00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الممتحنة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : الاصفى في تفسير القران (الجزء الثاني)   ||   تأليف : المولى محمد حسين الفيض الكاشاني

[ 1290 ]

سورة الممتحنة [ مدنية، وهي ثلاث عشرة آية ] 1

بسم الله الرحمن الرحيم * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) *. القمي ما ملخصه: أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة 2، حيث كتب إلى قريش بمكة، أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله يريد غزوهم. فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بذلك، فبعث أمير المؤمنين عليه السلام، فأخذ الكتاب من رسوله في بعض الطريق وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: يا حاطب ما هذا ؟ فقال: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله حقا، ولكن أهلي وعيالي كتبواإلي بحسن صنيع قريش إليهم، فأحببت أن أجازي قريشا بحسن معاشرتهم. فأنزل الله:) يا

__________________________

1 - ما بين المعقوفتين من(ب). 2 - حاطب بن أبي بلتعة اللخمي: رجل من أهل اليمن، وكان حليفا للزبير، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وشهد بدرا، وكان بنوه وأخوه بمكة. ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يغزو مكة عام الفتح، كتب حاطب إلى كبار قريش يعلمهم بما يريده صلى الله عليه وآله من غزوهم، فأعلم الله رسوله. مات حاطب في سنة: 30 في خلافة عثمان وله خمس وستون سنة. أسد الغابة 1: 360، الإصابة 1: 314.(*)

[ 1291 ]

أيها الذين آمنوا (الآية 1. * (تلقون إليهم بالمودة) *: تفضون إليهم المودة بالمكاتبة. * (وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم) * أي: من مكة * (أن تؤمنوا بالله ربكم) *: بسبب إيمانكم * (إن كنتم خرجتم) * من أوطانكم * (جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي) *. جواب الشرط محذوف، دل عليه) لا تتخذوا (. * (تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم) * أي: منكم * (ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل) *. * (إن يثقفوكم) *: يظفروا بكم * (يكونوا لكم أعداء) * ولا ينفعكم إلقاء المودة إليهم * (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) * كالقتل والشتم * (وودوا لو تكفرون) *: وتمنوا ارتدادكم. وفي مجيئه وحده بلفظ الماضي إشعار بأنهم ودوا ذلك قبل كل شئ وأن ودهم حاصل وإن لم يثقفوكم. * (لن تنفعكم أرحامكم) *: قراباتكم * (ولا أولادكم) * الذين توالون المشركين لأجلهم * (يوم القيامة يفصل بينكم) *: يفرق بينكم بما عراكم من الهول، فيفر بعضكم من بعض، فما لكم ترفضون حق الله لمن يفر عنكم غدا. * (والله بما تعملون بصير) *. * (قد كانت لكم أسوة حسنة) *: قدوة * (في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم) * قال: (تبرأنا منكم) 2. قال: (الكفر في هذه الآية: البراءة) 3. * (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده) * فتنقلب

__________________________

1 - القمي 2: 361. 2 - الكافي 2: 390، ذيل الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، التوحيد: 260، الباب: 36، قطعة من حديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام. 3 - التوحيد: 260، الباب: 36، قطعة من حديث: 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام.(*)

[ 1292 ]

العداوة والبغضاء ألفة ومحبة * (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) *. استثناء من قوله:) أسوة حسنة (، لأنه ليس مما يؤتسى به، وكان ذلك لموعدة وعدها إياه، كما سبق في سورة التوبة 1. * (وما أملك لك من الله من شئ) * من تمام قوله المستثنى، ولا يلزم من استثناء المجموع استثناء جميع أجزائه. * (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) * متصل بما قبل الاستناء. * (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) * بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نتحمله، أو تشمتهم بنا. ورد: (ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيرا، ولا كافر إلا غنيا، حتى جاء إبراهيم عليه السلام. فقال:) ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا (فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة، وفي هؤلاء أموالا وحاجة) 2. * (واغفر لنا) * ما فرط منا * (ربنا إنك أنت العزيز الحكيم) *. * (لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة) *. تكرير لمزيد الحث على التأسي بإبراهيم، ولذلك صدر بالقسم وأكد بما بعده. * (لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) * فأشعر بأن تركه ينبئ عن سوء العقيدة. * (ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد) *. * (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير) * على ذلك * (والله غفور رحيم) * لما فرط منكم من موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من ميل الرحم. (لما نزلت هذه الآية أظهر المسلمون العداوة للكفار، ولما أسلم أهل مكة وأنجز الله وعده بقوله:) عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة (خالطوهم

__________________________

1 - الأصفى 1: 494، ذيل الآية: 114. 2 - الكافي 2: 262، الحديث: 10، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1293 ]

وناكحوهم، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب). كذا ورد 1. * (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم تقضوا إليهم) * بالعدل * (إن الله يحب المقسطين) *: العادلين. روي: (إن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا فلم تقبلها، ولم تأذن لها بالدخول، فنزلت) 2. * (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم) * كمشركي مكة، فإن بعضهم سعوا في إخراج المؤمنين، وبعضهم أعانوا المخرجين. * (أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) * لوضعهم الولاية غير موضعها. * (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) *: فاختبروهن * (الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات) * بحلفهن وظهور الأمارات * (فلا ترجعوهن إلى الكفار) *: إلى أزواجهن الكفرة * (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) *. القمي: إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين، تمتحن بأن تحلف بالله أنه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بغض لزوجها الكافر ولا حب لأحد من المسلمين، فإنما حملها على ذلك الإسلام، فإذا حلفت على ذلك قبل إسلامها 3. * (واتوهم ما أنفقوا) * القمي: يعني ترد المسلمة على زوجها الكافر صداقها، ثم يتزوجها المسلم 4. * (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن) * فإن الإسلام حال بينهن وبين

__________________________

1 - القمي 2: 362، عن أبي جعفر عليه السلام. 2 - الدر المنثور 8: 130، تفسير القرآن العظيم(لابن كثير) 4: 373، تفسير القرطبي 18: 19، عن عبد الله بن الزبير. 3 - القمي 2: 362. 4 - القمي 2: 363.(*)

[ 1294 ]

أزواجهن الكفار * (إذا آتيتموهن أجورهن) *. فيه إشعار بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر. * (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) *: بما يعتصم به الكافرات من عقد ونسب. قال: (يقول: من كانت عنده امرأة كافرة - يعني على غير ملة الإسلام وهو على ملة الإسلام - فليعرض عليها الإسلام، فإن قبلت فهي امرأته وإلا فهي بريئة منه، فنهاه الله أن يمسك بعصمتها) 1. * (واسألوا ما أنفقتم) * من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار وليسألوا ما أنفقوا) * من مهور أزواجهم المهاجرات * (ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم) *. قال: (وإن فاتكم شئ من أزواجكم (فلحقن بالكفار من أهل عهدكم فاسألوهم صداقها، وإن لحقن بكم من نسائهم شئ فأعطوهم صداقها) ذلكم حكم الله يحكم بينكم) 2. * (وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار) * أي: سبقكم وانفلت منكم إليهم * (فعاقبتم) *: فتزوجتم بأخرى عقيبها * (فئاتوا) * أيها المؤمنون * (الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا) *. القمي: يقول: وإن ألحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم، فأصبتم غنيمة فأتوا 3. أقول: كأنه جعل معنى) فعاقبتم (: فأصبتم من الكفار عقبى، وهي الغنيمة. يعني فأتوا بدل الفائت من الغنيمة. ورد: سئل: ما معنى العقوبة ها هنا ؟ قال: (إن الذي ذهبت امرأته فعاقب على امرأة أخرى غيرها. يعني تزوجها، فإذا هو تزوج إمرأة أخرى غيرها، فعلى الإمام أن يعطيه مهر امرأته الذاهبة. فسئل: كيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها، وعلى المؤمنين أن يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنين ؟ ! قال: يرد

__________________________

1 و 2 - القمي 2: 363، عن أبي جعفر عليه السلام. 2 - المصدر.(*)

[ 1295 ]

الإمام عليه أصابوا من الكفار أو لم يصيبوا، لأن على الإمام أن يجيز حاجته من تحت يده، وإن حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبة تنوبه قبل القسمة، وإن بقي بعد ذلك شئ قسمه بينهم، وإن لم يبق شئ فلا شئ لهم) 1. وروي: (لما نزلت الآية المتقدمة أدى المؤمنون ما أمروا به من نفقات المشركين على نسائهم، وأبى المشركون أن يردوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين، فنزلت) 2. * (واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون) *. * (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) *. قال: (لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة بايع الرجال، ثم جاءت النساء يبايعنه. فأنزل الله:) يا أيها النبي (، الآية) 3. * (على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن) * بالوأد والإسقاط * (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) *. قيل: كانت المرأة تلتقط المولود، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك. كنى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبا، لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين، وفرجها الذي تلده به بين الرجلين 4. * (ولا يعصينك في معروف) *: في حسنة تأمرهن بها. قال: (هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة، وما أمرهن به من خير) 5. وفي رواية: (سألنه: ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه ؟ قال: لا تلطمن

__________________________

1 - علل الشرائع 2: 517، الباب: 289، الحديث: 6، عن أبي عبد الله وعن أبي جعفر عليهما السلام، وفي التهذيب 6: 313، الحديث: 865، عن أبي عبد الله عليه السلام، مع تفاوت يسير. 2 - الكشاف 4: 94. 3 - الكافي 5: 527، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام. 4 - جوامع الجامع: 491، الكشاف 4: 94. 5 - القمي 2: 364، عن أبي عبد الله عليه السلام.(*)

[ 1296 ]

خدا ولا تخمشن وجها ولا تنتفن شعرا ولا تشققن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعين بويل) 1. وفي رواية: (ولا تقمن على قبر) 2. وفي أخرى: (ولا تنشرن شعرا) 3. * (فبايعهن) * بضمان الثواب على الوفاء بهذه الأشياء. قال: (جمعهن حوله ثم دعا بتور برام 4 فصب فيه ماء نضوحا، ثم غمس يده فيه، ثم قال: اسمعن يا هؤلاء ! أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصين بعولتكن في معروف، أقررتن ؟ قلن: نعم ! فأخرج يده من التور، ثم قال لهن: اغمسن أيديكن، ففعلن، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم) 5. * (واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم) *. * (يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) *. القمي: معطوف على قوله: (لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) 6. وروي: (إنها نزلت في بعض فقراء المسلمين، كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم) 7.

__________________________

1 - الكافي 5: 527، الحديث: 5، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 2 - القمي 2: 364، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. 3 - الكافي 5: 527، الحديث: 3، عن أبي عبد الله عليه السلام. 4 - التور: إناء يشرب فيه(الصحاح 2: 602 - تور). وبرام - يروى بكسر أوله وفتحه والفتح أكثر -: جبل في بلاد بني سليم عند الحرة من ناحية البقيع، وقيل: هو عشرين فرسخا من المدينة. معجم البلدان 1: 366. 5 - الكافي 5: 526، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام. 6 - القمي 2: 364. 7 - الكشاف 4: 95، البيضاوي 5: 130.(*)

[ 1297 ]

* (قد يئسوا من الآخرة) * لكفرهم بها، أو لعلمهم بأنه لا حظ لهم فيها، لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالمعجزات. * (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) * أن يبعثوا، أو يثابوا، أو ينالهم خير منهم، أو كمايئس الكفار الذين ماتوا فعاينوا الآخرة.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21335588

  • التاريخ : 28/03/2024 - 16:17

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net