• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : الأسماء الحسنى (نظرة عامة) .

الأسماء الحسنى (نظرة عامة)

                                                                     غالب حسن

قال تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرّحْمَانَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى) [الإسراء: 110].

وقال تعالى: (وَللّهِ‏ِ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى‏ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 180].

نظرة سريعة إلى هذه الآيات المباركة ـ وغيرها ـ تعطي الحقائقَ التالية:

أولاً: إنَّ لله تعالى اسماء تخصه، هذه الأسماء هي (الأسماء الحسنى)، نستفيدُ ذلك من حصرها به سُبحانه (وَللّهِ‏ِ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى).

ثانياً: إنّ هذه الأسماء واسطةٌ في الدعاءِ إلى الله تعالى (فَادْعُوهُ بِهَا).

ثالثاً: إنّ هذه الأسماءَ لا يجوز إضافتُها على نحو ـ الأصالة ـ لغير الله جلَّ وعلا (وَذَرُوا الّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، كذلك وبالاستناد إلى الآية الكريمة ذاتها لا يجوز تسميةُ الله بغير هذه الأسماء. ومن يفعل ذلك فقد وقع في الضلال العقائدي.

فما هي حقيقة هذه الأسماء؟

قبل الجواب على هذا السؤال المهم ينبغي تثبيتُ الأوليَّات الآتية:

1 ـ إن الاسم هنا لا يفيدُ مُجردَ الإشارةِ إلى الذات كما هو دورُ الاسم الحقيقي على صعيد الحياة العادية، بل هو صفة واقع.. أي هناك تطابقٌ بين الاسم والمسمَّى. ويتبيّن ذلك من جملة قرائن في مقدمتها أنها موصوفة بـ (الحسنى). ولأنها واسطة في الدعاء، فلابد أن تحمل الجهة المدعوَّة بها حقيقةً وجوديَّةً ذات مضمون يتطابق والأسماء.

2 ـ لا يمكن أن نطلق على الذات الإِلهية كل صفةٍ حسنة تَرِدُ في الذهن، فهو سبحانه لا يوصفُ مثلاً بالشجاعةِ والرقّة والعفّة لأن هذه الصفات توحي بالجسمانية والمخالطة المادية التي هي علامة نقصٍ وفناء. بل هو سبحانه أهلٌ للصفات التي تليق بساحته والتي تكشف عن كمال لا كمال بعده، وعَنْ عُلُوّ لا يشوبه عارض وذلك كالعلم والقدرة والحياة والإِرادة..

3 ـ إن هذه الأسماء (الصفاتية) له هي على نحو الأصالة والكمال المطلق.

الأسماء الحسنى نظرة عامة

قال تعالى: (هو الحي لا إله إلاَّ هو...).

وقال تعالى: (إن القوَّة لله جميعاً...).

وقال تعالى: (فإن العزَّةَ لله جميعاً...).

وقال تعالى: (لا عِلمَ لنا إلاَّ ما علّمتنا سبحانك إنك أنت العزيزُ الحكيم).

وقال تعالى: (الله لا إلهَ إلاَّ هو الحي القيوم...).

فهذه الآيات وغيرها تؤكد أنَّه ما من اسمٍ حسنٍ يليق بالله إلاَّ وهو مختص به على سبيل الحصر والأصالة ثم على سبيل الحقيقة المطلقة التي تجسِّدُ الصِّفة الحسنةَ في كمالها المطلق الشاهد على غيره.

4 ـ إن هذه الصفات التي لكل منها اسم ترتبط ارتباطاً مباشراً وصميميّاً بالألوهية والوحدانية، نفهم ذلك من قوله تعالى: (الله لا إله إلاّ هو له الأسماء الحسنى) [طه: 8]، فحصرُ الأسماءِ الحسنى به جاءَ بعد الإقرار بألوهيته سبحانه، الأمر الذي يكشف بجلاء ووضوح عن علاقة ضروريَّة بين الأمرين.

الأسماء الحسنى ودائرة الوجود

من أين لنا الوصول إلى الأسماء الحسنى بالنسبة لله تعالى؟ فضلاً عن كتاب الله تعالى يمكن للإنسان أن يتلمَّس هذه الصفات بحقه سبحانه من أفق الوجود الرحيب، وذلك بما ينطوي عليه من رحمة وبركة وإتقان، ثم ما يستوجُبه كل هذا من علم خالِقه وقدرتِه وحِكمته وعزَّته، وما يترتب على ذلك من ملكية مطلقة وعزّة دائمة ووجود مستمر، أي أن الكون بما يزخر به من آثار وجودية يجسّد هذه الصفات في الواقع الفعلي المباشر، ومن هنا قالوا: إن آثار الوجود طريق إلى أسماء الله.

الاسم الأعظم

هذه الأسماء الحسنى التي كل اسم منها يعبّر عن صفة لائقة بحضرة رب العزة، على نسب متساوية في إضافتها إليه تعالى، فلا يوجد اسم هو أولى به من غيره، وجميعها ـ التي يرى البعض أنها تسع وتسعون ـ تأتي في لحاظٍ كلي مترابط.. وما الاسم الأعظم إلاّ حصيلة هذه الأسماء بهذا اللحاظ، وهو على أكثر الآراء لفظ الجلالة (الله)، فهو الاسم الجامع لكل الصفات، والنقطة الوسطى، بين الذات في توحدها الصرف والصفات العامة الحسنى، وهو اسم لا يدل على صفة بعينها لأنه الحقيقة المشتركة بين كل الأسماء الحسنى المضافة إليه سبحانه وتعالى. ومن هنا قرروا أن هذه الأسماء تقود إلى الاسم الجامع (الله)، والله هو إشارة إلى الذاتِ بكاملِ قدسها الأحدي الصرف..

وربما تستفادُ هذه العلامة بين مجموعةِ الأسماءِ الحسنى والاسمِ الأعظم من الآيات التي تشرعُ بتفريع الأسماء الحسنى بعد لفظ الجلالة (الله) أو تلكم الآيات التي ما أنْ تذكرَ (الله) حتى تؤكد أن الأسماء الحسنى خاصة به لا غير.

قال تعالى: (ولله الأسماءُ الحسنى).

وقال تعالى: (الله لا إله إلاّ هو الحيُّ القيوم).

وعلى هذا المنوالِ آياتٌ أخرى كثيرة...

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=856
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 12 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24