فلان صاحب القيان فقال كونوا كراما ثم قال اما سمعتم قول الله عز وجل في كتابه وإذا مروا باللغو مروا كراما وفي العيون عن محمد بن ابي عباد وكان مشتهرا بالسماع وبشرب النبيذ قال سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال لأهل الحجاز رأي فيه وهو في حيز الباطل واللهو اما سمعت الله عز وجل يقول وإذا مروا باللغو مروا كراما (73) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا لم يقيموا عليها غير واعين لها ولا متبصرين بما فيها كمن لا يسمع ولا يبصر بل اكبوا عليها سامعين بآذان واعية ومبصرين بعيون راعية في الكافي عن الصادق عليه السلام قال مستبصرين ليسوا بشكاك (74) والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا وقرء وذريتنا قرة اعين بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فان المؤمن إذا شاركه اهله في طاعة الله سر به قلبه وقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة واجعلنا
[ 27 ]
للمتقين اماما في الجوامع عن الصادق عليه السلام ايانا عني وفي رواية هي فينا وفي المناقب عن سعيد بن جبير قال هذه الآية والله خاصة في امير المؤمنين عليه السلام كان اكثر دعائه يقول ربنا هب لنا من ازواجنا يعني فاطمة وذريتنا الحسن والحسين عليهم السلام قرة اعين قال امير المؤمنين عليه السلام والله ما سئلت ربي ولدا نضير الوجه ولا سألت رلدا احسن القامة ولكن سئلت ربي ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني قال واجعلنا للمتقين اماما نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدي المتقون بنا من بعدنا والقمي عن الصادق عليه السلام قال نحن هم اهل البيت قال وروي ان ازواجنا خديجة وذرياتنا فاطمة وقرة عيننا الحسن والحسين واجعلنا للمتقين اماما علي بن ابي طالب والأئمة عليهم السلام قال وقرء عنده هذه الآية فقال قد سألوا الله عظيما ان يجعلهم للمتقين أئمة فقيل له كيف هذا يا ابن رسول الله قال انما انزل الله واجعل لنا من المتقين اماما وفي الجوامع عنه عليه السلام ما يقرب منه (75) اولئك يجزون الغرفة بما صبروا اعلى مواضع الجنة ويلقون فيها وقرء بفتح الياء والتخفيف تحية وسلاما يحييهم الملائكة ويسلمون عليهم أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه (76) خالدين فيها لا يموتون ولا يخرجون حسنت مستقرا ومقاما (77) قل ما يعبؤ بكم ربى القمي عن الباقر عليه السلام يقول ما يفعل ربي بكم لولا دعاؤكم في المجمع عن العياشي عن الباقر عليه السلام انه سئل كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء قال كثرة الدعاء افضل وقرء هذه الآية فقد كذبتم بما اخبرتكم به حيث
[ 28 ]
خالفتموه فسوف يكون لزاما يكون جزاء التكذيب لازما يحيق بكم لا محالة في ثواب الاعمال والمجمع عن الكاظم عليه السلام من قرء هذه السورة في كل ليلة لم يعذبه الله ابدا ولم يحاسبه وكان منزله في الفردوس الأعلى اللهم ارزقنا تلاوته
|