00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الملك 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1327 ]

سورة الملك

[ مكية، وهي ثلاثون آية ]

 بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك: بقبضة قدرته التصرف في الأمور كلها (وهو على كل شئ قدير). (الذي خلق الموت والحياة) القمي: قدرهما. ومعناه: قدر الحياة ثم الموت (2). ورد: (إن الله خلق الحياة قبل الموت) (3). وقال: (الحياة والموت خلقان من خلق الله. فإذا جاء الموت فدخل في الأنسان، لم يدخل في شئ إلا وقد خرجت منه الحياة) (4). (ليبلوكم): ليعاملكم معاملة المختبر بالتكليف (أيكم أحسن عملا) وذلك لأن الموت داع إلى حسن العمل، وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية، وبالحياة يقتدر على الأعمال الصالحة الخالصة.

__________________________

(1) - ما بين المعقوفتين من(ب).

(2) - القمي 2: 378.

(3) - الكافي 8: 145، الحديث: 116، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - الكافي 3: 259، الحديث: 34، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)

[ 1328 ]

قال: (أيكم أحسن عقلا، ثم قال: أتمكم عقلا، وأشدكم لله خوفا، وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظرا، وإن كانوا أقلكم تطوعا) (1). وقال: (ليس يعني أكثر عملا، ولكن أصوبكم عملا. وإنما الأصابة خشية الله والنية الصادقة ثم قال: الأبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل) (2). (وهو العزيز): الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل (الغفور) لمن تاب منهم. (الذي خلق سبع سموات طباقا): مطابقة، قال: (بعضها فوق بعض) (3). (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت): من اختلاف. القمي: يعني من فساد (4). (فارجع البصر هل ترى من فطور): من خلل. يعني قد نظرت إليها مرارا، فانظر إليها مرة أخرى متأملا فيها، لتعاين ما أخبرت به من تناسبها واستقامتها. (ثم ارجع البصر كرتين) أي: رجعتين أخريين في ارتياد الخلل. والمراد بالتثنية التكرير والتكثير، كما في لبيك وسعديك. والقمي: انظر في ملكوت السماوات والأرض (5). (ينقلب إليك البصر خاسئا): بعيدا عن إصابة المطلوب، كأنه طرد عنه طردا بالصغار وهو حسير: كليل، من طول المعاودة وكثرة المراجعة. (ولقد زينا السماء الدنيا): أقرب السماوات إلى الأرض (بمصابيح): بالنجوم (وجعلناها رجوما للشياطين) ترجم بها. قيل: أريد به انقضاض الشهب المسببة عنها (6) وقيل: أي رجوما بالغيب لشياطين الأنس، وهم المنجمون (7). (وأعتدنا لهم عذاب

__________________________

(1) - مجمع البيان 9 - 10: 322، عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

(2) - الكافي 2: 16، الحديث: 4، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(3) - القمي 2: 387، ذيل الاية: 15 من سورة نوح، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - المصدر.

(5) - القمي 2: 378.).

(6) - البيضاوي 5: 141.

(7) - الكشاف 4: 136.(*)

[ 1329 ]

السعير) في الاخرة بعد الأحراق بالشهب في الدنيا. (وللذين كفروا بربهم) من الشياطين وغيرهم (عذاب جهنم وبئس المصير). (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا): صوتا كصوت الحمير (وهي تفور): تغلي بهم غليان المرجل (1) بما فيه. (تكاد تميز من الغيظ): تتفرق غضبا عليهم، وهو تمثيل لشدة اشتعالها. القمي: (من الغيظ) على أعداء الله (2). (كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) يخوفكم هذا العذاب، وهو توبيخ وتبكيت. (قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا في ضلال كبير) أي: نفينا الأنزال والأرسال رأسا، وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال. (وقالوا لو كنا نسمع) كلام الرسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش، اعتمادا على صدقهم أو نعقل فنتفكر في حكمه ومعانيه تفكر المستبصرين (ما كنا في أصحاب السعير). (فاعترفوا بذنبهم) حين لا ينفعهم (فسحقا لأصحاب السعير) فأسحقهم الله سحقا، أي: أبعدهم بعدا من رحمته. والقمي: قد سمعوا وعقلوا، ولكنهم لم يطيعوا ولم يقبلوا، كما يدل عليه اعترافهم بذنبهم (3). ورد: (إن هذه الايات في أعداء علي وأولاده، والتي بعدها في أوليائهم) (4). (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة) لذنوبهم (وأجر كبير) تصغر دونه لذائذ الدنيا.

__________________________

(1) - المرجل: قدر من نحاس. الصحاح 4: 1705(رجل).

(2) - القمي 2: 378.

(3) - القمي 2: 378.

(4) - الاحتجاج 1: 80، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، في خطبة الغديرية.(*)

[ 1330 ]

(وأسروا قولكم أو اجهروا به). روي: (إن المشركين كانوا يتكلمون فيما بينهم بأشياء، فيخبر الله بها رسوله، فيقولون: أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد صلى الله عليه وآله، فنبه الله على جهلهم) (1). (إنه عليم بذات الصدور): بالضمائر قبل أن يعبر بها. (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير): يصل علمه إلى ما بطن وإن صغر ولطف، ولا يعزب عنه شئ. (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا): لينة، يسهل لكم السلوك فيها (فامشوا في مناكبها): في جوانبها أو جبالها، فإذا كانت في الذل بحيث يمشي في مناكبها، لم يبق شئ منها لم يتذلل. (وكلوا من رزقه): والتمسوا من نعم الله (وإليه النشور): المرجع، فيسألكم عن شكر ما أنعم عليكم. (أأمنتم من في السماء) يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم (أن يخسف بكم الأرض) فيغيبكم فيها، كما فعل بقارون (فإذا هي تمور): تضطرب. (أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا): أن يمطر عليكم حصباء (فستعلمون كيف نذير): كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به، ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ. (ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير): إنكاري عليهم، بإنزال العذاب، وهو تسلية للرسول صلى الله عليه وآله وتهديد لقومه. (أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات): باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها، فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها ويقبضن: ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت، للاستعانة بها على التحرك ما يمسكهن في الجو على خلاف الطبع (إلا الرحمن): الواسع رحمته كل شئ (إنه بكل شئ بصير): يعلم كيف ينبغي أن يخلقه.

__________________________

(1) - البيضاوي 5: 142.(*)

[ 1331 ]

(أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) يعني: أولم تنظروا في أمثال هذه الصنائع، فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف أو إرسال حاصب، أم هذا الذي تعبدونه من دون الله، لكم جند ينصركم من دون الله، أن يرسل عليكم عذابه ؟ !، فهو كقوله: (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا) (1). وفيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم الثاني. (إن الكافرون إلا في غرور): لا معتمد لهم. (أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه) بإمساك المطر وسائر الأسباب المحصلة والموصلة له إليكم (بل لجوا): تمادوا (في عتو): عناد (ونفور): وشراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه. (أفمن يمشي مكبا على وجهه): يعثر كل ساعة ويخر على وجهه لوعورة (2) طريقه، بحيث لا يستأهل أن يسلك (أهدى أم من يمشي سويا): قائما سالما من العثار (على صراط مستقيم): مستوي الأجزاء والجهة، صالح للسلوك، وهو تمثيل للمشرك والموحد بالسالكين، ولدينيهما بالمسلكين. وورد: (القلوب أربعة: قلب فيه نفاق وإيمان، وقلب منكوس، وقلب مطبوع، وقلب أزهر أنور. فأما المطبوع فقلب المنافق، وأما الأزهر فقلب المؤمن، إن أعطاه الله عز وجل شكر، وإن ابتلاه صبر. وأما المنكوس فقلب المشرك، ثم قرأ هذه الاية وذكر الرابع) (3). وقال: (إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره، وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم. والصراط المستقيم: أمير المؤمنين عليه السلام) (4).

__________________________

(1) - الانبياء(21): 43.

(2) - الوعر: المكان الحزن ذو الوعورة، ضد السهل. لسان العرب 5: 285(وعر).

(3) - الكافي 2: 422، الحديث: 2، معاني الأخبار: 395، الحديث: 51، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - الكافي 1: 433، قطعة من حديث: 91، عن الكاظم عليه السلام.(*)

[ 1332 ]

(قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) لتسمعوا مواعظه، وتنظروا إلى صنائعه، وتتفكروا وتعتبروا (قليلا ما تشكرون) باستعمالها فيما خلقت لأجلها. (قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون). (ويقولون متى هذا الوعد) أي: الحشر (إن كنتم صادقين). (قل إنما العلم): علم وقته (عند الله): لا يطلع عليه سواه (وإنما أنا نذير مبين). (فلما رأوه زلفة): ذا قرب (سيئت وجوه الذين كفروا): بان عليها الكآبة (1)، وساءتها رؤيته (وقيل هذا الذي كنتم به تدعون): تطلبون وتستعجلون. وورد: (هذه نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه، الذين عملوا ما عملوا. يرون أمير المؤمنين عليه السلام في أغبط الأماكن (2) لهم، فيسئ وجوههم، ويقال لهم: (هذا الذي كنتم به تدعون)، الذي انتحلتم اسمه) (3). (قل أرأيتم إن أهلكني الله): أماتني ومن معي من المؤمنين أو رحمنا بتأخير آجالنا متنا أو بقينا. وهو جواب لقولهم: (نتربص به ريب المنون) (4). قل هو الرحمن الذي أدعوكم إليه، مولى النعم كلها امنا به وعليه توكلنا (فستعلمون من هو في ضلال مبين) منا ومنكم.

__________________________

(1) - كئب يكأب كآبة وكأبا وكأبة، حزن أشد الحزن. المصباح المنير 2: 237(كئب).

(2) - أي: أحسن مكان يغبط الناس عليه ويتمنونه. وفي القاموس المحيط(2: 389 - غبط): الغبطة - بالكسر - حسن الحال والمسرة وتمنى نعمة على أن لا تتحول عن صاحبها. مرآة العقول 5: 85.

(3) - الكافي 1: 425، الحديث: 68، عن أبي جعفر عليه السلام.

(4) - الطور(52): 30.(*)

[ 1333 ]

قال: (فستعلمون يا معشر المكذبين، حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي عليه السلام والائمة من بعده، من هو في ضلال مبين. كذا أنزلت) (1). (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا): غائرا في الأرض، بحيث لا تناله الد لاء (فمن يأتيكم بماء معين: جار أو ظاهر سهل التناول. قال: (هذه نزلت في الأمام القائم. يقول: إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو ؟ فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماوات والأرض، وحلال الله وحرامه ؟ ثم قال: والله ما جاء تأويل هذه الاية، ولا بد أن يجئ تأويلها) (2).

__________________________

(1) - الكافي 1: 421، الحديث: 45، عن أبي عبد الله عليه السلام.

(2) - كمال الدين 1: 326، الباب: 32، الحديث: 3، عن أبي جعفر عليه السلام.(*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21339092

  • التاريخ : 29/03/2024 - 13:47

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net